حُــــــفرة المــــــوت
يُحكَى أنَّ أهلَ قريةٍ كانوا يعيشون في سفحِ جبلٍ ،
وكان بجانبِهم حفرةٌ ضخمةٌ على حوافِها حجارةٌ ، ويتدلَّى منها
حبالٌ بالية، و عروقُ أشجارٍ شبه متحلِّلةٍ ، ومن سقط فيها ، لا يمكِنُه الخروجُ،
ولا أحد أن يستطيعَ إخراجَه ، وقد أسمَوْها "حفرة الموت"... و بينما هم في صباحِ يومٍ
مشتغلين بمكاسب عَيشِهم ، إذْ بهم يسمعون صِياحاً وإستغاثةً : أنقِذُونا... أنجِدونا..وما زالت
هذه العبارةُ تتكرَّرُ وترتفع ، حتى سمِعَها كلُّ أهلِ القرية ، فما كان لهم بدٌّ من السَّعي إلى نجدة
المستنجدين ، فتفاجأوا أنَّ هذه الأصواتَ إنما هي لرجُلينِ مسافرين سقطَا من ليلة البارحة في تلك الحفرة ِ،
وكانا جاهدَيْنِ يحاولان الصُّعودَ لعدة ساعاتٍ...،أقبل عليهما النَّاس ، فلمَّا أبْصَروهما يحاولان التسلقَ عبر تلك الحبالِ،
و لَم يستطعِ الناسُ أن يفعلوا لهما شيئاً ، بل على العكسِ من ذلك ، كان مجيءُ الناسِ إعلاناً لهما بوقف سبُلِ النَّجاة،
و أخذوا يهتفون بهما بأعلى أصواتِهم : لا تفكروا في النَّجاة ؛ أنظروا إلى ما حولكما من العظامِ ؛ إنها لأناسٍ سقطوا فيها من
سنتين ، إعذِرونا لا نستطيع إنقاذَكما ؛ الحفرةُ عميقة ، لا تحاولا الخروجَ ؛ فجهودُكما سوف تضيع...،و كلَّما إزدادت محاولاتُ الرَّجُلينِ،
صرَخوا بهما وأشاروا إليهما بأيديهم وبأعلى أصواتِهم : أن يكفوا عن محاولاتِهما اليائسة ، فما كان من أحدِ الرجلين إلا أن سقط على
ظهرِهمن الإعياءِ ، ومن فِقدان الأملِ بعد كلام الناس، حتى مات...و أما الآخَرُ ، فما زالت محاولاتُه مستمرةً ؛كلَّما صعد خمسَ خطواتأ
و ستَّ خطواتٍ، سقط ، والنَّاسُ يصيحون به: لا تحاوِل، أنظر إلى صاحبِك لَم يستطِعْ...،و لكنه ما زال يحاول و يتمسَّك بتلك الحجارة والعِروق،
ويغيِّرُ مواطئ قدميه، فيسقطُ ، والنَّاسُ يتعجبون من صمودِه وقوَّةِ عزيمتِه التي لَم تفتُرْ، فما زال يحاولُ حتى شارف على الخروج، ثم وثب
قبل أن تزلَّ قدمُه، فإذا هو بينهم جاثياً على ركبتيه ، وقد أخذ منه التَّعبُ كلَّ مأخذٍ ، والناسُ في شدة الذُّهول وهم يهنِّئونه مع تعجبهم
الشديد، ثم سألوه : ألم تكن تسمعُ صياحَنا وكلامنا لك...؟!يعيدون عليه ذلك السُّؤالَ و هو غير ملتفتٍ إليهم ، حتى أخبرهم أحدُ
الحاضرين أنَّ الرجلَ الآن لا يستطيع الكلامَ من التعب الشديد...فأتوا بورقةٍ وكتبوا له هذا السُّؤالَ : كيف إستطعت أن تخرجَ من
حفرة الموت ، ونحن نصرخُ بك - رحمةً وشفقةً عليك - أن تكفَّ عن محاولاتِك اليائسة...؟!فكتب لهم : أنا رجل أصمُّ ،
ولا أسمعُ شيئاً ، وكنت أراكم ترفعون أيديَكم ، وأنتم تتكلَّمونو أرى أيديَكم ترتفعُ ، فقلتُ ـ لنفسي ـ : إنَّ هؤلاء
يشجِّعونني ، ويبدو أنني قد تقدَّمت في محاولاتي ، فتقوّت عزيمتي حتى إستطعتُ الخروجَ بحمد الله.
إذًا ليس عليك إلا أن تُصِمّ أذنيك عن كلامِ الناس المحطِّمينو المثبِّطين ، وأن تجعل تثبيطَهم
تصفيقاً حاراً ، وهُتافاتٍ مدويةً ، و لا تزيدُنَّك إلا حماساًلتمضي قدماً
كن أنت . كن كما تريد يا صديقي.فلا تيأس و الله معك
**************₩₩₩₩***************
نعم يا أخي، طلع الصمم نعمة و دا بيفسر لينا قوله تعالى
(و إن تعدوا نعمة الله ﻻ تحصوها). و ليس المقصود إحصاؤها عددا،
بقدرما هو إدراك خقيقة النعم.فمثلاً المال و البنون في ظاهرهما من
أجل نعم الله؛ وهما زينة الحياة الدنيا. و لكن ﻻ ننسى قوله: (إن في
أموالكم و أوﻻدكم فتنة، فاحذروهم). بينما الصمم و العمى مثلاً
في ظاهرهما نقم و لكن قد تكونان سبباً في كسبك
لمرضاة الخالق؛ بكف أذاك عن خلقه.
*******@@@@@*******