نسير على الدرب قاصدين الوصول إلى بر الأمان ، تلاحقنا الاحلام الوردية العطرة ؛ تعتصر خوالجنا ، ننظر إليها بحياء ،نرتقى درج الوصول ، نفتح نافذة الأمل لنطل على المستقبل القادم ، لا نستطيع التنبوء به ، نبحث عن ذواتنا فى الخيال البعيد ؛ نلمح أنفسنا أشباحا تائهة حيرى ظمأى ، نلمس شعاعا من الامل أو بصيصا من الضوء ، نسير إليه بخطى متهتكة ، نتكئ على عتبة الماضى ؛ نداعب الحاضر ؛ نحاول الإبتسام ؛ فتأتى الإبتسامة واهية صفراء ذابلة ، نتمسك بالامل من أدجل الحياة ، نرفع أنظارنا إلى العالم البعيد المجهول الحدود ، عالم الخيال الملئ بالظلمة والعتمة والبرود ، عالم من الطيف الواهى ، يخيل إلينا إننا أحياء ولكننا موتى فى الواقع ، أموات لا أحياء ، تسرى رعشة قوية فى أوصالنا ، تقتلعنا من الجذور ؛ تقلبنا رأس على عقب ، نعتصر الفكر ؛ نخالط الشعور ؛ نتحامل على أنفسنا ، نلهى الشوق والحنين ، ثم تأتى الخطوة الاخيرة ؛ خطوة ملأى بالتردد والشك والحيرة ، نشق طريقنا فى هذه الحياة بلا هدف ، بلا رؤى واضحة بلا معالم
نتنسم أنفاس الحياة ، نرقص طربا فى مأتم السعادة ، تلفحنا نيران الغضب وسموم الجهل ، نتربع فوق عرش الدنيوية ، نبحث عن مظاهر السعادة المزيفة ، نتوه فى زحام الدنيا الظالمة ، تغمرنا موجة من الحنين الى الماضى ، نحاول أن نبدل أنفسنا ، نتمى ليتنا لم نكن نحن ، ليت الزمن يتوقف ليعود الى الوراء ، ليت الطريق ينقطع ليعود بنا الى البداية ، وليتنا ما وصلنا الى ما وصلنا اليه .
تمور بنا الذكريات ، تغلى أنفسنا لا بالحب ولا بالكره ولكن تغلى باليأس والشرود، نرنو إلى السماء محاولين النسيان ولكن هيهات ... السماء والنجوم والشمس والقمر؛ وأطياف وأشباح تلوح على المدى ، سراب وأوهام ؛ سنين وأيام ؛ تأتى وتروح ؛ ومع كل لحظة تمر يزداد العذاب يزداد الالم ، مع كل نظرة ألى السماء نرى تلك الاشباح الهاذلة تسخر منا ، مع كل همسة نحس بالاختناق ، يتضاءل الأفق، يختفى القمر الباسم رويدا رويدا ، وتقترب لحظة الوداع يحين موعد ،الفراق ، تتسارع دقات القلب ؛ ومع حركة عقرب الثوانى ، يتلاشى بصيص الامل ، يغوص الحلم نحو الاعماق ، نحاول الكلام فتخرج الكلمات مبعثرة ، تختلط بالضوضاء ؛ نحاول الاصغاء ، لا نسمع سوى ضربات القلب . الصمت يخيم على المكان ؛ تختفى الضوضاء ، يسير كل شئ إلى طريق اللاعودة وتهمد الاعضاء دفعة ، سوى ذلك الشئ الذى يبدأ بالحركة يرتفع ويسمو ، يصعد إلى أعالى السماء ؛ يلخص لنا الحياة وتبدأ الذكرى فى المسير ، وينادى فى القافلة الرحيل الرحيل ....!!!
المفضلات