{إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ(1)وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ(2)وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ(3)وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ(4)وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ(5)وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ(6)وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ(7)وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ(8)بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ(9)وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ(10)وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ(11)وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ(12)وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ(13)عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ(14)}.
{إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} هذه الآيات بيانٌ لأهوال القيامة وما يكون فيها من الشدائد والكوارث، وما يعتري الكون والوجود من مظاهر التغيير والتخريب والمعنى: إِذا الشمس لُفَّت ومُحِيَ ضوءها {وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ} أي وإِذا النجوم تساقطت من مواضعها وتناثرت {وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ} أي وإِذا الجبال حركت من أماكنها، وسُيّرت في الهواء حتى صارت كالهباء كقوله تعالى {وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الأَرْضَ بَارِزَةً} {وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ} أي وإِذا النوق الحوامل تركت هملاً بلا راعٍ ولا طالب، وخصَّ النوق بالذكر لأنها كرائم أموال العرب {وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ} أي وإِذا الوحوش جُمعت من أوكارها وأجحارها ذاهلةً من شدة الفزع {وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ} أي وإِذا البحار تأججت ناراً، وصارت نيراً تضطرم وتلتهب {وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ} أي وإِذا النفوس قُرنت بأشباهها، فقرن الفاجر مع الفاجر، والصالح مع الصالح قال الطبري: يُقرن بين الرجل الصالح مع الرجل الصالح في الجنة، وبين الرجل السوء مع الرجل السُّوء في النار {وَإِذَا الْمَوْءودَةُ سُئِلَتْ} أي وإِذا البنت التي دفنت وهي حية سئلت توبيخاً لقاتلها: ما هو ذنبها حتى قتلت ؟ قال ابن جزي: الموءودة هي البنت التي كان بعض العرب يدفنها حيَّةً من كراهته لها أو غيرته عليها، فتسأل يوم القيامة {بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} ؟ على وجه التوبيخ لقاتلها {وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ} أي وإِذا صحف الأعمال نشرت وبسطت عند الحساب {وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ} أي وإِذا السماء أزيلت ونزعت من مكانها كما ينزع الجلد عن الشاة {وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ} أي وإِذا نار جهنم أوقدت لأعداء الله تعالى {وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ} أي وإِذا الجنة أدنيت وقربت من المتقين {عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ} أي علمت كل نفسٍ ما أحضرتْ من خيرٍ أو شر، وهذه الجملة {عَلِمتْ نَفْسٌ} هي جواب ما تقدم من أول السورة {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} إِلى هنا، والمعنى إِذا حدثت تلك الأمور العجيبة الغريبة، علمت حينئذٍ كل نفسٍ ما قدمته من صالح أو طالح.
المفضلات