[SIZE=6]كانت مدينة بحري بالامس عروسا تزينت ولبست حلة أنيقة ببيت الفنون في تلك الاحتفائية الرائعة التي نظمتها مجموعة مشاهد وقصص قصيرة جدا علي شرف الكاتب والروائي عبد العزيز بركة ساكن وهو من مواليد مدينة كسلا شرق السودان عام 1963م، وهو صاحب رواية (الطواحين) ورواية (رماد الماء) وله مجموعة قصصية بعنوان (على هامش الأرصفة) وأخرى بعنوان (امرأة من كمبو كديس)، حقق جائزة الـ بي بي سي أكثر من مرة عن قصته (دراما الأسير) ثم عن قصته (فيزياء اللون)، ترجمت بعض أعماله إلى اللغة الإنجليزية والفرنسية
كتب أيضا عددا من النصوص المسرحية، صدر عن (مكتبة الشريف الأكاديمية) كتاب (البلاد
الكبيرة) في (552) صفحة من القطع المتوسط، متضمنا روايتيه: الطواحين ورمادالماء،بالإضافة إلى روايته (زوج امرأة الرصاص) التي تنشر لأول مرة، ضمن هذا الكتاب.روايته (الجنقو- مسامير الأرض) حققت جائزة الطيب صالح للإبداع الروائي في دورتها التي أعلنت ظهر الأربعاء ا 21أكتوبر2009 بمركز عبدالكريم ميرغني الثقافي وسط حضور إبداعي وإعلامي حاشد" وتم حظرها فيما بعد بقرار هئية المصنفات الادبية.
صودرت مجمــوعته القصصية«امرأة من كمبو كديس» في 2009 وجمعت من جناح مكتبة عزة في معرض الخرطوم الدولي للكتاب، كما يقول في حديثه إلى «الحياة».وقبلها كانت أمانة الخرطوم عاصمة للثقافة العربية 2005 أصدرت مجموعته القصصية «على هامش الأرصفة» إلا انهاسارعت إلى سحبها بعد اجتماع ساخن لمسؤولين نشرت وقائعه صحيفة «الحياة»
المحلية وقد استغرب بعضهم محتوى المجموعة القصصية الـ «خادش للحياءالعام.)
كانت الامسية جميلة تميزت بحديث شيق من الكاتب حول بعض ملامح السيرة الذاتية والمؤثرات علي ادبه، تميز الحديث بالبساطة والعفوية والمباشرة، فكان سردا رائعا علي الهواء مباشرة أستمتع به كل الحاضرين،حكي الكاتب عن النشأة الاولي وميلاده بكسلا وان والده كان شرطيا بسيطا كثير التنقل في مناطق شرق السودان وهو عامل كان له تأثيره علي الكاتب، وحكي الكاتب عن تفتح مداركه في منطقة خشم القربة التي كانت مصادر المعرفة فيها شحيحة في ذلك الزمن في وكان الحصول علي الكتاب أمرا عسيرا، وكانت قراءاته الاولي للكاتب الامريكي ادجار الان بو رائد القصة الامريكية الحديثة وكانت تلك صدفة فريدة أثرت تأثيرا كبيرا عليه واتيحت له قراءات لكتاب سودانيين متعددين فضلا عن انهار الحكايات في بئيته ومصائر بعض من يعرفهم والتي اثارت اسئلة ظلت بلا اجوبة فرفيق الصبا الذي قتل في حرب دائرة في مكان بعيد من الوطن واولئك العائدون بارجل مقطعة كانوا يثيرون الاسئلة دوما في ذهنه، أما النقلة الكبري في حياة ساكن فقد تمثلت في انتقاله الي مصر للدراسة الجامعية بجامعة اسيوط فقد كانت مصر مكتبة عامرة بكل صنوف الكتب والمعارف فاقبل صاحبنا علي مكتباتها العامة بنهم شديد وبطريقة منظمة لتطوير معارفه، فكان يخصص وقتا لقراءة في نوع معين من المعرفة دون سواه مثلا القصة فقط وبعد فترة ينتقل للقراءة في نوع آخر وهكذا تكونت لدي الكاتب مقومات نهر الابداع الذي جري بداخله ثم خرج في شكل مشروعه الثقافي المبهر الذي ولد متميزا منذ النشأة الاولي،وهذا قولي لاقوله، فروايته رماد الماء مثلا حاولت الاجابة علي بعض الاسئلة حول الحرب الاهلية في جنوب السودان ، تلك الحرب التي أثرت في طفولته وصباه ومصائر رفاق احبهم لم يكن لهم ناقة فيها ولاجمل لكنهم دفعوا ثمنها باهظ رغم بعدهم جغرافيا عنهاا، بعد العودة من الدراسة في مصر التحق الكاتب بعمل في منظمة بلان سودان التي تعمل في مساندة فئات ضعيفة ومسحوقة تعيش في هامش الحياة وكانت تلك تجربة انسانية شحذت ذاكرة الكاتب المتشظية بنماذج انسانية قوية تكافح ببسالة اقدارا صعبة، مكن الكاتب عمله من الاقتراب من تلك النماذج الانسانية التي حضرت فيما بعد حضورا طاغيا في كتاباته وكانت امرأة من كمبو كديس ومجموعته القصصية علي هامش الارصفة تعبيرا مكثفا عن حضور تلك الفئات المسحوقة الفقيرة في داخل الكاتب وفي ادبه، هكذا توافرت للكاتب شروط الابداع من تجربة ذاتية واقتراب من نماذجه الانسانية واسئلة موجعة بداخله بشأن مصائرها ووعي والمام بأدوات الكتابة وتجارب ابداعية متنوعة لغيره، وهكذا تكاملت ملامح تجربته القصصية والروائية.
قال الكاتب ردا علي سؤال حول طقوس الكتابة عنده انه يكتب في أي مكان واي زمان واي وضعية فطبيعة عمله وحياته المتنقلة لاتتيح له أفضل من ذلك، فهو يكتب في السيارة والبيت
في أي وضع متاح طالما كانت الرغبة حاضرة في الكتابة. وقال انه قد تخلص من رقيبه الداخلي منذ زمن بعيد ودفنه تماما فهو يكتب ولايهتم بردود الافعال، فمن يقرأه يقرأ وفق مفاهيمه ورؤاه هو لا وفقا لما كتبه الكاتب. وكانت تلك مناسبة للحديث عن تجربة الجنقو وحظرها عدد فيها الكاتب محاولاته التي بذلها للحصول علي قرار قضائي يحرر الرواية
من الحظر ولكن جهده اصطدم بقرار قضائي بعدم اختصاص القضاء بنظر الأمر. وتطرق الكاتب لمسألة جائزة الطيب صالح فشن هجوما علي الدولة لتخليها عن دورها في دعم الثقافة
وتحدث عن الكاتب يدخل الجوائز باحثا عن عرض منتوجه علي الناس ونشره وليس عن الجائزة او المال وانه اضطر لذلك ونادم علي المشاركة في الجائزة مبينا ان هناك جائزتان بالمسمي نفسه كما هو معلوم الاولي ينظمها مركز عبد الكريم ميرغني والثانية تنظمها شركة تجارية تستهدف الاعلان والربح وهناك بعد سياسي للجائزة، وقال الكاتب انه كان يفضل ان تتولي الشركة المذكورة دعم الجائزة التي ينظمها مركز عبد الكريم ميرغني بدلا من ابتداع جائزة تنظمها هي، واعلن انه لن يشارك في أي جائزة علي الصعيد الشخصي مستقبلا، وقد اثار هذا الحديث نقاشا كبيرا بسبب تواجد عضو من اعضاء لجنة تحكيم جائزة الطيب صالح التي تنظمها شركة زين هي دكتورة عائشة التي دافعت عن الجائزة واكدت انه لايوجد تدخل سياسي فيها باي شكل وانها مستعدة للاستقالة ان ثبت ذلك، وتداخل دكتور محمد المهدي بشري عضو تحكيم الجائزة التي ينظمها مركز عبد الكريم ميرغني منتقدا موقف الروائي بركة ساكن وزميله ابوحازم من الجائزة خصوصا انهما سبقت مشاركتهما فيها وفازا. ثم اتصلت مداخلات وتعليقات عبد العزيز بركة ساكن حتي بلغت الامسية ختامها بتكريم جميل للكاتب. جدير بالذكر ان الامسية شهدت قراءات لنصوص اعضاء مجموعة مشاهد وقصص قصيرة جدا في الافتتاح وقراءات رائعة للشاعر مدني النخلي في الختام.
صلاح الدين سرالختم علي
__________________[/SIZE]
المفضلات