الإنابة والرجوع الى الله
تحدث الشيخ علاء سعيد خلال برنامجه "حاملة الأمانة" المذاع على قناة "الرحمة"، عن موضوع هام وهو الإنابة والرجوع الى الله ، موضحاً أن كل بني آدم خطاء، وأن الطريق الى علاج زلاتنا هو معرفة الله وأسمائه وصفاته ، وختم الشيخ الحلقة داعياً لتدارك التفريط خاصة في الصلاة والزكاة والنظر الحرام ، ودعوة شاملة للتوبة والاستغفار.
بدأ الشيخ الحلقة قائلاً:
المولى جل وعلا يحب الذين إذا فعلوا أمراً فيه مخالفة أو تفريط أو تضييع للواجب أنهم يرجعون إليه سريعاً وأنهم يقبلون على ربهم بتوبة وإنابة صالحة، فإن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين، ونبيكم صلى الله عليه وسلم بين أن كل ابن آدم خطاء وقال فيما صح عنه عليه الصلاة والسلام: "كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون".
وذلك أن ابن آدم يغلبه ظلمه لنفسه، وربما غلبته شهوته وحبه للدنيا حتى ينصرف عن الآخرة ويقبل على دنيا دون نظر إلى ما ينفعه وإلى ما يصلح حاله وإلى ما يصلح حاله في المآل، وفي العاجل والآجل وهذا من ضعف البشر.
ثم تساءل الشيخ سعيد : ما منا إلا وعنده غلط وعنده خطأ وربما عنده تضييع للواجبات وربما انتهاك للمحرمات، كل منا فيه تقصير بحسبه، كل منا تعرض له الغفلة بحسب حاله، ولكن هل يجوز لنا أن نبقى على أخطائنا وعلى تقصيرنا وعلى إعراض كثير منا دون إصلاحٍ للأنفس ودون إصلاحٍ لما حولنا .
لهذا قال أهل العلم: أن علاج الغلط وإن علاج التفريط بالأوامر وارتكاب المنهيات يكون بأمور منها:
أن يتعلم المرء ما يجب عليه وأن يعلم حق الله جل وعلا عليه، فإذا علم حق الله عليه وعلم ما يجب عليه تجاه ربه فإنه لن يعصي الله ولن يفرط في أمره ، إذ معرفة الله بأسمائه وصفاته تلين القلب وتحمل المرء على أن يجل الله جل وعلا ثم يلزم العمل الصالح، فإذا لزم العمل الصالح فإنه ييسر له أن يتجنب المحرمات .
ويواصل الشيخ: نجد بيننا من يفرط في الصلاة ذلك الركن الأعظم، بل أعظم الأركان العملية في دين الإسلام، ألا وهو الصلاة، فربما أخرجها عن أوقاتها ، وربما بعض منا لم يؤدها في المساجد مع الجماعة كما أمر الله جل وعلا وأمر به رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذا يجب عليه أن يتفطن في أسباب ذلك، فإن كان لا يعلم فضل الصلاة وفضل أدائها في الجماعة فليتعرف إلى أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم التي منها قوله: "الصلاة إلى الصلاة مكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر"، ثم ليتعرف على قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا عليه".
كذلك المرء إذا كان صاحب مال وترك أداء الزكاة وترك حق الله جل وعلا في المال فإنه يجب عليه أن يتعرف إلى ما أوجب الله من حق المال، فإذا عرف ذلك وعرف الوعيد العظيم في تارك الزكاة، وأن الزكاة قرينة الصلاة ، وهي طهرة للقلب وطهرة للمال وطهرة للنفس كما قال الله جل وعلا: "خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم"، إذا علم ذلك ثم تخلص من شح النفس، أتى مطيعاً سريعاً فأدى حق الله في المال مقبلاً غير مدبر، محباً للإنفاق لا مبغضاً له، لأنه يعلم قول الله جل وعلا: "والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم،يوم يحمى عليها في نار جهنم"،نعم إن وعيد مانع الزكاة لشديد.
وتحدث الشيخ أيضاً عن خطأ النظر الى المحرمات وقال : نجد من يرسل نظرة ويرسل طرفه في رؤية النساء ويتبع النظرة النظرة ولا يراعى لنساء المسلمين حرمة ، ويعرف ذلك فى نفسه ويعرف أن ذلك النظر يجلب عليه الموبقات ويجلب عليه أموراً منكرة ليعلم أن النظر سهم مسموم من سهام إبليس، فإن لم يحصن نفسه وإن لم يردع نفسه عن ذلك فإنه لا شك سيقع فيما بعد في أمور حرمها الله جل وعلا، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: "لا تتبع النظرة النظرة فإنما لك الأولى وليست لك الثانية" ، وسأله جرير رضي الله عنه، سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجأة فقال: "اصرف بصرك" لأن النظرة لا يستهان بها، فمن كان مريضاً بالنظر يتتبع النساء وينظر إلى هذه إلى تلك فليعلم أن ذلك مرض في النفس فليبادر بعلاجه.
وختم الشيخ حديثه عن ضرورة أن العبد المخطىء الى صوابه قائلاً: كلنا بلا شك عندنا قصور و غلط وعندنا جميعاً غفلة نسأل الله جل وعلا أن يجنبنا ذلك وأن يقيمنا على الحق والهدى، لكن لا يجوز أبداً أن نسترسل مع أخطائنا دون أن نحدث توبة وأن نحدث استغفاراً، فهذا نبينا صلى الله عليه وسلم يأمر الناس بقوله: "يا أيها الناس توبوا إلى ربكم، فإني أتوب إلى الله في اليوم مائة مرة"، وهو المعصوم عليه الصلاة والسلام الذي غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فماذا يفعل منا من هو مسترسل مع إعراضه يفرط في الواجبات ويغشى المحرمات ولا يحدث نفسه بتوبة نصوح بتوبة ونزاهة وقرب إلى ربه ، فهل لا نجعل الله جل وعلا أحب إلينا من أنفسنا ونجعل أمره مقدماً عندنا على أوامر النفس وشهوات النفس .
المفضلات