كنت حينها بالمرحلة المتوسطة "سابقا" وكنا حينها نسكن بالحى السودانى ويمر من أمام منزلنا شارع النيل وإن لم يكن النيل قد جاور الشارع المار بحيّنا..
كنت أجلس وحيدا على ركيزة لبوابة ما بيوم ما..أجلس على تلك الأطلال من عهد عصر الإنجليز والتى لم تصمد بزمن الإستقلال..كان الوقت مابين الظهر والعصر بيوم جمعة..أرقب فى العربات لأنى لم أرى مشاة يرتادون الطريق حينها..ولمحت عربة مرسيدس بلون سماوى بديع من على البعد فتابعتها حتى أن صارت أمامى ..ويالدهشتى..رجل وسيم جدا يشير لى مسالما من داخل العربة الفاره وكان يرتدى جلابية وعمة وكان وحده بالعربة التى يقودها..
نعم أعرفه..والله العظيم أعرفه..رددت له التحية ثم وقفت مهللا وقافزا وملوحا بحميمة وبتواترية كلها حماس..تبسم الرجل المار بعربته..كل هذا المشهد لم يدم جزئ من الدقيقة ولكن تفاصيله كأنها ساعات وساعات..
كان الرجل الوسيم الباسم بالعربة الفارهة هو المرحوم الرئيس الأسبق جعفر محمد نميرى..
ذلكم المشهد ظللت أرويه لكل من أعرف وكانوا مابين المصدقين ولا مصدقين..حتى أنى كنت مع اللامصدقين..
إختلف الناس حول شخص النميرى..ولكن من الرؤساء يسلك ذلك المسلك؟..يقود عربته بنفسه وبمدينة غير العاصمة ويبدو أنه كان فى زيارة خاصة وعائلية..
من من الرؤساء يبادر بتحية صبى يجلس على قارعة الطريق وحيدا؟ ضاربا بكل الخطط الأمنية عرض الحائط؟لم يفكر أو يخشى بأن هذا الغلام سوف يخبر الجميع عما راه..وكل ماهماه أن يحيى ذاك الغلام ويدخل السرور بنفسه..
فليرحمك الله فخامة الرئيس الإنسان جعفر نميرى وليسكنك فسيح جناته..وليسامحك على كل أخطائك فى حق نفسك وشعبك..
المفضلات