عندما ترك الصحابي الجليل عبدالله بن سلام ملة قومه ودخل في الإسلام طلب من النبي
صلى الله عليه وسلم أن يدعو وجهاء قومه وأن يستره في حجرة ثم يسألهم عن منزلته فيهم
قبل أن يعلمهم بإسلامه ، فهم – أي قوم عبدالله بن سلام - أهل بهتان وباطل.
وعندما سألهم النبي صلى الله عليه وسلم عن منزلة عبدالله بن سلام فيهم قالو:
" سيدنا وابن سيدنا، وحبرُنا وعالمنا، وابن حبرنا وعالمنا"، فلما خرج عليهم الصحابي الجليل
وأخبرهم بإسلامه أتوا بالرأي السلبي الآخر– كعادتهم – وقالوأ له " والله إنك لشرنا وابن شرنا، وجاهلنا
وابن جاهلنا، ولم يتركوا عيباً إلا وعابوه به"
وقبل اليوم، و قبل توقيعه على ميثاق الفجر الجديد، كان الدكتور يوسف الكودة مرجوا في هيئة علماء
السودان و كانت منزلته فيهم هي أنه عالمهم ورأيهم فيه أنه ابن سيدهم، ولكن اليوم و بعد توقيعه على
ذاك الميثاق بدلوا كلامهم - أيضا وأتوا بالرأي السلبي الآخر - وقالوا خائننا و كافر وليس منا!
هاتان قصتان حقيقيتان حدثتا في فترتين جدا متباعدتين، فالأولى كانت في العهد الأول للإسلام والثانية – وكلنا
شهود عليها – حدثت في منتصف العقد الثاني للإنقاذ.
فالصحابي الجليل عبدالله بن سلام إنشق من أمة كافرة وانضم لأخرى مسلمة وأصبح من صحابة النبي صلى الله
عليه وسلم بينما انسلخ الدكتور يوسف الكودة من أمة ظلت تدعي أنها بصدد جعل دستور بلادها إسلاميا جملة
وتفصيلا إلى أمة تدعوا لفصل الدين عن الدولة، وأيضا جملة وتفصيلا!
وبالرغم من أن حال الأمة التي عاش وسطها الصحابي الجليل عبدالله بن سلام تختلف اختلافا كبيرا عن حال
الأمة التي خالطها الدكتور الكودة، إلا أن الرأي السلبي الأخر تجاه الشخص المنسلخ عن قومه يظل هو ذاته في معناه،
ليثبت لنا الزمن أنه – أي الرأي السلبي الآخر - من ثوابت الفطرة البشرية الملازمة لها عبر الأجيال والأمم.
المفضلات