لنافذتي
اطلالة متفردة على عشٍ لبلبل .. وإنفراجة على البحر .. وكوخ صغير لصياد فقير .. وصخرة تتكسر عليها الأمواج
أما العش فكان في الركن الأدنى لنافذتي من الكوخ . اختاره البلبل بعناية فطرية بحيث لاتنال منه الرياح ولاتغيرات الطقس ..بيد ان اشعة الشمس كانت تتسلل الى مخدعه مع اماطة لثام الليل لتعلن لي عن سفور وجه الصبح على شدو بلبلنا. فأجدني انتزع نفسي من سريري الوثير لأرقب من خلال نافذتي . عودة الصياد محملا بثمار البحر . ثم وهو يفرزها ومن ثم ينظمها في مجموعات نوعية تماماً كباقات الورد. وابقى كذلك حتى يجمع شباكه ويرتق ماتلف منها بعد ان يتم بيع صيده . حتى اذا مااقترب المساء تهادى الى مسمعي رحيل تناهيد الناي يرسلها ذلك الصياد من فوق تلك الصخرة . وكأنه يبعث بالوسن الى عيون النهار حتى يرحل هو في مركب الأطياف الى حضن البكورليضيف الى عقد حياته حبة أخرى في منظومة العناء والبحث المضني عن الرزق .
ومابين تلاطم تلك الأمواج المتكسرة على تلك الصخرة .. وشدو البلبل . وترانيم الناي . وانفجار شرايين الخجل على محيا الشمس وهي تختفي في قلب حبيبها البحر حاملة معها كل الوان الطيف .. كنت امتع النظر واشنف السمع وانا اعيش دورة يومي كاملة ناعمة . حتى جاء ذلك اليوم الذي طال انتظاري فيه لعودة الصياد
واستمر انتظاري حتى حام بالشمس كبد السماء .. ولكن !!! .. الصياد لم يعد . وتجمد امام عيني سؤال .. ترى هل غيَّب البحر صاحبي ؟؟! .. ولو انه فعل . الى من سأشكوه ؟! وعبثاً حاولت ان اجد لسؤالي رد.. ورت الأيام وقد اختفى جزء مهم من جدولي اليومي كنت اكتفي منها بشدو البلبل وتلاطم الأمواج وانا على سريري . حتى قض مضجعي ذات صباح مبكر اهتزازات واصوات عنيفة حسبتها للوهلة الأولى زلزال فتق الأرض . وقمت لأستقصي الخبر . فاذا بها جرافات وآليات حفر ولمحت الكوخ وقد عامت أخشابه القديمة على سطح الماء والصياد يبكي كوخه والصخرة وقد بدأت تتلاشى .. أخذتني العبرة وانا ارى بلبلي المسكين ينتحب مستجيراً بحق جواري.. ودمعة طل تنساب على خد نافذتي .. وعندها فقط علمت بأن البلابل تبكي.
المفضلات