رحلات بن بطوطة السوداني المدناوي (اللي هو أنا) ما بين طنجة وجاكرتا
كانت بداية رحلات بن بطوطة المدناوي (اللي هو أنا) في أواخر عام 1975 حينما قدمت أوراقي لقسم البعثات بوزارة التعليم العالي بالخرطوم، إذ كان قد أُعلن عن منحات دراسية لحوالي سبع او تسع دول، على ما أذكر كانت يوغسلافيا ورومانيا ونيجيريا ومصر والعراق والمغرب وليبيا، وكانت حصتنا نحن الأدبيين محصورة فقط في دولتين هما العراق والمغرب، فقدمت لمنح المغرب، ورجعت لمدني..
وبما أن مدرسة شدو كانت تبعد عن منزلنا خمس خطوات، فقد ذهبت الى مديرها وصاحبها المرحوم عباس شدو عليه رحمة الله (ترحموا عليه جزاكم الله كل خير)، ولم اقل له انني اريد العمل في التدريس بمدرسته، بل سألني عن الدرجات التي حصلت عليها في امتحان الشهادة الثانوية، فسردتها عليه، فسر بها ايما سرور، وفوراً بعثني الى الفصول لأدرس مادة الانجليزي للسنة الثالثة (ثانوي عام) ومادة التاريخ للسنة الثانية، ومادة العربي للسنة الأولى..
وأنا في إحدى الحصص طرق باب الفصل زميلي في مدني الثانوية عمر الإمام النور، فبشرني بأنه قُبل في منحة المغرب، وكذلك العبد لله، فباركت له، وحمدت الله أنه سيكون زميلي ايضاً في الدراسة الجامعية بالمغرب.. وأكملت ثلاثة أشهر بالتدريس حتى حان موعد السفر وتجهيز الأوراق والتأشيرات.. فذهبت الى الخرطوم، وفي زيارة لي للسفارة المغربية هناك سمعت حواراً يدور حول إرسال السودان لوفد تضامني مع المسيرة الخضراء المغربية، وأنا راجع من السفارة المغربية فكرت في الاستفادة من ذلك بأن اسافر مع الوفد بالطائرة الخاصة التي ستقلهم الى هناك، وفي طريقي عرجت على بن عمي محمد قيلي وسألته إن كان يعرف أحد في الاتحاد الإشتراكي (هو الذي نظم تلك الرحلة التضامنية)، فقال لي نعم اعرف، وكان من يعرفه هو قريبنا عبد الغفار خلف الله، وكان رئيس المنظمات الفئوية، فذهبنا اليه في منزله ببحري، فوعد خيراً، وحينما إذيعت اسماء الوفد المغادر الى المغرب، وكان عددهم يفوق المائة قليلاً (اتذكر انه كان 109)، كان اسمي ضمن قائمة الطلاب..
وفي اليوم المحدد (على ما أذكر كان يوم 9 نوفمبر 1975م) كانت امي وبعض اخواتي واخوالي في وداعي بمطار الخرطوم، وكان هذا أول فراق لي للسودانه، وأذكر ان خالي البروفيسور الصادق حسن الصادق قد قال لي وهو يودعني: (شد حيلك)، ولم افهم مغزى هذه العبارة الا فيما بعد.. ثم اقلعت بنا الطائرة من مطار الخرطوم وبعد ساعتين هبطت في مطار القاهرة للتزود بالوقود، ثم اقلعت من مطار القاهرة متوجهة الى مطار أغادير في المغرب..
وبعد حوالي خمس ساعات وصلنا مطار أغادير أنزقان في أواخر الليل، وحملتنا حافلات فاخرة من المطار الى فندق أطلس الذي يقع على الشاطئ مباشرة- وكان وقتذاك حديث بناء- وكان فاخراً وفخماً بكل المقاييس، حينما تنظر في سقف البهو الرئيسي بعد المدخل ترى قبة لونها لون السماء، مرصعة بالنجوم، فلا تدري أتنظر الى سقف الفندق ام الى السماء حقيقة.. وتم توزيعنا على الغرف، وما أروعها من غرف، ونمنا بعد رحلة طويلة من ملتقى النيلين الى ضفة الأطلسي الشرقية.. حيث أغادير المدينة الحديثة البناء (حيث تم بناؤها بعد عام 1961 عقب زلزال أغادير الشهير الذي دمر المدينة تماماً)..
*******
مداخلة عثمان جلالة في 28/4/2008
استاذنا عمر كيفنك .. أنا تلقاني في بهو الفندق .. أشرب لي كباية شاي .. ومنتظرك بعد تاخد ليك نومه .. وترتاح .. تجي تكمل لينا باقي القصة .. قصة أول رحلة خارج الوطن ... طالب علم ... لك الود والتحية
إضافة مداخلة صلاح ود الطاهر في 28/4/2008
الاخ عمر نحن في انتظار هذا الابداع وهذا السرد الجميل |
إضافة مداخلة صلاح ود الطاهر في 28/4/2008
الاخ عمر نحن في انتظار هذا الابداع وهذا السرد الجميل
ردي على عوض صقير في 28/4/2008
اقتباس:
أخى الحبيب عمر غلام الله
مازلت فى الفندق ؟ نحن فى الأنتظار !
العزيز سيد العشير وام سويقو والمدنيين والقبة.. عوض
شكرا لمرورك الذي أسعدني، وشكراً لمداخلتك (البرنجي) اي الأولى..
وانتظرني.. فالحكاوي لا تكمل، فهي كما اسلفت تبدأ من طنجة (أي المغرب) مروراً باليونان والمانيا (أي أوروبا) والهند والحبشه انتهاء بجاكرتا..
ردي على عثمان جلالة في 28/4/2008
اقتباس:
استاذنا عمر كيفنك .. أنا تلقاني في بهو الفندق .. أشرب لي كباية شاي .. ومنتظرك بعد تاخد ليك نومه .. وترتاح .. تجي تكمل لينا باقي القصة .. قصة أول رحلة خارج الوطن ... طالب علم ... لك الود والتحية
الغالي عثمان
ما تنسى انو شاي اخضر بالنعناع، مع انو في الفنادق بتلقى شاي احمر وشاي ابيض، لكن المغاربة لا يشربون إلا الأخضر بالنعناع، وكذلك يشربون القهوة بالحليب (نظام فرنساوي يعني)..
طبعاً النومة بعد الرحلة ديك ما حتكون مريحة، رغم انو الفندق مريح للغاية، كان في زمانه أرقى فندق في اغادير..
ومد حبل الصبر، الحكاوي كتيره ان شاء الله
ردي على صلاح ود الطاهر في 28/4/2008
اقتباس:
الاخ عمر نحن في انتظار هذا الابداع وهذا السرد الجميل
ود الطاهر، الحبيب النسيب
انت هنا؟ وخالي الوليه تغسل العدة براها؟ ما شافك نزار ود حسن!! الليلة غايتو شيل شيلتك من القوالات..
شكرا على طلتك، وشكرا على مداخلتك، وسأبذل قصارى جهدي لاستخرج من الذاكرة المدفون فيها منذ عقود..
مدينة طرفايه.. المدينة الحدودية مع الصحراء المغربية
..نواصل..
لم تكن اغادير هي عاصمة المغرب عندما هبطت الطائرة فيها مباشرة عند دخولها الأجواء المغربية، فالعاصمة هي الرباط، والعاصمة الإقتصادية هي الدار البيضاء، ولكنها هبطت في مطار أغادير لأنه آخر مطار في الجنوب المغربي وأقرب مطار للصحراء المغربية التي تنوي المغرب انطلاق المسيرة الخضراء لتحريرها من الاستعمار الاسباني.. وبعد أن قضينا ليلة ثانية في مدينة أغادير ذات الأغلبية من السكان البربر، ركبنا طائرات عسكرية (ناقلة جنود) واحدة منها كانت تابعة للجيش المغربي والأخرى تابعة للجيش السعودي- حيث تشارك السعودية أيضاً بوفد في دعم المسيرة الخضراء- وكان نصيبي أن أركب الطائرة السعودية، وفي المطار توجهنا نحو الطائرة العسكرية التي كانت مراوحها تدور، وكانت قوة الهواء تمنعنا من المشي تجاه باب الطائرة، فانتهرنا القائمون على أمر إركابنا بأن نجري نحو الطائرة، فاضطررنا للجري ورؤوسنا الى أسفل لتفادي قوة الهواء المنطلق من المراوح.. ودخلنا الطائرة، فكانت غريبة الشكل بالنسبة لنا، فهي تختلف جذرياً من الداخل عن طائرات الركاب، فعلى جدرانها كنت ترى كل الأسلاك والمواسير، اي لا تغطي جدرانها اي غطاء، واما المقاعد فكانت في شكل شرائط متقاطعة، شرائط تشبه تلك المصنوعة منها أحزمة الأمان في السيارات، ولكن التي في الطائرة كانت أقل في العرض.. وكانت تلك المقاعد متقاربة جداً بحيث ان الجالس في قبالتك تلتصق ركبتيه بركبتيك..
اقلعت الطائرة متوجهة نحو الجنوب، نحو الحدود مع الصحراء، وفي مدينة (طرفايه) هبطت في مدرج ترابي- وليس مطار- وكان نزولها خشناً، فقد كانت عجلاتها اشبه بعجلات التراكتور، ولم يكن المدرج مسفلتاً، لذلك هبطت ومشت على المدرج الترابي بصوت مزعج وبهزة عنيفة ذكرتني اللواري التي كانت تشق الجزيرة عبر تلك الطرق الترابية..
المهم وجدنا في مدينة طرفاية تلك، والتي لم تكن أكثر من معسكر للجيش، وجدنا خيام مجهزة لنا (قلنا يا حليل فندق أطلس الراقي وتلك الوسائد الحريرية، وتلك الحمامات الرخامية البيضاء النظيفة، وتلك الموسيقى الهادئة التي تصدح في ممراته المفروشة بالسجاد)..
المهم سألنا عن بقية الوفد الذي صعد في الطائرة العسكرية المغربية، فقالوا أن إشارة أرسلت للطائرة وهي في الجو بأن المسيرة الخضراء قد توقفت، فغيرت الطائرة اتجاهها الى مدينة مراكش في رحلة سياحية، كان خبر توقف المسيرة الخضراء بالنسبة لنا كإعلان يوم العيد.. فركوبنا تلك الطائرة العسكرية، ونزولنا في مدينة طرفاية في خيام أوحى لنا بأننا مقبلون على معركة، خاصة واننا كان يجب ان نسير على أقدامنا مع المسيرة التي انطلقت من طرفاية تجاه عاصمة الصحراء (العيون).. وكان متوقعاً أن تطلق القوات الاسبانية النار على المسيرة، رغم أن الناس الذين شاركوا في المسيرة لا يحملون غير المصاحف والأعلام المغربية..
لماذا توقفت المسيرة الخضراء؟ قالوا بأن اسبانيا قررت الانسحاب من الصحراء.. يا سلام على الأسبان، شعب راقي وحكومة راقية.. وتحولت رحلتنا الى رحلة سياحية، قضينا يومين في تلك المدينة الصحراوية (طرفايه)، غنينا معهم:
العيون عينيه
والساقية الحمراء لي
والوادي وادي يا سيدي
والوادي وادي
نمشيه في كفوف السلامة
الله والنبي والقرآن معانا
الله والنبي والقرآن يا سيدي
اليوم.. اليوم.. بان الحق ينادي
أعلامنا في العيون طرفه تنادي طرفه
والعيون كما أسلفت هي عاصمة الصحراء، والوادي هو مدينة وادي الذهب، والساقية الحمراء هي مدينة في الصحراء ايضاً..
قضينا وقتاً جميلاً في ذلك المعسكر، وبعد يومين ركبنا نفس الطائرة العسكرية متوجهين الى مراكش.. وما أدراك ما مراكش..
وأدرك شهرزاد الصباح.. فسكتت عن الكلام المباح..
.. نواصل..
مداخلة مدنية في 29/4/2008
ياسلام علي سردك الرائع يااستاذ
وواصل من غير فواصل
وسلم لينا علي الفاضل سانتو يااستاذ
مداخلة الأمين عثمان في 29/4/2008
تحياتى يااستاذ 114 والله امتعتنا وجعلتنا نتجول معك ونحس المكان باسلوبك الرائع وسردك الجميل ،،، حفظك الله ورعاك ،،،
اعجبنى كثيراً
ردي على مدنيةفي 29/4/2008
اقتباس:
ياسلام علي سردك الرائع يااستاذ
وواصل من غير فواصل
وسلم لينا علي الفاضل سانتو يااستاذ
تسلمي يا مدنية على المرور، وشكرا على التواصل معنا في البوست، وسنواصل ان شاء الله، لكن لازم بفواصل عشان نفسكم ما ينقطع..
وبمناسبة الفاضل سانتو اللي ما عرفتو لمن لاقيتو في (السويقه) في الرباط- المغرب، وعشان اعتذر ليهو عن عدم معرفتي بيهو بسبب عدم معرفتي بناس الكوره، ذكرت ليه قصة حصلت لي في مدني مع لاعب كوره:
جارنا في 114 عبده مالك ولاعب فريق الوحدة كان عندو عزومة، وكنت ماسك الكشف، فناولني احدهم قروشو وذكر لي اسمو، فأنا ما سمعتو لانو قالها بصوت منخفض، قلت ليهو: منو؟
رد علي قال لي: انت ما قاعد تدخل كوره واللا شنو؟ فتدارك الموقف احد اولاد الحي وقال لي اكتب: بله سليم.. وبعد ان انصرف هذا البله سليم سألت من هو بله سليم؟ قالوا لي: بالغت يا راجل، ما بتعرف بله سليم قون الأهلي؟
حكيت ذلك للفاضل سانتو وما كنت ادري ان الفاضل سانتو علم على رأسه نار، ولم اعرف كذلك من كان يرافق سانتو في ذلك النهار الرباطي الجميل، والذي عرفني باسمه وهو المعز مصطفى الأمين، ولم ادر من هو هذا المعز الا حينما حضر الي في الحي الجامعي لأقابله بعبد العظيم مصطفى أخو عبده مصطفى، وكان المعز هذا هو ما يعرف بأبو العز لاعب الهلال الشهير.. شفتي التسطيح ده كيف؟!!!
اما ناس سانتو فلي معهم حكايات أخرى، فقد اتصلت من مكتبي بالطابق الحادي عشر ببرج دله على بن مدني البار مبارك عبد الحافظ، وكان في الدور الثاني من نفس البرج، فقال لي أن بابكر سانتو معي الآن، فقلت له بابكر سانتو اخو الفاضل سانتو؟ قال لي: لا، الفاضل سانتو اخو بابكر سانتو!! قلت ليهو بابكر الأكبر، قال لي الأكبر والألعب.. طبعا دي دقسه تانية، لكن الحمد لله اني قابلت بابكر برضو في بيتي حيث فطر معي هو وزميلي مبارك في رمضان..
أها، يا مدنية الحكاوي جابت الحكاوي..
ردي على الأمين عثمان في 29/4/2008
اقتباس:
تحياتى يااستاذ 114 والله امتعتنا وجعلتنا نتجول معك ونحس المكان باسلوبك الرائع وسردك الجميل ،،، حفظك الله ورعاك ،،،
اعجبنى كثيراً
العزيز الأمين عثمان
شكرا لمرورك الجميل، وشكرا لمداخلتك،
وتشجيعكم لي يجعلني اجتهد وانحت الذاكرة لآتي بالتفاصيل من ذاك الزمان البعيد الجميل، وتلك البقاع الرائعة..
ربنا يحفظك ويحفظ كل من تحب..
مداخلة mohalnour في 29/4/2008
أستاذنا عمر غلام ( 114 )
شكراً على هذا السرد الجميل لذكريات خالدة وجميلة نتمنى أن نشاركك في إستعادتها
تعرف يا أستاذ عمر مرة واحد تونسي في جدة قال لي بالله أنتو السودانيين بتتكلموا عربي
قلت ليهو أيوا ، قال لي والله أنا قايلكم بتتكلموا فرنسي
وبعدها أديتو محاضرة عن علم السودانيين ومعرفتهم وإدراكهم بجغرافية وتأريخ وفنون ورياضة وسياسة تونس الخضراء
واصل بفواصل أو بدون فواصل فنحن في الإنتظار
والتحية والتقدير لبابكر سانتو الذي يقيم بمدينة جدة وللفاضل بالسودان
ردي على mohalnour في 30/4/2008
اقتباس:
أستاذنا عمر غلام ( 114 )
شكراً على هذا السرد الجميل لذكريات خالدة وجميلة نتمنى أن نشاركك في إستعادتها
تعرف يا أستاذ عمر مرة واحد تونسي في جدة قال لي بالله أنتو السودانيين بتتكلموا عربي
قلت ليهو أيوا ، قال لي والله أنا قايلكم بتتكلموا فرنسي
وبعدها أديتو محاضرة عن علم السودانيين ومعرفتهم وإدراكهم بجغرافية وتأريخ وفنون ورياضة وسياسة تونس الخضراء
واصل بفواصل أو بدون فواصل فنحن في الإنتظار
والتحية والتقدير لبابكر سانتو الذي يقيم بمدينة جدة وللفاضل بالسودان
عزيزي mohalnour
شكرا لك على مرورك الجميل، وشكرا لمداخلتك الأجمل..
المشكلة اننا نعرف كل شئ عن العالم العربي، وعن العالم ككل، ولكن لا أحد يعرف عننا شئ، حتى جيراننا المصريين- ناهيك عن التوانسة او المغاربة- لا يعرفون شئ عن السودان، فما زال في فهمهم السودان ذلك المكان الذي يعج بالأفيال والأسود.. ولا يعرفون لا جغرافية السودان ولا تاريخه..
بابكر سانتو رجع السودان منذ مدة.. له التحية والتقدير، ولك