المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقتطفات من شعر نيرودا



أشرف السر
02-03-2006, 05:16 AM
بابلو نيرودا شاعر تشيلي ولد عام 1904,عمل في السلك الدبلوماسي عدة مرات, رشح لرئاسة الجمهورية عام 1971, له عدة دواوين شعرية, لعل أشهرها (النشيد الشامل) ملحمة أمريكا اللاتينية. أذكر أن عاملاً كان يصفق بحرارة لشعر نيرودا, وحين سئل هل تفهم ما يقول؟ أجاب: لا, ولكنني واثق أنه لا يقول إلا أشياء جميلة من أجلنا.
لا يمكنني تعريفه, بعد أن عرف نفسه في سيرته (أعترف بأنني قد عشت), فتشيلي قدمت للعالم رمزين في وقت واحد : نيرودا, أعظم شاعر باللغة الإسبانية حتى الآن, وبينوشيت قاتل ألليندي وكل شيء جميل في حياة بلده, الدكتاتور العميل اللص القاتل الهارب من عدالة شعبه, الذي لم يستطع حتى أسياده الأمريكان تحمل عفونته ونتانة روحه الفاسدة, وحتى إن بريطانيا شعرت بعار عظيم لإيوائه, وهو الوالغ في الدماء...
مات نيرودا عام 1973, في سنتياغو.
وهذه مقتطفات من شعر شاعر تزهو به جائزة نوبل التي نالها عام 1971 (ستتجدد باستمرار):

الحبيبان السعيدان يصبحان رغيفاً واحداً
حبة قمح واحدة وحسب,في العشب
يخلفان لدى سيرهما ظلين يتحدان
في السرير, غيابهما شمس واحدة فارغة



***

رددت كأنني للموت أقول: تعال معي
ولم ير أحد كيف القمر في فمي ينزف دماً
ولا أحد رأى هذا الدم يصعد نحو الصمت
أيها الحب دعنا من التفكير في شوك النجمة‍‍‍!



***

أحبك هكذا, دون أن أكون, دون أن تكوني
أحبك عن قرب جداً بحيث تصبح يدك التي على صدري يدي
عن قرب جداً إلى حد أن عينيك تغمضان حين أنام.



***

كان الصمت أخضر, والضوء ندياً
وحزيران فراشة رفافة
حين عبرت, يا ماتيلدا بين البحر والصخور
مسافة الظهر في مملكتك الاستوائية
كنت تسيرين مثقلة بأزهار حديدية اللون
وطحالب عذبتها ريح الجنوب, منسية
يداك المشققتان بالملح المفترس
ما زالتا في بياض يشرع سنابل الرمل
آه كم أحب هِباتك النقية, وبشرتك كحجر بكر
وأظافرك, القربان من شمس أناملك
وثغرك الفياض بالفرح كله,
ولكن لمنزلي القريب من الهاوية
أعطيني كون الصمت المعذب
جناحاً بحرياً منسياً على الرمال



***

وحين ستتلقى الأرض هكذا عناقنا
سنمضي متحدين في موت واحد
وعائشين إلى الأبد قبلةً أبدية...



***

عندما دخل سيفك المحموم
الثكنات المعتمة
ومذابح الخيانة
لم يكن هناك سوى صمت الفجر
ومرور راياتك
ونقطة دم شريفة
على ابتسامتك



***

كالبرعم, كالنهد المشرئب إلى السماء
كالزهرة الطالعة من العظام النخرة
هكذا بدت ملامح العالم



***

ههنا تجلت. كانت عارية
بين الثلج واللهب، بين الحر والندى
كسرب حمام تائه في البرد
تضرّم تحت سقف الإعصار
فجاءت منه حمامة لتحط على قلب رودو
تاركة فوقه بياضها يتفجر.



***

ولمستني، وفي التو صارت امرأة
وجعلتني أكبر كما لو كنتَ وهبتني الحياة
ذلك لأنها من أين، إن لم تكن منكَ
قد انبجست أهدابي
أهدابي ولدت من عينيك
نهداي ولدا من كفيك الجائعتين
كل جسدي
التهب أول مرة، عند احتراقي.


***


يوم متشح بالسواد يسقط من الأجراس
مثل نقاب مرتجف لأرملة تائهة


***

في ليل القلب
قطرة اسمك البطيئة
تتزحلق وتسقط، وتتحطم
وتنشر في الصمت ماءها.



***

نمت معكِ
وإذ أفقنا، ثغرك
القادم من حلمك
أعطاني طعم الأرض
وماء البحر، والطحالب
وأعماق حياتك...
وتلقيت قبلتك
بندى الفجر
كأنما أتت من البحر
المحيط بنا.



***

حلوة،
عيناك أكبر من وجهك،
عيناك أكبر من الأرض
في عينيك
مدائن وأنهار
بلدي يرقد في عينيك
أمشي خلالهما،
تنيران العالم
الذي أمشي فيه...
حلوة...
حلوة،
نهداك مثل رغيفين صنعا
من حبات التراب والقمر الذهبي،
حلوة...



***

حبيبتي، إذ ألمسك
يداي لا تكتشفان مواطن
المتعة فيك فقط
ولكن أغصاناً وأراضيَ، فاكهة ومياهاً،
أيام الربيع التي أهوى،
قمر الصحراء، صدر
اليمامة البرية،
نعومة الحجارة التي صقلتها
مياه البحر أو الأنهار
وكثافة الدغل
الحمراء، حيث
يقبع الجوع والعطش.
وهكذا بلدي الواسع يتلقفني...
أمريكا الصغيرة في جسدك.



***

غداً سنعطيهم
ورقة من شجرة حبنا، ورقة
ستسقط على الأرض
كأنما شفاهنا قد صنعتها،
كقبلة تسقط
من مرتفعاتنا الخفية
لتبرهن على نار
حب حقيقي
ودفئه.



***

... ولكن النار كانت
صديقنا الوحيد،
قربها ضمنا
حب الشتاء اللذيذ
بأذرع أربع...
النار رأت قبلتنا العارية تنمو
إلى أن لامست النجوم الخفية،
ورأت الحزن يولد ويموت
كسيف مكسور
على حب كؤود.



***

زهرة تفتحت كقطرة
من دم البرتقال...
ثم أفرغت الألوان
كل أثقالها النقية.



***

حجارة المرتفع الصخري
تعرف أن قبلاتنا تفتحت
بصفاء لا حدود له.
مثلما حبنا والقبلة التي جمعت فمك إلى فمي
في زهرة أزلية



***

من (النشيد الشامل)

يا حبيبة الأنهار، أيتها المتعاركة
مع الماء الأزرق والقطرات الشفافة،
إن طيفك مثل شجرة أو وردة
لربة قاتمة تقضم تفاحاً:
عندما استيقظت عارية
كنت موشومة بالأنهار،
وفي الأعالي المبللة
يملأ رأسُك الدنيا بندى جديد.
ويهزك الماء من خصرك.
كنت مشيدة من عيون ماء
وكانت تلمع بحيرات على جبينك.
ومن أدغالك الأم كنتِ تأخذين
الماء دموعاً حيوية


***

لم استطع أن أحب في كل كائن شجرة
تحمل خريفها الصغير على كاهلها(موت ألف ورقة)
أن أحب كل الميتات المزيفة
والقيامات التي بلا أرض، بلا لجّة:
أردت أن أسبح في أوسع الحيوات،
في أكثر المصبات تحرراً
وعندما رفضني الإنسان شيئاً فشيئاً
وراح يسد الطريق والباب
لكي لا تلامس يداي النبعيتان انعدامه المجروح،
عندها مضيت من درب إلى درب
ومن نهر إلى نهر،
ومن مدينة إلى مدينة ومن سرير إلى سرير،
وعبَرَ قناعي الأجاج الصحراء،
وفي آخر البيوت البائسة التي بلا سراج،
بلا نار، بلا خبز، بلا حجر، بلا صمت،
تدحرجت وحيداً
صوب الموت... موتي.


***

وأنا رفعت أضمدة اليود، وغرست يدي...
في الآلام الفقيرة التي تقتل الموت،
ولم أجد في الجرح سوى هبة ريح باردة
تدخل من فجوات الروح الهائمة.

- الموضوع متعدد المصادر جزء منقول من الانترنت وجزء من كتب ودراسات عنيت بنيرودا وشعره -

أشرف السر
02-03-2006, 05:23 AM
نشرت هاتان القصيدتان عندما كان بابلو نيرودا يوقع باسم نفتالي رييس، وقد نشرتا في مجلة: دفاتر التموكو في عددها الأول عام 1918، ولم تنشرا في أي من كتبه، وتعادان اليوم لتصدرا في الجزء الرابع من مجموعة أعماله الكاملة.<o:p></o:p>



عيناي (1918 )

أتمني لو تكون عيناي قويتين وباردتين
وأن تمسا بالعمق صميم الفؤاد،
وأن لاتكشفا شيئاً من أحلامي الضائعة
بلا أمل، ولا غاية.
أن لا تتكهنا دائماً بالدنيويات كلها
كالأزرق المخضب، المخفف بالأصفر الهادئ
وأن لاتريا الآلام البشربة
ولا رغد العيش.
إلا أن عيني هاتين منطفأتان وحزينتان
ليستا كما أحب أو كما أحب أن تكونا
لأن عيني قد رآهما فؤادي
وآلمه أنهما تبصران.

في أوقاتي (1918 )

ياه! لماذا أنا حزين؟ أتري هو المساء البارد،
الشتائي والصامت، أتري هو ما يجعلني أشد حزناً؟
قي هذا المساء الصامت، وصوت الموسيقي الأليم
أستعرض الكائنات والأشياء.
لقد أمضيت مع صبية سعداء اليوم بأكمله،
رفاق لايعرفون شيئاً غير الضحك
أحيانا أُعدي من غمر سعادتهم
ولكني الآن لا شيء عندي غير الضجر.
ضوء غرفتي: قليل ضوءه
والأشياء تكون بيضاء في شبه العتمة
وفي غرفتي حزن دائم.
علي منضدتي، بعض كتب مفتوحة
دفاتر زرقاء، أقحوانات ميّتة..
أتُري هو المساء البارد الذي يجعلني أشد حزناً؟

أشرف السر
02-03-2006, 05:27 AM
هذا جزء من قصيدة مطولة لبابلو نيرودا بعنوان (أنشودة الى صالة سينما ريفية)


تعالي يا حبيبتي
لنذهب إلي السينما
في القرية.
الليل الشفيف
يدور
مثل طاحون
صامت، يسحق
النجوم.
ندلف إلي
الصالة الصغيرة، أنت وأنا،
خميرة أطفال
ورائحة التفاح نفاذة.
السينمات القديمة
هي
أحلام مستعملة.
الشاشة لونها
من لون الصخر، أو المطر.
والضحية الجميلة
ضحية النذل
لها عينان أشبه بالبُرَك
وصوت أشبه ببحعة؛
الأحصنة الأكثر رشاقة في العالم
تميل
بسرعة هوجاء خطيرة
رعاة البقر
يصنعون
الجبنة السويسرية
من
قمر أريزونا
الخطير...

أشرف السر
02-03-2006, 05:29 AM
أغنية العشاق الموتى

كتلة من القبل ملتهمة ومكسورة
تأتي الريح وتصارعها في الباب
خسنا مرة أخرى هذا الشفق.
ولم يرنا أحد هذا المساء وأيدينا مضمومة
حين كان الليل الأزرق يهبط على العالم
رأيت من نافذتي
اختفاء الغروب على المرتفعات البعيدة.
أحياناً، وكوسام
تشتعل قطعة من الشمس في يدي
وأذكرك وقلبي منكمش
حزين من الحزن الذي تعهدينه فيّ.
أين كنت إذن؟
وبين أي ناس؟
أي سماء كنت تلفظين؟
لماذا يمكن أن يأتيني كل الحب دفعة واحدة
عندما أشعرني حزيناً وأعرفك بعيدة؟
الكتاب الذي كنا نأخذه دائماً في الشفق
سقط،
قبعتي، ككلب مجروح، تدحرجت عند قدمي.
دائماً تبتعدين ودائماً في المساء.
الى أين يسرع الليل ماحياً التماثيل

. يتبع قريبا ...

أبوبكرحامد
06-03-2006, 02:44 AM
يحارُ المرء حين يطالع هذه الروائع ، وأتساءلُ : أحقاً هذه القصائد مترجمة ، إذاً ما السبيل لتعلم اللغة الإسبانية أخى أشرف السر؟؟

أشرف السر
07-03-2006, 05:37 AM
اخي أبوبكر

أدباء اللغة الأسبانية وخاصة أدباء أمريكا اللاتينية لهم نكهة مميزة للشعر ولقصصهم، نكهة تدهشك وتجذبك وتجعلك مدمنا لكل انتاجهم الرائع...

أشرف السر
14-03-2006, 08:48 AM
حجارة السماء.. حجارة تشيلي


(1)


بحثت عن قطرة ماء
عسل، دم: تحول
كل شيء حجارة:
دمعا أو مطرا، الماء
يجري دائما في الحجارة:
دما أو عسلا اخذا طريقهما
الى عميق
النهر ي قطع
ضوءه السائل
النبيذ
يسقط في الكأس
ناره الهادئة تشتعل
في كأس الأرض:
الزمن يجري
كنهر مقطع
يواطئ امواتا مهيبين،
أشجارا تجردت
من حفيفها، كل شيء يمشي نحو الصلابة:
الغبار، الخريف، يمضيان
والكتب والاوراق
الماء: وعندها سنرى شمس الحجارة تلمع
على كل الحجارة.


(2)


يوم بلا نهاية تغطى بالماء
النار، الدخان، الصمت، الذهب،
المعدن، الرماد والوقت الذي يعبر.. هنا
بقي النهار البلانهاية واقفا:
الشجرة سقطت هامدة ومفحم ة،
عصر غطاها، وعصر آخر كذلك،
الى اللحظة التي، وقد تحول كل شيء حجرا ضخما
غير من الابدية ومن الورق.


(3)


اريد ان يستيقظ
الضوء الأسير هنا:
يا زهرة معدنية، أجيبي
عن فعلي:
الجفون ترفع ستار
الزمن الطويل الكثيف
الى ان تولد من جديد
هاتان العينان وتريا شفافيتهما.
من (حجارة السماء)


***


سيف اللهب


(1)


رودو المحارب كان قد هاجر
من عمق الرمال اللامتناهية للصحراء الكبرى:
كان عاش عصر الرماح الخضر، صاعقة
الخيول، اتجاه البرق.
الرعب جعل من الدم رايته
الموت غطاه بجداره كما
يغطي الليل الأرض
عندها قرر ان ينذر نفسه للصمت،
الى الغور المجهول،
وبحث عن أرض لمملكة جديدة،
بحث عن مياه زرق ليغسل بها الدم.
حيث تنتهي التشيلي ينكسر الكوكب:
البحر والنار، علم الأمواج،
صدمات البركان، مطرقة الريح،
العاصفة القاسية جدا وغضبها الحاسم
قطعا الأرض والمياه: جزر من فوسفور
كبرت، نجوم خضر، أقنية مدعوة،
عناقيد غابات، استعراضات صاخبة
ففي هذا العالم ذي العطر البارد.
أسس رودو مملكته.


(2)


آه يا رفيقتي! قال سيد الغابات
لماذا نعرف اننا عاريان?
كل الثمار كانت ملكنا
عندما علمت البراكين السبعة
إنني لا استطيع العيش من دون عينيك،
وإنني بلا جسدك احتضر
وإنني اشعر بالضياع في حضورك.
والآن القلعة بلا جدران،
شلالات الملح، قمر السرو،
الغابة، الجذور الغضوب، صمت،
الجذوع الضخمة المنجمة، العزلة الفارغة،
تلك التي سعيت إليها وعليها، المملكة العاصفة،
المُرة، المؤسسة من الشمس والمطر،
وتماثيل الماضي الميتة
وحفيف الريح بين منحل الشجرة،
الكثافة التي يخترقها غناء شيكو،
كضحكة، كنشيج، هبوب أو هروب،
وثلوج جبال رالون، حيث يبدأ
الأرخبيل الرهيب وأجراسه الصقيع،
آه يا رفيقتي، حوائي- الوردة، وردتي- الزهرة-
تتركني بما اننا نعرف،
إنها غابة شجرة الحياة، عنقود
كل نبات، تقل الثمرة البرية
غذيانا فجأة، بقينا عاريين،
عاريين حتى الموت حباً، الموت ألماً.


(3)


ماذا جرى على الأرض?
هذا الرجل أكان الأخير أم الأول?
في منطقة من الشقاء والسعادة?
ولم تأسيس الإنسانية من جديد?
لماذا كانت تقفز الشمس من غصن الى غصن
الى درجة تأخذ فيها حنجرة عصفور لكي تغني?
ماذا عساني افعل? قالت الريح.
لم تحولت ذهبا ?
قال القمح، نعم، ما نفع الوصول
الى الخبز اذا لم يعد ثمة أيد ولا أفواه:
الفراغ الأرضي ينتظر
خارج الإنسان أو داخله:
كل الحروب قتلتنا حتى آخر واحد فينا،
لم ينج أبدا أي حي.
منذ الحرب الأولى
بالحجر، وبعدها
بالسكين وبالنار
لم ينجح احد:
أراد الموت ان يكرر عنصره
باختراع بشر جدد مخادعين
بشر، يبدأون الآن بالاثم
بالتقاتل- وبقتلنا.
قابيل وهابيل غالبا ما سقطا
(قتلا مليون مرة)
(مليون فك وبلوى)
قتلا بالمسدس والخنجر،
بالسم والقنبلة،
أخذا بالجريمة ذاتها
وفي كل مرة كانا ينثران كل دمهما.
لا احد كان يستطيع أن يعيش
لأن المقتول كان مذنبا
لكون اخيه هو القاتل
وان القاتل قد مات:
مات هذا المحارب الأول
لأنه قتل اخاه.


(4)


رودو، مخلفا وراءه ما يسمى ماضيا ،
كف عن ان يكون شريكا في الجريمة، جريمة،
شريكا في ما ارتكب أم لم يرتكب، شريك
الآخرين، كل الآخرين،
وعندما رأى نفسه مضرجا بالدم.
الدم البعيد أو القديم أو الحاضر أو الآتي،
كاسرا الزمن، وصل الى قدره،
صار من جديد الإنسان الأول من دون نفس ملوثة بالدم،
لم يهرب: كان الأمر ابسط من ذلك:
صار الإنسان الأول من جديد وحيدا :
ما عاد احد يريده هذه المرة:
الشوارع المظلمة تنبذه،
القصور الفارغة،
لم يعد في وسعه الدخول الى المدن لأن الجميع هجرها
لم يعد احد في حاجة اليه، كلا، لا أحد، لا أحد!
لم يعد يعرف كثيرا ان كان ما يتبقى
في الافران طحينا أم رمادا
ان كان ما يتبقى سمكا أم أفاعي
في السوق بعد ذلك الحريق،
وإذا ما كانت الهياكل العظيمة المنسية في الحفرة
مجرد فحم أو جنود مفحمة.

أشرف السر
14-03-2006, 08:55 AM
مقاطع من :

عشرون قصيدة حب




(1)

انه الصباح المليء بالعاصفة
في قلب الصيف.
مناديل بيض للوداع، الغيوم تجنح
والريح يدفعها بيديه المسافرتين.
قلب الريح لا يحصى ، ويخبط
حبنا الصامت.
اوركسترالي وإلهي، يهمهم في الشجر
كلغة مفعمة بالحروب والأناشيد.
الريح لص سريع يخطف الشجر
ويحرف سهمه الهادر للطيور
يقلبها في موجة بلا زبد
مادة أصبحت بلا وزن، نيران تنحني.
إناء قبل غارق ومكسور
يهزمه للتو ريح الصيف عند الباب

(2)

إنها النحلة البيضاء، السكرى بالعسل، التي
تطن في نفسي، تنكسرين في لوالب بطيئة
من الدخان.
أنا اليائس، الكلمة بلا صدى.
الذي حصل على كل شيء وفقد كل شيء.
الملجأ الأخير، فيك يحطم قلقي الأخير.
أنت في صحرائي الوردة الأخيرة.
آه! أيتها الصامتة!
أغمضي عينيك العميقتين. فالليل يجنح فيهما.
آه! عري جسدك من التمثال الخائن.
تمتلكين عينين عميقتين تصطفق فيهما أجنحة الليل.
واذرع طرية للزهر وحضن ورد.
ونهدين شبيهين ببزاقات بيضاء.
فراشة ليلية تحط على بطنك.
آه ! أيتها الصامتة!
ها هي الوحدة وأنت غائبة عنها.
تمطر. ريح البحر يطرد بجعاً تائهاً.
الماء يمشي بخطى غارية في الدروب المبللة.
وورقة الشجرة تئن كمريض..
أيتها النحلة البيضاء، الغائبة، في همهماتك تدوم.
تنبعثين في الزمن، نحيلة وصامتة!
آه، أيتها الصامتة.

(3)

فقدنا مرة أخرى هذا الغسق..
ولا أحد رآنا متشابكي الأيدي
بينما كانت القمة الزرقاء تهبط على العالم.
رأيت من نافذتي
عيد المغيب على الهضاب البعيدة.
أحيانا ، وكميدالية
تشتعل قطعة شمس في يدي.
وأتذكرك وقلبي منقبض
حزين من الحزن الذي تعرفينه في.
أين كنت إذا?
وبين أي أناس?
أي كلمات كنت تلفظين?
لماذا يمكن ان يأتيني كل هذا الحب دفعة واحدة
عندما أحس نفسي حزينا وأعرفك بعيدة?
سقط الكتاب الذي كنا نأخذه الى الغسق،
معطفي، قلب جريح، تدحرج عند قدمي.
تبتعدين دائما ، ودائما في المساء
فإلى أين يسرع الليل ماحيا التماثيل?

(4)

قلبي يكفيه صدرك،
أجنحتي لحريتك.
من فمي يدرك السماء
كل ما كان يرقد في نفسك.
فيك الوهم اليومي.
تأتيني، ندى على التويجات
غائبة وتحفرين الأفق
تهربين، موجة أبدية.
وقلتها: تغنين في الريح
كالصنوبر وأشرعة السفن.
أنت مثلها عالية ومثلها صامتة.
تكتئبين فجأة، كما يكتئب سفر.
مضيافة، مثل درب قديم.
أصداء وأصوات حنينية تسكنك.
عند يقظتي أحيانا تهاجر وتمضي
طيور نامت في نفسك.

(5)

أيتها الصبية السمراء، الصبية الرشيقة، الشمس التي تصنع الثمر،
التي تثقل القمح وتعذب ال- alque ،
صنعت جسدك الفرح وعينيك المضيئتين
وفمك الذي من بسمة الماء.
سوداء، قلقة التقت شمسي بخيوط
ع رفك الأسود، وأنت تشدين الذراعين.
وتلاعبينهما كما تلاعبين نهدا ،
الذي يخلف في عينيك ماءين قاتمين راكدين.
أيتها الصبية، الصبية الرشيقة، لا شيء يقربني منك.
كل شيء يبتعد عنك، كما في ظهيرة مكتملة.
لك طفولة النحلة الهاذية،
قوة السنبلة، ثمالة الموجة.
مع هذا فقلبي القاتم يبحث عنك،
أحب جسدك الحبور وصوتك الحر والنحيل.
آه، يا فراشتي السمراء، عذبة وحاسمة.
أنت قمح وشمس وماء وخشخاش.

(6)

يمكنني ان أكتب أحزن الأبيات هذه الليلة.
أكتب مثلا: (الليل مزدان بالنجوم وكواكب
الأثير ترتعش في البعيد).
ريح الليل يدور في السماء ويغني:
يمكنني أن اكتب أحزن الأبيات هذه الليلة.
كنت أحبها، وأحيانا هي أحبتني أيضا.
في الليالي وكهذه الليلة كانت في أحضاني.
كنت أحضنها مرات كثيرة تحت السماء، السماء اللامتناهية..
أحبتني، وأحيانا أنا أحببتها أيضا.
وكيف لا ت حب عيناها الواسعتان، عيناها
الواسعتان الثابتتان.
يمكنني ان أكتب أحزن الأبيات هذه الليلة.
أفكر بأنها لم تعد لدي . آسف لأني فقدتها.

أشرف السر
14-03-2006, 09:03 AM
الريح



الريح تمشطني، يدها تمر
أمومية، على شعري.
للذكرى افتح الباب
وفكرتي تخرج وتمضي.
إنها أصوات أخرى احملها
غنائي من شفاه أخرى
لمغارة تذكاراتي
- ضوء غريب!
ثمار أراض غريبة،
أمواج زرق من بحر آخر،
عشق آخرين، أحزان
لا أجرؤ على تذكرها.
والريح الريح التي تمشطني،
على شعري يد أموية!
حقيقتي أكملها القمة
ليس لي لا عتمة ولا حقيقة!
نائما وسط الطريق،
يجب دعسي لأمشي.
قلوبهم تطأني، قلوبهم
السكرى بالخمر والحلم.
جسر جامد، أصل
قلبك بالأبدية.
ان مت فجأة
فلن أكف عن الغناء!


مياه راكدة
أريد ان اقفز الى الماء لأسقط في السماء

أشرف السر
14-03-2006, 09:11 AM
مقاطع من أشعار نيرود




أحب حب المراكب:

بضع قبل ثم تمضي
تترك تلك وعودا
لكنها لا تعود أبدا
امرأة تنتظر في كل مرفأ،
البحارة يقبلون ويمضون
ذات مساء ينامون مع الموت
بأسره في زرقة المحيط.

***
أحب الحب الذي يتقاسم بالقبل، في السرير والخبز.
حب يمكن أن يكون أبديا
وربما أيضا عابرا.
حب يريد أن يتحرر
ليعاود الحب من جديد.
حب كإله يقترب
حب، كإله يمضي.


غسق ماروري

المساء على السطوح
يهبط
يهبط...
من أعطاه لكي يأتي
جناحي عصفور؟
وهذا الصمت الذي يملأ
كل شيء،
من أي بلد كوكبي
جاء وحده
ولماذا هذا الضباب أيضا
- ريشة صغيرة مرتعشة -
قبلته المطر
- المحسوسة -
هل سقطت في الصمت
- والى الأبد- كل حياتي