بابكر سانتو " ساحر الكرة السودانية "
بابكر سانتو " ساحر الكرة السودانية "
نزل علينا خبر رحيل النجم الأسطورة " بابكر سانتو" كالصاعقة بل أشد ولكن هذه إرادة المولى عز وجل لكل أجل كتاب ، وكل نفس ذائقة الموت .
لقد كان الراحل مبدعاً في كرة القدم التي أحبها وأحب من خلالها مدني والأهلي حباً جارفاً حيث عرفه الصغير والكبير في سوداننا الحبيب ، ظهر نبوغه الكروي منذ الصغر حينما كان يداعب الكرة في حي ود أزرق ، ونمت الموهبة في فريق " علم الوطن " بالدرجة الثانية" وقد كان أمل هذا الفريق في الصعود للدرجة الأولى والذي لم يتحقق حتى الآن منذ عام 1937م ، سارعت إدارة النادي الأهلي في طلبه لتحقيق الأمجاد والبطولات... خاصة وأن أسرة سانتو معروفة بالموهبة والفن تمثلت في شقيقه الأكبر " عبده سانتو " والساحر الصغير " الفاضل سانتو " ، صادف إنتقال " بابكر سانتو " للأهلي معارضة من إدارة فريق " علم الوطن " وإنشق مجلس الإدارة بين مؤيد ومعارض الأمر الذي تطلب عقد جمعية عمومية لتقرر إطلاق صراحة من عدمه كسابقة تحدث لأول مرة في تاريخ كرة القدم السودانية ، وهذا مما يؤكد على نجوميته وعلو كعبه في كرة القدم ...
بعد التسجيل للأهلي ظل البارع " بابكر سانتو" يحقق النصر والمجد لـ "سيد الأتيام" وكان المهندس الماهر الذي يجيد التمرير بالمقاس والتغطية والمراوغة والتسديد القوي في المرمى مع إحراز الأهداف الجميلة والصعبة من كل الإتجاهات... لعب فترة قصيرة للهلال العاصي ولكنه عاد لمدني سريعاً إلى عشقه الأبدي " سيد الأتيام " ليقضى معه أجمل أيام عمره حسب إفادته المتكررة ( رحمه الله ) وواصل معه العطاء والفن والبطولات .. ومن ود مدني استمرت مسيرة الإبداع مع الفريق القومي السوداني وحقق معه أعظم بطولة للسودان كأس الأمم الإفريقية عام 1970م . وبعد ذلك شرف السودان باللعب محترفاً في صفوف فريق الطائي بحائل في المملكة العربية السعودية عام 1975م وساهم معه في صعود الفريق للدوري الممتاز ، وبعد إعتزاله كرة القدم أنتقل إلى مجال التدريب حيث درب فريق البنك الأهلي السعودي والعديد من الفرق الأخرى .
لقد حرمنا الزمن من مشاهده ساحر الكرة السودانية بابكر سانتو مع الأهلي ولكن سمعنا عنه الكثير والكثير وهو موهبة نادرة لم تشاهدها الملاعب السودانية من قبل ... وكنا محظوظين عندما شاهدناه في مدينة جدة قبل أكثر من 7 سنوات مضت يشارك في حفل تكريم فيصل الكوري ... وقد كنت مندهش كغيري من هذا الساحر وهو يتلاعب بالكرة كيفما شاء بخبرة الأيام والسنين وهو في هذا العمر مع تصفيق الجمهور له في كل كرة يلعبها ....حينها أدركت بأنه لاعب كبير حُرمنا من مشاهدة فنه الأصيل ... لهذا يجب أن تخلد ذكراه العطرة بتسمية أحدى القاعات الرياضية أو المدارس أو الشوارع في مدني باسمه...مع رعاية أسرته الصغيرة ... وأختم بقول الشاعر الكبير أبو الطيب المتنبي :
ما كنت أمل قبل نعشك أن أرى رضوي على أيدي الرجال تسير
كما نسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته وأن يسكنه مع الصديقين والشهداء ، والعزاء موصول لأسرة سانتو والنادي الأهلي وجميع الرياضيين بمدني ... ( إنا لله وإنا إليه راجعون ) .
*مبارك محمد المبارك - جدة
