نحن جند الله جند الوطن
إن دعا داع الفداء لن نهن
نتحدى الموت عند المحن
نشتري المجد بأغلى ثمن
هذه الأرض لنا
فليعش سوداننا علماً بين الأمم
يا بني السودان هذا رمزكم يحمل العبء
ويحمي أرضكم
كانت أشيائي دوماً صغيرة.. أحلامي صغيرة.. آمالي وأمنياتي صغيرة.. عرائسي صغيرة.. أسئلتي رغم كثرتها فقد كانت أيضاً صغيرة.. كانت كل أشيائي صغيرة كصغر ذاكرتي التي تفوح منها رائحة الاستفهام وعطر التعجب الممزوج بواقع لا يعرف مستقر أو مكان نهائي
وكان عيبي أنني أصدق ما أراه مهما كان وأجهل ما لا أشعر به أو ما لا يمر بي فإذا كنت أحلق في السماء وقالوا لي أن هذه هي الأرض أصدق وأقبع وبهدوء واستكانة و(الجهل مصيبة)
كانت لغرائزي انفعالات وانفجارات وتمرد وعناد ولكن كل هذا كان موجه في اتجاه مضاد لما أريد أن أصل إليه أو ما أود تحقيقه
كان حاضري في طريق وعيناي تحدقان في طريق آخر
كنت لا أقتنع ولكنني أضطر إلى احتراف الصمت كلعبة تلهيني وتشغلني عن مدايات الحوار القاحلة.. صمتي ما هو إلا أحد أطياف قوس قزح (ولكنه بالأبيض والأسود طبعاً).. كان صمتاً بالرضا.. بلا إكراه أو إجبار والسبب بكل بساطة لأنه صمت ناجم عن يأس الأجوبة وعقمها في إيجاد حقيقة مقنعة أو على الأقل حقيقة تطفيء عطش جوفي الثائر..
من أنا؟؟ ومن هؤلاء؟؟ ولماذا نحن نختلف عنهم في اللهجة والعادات والطباع والأشكال؟؟
كان بداخلي وسواس يناظرني في ليالي الشتاء الطويلة وفي نهارات الصيف المملة.. حتى بين طيات أفكار والدي ورؤاه وأحلامه المتفائلة أو بوح أمي بها في أثناء قصة ما قبل النوم..
كان كل ما حولي مريباً.. مرصوداً بالأغلال
يفتقد انطلاق الأطفال وما تزدهر به ملامح طفولتهم الشقية
كان الهواء من حولي مدججاً بالحذر والحرص والاحتراس - حتى بت أحلم بيوم أجلي فقد سمعت أن الجنة من نصيب الأطفال دوماً وفيها كل ما تشتهيه الأنفس- لعلي هناك أنعم بقسط من الحرية: -
(لا تذهبي لأي كان...
لا تتعرفي على أي أحد..
لا تسلمي على شخص ما إلا في وجودنا..
لا تلعبي بعيداً عن أعيينا......)
وهلم جر من اللاءات التي لا نهاية لها ولا بداية
أما رسوماتي وأوراقي وأناشيدي وأمنياتي التي لا تتجاوز ضفائري فكلها موجودة ومندسة وسط حقائب الزمن الجليد إلى أن (نعود) وهنا يبدأ سيل تفاصيل أخرى: -
(غداً حينما تكبرين ستزورين أروع المناطق وأجملها فبلادنا جميلة جداً ولنا نيل طويل ولنا أهل وأصحاب وأصدقاء ومعارف......
بعد عدة أشهر وحينما تأتي الأجازة الصيفية ونذهب السودان سوف تفطرين في بيت وتتغدين في بيت وتتعشين في بيت وتنامين في بيت آخر تماماً....
سوف تشبعين من اللعب....
حينما نصل لن يسأل عليك أحد فكل الوطن بيتك وكل الشعب أهلك
ستعيشين أياماً لن تنسيها...)
والكثير الكثير من الوعود التي تصل إلى قلبي مباشرة دون حاجز ودون أن تأخذ وقت كبير.. وعود ترسم في كل حواسي الابتسام... فأبني قصوراً من الآمال المشرقة والأحلام الوردية وأترقب بشغف كيفية الوصول وزمن الوصول؟؟؟؟
أصبح فرحي حزيناً وهمي أكبر من سنوات عمري التي لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة.. أعيش وضعاً لا أفهمه وأرى توجيهات من الأهل لم تلائم طفولتي التي تهوي التحليق مع العصافير العالية بلا حصار أو قيود
بداياتي مجردة ونهاياتي مبتورة
أما ألعابي فلم يحصل وان بدأت لعبة وأكملتها بسبب وحدتي وخوفي من كل شيء
من الشارع ....من الجيران
من المعارف الجدد
كنت أفتقد الحرية بكل المقاييس
معارفنا معينين
أصدقائي محددين
زياراتنا معدودة
كان كل ما يحمله يومي هو الخوف والقلق والتساؤل اليومي في سبيل إيجاد إجابة واحدة فقط عن هويتي المستلبة بلا سابق إنذار
كنت أحمل الخوف والأمل في آن واحد
كان عدم الصبر والتأفف والامتعاض يقبع في سرحان عيوني وانفعالاتي وفي أشكال حركاتي وضجة صوتي وأنين طفولتي المبعثرة.........،،،
كنت طفلة مغتربة !!!!!!!!!!!
يتبع
المفضلات