أشرف السر
02-03-2006, 05:16 AM
بابلو نيرودا شاعر تشيلي ولد عام 1904,عمل في السلك الدبلوماسي عدة مرات, رشح لرئاسة الجمهورية عام 1971, له عدة دواوين شعرية, لعل أشهرها (النشيد الشامل) ملحمة أمريكا اللاتينية. أذكر أن عاملاً كان يصفق بحرارة لشعر نيرودا, وحين سئل هل تفهم ما يقول؟ أجاب: لا, ولكنني واثق أنه لا يقول إلا أشياء جميلة من أجلنا.
لا يمكنني تعريفه, بعد أن عرف نفسه في سيرته (أعترف بأنني قد عشت), فتشيلي قدمت للعالم رمزين في وقت واحد : نيرودا, أعظم شاعر باللغة الإسبانية حتى الآن, وبينوشيت قاتل ألليندي وكل شيء جميل في حياة بلده, الدكتاتور العميل اللص القاتل الهارب من عدالة شعبه, الذي لم يستطع حتى أسياده الأمريكان تحمل عفونته ونتانة روحه الفاسدة, وحتى إن بريطانيا شعرت بعار عظيم لإيوائه, وهو الوالغ في الدماء...
مات نيرودا عام 1973, في سنتياغو.
وهذه مقتطفات من شعر شاعر تزهو به جائزة نوبل التي نالها عام 1971 (ستتجدد باستمرار):
الحبيبان السعيدان يصبحان رغيفاً واحداً
حبة قمح واحدة وحسب,في العشب
يخلفان لدى سيرهما ظلين يتحدان
في السرير, غيابهما شمس واحدة فارغة
***
رددت كأنني للموت أقول: تعال معي
ولم ير أحد كيف القمر في فمي ينزف دماً
ولا أحد رأى هذا الدم يصعد نحو الصمت
أيها الحب دعنا من التفكير في شوك النجمة!
***
أحبك هكذا, دون أن أكون, دون أن تكوني
أحبك عن قرب جداً بحيث تصبح يدك التي على صدري يدي
عن قرب جداً إلى حد أن عينيك تغمضان حين أنام.
***
كان الصمت أخضر, والضوء ندياً
وحزيران فراشة رفافة
حين عبرت, يا ماتيلدا بين البحر والصخور
مسافة الظهر في مملكتك الاستوائية
كنت تسيرين مثقلة بأزهار حديدية اللون
وطحالب عذبتها ريح الجنوب, منسية
يداك المشققتان بالملح المفترس
ما زالتا في بياض يشرع سنابل الرمل
آه كم أحب هِباتك النقية, وبشرتك كحجر بكر
وأظافرك, القربان من شمس أناملك
وثغرك الفياض بالفرح كله,
ولكن لمنزلي القريب من الهاوية
أعطيني كون الصمت المعذب
جناحاً بحرياً منسياً على الرمال
***
وحين ستتلقى الأرض هكذا عناقنا
سنمضي متحدين في موت واحد
وعائشين إلى الأبد قبلةً أبدية...
***
عندما دخل سيفك المحموم
الثكنات المعتمة
ومذابح الخيانة
لم يكن هناك سوى صمت الفجر
ومرور راياتك
ونقطة دم شريفة
على ابتسامتك
***
كالبرعم, كالنهد المشرئب إلى السماء
كالزهرة الطالعة من العظام النخرة
هكذا بدت ملامح العالم
***
ههنا تجلت. كانت عارية
بين الثلج واللهب، بين الحر والندى
كسرب حمام تائه في البرد
تضرّم تحت سقف الإعصار
فجاءت منه حمامة لتحط على قلب رودو
تاركة فوقه بياضها يتفجر.
***
ولمستني، وفي التو صارت امرأة
وجعلتني أكبر كما لو كنتَ وهبتني الحياة
ذلك لأنها من أين، إن لم تكن منكَ
قد انبجست أهدابي
أهدابي ولدت من عينيك
نهداي ولدا من كفيك الجائعتين
كل جسدي
التهب أول مرة، عند احتراقي.
***
يوم متشح بالسواد يسقط من الأجراس
مثل نقاب مرتجف لأرملة تائهة
***
في ليل القلب
قطرة اسمك البطيئة
تتزحلق وتسقط، وتتحطم
وتنشر في الصمت ماءها.
***
نمت معكِ
وإذ أفقنا، ثغرك
القادم من حلمك
أعطاني طعم الأرض
وماء البحر، والطحالب
وأعماق حياتك...
وتلقيت قبلتك
بندى الفجر
كأنما أتت من البحر
المحيط بنا.
***
حلوة،
عيناك أكبر من وجهك،
عيناك أكبر من الأرض
في عينيك
مدائن وأنهار
بلدي يرقد في عينيك
أمشي خلالهما،
تنيران العالم
الذي أمشي فيه...
حلوة...
حلوة،
نهداك مثل رغيفين صنعا
من حبات التراب والقمر الذهبي،
حلوة...
***
حبيبتي، إذ ألمسك
يداي لا تكتشفان مواطن
المتعة فيك فقط
ولكن أغصاناً وأراضيَ، فاكهة ومياهاً،
أيام الربيع التي أهوى،
قمر الصحراء، صدر
اليمامة البرية،
نعومة الحجارة التي صقلتها
مياه البحر أو الأنهار
وكثافة الدغل
الحمراء، حيث
يقبع الجوع والعطش.
وهكذا بلدي الواسع يتلقفني...
أمريكا الصغيرة في جسدك.
***
غداً سنعطيهم
ورقة من شجرة حبنا، ورقة
ستسقط على الأرض
كأنما شفاهنا قد صنعتها،
كقبلة تسقط
من مرتفعاتنا الخفية
لتبرهن على نار
حب حقيقي
ودفئه.
***
... ولكن النار كانت
صديقنا الوحيد،
قربها ضمنا
حب الشتاء اللذيذ
بأذرع أربع...
النار رأت قبلتنا العارية تنمو
إلى أن لامست النجوم الخفية،
ورأت الحزن يولد ويموت
كسيف مكسور
على حب كؤود.
***
زهرة تفتحت كقطرة
من دم البرتقال...
ثم أفرغت الألوان
كل أثقالها النقية.
***
حجارة المرتفع الصخري
تعرف أن قبلاتنا تفتحت
بصفاء لا حدود له.
مثلما حبنا والقبلة التي جمعت فمك إلى فمي
في زهرة أزلية
***
من (النشيد الشامل)
يا حبيبة الأنهار، أيتها المتعاركة
مع الماء الأزرق والقطرات الشفافة،
إن طيفك مثل شجرة أو وردة
لربة قاتمة تقضم تفاحاً:
عندما استيقظت عارية
كنت موشومة بالأنهار،
وفي الأعالي المبللة
يملأ رأسُك الدنيا بندى جديد.
ويهزك الماء من خصرك.
كنت مشيدة من عيون ماء
وكانت تلمع بحيرات على جبينك.
ومن أدغالك الأم كنتِ تأخذين
الماء دموعاً حيوية
***
لم استطع أن أحب في كل كائن شجرة
تحمل خريفها الصغير على كاهلها(موت ألف ورقة)
أن أحب كل الميتات المزيفة
والقيامات التي بلا أرض، بلا لجّة:
أردت أن أسبح في أوسع الحيوات،
في أكثر المصبات تحرراً
وعندما رفضني الإنسان شيئاً فشيئاً
وراح يسد الطريق والباب
لكي لا تلامس يداي النبعيتان انعدامه المجروح،
عندها مضيت من درب إلى درب
ومن نهر إلى نهر،
ومن مدينة إلى مدينة ومن سرير إلى سرير،
وعبَرَ قناعي الأجاج الصحراء،
وفي آخر البيوت البائسة التي بلا سراج،
بلا نار، بلا خبز، بلا حجر، بلا صمت،
تدحرجت وحيداً
صوب الموت... موتي.
***
وأنا رفعت أضمدة اليود، وغرست يدي...
في الآلام الفقيرة التي تقتل الموت،
ولم أجد في الجرح سوى هبة ريح باردة
تدخل من فجوات الروح الهائمة.
- الموضوع متعدد المصادر جزء منقول من الانترنت وجزء من كتب ودراسات عنيت بنيرودا وشعره -
لا يمكنني تعريفه, بعد أن عرف نفسه في سيرته (أعترف بأنني قد عشت), فتشيلي قدمت للعالم رمزين في وقت واحد : نيرودا, أعظم شاعر باللغة الإسبانية حتى الآن, وبينوشيت قاتل ألليندي وكل شيء جميل في حياة بلده, الدكتاتور العميل اللص القاتل الهارب من عدالة شعبه, الذي لم يستطع حتى أسياده الأمريكان تحمل عفونته ونتانة روحه الفاسدة, وحتى إن بريطانيا شعرت بعار عظيم لإيوائه, وهو الوالغ في الدماء...
مات نيرودا عام 1973, في سنتياغو.
وهذه مقتطفات من شعر شاعر تزهو به جائزة نوبل التي نالها عام 1971 (ستتجدد باستمرار):
الحبيبان السعيدان يصبحان رغيفاً واحداً
حبة قمح واحدة وحسب,في العشب
يخلفان لدى سيرهما ظلين يتحدان
في السرير, غيابهما شمس واحدة فارغة
***
رددت كأنني للموت أقول: تعال معي
ولم ير أحد كيف القمر في فمي ينزف دماً
ولا أحد رأى هذا الدم يصعد نحو الصمت
أيها الحب دعنا من التفكير في شوك النجمة!
***
أحبك هكذا, دون أن أكون, دون أن تكوني
أحبك عن قرب جداً بحيث تصبح يدك التي على صدري يدي
عن قرب جداً إلى حد أن عينيك تغمضان حين أنام.
***
كان الصمت أخضر, والضوء ندياً
وحزيران فراشة رفافة
حين عبرت, يا ماتيلدا بين البحر والصخور
مسافة الظهر في مملكتك الاستوائية
كنت تسيرين مثقلة بأزهار حديدية اللون
وطحالب عذبتها ريح الجنوب, منسية
يداك المشققتان بالملح المفترس
ما زالتا في بياض يشرع سنابل الرمل
آه كم أحب هِباتك النقية, وبشرتك كحجر بكر
وأظافرك, القربان من شمس أناملك
وثغرك الفياض بالفرح كله,
ولكن لمنزلي القريب من الهاوية
أعطيني كون الصمت المعذب
جناحاً بحرياً منسياً على الرمال
***
وحين ستتلقى الأرض هكذا عناقنا
سنمضي متحدين في موت واحد
وعائشين إلى الأبد قبلةً أبدية...
***
عندما دخل سيفك المحموم
الثكنات المعتمة
ومذابح الخيانة
لم يكن هناك سوى صمت الفجر
ومرور راياتك
ونقطة دم شريفة
على ابتسامتك
***
كالبرعم, كالنهد المشرئب إلى السماء
كالزهرة الطالعة من العظام النخرة
هكذا بدت ملامح العالم
***
ههنا تجلت. كانت عارية
بين الثلج واللهب، بين الحر والندى
كسرب حمام تائه في البرد
تضرّم تحت سقف الإعصار
فجاءت منه حمامة لتحط على قلب رودو
تاركة فوقه بياضها يتفجر.
***
ولمستني، وفي التو صارت امرأة
وجعلتني أكبر كما لو كنتَ وهبتني الحياة
ذلك لأنها من أين، إن لم تكن منكَ
قد انبجست أهدابي
أهدابي ولدت من عينيك
نهداي ولدا من كفيك الجائعتين
كل جسدي
التهب أول مرة، عند احتراقي.
***
يوم متشح بالسواد يسقط من الأجراس
مثل نقاب مرتجف لأرملة تائهة
***
في ليل القلب
قطرة اسمك البطيئة
تتزحلق وتسقط، وتتحطم
وتنشر في الصمت ماءها.
***
نمت معكِ
وإذ أفقنا، ثغرك
القادم من حلمك
أعطاني طعم الأرض
وماء البحر، والطحالب
وأعماق حياتك...
وتلقيت قبلتك
بندى الفجر
كأنما أتت من البحر
المحيط بنا.
***
حلوة،
عيناك أكبر من وجهك،
عيناك أكبر من الأرض
في عينيك
مدائن وأنهار
بلدي يرقد في عينيك
أمشي خلالهما،
تنيران العالم
الذي أمشي فيه...
حلوة...
حلوة،
نهداك مثل رغيفين صنعا
من حبات التراب والقمر الذهبي،
حلوة...
***
حبيبتي، إذ ألمسك
يداي لا تكتشفان مواطن
المتعة فيك فقط
ولكن أغصاناً وأراضيَ، فاكهة ومياهاً،
أيام الربيع التي أهوى،
قمر الصحراء، صدر
اليمامة البرية،
نعومة الحجارة التي صقلتها
مياه البحر أو الأنهار
وكثافة الدغل
الحمراء، حيث
يقبع الجوع والعطش.
وهكذا بلدي الواسع يتلقفني...
أمريكا الصغيرة في جسدك.
***
غداً سنعطيهم
ورقة من شجرة حبنا، ورقة
ستسقط على الأرض
كأنما شفاهنا قد صنعتها،
كقبلة تسقط
من مرتفعاتنا الخفية
لتبرهن على نار
حب حقيقي
ودفئه.
***
... ولكن النار كانت
صديقنا الوحيد،
قربها ضمنا
حب الشتاء اللذيذ
بأذرع أربع...
النار رأت قبلتنا العارية تنمو
إلى أن لامست النجوم الخفية،
ورأت الحزن يولد ويموت
كسيف مكسور
على حب كؤود.
***
زهرة تفتحت كقطرة
من دم البرتقال...
ثم أفرغت الألوان
كل أثقالها النقية.
***
حجارة المرتفع الصخري
تعرف أن قبلاتنا تفتحت
بصفاء لا حدود له.
مثلما حبنا والقبلة التي جمعت فمك إلى فمي
في زهرة أزلية
***
من (النشيد الشامل)
يا حبيبة الأنهار، أيتها المتعاركة
مع الماء الأزرق والقطرات الشفافة،
إن طيفك مثل شجرة أو وردة
لربة قاتمة تقضم تفاحاً:
عندما استيقظت عارية
كنت موشومة بالأنهار،
وفي الأعالي المبللة
يملأ رأسُك الدنيا بندى جديد.
ويهزك الماء من خصرك.
كنت مشيدة من عيون ماء
وكانت تلمع بحيرات على جبينك.
ومن أدغالك الأم كنتِ تأخذين
الماء دموعاً حيوية
***
لم استطع أن أحب في كل كائن شجرة
تحمل خريفها الصغير على كاهلها(موت ألف ورقة)
أن أحب كل الميتات المزيفة
والقيامات التي بلا أرض، بلا لجّة:
أردت أن أسبح في أوسع الحيوات،
في أكثر المصبات تحرراً
وعندما رفضني الإنسان شيئاً فشيئاً
وراح يسد الطريق والباب
لكي لا تلامس يداي النبعيتان انعدامه المجروح،
عندها مضيت من درب إلى درب
ومن نهر إلى نهر،
ومن مدينة إلى مدينة ومن سرير إلى سرير،
وعبَرَ قناعي الأجاج الصحراء،
وفي آخر البيوت البائسة التي بلا سراج،
بلا نار، بلا خبز، بلا حجر، بلا صمت،
تدحرجت وحيداً
صوب الموت... موتي.
***
وأنا رفعت أضمدة اليود، وغرست يدي...
في الآلام الفقيرة التي تقتل الموت،
ولم أجد في الجرح سوى هبة ريح باردة
تدخل من فجوات الروح الهائمة.
- الموضوع متعدد المصادر جزء منقول من الانترنت وجزء من كتب ودراسات عنيت بنيرودا وشعره -