النتائج 1 إلى 15 من 15

الموضوع: طريق الشوك

     
  1. #1
    عضو مجتهد
    Array الصورة الرمزية Bushra Elfaki
    تاريخ التسجيل
    Apr 2006
    المشاركات
    143

    طريق الشوك

    طريق الشوك هو عمود بجريدة المهاجر تصدر من ملبورن
    مع انني لم التزم بكتابته دوريا لمشاغل الدنيا ولكنني رأيت ان انقل لكم ما تم نشره

    طريق الشوك

    بشرى محمد حامد الفكي

    في عام 1994 و أنا في حضرة جدي رحمه الله وكان الحديث دائرا حول صحته وكيف ان الامراض تحالفت ضده لتنال من جسده الذي هدته السنين. التفت الي وسالني وكان على علم انني ادرس بجامعة الجزيرة منذ فترة : في اي سنة تدرس الان؟ فاجبته بعد تردد انني بالسنة الثانية؛ واصل جدي حديثه مبديا مهارة في وصف الادوية وطرق تعاطيها؛ وبين الفينة والاخرى يرمقني بنظرة اللائم لانني تاخرت كثيرا في دراستي؛ اردت ان اشرح له سياسة التعليم العالي وكيف اننا اصبحنا ندرس بنظام الورديات، وددت لو حكيت له عن مدير جامعتنا اعظم برفيسور جنوب الصحراء كما يدعي، وددت لو اوضحت له الكثير ولكن نظراته تلك الجمتني فقد كانت نظرات لا يمحو اثرها اي تبرير.

    في عام 1996 و أنا في حضرة جدي رحمه الله وكان الحديث حول عملية العيون التي اجريت له مؤخرا، وكيف انه اقنع الطبيب ان يجري العملية متجاهلا ارتفاع السكر في الدم، ونجاح العملية يؤكد ما اكتسبه من خبرة في مصارعة الامراض، وبينما انا منتبه لما يقول قطع حديثه و فاجأني بنفس السؤال في اي سنة ادرس. أجبته متلعثما في السنة الثانية. نظر الي جدي نظرة عميقة لم افهمها الا بعد شهر من ذلك التاريخ وقال لي: حتى الان في السنة الثانية؟

    بعد شهر مات جدي و أنا ما ازال في السنة الثانية فقد فصلت من جامعة الجزيرة فصلا سياسيا في احداث ابريل 1994 وانتقلت الى الجامعة الاهلية لابداء من السنة الاولى.

    قفزت الى ذهني هذه الحكاية بينما احد المناضلين المفوهين، وهم كثر في بلاد المهجر، يلقي علي محاضرة حول الهوية ومفهوم السودانوية، وركز على ان الثقافة الاسلاموعربية كثقافة مركز اضطهدت ثقافات الهامش الافريقية، مع العلم ان الثقافات الافريقية هي الاصل والثقافة الاسلاموعربية هي ثقافة دخيلة يجب رميها في مذبلة التاريخ لانها جلبت معها الدمار لاهل السودان الافارقة المسالمين.

    كان يتحدث و الزبد على جانبي فمه، و عيونه تبرق بريق المستمتع بحديثه المتلذذ بمضغ حروف كلماته، و قد شجعه اكثرللاسترسال في الحديث زهدي في مبادلته اطرافه، فقد خطرت ببالي نظرة جدي وفكرت في اننا بعد خمسين سنة من الاستقلال السياسي لا نزال بالسنة الثانية نناقش القضايا ذاتها الهوية، الوحدة الوطنية و نظام الحكم.

    نظرت الى محدثي نظرة لا اظنه سيفهمها حتى بعد ان اموت

    الكره احساس جاد وانا اضن باحاسيسي الجادة ولا ابعثرها هباء
  2.  
  3. #2
    عضو مجتهد
    Array الصورة الرمزية Bushra Elfaki
    تاريخ التسجيل
    Apr 2006
    المشاركات
    143

    طريق الشوك

    بشرى محمد حامد الفكي

    حكيت لي رواية للغيطاني علي ما أظن، ولا أذكر من حكاها لي بالضبط، ولم أبذل اي مجهود في الحصول عليها و قرأتها، فهي من رصيد ثقافتي السمعية، ولكنها ظلت بين الفينة والاخرى تقبض بتلابيب ذاكرتي التي أصابها الوهن حتى أنها أصبحت لا تقوى على حفظ الشارع المؤدي الى حيث نسكن، والرواية تحكي عن بلدة أصاب أهلها داء النسيان الى أن وصلوا الى مرحلة ما قبل ظهور اللغة كوسيط للتخاطب، فنسو أن ما يجلسون عليه اسمه الكرسي وما يأكلونه هو الطعام، ولا أدري ما السبب الحقيقي وراء انتشار هذا الداء في تلك البلدة، اما أن يكون محدثي قد نسي هو نفسه أن يحكيه لي، أو أنه حكاه و أنا نسيته، أو وهذا الأرجح بينما هو يحكي كنت أنا مسرجا خيول خيالي متأملا في حال تلك البلدة.

    مارست تلك الرواية سطوتها على ذاكرتي و أنا أقرأ في صحيفة الميدان ما مضمونه أن الحزب الشيوعي في ذكرى 19 يوليو سيظل يلاحق السفاح نميري و زبانيته حتى ينالو الجزاء العادل لما أقترفت يداهم، و أن الجرائم لا تسقط بالتقادم.

    وبما أنني شخصيا نسيت ما أقترف في حقي من تعذيب و فصل في زمن الأنقاذ، فلقد صعقتني الدهشة كأني أسمع بالسفاح نميري لأول مرة، ان نسب كلمة السفاح له ضاع في غياهب النسيان، بل ضاعت أسماء زبانيته أسما أسما. وضاع دم الشهداء في كل العصور.

    أصابنا داء النسيان لدرجة نسينا معها مفردات اللغة ومعانيها، وعدنا لزمن التجارة البكماء، وحتى لا أتوه في أضابير السياسة أترك متاهاتها الى مناضلي المهجر الأشاوس و أعود الى بلدة الغيطاني تلك، التي أصابها داء النسيان هل تذكرونها، و بالتحديد في ميدان الأمم المتحدة سابقا وجوار القبة الخضراء، حيث نجد لوحة تحمل تناقضات الدنيا كلها، مجموعة بنك النيلين الصناعية و بنك الغرب الأسلامي من جهة، ومكتبة القبة الخضراء من جهة أخرى تتوسطهما صينية مرور بها مجسم لميزان العدالة يستظل به بعض المتسولون.

    الآن فقط تذكرت، ذاكرة الشعب السوداني لقيت حتفها في حادث تحطم طائرة مشئوم، و حتى لا تساور البعض الشكوك، الحادث بعد أجراء التحقيق اللازم قضاء و قدر.

    الكره احساس جاد وانا اضن باحاسيسي الجادة ولا ابعثرها هباء
  4.  
  5. #3
    عضو مجتهد
    Array الصورة الرمزية Bushra Elfaki
    تاريخ التسجيل
    Apr 2006
    المشاركات
    143

    و سأواصل في طريق الشوك
    بشرى

    الكره احساس جاد وانا اضن باحاسيسي الجادة ولا ابعثرها هباء
  6.  
  7. #4
    عضو فضي
    Array
    تاريخ التسجيل
    Nov 2004
    المشاركات
    1,395

    الجميل .. بشرى الفكي ..

    هذا الطريق عميق يا عزيزي برغم أشواكه .. يمتعني فيه المسير خلفك .. وأنت تأتينا من ذاكرة أعتلى اللون

    الرمادي معظمها لدينا .. سأظل أتابع معك هذا الطريق .. واصل ونحن في خطوك ...

    على هامش الطريق :

    لي مقولة بأن الكتابة تحمل أنفاس كاتبيها .. والآن يبدو لي لماذا تتداعب أنفاس كتابتك ذاكرتي برغم عطبها ..

    بشرى الفكي .. عصمت الدسيس .. طارق عبد المجيد .. محمد الحافظ .. والعقد يمتد ..

    إن كنت أنت هو بشرى الذي أعني فأنه أنت الرجل الذي سمعت له أجمل نقد ذاتي في حياتي ...

    التحيات النواضر .. وكن متعافي وطيب ...

    وما كنت حزين لما افوتك وسط الفقراء بيوت الطين ...
  8.  
  9. #5
    عضو مجتهد
    Array الصورة الرمزية Bushra Elfaki
    تاريخ التسجيل
    Apr 2006
    المشاركات
    143

    أنني هو بشرى محمد حامد الفكي
    الغريبة أحسست بالألفة وانا اتجول في دنيا ما تكتب
    دون ان اعرف حتى الان من تكون
    شئ غريب حقا
    على العموم انا الان في سدني باستراليا
    الاخ عصمت الدسيس ايضا معي هنا
    لك التحية حتى نلتقي

    الكره احساس جاد وانا اضن باحاسيسي الجادة ولا ابعثرها هباء
  10.  
  11. #6
    عضو مجتهد
    Array الصورة الرمزية Bushra Elfaki
    تاريخ التسجيل
    Apr 2006
    المشاركات
    143

    مقدّر الظروف
    كان صديقي يتحدث بحنق شديد وهو يلعن سلسفيل أهل الثقافة والمثقفين، وتحدث عن أزماتنا كسودانيين وعزاها لأنصاف المثقفين الذين يفترضون في أنفسهم أنهم يفهمون كل شيئ وهم لا يفهمون أي شيئ، وزاد أن الثقافة الحقة هي السبيل الوحيد للخروج من تلك الأزمات، وددت في تلك اللحظة أن أرد عليه حتى أشعره أنني متابع لما يقول، ولكن فيما يبدو في تلك اللحظة اختزلني عقله في أذن، أي والله مجرد أذن، فأسلمته أذني حتى يقضي وطره من الحديث وسرحت في مصطلح ورد في حديثه وهو الدياليكتيك.
    يبدو أن صديقي وقع فريسة سائغة لأحد الذين يجوز فيهم المثل السوداني( زي ابل الرحيل شايلة السقا وعطشانة)، تجدهم يحملون الكتب على أكتافهم وليس في عقولهم، ولذا أجد له العذر، ولكن ما الذي حشر الدياليكتيك هنا؟ لا أدري ولكن هذا المصطلح قيل أن من أستخدمه هو هيجل وقد كان مقلوبا على رأسه على حد قول الماركسيين الى أن جاء ماركس وعدله، أي أوقفه على رجليه، ومنذ أن وقف على رجليه وقطع تلك الأصقاع الى بلادنا أصبح حاضرا بقوة في جلسات تثاقفنا، لا نرحمه ولا يرحمنا، واذا كان ماركس أوقفه على رجليه، مع الأخذ في الاعتبار كل عبقرية ماركس، فمثقفينا قاموا بترقيصه الاذاعة (رقصة الاذاعة هذه تشبه رقصة رئيس الجمهورية تلعب فيها الرقبة والمؤخرة دورا عظيما)، فلم يزل مثقفينا يحشرونه حشرا في نقاشاتهم حتى لتتمنى روح هيجل لو أنه قبر معها.
    حاولت التركيز أكثر في المحاضرة التي يتحفني بها صديقي، وجدته يتحدث عن البنية الفوقية، وضعت يدي في راسي في حركة لا ارادية تحسبا أن تقع فيه البنية الفوقية فتهشمه، وقد انتابني احساس ان عيناي افترقتا أي واحدة في اتجاه، يبدو أنني أحوليت، أغمضت عيناي وتهت في التفسير المادي للتأريخ، والبنية التحتية وعلاقات الانتاج، والبنية الفوقية وحاولت الربط الدياليكتيكي ما بينهم و أرباع المثقفين الذين يتحدث عنهم صديقي، لم أجد سوى الاستسلام خصوصا انني لاحظت أن لذة الحديث أوصلته مرحلة اللهاث، وعبرت به حد النشوة، وتهت أنا في غياهب مفرداته.
    هنالك مؤسسة عبقرية انتجتها الأزمة الاقتصادية الطاحنة في السودان، بعد سيطرة غول الاسلام السياسي علي امور البلاد والعباد، هذه المؤسسة الاقتصادية الهامة تتمثل في دكاكين أو أكشاك صغيرة تسمى مقدّر الظروف، تتيح هذه المؤسسة لأي شخص أن يجد احتياجاته الآنية بالمقدار والثمن الذي يريده، مثلا يمكن أن تكون ذاهبا الى موعد مهم فتذهب لمقدّر الظروف حتى تتعطر بأفخر أنواع العطور بسعر في متناول يدك، أو تستطيع شراء ملعقة صلصة بدلا ان تشتري علبة كاملة، وكله على حسب ظروفك، وأصبح السودانيون كل يقدر ظروف الآخر.
    دلف صديقي بالحديث الى العولمة والنظام العالمي السائد، وتكلم عن الكارثة الاقتصادية وحتمية التحول الاشتراكي، وحقيقة خفت أن تصرّج احدى كلماته فتصيبني، ولكنني تمالكت نفسي وابتسمت له بمسكنة عسى أن تأخذه بي الشفقة، ولكنه فهم أنني استمتع بمضاجعته لأذني، شعرت أن جسمي يتحور متخذا شكل الأذن وعدت للسرحان.
    سألت نفسي من يا ترى أول من فكر في مقدّر الظروف؟ لابد أنه من أصحاب الخيال الواسع، نعم لأن عمل دراسة جدوى اقتصادية لمشروع ما يحتاج لبعض الخيال، فما بالك بفكرة جنونية كهذه، حقيقة شيئ مدهش.
    سألني صديقي مباغتا عن رأيي فيما قال، يبدو أنه فطن في النهاية الى أن ( الونسة مقولبة كلام)، لهنيهة ساد الصمت ثمّ جعلت أبحث عن صوتي الذي أظنه راح في سبات عميق لطول ما ظل عاطلا، وهممت أن أتكلم ولكن الحكمة قد ألجمتني فقلت بعد التنحنحات اللازمة جيد، فقد بدا لي أن صديقي وكأنه نهل حظه من الثقافة، من كشك مقدّر الظروف قبل أن يلتقيني ذلك اليوم.

    الكره احساس جاد وانا اضن باحاسيسي الجادة ولا ابعثرها هباء
  12.  
  13. #7
    فخر المنتديات
    Array الصورة الرمزية خالد أحمد الصول
    تاريخ التسجيل
    Apr 2006
    الدولة
    مدني
    المشاركات
    2,762

    أمتع ما أتمتع به ما كتبته حينما أبحر فيه بعد حين ... و كلما كان الحين طويلا كانت متعتي أحلي و أطول ... أعيش معك أخي في متعتك التي ابحرت فيها معك و أشكرك علي كل اللحظات السعيدة التي قضيناها معا .. و كانك تكتب لي ... أوصلتني درجة من الكيف يحسها صديقي العزيز شيكو عندما يكون في حضرة بركة آكشن ... لك المني و الحب و سوف أجلس علي بابك حافيا جائعا في إنتظار ما تجود لي به ... و راجيك

    التعديل الأخير تم بواسطة خالد أحمد الصول ; 19-06-2009 الساعة 06:05 AM
    سبحان الله و بحمده ... سبحان الله العظيم
  14.  
  15. #8
    عضو فعال
    Array
    تاريخ التسجيل
    May 2009
    المشاركات
    349

    الاستاز بشرى الفكي
    واصل
    نحن نقرأ لك
    فكتاباتك ان استطعت أن أعبر فهي ممتعة

    هـجرة عـصافير الـخريف
    فـى مـوسم الـشوق الحلو
    هـيج رحـيلا مـع الـغروب
    احـساس غـلبنى اتـحملو
  16.  
  17. #9
    عضو مميز
    Array الصورة الرمزية فراس
    تاريخ التسجيل
    Jun 2009
    المشاركات
    544

    استاذ بشري
    حضور ومتابعة لكتاباتك الجميلة

  18.  
  19. #10
    عضو فضي
    Array الصورة الرمزية ابوخالد
    تاريخ التسجيل
    Jun 2009
    المشاركات
    1,963


    أيها الرائع / Bushra Alfaki

    لك كل الود والإحترام

    أمتعت لحظاتنا بهذا الدر من المقالات الثرة

    نرجو دوام التواصل

  20.  
  21. #11
    عضو مجتهد
    Array الصورة الرمزية Bushra Elfaki
    تاريخ التسجيل
    Apr 2006
    المشاركات
    143

    طريق الشوك
    هي لله
    هنالك مقولة تنسب للأستاذ محمود محمد طه تقول بأن الاسلاميون دوما يفوقون سوء الظن، هذه المقولة ظللت دوما اتخذها ترياقا ضد الدهشة التي لم تزل تتربص بي حتى تمسك بتلابيبي جراء أي فعلة يقومون بها، ولم يكتب للأستاذ الشهيد أن يحيا حتى يرى بام عينيه ما فعله بنا الاسلاميون، وذلك رحمة من الله ورضوانه عليه، فقد طاله سوء ظنهم في أكبر جريمة في حق الفكر في القرن المنصرم، جريمة اهتز لها الضمير المحلي والعالمي، وكانت ارهاصا لحقبة من اكثر مراحلنا التأريخية ظلامية.
    ونحن في المدرسة الثانوية كان لنا زميلا يصر اصرارا قويا بأن الأرض مسطحة وليست كروية، وكنا نحاوره دوما، هذا طبعا قبل زمن الفجيعة و الموتيسكلات وبيوت الأشباح التي فيما بعد أصبح نجما لامعا فيها، كنا نحاول أن نقنعه، وكان مصرا بأنه لن يقتنع الا اذا أخذناه في رحلة في الفضاء، حتى يرى الارض من عل ويتأكد بأنها كروية، طبعا لا نحن ولا العالم كان مهموما بأن يفهم زميلنا ذاك حتى نجتهد في أن نوفر له مثل تلك الرحلة، مع أنني لا أدري اذا فعلا توفرت له تلك الرحلة ماذا كان سيفعل بالنصوص التي كان يقرأها لنا والزبد من بين جنبتي فمه؟ المهم في موضوع زميلنا الفقيه اياه هو فكرة التجريب التي استخدمها لتبرهن منطقه المعوج. وظلت هذه الفكرة ديدن وسبيل كل من ينادي بالدولة الدينية، فدوما كانو يرددون أنه لا سبيل الا شرع الله، وفي حين فشلهم في التجربة يبررون بأن العيب كان في التطبيق وتخرج فئة منهم تنادي بالتطبيق الصحيح للشرع، فكانت شريعة نميري التي اغتالت الشهيد محمود محمد طه وقطعت الأيدي وفضحت الناس في التلفزيون، شريعة منقوصة ابان الديمقراطية الثالثة، ثم من بعد ذلك في هذا الزمن الأسود الذي يطبق فيه ما سماه معتنقوه شرع الله، يخرج لنا بين الفينة والأخرى من ينادي بالتطبيق الصحيح معددا النواقص الشرعية في تجربة الأنقاذ.
    الملاحظ دوما أن تطور كل تلك الجماعات ينضبط بمراحل لا يبارحونها حتى بالطفرة التي تحدث عنها العالم البيولوجي مندل في علم الوراثة، بيضة، يرقة، شرنقة ثم حشرة كاملة. ويكونو في اعلى مراحل تطورهم في هذا الشكل الذي عليه حكامنا اليوم، رقص ولكن على انغام لا اله الا الله، تهتك وفساد أخلاقي يغطيه قانون يجلد السيدات في حالة ضبطهم متلبسين بارتداء البنطلون، القانون يفصل لأي فرد على مقاسه وفي كل يعلو الهتاف بان هي لله لا للسلطة ولا للجاه.
    ومع كل ما ذكرت سابقا، ومع مقولة الأستاذ الشهيد، لم أستطع حماية نفسي من الدهشة، فقد صرعتني الدهشة تماما وأنا أقرأ في بيان ما سميت بالرابطة الشرعية، والتصريحات النارية لكادرها الخطابي الشيخ محمد عبدالكريم، الذي قام بتكفير الحزب الشيوعي وفعلت فيه ذاكرة الوعي التناسلي فعلها على حسب التحليل الفاعلي للأستاذ محمد الشيخ، فصرح بأن الشيوعيون أولاد زنا، وطبعا لا يمكن أن تكون دهشتي من تكفير الحزب الشيوعي أو حتى المطالبة بأهدار دمهم، لأن ذلك مسألة طبيعية يحكمها التطور الحتمي المذكور أعلاه، ولكن ما أثار دهشتي هو دعوته وتحديه للأستاذ محمد ابراهيم نقد للدخول معه في مناظرة فكرية، وطبعا المجال ليس مجال سخرية من امكانات الرجل المجاهد مع استدلاله الكاذب بقول ماركس ولينين وانجلز ثلاثتهم مرة واحدة والذي ينم عن جهل تام بالموضوع الذي سيناظر فيه الأستاذ نقد شخصيا، ولكن في الفكرة نفسها، التي تعبر عن انفصام في الشخصية يستوجب العلاج.
    كيف لشخص ينفي الآخر بتلك الفظاظة في خطابه، هذا اذا تجاهلنا المجاهدين الذين ارسلهم لغزو دار الشيوعيين بالجريف، ولسلب الغنائم منهم وسبي نسائهم، كيف لمثل هذا الشخص أن يدعو للحوار الفكري والمناظرة، الا اذا كان فهمه للمناظرة بأن يأتي نقد وهو صاغر ليدفع الجزية، أو كما تقول الطرفة التي أخذ فيها رجال الأمن الثعلب بجريرة الأسد وأخذوا يصفعونه حتى يعترف بأنه الأسد، أما غير ذلك فتحتار فيه مدارس علم النفس، ويقوم فيه واطسون وفرويد وماكدوجل من قبورهم ليلطموا الخدود ويشقو الجيوب. كيف يسمح هذا التقي الورع لنفسه أن يدعو للمناظرة والمفاكرة، وهو ينطلق من مبدأ نفي للشيوعيين حتى أنه طالب بتطليق الزوجات المسلمات منهم، وذلك لأنهم كفرة والكفر في شريعته ردة والردة عقابها القتل، يطربه من الشعر قول أبي تمام:
    السيف أصدق أنباء من الكتب في حده الحد بين الجد واللعب
    ويشجيه صليل السيوف وهتافات أخوته( فلترق منا الدماء، ولترق منهم دماء ولترق كل الدماء)
    والسؤال الفاغر فهمه بالدهشة هل لا زال لون الدم أحمرا أم تأسلم فأخضوضر يسر الناظرين؟ على العموم الشيخ محمد عبدالكريم يشبه زميلي الذي سطح الكرة الأرضية وبسطها فهل لا زلنا غير مهمومين بأن يفهم؟ اللهم أحشرنا في ذمرة الصادقين

    الكره احساس جاد وانا اضن باحاسيسي الجادة ولا ابعثرها هباء
  22.  
  23. #12
    عضو مجتهد
    Array الصورة الرمزية Bushra Elfaki
    تاريخ التسجيل
    Apr 2006
    المشاركات
    143

    طريق الشوك
    ما دايرين سياسة

    تقول أحلام مستغانمي في ثلاثيتها (أن هنالك من الخدمات ما لا يمكن الرد عليه الا بنكران الجميل)
    تخيلو معي شخصا ما من اصل سوداني أعيد توطينه في استراليا بسنترلينكها وديمقراطيتها، وهو يضع رجل على رجل ويقول بمناسبة وبدون مناسبة (نحن ما دايرين سياسة)، وهو نفس الشخص الذي أعيد توطينه بحجة أنه سياسي، وقد لاقى في سبيل موقفه السياسي ما هدد أمنه وحياته، مما جعل موظفي المؤسسات الدولية يذرفون الدمع السخين، ويهرعون الى الدول الكبرى مثل استراليا يستنهضون فيهم القيم الانسانية، ويحلفونهم بكل عزيز وغالي ليرحموا هذا الشخص ويساعدوه ليبدأ حياة جديدة،
    ونفس هذا الشخص لو كنت لاقيته في أيام قاهرة المعز لدين الله الفاطمي الخوالي، نلك الأيام التي كانت تصطف فيها طوابير الموتى أمام القنصليات الأجنبية ينتظرون تأشيرة حياة، على حسب قول مستغانمي، لو لقيته وبرأته من السياسة لأرتكب فيك جريمة.
    وظلت هذه العبارة عائقا كبيرا في مجمل العمل العام، الاجتماعي والخدمي في أوساطنا كجالية سودانية في بلد التعدد الثقافي، فتناثرت الجمعيات شظايا بدعوى أنها مملوكة للحزب الفلاني، ولا يتم ذلك التناثر كنهاية منطقية لحوار أو نقاش، وانما يتم كنتيجة لجلسات الونسة التي ندمنها، أو لمقولبة النميمة التي نستلذ فيها مضغ اللحم الميت، أو عبر التليفونات التي نسئ استخدامها، وبين ليلة وضحاها تجد هذه الجمعية أو تلك مكونة من عضوين، رئيسها وأمينها العام، ويتواصل نكران الجميل للسياسة لدرجة أن السياسة والخوف منها أصبح وسواسا قهريا، يقض المضاجع، ويثير الرعب.
    وفي جانب ثاني، هنالك الانتهازيون والمرتزقة، الذين يعتمدون على أزمات البشر، هؤلاء أكثر من عزفوا على دلوكة البعد من السياسة، وعرضوا فيها ورقصوا الرقبة، وهؤلاء يعبرون عن أعلى درجات نكران الجميل، باعتبار انه لولا السياسة لما أسترزقوا أيام القاهرة الخوالي حين كانوا يبيعون المعلومات للسفارة السودانية عن المعارضة، بالجملة والقطاعي، ولولاها السياسة لما تمتعو بخيرات الدولة العلمانية الديمقراطية السائل منها والجاف. ولما ارتفع سعرهم في بورصة الخيانة عند أمرائهم في بلد الثلاثين مليون مسكين، لولاها هذه المدعوة السياسة لكانوا الآن يمثلون دور أحدهم في فيلم السودان التراجيدي، لا يعيرهم أحد انتباها.
    ونفسها السياسة التي يلعنونها في أي تجمع سوداني، ويحشرونها في غير سياقها كالاسبوطن المجلي، نفسها السياسة التي أوفدتهم لحضور المؤتمرات، كما اوفدت منظمي المؤتمرات لزيارتهم في بلاد الواق واق البعيدة، ونفسها السياسة التي جعلت رؤسائهم وأخوانهم في الله، يطلقون عليهم لقب قادة ورؤساء الجالية السودانية في استراليا، ونفسها هي السياسة التي يتحسسون في فضائها بقرون استشعارهم الانتهازية من أين تؤكل الكتف.
    وقد صدق القائل
    من يجعل المعروف في غير أهله يذّم
    ومن يظلم الناس يظلم
    وكذلك ينطبق على حالهم مع السياسة المثل القائل (اتق شر من أحسنت اليه)
    وأستغفر الله

    الكره احساس جاد وانا اضن باحاسيسي الجادة ولا ابعثرها هباء
  24.  
  25. #13
    فخر المنتديات
    Array
    تاريخ التسجيل
    May 2009
    الدولة
    مارنجان
    المشاركات
    4,340

    تحياتى لك استاذ بشرى وانت تبحر بنا عبر كتابات عميقة المعنى عذبة الاسلوب
    واصل ونحن متابعين

  26.  
  27. #14
    فخر المنتديات
    Array
    تاريخ التسجيل
    May 2009
    الدولة
    مارنجان
    المشاركات
    4,340

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد الجزولى مشاهدة المشاركة
    تحياتى لك استاذ بشرى وانت تبحر بنا عبر كتابات عميقة المعنى عذبة الاسلوب
    واصل ونحن متابعين
    وتحياتي مره اخرى عزيزي بشرى الفكي

  28.  
  29. #15
    فخر المنتديات
    Array الصورة الرمزية سواااح
    تاريخ التسجيل
    Feb 2006
    الدولة
    مدني - الدرجة الاولي
    المشاركات
    7,978

    الاستاذ بشرى الفكي ..
    من الشوك تنبع افكار نغير بها الحياة
    نبدل بها كل ما يكدر ويزعج البال والخاطر
    لكن هناك اشواك نزعها يؤلم وتركها يؤلم
    فاي الاشياء نختار ؟؟

    العقول الصغيرة تناقش في الأشخاص،

    والعقول المتوسطة تناقش في الأشياء،

    أما العقول الكبيرة .. فإنها تناقش في المبادئ !!


المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
by boussaid