الملك خوفو (خووّ-فووّ)، ثاني ملوك الأسرة الرابعة،
من عهد قدماء الفراعنة حوالي( 2580 قبل الميلاد) ،
و المُرجح أن يكون خلف على العرش الفرعون سنفرو بن الفرعون
زوسر مؤسس الأسره الثالثة. و من الثابتأن أمه كانت الملكة حتب حرس
الموجود قبرها في مقابر الجيزة . حيث كان لقبها "أم ملك مصر العليا والسفلى.
و ابن الملك خوفو الملك خفرع الذي بنى الهرم الثاني؛ و أنجب خفرع الملك منكاورع أو منقرع.
يُعزى إليه بناء الهرم الأكبر الكائن على هضبة الجيزة لتكون مقبرة له ، إحدى عجائب الدنيا السبع
في العالم القديم. و لكن لم يتم توثق جوانب أخرى كثيرة من حكمه. غير أنني ألفت النظر إلى سحنته
التي يغلب عليها لون السمرة الداكنة و هي أقرب ما تكون شبهاً إلى ملامح بعض القبائل الزنجية
و ما شابه، و المـتأصلة في مجاهل غرب أفريقيا. ثم إلى تقاطيع وجه هذا الفرعون، و المميزة
بفكه العريض و أنفه الفطساء و كأني به كافور الأخشيدي الذي مدحه أبو الطيب
في أول عهده به يوم خرج مغاضباً من سيف الدولة في يائيته الشهيرة:
(كَفى بِكَ داءً أَن تَرى المَوتَ شافِيا وَحَسبُ المَنايا أَن يَكُنَّ أَمانِيا)
قواصِدَ كافورٍ تَوارِكَ غَيرِهِ *** وَ مَن قَصَدَ البَحرَ اِستَقَلُّ السَواقِيا
فَجاءَت بِنا إِنسانَ عَينِ زَمانِهِ *** وَ خَلَّت بَياضًا خَلفَها وَ مَآقِيا
نَجوزَ عَلَيها المُحسِنينَ إِلى الَّذي*** نَرى عِندَهُمْ إِحسانَهُ وَالأَيادِيا
فَتىً ما سَرَينا في ظُهورِ جُدودِنا *** إِلى عَصرِهِ إِلاَّ نُرَجّي التَلاقِيا.
و كان كافور داهيةً حذراً ، فلم ينل أبو الطيب منه
ما كان ينشده عنده من حسن الوفادة و باذخ العطايا ، بل إن وشاة
المتنبي قد كثروا في حاشية بلاطه . الأمر الذي جعل ذاك الشاعر الفارس
الذي لقي حتفه ضحيةً لانفلات طموحه و شدة غروره بنفسه. الأمر الذي جعله
ينكص على عقبيه عن حبه، و يتحول بزاويةٍ حرجةٍ عن مدحه إلى ذمه بأقذع الهجاء
الممزوج بتهكم لاذع، كما و هجا مصر بعد انقطاع عشمه وهو يهم بمغادرتها
في يوم عيدحين كان يراه نحساً فنظم في وصف غريمه/
كافور أبياتاً تعد من عيون الشعر:
و تعجبني رجلاك في النعل إنني *** رأيتك ذا نعل إذا كنت حافيا
و مثلك يؤتَى من بلاد بعيدة *** ليضحك ربات الحجال البواكيــا
عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ * * * بمَا مَضَى أمْ لأمْرٍ فيكَ تجْديدُ
جودُ الرّجالِ من الأيدي وَجُودُهُمُ* * *منَ اللّسانِ، فَلا كانوا وَلا الجُودُ
ما يَقبضُ المَوْتُ نَفساً من نفوسِهِمُ* * *إلاّ وَفي يَدِهِ مِنْ نَتْنِهَا عُودُ
أكُلّمَا اغتَالَ عَبدُ السّوْءِ سَيّدَهُ* * *أوْ خَانَهُ فَلَهُ في مصرَ تَمْهِيدُ
صَارَ الخَصِيّ إمَامَ الآبِقِينَ بِهَا* * *فالحُرّ مُسْتَعْبَدٌ وَالعَبْدُ مَعْبُودُ
نَامَتْ نَوَاطِيرُ مِصرٍ عَنْ ثَعَالِبِها* * *فَقَدْ بَشِمْنَ وَما تَفنى العَنَاقيدُ
العَبْدُ لَيْسَ لِحُرٍّ صَالِحٍ بأخٍ* * *لَوْ أنّهُ في ثِيَابِ الحُرّ مَوْلُودُ
لا تَشْتَرِ العَبْدَ إلاّ وَالعَصَا مَعَهُ* * *إنّ العَبيدَ لأنْجَاسٌ مَنَاكِيدُ
ما كُنتُ أحْسَبُني أحْيَا إلى زَمَنٍ* * *يُسِيءُ بي فيهِ عَبْدٌ وَهْوَ مَحْمُودُ
ولا تَوَهّمْتُ أنّ النّاسَ قَدْ فُقِدوا* * *وَأنّ مِثْلَ أبي البَيْضاءِ مَوْجودُ
وَأنّ ذا الأسْوَدَ المَثْقُوبَ مَشْفَرُهُ* * *تُطيعُهُ ذي العَضَاريطُ الرّعاديد
جَوْعانُ يأكُلُ مِنْ زادي وَيُمسِكني* * *لكَيْ يُقالَ عَظيمُ القَدرِ مَقْصُودُ
وَيْلُمِّهَا خُطّةً وَيْلُمِّ قَابِلِهَا* * *لِمِثْلِها خُلِقَ المَهْرِيّةُ القُودُ
وَعِنْدَها لَذّ طَعْمَ المَوْتِ شَارِبُهُ* * *إنّ المَنِيّةَ عِنْدَ الذّلّ قِنْديدُ
مَنْ عَلّمَ الأسْوَدَ المَخصِيّ مكرُمَةً* * *أقَوْمُهُ البِيضُ أمْ آبَاؤهُ الصِّيدُ
أمْ أُذْنُهُ في يَدِ النّخّاسِ دامِيَةً* * *أمْ قَدْرُهُ وَهْوَ بالفِلْسَينِ مَرْدودُ
أوْلى اللّئَامِ كُوَيْفِيرٌ بمَعْذِرَةٍ* * *في كلّ لُؤمٍ، وَبَعضُ العُذرِ تَفنيدُ
وَذاكَ أنّ الفُحُولَ البِيضَ عاجِزَةٌ* * *عنِ الجَميلِ فكَيفَ الخِصْيةُ السّودُ؟
*******************&&&&&*******************!!