المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ظاهرة الطيب صالح



ودالحوري
28-11-2003, 01:13 AM
دخل معترك الكتابة منذ سنوات بعيدة وهو كما يقول نشر اول قصة له في عام 1957 ليتجه الى الكتابات الاكاديمية التي تراوحت بين التاريخ والدراسات الاجتماعية ليعطي التاريخ الاجتماعي لافريقيا عموما والسودان بشكل خاص اهتماما خاصا أثناء فترة الاستعمار وما بعده.


واذا كنا في «بيان الثقافة» شغوفين بالساحة الثقافية والابداعية السودانية فليس امامنا اهم من الدكتور عبدالله ابراهيم ليرضي لنا هذا الفضول، فهو بالاضافة لكونه مبدعا قصصيا ومسرحيا وناقدا له الكثير من الكتب عايش هذه التجربة وكان احد رموزها والناشطين فيها.


الدكتور عبدالله ابراهيم من مواليد 1942 حصل على الماجستير من جامعة الخرطوم 1982 في الفلكلور والروايات، وحصل على درجة الدكتوراه من جامعة اندريانا في الولايات المتحدة الامريكية، وهو حاليا يعمل استاذا مساعدا للتاريخ الافريقي بجامعة ميسوري بولاية ميسوري الامريكية له العديد من المؤلفات منها: كتاب «الصراع بين المهدي والعلماء السودانيين في القرن التاسع عشر» وقدم كبحث للحصول على درجة الشرف في جامعة الخرطوم، له كتابات في أدب الرباطاب الشعبي ومن كتبه «تحقيق لأنساب الجعليين في السودان» اضافة الى كتب في الثقافة العامة، وله كتاب بعنوان «انس الكتب» وكتاب «عبير الامكنة» وكتاب «الثقافة والديمقراطية في السودان» ومسرحية «الجرح والغرنوق» ومسرحية «تصريح لمزارع من جودة» وكتاب «فرسان كانجرت» وهو تأريخ لشعب الكبابيش في السودان مستقى من رواياتهم الشفهية في القرنين الـ 18 ، 19 وكتاب اكاديمي يتضمن تحليلاً لغوياً اجتماعياً في مجازات «العين الحارة بين الرباطاب» وصدر سنة 1994.


«بيان الثقافة» استغل زيارة الدكتور عبدالله لدولة الامارات لاجراء هذا الحوار معه والوقوف عند مجموعة من النقاط العامة حول تجربته الابداعية الشخصية والسودانية بصورة عامة.


ـ الى اي مدى اثرت انتماءاتك السياسية والتحولات التي طرأت عليها في تجربتك الابداعية وكيف تنظر الى علاقة المبدع بالسياسة وهل يمكننا اعتبار السياسة وانتماءاتها شرطا ابداعيا؟


ـ قال الدكتور عبدالله ابراهيم: نشأنا على ان السياسة وانتماءاتها الحزبية الضيقة هي من شروط الابداع وهذا ماكان يعرف بالالتزام ونشأنا على رجال كبار ونساء كبيرات مبدعات في هذا الشرط من امثال بابلونيرودا وجوركي وفي مصر عبد الرحمن الشرقاوي ويوسف ادريس وان كان كاتب بارع مثل نجيب محفوظ حالة شاذة محيرة فهو لا منتم ومبدع جيد، لم نجد اية صعوبة ونحن على اعتاب الكتابة الفكرية الى تفعيل ـ بغير تردد ـ شرط الابداع في شرط الالتزام الحزبي والعقيدي وهكذا اقبلنا على الالتزام في اطار الحركات اليسارية والتنظيمات اليسارية ولكني شخصيا كنت قد بدأت في وقت باكر ارصد توتر هذه العلاقة ومتاعبها واشكالاتها فقد اتيح لي وانا في نهاية الثانوية العليا ان اقرأ «لهوارد فاست» كتابه الكاتب والحزب ثم الى جملة الكتب والكتابات الشيوعية لشيوعيين سابقين ابدوا ضيقهم وخروجهم على الحزب بوصفه بؤرة خانقة للابداع لذلك كنت في غاية الانتباه.


لهذا التوتر وقوى هذا عندي ملكه الكاتب وميله السياسي في آن واحد وتوسعت في أدائي السياسي كما توسعت في حرصي على استغلال رؤيتي وعزتي بنفسي ككاتب، وادواتي المميزة في المساهمة في العملية السياسية وقد تصادف ان رزقنا بزعيم سياسي يساري هو عبد الخالق المحجوب الذي كان يفهم كمبدع خفي متاعب الكاتب في الحركة اليسارية ولذا فقد وفر لنا الكثير من الحماية وحسن الاستماع وبعد تجارب مريره استمع الينا وقرر بشكل نهائي ان لا ناقداً رسمياً بالحركة اليسارية في السودان ولا عقيدة رسمية كمثل الواقعية الاشتراكية التي كان لها الهيمنة والقبول وقرر ان هذه العملية عملية عالية ينفذ بها الكاتب الى الجمهور ويتوسل الى ذلك بأرقى الادوات والوسائل والاساليب في شروط الوعي بالحقائق السياسية العالمية والداخلية وحقائق القوة.


لذلك لا تجد في السودان شكوى اساسية من العنت الذي نسمع عنه بالنسبة للكاتب والحزب وان كان هناك امثال المرحوم صلاح احمد ابراهيم صاحب غابة الابنوس وغضبة الهباي وتصويره لهذه العلاقة كمثلها في بقية انحاء العالم وان الحزب له الصولة والجولة ولكن هذه ليست تجربتي على اية حال واذا اسفت على اي شيء من اقتحامي للعملية السياسية انني ربما هجرت اجناساً ادبية بدأت بها مثل القصة القصيرة وربما احمد لهذه التجربة انها جعلتني كاتبا مسرحياً في سياق توثيق الحركات الشعبية والجهات الاجتماعية واكسبتني مرونة وسيطرة على اجناس كتابة متعددة مثل المقال الصحفي والعمود الصحفي والتحليل السياسي والبيان السياسي وهذه اعتقد ثروة ونبهتني الى البحث عن الحقيقة اكاديميا حتى اصبح عملي الاساسي الذي ارتزق منه.


يداخلني شيء من «حتى» الابداع لهجري كتابة القصة والرواية وآمل ان يمتد العمر الى ان اعود الى شيء من هذا حاملا الى الكتابة الابداعية كل هذه الخبرات والمهارات التي حصلت عليها من مغامراتي السياسية والاكاديمية حتى كتاباتي الاكاديمية تجدها مكتوبة من زاوية الدراما بوجود شخوص وافكار حركية، وانا حامد لهذه التجربة السياسية ومازلت اعتقد انها شاغل لا مهرب منه للكاتب وهناك ثمن يدفع من الحياة تجاه ذلك.


ـ من المعروف ان الحركة الثقافية والابداعية في السودان عايشت ثلاث مدارس هي مدرسة الخرطوم في التشكيل ومدرسة الغابة والصحراء في الشعر ومدرسة آباد ماك كيف تنظر الى الدور الثقافي الذي لعبته هذه المدارس وماهي العلاقة الشخصية والابداعية التي ربطتك بها؟


ـ ان مدرسة الخرطوم في التشكيل وحركة الغابة والصحراء تزامنتا وهي تعبيرات تشكيلية وابداعية شعرية نشأت في الستينيات بشكل خصوصي واتجهت بشكل دقيق الى معالجة هوية السودان وخاصة الشماليين وجلبت الى موضوع هوية السودانيين البعد الافريقي الذي غاب في كتابات السودانيين والحركة القومية الوطنية السودانية ضد الاستعمار لأن الآخيرتين ركزتا على البعد العربي.


والنسبة العربية والثقافة العربية وكان هذا تنبيها بليغا، اما متاعبي مع مدرسة الغابة والحصراء فكانت موضوع مقالة باسم تحالف الهاربين نشرتها في كتابي الديمقراطية والثقافة في السودان عام 1996 بالقاهرة وانا معاصر لهذه المدرسة وكنت قريبا من مؤسسيها الشاعر الفحل المرحوم محمد عبدالحي ومحمد المكي ابراهيم والنور عثمان فقد تزاملت معهم في رابطة ادباء جامعة الخرطوم ومصدر متاعبي مع المدرسة انها في حينه تركت البعد الافريقي فينا وعالجت بما يعرف الآن باسلوب الاستشراق اي انها نظرت الى افريقيا من خلال الكتابات الاوروبية والغربية التي لا توقر افريقيا ولا الافريقيين كثيرا ويثير هذا المقال بالذات من كتاباتي جدلا كثيرا، اما آباد ماك فهي حركة ابداعية للكتاب والفنانين التقدميين ونشأت في عام 1968 وكنت سكرتيرها العام وكانت اقرب الى الحركة السياسية الابداعية منها الى حركة استبطان الهوية فقد نشأت في ملابسات الخصومة بين العلمانية والاسلامية في ذلك الوقت واتجهت بشكل رئيسي لفتح المنافذ الى الجمهور لتقيم جسرا ابداعيا الى جمهرة الناس العاديين متأثرة شيئا ما بما كان يدور في مصر في ذلك الوقت وفي غيرها من الاماكن في سياق انفجارات الستينيات العالمية، كنا مثلا نسير قوافل ثقافية الى القرى والدساكر تتكون من شعراء ومن معارض تشكيلية ومسرحيات وهلم جرا.


وكانت لدينا عقيدة ان هناك ابداعاً لدى الشعب فكنا نقيم ليلة ابداعية ونضمنها فقرات من الابداع المحلي في برنامجنا العام ثم اخذنا مرة قرية اسمها بورت نيل لما لمسناه فيها حيث وجدنا فيها ميلاً قوياً للابداع وارسلنا ثلاثة من طاقم حركتنا ليقيموا في القرية ويعينوا اهلها ومبدعيها في مجال المسرح والتشكيل وهم عبدالله جلاب وطلحة الشفيع وعلي الوراق وقد انتهينا الى برنامج كامل من مبدعي القرية عرض في المسرح الاقليمي للمحافظة وفي المسرح القومي بالخرطوم، وهنا احاول التفرقة بين الحركة الابداعية في كل تيار حيث كانت الخرطوم اكثر تشددا بالهوية والحركات الاخرى تهتم بالنفاذ للشعب.


ـ هل يمكننا الحديث عن ظاهرة في الادب السوداني اسمها ظاهرة الطيب صالح وهل ترى ان المبدعين الآخرين سقطوا تحت وطأة هذه النجومية المفرطة لتجعل الجميع في المرتبة الثانية او الثالثة بالرغم من اعتراف الطيب في أكثر من موقع انه ليس المبدع الافضل في السودان.. كيف تقيم هذه الاشكالية؟


ـ كثيراً ماخطر لي كلما تحدث النقاد عن الطيب صالح جزء من رواية انجليزية من شارلت برانتي تقول فيها الام لابنتها التي لم تحسن الحديث في مجلس ما وهي تزجرها اذا لم يكن لديك شيئا ما تقولينه فلم لا تتحدثين عن الطقس!


وبغير تذنيب للطيب صالح انه كلما تنادى النقاد للحديث عن الادب السوداني تحدثوا عن الطيب صالح مع اعترافي بأنني قادم من نفس القرى التي كتب عنها الطيب صالح وانه استنقد هذه القرى من شخصيات الاهبل، المرأة المسترجلة، والعجوز وما الى ذلك من التشكيلات الاجتماعية من ارقاء سابقين الى اعراب بدو الى الاولياء وغيرها، ومن وجهة اخرى حاصلة صناعة وهي صناعة الادب المقارن في الجامعات الاوروبية التي تكتفي بنماذج او امثلة لكتاب من العالم الثالث نجوجي من كينيا والشيبي في نيجيريا والطيب صالح من السودان وهي لا تعي الاداب التي خرج منها وهي الصناعة الاعلى صوتا والاوسع ذيوعا والتي تصنع لنا الأمثلة والنموذج وهي صناعة لا تريد ان تعرف من الادب السوداني وقد ورثت المدرسة الادبية المقارنة المدرسة التي تسمى حاليا بدراسات ما بعد الاستعمار وهي تعنى بالانموذج والرمز من كل كاتب لكل بلد واصبح في عرف هذه المدرسة ان هؤلاء المبدعين النماذج هم مبدعون بلا اوطان او المبدعون المشردون التي هي صفة مبدع ما بعد الاستعمار او ما بعد الحداثة وهي دعوة صريحة كالطيب صالح انه كاتب منبت عن تقاليد ووطن معين.


وبعيدا عن العولمة يمكن القول ان هناك ظاهرة اسمها الطيب صالح وهو غير مسئول عنها وهي نتيجة تقاليد معينة وربما كان الطيب نفسه من المتضررين من هذه الصناعة لانه يعلم أنه جزء من نسق الابداع القومي وهو اعلم الناس بذلك وفي كتاباته تشعر بهذه الانتماءات وفي النهاية فإن المتضرر الاكبر هو الطيب صالح.


ـ ثمة مقولة كانت شائعة مفادها ان مصر تكتب ولبنان تطبع والعراق تقرأ كيف ترى هذه المقولة اليوم ألا تزال صالحة؟


ـ سمعت هذه المقولة بأن السوداني يقرأ ويبدو أنه طالما انه يحل بلد محل بلد آخر يبدو ان المقولة مصابة من منطقة الحق ان السودان يقرأ ولا شك في ذلك لانه لا يطبع واكثر ما قريء للسودان ـ الفيتوري، تاج السر حسن وغيرهماـ طبع في مصر لكن لا اريد ان اجعل من هذه المقولة مقولة محببة او مثيرة كما يريد بذلك اصحابها، الملحوظ ان الذين يقرأون في السودان ربما متوسطو الحال والجماعات التي تتوقع منها ان تقرأ بحق من الصفوة لاتقرأ حتى الصحف اليومية تشترك لهم فيها مصالحهم والمكتبة ليست جزءا من بنيانها وحينما قرأت هذه الفئة خلال الحركة الوطنية قرأت لجزء من الحركة الثقافية المصرية بمعنى انها كانت متحلقة حول الكاتب المصري حتى داخل السودان ويتابعون الصراعات والمناقشات الفكرية في مصر وهي ظاهرة سلبية نظرا لبعدها عن المحلية ومنذ الاستقلال اصبحت خارج الحسابات وهذه الصفوة اصبحت خارج الضوء احيانا.


.

HAMADTO
27-11-2004, 04:16 AM
ثمة مقولة كانت شائعة مفادها ان مصر تكتب ولبنان تطبع والعراق تقرأ كيف ترى هذه المقولة اليوم ألا تزال صالحة؟

سمعت هذه المقولة بأن السوداني يقرأ ويبدو أنه طالما انه يحل بلد محل بلد آخر يبدو ان المقولة مصابة من منطقة الحق ان السودان يقرأ ولا شك في ذلك لانه لا يطبع ....

http://www.asmilies.com/smiliespic/FAWASEL/012.GIF

زيكو منيب
03-12-2004, 06:36 AM
يديك الف عافية يا ود الحوري