اجمل درس تلقيته في حياتي وفاق كل ما تلقيناه من علوم في قاعات الدراسة بالجامعة كنا بالداخلية جامعة الجزيرة بالنشيشيبة تلقينا دعوة من احد زملاؤنا من ابناء احدى القرى بشرق النيل لتناول الغداء يوم جمعة ما .. وخاصة نحن طولنا من اهلنا وزاد شوقنا للاكل البلدي .. وفعلا رحنا الى تلك القرية يوم الجمعة ..
استقلبنا زميلنا مع اخوانه كاحسن ما يكون الاستقبال كاننا سفراء او زوار من دولة اخرى .. وعرفنا زميلنا باخوانه باسماء مجرده فقط من نوع .. اخوي الاكبر عوض واخوي الاصغر عثمان ووالده وهكذا .. وكانوا اناس بسطاء يرتدون الزي البلدي العراقي والسروال الطويل ..
دخلنا الصالون وجلسنا نحن الضيوف على السراير والكراسي .. بينما جلس زميلنا واخوانه ووالدهم على الارض كانهم في حضرة امراء .. ونحن اخذنا العزة بالغرور وطغت العبارات الانجليزية على معظم كلامنا باعتبار اننا طلاب جامعة .. كان الاخوة يضحكون من عباراتنا ونحن كنا ناخذ ضحكهم من باب شر البلية ما يضحك لانهم لايفهمون لغتنا الصفوية والتي هي من المفترض اعلى من مستوى فهمهم .. فهم في عرفنا ليسوا سوى مزارعين بسطاء غالبا اكتفوا من التعليم بما يعينهم على فك الخط بالكثير ..تناولنا وجبة الغداء الدسمه والتحلية وانقضى هذا اليوم الجميل ونحن نهم بالمغادره كانت المفاجاه التي الجمتنا حتى دخل بنا البص ودمدني من جديد .
ونحن في الباب نودع في زميلنا واهله انبرى لنا اخوته لتعريفنا بانفسهم من جديد ومن باب مختلف خالص باعتبار نحن طلاب وغرباء قد نحتاج مساعدتهم قال احدهم انه
( البروفيسور فلان الفلان الذي يعمل بالابحاث الزراعية ببركات ) ولو احتجنا لكتاب او اي مساعدة من مكتبة الابحاث علينا زيارته بمكتبه ... ) والثاني عرفنا بنفسه بانه ( الدكتور فلان الفلاني اخصائي الاطفال بمستشفى ود مدني ) لو جابتنا الحاجة الى المستشفى يمكن ان نمر به هناك ..
اما نحن فتبكمنا وتعطلت لغة الكلام وسيطر علينا الصمت وانغلقنا على انفسنا نحاسبها .. انا شخصيا لم انطق باي كلمة حتى دخل البص الداخلية احاسب في نفسي حسابا عسيرا واتمنى الا تكون فلتت مني كلمة استفذت هؤلاء العلماء المتواضعون البسطاء .. بل ظليت يوما كاملا محاولا استذكار كل الكلمات التي فلتت مني خلال اليوم .. ومنذ ذلك اليوم ظل ذلك الدرس يراودني كل ما حستني نفسي نحو الغرور تذكرت الموقف فخمدت نفسي وعرفت قدرها تماما ..



رد مع اقتباس





المفضلات