ما كل هذه الهشاشة التي تعاني منها الشخصية السودانية في الحفاظ على القيم الثقافية و الموروثات و التقاليد .. لذا نحن عرضة لكل استلاب ثقافي وتربة خصبة لبذرة كل دخيل على تقاليدنا و موروثاتنا , هشاشة مشوبة بالتواق لكل صرعة وافدة وكل عادة دخيلة دونما تمييز بين غث و سمين أو متناسب مع أعرافنا و تقاليدنا و قبل ذلك ديننا ,أم لا .
إن أجهزة الإعلام ظلت تؤثر في المجتمع السوداني منذ عهد سينما الأبيض و الأسود , ومنها عرفنا الميني جيب أو ما كان يطلق عليه (( جكسا في خط ستة )) , ومنها عرفنا حلاقة (( الكاري )) وشارب (( هتلر )) وباروكة (( مارلين مونرو )) ورقصات السامبا و الرامبا و التوستي و الجيركي ,, ورقصة الكاروشة
يا حاجه ما تسوي كاروشه
كاروشه في بلدنا مافيشه
ولرقصة الكاروشة هذه قصة ( لذيذة ) حيث كان يعرض حينها في السينمات السودانية فيلم (( عنتر قلب الأسد )) من بطولة عبد السلام النابلسي و نجوى فؤاد و نخبة من نجوم ذالك الزمان ويسرد في قصة الفيلم أن عنتر ( عبد السلام النابلسي ) كان يلبس بدلة قديمة علقت بها العته فنصحه صديقه ( عبد المنعم إبراهيم ) بإستعمال الجاز لنظافتها فأصابته العته بالكاروشة كما أصابت عدواها كل من حضر الحفل الراقص فأخذوا ( يكرشون ) جلودهم وهو يتراقصون .
وعقب عرض الفيلم ظهرت صرعة رقص جديدة اسمها رقصة (( الكاروشة )), وما هذا إلا أنموذج لسرعة استجابتنا لوافد الصرعات و الموضات .
عوض الكريم محمد أحمد الخواض شاب من مفاخر شباب المدينة, حدثني ونحن جلوس بمكتبه عن حكاية تمرده على (( البدلة و فستان الزفاف )) يوم عرسه فقال :
: ما كنت أرى جمالا في لباس العروس لفستان أبيض عاري ولا تلطيخ لوجهها بزفة ألوان أساسية و فرعية بل كنت أرى أن (( الميك أب )) يخصم كثيرا من جمال المرأة ,, و أضاف : أما عن البدلة فقد كنت أحتار في سرها و لما بحثت في أمرها وجدتها نبت غربي كنسي شأنها شأن روب التخرج , نبت نما بيننا و رعيناه بماء التقليد و سماد المحاكاة , فأقسمت ألا ألبس يوم عرسي إلا الزي القومي السوداني (( جلابية و توب )) واشترطت مثل ذلك على عروسي .
و مد (( عوض الكريم )) إلي بصورة عرسه دليلا و برهانا على صحة قوله .
يا الله يا لكل هذا الجمال هذه هي ثقافتنا هذا هو إرثنا
المفضلات