غادة عبدالعزيز ( مجلة نخبة السودان الالكترونية )
كان (دوين مكينلي) يعتبر نفسه طفلا سعيدا، فقد كان يشعر بالأمان في أحضان والدته التي رعته حتى وفاتها وهو في الثانية عشرة من عمره. وحزن دوين حزنا عظيما، ولم يستطع أي من أفراد أسرته أن يخفف وقع الصدمة عليه وصار يهيم في الطرقات حتى وقع في أحضان العصابات الأمريكية التي لا ترحم.
وأوقف دوين يوما بسبب مخالفة مرورية لكنها كانت البداية لمأساة عمره. فقد قاد الشرطي دوين إلى القسم ووجهت له تهمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد. وصدم دوين، وعلم من خلال محاضر الشرطة أن مدير أحد محال الأكل السريعة قد قتل في خلال الأيام السابقة وشهد أربعة من العاملين في المحل أن دوين هو السارق الذي أردى مديرهم قتيلا بالرصاص.
ولم تفلح محاولات دوين لتبرئة نفسه، فمن الذي يكذب أقوال أربعة شهود والشرطة ليصدق أقوال شاب صغير منضم للعصابات؟ ولكن لم ييأس دوين وظل يكاتب مجموعات إهتمت بقضيته وصارت تبحث عن الأدلة لتبرأته حتى حدثت المعجزة بعد قرابة العشرين عاما. اعترف أحد زملاء دوين في السجن أنه كان متورطا في مقتل مدير المطعم وبذلك سقطت التهم التي أدانت دوين. لكن كانت هنالك مشكلة، فالمدعي العام لمدينة لوس أنجلوس والذي ساهم في وضع دوين خلف القضبان وقتها تمت ترقيته ليصبح المدعي العام لمحلية كبيرة في كاليفورنيا وصار عليه هو أن يقرر، هل يترك دوين يخرج من السجن وبذلك تكون فضيحته في سجن رجل برئ (بجلاجل)؟ أم يقوم بإتخاذ القرار الصحيح ويعترف ببراءة دوين. وقام المدعي العام بالإعتزال من منصبه وفتحت زنزانات السجن في وجه دوين وأغلقت تاركة المتهم الحقيقي خلفها.
وخرج دوين إلى العالم مع بدايات القرن الجديد بدون مال أو ملابس أو منزل يأويه. ثم تلقى مليون دولارا من ولاية كاليفورنيا تعويضا عن الحكم الخطأ الذي وقع عليه. وأول ما فعله دوين هو الإستجمام في هاواي.. ولحظ أن هنالك فرصة لإستثمار أمواله فالسياحة في حاجة إلى المال بينما تقبع البنوك في اماكن بعيدة وليست هنالك ماكينات لإستخراج الأموال. وإستقر دوين في هاواي ونما عمله حتى صار يكسب أكثر من الـستين ألف دولار شهريا.
ولكن لا تدوم السعادة كثيرا، ففي أكتوبر 2008، كان دوين يقود الموتسيكل بسرعة حينما إصطدم بإحدى إشارات الطريق ونقل إلى المستشفى لكنه لفظ أنفاسه هناك.
وبغض النظر عن نهاية دوين المحزنة، إلا أن هنالك عبر كثيرة في قصته. أولها القول الدائم بأن (ياما في السجن مظاليم)، إشارة لكثير من المساجين الذين إعترضت الظروف طريقهم حتى تمت إدانتهم خطأ. الأمر الثاني هو أنه لولا جماعات من القانونيين والناشطين لبقى دوين في مسجنه بقية سنوات عمره. ولا أذكر آخر مرة قرأت في السودان بإطلاق سراح مسجون لأنه برئ، وهذا ما يجعلني أفكر في أمر كل هؤلاء المساجين من منهم البرئ الذي يحتاج أن يمد الناس إليه يده. في هذا المقال دعوة للمحامين وطلبة كليات الحقوق بتكوين لجان فعالة تنظر في قضايا المساجين في زنازيننا فربما تعثر على دلائل تستطيع أن تمنح بها مسجوناً بريئاً حريته المستحقة