أبيي الشعب السودانى وخسائر التحكيم

صبيحة الاربعاء عندما تشرئب الانظار ناحية لاهاي وتتمترس الاجساد أمام شاشات التلفزة، ساعتها تحتبس الأنفاس عند نقل اعلان نتيجة التحكيم الدولية بشأن تبعية منطقة أبيي، بعدها فقط سيدرك الشريكان «المؤتمر الوطنى والحركة الشعبية» خطأهما عندما اتجها للفصل في النزاع حول ابيي الي لاهاي، ومن هناك سيبدآن تسديد فاتورة قرار الذهاب للاهاي.
فالمؤتمر الوطنى اذا قدر وخسر قضية التحكيم لصالح الحركة الشعبية، سيكون سياسياً قد خسر المسيرية وشعوب المنطقة التى ساندته طيلة سنوات الحرب وبعدها، ثم اذا وقعت أية ردة فعل من المسيرية فإنها ستوجه الى المؤتمر الوطنى أكثر من توجيهها الى دينكا نقوك. ثانياً: فإن ذلك سيعد فشلا سياسيا وإداريا يحسب على المؤتمر الوطنى بتفريطه في جزء عزيز وثري حال قرر الجنوب الانفصال بعد «16» شهراً. ثالثاً: فإنه سيضعف موقفه في الانتخابات القادمة أمام خصومه في الشمال الذين سيستخدمون «ضياع أبيي» كرتا لحرق سياسته في السودان. خامساً: فإن ذلك سيعيد تقسيم عائدات النفط الذي يقدر بنسبة «70%» من جملة البترول المنتج في السودان، الذي ستطالب به الحركة الشعبية بأثر رجعي، وبالتالي حساب تلك الأموال وتسديدها لحكومة الجنوب سيرهق كاهل الخزانة التي تعاني أصلاً من عجز، ويدخل الحكومة المركزية في موقف مالي حرج. رابعاً: فإن ذهاب أبيي جنوباً يعد مؤشراً دافعاً لتشجيع مناطق جبال النوبة والنيل الأزرق في المشورة الشعبية، على أن تختار الانضمام الى الجنوب. خامساً: فإن ذلك سيعمل على توتر العلاقة بين قبائل التماس على طول الشريط الحدودي، وسيكون القرار بذلك قد أسهم فعلاً في التعجيل بالانفصال الاجتماعي بين هذه القبائل، وبالتالي سيضرب ذلك مشروع المؤتمر الوطنى الذي يروج للوحدة.
أما الحركة الشعبية اذا خسرت القضية لصالح شريكها المؤتمر الوطني، فإنها ستنال سخط وغضب أبناء دينق نقوك في المنطقة، وكذلك القبائل الجنوبية على الشريط الحدودى، باعتبارها قد فرطت في جزء من اراضي الجنوب، وربما يدخلها ذلك في صراع مسلح مع تلك القبائل التى ينحدر منها معظم قادة الحركة الشعبية. ثانياً: فإن ذلك سيضعف من موقف الحركة الشعبية سياسياً، وستقدم بذلك لخصومها شهادات إثبات لاتهاماتهم التي يوجهونها لها بأنها تفتقر للخبرة السياسية والحنكة الإدارية في تصريف شؤون الحكم والجنوب. ثالثاً: فإن ذلك سيضعف من موقفها السياسي ويجعلها وهي مقبلة على الانتخابات أن تأتي مرغمة لحضن المؤتمر الوطنى الذي سيستخدم «القرار» اذا جاء لصالحه في تعرية الحركة الشعبية سياسياً وقانونياً وادارياً.

هل يمكن أن نقول ؟؟

إن الخطأ الاستراتيجي الذي وقع فيه الأستاذ علي عثمان محمد طه نائب رئيس الجمهورية، وهو يقود وفد التفاوض بنيفاشا، هو موافقته على مسار تفاوض منفصل حول المناطق الثلاث «أبيي، النيل الأزرق، جنوب كردفان» بعد أن اعتمد بروتكول ميجاكوس حدود «1956م» باعتبارها الحدود الفاصلة بين الشمال والجنوب.


منقول