القصه :

في الليل الحالك أطل من نافذة غرفتي الصغيره الى السماء...الأفق...النجوم..كل شيء يحتل كونا فوقي بعيد...ربما ذلك هو السبب..لأنني لاأستطيع الوصول اليه...سمعت صوت هزة أرضية ضئيله...في البدايه..توقعت ذلك لم يكن سوى وهم ليلي يريد مسايرتي...لأن الجميع في ذلك الوقت كانوا تحت عتمة السبات البطيء...ولكن الصوت عاد مجددا..فأيقنت أن هناك مصدر له...ولكن كان يبدو أن هناك شغافا يحيط بالفتحة المصدرة لذلك الفحيح...تطلعت الى أرجاء المنزل ..محاولة العثور عليه..ولكن جزيئات الهواء كانت كفيلة بدمج بعض من نفسها مع ذرات ذلك الصوت المجهول..كان هناك شعورا يختلجني أن أهم بالبحث عنه لو كلفني ذلك الليل كله..بحثت..وبحثت..ثم شككت بتلك الغرفه الواقعه في سطح منزلنا..ولكنها مهجوره...لايسكنها سوى الغبار وبعض الطيور المهاجره..لم أتردد..صعدت الى تلك الغرفه أحث خطواتي الخفيفه..مددت يدي بكل ثقة....فتحت الباب الموصد بقوة السنين العابره.....و مع كل تلك الثقه التي استحوذتها ولكن شيئا من لمسات الخوف بدأ يدب ويجري في عروقي الملساء...فتحت الباب ..ورافق الإفتتاح نبرات الصرير القاتله المكبوته...لقد كان الغبار مخيم على أرجاء الغرفه.....صمت...رياح...ضربات نافذة تكاد تنفتح كليا....كل تلك المعالم كانت مصاحبة لذلك الجو المرعب..تعثرت بشي ما..لقد كان صندوق قديم...لكنه مع كل تلك السنون لم يتغير...أشعر أن الحياة مازالت موجودة في داخله...الغسق النازف كان قريبا...قريبا بمسافة الجرأة التي اعترتنني حينما حاولت استطلاع الغرفه...لقد كان ذلك الصندوق كجرح نازف فارغ..الا من ذكريات وماض مقيتان على حد سواء...أنا خائفه..أم..هل مازلت خائفه..هل أخدع نفسي..نعم..أنا خائفه مع أنني مازلت في غرفة صغيرة تسكن منزلنا..أشعر وكأنني تحللت وتسربت الى شاشة السينما التي كانت تنسج في خلاياها فيلم (هالوين).وقد اقتحمت بنفسي منزل (مايكل ماترز)..وبدأت أجوب ثعابينه المعقده..خرجت بفكري عن إيطار الشاشه وعدت لرشدي المتبقي لأرمي به في ذلك الصندوق...هناك...في زاويته المبتله...توجد خريطة عنكبوتيه ومع شيء من التفاف الأخطبوط...وكأن تلك الخطوط العاريه توحي بشيء ما..مكان ما..نعم..ربما الكنز....ماذا دهاني..بدأت أنسج خيالي مع واقعي المر البطيء..أشعر وكأنني بدأت أتقن لغة الخوف بحذافيرها القاسيه...في وسط الخريطه...كانت هناك نقطة حمراء كالدم..شككت أن يكون المكان المقصود به في هذه الكومه....حاولت أن أعرف من أين أبدأ..فنجحت...سرت عليها وكأنني أعيش داخل نقوش تلك الخطوط المتعرجه..المكان يظلم شيئا فشيئا كلما اقتربت اكثر فأكثر الى الداخل...توغلت قليلا..وجدت منزل صغير..بل كوخ..أشبه بالذي في فيلم (سنو وايت)..ولكن هل يكون هذا الكوخ ملك أقزام فعلا..تقدمت قليلا..فقليلا..صعدت ثلاث درجات خشبيه محكوكة ببعض الترف الهالك..حتى أني خفت أن أسقط...وأخيرا وصلت الى الباب بسلام....سواد مضجر يلف ببعض الخيبه..ولكنه يدعو الى الإصرار على اكتشاف دواخله الغامضه...تخيلت نفسي مع (ارنولد) ..أو ..(سلفستر ستالون)..حتى أكون أكثر شجاعة ومروءة..زهدت بما خلفت ورائي من حاضر..ودخلت..والتفت..تارة يمين..وتارة بالإتجاه المعاكس...ولم أبخل بالتطلع أمامي وخلفي...آآآآآآآه..هل سوف أقضي مشوار بحثي سلالم..هذا واحد أمامي..ولكنه أطول من الذي مضى...مع كل تلك العتمة والضيق والقدم التي كانت تعتري المنزل ولكن الأثاث كان وكأنه مازال يتحسسه كائن ماكان...الطعام..لم يستحل عليه ضيف النتن والتعفن بعد...نعم..نعم.. لايوجد أقزام هنا فلا يوجد هناك ست أطباق..وجدت سلالم نازله الى البهو....نزلت عبرها..لم أجد شيئا سوى جدار متكسر يحيط بي..ولكن...مهلا...هناك فجوة بين تلك الأحجار المتكسره...أبعدت بعض الركام..دخلت الى تلك الفجوه...يالهذه الغرفة المخيفة..وكأن هناك (غول)..كان يعيش بداخلها...يبدو أنها كانت لفتاة صغيره...هناك دمية على السرير..اقتربت..وضعت السراج على وجه الدميه...يالهذه البشاعه..لقد كانت هناك سكاكين مغروزة في عينيها وكأن شخصا ما كان يريد الإنتقام من دمية لاحول لها ولاقوه...بقرب تلك الضحية المجسمه...عصفور صغير...وقد راح نصف جسده الضئيل تحت أسنان متوحش غامض... كان الدم لايزال طريا بعض الشيء وكأنه كان وجبة غداء اليوم وقد ترك النصف الثاني للعشاء..أو الأمسيه الورديه..أفتش..أفتش..مازلت أفتش..محاولة العثور على مفتاح اللغز الذي بدأ يستحوذني شيئا فشيئا..أكاد أختنق من رائحة الغبار القابعه في كل زاوية...مهلا قليلا..هناك شمعة مضاءة خلف تلك الطاوله..تبدو وكأن لم يمض على إشعالها وقت طويل...فما زالت طويله ولم يذب منها سوى القليل..القليل الكافي أن يذوب في عشر دقائق فقط...ياإلهي...أكاد أجن..لاأستطيع أن أقوى...كل شيء هنا يدعو للريبة..المنزل يبدو عليه الهلاك..سنين مميته..نيران قارضه..ومع ذلك وكأن مازالت هناك أنفس حيه تعيش بداخله..مع أنني أشك بإطلاق كلمة (حيه)....هذا غريب...أيصدق أن يسكن انسان عاقل مع هذه الكومة والخردة البالية..والغبار..ألم يخنقه..كيف يستطيع عقلي استجماع كل هذه الأحداث تحت سقف واحد وإنساجها سطور تحتوي على كلمات متناغمه..مقفاة.......هزة ضئيلة..غرفة مهجورة..صندوق بالي..خريطة غريبة..نقطة غامضه..كوخ محترق...حياة داخل الكومه.....سوف أجوب بقية الكوخ..لربما أجد أشياء أخرى تساعدني على ربط كل ماأرى حادثة واحدة...تراجعت عن هذه الغرفة...لأعود الى السلالم العليا...صعدت...يوجد هنا الكثير من الغرف..وكل واحدة منها تحمل قصة مناقضة للأخريات...جرذان..حيايا..دماء..خفافيش.إن المكان يثير اشمئزازي...كان يبدو وكأن الدأب كان محاصر له..والعطب قد التهمه..دخلت إحدى تلك الغرف المصفوفه...تبدو وكأنها غرفة الأب والأم...فهي ذات سرير مزدوج.....على أجزاء من الأرض كان كل شيء يدعو الى التعذيب...سوط..قيود من حديد..حبال..وصواعق كهربائيه....ألهذه الدرجة كانت قلوبهم خاوية وضمائرهم معدومة..ماهذا الترف..أيوجد أناس في هذه الحياة بهذه البشاعة والقساوة وقمة الإنحطاط النفسي والشخصي..آآآآآآآه..أشعر وكأنني قد احتسيت كوبا من الرعب للتو..مع بعض التردد للتحليه..العتمه كانت تحيط بعيني التائهتين..الا من بعض خيوط سراج قصيره...خرجت من تلك الغرفه...دخلت الى الأخرى...الآن أشعر وكأنني في فيلم مغامرة روحية..افتح الباب إما أجد وحشا يلتهمني بكل كبريائي...أو سواد يزيدني حيرة...لم أكن أفضل الإثنين على حد سواء..فكلاهما قاس..ومريب...الرائحه كريهه..والقمر غائب تحت رذاذ الغيوم الثائرة...الخزانات بدأت تتخبط..وثعبان شزر بدأ يتلوى على الكوخ...تحطم..التف حول نفسه..ليدخل في حضن الثعبان الضخمة..ضمني معه..أتعصر وانبهر...أريد أن أستيقظ الآن..لأكتشف أن جل مارأيت كلن محض كابوس مزعج...أنتظر..وأنتظر..أتمنى أن أصرخ ليأتي أحد من إخوتي ويوقظني من رعبي..أعاود نفث أنفاسي الأخيره...أمسكتني الثعبان بلسانها السام بعدما شعرت بي بداخلها...لوحت بي..قذفتني...لاأعلم أين سيكون تحطم جسدي المرتعب..سقطت..ثم نهضت..فتلفت..رأيت نفسي بذات الغرفة القابعه في سطح منزلنا...رأيت الصندوق مرة أخرى أمامي ويعيق سيري..والخارطة في يدي..وضعتها داخله..وأغلقته..عدت الى النافذه...ورميت بالصندوق الى كنفي الثعبان...لتضيع مع ذلك الكوخ الدامي..وتنتهي حفلة الـ (هالوين)..عدت الى غرفتي..واسندت جسدي الهالك على سريري..إغمضت عيني..لعلي أكفأ بقليل من النوم..وأنسى تلك الليلة العصيبه..أهرب منها..من تذكرها..نمت لسويعات..حتى أقبل أخي الصغير ليوقظني في الصباح ببراءته التي اعتنقها...نهضت مسرعه..هرعت الى السطح لأتأكد بأنني حين رميت بالصندوق لم يعد مرة أخرى..لايصدق...لايمكن...هل هذا معقول..لاأثر للغرفه.....