المراحل الدراسية سواء كانت مرحلة الأولية أو الأبتدائية أو الوسطى أو الثانوية العامة الى الثانوية العليا كانت من أمتع المراحل التي قضيناها في حياتنا.. أتاحت لنا هذه المراحل تكوين علاقات وصدقات مع أعداد كبيرة من التلاميذ مازلت أذكر الأسماء الكاملة لمعظمهم عن ظهر قلب.. حتى طريقة تصرفاتهم وتعاملهم مع الأساتذة وبقية زملائهم من التلاميذ..
أذكر لما كنا تلاميذ صغار في مدني وبعد إنتهاء الدوام اليومي المدرسي نضع كتبنا وكراساتنا مع قلم الرصاص وقلم الحبر السائل والمحبرة وكذلك (اللستيكة) الممسحة أو المساحة و(البراية).. و(فيش) زجاج الببسي والميرندا.. و(البلي) من أجل اللعب والتسلية.. بالإضافة الى (سرقة) كمية من باقي الطباشير المكسر الذي يخلفه الأستاذ أمام السبورة بعد إنتهاء الحصة بغرض (الشخبطة) التي كنا نجد فيها متعة وملذة خاصة وغاية من الإستمتاع في التعلم علي الخط..
كنا نقوم بوضع هذه اللوازم المدرسية داخل شنطة المدرسة.. الشنطة كانت عبارة عن قطعة من قماش (الدمورية) تشبه الجراب، يفصلها (الترزي) أو الخياط حسب رغبة التلميذ خاصة من ناحية عدد (الجيوب) والحجم والحمالة.. وكواحد من التلاميذ كنت أزين شنطتي (الدمورية) من الخارج برسومات وخطوط جميلة بارزة وعريضة منسقة تحمل الإسم وأزهار وورود بألوان جذابة وأنيقة تسر الناظرين.. تماما كما يفعل أصحاب البصات التجارية - كنوع من الإعجاب بالباص خاصة إذا كان البص جديد - بكتابة جمل عجيبة ينبه بها الركاب مثل: العفش داخل البص على مسؤولية صاحبه: أو عنوان لأغنية مثل: الحنينة السكرة.. سواح.. أو نوع من مشاغلة البنات مثل: نظرة يا جميل.. بسمة وما شابه ذلك.
نحمل شنطنا ذات الحمل الثقيل بالكتب والدفاتر (كراسات) الحساب و(كراسات) العربي ونخرج في الصباح الباكر مسرعين من منازلنا نمشي في الطرقات لنتلقي بباقي رفاقنا التلاميذ، نصحبهم ونسير سويا في الدرب في إتجاه المدرسة..
بعد لحظات من وصولنا الى المدرسة يدق جرس الحضور الاول معلنا بدء اليوم الدراسي.. نتحرك كلنا في خطى مسرعة ناحية ساحة كبيرة داخل حرم المدرسة لنقف في صفوف منتظمة شبيهة بصفوف العساكر.. يمنع الكلام منعا باتا خلال تلك اللحظات.. بعدها يبدأ التلاميذ في ترديد نشيد تحية العلم.. بعد الإنتهاء من النشيد مباشرة يشير الأستاذ (أبو الفصل) الى أحد التلاميذ ويمسى(الألفا) قائد التلاميذ لقراءة (ينده) دفتر الأسامي للتأكد من الحضور و الغياب، ثم يبدأ بعدها الأستاذ بتفتيش ملابس التلاميذ للتأكد من النظافة. (ويا ويل من يكتشف الأستاذ ملابسه متسخة أو (مكرمشة) غير مكوية.. يعاقب التلميذ بالجلد أمام جميع التلاميذ.. وبعد ذلك يطلب من التلاميذ الإصغاء لكلام الأستاذ أو ناظر المدرسة ليقوم بالإعلان عن المستجدات في الساحة المدرسية. وبعدها القيام بحركات رياضية خفيفة تنشيطية (صفا.. انتباه) يسمح بعدها السماح للتلاميذ بالإنصراف والدخول الى الفصول في خطوات عسكرية منتظمة..
والى اللقاء مع ذكريات أخرى من أيام الدراسة.
المفضلات