السويقة وشارع محمد الخامس
.. نواصل ..
كان بواب الحي الجامعي مولاي اسماعيل عسكري متقاعد، ولصعوبة مراسه لقبه الطلاب السودانيون ب(كارلوس)، فكان لا يسمح لغير قاطني الحي من الدخول اليه، ويحكي كمال شرف (دفعتنا وهو من ابناء كسلا، وقد عمل بعد التخرج في السعودية ثم رجع للمغرب وحضر للدكتوراه وعمل في دائرة الشيخ زايد بالمغرب) يحكي أنه بعد انتقاله من الحي الجامعي مولاي اسماعيل الى الحي الجامعي السويسي الأول، أنه أراد زيارة بعضاً من زملائه القدامى، فبدأ عند وصوله للبوابة في الونسة مع كارلوس- الذي يعرفه حق المعرفة منذ ان كان مقيماً في الحي- وبعد أن اطمأن ان هذه الونسة هي جواز سفره لدخول الحي، وما إن رفع قدمه ليخطو عبر البوابة الى داخل الحي حتى اوقفه كارلوس: فين غادي؟ (ماشي وين).. ممنوع يا سيدي! وفشلت خطة كمال وعاد أدراجه ولسان حاله يقول: فعلاً كارلوس، لا يتغير ابداً.. وفيما بعد أطلق السودانيون اسم (تل الزعتر) على الحي كله..
توسعت معرفتنا بما حول الحي قليلاً، فبعد التعرف على البقالة انتشرنا قليلاً عبر الشارع، فتعرفنا على (الطنجاوي) ويبدو من اسمه انه من مدينة طنجه، وكان يبيع سندوتشات الكفته، وهي بديل لا بأس به لسندوتشات السردين.. وأذكر فيما بعد أنني كنت مسافراً بالقطار الى اسبانيا، وعند حدود مدينة سبته- المستعمرة الاسبانية والتي على التراب المغربي- التقيت بهذا الطنجاوي، ويبدو انه كان مهاجراً للعمل في اوروبا..
كان الحي الجامعي مولاي اسماعيل قريباً من المدينة القديمة، ومن مركز المدينة خاصة شارع محمد الخامس، الشارع التجاري الأكبر والأشهر في الرباط- كما هو في الدار البيضاء- وكنا في عطلة نهاية الأسبوع، وهي يوم الأحد (ناقشنا المغاربة لماذا لا تكون عطلتكم يوم الجمعة- عطلة المسلمين- فقالوا لنا ومن قال لكم ان عطلة المسلمين يوم الجمعة، وسُقط في أيدينا، بالفعل لا توجد عطلة اسبوعية محددة في الإسلام: (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )..
كنا نجوب شارع محمد الخامس من السويقة (سوق شعبي داخل المدينة القديمة) بعد أن نتفرج على البضائع الرخيصة، وعلى المطاعم الشعبية، ونسمع الأغاني الشعبية التي تبث عبر المسجلات في معظم المحلات خاصة محلات بيع الأشرطة، وأحياناً نجلس في قهوة موريطانيا، ونشرب (نيقرو بالحليب) اي شاي بلبن، ولكلمة شاي بلبن هذه طرفة جميلة، إذ جلس أحد الطلاب السودانيين الجدد في المقهى وطلب من الجرسون شاي بلبن، فاستغرب الجرسون، وقال له: كيفاش (كيف) شاي بلبن؟ فرد السوداني: ايوه شاي بلبن، وظل هذا يردد: كيفاش شاي بلبن؟ وذاك يردد: ايوه شاي بلبن، وعندما لم يقتنع احدهما بكلام الآخر، ذهب الجرسون وأتي بشاي ساده في كبايه، وبلبن (روب) في علبة كرتون.. وهنا أدرك صاحبنا السوداني بالمفارقة في المصطلحات، فاللبن عندهم هو الروب عندنا، واما اللبن عندنا فهو الحليب عندهم.. وهنا ضحك صاحبنا وقدر للجرسون ذكائه إذ لم يأتيه بالشاي واللبن (الروب) ممزوج به، بل أحضره له منفصلاً.. ومن ذاك اليوم صار الجرسون كلما رأي صاحبنا يقول له: (شاي بلبن)..
ومن الطرائف الخاصة بالمطاعم والمقاهي، أن صاحبنا بانقا ومعه أحد الزملاء كانوا في ضيقٍ مادي شديد- وكثيراً ما يحدث هذا خاصة في الإجازة الصيفية عندما تتوقف المنحة الدراسية المغربية وتتأخر منحة الإجازة من السودان- فجلسا في مطعم شعبي داخل سور مدينة الرباط العتيق، فطلبا من الجرسون واحد بصاره وجوج عشائق.. وترجمتها: واحد (كورية) بصاره- وهو الفول المصري المطحون، واتنين ملعقه.. فحكيا تلك الواقعة لنا فيما بعد فصارت من النوادر الطريفة..
أيضاً عندما حضر قريبي عباس وداعه- وهذا جاء بعدنا وما زال بالمغرب حتى الآن- نزلوا في فندق، وقريب من الفندق كان يوجد بائع عصير برتقال، وهو يحسبه يبيع البرتقال نفسه، فأعطاه مبلغاً كبيراً- ربما درهم- واظن كانت كباية العصير بحوالي 20 سنتاً، اي بالدرهم يعطيك خمس كبايات، فصار الرجل يعصر ويملأ الكبايات ويعطي عباس، وعباس يشرب، واضطر صاحبنا ان يشرب خمس كبايات (شب) من عصير البرتقال، وهو لم يفهم لماذا يعصر هذا الرجل كل هذا البرتقال..
أما المقاهي الفخمة في شارع محمد الخامس، فكنا نمر من أمامها فقط ولا نجرؤ على الدخول اليها، ومن ضمن تلك المقاهي مقهى شهير قبالة مبنى البرلمان المغربي- يفصله عنه شارع محمد الخامس- هو مقهى (باليمو) وكان هذا المقهى في الهواء الطلق، محاطاً بأشجار وسياج ويوجد على كل طاولة مظلة واقية من المطر ومن الشمس.. دخلت هذا المقهى بعد 22 عاماً، في زيارة لي للمغرب في العام 1997م، وقلت في نفسي خليني ادخل هذا المقهى العجيب الذي كنا لا نرى فيه غير علية القوم ومنهم بعض اساتذتنا في الجامعة.. وعندما دخلت فوجئت بأنه عادي جداً- ربما كان عادي بالنسبة لي الآن في العام 1997م، وأنني لو كنت دخلته في العام 1975م لأحسست بالرهبة وبالفخامة.. او ربما تدهور بفعل عوامل الزمن.. او .. او .. المهم أنني اشفيت غليلي واشبعت رغبة قديمة، ولكني لم اشرب فيه شئ، ببساطة لأن الخدمة كانت فيه سيئة، فلم يأتيني جرسون طيلة فترة انتظاري الطويلة..
المقاهي في المغرب عامة جميلة جداً- حتى الشعبية منها- فالكراسي العادية والترابيز توضع في برندات المقهى فتطل على الشارع تتفرج على الرائح والجاي، واما بالداخل فتوجد المقاعد الوثيرة (Sofa)، وبعض المقاهي لها طابق اعلى (للتجكيس) أو المذاكرة- إذا كان المقهى يقع قريباً من جامعة او كلية- وغالباً ما تكون هناك العاب داخل هذه المقاهي للشباب، وفيها ايضاً اجهزة موسيقى من النوع الذي يعمل بالاسطوانات، فإما أن يلقي الزبون بدرهم معدني بعد ان يختار اغنية بعينها، او أن يشغل صاحب المقهى الجهاز باستمرار فيأخذ الجهاز اوتوماتيكياً اسطوانة تلو الأخرى على مدار الساعة..
وأدرك شهرزاد الصباح.. فسكتت عن الكلام المباح..
.. والحديث ذو صلة..
مداخلة mohalnour في 24/5/2008
ما شاء الله عليك يا أستاذ عمر الذاكرة حديدية لسه متذكر الأشياء دي وبتفاصيلا
مشاققة : حكاية اللبن والحليب دي برضو جهجهتنا لمن كنا جديدين في المملكة
واصل ومنتظرين منك المزيد
مداخلة mohalnour في 25/5/2008
هههههههههه
المرة دي حأكتفي بالضحك يا أستاذ عمر غلام
واصل بدون فواصل
ردي على mohalnour في 26-5-2008
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mohalnour
ماشاء الله عليك يا أستاذ عمر الذاكرة حديدية لسه متذكر الأشياء دي وبتفاصيلا
مشاققة : حكاية اللبن والحليب دي برضو جهجهتنا لمن كنا جديدين في المملكة
واصل ومنتظرين منك المزيد
تعيش يا محمد النور.. مرات بشوف بضبابية لتلك السنوات، ومرات بتتضح الرؤية، مرات انسى اسماء، وبعد ما انتهي من الكتابة وارجع البيت اتذكرها.. والغريبة الواحد بتذكر عشرات السنين للخلف ولا يتذكر قبل ساعتين حصل شنو..
ردي على mohalnour في 26-5-2008
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mohalnour
هههههههههه
المرة دي حأكتفي بالضحك يا أستاذ عمر غلام
واصل بدون فواصل
ما دام انت متابع حأواصل..
ضحكت في شنو؟ الضفيرة واللا الشديد علينا نحن السودانيين؟
مداخلة معتز الريح في 26/5/2008
لطفا للانقطاع يااستاذ
اخلاء الشارع لمدة تلاتة ايام عشان الملك يمر
هل مستمرة الحكاية دي للان ؟؟
وبعدين الملك دا يعني ما بيطلع من قصره ولا شنو
كل ما يمر بشارع يقفلوه تلاتة ايام ؟؟
مداخلة معتز الريح في 26/5/2008
طالبة الطب دي ياها زاااااااااتها بتاعت التنس ديك يااستاذ ؟؟
ردي على مدنية في 26/5/2008م
اقتباس:
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مدنيّة
طالبة الطب دي ياها زاااااااااتها بتاعت التنس ديك يااستاذ ؟؟
ابداً ديك ما اظن كانت بتدرس في الطب، لكن الجكسي بتاعا ياهو الكان في الطب، دي واحده تانيه بقت صاحبتي البتونس معاها (بس)، لكن بتاعة التنس كان اعجاب من بعيد لبعيد
ردي على مدنية في 27/5/2008م
اقتباس:
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مدنيّة
والله يااستاذ تجربة ثرة
اثرت فيك كتير طبعا
اتذكر مديري وهو درس في مصر
دائما عنده جملة بيقولها
(مصر دي بقتني زول )
باعتبارات كتيرة طبعا
بلا شك الغربة لها أثر كبير في شخصية الإنسان، وللمغاربة مثل يجسد ذلك، فهم يقولون:
اللي ما جال ما شاف حق الرجال
وترجمتها من لم يتجول لم يرى من حقوق الرجال شيئاً، اي لم يسترجل، اي أن التجوال والسفر يقوي عزيمة الرجال..
وبالفعل المغرب لها تأثير ايجابي على نفسي، فقد تعلمت منها الكثير، وتعلمت من الغربة- من حيث هي غربة- الكثير أيضاً.. وما زلت حتى اليوم عندما أتذكر اصدقائي وايام المغرب الجميلة تجيش في صدري مشاعر شتى، حتى تدمع عيوني، وأحن الى تلك الديار الجميلة، والى اهلها الطيبين (فيهم طيبوبة- حسب لهجتهم)..
يشجعني مرورك كثيراً انت ومحمد النور، شكراً لكما..
مداخلة محمد النور في 31/5/2008
اقتباس:
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مدنيّة
مافي تريقة ترسلها لي
قضيتي الإلزامية ؟ وثقتي شهادتك ؟ عشان ما أتمقلب وأرسل الفيزا ساي
أستاذنا عمر غلام ( 114 ) التحية لك وأنت تتحفنا بهذه الذكريات
والرحمة والمغفرة لعازف الكمان الماهر ( علي ميرغني ) والفنان ( سيد خليفة )
وزميلك بو مدين أحمد خليفة
مشاققة : طب سبعة سنة دي مبالغة عديل كدا يعني الواحد لو ( ربت ) ليهو سنة سنتين ما مشكلة
مداخلة مدنية في 31/5/2008
صباح الخيرات استاذ عمر
نظام امتحاناتهم غريب
شفوي دا صععععععععععععب يااستاذ
هو الكتابي يا الله الله
Home sick ويا وطني يا بلد احبابي
.. نواصل ..
كانت الخطابات عندما تصلنا نحس بفرح غامر، فرح الطفل عندما تهديه لعبة، او حلوى، وكان تأخر وصولها يصيبنا بالاكتئاب- خاصة خطابات الجكسويات- لقد كان بعض الزملاء يساومونك على خطابك بمبالغ مالية او هدية حتى يعطونك إياه، لقد كانت الخطابات هي همزة الوصل الوحيدة بيننا وبين الوطن، ففي ذاك الزمان لم تكن هناك فضائيات، فالتلفزيون أرضي يغطي جزء من مساحة السودان، واما الإذاعة فلا تكاد تُسمع في بورسودان، ناهيك أن نسمعها في الرباط، وطبعاً بالضرورة لم يكن هناك ايميل ولا مسنجر ولا خلافه..
ذكرتني حكاية الإذاعة دي قصة جميلة، ففي مرة كنت استمع لإذاعة الرباط من جهاز الراديو/ المسجل الذي كنت قد اشتريته من اخينا محجوب البيلي، وكان البرنامج (ما يطلبه المغتربون) والمقصود طبعاً المغتربين المغاربة، فهم كثر في أوروبا.. وطبعاً كانت اغاني البرنامج الأولى كلها مغربية.. ثم أطالت المذيعة قراءة اهداءات المغتربين المغاربة للأغنية الأخيرة، ولكثرة هؤلاء الذين يطلبون الأغنية؛ فقد بدأ لحن الأغنية في الظهور والمذيعة ما زالت تقرأ اهداءات المستمعين.. لقد بدأ لحن مقدمة الأغنية مألوفاً لدي.. وما إن انتهت المذيعة من اهداءات آخر مغترب حتى بدأ المغني يغني الأغنية، وكانت الأغنية: يا وطني
يا وطنى يا بلد أحبابى فى وجودى احبك وغيابى
يا الخرطوم يا العندى جمالك .. جنة رضوان
طول عمرى ما شفت مثالك.. فى اى مكان
انا هنا شبيت يا وطني.. زيك ما لقيت يا وطني
فى وجودى أريدك وغيابى
يا وطني يا بلد أحبابى
بتذكر فيك عهد صباي.. على شاطئ النيل
وحبيبى الساهر معاي.. أسمر وجميل
انا بفخر بيك يا وطني
بالروح افديك يا وطني
يا وطنى يا بلد أحبابى فى وجودى احبك وغيابى
ياحليلك وياحليل ايامك
على بالي دوام
وقلبى عايش لغرامك.. ما بعدو غرام
طول عمري ما شفت مثالك في اي مكان
كانت أيام يا وطني
زى الأحلام يا وطني
يا وطنى يا بلد أحبابى فى وجودى احبك وغيابى
نعم، لقد كان المغني هو سيد خليفه- اسأل الله له الرحمة والمغفرة، أدعو له بالرحمة معي- وما إن بدأ سيد خليفه الأغنية حتى تلاحقت دموعي، لم تكن دموعي ساهلة كما تظنون، ولكن من عاش مثل ما عشت فسيعرف مغزى ذلك..
وللعلم فإن الفنان سيد خليفة كان معروفاً جداً في المغرب، فقد قال لي زملائي الطلاب المغاربة في الجامعة أنهم عندما كانوا في الابتدائية، كانوا ينشدون في طابور الصباح نشيد يا وطني للفنان سيد خليفه، اي أنهم كانوا يفعلون ذلك في أواسط وأواخر الستينات.. وطبعاً يعرفون ايضاً أغنية (إزيكم).. سأحكي لكم لاحقاً زيارة سيد خليفة ومحمد ميرغني لنا في المغرب (بس ذكروني).
فيما بعد وعندما اغتربت في السعودية، كنت أحياناً أجد أحد الزملاء الفلبينين في حالة اكتئاب، فاسأله ما بك؟ فيقول لي Home sick وتفسيرها طبعاً هو فقدان مشاهدة الأهل والبعد عن الوطن، اي ما ذكرته في الفقرات السابقة..
وأدرك شهرزاد الصباح.. فسكتت عن الكلام المباح..
.. والحديث ذو صلة..
مداخلة محمد النور في 27/5/2008
والله يا أستاذ عمر عشت معاك معاناة الغربة في فترة السبعينات عبر هذا السرد
عندما أغتربت فقط عرفت معنى الفراق وعرفت قيمة الوطن الحقيقية
الرحمة والمغفرة للفنان سيد خليفة فقد كان سفير السودان الشعبي في كل البلدان
وربنا يرد غربة الجميع
مشاققة : برضو يا مدنية تقولي لي عايزة ليك فيزا
سيد خليفة ومحمد ميرغني.. في المغرب
.. نواصل ..
سأحكي قصة زيارة سيد خليفة ومحمد ميرغني لنا في المغرب، حتى لا أنسى، رغم انها حدثت في السنة الثانية لوجودي بالمغرب.. اي سنة 1976م تقريباً..
بينما انا خارج من الجناح الذي اسكنه في الحي الجامعي السويسي الثاني، إذ لمحت على الباب ورقة ملصقة بها اعلان عن حفلة بالحي الجامعي مولاي اسماعيل، يغني فيها الفنانان سيد خليفة ومحمد ميرغني، ففرحت فرحاً شديداً أفرح صديقي مصطفى محفوظ طالب كلية الطب، الذي أوصلني بموتره الى مكان الحفل.. وتفاجأت هناك بوجود خالي علي ميرغني عازف الكمان المشهور وسكرتير اتحاد الفنانين وقتها- رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقاً، أسألكم الدعاء له- ووجوده زادني فرحاً على فرح، وكان يرأس الوفد الفني هذا، وبالفعل غرد الفنانان في الحي الجامعي مولاي اسماعيل، وفرح المغاربة ايما فرح بوجود سيد خليفة لحماً ودماً بينهم..
رقصنا في ذلك الحفل، ولم يكن هو الحفل الوحيد، فقد أقاموا حفلاً آخر في مسرح محمد الخامس، وهو المسرح الرئيسي والأكبر في الرباط، وحضر الحفل هذه المرة مسؤولون مغاربة بالإضافة الى اعضاء السلك الدبلماسي السوداني، وامتلأ المسرح بالناس، وغنى سيد خليفة تلك الأغاني الخفيفة، فطلبنا منه ان يغني الأغاني التي تعجبنا كأغاني ادريس جماع، والأغاني الجميلة: انا لو رضيت بالهم ما بيرضى بي همي، واشباهها، فقال لنا انا جيت اغني للمغاربة، وانتو بتسمعوني كان في السودان او في الاذاعة او المسجلات.. اي انه يريد ان يطرب المغاربة بالأغاني الخفيفة السريعة الإيقاع، وقد غير بعض الكلمات في اغانيه لتتوافق مع اللهجة المغربية، اذكر منها:
ازيكم .. كيفنكم .. انا لي زمان ما شفتكم
ازيكم .. لا باس عليكم (وهو سلام المغاربة)
في الحي معاكم.. وأنا ليكم جار
وعندما ينطق كلمة الحي يضيف لها كلمة (هنا) ويشير بأصبعه الى الأرض، اي في الحي الجامعي مولاي اسماعيل..
طبعاً في الخليج يغني نفس الأغنية ويغيرها:
ازيكم .. كيفنكم .. انا لي زمان ما شفتكم
ازيكم .. إيش لونكم (وهو سلام الخليجيين)
وبعد انتهاء الحفلات تلك كنت ازور خالي في الفندق الذي ينزلون فيه، ووجدت هناك بعض زملاءنا الطلاب السودانيين، وبينما انا جالس مع خالي في غرفته اعطاني العود وقال لي امشو لسيد في أوضتو يغني ليكم.. فذهبت الى سيد خليفه واعطيته العود وقلت له ان خالي قال ليك غني لينا.. فرفض اولاً (مازحاً) ثم اخذ العود وبدأ يغني لنا تلك الأغاني التي نحبها.. وقد غنى اغنية لم نسمعها من قبل، وكانت حزينة جداً، فطأطأنا رؤسنا مستمتعين بها ومتأثرين أيما تأثر بها، سيما زميلي بومدين احمد خليفة – رحمه الله رحمة واسعة وادخله فسيح جناته مع الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً، أسألكم الدعاء له- وكان أن حضر خالي علي ميرغني رحمه الله ووجدنا على تلك الحال، فقال لسيد خليفه: بكيتم ياخي..
وسألنا سيد خليفه عن تلك الأغنية فقال ان فلاناً (نسيت اسمه) قد اعطاها له، وقبل ان يكمل لحنها مات هذا الشاعر، وهو لا يذكر غير هذه الأبيات التي غناها لنا، وللأسف لم اسمع هذه الأغنية بعد ذلك ابداً..
جاءت سيارة من السفارة لتنقل الوفد الفني الى السفارة، فذهبت معهم، وكان في السيارة خالي وسيد خليفه وعلي ميرغني، وكلما رأي سيد مغربية جميلة في الشارع عبر بطريقة مرحة عن احساسه بالجمال، وكنا طوال الرحلة نضحك مع تعليقاته رحمه الله.. فيما بعد عند رجوعنا للسودان قابلت خالي علي ميرغني ومعه الفنان محمد ميرغني، وكان ذلك في موقف بصات مدني (كانوا في رحلة فنية الى مدني) فما إن رآني محمد ميرغني- وقبل أن أصله وأسلم عليه- حتى قال لي: الجابك من البلد السمحة ديك شنو؟ لقد اعجبتهم المغرب ايما اعجاب..
نسيت أقول ليكم أن السلطات المغربية سلمتنا- نحن الطلاب الذين شاركنا في وفد المسيرة الخضراء- عبر السفارة وسام المسيرة الخضراء، وبطاقة مشاركة، وما زلت احتفظ بالوسام حتى الآن، وقد سمعت أن له قيمة خاصة في المغرب، لكني لم استخدمه إلا عندما كنت في الطائف وأردت زيارة المغرب، وكان ذلك عام 1985م، اي بعد سبعة أعوام من تخرجي، فسافرت للقنصلية المغربية في جدة لطلب الفيزا، وكان النظام ان ارسل انا برقية على حسابي للخارجية المغربية وانتظر الرد، والذي عادة ما يتأخر، وبينما انا في الطائف اتصل كل حين واخر اسأل عن الفيزا ودائماً الرد لم يصل شئ، فجأة تذكرت الوسام، فاتصلت من الطائف عبر الهاتف على القنصلية وطلبت مكالمة القنصل- بكل ثقة- فقالت لي الموظفة لا يوجد قنصل ولكن يوجد نائب للقنصل، فقلت لها اعطيني نائب القنصل فأعطتني إياه، فقلت له انا احمل وسام المسيرة الخضراء، اي انني مساهم في تحرير التراب المغربي من الاستعمار الأسباني، وقد طلبت تأشيرة دخول للمغرب، ولم احصل عليها حتى الآن، فقال لي اتصل غداً، فاتصلت في الغد، فقال لي تعال خد التأشيرة!!
.. والحديث ذو صلة..
مداخلة مدنية في 29/5/2008
اقتباس:
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mohalnour
مشاققة : برضو يا مدنية تقولي لي عايزة ليك فيزا
اي عايزاها عشان شايفاك انت لهسي قاعد في الغربة ماجيت راجع
مافي تريقة ترسلها لي
مداخلة مدنية في 29/5/2008
اقتباس:
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة 114
محمد النور
طبعاً المغرب كانت بعيدة نسبياً عن السودان، والسفر كان عن طريق روما، يعني احياناً يوم كامل انت تكون ما وصلت، مش زي السعودية في ساعة وربع تكون في السودان..
فيزا شنو كمان في الألفية الثالثة؟ ديل الهنود والأتراك والشوام والمصريين فاضت بيهم شوارع الخرطوم، حتى السعوديين بعضهم نقل شغلوا للسودان واستقر هو واولاده في السودان، نحن البنلعب في الزمن الضائع هسه.. يا بخت اللي سبقونا في الرجوع للسودان.. والسبق رقد..
طبعا مدنية هسه تنط تقول لينا: والحابسكم شنو؟ والله دي حسادة منكم يا المغتربين.. كلما نقول دايرين نغترب تقولوا السودان احسن..
نقول ليها شوفي لينا شغل هناك وتاني يوم تلقينا في مطار الخرطوم، ومافي مانع الشغل يكون في المدينة الحالمة مدني!!
طبعا ضحكتني يااستاذ
لانك عارف الاسئلة واجاباتها
بالمناسبة لو عايز ترجع السودان الشغل وخصوصا الاستثمارات حاجة مبالغة
لكن محل الرئيس بنوم والطيارة بتنوم
لو عايز اعمل ليك دراسة جدوي في مجال معين كلمني وانا تحت الطلب
وطبعا حقي برة يااستاذ
مداخلة مدنية في 29/5/2008
اتصرفت عليهم يعني يااستاذ عشان تاخد التأشيرة
مداخلة مدنية في 31/5/2008
اقتباس:
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mohalnour
قضيتي الإلزامية ؟ وثقتي شهادتك ؟ عشان ما أتمقلب وأرسل الفيزا ساي
ود الجاك
كان عايز ترسل الفيزا رسلها ساااااااااااااااااااااي
انا ما علي خدمة
ردي على مدنية في 1/6/2008م
اقتباس:
اقتباس:
بالمناسبة لو عايز ترجع السودان الشغل وخصوصا الاستثمارات حاجة مبالغة
لكن محل الرئيس بنوم والطيارة بتنوم
لو عايز اعمل ليك دراسة جدوي في مجال معين كلمني وانا تحت الطلب
مدنية
الاستثمارات دي خوفونا منها التماسيح.. فيه تماسيح مهنتهم وتخصصهم هو (حيازة) مدخرات المغتربين وشقى سنينهم.. يلبدوا للمغترب ويدخلوه في شراكات ومشاريع وفي النهاية يضطر يستلف حق التذكرة عشان يرجع للغربة تاني!!
وبمناسبة دراسة الجدوى، انا كنت اقترحت على مدير الاستثمار في ولاية الجزيرة، وعلى ملتقى ابناء الجزيرة في المهجر أن يعملوا دراسات جدوى مختلفة- ويمكن ان يستعينوا بطلاب الجامعات في ذلك- وما على المغترب إلا أن يختار ما يناسب مدخراته (مصر على مدخرات دي لانو مافي مغترب عندو راسمال)..
ومع ذلك شوفي لينا دراسة جدوى مناسبة ، وحقك محفوظ (اخو نجيب محفوظ)...