صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 25 من 34

الموضوع: مختارات للشاعر - ابو القاسم الشابي

     
  1. #1
    عضو فضي
    Array
    تاريخ التسجيل
    Jul 2004
    المشاركات
    1,372

    مختارات للشاعر - ابو القاسم الشابي



    تونسي الجنسية والميلاد
    ولد في العام 1909م

    التحق أبو القاسم منذ صباه بالكتاب، فحفظ القرآن كله، وهو في التاسعة من عمره،
    وتعهده والده مدة عامين، لقنه في أثنائهما علوم العربية ومبادئ العلوم الدينية.
    ثم التحق في مسهل عامه الثاني عشر بجامع الزيتونة، وحصل منه – بعد ما يقرب من
    تسع سنوات – على الإجازة التي حصل عليها أبوه من قبل. ولم يعمر الشابي،
    بل وافته المنية وهو لم يزل في صدر شبابه، فتوفي في التاسع من أكتوبر سنة1934.

    دعونا نتامل سيرة الشاعر ابو القاسم محمد الشابي في اشعاره وزاخر ثقافته

    واستسمحكم العذر ان ابدأ بقصيدة . . . .

    التعديل الأخير تم بواسطة ABUZAID ; 22-01-2010 الساعة 11:22 AM
  2.  
  3. #2
    عضو فضي
    Array
    تاريخ التسجيل
    Jul 2004
    المشاركات
    1,372

    ( صلوات في هيكل الحب )


    عَذْبةٌ أنْتِ كالطُفولَةِ كالأحْلامْ كاللّحْنِ كالصباحِ الجديدِ

    كالسَماءِ الضَحوكِ كاللَيْلَةِ القَمْراءِ كالوَردِ كأْبتِسامِ الوَليدِ

    يا لَها مِنْ وَدَاعـةٍ وجَمالٍ وشَبابٍ مُنعَّمٍ أُمْلودِ

    يا لَهَا مِنْ طَهارةٍ تَبْعَثُ التَقْديسَ في مُهْجَةِ الشَّقيّ العَنيدِ

    يا لَهَا مِنْ رِقّةٍ تَكادُ يرُّفّ الوَرْدُ مِنْها في الصَخْرَةِ الجُلْمودِ

    أيّ شئٍ تُراكِ ! ! هَلْ أنْتِ فَيْنوسُ تَهادَتْ بَيْنَ الوَرَى مِنْ جَديدِ ! !

    لتُعيدَ الشَبابَ والفَرحَ المَعْسُـولَ للعالَمِ التعيسِ العَميـدِ

    أمْ مَلاكُ الفِرْدَوسِ جَاءَ إلَى الأرضِ ليُحْييَ رُوحُ السَلامِ العَهيدِ

    أنتِ ! ! ما أنتِ ! ! رَسْمٌ جَميلٌ عَبْقَريٌّ مِنْ فَنّ هَذا الوُجودِ

    فيك ما فيه من غموضٍ وعمقٍ وجمالٍ مقدّسٍ معبود

    أنتِ ما أنتِ؟ أنت فجرٌ من السحر تَجلّى لقلبِي المعمود

    فأراه الحياةَ في مونق الحُسن وجلّى له خفايا الخلود

    أنت روح الربيع تختال في الدنيا فتهتز رائعاتُ الورود

    تهب الحياة سكرى من العطر ويدوّي الوجود بالتغريد

    كلما أبصرتك عيناي تَمشين بخطو موقّع كالنشيد

    خفق القلبُ للحياة ورفّ الزهرُ في حقل عمري الْمجرود

    وانتشت روحي الكئيبة بالحبّ وغنّت كالبلبلِ الغرّيد

    أنت تحيين في فؤادي ما قد مات في أمسي السعيد الفقيد

    وتشيدين في خرائب روحي ما تلاشى في عهدي الْمجدود

    من طموحٍ إلى الجمالِ إلى الفنِّ إلى ذلك الفضاءِ البعيد

    أنت أنشودة الأناشيد غنّاك إلهُ الغناء ربّ القصيد

    فيك شبّ الشباب وشّحَهُ السحرُ وشدو الهوى وعطر الورود

    وتبثين رقّة الأشواق والأحلام والشدو والهوى في نشيدي

    بعد أن عانقت كآبة أيامي فؤادي وألجمت تغريدي

    أنت أنشودة الأناشيد غنّاك إلهُ الغناء ربّ القصيد

    فيك شبّ الشباب وشّحَهُ السحرُ وشدو الهوى وعطر الورود

    وقوام يكاد ينطق بالألحان في كل وقفة وقعود

    كل شيء موقع فيك حتى لفتة الجيد واهتزاز النهود

    أنت..أنت الحياة في قدسها السامي وفي سحرها الشجيّ الفريد

    أنت.. أنت الحياة في رقة الفجرِ وفي رونق الربيع الوليد

    أنت .. أنت الحياة كل أوان في رواء من الشباب جديد

    أنت.. أنت الحياة فيكِ وفي عينيك آيات سحرها الممدود

    أنت دنيا الأناشيد والأحلام والسحر والخيال المديد

    أنت فوق الخيال والشعر والفن وفوق النهى وفوق الحدود

    أنت قدسي ومعبدي وصباحي وربيعي ونشوتي وخلودي

    يا ابنة النور إنني أنا وحدي من رأى فيك روعك المعبود

    فدعيني أعيش في ظلك العذب وفي قرب حُسنك المشهود

    عيشة للجمال والفن والإلهام والطهر والسنَى والسجود

    عيشة الناسك البتول يناجي الرب في نشوة الذهول الشديد

    وامنحيني السلام والفرح الروحي يا ضوء فجري المنشود

    وارحميني فقد تَهدمت في كون من اليأس والظلام مشيد

    أنقذيني من الأسى فلقد أمسيت لا أستطيع حَمل وجودي

    في شعب الزمان والموت أمشي تحت عبء الحياة جم القيود

    وأماشي الورى ونفسي كالقبر وقلبي كالعالم المهدود

    ظلمة ما لَها ختام وهول شائع في سكونِها الممدود

    وإذا ما استخفى عبث الناس تبسمت في أسى وجُمود

    بسمة مرة كأني أستلّ من الشوك ذابلات الورود

    وانفخي في مشاعري مرح الدنيا وشدّي من عزمي المجهود

    وابعثي في دمي الحرارة علّي أتغنى مع المنَى من جديد

    وأبثّ الوجود أنغام قلب بلبليّ مكبلٍ بالحديد

    فالصباح الجميل ينعش بالدفء حياة المحطم المكدود

    أنقذيني فقد سئمت ظلامي أنقذيني فقد مللت ركودي

    آه يا زهرتي الجميلة لو تدرين ما جدّ في فؤادي الموحود

    في فؤادي الغريب تُخلق أكوانٌ من السحر ذات حسن فريد

    وشُمُوس وضاءة ونجوم تنثر النـور في فضاء مديد

    وربيع كأنه حلم الشاعر في سكرة الشباب السعيد

    ورياض لا تعرف الحلك الداجي ولا ثورة الخريف العتيد

    وطيـور سحرية تتناغى بأناشيد حلـوة التغريد

    وقصور كأنها الشفق المخضوب أو طلعة الصباح الوليد

    وغيوم رقيقة تتهادى كأباديد من نُثـار الورود

    وحياة شعرية هي عندي صورة من حياة أهل الخلود

    كل هذا يشيده سحر عينيك وإلهام حسنك المعبود

    وحرام عليك أن تهدمي ما شاده الحسن في الفؤاد العميد

    وحرام عليك أن تسحقي آمال نفس تصبو لعيش رغيد

    منك ترجو سعادة لم تجدها في حياة الورى وسحر الوجود

    فالإله العظيم لا يرجم العبد إذا كان في جلال السجود


    التعديل الأخير تم بواسطة ABUZAID ; 13-02-2010 الساعة 12:27 AM
  4.  
  5. #3
    عضو ذهبي
    Array الصورة الرمزية تغريد
    تاريخ التسجيل
    May 2009
    الدولة
    حي دردق
    المشاركات
    4,715

    رحم الله الشاعر أبو القاسم الشابي و أسكنه فسيح جناته ذلك الشاعر الجميل الذي ملا الكون بشعره الرومانسي الحزين تسلم يا ابو زيد علي الاختيار الجميل لهذا الشاعر القامة ودعنا نبحر معا في خضم بحر شعره الواسع وهذه مشاركة مني وهي قصيدة :

    أيُّها الحُبُّ أنْتَ سِرُّ بَلاَئِي


    أيُّها الحُبُّ أنْتَ سِرُّ بَلاَئِي

    وَهُمُومِي، وَرَوْعَتِي، وَعَنَائي

    وَنُحُولِي، وَأَدْمُعِي، وَعَذَابي

    وَسُقَامي، وَلَوْعَتِي، وَشَقائي

    أيها الحب أنت سرُّ وُجودي

    وحياتي ، وعِزَّتي، وإبائي

    وشُعاعي ما بَيْنَ دَيجورِ دَهري

    وأَليفي، وقُرّتي، وَرَجائي

    يَا سُلافَ الفُؤَادِ! يا سُمَّ نَفْسي

    في حَيَاتي يَا شِدَّتي! يَا رَخَائي!

    ألهيبٌ يثورٌ في روْضَة ِ النَّفَسِ،

    فيـ‍‍‍‍طغى ، أم أنتَ نورُ السَّماءِ؟

    أيُّها الحُبُّ قَدْ جَرَعْتُ بِكَ الحُزْ نَ

    كُؤُوساً، وَمَا اقْتَنَصْتُ ابْتِغَائي

    فَبِحَقِّ الجَمَال، يَا أَيُّها الحُـبُّ

    حنانَيْكَ بي! وهوِّن بَلائي

    لَيْتَ شِعْري! يَا أَيُّها الحُبُّ، قُلْ لي:

    مِنْ ظَلاَمٍ خُلِقَتَ، أَمْ مِنْ ضِيَاءِ؟

    التعديل الأخير تم بواسطة تغريد ; 14-01-2010 الساعة 02:30 PM
    (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ )
  6.  
  7. #4
    عضو فضي
    Array
    تاريخ التسجيل
    Jul 2004
    المشاركات
    1,372

    الجنة الضائعة


    كَمْ مِنْ عُهودٍ عَذْبةٍ في عُدْوَةِ الوادي النَضيرْ
    فِضِّيةُ الأسْحارِ مُذْهَبةُ الأصائلِ والبُكورْ
    كانت أرق من الزهور ومن أغاريد الطيور
    وألذ من سحر الصبا في بسمة الطفل الغرير
    قضيتها ومعي الحبيبة لا رقيب ولا نذير
    إلا الطفولة حولنا تلهو مع الحب الصغير
    ايام كانت للحياة حلاوة الروض المطير
    وطهارة الموج الجميل وسحر شاطئه المنير
    ووداعة العصفور بين جداول الماء النمير
    أيام لم نعرف من الدنيا سوى مرح السرور
    وتتبع النحل الأنيق وقطف تيجان الزهور
    وتسلق الجبل المكلل بالصنوبر والصخور
    وبناء أكواخ الطفولة تحت أعشاش الطيور
    مسقوفة بالورد والأزهار والورق النضير
    نبني فتهدمها الرياح فلا نضج ولا نثور
    ونعود نضحك للمروج، للزنابق والغدير
    ونخاطب الأصداء وهي ترف في الوادي المنير
    ونعيد أغنية السواقي وهي تلغو بالخرير
    ونظل نركض خلف أسراب الفراش المستطير
    ونمر ما بين المروج الخضر في سكر الشعور
    نشدو ونرقص كالبلابل للحياة وللحبور
    ونظل ننثر للفضاء الرحب والكون الكبير
    مافي فؤادينا من الأحلام أو حلو الغرور
    ونشيد في الأفق المخضب من أمانينا قصور
    أزهى من الشفق الجميل ورونق المرج الخضير
    وأجل من هذا الوجود وكل أمجاد الدهور
    دوما تدللنا الحياة بكل أنواع السرور
    وتبث فينا من مراح الكون ما يغوي الوقور
    فنسير ننشد لهونا المبعود في كل الأمور
    ونظل نعبث بالجليل من الوجود وبالحقير
    بالسائل الأعمى وبالمعتوه والشيخ الكبير
    بالقطة البيضاء بالشاة الوديعة بالحمير
    بالعشب بالفنن المنور بالسنابل بالسفير
    بالرمل بالصخر الحطم بالجداول بالغدير
    واللهو والعبث البرئ الحلو مطمحنا الأخير
    ونظل نقفز أو نثرثر أو نغني أو ندور
    لا نسأم اللهو الجميل وليس يدركنا الفتور
    فكأننا نحيا بأعصاب من المرح المثير
    وكأننا نمشي بأقدام مجنحة تطير
    أيام كنا لب هذا الكون والباقي قشور
    أيام تفرش سبلنا الدنيا بأوراق الزهور
    وتمر أيام الحياة بنا كأسراب الطيور
    بيضاء لاعبة مغردة مجنحة بنور
    وترفرف الأفراح فوق رؤوسنا أنا نسير
    آه توارى فجري القدسي في ليل الدهور
    وفنى كما يفنى النشيد الحلو في صمت الأثير
    أوّاه قد ضاعت علي سعادة القلب الغرير
    وبقيت في وادي الحياة الجهم أدأب في المسير
    وأدوس أشواك الحياة بقلبي الدامي الكسير
    وأرى الأباطيل الكثيرة والمآثم والشرور
    وتصادم الأهواء بالأهواء في كل الأمور
    ومذلة الحق الضعيف وعزة الظلم القدير
    وأرى ابن آدم سائرًا في رحلة العمر القصير
    ما بين أهوال الحياة وتحت أعباء الضمير
    متسلقًا جبل الحياة الوعر كالشيخ الضرير
    دامي الأكف ممزق الأقدام مغبر الشعور
    مترنح الخطوات ما بين المزالج والصخور
    هالته أشباح الظلام وراعه صوت القبور
    ودوي إعصار الأسى والموت في تلك الوعور
    ماذا جنيت من الحياة ومن تجاريب الدهور؟
    إلا الندامة والأسى واليأس والدمع الغزير
    هذا حصادي من حقول العالم الرحب الخطير
    هذا حصادي كله في يقظة العهد الأخير
    قد كنت في زمن الطفولة والسذاجة والطهور
    أحيا كما تحيا البلابل والجداول والزهور
    لا أحفل الدنيا تدور بأهلها أو لا تدور
    واليوم أحيا مرهق الأعصاب مشبوب الشعور
    متأجج الإحساس أحفل بالعظيم وبالحقير
    تمشي على قلبي الحياة ويزحف الكون الكبير

    هذا مصيري يا بني ....فما أشقى المصير
    هذا مصيري يا بني ....فما أشقى المصير
    هذا مصيري يا بني ....فما أشقى المصير

    التعديل الأخير تم بواسطة ABUZAID ; 13-02-2010 الساعة 12:28 AM
  8.  
  9. #5
    عضو فضي
    Array
    تاريخ التسجيل
    Jul 2004
    المشاركات
    1,372

    ارادة الحياة



    إذا الشّعْبُ يَوْمَاً أرَادَ الْحَيَـاةَ
    فَلا بُدَّ أنْ يَسْتَجِيبَ القَـدَر

    وَلا بُـدَّ لِلَّيـْلِ أنْ يَنْجَلِــي
    وَلا بُدَّ للقَيْدِ أَنْ يَـنْكَسِـر

    وَمَنْ لَمْ يُعَانِقْهُ شَوْقُ الْحَيَـاةِ
    تَبَخَّـرَ في جَوِّهَـا وَانْدَثَـر

    فَوَيْلٌ لِمَنْ لَمْ تَشُقْـهُ الْحَيَاةُ
    مِنْ صَفْعَـةِ العَـدَم المُنْتَصِر

    كَذلِكَ قَالَـتْ لِـيَ الكَائِنَاتُ
    وَحَدّثَنـي رُوحُـهَا المُسْتَتِر

    وَدَمدَمَتِ الرِّيحُ بَيْنَ الفِجَاجِ
    وَفَوْقَ الجِبَال وَتَحْتَ الشَّجَر

    إذَا مَا طَمَحْـتُ إلِـى غَـايَةٍ
    رَكِبْتُ الْمُنَى وَنَسِيتُ الحَذَر

    وَلَمْ أَتَجَنَّبْ وُعُـورَ الشِّعَـابِ
    وَلا كُبَّـةَ اللَّهَـبِ المُسْتَعِـر

    وَمَنْ لا يَتَهيّبْ صُعُودَ الجِبَـالِ
    يَعِشْ أَبَدَ الدَّهْرِ بَيْنَ الحُفَـر

    فَعَجَّتْ بِقَلْبِي دِمَاءُ الشَّبَـابِ
    وَضَجَّتْ بِصَدْرِي رِيَاحٌ أُخَر

    وَأَطْرَقْتُ ، أُصْغِي لِقَصْفِ الرُّعُودِ
    وَعَزْفِ الرِّيَاح وَوَقْعِ المَطَـر

    وَقَالَتْ لِيَ الأَرْضُ - لَمَّا سَأَلْتُ :
    أَيَـا أُمُّ هَلْ تَكْرَهِينَ البَشَر؟"

    "أُبَارِكُ في النَّاسِ أَهْلَ الطُّمُوحِ
    وَمَنْ يَسْتَلِـذُّ رُكُوبَ الخَطَـر

    وأَلْعَنُ مَنْ لا يُمَاشِي الزَّمَـانَ
    وَيَقْنَعُ بِالعَيْـشِ عَيْشِ الحَجَر

    هُوَ الكَوْنُ حَيٌّ ، يُحِـبُّ الحَيَاةَ
    وَيَحْتَقِرُ الْمَيْتَ مَهْمَا كَـبُر

    فَلا الأُفْقُ يَحْضُنُ مَيْتَ الطُّيُورِ
    وَلا النَّحْلُ يَلْثِمُ مَيْتَ الزَّهَــر

    وَلَـوْلا أُمُومَةُ قَلْبِي الرَّؤُوم
    لَمَا ضَمَّتِ المَيْتَ تِلْكَ الحُفَـر

    فَوَيْلٌ لِمَنْ لَمْ تَشُقْـهُ الحَيَـاةُ
    مِنْ لَعْنَةِ العَـدَمِ المُنْتَصِـر!"

    وفي لَيْلَةٍ مِنْ لَيَالِي الخَرِيفِ
    مُثَقَّلَـةٍ بِالأَسَـى وَالضَّجَـر

    سَكِرْتُ بِهَا مِنْ ضِياءِ النُّجُومِ
    وَغَنَّيْتُ لِلْحُزْنِ حَتَّى سَكِـر

    سَأَلْتُ الدُّجَى: هَلْ تُعِيدُ الْحَيَاةُ
    لِمَا أَذْبَلَتْـهُ رَبِيعَ العُمُـر؟

    فَلَمْ تَتَكَلَّمْ شِفَـاهُ الظَّلامِ
    وَلَمْ تَتَرَنَّـمْ عَذَارَى السَّحَر

    وَقَالَ لِيَ الْغَـابُ في رِقَّـةٍ
    مُحَبَّبـَةٍ مِثْلَ خَفْـقِ الْوَتَـر

    يَجِيءُ الشِّتَاءُ ، شِتَاءُ الضَّبَابِ
    شِتَاءُ الثُّلُوجِ ، شِتَاءُ الْمَطَـر

    فَيَنْطَفِىء السِّحْرُ ، سِحْرُ الغُصُونِ
    وَسِحْرُ الزُّهُورِ وَسِحْرُ الثَّمَر

    وَسِحْرُ الْمَسَاءِ الشَّجِيِّ الوَدِيعِ
    وَسِحْرُ الْمُرُوجِ الشَّهِيّ العَطِر

    وَتَهْوِي الْغُصُونُ وَأَوْرَاقُـهَا
    وَأَزْهَـارُ عَهْدٍ حَبِيبٍ نَضِـر

    وَتَلْهُو بِهَا الرِّيحُ في كُلِّ وَادٍ
    وَيَدْفنُـهَا السَّيْـلُ أنَّى عَـبَر

    وَيَفْنَى الجَمِيعُ كَحُلْمٍ بَدِيـعٍ
    تَأَلَّـقَ في مُهْجَـةٍ وَانْدَثَـر

    وَتَبْقَى البُـذُورُ التي حُمِّلَـتْ
    ذَخِيـرَةَ عُمْرٍ جَمِـيلٍ غَـبَر

    وَذِكْرَى فُصُول ٍ ، وَرُؤْيَا حَيَاةٍ
    وَأَشْبَاح دُنْيَا تَلاشَتْ زُمَـر

    مُعَانِقَـةً وَهْيَ تَحْـتَ الضَّبَابِ
    وَتَحْتَ الثُّلُوجِ وَتَحْـتَ الْمَدَر

    لَطِيفَ الحَيَـاةِ الذي لا يُمَـلُّ
    وَقَلْبَ الرَّبِيعِ الشَّذِيِّ الخَضِر

    وَحَالِمَـةً بِأَغَـانِـي الطُّيُـورِ
    وَعِطْرِ الزُّهُورِ وَطَعْمِ الثَّمَـر

    وَمَا هُـوَ إِلاَّ كَخَفْـقِ الجَنَاحِ
    حَتَّـى نَمَا شَوْقُـهَا وَانْتَصَـر

    فصدّعت الأرض من فوقـها
    وأبصرت الكون عذب الصور

    وجـاءَ الربيـعُ بأنغامـه
    وأحلامـهِ وصِبـاهُ العطِـر

    وقبلّـها قبـلاً في الشفـاه
    تعيد الشباب الذي قد غبـر

    وقالَ لَهَا : قد مُنحـتِ الحياةَ
    وخُلّدتِ في نسلكِ الْمُدّخـر

    وباركـكِ النـورُ فاستقبـلي
    شبابَ الحياةِ وخصبَ العُمر

    ومن تعبـدُ النـورَ أحلامـهُ
    يباركهُ النـورُ أنّـى ظَهر

    إليك الفضاء ، إليك الضيـاء
    إليك الثرى الحالِمِ الْمُزْدَهِر

    إليك الجمال الذي لا يبيـد
    إليك الوجود الرحيب النضر

    فميدي كما شئتِ فوق الحقول
    بِحلو الثمار وغـض الزهـر

    وناجي النسيم وناجي الغيـوم
    وناجي النجوم وناجي القمـر

    وناجـي الحيـاة وأشواقـها
    وفتنـة هذا الوجـود الأغـر

    وشف الدجى عن جمال عميقٍ
    يشب الخيـال ويذكي الفكر

    ومُدَّ عَلَى الْكَوْنِ سِحْرٌ غَرِيبٌ
    يُصَـرِّفُهُ سَـاحِـرٌ مُقْـتَدِر

    وَضَاءَتْ شُمُوعُ النُّجُومِ الوِضَاء
    وَضَاعَ البَخُورُ ، بَخُورُ الزَّهَر

    وَرَفْرَفَ رُوحٌ غَرِيبُ الجَمَالِ
    بِأَجْنِحَـةٍ مِنْ ضِيَاءِ الْقَمَـر

    وَرَنَّ نَشِيدُ الْحَيَاةِ الْمُقَـدَّسِ
    في هَيْكَـلٍ حَالِمٍ قَدْ سُـحِر

    وَأَعْلَنَ في الْكَوْنِ أَنَّ الطُّمُوحَ
    لَهِيبُ الْحَيَـاةِ وَرُوحُ الظَّفَـر

    إِذَا طَمَحَتْ لِلْحَيَاةِ النُّفُوسُ
    فَلا بُدَّ أَنْ يَسْتَجِيبَ الْقَـدَرْ


    التعديل الأخير تم بواسطة ABUZAID ; 13-02-2010 الساعة 12:30 AM
  10.  
  11. #6
    عضو فضي
    Array
    تاريخ التسجيل
    Jul 2004
    المشاركات
    1,372

    يا عذارى الجمال، والحبِّ، والأحلامِ،
    ( أبو القاسم الشابي )




    يا عذارى الجمال، والحبِّ، والأحلامِ،
    بَلْ يَا بَهَاءَ هذا الوُجُودِ

    قد رأَيْنا الشُّعُورَ مُنْسَدِلاتٍ
    كلّلَتْ حُسْنَها صباحُ الورودِ

    ورَأينا الجفونَ تَبْسِمُ..، أو تَحْلُمُ
    بالنُّورِ، بالهوى ، بِالنّشيدِ

    وَرَأينا الخُدودَ، ضرّجَها السِّحْرُ
    فآهاً مِنْ سِحْرِ تلكَ الخُدود

    ورأينا الشِّفاه تبسمُ عن دنيا
    من الورد غضّة أملُود

    ورأينا النُّهودَ تَهْتَزُّ، كالأزهار
    في نشوة الشباب السعيدِ

    فتنةٌ توقظ الغرام، وتذكيه
    وَلكنْ مَاذا وراءَ النُّهُودِ

    ما الذي خلف سحرها الحالي، السكران
    في ذلك القرارِ البعيدِ..؟

    أنفوسٌ جميلةٌ كطيور الغابِ
    تشدوُ بساحر التغريدِ

    طاهراتٌ، كأَنَّها أَرَجُ الأَزَهار
    في مَوْلِدِ الرّبيعِ الجَديد؟

    وقلوبٌ مُضيئةٌ كنجوم الليل
    ضَوَاعةٌ كغضِّ الورودِ؟

    أم ظلامٌ، كأنهُ قِطَعُ الليل
    وهولٌ يُشيبُ قلبَ الوليدِ

    وخِضَمُّ، يَمُوج بالإثْمِ والنُّكْرِ
    والشَّرِّ، والظِّلالِ المَديدِ؟

    لستُ أدري، فرُبّ زهرٍ شذيِّ
    قاتل رغمَ حسنه المشهودِ

    صانَكنَّ الإلهُ من ظُلمةِ الرّوحِ
    وَمِنْ ضَلّة الضّميرِ المُرِيدِ

    إن ليلَ النّفوسِ ليلٌ مُريِعٌ
    سرمديُّ الأسى ، شنيع الخلودِ

    يرزَحُ القَلْبُ فيه بالأَلَم المرّ
    ويشقي بعِيشة المنكودِ

    وَربيعُ الشَّبابِ يُذبِلُهُ الدُّهْرُ
    ويمضي بِحُسْنِهِ المَعْبُودِ

    غيرَ باقٍ في الكونِ إلا جمالُ
    الرُّوح غضًّا على الزَّمانِ الأَبيدِ


    التعديل الأخير تم بواسطة ABUZAID ; 13-02-2010 الساعة 12:38 AM
  12.  
  13. #7
    فخر المنتديات
    Array الصورة الرمزية محمد عبد الله عبدالقادر
    تاريخ التسجيل
    Aug 2006
    الدولة
    حي المطار - جوار سوداتل
    المشاركات
    1,632

    الرائع ( الفخري) محمد عبد الله ابو زيد سلامات

    عارف القصيدة الاولى دي عملت فيني عمايل
    ورجعتنا لزمن جميييييييييل وبعيييييييييييييد

    والعجب لتانية دي آآآآآه منك دائماً تجينا بالجنن والبيوج جووووووووه

    متابعين معاك حتى الثماله

    رحم الله المغفور له بأذن الله
    الاخ العزيز/ عمر عبد الله محجوب
    اللهم ارحمه رحمه واسعة وتغمده برحمتك ,
    اللهم أرحمه فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض عليك ,
    اللهم قه عذابك يوم تبعث عبادك ,
    اللهم أنزل نورا من نورك عليه ,
    اللهم نور له قبره ووسع مدخله وأنس وحشته ,
    اللهم وأرحم شبابه,
    اللهم أجعل قبره روضه من رياض الجنه لاحفره من حفر النار,
    اللهم اغفر له وارحمه , واعف عنه وأكرم نزله
    إنا لله وإنا إليه راجعون

    الخميس 5/11/2009 م
  14.  
  15. #8
    عضو فضي
    Array
    تاريخ التسجيل
    Jul 2004
    المشاركات
    1,372

    هــــهنا



    كلُّ ما هبَّ، وما دبَّ، وما نامَ، أو حامَ على هذا الوجود

    مِنْ طيورٍ، وَزُهورٍ، وشذًى وينابيعَ. وأغصانٍ تَميدْ

    وبحارٍ، وكهوفٍ، وذُرًى وبراكينَ، ووديانٍ، وبيدْ

    وضياءٍ، وظِلالٍ ودجى ، وفصولٍ، وغيولٍ، ورعودْ

    وثلوجٍ، وضباب عابرٍ، وأعاصيرَ وأمطارٍ تجودْ

    وتعاليمَ، وَدِينٍ، ورؤى وأحاسيسَ، وَصَمْتٍ، ونشيدْ

    كلُّها تحيْا، بقلبي حرَّة غَضة السّحر، كأطفال الخلودْ

    ههُنا، في قلبيَ الرحْبِ، العميقْ يرقُصُ الموتُ وأطيافُ الوجودْ

    ههُنا، تَعْصِفُ أهوالُ الدُّجى ههنا، تخفُقُ أحلامُ الورودْ

    ههنا، تهتُفُ أصداءُ الفَنا ههنا، تُعزَفُ ألحانُ الخلودْ

    ههنا، تَمْشي الأَماني والهوى والأسى ، في موكبٍ فخمِ النشيد

    ههنا الفجْرُ الذي لا ينتهي ههنا اللَّيلُ الذي ليسَ يَبيدْ

    ههنا، ألفُ خِضَمٍّ، ثَائرٍ خالدِ الثَّورة مجهولِ الحُدودْ

    ههنا، في كلِّ آنٍ تَمَّحي صُوَرُ الدُّنيا، وتبدو من جَديدْ


    التعديل الأخير تم بواسطة ABUZAID ; 13-02-2010 الساعة 12:41 AM
  16.  
  17. #9
    عضو فضي
    Array
    تاريخ التسجيل
    Jul 2004
    المشاركات
    1,372

    فلسفة الثعبان المقدس



    كانَ الربيعُ الحُيُّ روحاً، حالماً
    غضَّ الشَّبابِ، مُعَطَّرَ الجلبابِ

    يمشي على الدنيا، بفكرة شاعرٍ
    ويطوفها، في موكبٍ خلاَّبِ

    والأُفقُ يملأه الحنانُ، كأنه
    قلبُ الوجود المنتِجِ الوهابِ

    والكون من طهرِ الحياة كأنما
    هُوَ معبدٌ، والغابُ كالمحرابِ

    والشّاعرُ الشَّحْرورُ يَرْقُصُ، مُنشداً
    للشمس، فوقَ الوردِ والأعشابِ

    شعْرَ السَّعادة والسَّلامِ، ونفسهُ
    سَكْرَى بسِحْر العالَم الخلاّبِ

    ورآه ثعبانُ الجبالِ، فغمَّه ما فيه
    من مَرَحٍ، وفيْضِ شبابِ

    وانقضّ، مضْطَغِناً عليه كأنَّه
    سَوْطُ القضاءِ، ولعنةِ الأربابِ

    بُغتَ الشقيُّ، فصاح من هول
    القضا متلفِّتاً للصائل المُنتابِ

    وتَدَفَّق المسكين يصرخُ ثائراً
    ماذا جنيتُ أنا فَحُقَّ عِقابي؟

    لاشيءِ، إلا أنني متغزلٌ بالكائنات
    مغرِّدٌ في غابي

    أَلْقَى من الدّنيا حناناً طاهراً
    وأَبُثُّها نَجْوَى المحبِّ الصّابي

    أَيُعَدُّ هذا في الوجود جريمة ؟!
    أينَ العدالة ُ يا رفاقَ شبابي؟

    لا أين؟، فالشَّرْعُ المقدّسُ ههنا
    رأيُ القويِّ، وفكرة ُ الغَلاّبِ!

    وَسَعَادة ُ الضَّعفاءِ جُرْمُ..، ما لَهُ
    عند القويِّ سوى أشدِّ عِقَاب!

    ولتشهد- الدنيا التي غَنَّيْتَها
    حُلْمَ الشَّبابِ، وَرَوعة الإعجابِ

    أنَّ السَّلاَمَ حَقِيقةٌ مَكْذُوبة
    والعَدْلَ فَلْسَفَةُ اللّهيبِ الخابي

    لا عَدْلَ، إلا إنْ تعَادَلَتِ القوَى
    وتَصَادَمَ الإرهابُ بالإرهاب

    فتَبَسَّمّ الثعبانُ بسمةَ هازئٍ
    وأجاب في سَمْتٍ، وفرطِ كِذَابِ

    يا أيُّها الغِرُّ المثرثِرُ، إنَّني
    أرثِي لثورةِ جَهْلكَ الثلاّبِ

    والغِرُّ بعذره الحكيمُ إذا طغى
    جهلُ الصَّبا في قلبه الوثّابِ

    فاكبح عواطفكَ الجوامحَ، إنها
    شَرَدَتْ بلُبِّكَ، واستمعْ لخطابي

    أنِّي إلهٌ، طاَلَما عَبَدَ الورى ظلِّي
    وخافوا لعنَتي وعقابي

    وتقدَّوموا لِي بالضحايا منهمُ
    فَرحينَ شأنَ العَابدِ الأوّابِ

    وَسَعَادة النَّفسِ التَّقيَّة أنّها
    يوماً تكونُ ضحيَّة الأَربابِ

    فتصيرُ في رُوح الألوهة بضعة
    قُدُسية ,خلصت من الأَوشابِ

    أفلا يسرُّكَ أن تكون ضحيَّتي
    فتحُلَّ في لحمي وفي أعصابي

    وتكون عزماً في دمي، وتوهَّجاً
    في ناظريَّ، وحدَّة في نابي

    وتذوبَ في رُوحِي التي لا تنتهي
    وتصيرَ بَعَض ألوهتي وشبابي. . .!

    إني أردتُ لك الخلودَ، مؤلَّهاً
    في روحي الباقي على الأحقابِ..

    فَكِّرْ، لتدركَ ما أريدُ، وإنّه أسمى
    من العيش القَصيرِ النَّابي

    فأجابه الشحرورُ ، في غُصَ الرَّدى
    والموتُ يخنقه: إليكَ جوابي

    لا رأي للحقِّ الضعيف، ولا صدّى
    الرَّأيُ، رأيُ القاهر الغلاّبِ

    فافعلْ مشيئَتكَ التي قد شئتَها
    وارحم جلالَكَ من سماع خطابي

    وكذاك تتَّخَذُ المَظَالمُ منطقاً
    عذباً لتخفي سَوءَة َ الآرابِ



    التعديل الأخير تم بواسطة ABUZAID ; 13-02-2010 الساعة 12:49 AM
  18.  
  19. #10
    عضو برونزي
    Array الصورة الرمزية أبو جودي
    تاريخ التسجيل
    Jun 2009
    الدولة
    وادمدني - القسم الأول
    المشاركات
    978

    أخينا الغالي أبو زيد طافت بنا الزكريات ورجعت بنا للوراء وللأيام الجميلة
    ولحلاوة الشعر وطلاوته ،،، لك مني كل المنى وأنت تبحر خلال أبياته الخالدة في الذاكرة
    فنستمتع معك أخينا أبو زيد ونتابع معك ...

    والناس: إما خالدُ يروى له ذكر،،،،،، وإما لمحة فزوال.
  20.  
  21. #11
    عضو فضي
    Array
    تاريخ التسجيل
    Jul 2004
    المشاركات
    1,372

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد عبد الله عبدالقادر مشاهدة المشاركة
    الرائع ( الفخري) محمد عبد الله ابو زيد سلامات

    عارف القصيدة الاولى دي عملت فيني عمايل
    ورجعتنا لزمن جميييييييييل وبعيييييييييييييد

    والعجب لتانية دي آآآآآه منك دائماً تجينا بالجنن والبيوج جووووووووه

    متابعين معاك حتى الثماله

    الحبيب الغالي - محمد عبد الله عبد القادر

    ابو القاسم الشابي من الشعراء الذين لم يجدوا حظهم في عالمنا
    وكذلك الفذ الشاعر - التيجاني يوسف بشير

    يتلاقى الاثنان في الكثير

    اتمنى ان اوفق في اختيار ما يرضي

    تحياتي

  22.  
  23. #12
    عضو فضي
    Array الصورة الرمزية بدر الدين احمد الطائف
    تاريخ التسجيل
    May 2009
    الدولة
    ودمدنى دردق
    المشاركات
    1,351

    إذا الشّعْبُ يَوْمَاً أرَادَ الْحَيَـاةَ
    فَلا بُدَّ أنْ يَسْتَجِيبَ القَـدَر

    وَلا بُـدَّ لِلَّيـْلِ أنْ يَنْجَلِــي
    وَلا بُدَّ للقَيْدِ أَنْ يَـنْكَسِـر
    ابوزيد متعك الله بوافر الصحه
    حقيقة نشكرك وانت تزكرنا بروائع الشاعر الفذ ابوالقاسم الشابى

    اللهم اعطنا خير هذا اليوم ما قبله وما بعده اللهم اكفنا شر هذا اليوم ما قبله وما بعده
  24.  
  25. #13
    عضو ماسي
    Array
    تاريخ التسجيل
    Mar 2004
    الدولة
    مـايــو نــص
    المشاركات
    6,008

    كل قصائدة درر وروائع بحق ...



    كل قصائدة درر و روائع بحق ... ولكني قد أقف عند ما يلي كثيراً ...


    أنت تحيين في فؤادي ما قد مات في أمسي السعيد الفقيد

    وتشيدين في خرائب روحي ما تلاشى في عهدي الْمجدود


    من طموحٍ إلى الجمالِ إلى الفنِّ إلى ذلك الفضاءِ البعيد

    أنت أنشودة الأناشيد غنّاك إلهُ الغناء ربّ القصيد

    فيك شبّ الشباب وشّحَهُ السحرُ وشدو الهوى وعطر الورود

    وتبثين رقّة الأشواق والأحلام والشدو والهوى في نشيدي


    بعد أن عانقت كآبة أيامي فؤادي وألجمت تغريدي

    أنت أنشودة الأناشيد غنّاك إلهُ الغناء ربّ القصيد

    لم يفت الأوان أبداً على أن يكون المرء ما كان من الممكن أن يكونه

    المـتــكبـــر هـــو :

    شخص يقف فوق قمة جبل ... يرى الناس صغاراً ... وهم يرونه أصغر



  26.  
  27. #14
    عضو فضي
    Array
    تاريخ التسجيل
    Jul 2004
    المشاركات
    1,372

    أراكِ، فَتَحْلُو لَدَيّ الحياة



    أراكِ، فَتَحْلُو لَدَيّ الحياة ُ
    ويملأُ نَفسي صَبَاحُ الأملْ

    وتنمو بصدرِي ورُودٌ، عِذابٌ
    وتحنو على قلبيَ المشتعِلْ

    ويفْتِنُني فيكِ فيضُ الحياة ِ
    وذاك الشّبابُ، الوديعُ، الثَّمِلْ

    ويفتنُني سِحْرُ تلك الشِّفاهِ
    ترفرفُ منْ حولعنّ القُبَلْ

    فأعبُدُ فيكِ جمالَ السّماء،
    ورقَة َ وَرْدِ الرَّبيعِ، الخضِلْ

    وطُهْرَ الثلوج، وسِحْرَ المروج
    مُوَشَّحَة ً بشعاعِ الطَّفَلْ

    أراكِ، فأُخْلَقُ خلْقاً جديداً
    كأنّيَ لم أَبْلُ حربَ الوجودْ

    ولم أحتمِلْ فيه عِبثاً، ثقيلاً
    من الذِّكْريَاتِ التي لا تَبيدْ

    وأضغاثِ أيّاميَ، الغابراتِ
    وفيها الشَّقيُّ، وفيها السَّعيدْ

    ويْغْمُرُ روحِي ضياءٌ، رفيقٌ
    تُكَلّلهُ رَائعاتُ الورودْ

    وتُسْمُعُني هَاتِهِ الكَائِنَاتُ
    رقيقَ الأغاني، وحُلْوَ النشيدْ

    وترقصُ حولِي أمانٍ، طِرابٌ
    وأفراحُ عُمْرِ خَلِيٍّ، سَعيدْ

    كأنِّيَ أصبَحْتُ فوقَ البَشَرْ
    وتهتزُّ مثْلَ اهتزازِ الوتَرْ

    فتخطو أناشيدُ قلبيَ، سكْرَى
    تغرِّدُ، تَحْتَ ظِلالِ القَمَرْ

    أوَدُّ بروحي عناقَ الوجودِ
    بما فيه من أنفسٍ، أو شجرْ

    وليلٍ يفرُّ، وفجرٍ يكرُّ
    وغَيْمٍ، يُوَشِّي رداءَ السحرْ


    التعديل الأخير تم بواسطة ABUZAID ; 18-01-2010 الساعة 02:28 AM
  28.  
  29. #15
    عضو فضي
    Array
    تاريخ التسجيل
    Jul 2004
    المشاركات
    1,372



    أيُّها الحُبُّ أنْتَ سِرُّ بَلاَئِي



    أيُّها الحُبُّ أنْتَ سِرُّ بَلاَئِي
    وَهُمُومِي، وَرَوْعَتِي، وَعَنَائي

    وَنُحُولِي، وَأَدْمُعِي، وَعَذَابي
    وَسُقَامي، وَلَوْعَتِي، وَشَقائي

    أيها الحب أنت سرُّ وُجودي
    وحياته ، وعِزَّتي، وإبائي

    وشُعاعي ما بَيْنَ دَيجورِ دَهري
    وأَليفي، وقُرّتي، وَرَجائي

    يَا سُلافَ الفُؤَادِ! يا سُمَّ نَفْسي
    في حَيَاتي يَا شِدَّتي! يَا رَخَائي!

    ألهيبٌ يثورٌ في روْضَة ِ النَّفَسِ،
    في‍‍‍‍طغى ، أم أنتَ نورُ السَّماءِ؟

    أيُّها الحُبُّ قَدْ جَرَعْتُ بِكَ الحُزْنَ
    كُؤُوساً، وَمَا اقْتَنَصْتُ ابْتِغَائي

    فَبِحَقِّ الجَمَال، يَا أَيُّها الحُبُّ
    حنانَيْكَ بي! وهوِّن بَلائي

    لَيْتَ شِعْري! يَا أَيُّها الحُبُّ، قُلْ لي:
    مِنْ ظَلاَمٍ خُلِقَتَ، أَمْ مِنْ ضِيَاءِ؟


  30.  
  31. #16
    عضو فضي
    Array
    تاريخ التسجيل
    Jul 2004
    المشاركات
    1,372



    النبي المجهــــــــول




    أيْها الشعبُ! ليتني كنتُ حطَّاباً
    فأهوي على الجذوعِ بفأســي

    ليتَني كنتُ كالسيّولِ إذا ما سالَتْ
    تهــــدُّ القبورَ رمْســــاً برمٍــــــسِ

    ليتَني كنتُ كالريّاح فأطوي
    ورودُ الرَّبيــــع مِنْ كلِّ قنْس

    ليتني كنتُ كالسّتاء أُغَشِّي
    كل ما أَذْبَلَ الخــريفُ بقرسي

    ليتَ لي قوَّة العواصفِ يا شعبي
    فأُلقي إليكَ ثَوْرة نفســـــــــــي

    ليت لي قوة الأعاصيرِ إن ضجَّتْ
    فأدعوكَ للحــــــــــــياة بنبسي

    ليت لي قوة الأعاصيرِ لكْ أنتَ
    حيٌّ يقضي الحــــــــياة برمسِ

    أنتَ روحٌ غَبِيَّة تكره النّــــــور
    وتقضي الدهور في ليل مَلْس

    أنتَ لا تدركُ الحقائقَ إن طافتْ
    حواليكَ دون مـــسّ وجــــــسِ

    في صباح الحياة صَمَّخْتُ أكوابي
    وأترعتُهـــــــا بخمرة نفســـــي

    ثُمَّ قدَمْتُها إليكَ فأهرقْت رحيقي
    ودُستَ يا شــــــــعبُ كأســـــي

    فتألَّمت ثًمَّ أســـــكتُّ آلامي
    وكفكفتُ من شعوري وحسّي

    ثُم نَضَّدْتُ من أزاهيرِ قلبي باقة ً
    لمْ يَمَسَّـــــــها أيُّ إِنْسِــــــي

    ثم قدّمْتُها إليــــكَ فَمزَّقْتَ
    ورودي ودُستَها أيَّ دوسِ

    ثم ألبَسْتَني مِنَ الحُزْنِ ثوبــاً
    وبشوْك الجِبال توَّجتَ رأسي

    إنني ذاهبٌ إلى الغابِ ياشَعْبي
    لأقضي الحياة وحــدي بيأسي

    إنني ذاهبٌ إلى الغابِ علَّـــي
    في صميم الغابات أدفنُ بؤسي

    ثُمَّ أنْسَاكَ ما استطعتُ فما أنت
    بأهْــــــلِ لخمرتي ولكَأســـــــي

    سوف أتلو على الطُّيور أناشيدي
    وأُفضي لها بأشواق نَفْســــــي

    فَهْي تدري معنى الحياة وتدري
    أنّ مجدَ النُّفـــوسِ يَقْظَة حِــــسِّ

    ثم أقْضي هناك في ظلمة الليل
    وأُلقي إلى الوجود بيأســـــــــي

    ثم تَحْتَ الصَّنَوْبَر النَّاضر الحلو
    تَخُطُّ السُّيولُ حُفرة رمســــي

    وتظَلُّ الطيورُ تلغو علـى قبْرِي
    ويشدو النَّسيمُ فوقي بهمس

    وتظَلُّ الفصولُ تمْشي حواليَّ
    كما كُنَّ في غَضارَة أمْســــي

    أيّها الشّعبُ أنتَ طفلٌ صغيرٌ
    لاعبٌ بالتُّرابِ والليلُ مُغْــــسِ

    أنتَ في الكَوْنِ قوَّة لم تَنسْسها
    فكرة ٌ عبقـــــريَّة ٌ ذاتُ بأسِ

    أنتَ في الكَوْنِ قوة ٌ كبَّلتْهــــــا
    ظُلُمَاتُ العُصور مِنْ أمس أمسِ

    والشقيُّ الشقيُّ من كان مثلي
    في حَسَاسِيَّتي ورقَّة ِ نفســـي

    هكذا قال شاعرٌ نــــــاولَ النَّاسَ
    رحيقَ الحياة في خيـــــــر كأسِ

    فأشاحُوا عنْها ومرُّوا غِضــــــابا
    واستخفُّوا به وقالــــــــوا بيأس

    قد أضاعَ الرشّادُ في ملعـب
    الجِنّ فيا بؤسهُ أصيب بمسّ

    طالما خاطبَ العواصفَ في الليلِ
    ويَمْشي في نشوة المُتَحَسِّي

    طالما رافقَ الظلامَ إلى الغابِ
    ونادى الأرواحَ مِن كلِّ جِنْـــس

    طالما حدَّثَ الشياطينَ في الوادي
    وغنّى مع الرِّيـــــــاح بجَــــــرسِ

    إنه ساحرٌ تعلِّمُه الســـــحرَ
    الشياطينُ كلَّ مطلع شمسْ

    فأبعِدوا الكافرَ الخبيثَ عن الهيكلِ
    إنّ الخَبيثَ منبــــــعُ رِجْــــــسِ

    أطردوه ولا تُصيخوا إليه
    فهو روحٌ شريِّرة ذات نحْسِ

    هَكَذا قَال شاعرٌ فيلســــوفٌ
    عاشَ في شعبه الغبيِّ بتَعْس

    جَهِلَ الناسُ روحَه وأغانيها
    فساموُا شعورَه سومَ بخْس

    فَهْوَ في مَذهبِ الحياة نبيٌّ
    وَهْوَ في شعبهِ مُصَابٌ بمسِّ

    هكذا قال ثمّ سَار إلى الغابِ
    ليَحْيا حياة شعـــرٍ وقُـــــدْسِ

    وبعيداً هناك في معبد الغاب
    الذي لا يُظِلــــــُّه أيُّ بُؤْسِ

    في ظلال الصَّنوبرِ الحلوِ والزّيتونِ
    يقْضي الحياة حرْســــــاً بحرْسِ

    في الصَّباح الجميل يشدو مع الطّير
    ويمْشي في نشـــــوة المنحسِّي

    نافخاً نايَه حوالْيه تهتـــــزُّ
    ورودُ الرّبيع منْ كلِّ فنسِ

    شَعْرُه مُرْسَلٌ تداعُبه الرّيحُ
    على منكبْيه مثلَ الدُّمُقْسِ

    والطُّيورُ الطِّرابُ تشدو حواليه
    وتلغو في الدَّوحِ مِنْ كُلِّ جنسِ

    وترى عند الأصيل لدى الجدول
    يرنو للطَّـــــائرِ المتحسِّي

    أو يغنِّي بين الصَّنوبرِ أو يرنو
    إلى سُدْفَة الظَّلامِ الممسّي

    فإذا أقْبَلَ الظلامُ وأمســـــتْ
    ظلماتُ الوجودِ في الأرض تُغسي

    كان في كوخه الجميل مقيماً
    يَسْألُ الكونَ في خشوعٍ وَهَمْسِ

    عن مصبِّ الحياة أينَ مَدَاهُ
    وصميمِ الوجودِ أيَّان يُرسي

    وأريجِ الوُرودِ في كلِّ وادٍ
    ونَشيدِ الطُّيورِ حين تمسِّي

    وهزيمِ الرِّياح في كلِّ فَجٍّ
    وَرُسُومِ الحياة من أمس أمسِ

    وأغاني الرعاة أين يُواريها
    سُكونُ الفَضا وأيَّان تُمْسي

    هكذا يَصْرِفُ الحياة ويُفْني
    حَلَقات السنين حَرسْاً بحرْسِ

    يا لها من معيشة في صميم الغابِ
    تُضْحي بين الطيور وُتْمْســــــي

    يا لها مِنْ معيشة لم تُدَنّسْهَا
    نفوسُ الورى بخُبْث ورِجْــــسِ

    يا لها من معيشة هيَ في الكون
    حياة غريبــــة ذاتُ قُدسِ


    التعديل الأخير تم بواسطة ABUZAID ; 20-01-2010 الساعة 02:23 AM
  32.  
  33. #17
    عضو فضي
    Array الصورة الرمزية الفخيييم
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    المشاركات
    2,048

    خالص الود والتحايا اخونا ابوزيد..
    قمة الروعة ان تسرد لنا نماذج
    من اشعار هذا الشاعر الرائع
    ابو القاسم الشابي الذي أعتبط
    اي مات في ريعان شبابه..
    وتجربته شبيهة بشاعرنا الفذ
    التجاني يوسف بشير عليه رحمة الله..
    واصل لقد امتعتني كثيراً..

    التقينا والدهشة هي الإتكلمت ..

    قبل الأيادي العيون هي السلمت ..

    من شدة الافراح بكينا ..
  34.  
  35. #18
    عضو فضي
    Array
    تاريخ التسجيل
    Jul 2004
    المشاركات
    1,372

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو جودي مشاهدة المشاركة
    أخينا الغالي أبو زيد طافت بنا الزكريات ورجعت بنا للوراء وللأيام الجميلة
    ولحلاوة الشعر وطلاوته ،،، لك مني كل المنى وأنت تبحر خلال أبياته الخالدة في الذاكرة
    فنستمتع معك أخينا أبو زيد ونتابع معك ...


    أبو جودي شخصيا


    الف مليووووووون مرحبا


    تثير اعمال شاعرنا العملاق في النفس شجونا وحزنا واملا وبهاء

    تنبش اشعار شاعرنا العملاق في الفؤاد هياما وغراما وضياء

    ترتجف له المشاعر وتنقاد

    تدمع العين بلا سيل ولا تبلد

    تتسامى النفس عن كل نواقصها

    شاء بعضهم ام ابى

    يظل الشاعر ابو القاسم الشابي يسمو في سماوات المجد والعلو


    اتمنى من الجميع مدنا بكل ما يفيد هذا الموضوع عن شاعرنا

    ابو القاسم محمد الشابي


    تحياتي


  36.  
  37. #19
    عضو فضي
    Array
    تاريخ التسجيل
    Jul 2004
    المشاركات
    1,372


    نشيد الجبار
    ( هكذا غنّى بروميثيوس )


    سَأعيشُ رَغْمَ الدَّاءِ والأَعْداءِ
    كالنِّسْر فوقَ القِمَّةِ الشَّمَّاءِ

    أَرْنو إِلَى الشَّمْسِ المضِيئّة هازِئاً
    بالسُّحْبِ والأمطارِ والأَنواءِ

    لا أرمقُ الظلَّ الكئيبَ ولا أَرى
    ما في قرارِ الهَوّة السوداءِ

    وأسيرُ في دُنيا المشاعِر حَالماَ
    غَرِداً وتِلْكَ سَعادةُ الشعراءِ

    أُصغِي لموسيقى الحَياة وَوَحْيِها
    وأذيبُ روحَ الكونِ في إنْشائي

    وأُصِيخُ للصّوتِ الإلهيِّ الَّذي
    يُحْيي بقلْبيَ مَيِّتَ الأصْداءِ

    وأقول للقَدَرِ الذي لا يَنْثني
    عن حرب آمالي بكل بلاءِ

    لا يطفىء اللهبَ المؤجَّجَ في دَمي
    موجُ الأسى وعواصِفُ الأرْزاءِ

    فاهدمْ فؤادي ما استطعتَ فإنَّهُ
    سيكون مثلَ الصَّخْرة الصَّمَّاءِ

    لا يعرفُ الشكْوى الذَّليلة والبُكا
    وضَراعَةَ الأَطْفالِ والضُّعَفَاء

    ويعيشُ جبَّارا يحدِّق دائماً
    بالفَجْر بالفجر الجميلِ النَّائي

    إملأ طَريقيَ بالمخاوفِ والدّجى
    وزَوابعِ الاَشْواكِ والحَصْباءِ

    وانشُرْ عليْهِ الرُّعْبَ وانثُرْ فَوْقَهُ
    رُجُمَ الرّدى وصواعِقَ البأساءِ

    سَأَظلُّ أمشي رغْمَ ذلك عازفاً
    قيثارتي مترنِّما بغنائي

    أمشي بروحٍ حالمٍ متَوَهِّجٍ
    في ظُلمةِ الآلامِ والأدواءِ

    النّور في قلبِي وبينَ جوانحي
    فَعَلامَ أخشى السَّيرَ في الظلماءِ

    إنّي أنا النّايُ الذي لا تنتهي
    أنغامُهُ ما دامَ في الأحياءِ

    وأنا الخِضَمُّ الرحْبُ ليس تزيدُهُ
    إلا حياةً سَطْوةَ الأنواءِ

    أمَّا إذا خمدَتْ حَياتي وانْقَضَى
    عُمُري وأخرسَتِ لمنيَّةُ نائي

    وخبا لهيبُ الكون في قلبي الذي
    قدْ عاشَ مثلَ الشُّعْلةِ الحمْراءِ

    فأنا السَّعيدُ بأنني مُتَحوِّلٌ
    عَنْ عَالمِ الآثامِ والبغضاءِ

    لأذوبَ في فجر الجمال السرمديِّ
    وأَرْتوي منْ مَنْهَلِ الأَضْواءِ

    وأقولُ للجَمْعِ الذينَ تجشَّموا
    هَدْمي وودُّوا لو يخرُّ بنائي

    ورأوْا على الأشواك ظلِّيَ هامِداً
    فتخيّلوا أنِّي قَضَيْتُ ذَمائي

    وغدوْا يَشُبُّون اللَّهيبَ بكلِّ ما
    وجدوا ليشوُوا فوقَهُ أشلائي

    ومضُوْا يمدُّونَ الخوانَ ليأكُلوا
    لحمي ويرتشفوا عليه دِمائي

    إنّي أقول لَهُمْ ووجهي مُشْرقٌ
    وَعلى شِفاهي بَسْمةُ اسْتِهزاءِ

    إنَّ المعاوِلَ لا تهدُّ مَناكِبي
    والنَّارَ لا تَأتي عَلَى أعْضائي

    فارموا إلى النَّار الحشائشَ والعبوا
    يا مَعْشَرَ الأَطفالِ تحتَ سَمائي

    وإذا تمرّدتِ العَواصفُ وانتشى
    بالهول قَلْبُ القبّةِ الزَّرقاءِ

    ورأيتموني طائراً مترنِّماً
    فوقَ الزّوابعِ في الفَضاءِ النائي

    فارموا على ظلّي الحجارةَ واختفوا
    خَوْفَ الرِّياحِ الْهوجِ والأَنواءِ

    وهُناك في أمْنِ البُيوتِ تَطارَحُوا
    عثَّ الحديثِ وميِّتَ الآراءِ

    وترنَّموا ما شئتمُ بِشَتَائمي
    وتجاهَرُوا ما شئتمُ بِعدائي

    أما أنا فأجيبكم من فوقِكم
    والشمسُ والشفقُ الجميلُ إزائي

    مَنْ جاشَ بِالوَحْيِ المقدَّسِ قلبُهُ
    لمْ يحتفِلْ بفداحة الأعباءِ


    التعديل الأخير تم بواسطة ABUZAID ; 22-01-2010 الساعة 09:44 PM
  38.  
  39. #20
    عضو فضي
    Array
    تاريخ التسجيل
    Jul 2004
    المشاركات
    1,372


    السآمة


    سَئِمْتُ الحياة ومافي الحياة
    وما أن تجاوزتُ فجرَ الشَّبابْ

    سَئِمتُ اللَّيالي وَأَوجَاعَها
    وما شَعْشَعتْ مَنْ رَحيقِ بصابْ

    فَحَطّمتُ كَأسي وَأَلقَيتُها
    بِوَادي الأَسى وَجَحِيمِ العَذَابْ

    فأنَّت وقد غمرتها الدموعُ
    وقَرّتْ وَقَدْ فَاضَ مِنْهَا الحَبَابْ

    وَأَلقى عَلَيها الأَسَى ثَوْبَهُ
    وَأقبرَها الصَّمْتُ والإكْتِئَابْ

    فَأَينَ الأَمَانِي وَأَلْحَانُها
    وأَينَ الكؤوسُ وَأَينَ الشَّرابْ

    لَقَدْ سَحَقَتْها أكفُّ الظَّلاَمِ
    وَقَدْ رَشَفَتْها شِفَاهُ السَّرابْ

    فَمَا العَيْشُ فِي حَوْمة ٍ بَأْسُهَا
    شديدٌ وصدَّاحُها لا يُجابْ

    كئيبٌ وحيدٌ بآلامِه
    وأَحْلامِهِ شَدْوُهُ الانْتحَابْ

    ذَوَتْ في الرَّبيعِ أَزَاهِيرُهَا
    فنِمْنَ وقَد مصَّهُنَّ التّرابْ

    لَوينَ النَّحورَ على ذِلَّة ٍ
    ومُتنَ وأَحلامَهنَّ العِذابْ

    فَحَالَ الجَمَالُ وَغَاضَ العبيرُ
    وأذوى الرَّدى سِحرَهُنَّ العُجابْ


  40.  
  41. #21
    عضو فضي
    Array
    تاريخ التسجيل
    Jul 2004
    المشاركات
    1,372


    فلسفة الثعبان المقدس




    كانَ الربيعُ الحُيُّ روحاً حالماً
    غضَّ الشَّبابِ مُعَطَّرَ الجلبابِ

    يمشي على الدنيا بفكرة شاعرٍ
    ويطوفها في موكبٍ خلاَّبِ

    والأُفقُ يملأه الحنانُ، كأنه
    قلبُ الوجود المنتِجِ الوهابِ

    والكون من طهرِ الحياة كأنما
    هُوَ معبدٌ والغابُ كالمحرابِ

    والشّاعرُ الشَّحْرورُ يَرْقُصُ مُنشداً
    للشمس، فوقَ الوردِ والأعشابِ

    شعْرَ السَّعادة والسَّلامِ ونفسهُ
    سَكْرَى بسِحْر العالَم الخلاّبِ

    ورآه ثعبانُ الجبالِ فغمَّه
    ما فيه من مَرَحٍ وفيْضِ شبابِ

    وانقضّ مضْطَغِناً عليه كأنَّه
    سَوْطُ القضاءِ ولعنة الأربابِ

    بُغتَ الشقيُّ فصاح من هول القضا
    متلفِّتاً للصائل المُنتابِ

    وتَدَفَّق المسكين يصرخُ ثائراً
    ماذا جنيتُ أنا فَحُقَّ عِقابي؟

    لاشيءِ إلا أنني متغزلٌ
    بالكائنات مغرِّدٌ في غابي

    أَلْقَى من الدّنيا حناناً طاهراً
    وأَبُثُّها نَجْوَى المحبِّ الصّابي

    أَيُعَدُّ هذا في الوجود جريمة
    أينَ العدالة يا رفاقَ شبابي

    لا أين؟ فالشَّرْعُ المقدّسُ ههنا
    رأيُ القويِّ وفكرة الغَلاّبِ!

    وَسَعَادة الضَّعفاءِ جُرْمُ ما لَهُ
    عند القويِّ سوى أشدِّ عِقَاب

    ولتشهد الدنيا التي غَنَّيْتَها
    حُلْمَ الشَّبابِ وَرَوعة الإعجابِ

    أنَّ السَّلاَمَ حَقِيقة مَكْذُوبة
    والعَدْلَ فَلْسَفَة اللّهيبِ الخابي

    لا عَدْلَ إلا إنْ تعَادَلَتِ القوَى
    وتَصَادَمَ الإرهابُ بالإرهاب

    فتَبَسَّمّ الثعبانُ بسمة هازئٍ
    وأجاب في سَمْتٍ وفرطِ كِذَابِ

    يا أيُّها الغِرُّ المثرثِرُ إنَّني
    أرثِي لثورة جَهْلكَ الثلاّبِ

    والغِرُّ بعذره الحكيمُ إذا طغى
    جهلُ الصَّبا في قلبه الوثّابِ

    فاكبح عواطفكَ الجوامحَ إنها
    شَرَدَتْ بلُبِّكَ واستمعْ لخطابي

    أنِّي إلهٌ طاَلَما عَبَدَ الورى ظلِّي
    وخافوا لعنَتي وعقابي

    وتقدَّوموا لِي بالضحايا منهمُ
    فَرحينَ شأنَ العَابدِ الأوّابِ

    وَسَعَادةُ النَّفسِ التَّقيَّة أنّها
    يوماً تكونُ ضحيَّةَ الأَربابِ

    فتصيرُ في رُوح الألوهة بضعة
    قُدُسية خلصت من الأَوشابِ

    أفلا يسرُّكَ أن تكون ضحيَّتي
    فتحُلَّ في لحمي وفي أعصابي

    وتكون عزماً في دمي وتوهَّجاً
    في ناظريَّ وحدَّة في نابي

    وتذوبَ في رُوحِي التي لا تنتهي
    وتصيرَ بَعض ألوهتي وشبابي..؟

    إني أردتُ لك الخلودَ مؤلَّهاً في
    روحي الباقي على الأحقابِ

    فَكِّرْ لتدركَ ما أريدُ وإنّه أسمى
    من العيش القَصيرِ النَّابي

    فأجابه الشحرورُ في غُص الرَّدى
    والموتُ يخنقه: إليكَ جوابي

    لا رأي للحقِّ الضعيف ولا صدّى
    الرَّأيُ رأيُ القاهر الغلاّبِ

    فافعلْ مشيئَتكَ التي قد شئتَها
    وارحم جلالَكَ من سماع خطابي

    وكذاك تتَّخَذُ المَظَالمُ منطقاً
    عذباً لتخفي سَوءَة الآرابِ

    التعديل الأخير تم بواسطة ABUZAID ; 12-02-2010 الساعة 10:00 PM
  42.  
  43. #22
    عضو فضي
    Array
    تاريخ التسجيل
    Jul 2004
    المشاركات
    1,372


    الدُنْيا المَيِّتة



    إني أرى فَأرَى جُمُوعاً جَمَّة
    لكنّها تحيا بِلاَ ألْبابِ

    يَدْوِي حوالَيْها الزَّمانُ كأنَّما
    يدوي حوالَي جندلٍ وترابِ

    وإذا استجَابُوا للزمانِ تَنَاكروا
    وَتَرَاشَقُوا بالشَّوكِ والأحْصَابِ

    وقضَوا على رُوح الأخوَّة بينهم
    جَهلاً وعاشُوا عِيشة الأَغرابِ

    فرِحتْ بهم غولُ التّعاسة والفَنَا
    وَمَطَامِعُ السّلاَّب والغَلاّبِ

    لُعَبٌ تُحرِّكُها المَطامعُ واللّهى
    وصَغائِرُ الأحقادِ والآرابِ

    وأرى نفوساً مِنْ دُخانٍ جامدٍ
    مَيْتٍ كأشباحٍ وراءَ ضَبَابِ

    مَوتى ، نَسُوا شَوقَ الحياة وعزمَها
    وتحرَّكوا كتحرُّكِ الأنصابِ

    وخبَا بهمْ لَهَبُ الوجودِ، فما بقُوا
    إلاَّ كمحترِقٍ من الأخشابِ

    لا قلبَ يقتحمُ الحياةَ ولا حِجَى
    يسمُو سُمُوَّ الطَّائر الجوَّابِ

    بلْ في الترابِ المَيتِ، في حَزن الثَّرى
    تنمو مَشَاعِرُهُمْ مع الأَعشابِ

    وتموتُ خاملةً كَزَهرٍ بائسٍ
    ينمو ويذبُل في ظَلامِ الغَابِ

    أبداً تُحدِّقُ في التراب ولا تَرَى
    نورَ السماءِ..، فروحُها كتُرابِ..!

    الشَّاعرُ الموهوبُ يَهْرِق فنَّه
    هدراً على الأَقْدامِ والأَعْتابِ

    ويعيشُ في كونٍ، عقيمٍ ميِّتٍ
    قَدْ شيَّدتْهُ غباوةَ الأَحقَابِ

    والعاِلِمُ النِّحريرُ يُنفقُ عُمره
    في فهمِ ألفاظٍ، ودرسِ كتابِ

    يَحيا على رِمَمِ القديم المُجتَوَى
    كالدُّود في حِمَمِ الرَّماد الخابي

    والشَّعبُ بينهما قطيعٌ، ضَائعٌ
    دُنياه دنيا مأكلٍ وشرابِ

    الوَيلُ للحسَّاسِ في دُنياهمُ
    ماذا يُلاقي من أَسَىً وعَذِابِ!

    التعديل الأخير تم بواسطة ABUZAID ; 12-02-2010 الساعة 10:02 PM
  44.  
  45. #23
    عضو فضي
    Array
    تاريخ التسجيل
    Jul 2004
    المشاركات
    1,372

    صَوْتٌ مِنْ السَماءْ


    في اللّيل نَادَيتُ الكَوَاكِبَ ساخطاً
    متأجَّجَ الآلام والآراب

    الحقلُ يملكه جبابرةُ الدّجى
    والروضُ يسكنه بنو الأرباب

    والنَّهرُ، للغُول المقدّسة التي
    لا ترتوي، والغابُ للحَطّابِ

    وعرائسُ الغابِ الجميلِ، هزيلة
    ظمأى لِكُلِّ جَنىًّ وَكُلِّ شَرابِ

    ما هذه الدنيا الكريهةُ ؟ ويلَها
    حَقّتْ عليها لَعْنَةُ الأَحْقابِ

    الكونُ مُصغٍ، ياكواكبُ، خاشعٌ
    طال انتظاري، فانطقي بِجواب

    فسمعتُ صوتاً ساحراً، متموجاً
    فوق المروجِ الفيحِ، والأَعْشابِ

    وَحَفيفَ أجنحةٍ ترفرف في الفضا
    وصدىً يَرِنُّ على سُكون الغابِ

    الفجرُ يولدُ باسماً، مُتَهَلِّلاً
    في الكونِ، بين دُحنِّة وضباب




    التعديل الأخير تم بواسطة ABUZAID ; 12-02-2010 الساعة 10:04 PM
  46.  
  47. #24
    عضو فضي
    Array
    تاريخ التسجيل
    Jul 2004
    المشاركات
    1,372



    ( وهو حوار فلسفي, مداره الحياة والموت, الخلود والكمال )

    في ليلة مظلمة من ليالي الصيف, خرج الشاعر بنفسه, من القرية الصغيرة
    النائمة في سفح الحبل, وفي ذلك السكون الشامل, والظلام المركوم,
    اخذ يمشي بين أشجار الزيتون المزهرة, في مسلك منفرد, ثم اعتلى
    تلك الربوة الصغيرة, حيث كانت مدافن القرية, وحيث ينام الموتى في صمت الدهور.
    وبين القبور الخرساء الجاثمة تحت أضواء النجوم, حيث يتحدث كل
    شئ بجلال الموت, وتفاهة الحياة, جلس الشاعر بإقدام متعبة, ونفس ثائرة,
    واجفان قد أذبلتها الأحزان, فطافت بنفسه الأحلام والأفكار والذكريات,
    وتقلبت أمامه صور الموت وأمواج الحياة.



    وتتابعت أمامه رسوم الأيام الكثيرة, ما نام منها في قلب الأزل,
    وما لم يزل ينمو في أحشاء الأبد الكبير, وجاشت في قلبه هذه الصور والخواطر,
    وعاجت في صدره عجيج الأمواج الثائرة,
    فألقاها إلى الليل في النشيد التالي : ( المتقارب )




    أَتَفنى ابتساماتُ تَلك الجفونِ؟
    ويخبو توهُّجُ تلكَ الخدودْ

    وتذوي وُرَيْداتُ تلك الشِّفاهِ؟
    وتهوِي إلى التُّرْبِ تلكَ النُّهودْ؟

    وينهدُّ ذاك القوامُ الرَّشيقُ
    وينحلُّ صَدْرٌ، بديعٌ، وَجِيدْ

    وتربدُّ تلكَ الوجوهُ الصًّباحُ
    وفِتْنةُ ذاكَ الجَمالِ الفريدْ

    ويغبرُّ فرعٌ كجنْحِ الظَّلامِ
    أنيقُ الغدائر، جعدٌ، مديدْ

    ويُصبحُ في ظُلُماتِ القبورِ
    هباءً، حقيراً، وتُرْباً، زهيدْ

    وينجابُ سِحْرُ الغَرامِ القويِّ
    وسُكرُ الشَّبابِ، الغريرِ، السّعيدْ


    أتُطوَى سماواتُ هذا الوجودِ؟
    ويذهبُ هذا الفَضاءُ البعيدْ؟

    وتَهلِكُ تلكَ النُّجومُ القُدامى ؟
    ويهرمُ هذا الزّمانُ العَهيدْ؟

    ويقضِي صَباحُ الحياة البديعُ؟
    وليلُ الوجودِ، الرّهيبُ، العَتيدْ؟

    وشمسٌ توشِّي رداءَ الغمامِ؟
    وبدرٌ يضيءُ، وغَيمٌ يجودْ؟

    وضوءٌ، يُرَصِّع موجَ الغديرِ؟
    وسِحْرٌ، يطرِّزُ تلكَ البُرودْ؟

    وَبَحْرٌ فَسيحٌ, بَعيدُ القَرارِ
    يَضُجُّ ويَدْوي دَوّيُ الوَليدْ

    وريحٌ، تمرُّ مرورَ المَلاكِ،
    وتخطو إلى الغاب خَطَوَ الرُعودْ؟

    وعاصفة من بنات الجحيم،
    كأنَّ صداها زئير الأسودْ

    تَعجُّ، فَتَدْوِي حنايا الجبال
    وتمشي، فتهوي صُخورُ النُّجودْ؟

    وطيرٌ، تغنِّي خِلالَ الغُصونِ
    وتَهْتِف للفَجْرِ بَيْنَ الوُرودْ؟

    وزهرٌ، ينمِّقُ تِلْكَ التِلالِ
    وَيَنْهَلُ مَنْ كُلِّ ضَوءٍ جَدِيدْ؟

    ويعبَقُ منه أريجُ الغَرامِ
    ونَفْحُ الشَبابِ الحَيِّيِ، السَعيدْ

    أيَسطو عَلَى الكُلِّ لَيلُ الفَناءِ
    ليلهُو بها الموتُ خَلْفَ الوجودْ

    وَيَنْثُرَهَا في الفراغِ المُخِيفِ
    كما تنثرُ الوردَ ريحٌ شَرودْ

    فينضبُ يمُّ الحَياةِ الخضمُّ
    ويَخمدُ روحُ الربيع، الولودْ

    فلا يلثمُ النُّورُ سِحْرَ الخُدودِ
    ولا تُنبِتُ الأرضُ غضَّ الوُرودْ

    كبيرٌ على النَّفسِ هذا العَفَاءُ!
    وصعبٌ على القلبِ هذا الهمودْ!

    وماذا على الَقدَر المستمرِّ
    لو استمرَأَ الّناسُ طَعمَ الخلودْ

    ولمْ يُخْفَروا بالخرابِ المحيط
    ولم يفُجعَوا في الحبيبِ الودودْ

    ولمْ يَسلكوا للخلودِ المرجَّى
    سبيلَ الرّدى ، وظَلامَ اللّحودْ

    فَدامَ الشَّبابُ، وَسِحْرُ الغرامِ،
    وفنُّ الربيعِ، ولطفُ الورُودْ

    وعاش الورى في سَلامٍ، أمينٍ
    وعيشٍ، غضيرٍ، رخيٍّ، رَغيدْ؟

    ولكنْ هو القَدَرُ المستبدُّ
    يَلَذُّ له نوْحُنا، كالنّشيدْ





    وكانت بين القبور روح فيلسوف قديم مجهول , فجاءت تزور جسمها الذي اصبح
    رمة بالية في احشاء التراب, فاشفقت على الشاعر المسكين من الامه الروحية,
    وحيرته الظامئة, فارادت ان تعلمه الحكمة وتسكب في قلبه برد اليقين
    فخاطبته بهذه الابيات :




    تَبَرَّمْتَ بالعيشِ خوفَ الفناءِ
    ولو دُمْتَ حيَّا سَئمتَ الخلودْ

    وَعِشْتَ على الأرض مثل
    الجبال جليلاً، غريباً وحيد

    فَلَمْ تَرتشفْ من رُضابِ الحياة
    ولم تصطبحْ منْ رحيقِ الوُجود

    ولم تدرِ ما فتنة الكائناتِ
    وما سحْرُ ذاكَ الربيعِ الوَليد

    وما نشوة الحبّ عندَ المحبِّ
    وما صرخة القلبِ عندَ الصّدودْ

    ولم تفتكرْ بالغدِ المسترابِ
    ولم تحتفل بالمرامِ البعيدْ

    وماذا يُرجِّي ربيبُ الخلودِ
    من الكون-وهو المقيمُ العهيد-؟

    وماذا يودُّ وماذا يخافُ
    من الكونِ-وهو المقيمُ الأبيد-؟

    تأمَّلْ..، فإنّ نِظامَ الحياة
    نظامُ، دقيقٌ، بديعٌ، فريد

    فما حبَّبَ العيشَ إلاّ الفناءُ
    ولا زانَهُ غيرُ خوْفِ اللحُود

    ولولا شقاءُ الحياةِ الأليمِ
    لما أدركَ النَّاسُ معنى السُّعودْ

    ومن لم يَرُعْهُ قطوبُ الديَاجيرِ
    لَمْ يغتبطْ بالصّباح الجديدْ



    وراقَ حديثُ الروحِ الشاعر العائش بين الهواتف والاشباح,
    فقال يحاورها :



    إذا لَمْ يكنْ مِنْ لِقَاءِ المَنايا
    مَناصٌ لِمَنْ حلَّ هذا الوجودْ

    فأيُّ غَناءٍ لهذي الحياةِ
    وهذا الصراعِ، العنيفِ، الّشديدْ

    وذاك الجمالِ الذي لا يُملُّ
    وتِلكَ الأغاني،وذاكَ الّنشيدْ

    وهذا الظلامِ، وذاك الضياءِ
    وتلكَ النّجومِ، وهذا الصَّعيدْ

    لماذا نَمرُّ بوادِي الزمانِ
    سِراعاً، ولكنّنا لا نَعُودْ؟

    فنَشْربُ مِنْ كُلّ نَبْعٍ شراباً
    ومنهُ الرفيعُ، ومنه الزَّهيدْ؟

    ومنه اللذيذُ، ومنه الكريهُ،
    ومنه المُشيدُ، ومنه الُمبيدْ

    وَنَحْمِلُ عبْئاً مِنْ الذّكرياتِ
    وتلكَ العهودَ التي لا تَعودْ

    ونشهدُ أشكالَ هذي الوُجوهِ
    وفيها الشَّقيُّ، وفيها السَّعيدْ

    وفيها البَديعُ، وفيها الشنيعُ،
    وفيها الوديعُ، وفيها العنيدْ

    فيُصبحُ منها الوَليُّ، الحميمُ،
    ويصبحُ منها العدوُّ، الحقُودْ

    وكُلٌّ إذا ما سألْنا الحَياةَ
    غريبٌ لعَمْري بهذا الوجودْ

    أتيناه من عالمٍ، لا نراه
    فُرادى ، فما شأنُ هذي الحقُودْ؟

    وما شأنُ هذا العَدَاءِ العنيفِ؟
    وما شأنُ هذا الإخاءِ الوَدودْ؟



    روح الفيلسوف :



    خلقنا لنبلغَ شَأوَ الكمالِ
    وَنُصبحَ أهلاً لمجدِ الخُلُودْ

    وتطهرُ أرواحنا في الحياة
    بنار الأسى ......

    وَنَكْسَبَ من عَثَراتِ الطَّريقِ
    قُوى لا تُهُدُّ بدأبِ الصّعودْ

    ومجداً، يكونُ لنا في الخُلودِ
    أكاليلَ من رائعاتِ الورودْ



    ومر بالمقبرة سرب من الارواح, في طريقها الى العالم المجهول,
    فطارت معها روح الفيلسوف, وخلفت عالم الشك والكابة لابنائه البائسين .
    وظل الشاعر يردد بينه وبين نفسه :


    خلقنا لنبلغَ شَأوَ الكمالِ
    وَنُصبحَ أهلاً لمجدِ الخُلُودْ



    ولكن افكاره الثائرة التي لا تهدأ, كانت لا تزال تلح عليه بالاسئلة الكثيرة المرهقة,
    فقال يناجي روح الفيلسوف التي حسبها ما زالت قريبة منه :




    ولكن إذا ما لَبِسنا الخلودَ
    وَنِلنا كمالَ النُّفوسِ البعيدْ

    فهلْ لا نَمَلُّ دوامَ البقاءِ؟
    وهلْ لا نَوَدُّ كمالا جديدْ

    وكَيفَ يكوننَّ هذا الكمالُ
    وماذا تراهُ؟ وكَيفَ الحُدودْ

    وإنّ جمالَ الكمال الطُّموحُ
    وما دامَ فكراً يُرَى من بعيدْ

    فما سِحْرُهُ إنْ غدا واقعاً
    يُحَسُّ، وأصبحَ شيئاً شهيدْ؟

    وهل ينطفي في النفوس الحنينُ
    وتصبحُ أشواقُنا في خُمودْ

    فلا تطمحُ النَّفْسُ فوقَ الكمالِ
    وفَوْقَ الخُلودِ لِبَعْضِ المَزيدْ ؟

    إذا لم يَزُلْ شوْقُها في الخلودِ
    فذاكَ لعمري شقاءُ الجدودْ

    وحربٌ، ضروسٌ، كما قَدْ عهدتُ
    وَنَصْرٌ، وكسرٌ وهمُّ مديدْ

    وإنْ زالَ عنُها فذاك الفَناءُ
    وإن كانَ في عَرَضاتِ الخُلودْ



    كذلك ناجى الشاعر روح الفيلسوف, ولكنها كانت إذ ذاك بعيدة عنه
    في عالم بعيد لا يسمع نجواه, وكذلك ضاعت أسئلة الشاعر في
    ظلمة الليل الذي لا يسمع ولا يجيب.



    التعديل الأخير تم بواسطة ABUZAID ; 12-02-2010 الساعة 09:56 PM
  48.  
  49. #25
    عضو فضي
    Array
    تاريخ التسجيل
    Jul 2004
    المشاركات
    1,372



    قلب الشاعر


    كلُّ ما هبَّ، وما دبَّ، وما
    نامَ، أو حامَ على هذا الوجود

    مِنْ طيورٍ، وَزُهورٍ، وشذًى
    وينابيعَ. وأغصانٍ تَميدْ

    وبحارٍ، وكهوفٍ، وذُرًى
    وبراكينَ، ووديانٍ، وبيدْ

    وضياءٍ، وظِلالٍ ودجى ،
    وفصولٍ، وغيولٍ، ورعودْ

    وثلوجٍ، وضباب عابرٍ،
    وأعاصيرَ وأمطارٍ تجودْ

    وتعاليمَ، وَدِينٍ، ورؤى
    وأحاسيسَ، وَصَمْتٍ، ونشيدْ

    كلُّها تحيْا، بقلبي حرَّة ً
    غَضة َ السّحر، كأطفال الخلودْ

    ههُنا، في قلبيَ الرحْبِ، العميقْ
    يرقُصُ الموتُ وأطيافُ الوجودْ

    ههُنا، تَعْصِفُ أهوالُ الدُّجى
    ههنا، تخفُقُ أحلامُ الورودْ

    ههنا، تهتُفُ أصداءُ الفَنا
    ههنا، تُعزَفُ ألحانُ الخلودْ

    ههنا، تَمْشي الأَماني والهوى
    والأسى ، في موكبٍ فخمِ النشيد

    ههنا الفجْرُ الذي لا ينتهي
    ههنا اللَّيلُ الذي ليسَ يَبيدْ

    ههنا، ألفُ خِضَمٍّ، ثَائرٍ
    خالدِ الثَّورة ِ، مجهولِ الحُدودْ

    ههنا، في كلِّ آنٍ تَمَّحي
    صُوَرُ الدُّنيا، وتبدو من جَديدْ



    التعديل الأخير تم بواسطة ABUZAID ; 12-02-2010 الساعة 09:46 PM

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
by boussaid