1/ محجوب التوم رمضان " بيرتو "
محجوب التوم رمضان الشهير ب " بيرتو " من الشخصيات الطريفة وخفيفة الظل
وهو معروف لدى أغلب سكان مدنى ورواد الإستاد على وجه الخصوص .
والده التوم رمضان كان ثرياً فى حياته وخلف ثروةً لم يعرف مصيرها ، ومحجوب
يعمل بهيئة البحوث الزراعية عاملاً ، وغالباً مايعود لمنزلهم عند التاسعة صباحاً .
أُشتهر محجوب بعشقه لنادى الإتحاد وتجده دوماً يردد عبارة :
" إتحادنا قوة " وهى عبارة كانت ترمز للإتحاد الإشتراكى أيام مايو .
عرف محجوب بموهبته الكروية الرفيعة وكان يمكن أن يكون نجماً لو اهتم
بموهبته ، وقد شاهدناه وهو يقوم بتابلوهات واستعراضات سبق بها رونالدينهو
البرازيلى فى دعاية البيبسى كولا .
عرف عن محجوب كذلك عشقه للغناء وصوته قوى وجميل ، وكنا نعرف مقدمه
قبل أن نشاهده ، إذ كان دائم الغناء ، وكان يمشى على رجليه أغلب الأوقات
وفى بعض الأحيان كانت لديه عجلة يهتم بزخرفتها ونظافتها غاية الإهتمام .
جميع سكان الحى يبادلونه حباً بحب ، وتجد الأطفال دوماً يداعبونه أو يطلبون
منه رقصة القرد أو الكلب وهى رقصات مستحدثة ذاع صيتها آنذاك.
لم أشاهده غاضباً ولم تكن لديه مشاكل مع أى شخص ، وهو بار بوالدته وفى
غاية الرقة والحنان ويبكى لأقل استفزاز أو مشاحنة.
تلك مقتطفات من سيرة الأخ محجوب التوم أمد الله فى أيامه ، وهذه الجوانب
غير معروفة لدى الكثيرين الذين يعرفون عنه فقط إدمان الخمور ، وهو جانب
على سوءه لايلغى الجوانب المضيئة فى شخصية بيرتو .
حاشية:
أجمل النقد ماكُتِبَ عن محبة *** أميل حبيبى
المغفور له / الجد يوسف النخلى
هو الشقيق الأكبر للشاعر مدنى النخلى ، وقد شرفتنا الليالى بمجاورته بحى بانت بودمدنى .
اتصف الجد يوسف النخلى بالعديد من الصفات الحميدة التى يندر إجتماعها فى شخص واحد ، كان قليل الحديث وفى غاية الأدب والحياء ويتحدث دوماً بصوت منخفض . زوجته المرحومة حاجة مدينة ابنة محمد أحمد عباس شقيقة الأخوان عادل " عبشين " وعمر " النملة " وبقية إخوانهم .
يمتلك الراحل الجد كمائن طوب بمنطقة ود المجدوب وقد كان تعامله مع عماله فى غاية المثالية وربما سبق به الكثير من التشريعات التى استهدفت حماية الطبقة العاملة من عسف أصحاب الأعمال .
أشتهر الراحل الجد بكرمٍ لايضاهيه فيه سوى حاتم الطائى ، وقد اشتهر بين معارفه وجيرانه وأهله بهذه الصفة ، فلو قدر لك الذهاب لبيته لأى سبب من الأسباب فحاذر ثم حاذر أن يكون الوقت قريباً من ساعة غداء أو عشاء ، فلو قدر لك زيارة بيته عقب صلاة الظهر فلن يدعك تذهب قبل تناول وجبة الغداء ، غير مكترث لمشاغلك وظروفك ، ولذا كنا نحاذر من مجرد المرور أمام بيته فى ساعة الظهيرة .
صفة أخرى اتصف بها وهى الإصرار على دخول بيته من باب " الرجال " ولم نره يدلف لبيته من باب " الحريم " وهو على استعداد للوقوف الساعات الطوال حتى يفتح له الباب وهذا فيه مافيه من الحياء والعفة .
عند رحيله تفاجأ كل من كان بالمأتم ببعض الأشخاص غير المعروفين لأهله أو حتى لجيرانه وقد انخرطوا فى البكاء وقد علمنا لاحقاً أنهم بعض الفقراء الذين فقدوا برحيله يداً إمتدت إليهم بالإحسان بلا منٍ أو أذى ، فقد كان يدفع لهم إيجارات المنازل التى يسكنونها وكان يعينهم ويدفع عنهم بعض بؤسهم .
انتقلت صفاته النبيلة تلك لذريته وأكبرهم عماد ويليه عزالدين ثم محمد الجد " بأمارة دبى " وبعدهم يوسف وأباذر .
كان لجيرانه نعم الجار والصديق فلم نسمع عنه يوماً مايشين ولم نره غاضب بل كان باسم المحيا ، وكانت عربته تتوقف على طول الطريق للسوق الكبير لتقل كل من يلتقيه فى سكته بلا ضجر أو ملل .
شيعته المدينة قبل سنين خلت فى موكبٍ مهيب وكان إحساس الجميع أنهم يورن الثرى مجموعة قيم نبيلة وليس مجرد نعش لنفس مطمئنة رجعت إلى ربها وهى بلا أدنى شك راضيةً مرضية .