الشروع بالفعل أوالامتناع وحيثياته:-
يعد السلوك إجرامياً بصفتيه كنشاط أيجابي (الفعل) أو كموقف سلبي (الامتناع). و مثال النشاط الإيجابي مباشرة الجاني لاختلاس مال الغير أو تحريك يد الجاني لضرب المجني عليه أو التلفظ بعبارات نابية في حقه أو تحقيرية مما يعده القانون قذفاً بحق المجني عليه . و أما مثال الامتناع أن تحجم الأم عن إرضاع طفلها ليهلك أو يتقاعس فرد من انقاذ غريق حال تمكنه من ذلك. بما أن الشروع بالجريمة يعني البدء بتنفيذ فعل ما بقصد اغتراف جناية أو جنحة, و لو ردع أو غاب أثره لأسباب خارجة عن أرادة الجاني، فإن القانون يعاقب على هذا الشروع و يعتبر شروعاً بارتكاب الجرم كل فعل صدر وقصد به ارتكاب (جناية أو جنحة مستحيلة التنفيذ )، إما لسبب يتعلق بموضوع الجريمة أو بالوسيلة المستخدمة لارتكابها؛ عدا حال ظن الفاعل بصلاحية عمله لإحداث النتيجة استناداً على وهم أو جهل مطبق. و لا يعد شروعاً مجرد العزم على الارتكاب، و لا الأعمال التحضيرية له, مالم ينص القانون على خلاف ذلك. كذلك, لا شروع في المخالفات.
الاشتراك الجرمي وصوره:-
في نظر القوانين الجزائية تعتبر الوحدة المادية للفعل الجرمي هي المعيار باعتبار تحقق النتيجة. لذا ينص بعضها على معاقبة المساهم بوصفة فاعلاً أو شريكاً في ارتكاب جريمة بنفس العقوبة, حتى و لو كان الفاعل الأصلي للجريمة معفياً لأسباب موضوعية, كأن يكون دون السن القانونية أو كان سفيهاً، أو لم يتوفر القصد الجرمي لديه, إلخ.. وهو يُبْنَى على توفر القصد المشترك. ووجود وحدة رابطة معنوية تجمع الفاعلين. مسؤولية الشريك تنشأ عن إتّصالِ فعلِه بفعل الجاني الأصلي, بتقديم صورة من صور العون. و هي مرهونة بدخول الفعل حيز التنفيذ, وخاضعةٌ لَيسَ لفعلِ الشريك، بل لتوحد القصد في توجيه إرادة الفاعلين إلى ارتكاب الفعل المكون للجريمة, هادفين للنتيجة الجرمية الواقعة أو نتيجة أخرى محتملة الوقوع.
و على هذا الأساس يعد شريكاً ومساهماً في الجريمة:-
- من حرض على ارتكابها فوقعت بناءً على تحريضه بحكم توافق النيات لدى الشركاء, كل حسب دوره.
- شخص غيرمساهم بإحداث النتائج الجرمية، لكنه متفق مع الفاعل على قيامه بالفعل الأجرامي.
- من أعطى الفاعل سلاحاً أو متفجرات, أو شاركه بأعمال محضرة, ميسرة أو متممة للتنفيذ.
و هنا مسألة ينبغي الالتفات إليها، تتعلق باختلاف القصد لدي المساهمين سواء منهم من حث و حرض و من نفذ فتحققت النتيجة بناء على كل ذلك. فإذا اختلف القصد لدى الجائي أو أختلفت كيفية العلم به ما بين مساهم و آخر؛ فالعقوبة لا تقع إلا وفقاً لقصد وكيفية علم كل منهما. و لا يشترط كون الاتفاق مسبقاً، لاحتمال أن يكون آنياً يقع لحظة ارتكاب الفعل.
المساهمة (أصلية و تبعية):- .
فالمساهمة الأصلية : - تعني ارتكاب الفاعل للجريمة بفعله المنفرد وبإرادته المحضة للانفراد بالفعل ودون عون أو تخطيط اوتأثير من أحد. من صورها الأصلية حين يريد المساهم ارتكاب جريمته بأستغلال وسيط دفعه دون علمه لأرتكاب الجريمة؛ أو مارس عليه ضغطاً ماديأ أو معنوياً. فإن القصد الجرمي غير متوفر لدى الوسيط بينما يكون ثابتا ً لدى الجاني. فمن يقدم مسدساً محشواً ومهياً للأطلاق لمجنون أو قاصر ويوجهه على أساس أنه مسدس كاذب ليطلق النارعلى المجني عليه يكون صاحب مسؤولية أصلية ، وكذا من يطلق كلباً أو وحشاً مفترساً على أخر بنية قتله .
والمساهمة التبعية:- تعني المشاركة بمقتضى أتفاق جنائي في التخطيط للتنفيذ؛ أو التحريض مع تقديم سلاح أو وسلية تحضيرية ممهدة لارتكاب الجرم, كمن يقوم بأعداد السم لتقديمة للمجنى عليه ؛ شريطة وقوع الجريمة فعلاً بناء على هذه المساهمة عن قصد و بعلم الشريك.
الأتفاق الجنائي:- .
يعد أتفاقاً جنائياً كل تواطؤ بين ( عنصرين أو أكثر) على ارتكاب جناية أو جنحة أو على أفعال محضرة, أو أو ممهدة لها متى كان هذا الأتفاق قائماً و لو لبرهة قصيرة, منظماً و لو في مبدأ تكوينه؛ وسواء كان الغرض النهائي منه أرتكاب الجرم أم أتخاذه وسيلة للوصول إلى (غرض مشروع), ما دامت الجناية أو الجنحة المرتكبة من الوسائل التي لوحظت في الوصول إليه. يعاقب المتواطئ بحسب حجم فعله. و يعفى القانون كل عضو في الأتفاق الجنائي يبادر(بصفة شاهد ملك) إلى أبلاغ السلطات الرسمية المختصة بوجود هذا الأتفاق و يكشف المتورطين قبل وقوع الجريمة وقبل بدء التحري والأستقصاء عن الجناة.