صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 25 من 33

الموضوع: اسلأميات

  1. #1
    فخر المنتديات - رحمة الله علية
    الصورة الرمزية أبونبيل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    الدولة
    مدني
    المشاركات
    2,351

    اسلأميات


    سر اسم محمد


    ميلاد رسول الله سيدنا محمد.. جاء رحمة للعالمين.. من الذي اختار له اسم
    "محمد"
    رغم أنه لم يكن شائعاً بين العرب بينما كان مكتوباً في اللوح المحفوظ أن
    آخر
    الأنبياء اسمه "محمد"؟

    أيضاً ما هي شجرة عائلة النبي الكريم.. وفضل أجداده على الجزيرة العربية..

    وما قصة الصراع على زعامة قريش بين فرعي عبد المطلب وأبي سفيان؟


    أسماء للرسول

    حين وُلد محمد، أقام جده عبد المطلب مأدبة دعى إليها كل أفراد

    قبيلة قريش، الذين أكلوا من عقيقه النبي "صلى الله عليه وسلم" وسألوا عبد
    المطلب: ماذا سميته؟.. فقال: سميته محمداً، فنظر الناس إلى بعضهم بدهشة،

    لأن الاسم غريب على أذانهم، لم تعرفه العرب قبل ذلك، وكأن الله تبارك وتعالى
    قد
    ادخر هذا الاسم، وألهم عبد المطلب به، ليقع أمر مكتوب في اللوح المحفوظ
    منذ
    خُلق آدم، أن نبي آخر الزمان اسمه محمد، وعبد المطلب لم يوح إليه، وسألته
    قريش:
    لم رغبت عن اسماء آبائه؟.. فقال: أردت أن يحمده الله في السماء ويحمده أهل
    الأرض في الأرض.

    هناك ملايين الآن من المسلمين اسمهم محمد، لكن أحداً منهم لم يفكر في معنى
    اسمه
    ولم يحس بمعناه، النبي صلى الله عليه وسلم يعلق اسمه في حديث بالبخاري
    يقول:
    "أن لي اسماء أنا محمد وأنا أحمد وأنا الماحي وأنا الحاشر وأنا العاقب".
    رواه
    البخاري ومسلم.. فما معنى كلمة محمد؟

    محمد من صفة الحمد، محمد هو الذي يحمد ثم يحمد ثم يحمد، فلا يحمد مرة
    واحدة فقط
    من عظمة أفعاله، إنما يحمد كثيراً فصار محمداً.

    وماذا يعني أحمد؟.. هو أحمد الحامدين على الإطلاق، فلا أحد يحمد الله
    مثله.

    وبهذا فإن محمداً تحمده الناس كثيراً على أفعاله، وأحمد هو أعظم من حمد
    الله.

    لماذا "أحمد"؟

    وهذه المعاني تُفسر لماذا جاء اسم النبي صلى الله عليه وسلم في الإنجيل
    "أحمد
    وليس محمد".

    موسى عليه السلام عرف النبي باسم أحمد وحين رأى أمته قال هذه أمة أحمد.

    وعيسى عليه السلام قال: "ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد".

    الاسم الذي نعرف به نبينا هو محمد، لماذا جاء في الكتب السابقة باسم أحمد؟

    سواء كان الاسم أحمد أم محمد، فهو مرتبط بالحمد، فلم يوجد نبي ارتبط اسمه
    بحمد
    الله تبارك وتعالى مثل محمد صلى الله عليه وسلم الذي اختصه الله بسورة
    الحمد.

    سورة الفاتحة العظيمة "ولقد أتيناك سبعا من المثاني " امتن الله عليه
    بسورة
    "الحمد لله رب العالمين" ولواء الحمد يوم القيامة والمقام المحمود، وشرع
    له
    الحمد كلما انتهى من عمل من أعماله، إذا انتهى من تناول طعامه وشرابه يحمد
    الله، وإذا رجع من السفر يحمد الله ويقول "آيبون تائبون حامدون لربنا
    عابدون..
    ولأن الحمد متصل بالنبي "صلى الله عليه وسلم جمعت له معاني الحمد بدءا من
    اسمه
    مروراً بأفعاله.. والمدهش أن اسمه صار دليلاً على صدقه. لأنه خاتم
    النبيين،
    والله تبارك وتعالى علمنا في دينه أن الأعمال تختم بالحمد، فختم نبواته
    بالحمد
    فجعله محمداً.

    من يعرف نسب الرسول؟

    ماذا نعرف عن الاسم الكامل للنبي؟

    لماذا لا يُعلم الآباء أبناءهم اسم النبي صلى الله عليه وسلم كاملاً هو:
    محمد
    بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن
    كعب
    بن لؤى بن غالب بن فهر، وفهر هو الملقب بقريش، وهو أبو قريش، والذي ليس من
    نسله
    لا يكون قرشياً.

    وفهر من ولد عدنان بن إسماعيل بن إبراهيم عليه السلام.. وهكذا نكون قد
    عرفنا
    نسب النبي صلى الله عليه وسلم وكلمة النسب عند العرب معناها خطير جداً
    فقيمة
    الاسم الكامل للإنسان العربي القديم مثل جواز السفر حالياً، فأنت لا
    تستطيع
    إثبات شخصيتك إلا بإثبات نسبك، وكان العرب يحددون أسلوب معاملتهم للشخص
    على
    أساس نسبه،
    وكان النسابة أو الذي يحفظ الأنساب، من أكثر الناس احتراماً عند العرب،
    لأنه
    يعرف الجذور الحقيقية لكل إنسان في مجتمعه، وكان أبو بكر الصديق أحد
    النسابة
    الأساسيين الذين يعرفون أنساب العرب في ذلك الزمان.

    معنى "هاشم".. و"قريش"

    نريد أن نتأمل نسب النبي صلى الله عليه وسلم من هو هاشم؟

    هاشم هو جد النبي صلى الله عليه وسلم واسمه الحقيقي عمرو.. أما هاشم
    فصفته.

    ومن المهم أن نعرف صفات أجداد النبي صلى الله عليه وسلم لنعرف من أي
    عائلات خرج
    نبي آخر الزمان.

    لماذا عرف عمرو – جد النبي – بهاشم؟

    لأنه هشم الثريد لقومه.

    فبينما كانت مكة تتعرض للمجاعة، كان هاشم يهشم الثريد.. أو كان عمرو يقطع
    الفتة
    واللحم ويوزعه على الحجيج، كان يطعم الحجيج في أثناء المجاعة، فسمي هاشم.

    وهناك بيت مشهور من الشعر القديم يتحدث عن "عمرو الذي هشم الثريد لقومه".

    وهاشم جد النبي صلى الله عليه وسلم مات في غزة، ولذلك فإن "غزة هاشم" أحد
    أسماء
    غزة.

    كذلك من أسماء أجداده صلى الله عليه وسلم كعب.

    وقد سمي كعباً لارتقائه على قومه، أي أنه من أعلى الناس.

    وقريش..ما معنى قريش؟

    قريش من التجمع.. تقرش أي تجمع.. فجد النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي
    استطاع
    أن يجمع قريشاً تحت لوائه بينما كان العرب متفرقين.

    أما قصى فهو الذي جعل لمكة كياناً ومهابة مكة قبل قصى كانت قرية صحراوية،
    ليس
    بها تجارة أو مال، وجاء قصى فجمع القبائل تحت لوائه وقام بتقسيم الأدوار:
    هؤلاء
    يمسكون لواء الحرب، وهؤلاء للسقاية، وهؤلاء للتجارة، لكل قبيلة دور سياسي
    داخل
    مكة، وهو القائد الأعلى.

    أول برلمان

    وقام قصي ببناء دار اسمها "دار الندوة" تقوم بدور البرلمان المعاصر، جمع
    فيها
    زعماء قبائل قريش للتشاور وإقرار القوانين.

    وجاء من بعده ابنه هاشم الذي عقد اتفاقيات مع الفرس والروم لتأمين تجارة
    قريش
    التي تمر بأراضيهم، وأنشأ منظمة "إيلاف" أي تحالف القبائل التي تسيطر على
    الطريق الممتد بين الفرس والروم، لتأمين قوافل التجارة القرشية، فكان هاشم
    بعقليته الاقتصادية والسياسية سبباً في ثراء قريش، وصارت مكة على يديه
    مركزاً
    للتجارة العالميةوتحولت من قرية صغيرة فقيرة وصحراوية، إلى
    عاصمة للجزيرة العربية، وصارت من المدن، ووصفها القرآن الكريم بـ "أم
    القرى".

    أما الجد المباشر للنبي صلى الله عليه وسلم عبد المطلب فأعاد فتح زمزم،
    فبئر
    زمزم بعد إسماعيل عليه السلام، تطاول عليه الزمن وردم بفعل عوامل التعرية،
    وجاء
    عبد المطلب ليعيد حفر زمزم لساقية الحجيج.

    سر الحرب ضد النبي

    يجب أن ننتبه إلى أن هذه العائلة لم تكن غنية، لكنها كانت تمتلك الشرف
    العالي
    والنسب الشريف والفضل على العرب والسمعة الطيبة. لم تكن معهم الثروة لكنهم
    أمّنوا طرق التجارة، وعقدوا المعاهدات وأقاموا الأحلاف وحفروا زمزم، أما
    التجارة والثروة فكانت للفرع الثاني من العائلة"بنو أمية" الذين كان منهم
    أبو
    سفيان، وكان بنو أمية يشعرون بالغيرة من بني عبد المطلب، لأن بني عبد
    المطلب
    كانوا رمزاً للسماحة والطيبة التي تبني وتعمر.. أما بنو أمية فرغم قوافل
    تجارتهم وغناهم لم يستطيعوا اكتساب حب الناس، من هنا نشأ النبي صلى الله
    عليه
    وسلم، قريبا من البسطاء والناس العاديين، لكنه لم يكن بعيداً عن الأغنياء،
    فعصمته هذه النشأة من أن يكون طاغياً بفعل الغنى الفاحش كما كان أغنياء
    بني
    أمية، أو يكون بلا قيمة لفقره، كان النبي صلى الله عليه وسلم، في قمة
    الشرف
    والعزة والتواضع.

    الذين قادوا قريشاً هم أجداد النبي: قصى وهاشم وعبد المطلب.. وبموت عبد
    المطلب
    جد النبي، من الذي كان مرشحاً لقيادة قريش؟

    كان النبي عمره ثمان سنوات ولأول مرة تجتمع لبني أمية الثروة والرئاسة
    معاً حين
    صار أبو سفيان زعيماً لقريش لهذا كانوا أكثر الناس رفضاً للنبي.

    ولعب الشيطان دوره في تشابك المصالح الاجتماعية مع الدين، وهذا ما حدث في
    كل
    زمان ومكان بنو أمية لم يرفضوا الدين لكونه ديناً، لكن لمنافستهم لبني عبد
    المطلب على الزعامة.. وقد قالها أبو جهل بصراحة: كنا نحن وبنو عبد المطلب
    كفرسي
    رهان نتسابق، كلما قالوا عندنا شيء قلنا لدينا مثله، حتى جاءوا وقالوا
    عندنا
    نبي فأنّي لنا بهذا، والله لا نؤمن به أبداً.

    للبيت رب يحميه

    هناك شرف آخر لفرع عبد المطلب وعاه النبي صلى الله عليه وسلم منذ كان
    صغيراً،
    وهو أن جده عبد المطلب هو الذي تصدى لأبرهة قائد جيش الأحباش.. وهو من
    القوى
    العظمى في العالم آنذاك.. الذي أتى غازياً لهدم الكعبة، فوقف أمامه عبد
    المطلب
    متصدياً لجيشه الضخم بمنتهى الثقة.

    كان عبد المطلب حكيم قريش وزعيمها مؤمناً بفطرته لم يكن من أثرياء قريش
    لكنه
    توجه إلى أبرهة وقال له: حين أتيتم إلى الكعبة أخذتم إبلي، أعد إلى إبلي،
    فضحك
    أبرهة ساخراً وقال له: ظننت أنك أتيت تحدثني عن الكعبة.

    فرد عليه عبد المطلب بمنتهى الثقة: الإبل أنا ربها أما البيت فله رب
    يحميه.

    من أين واتته هذه الثقة وهو لم يعرف الإسلام بعد؟ ومن أين علم أن رب البيت
    مسئول عن حماية بيته؟

    في حديث للنبي رواه مسلم يقول:

    "إن الله اصطفى من كنانة قريش، واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني
    هاشم
    فأنا من خيار العرب".

    ويقول صلى الله عليه وسلم: "إن الله خلق الخلق، فجعلني من خيرهم فريقاً ثم
    تخير
    القبائل فجعلني من خير قبيلة ثم تخير البيت فجعلني من خير بيوتهم.. فأنا
    خيرهم
    نفساً وخيرهم بيتاً".

    وحديث ثالث يرويه عبد الله بن مسعود: "إن الله نظر في قلوب العباد فاختار
    الأنبياء ثم نظر في قلوب الأنبياء فاختار محمداً صلى الله عليه وسلم
    فاصطفاه
    لنفسه وابتعثه برسالته ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد فوجد قلوب
    الصحابة
    خير قلوب العباد فجعلهم وزراء نبيه يقاتلون في سبيل الله".

    ويقول الله تعالى في كتابة العزيز: "لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم
    رسولا من أنفسهم".

    النبي ليس غريبا

    إنك تحس أن النبي ليس غريباً عنك.. إنه منك كل فرد من جزيرة العرب يشعر
    أنه
    شديد القرابة بالنبي.. في المدينة أخوال النبي صلى الله عليه وسلم لأن
    هاشم جد
    النبي صلى الله عليه وسلم تزوج من المدينة، وحين يذهب النبي مهاجراً إلى
    المدينة فهو ليس غريباً عليها لأن أخواله فيها، ومصر لها مع رسول الله صلى
    الله
    عليه وسلم، قربى ونسباً.

    يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: أوصيكم بأهل مصر خيراً فإن لهم نسباً
    وصهراً".

    فجدة النبي هاجر المصرية التي تزوجت سيدنا إبراهيم، والنبي صلى الله عليه
    وسلم
    تزوج ماريا القبطية المصرية.

    كذلك العراق، فسيدنا إبراهيم جد النبي هو من العراق، واليمن.. فالنبي أصله
    من
    كنانة وكنانة من اليمن.. وفلسطين فيها دفن جده هاشم بغزة، وحليمة مرضعة
    النبي
    كانت من الحبشة أو السودان.

    النبي صلى الله عليه وسلم له اتصال مع كل مسلم في شرقنا اتصالاً حميما،
    وهذا
    شيء يسعد القلوب كثيرا، ويجعلك تحس أنك قريب من رسول الله صلى الله عليه
    وسلم.


    منقول

  2. #2
    عضو ماسي

    تاريخ التسجيل
    Mar 2004
    الدولة
    مـايــو نــص
    المشاركات
    6,008


    عمنا وأستاذنا ابو نبيل ...

    لم يفت الأوان أبداً على أن يكون المرء ما كان من الممكن أن يكونه

    المـتــكبـــر هـــو :

    شخص يقف فوق قمة جبل ... يرى الناس صغاراً ... وهم يرونه أصغر




  3. #3
    عضو ذهبي
    الصورة الرمزية فدوى الحسن
    تاريخ التسجيل
    Feb 2005
    الدولة
    في حته حقتي جوااااك...
    المشاركات
    3,064
    جزيت خيرا
    وجعلها الله في ميزان حسناتك
    مرض الحبيب فعدته فمرضت من حزني عليه وأتى الحبيب يعودني ... فبرئت من نظري إليه!!..

  4. #4
    فخر المنتديات
    الصورة الرمزية ناصر عمر دبيب
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    الدولة
    مدني ودزراق
    المشاركات
    3,752
    العم ابو نبيل جزاك الله كل خير
    مدني في حدقات عيوني
    اصلي لمن ادور اجيك بجيك لابتعجزني المسافه
    لابقيف بيناتنا عارض لا الزمان بمسك بايدي
    ولامن الايام مخافه ...يامدني
    ناصر دبيب
    naserdabeeb@hotmail.com
    www.wadmadani.com

  5. #5
    فخر المنتديات
    الصورة الرمزية عوض صقير
    تاريخ التسجيل
    Apr 2006
    الدولة
    ود مدنى المدنيين شمال
    المشاركات
    6,175
    اللهم صلى وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم



    جزاك الله خير أبونبيل وفى ميزان حسناتك

  6. #6
    عضو ذهبي
    الصورة الرمزية هشام السماني إبراهيم
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    الدولة
    في حته حقتي جواك...قلبها
    المشاركات
    4,260
    جزيت خيرا
    وجعلها الله في ميزان حسناتك
    I am what I am, Ill do what I want, But
    I can't hide
    I won't go
    I won't sleep
    I can't breathe
    Until you re resting here with me
    I won't leave
    I can't hide
    I can not be
    Until you re resting here with me

  7. #7
    فخر المنتديات
    الصورة الرمزية ناصر عمر دبيب
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    الدولة
    مدني ودزراق
    المشاركات
    3,752
    جزاك الله كل خير
    مدني في حدقات عيوني
    اصلي لمن ادور اجيك بجيك لابتعجزني المسافه
    لابقيف بيناتنا عارض لا الزمان بمسك بايدي
    ولامن الايام مخافه ...يامدني
    ناصر دبيب
    naserdabeeb@hotmail.com
    www.wadmadani.com

  8. #8
    فخر المنتديات - رحمة الله علية
    الصورة الرمزية أبونبيل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    الدولة
    مدني
    المشاركات
    2,351


    تأملات في سورة مريم ... شجرة الأنبياء

    د. عادل أحمد الرويني*** الخليج

    قال تعالى “أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم وممن حملنا مع نوح ومن ذرية إبراهيم وإسرائيل وممن هدينا وأجتبينا إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا” (مريم 58)

    في الآية المذكورة موازنة بين صنفين من البشر، الصنف الأول: هم أولئك الأنبياء الأتقياء وهم الذين ذكروا في تلك السورة المباركة، والصنف الثاني هم الذين خلفوهم سواء من كفار العرب أو من كفار بني إسرائيل، فإن التناقض هائل، والبون شاسع، والمسافة بعيدة جداً، والفارق عظيم بين تلك السلسلة الربانية النورانية من الأنبياء والرسل الكرام وبين خلفهم الذين بدلوا وحرفوا وغيروا وأضاعوا أهم معالم ما جاء به سلفهم الطاهر. والآن هيا بنا لنتأمل تلك الآيات المباركة.

    في الآية السابقة ومن بداية السورة خص الله تعالى بالثناء عدداً من رسله وأنبيائه الكرام هم زكريا ويحيى وعيسى وإبراهيم ويعقوب واسحاق وموسى وهارون وإدريس عليهم السلام، فهؤلاء جميعاً ذكروا في سورة مريم، وكلهم من ذرية آدم عليه السلام واسم الإشارة “أولئك” يعود إلى هؤلاء الأنبياء العشرة المذكورين في السورة، واسم الإشارة للبعيد فيه ايماء إلى شرف منزلة هؤلاء الأنبياء، وإلى علو مكانتهم، وبعد درجتهم في الفضل.

    النعم الدينية والدنيوية

    والمراد بقوله “أنعم الله عليهم” أي بالنعم الدينية والدنيوية، فقد أنعم الله تعالى عليهم بنعم لا تلحق ولا تسبق، ولذا كان من الملائم إيثار لفظ الجلالة الجامع لصفات الكمال والجلال، وكان من الممكن أن يقال: أولئك الذين أنعمت عليهم، ولكن عدل عن هذا إلى لفظ الجلالة، لإضافة جو من المهابة وكذلك الفخامة على انعامه على هؤلاء الأنبياء الكرام عليهم السلام، وفي بقية الآية الكريمة ذكر لأصول هؤلاء الأنبياء، ذكر للمنبع أو لأصل بيوت هؤلاء المنعم عليهم من الأنبياء، ذكر لأهم المعالم البارزة في صفحة النبوة في تاريخ البشرية، فهؤلاء الكرام عليهم السلام يجمعهم جميعاً أنهم من ذرية آدم عليه السلام، وهذا هو النسب العام أو أصل السلسلة النورانية التي تجمع بين هؤلاء الأنبياء عليهم السلام، ثم خص بعضهم بأنه من ذرية من حمل مع نوح عليه السلام وهو إبراهيم عليه السلام، لأنه من ولد سام بن نوح. ولم يكن إدريس عليه السلام من ذرية من حمل مع نوح عليه السلام، لأنه كان سابقاً على نوح، فهو جد أبي نوح كما ورد في كتب التفسير، لذا فإدريس عليه السلام هو النبي المقصود بأنه من ذرية آدم، على الرغم من أن جميع هؤلاء الأنبياء من ذريته، لأنه أقرب هؤلاء الأنبياء المذكورين زمناً منه.

    إذاً المعلم الأول البارز من معالم النبوة هو إدريس عليه السلام “من ذرية آدم”، والمعلم الثاني “وممن حملنا مع نوح” والمراد به إبراهيم عليه السلام، وهو من ذرية من حمل مع نوح، والمعلم الثالث أو قل البيت الثالث من بيوت الأنبياء “ومن ذرية إبراهيم” ويشمل اسحاق وإسماعيل ويعقوب، والبيت الرابع من بيوت هؤلاء الأنبياء الكرام هو بيت يعقوب، وهو المراد بقوله “وإسرائيل” حيث جاء معطوفاً على قوله “إبراهيم” ومن ذرية “إسرائيل” أي يعقوب: زكريا ويحيى وموسى وهارون وكذلك عيسى عليهم السلام جميعاً من جهة أمه مريم، لأنه من ذرية إسرائيل، عرفت إذن أصول شجرة هؤلاء الأنبياء عليهم السلام، وأوجزها لك ثانية فيما يأتي:

    أولاً: “من ذرية آدم” وآدم يشمل الجميع.

    ثانياً: “وممن حملنا مع نوح” ونوح يشمل من بعده.

    ثالثاً: “ومن ذرية إبراهيم وإسرائيل” وإبراهيم يشمل فرعي النبوة الكبيرين وهما ولده يعقوب الذي يشمل شجرة بني إسرائيل، وولده إسماعيل الذي إليه ينتسب العرب، ومنهم سيد المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم.

    العناية الإلهية بنوح

    والآن تدبر معي الصياغة في قوله سبحانه “أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم وممن حملنا مع نوح...” حيث كان ظاهر السياق أن يقال “أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين... وممن حمل أو ممن حمل الله مع نوح” ولكن عدل عن هذا إلى ما عليه صياغة الآية حيث كان الالتفات من الغائب إلى المتكلم “حملنا” لإبراز كمال العناية الإلهية بنوح وبمن حمله معه في السفينة، وكأنه سبحانه هو الذي تولى حملهم بذاته، فرعايته سبحانه كانت تحيط بتلك السفينة المباركة التي قال عنها “تجري بأعيينا” (القمر 14) أما لفظ الجلالة ففيه المهابة والفخامة، بخلاف نون العظمة التي تناسب مقام الامتنان بالنعمة والله أعلم بمراده.

    وقد جاء اسم الإشارة “أولئك” مبتدأ، وقوله “الذين أنعم الله عليهم” وقع خبراً له، أو صفة لاسم الإشارة، وخبر “أولئك” الجملة الشرطية “إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا”، وبين في قوله تعالى “من النبيين” بيان لاسم الموصول، وهذا من بيان العام وهم “الذين أنعم الله عليهم” بالخاص وهم النبيون.

    والمعنى: أولئك المنعم عليهم هم النبيون. وكانت “من” هنا بيانية كما أوضحنا لأن كل النبيين أنعم الله عليهم، ولو جعلت “من” تبعيضية للزم الفساد، حيث يدل على أن بعض النبيين أنعم الله عليهم، وبعضهم لمن ينعم الله عليهم، وهذا باطل كما هو واضح، أما “من” الثانية في قوله “من ذرية آدم” فهي للتبعيض، كأن المعنى “أولئك النبيون الذين هم بعض ذرية آدم”.

    والقصر المستفاد من تعريف الطرفين في قوله تعالى “أولئك الذين أنعم الله عليهم” قصر إضافي أفاد المبالغة، بيان هذا أن الأنبياء معرفون بكونهم منعماً عليهم، فتنزل النعم على غيرهم من الصالحين منزلة العدم مبالغة في كمالها في حق الأنبياء عليهم السلام. وقد حمل بعض المفسرين التعريف في الخبر على الجنس أي العموم بأن ينزل انعام الله على غير هؤلاء الأنبياء المذكورين منزلة العدم مبالغة، وهذا تأويل مردود، لأنه يلزم منه جعل غير هؤلاء الأنبياء المذكورين ومن جملتهم خير الرسل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كأنهم لم ينعم عليهم، وليسوا بأنبياء وهذا باطل.

    انقياد مطلق لله

    لقد رتب الله سبحانه وتعالى أحوال الأنبياء عليهم السلام الذين ذكرهم في تلك السورة المباركة “سورة مريم” على هذا الترتيب منبهاً سبحانه بذلك إلى أن هؤلاء الأنبياء الكرام كما فضلوا بأعمالهم فكذلك فضلوا بنسبهم الطاهر المبارك انه نسب النبوة والرسالة، ثم بين سبحانه أن هؤلاء الأنبياء من تلك القافلة الإيمانية المباركة التي هداها واصطفاها، وهذا هو المراد بقوله تعالى “وممن هدينا واجتبينا”، وقد اختصوا بتلك المنازل الرفيعة والمكانة السامية، لهدايته سبحانه لهم، ولأنه سبحانه اختارهم لنبوته، واصطفاهم لرسالته.

    ووقع قوله سبحانه “إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا” خبراً لاسم الإشارة “أولئك” في قوله تعالى “أولئك الذين أنعم الله عليهم...” ويجوز أن خبر اسم الإشارة هو الموصول “الذين” وعليه يكون قوله “إذا تتلى عليهم...” استئنافاً وهذا ما أرجحه مسوقاً لبيان كمال خشيتهم من الله تعالى، وإخباتهم له، وخضوعهم وانقيادهم مع ما لهم من علو الرتبة وسمو الطبقة في شرف النسب وكمال الخصال الحميدة والقرب من الله تعالى. وقد رجحت الاستئناف في هذه الجملة، لأن المعنى المشار إليه حري بأن يذكر مستقلاً وأن يكون رأساً بذاته، لجلال المضمون، وعظم المحتوى. والله أعلم.

    عرفت إذاً الآن صفة هؤلاء النبيين البارزة ألا وهي خشوعهم التام، وانقيادهم المطلق لله تعالى، وتجاوب قلوبهم الكامل مع ما يسمعون من آيات الله تعالى في كتبهم المنزلة عليهم، فهم أتقياء شديدو التأثر بتلك الآيات، حيث ترتعش وجداناتهم حين تتلى عليهم آياته، فلا تسعفهم الكلمات للتعبير عما يخالج مشاعرهم من تأثر، فتفيض عيونهم بالدموع، ويخرون لله سجداً وبكيا.

    وتدبر معي قوله سبحانه في بيان صفة هؤلاء النبيين عليهم السلام البارزة “إذا تتلى عليهم...” فقد أوثر استخدام أداة الشرط “إذا” التي تفيد تحقق وقوع فعل الشرط، للدلالة على تحقق سماعهم لآيات الرحمن وكثرة تلاوتها عليهم، كما أفاد التعبير بالفعل المضارع “تتلى” تجدد سماعهم لتلك الآيات المنزلة عليهم في كتبهم وقراءتهم لها. والمراد بالآيات ما خصهم الله تعالى به من الكتب المنزلة عليهم وقد وقفت طويلاً أمام قوله تعالى “إذا تتلى عليهم آيات الرحمن...” وسألت نفسي لماذا لم يقل مثلاً: إذا يتلون آيات الرحمن.. أو إذا يقرأون... فالكتب السماوية منزلة على هؤلاء الأنبياء والرسل الكرام عليهم السلام، لذا فالأصل أن تنسب أو تضاف التلاوة أو القراءة إليهم، فلم عدل عن هذا الظاهر أو الأصل؟ أي: لم أضيفت التلاوة إلى غيرهم في قوله “إذا تتلى عليهم”؟ وقد وجدت الإجابة، فقد أمر رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم عبدالله بن مسعود رضي الله عنه بأن يقرأ القرآن عليه، وعندما سأله عبدالله مستغرباً: يا رسول الله أقرأ عليك وعليك أنزل؟ فقال: “إني أحب أن أسمعه من غيري” فقرأ عليه سورة النساء حتى وصل إلى قوله تعالى “فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا” قال: “حسبك الآن” فالتفت إليه ابن مسعود فإذا عيناه صلى الله عليه وسلم تذرفان. وهذا حديث متفق عليه. ولعلنا نستشف منه أن سماع التلاوة قد يكون أدعى للخشوع والخشية والتفكر والتأمل. والله أعلم بمراده.

    الساجدون الباكون

    وفي إضافة الآيات إلى اسمه تعالى “الرحمن” دلالة على أن آياته من رحمته بعباده وإحسانه إليهم حيث هداهم بها إلى الحق، وبصرهم من العمى، وأنقذهم من الضلالة، وعلمهم من الجهالة، وتأمل قوله سبحانه “خروا” وما يدل عليه من السقوط بسرعة، فهؤلاء النبيون عليهم السلام مجرد سماعهم لآيات ربهم يخرون على وجوههم سجدا باكين من فرط خضوعهم وخشوعهم وحذرهم وخوفهم من ربهم. وقد اختلف المفسرون في بيان المراد بالسجود، فقيل المراد بالسجود الخضوع والانقياد لله تعالى، ويكون الكلام استعارة تمثيلية، حيث شبهت حالة انقيادهم وخضوعهم لإرادة ربهم بحالة الساجد الباكي المتأثر بما يسمع من آيات الله. وقيل السجود هنا على حقيقته، وهذا ما أرجحه بدليل قوله “تتلى عليهم” والمراد بالسجود إما السجود في الصلاة وإما سجود التلاوة، المهم أن السجود هنا مستعمل في معناه الحقيقي. والعطف بالواو بين قوله “سجدا” و”بكيا” لعراقة المتحلي بهما في كل منهما على انفراده، أي لكمال اتصافهم عليهم السلام بكل وصف من هذين الوصفين. وعبر بالاسم في كل من السجود والبكاء، للدلالة على دوام تأثر قلوبهم بما يقرأون ويتلون من آيات الله المنزلة عليهم في كتبهم. وقد ذكرت الأذقان مع السجود والبكاء في سورة الإسراء في قوله تعالى “إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا” (الإسراء 70_ 109)

    وفسر الخرور للأذقان بالسجود على الوجوه، وإنما ذكر الذقن، لأنه أول ما يلقى الساجد به الأرض من وجهه، وكرر الخرور للأذقان في الإسراء، لاختلاف السبب فإن الأول لتعظيم أمر الله أو الشكر لإنجاز الوعد، والثاني لما أثر فيهم من مواعظ القرآن. ولما كان البكاء ناشئاً من الخشية من التفكر الذي يتجدد جيء بالجملة الفعلية “يبكون” المفيدة للتجدد. وحذف ذكر الأذقان في مريم، للمبالغة في بيان تأثرهم حتى كأنهم من فرط الخضوع والخشية والتأثر يخرون بأجسادهم كاملة ولا يخرون بأذقانهم أو وجوههم فقط، وهذه المبالغة تتناسب مع عظم خشية وتأثر هؤلاء الأنبياء الكرام، فخشيتهم واخباتهم مما لا شك أنه أشد من غيرهم.

    وتأمل كيف عدل النظم القرآني عن الجمع المقيس للفظ “باكٍ” وهو “بكاة” إلى الجمع المسموع “بكي” للتناسب بين صيغتي الجمع سجداً وبكيا، إلى جانب التناسب في الفواصل. والله أعلم بمراده وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

    سماع التلاوة

    أمر رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم عبدالله بن مسعود رضي الله عنه بأن يقرأ القرآن عليه، وعندما سأله عبدالله مستغرباً: يا رسول الله أقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال: “إني أحب أن أسمعه من غيري” فقرأ عليه سورة النساء حتى وصل إلى قوله تعالى “فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا” قال: “حسبك الآن” فالتفت إليه ابن مسعود فإذا عيناه صلى الله عليه وسلم تذرفان. وهذا حديث متفق عليه. ولعلنا نستشف منه أن سماع التلاوة قد يكون أدعى للخشوع والخشية والتفكر والتأمل.

  9. #9
    فخر المنتديات - رحمة الله علية
    الصورة الرمزية أبونبيل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    الدولة
    مدني
    المشاركات
    2,351


    تأملات في سورة مريم ... رحمة الله الواسعة

    د. عادل أحمد الرويني

    قال تعالى: “لا يسمعون فيها لغوا إلا سلاماً ولهم رزقهم فيها بكرة وعشياً. تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا. وما نتنزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك وما كان ربك نسيا”. (مريم:62 64).

    عرفنا في المقالة السابقة شيئاً من جزاء التائبين، ومازلنا نعيش مع الآيات الكريمة التي تصف الحياة المنعمة في الجنة ندعو الله أن يجعلنا من أهلها تأمل قول ربك: “ولهم رزقهم فيها بكرة وعشياً”، ولك أن تتساءل معي عن سر إفراد “رزق”، حيث كان الظاهر أن يقال: ولهم ارزاقهم، فلم عدل عن الجمع الى الإفراد “المصدر”؟

    احسب والله أعلم بمراده أن الافراد فيه دلالة على التعظيم أي تعظيم هذا الرزق في الجنة، وأنه بلغ من الكثرة ما لا يمكن عد تفاصيله حتى وكأن هذا الرزق الواحد المراد به الطعام والشراب يكفي لكل أهل الجنة لعظمته وكثرته. والمراد بقوله تعالى: “ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا” دوام الرزق واستمراره كما تقول: أنا اصلي صباحاً ومساءً، فإنك تريد دوام الصلاة في كل الأوقات ولا تقصد الصلاة في الوقتين المذكورين فقط، ومما يرجح كون المراد دوام الرزق واستمراره الجمع بين “البكرة” وهي النصف الأول من النهار، و”العشي” وهو: النصف الأخير، فالجمع بينهما “كناية عن استغراق الزمن، أي لهم رزقهم غير محصور ولا مقدر بل كلما شاؤوا” وهذا ارجح الآراء.

    وقيل المراد: يأكلون على مقدار طرفي النهار “أي البكرة والعشي” من الدنيا، إذ لا ليل ولا نهار، لأنهم في النور أبدا، وإنما يعرفون مقدار النهار برفع الحجب ومقدار الليل بارخائها يؤيد ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: “لا صباح عند ربك ولا مساء”. والبكرة والعشي لا يوجدان إلا عند وجود الصباح والمساء. وقيل: أراد الله تعالى أن يرغب كل قوم بما احبوه في الدنيا، ولذلك ذكر أساور الذهب والفضة ولبس الحرير في آيات أخرى التي كانت عادة العجم، وذكر الارائك وهي من عادة اشراف العرب في اليمن، وذكر الطعام في الغداة والعشي، ولم يكن شيء احب الى العرب من الغداء والعشاء فوعدهم بذلك ترغيبا لهم. والله أعلم.

    وجاءت الجملة اسمية في قوله: “ولهم رزقهم فيها..” للدلالة على دوام الرزق. وقدم المسند اليه الجار والمجرور “لهم” للاهتمام بشأنهم. وإضافة الرزق الى ضميرهم زيادة في اختصاصه بهم.

    عطاء لا يرد

    ووقعت جملة “تلك الجنة” استئنافية غرضها تعظيم شأن الجنة وتعيين أهلها. واسم الاشارة للبعيد لإعلاء شأن الجنة ولتشريفها وتكريمها. والمراد بالتوريث في قوله سبحانه: “نورث من عبادنا من كان تقيا”، أي: نعطيها لهم عطاء لا يرد كالميراث الذي يأخذه الوارث فلا يرجع فيه المورث وعليه ففي اللفظ استعارة تصريحية تبعية حيث استعير الايراث للابقاء.

    وقيل: المراد أننا ننقل تلك المنازل ممن لو أطاع واتقى لكانت له ولكنه كفر وجحد الى المتقين من عبادنا، فجعل هذا النقل إرثاً.

    وقيل: إن الاتقياء يلقون ربهم وقد انقضت أعمالهم ولكنهم يجدون ثمرتها باقية وهي الجنة، فإذا أدخلهم الجنة فقد أورثهم من تقواهم كما يرث الوارث المال من المتوفى، غير أنه ميراث عن عمل صالح بنعيم مقيم دائم. واختير لفظ الوراثة لأنه أقوى لفظ يستعمل في التمليك والاستحقاق من حيث إنها لا تعقب بفسخ ولا استرجاع ولا تبطل كما هو شأن العقود، بل هي لازمة واجبة النفاذ ولا تقبل الرد. وتذكر الآية الكريمة الصفة الأبرز التي بها استحق هؤلاء تلك الجنان قال تعالى: “تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا”. وظاهر الآية دليل على أنه لا يدخل الجنة إلا من كان “تقياً”، وبدليل قوله تعالى في آية أخرى: “وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين” (آل عمران: 133) ويدل مفهوم الآيتين على أن غير المتقين لا يدخلون الجنة، وهذا رأي بعض المفسرين. وهناك رأي آخر يرى أن المراد بالمتقي المتقي عن الكفر أو الشرك، وعليه فصاحب الكبيرة متق عن الكفر، ومن صدق عليه أنه متق عن الكفر فقد صدق عليه أنه متق، ويرى أصحاب هذا الرأي أن الفاسق المرتكب للكبائر يدخل الجنة أيضاً بعد حسابه وعقابه، لأن المراد بالتقوى هنا التقوى من الشرك وكل المؤمنين سواء في ذلك. وهذا التباين في الرأي يذكرنا بالخلاف الكبير بين المعتزلة وأهل السنة حول حكم مرتكب الكبيرة، وهل هو مسلم أم كافر؟

    مفهوم التقوى

    حيث ذهبت المعتزلة الى أن مرتكب الكبيرة يخلد في النار، وذهب أهل السنة الى أنه لا يخلد في النار بل يعذب على قدر ذنوبه ثم يدخل الجنة. وأنا لا أريد الخوض في مناقشة هذه القضية الآن، ولكن فلنعد الى الآية الكريمة وإذا أردت أن تسألني عن رأيي في تفسير مفهوم التقوى أو التقي في الآية الكريمة فإنني بداية أخالف الرأيين المذكورين، لأن الرأي الأول الآخذ بظاهر الآية الكريمة فيه تضييق لرحمة الله تعالى الواسعة التي تشمل جميع عباده، والرحمة مائة جزء، اعطى سبحانه عباده رحمة واحدة يتراحمون بها فيما بينهم، وأجزاء الرحمة المتبقية اختص بها سبحانه ذاته فهو أرحم على عباده من الوالدة بولدها، فإذا كان هذا كذلك، فإن الله تعالى هو القائل: “وقليل من عبادي الشكور” (سبأ:13) وهو القائل: “وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين” (يوسف: 103). إذن فإن القليل من القليل ممن خلق هو الذي سيدخل الجنة بناء على الرأي الأول الذي ينقضه قوله تعالى: “قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم” (الزمر:53). فقد وصف المذنبين العاصين الذين يرغبون في التوبة بأنهم عباده. وينقض الرأي الأول أيضاً قوله تعالى: “إن الحسنات يذهبن السيئات” (هود: 114)، وقوله: “إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء” (النساء: 116). وقوله تعالى “إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً” (الفرقان: 70). فإذا كان الله سيغفر لأصحاب الكبائر التائبين فإنه سيدخلهم الجنة برحمته سبحانه إن شاء. إذن لا مجال لقبول الرأي الأول القائل بأنه لن يدخل الجنة إلا المتقون. وأخالف أيضاً الرأي الثاني، الذي فسر التقوى بأنها التقوى عن الشرك، فهذا لا دليل عليه أولاً وينقضه بيان الآية الكريمة، تأمل التعبير ب “كان” في قوله “من كان تقياً” وما افادته من الدلالة على دوام ملازمة التقوى والاستمرار عليها، ثم تأمل صيغة المبالغة “تقيا” على وزن فعيل، فهي تدل على المبالغة في التقوى، فالتقي في غاية الخوف والورع والصلاح والطاعة، فهذا البيان ينقض تماماً تفسير التقي في الآية بأنه المتقي من الكفر، وأرى والله أعلم أن التقوى في الآية باقية على معناها الظاهر، وأن الله تعالى أعد لعباده المتقين درجات ومنازل أعلى من غيرهم، ففي الجنة درجات كثيرة، وعليه فأحسب أن المراد بالمتقين في الآية المخلصون الملازمون للتقوى، وأن وصف الجنة المذكورة أعد لهم، أما غيرهم من أهل الإيمان فإنهم يدخلون الجنة في منازل أقل والله أعلم بمراده.

    تنزل الملائكة

    وإذا عدنا الى الآية الكريمة: “وما نتنزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك وما كان ربك نسياً”. ندرك أن ما جاء فيها قالته الملائكة، أي أنه ليس كلام الله، في حين أن ما جاء قبل هذه الآية مباشرة هو كلامه سبحانه فكيف جاز عطف كلام غير الله تعالى على كلامه سبحانه من غير فصل؟

    وما وجه المناسبة بين الآية هنا وبين ما قبلها؟ والجواب عن السؤال الأول هو: أنه جاز عطف حكاية كلام غير الله على كلامه سبحانه، لأمن اللبس ولوضوح القرينة وظهورها، فالسامع يستطيع بسهولة أن يميز بين الكلامين المتعاطفين، والكلام هنا معطوف على ما قبله من باب عطف القصة على القصة، والمناسبة بين القصتين أنه لما فرغ من قصص الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ومن بيان ما أحدثه خلفهم وذكر جزائهم اعقبه بحكاية نزول جبريل عليه السلام بعد ابطاء الوحي عن الرسول صلى الله عليه وسلم وما في هذا الابطاء من حكمة، فقد روى البخاري عن ابن عباس في بيان سبب نزول الآية “وما نتنزل إلا بأمر ربك..” أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لجبريل عليه السلام: “ما يمنعك أن تزورنا أكثر مما تزورنا” فنزلت هذه الآية. والمعنى بناء على هذه الرواية: ليس لنا من اختيار في أمر نزولنا، وإنما نحن مأمورون ومطيعون. وكانت الآية جواباً للنبي صلى الله عليه وسلم. وقال مجاهد وقتادة ومقاتل وغيرهم: احتبس جبريل عن النبي صلى الله عليه وسلم حين سأله قومه عن قصة أصحاب الكهف وذي القرنين والروح ولم يدر ما يجيبهم، ورجا أن يأتيه جبريل بجواب ما سألوا عنه، فأبطأ عليه اربعين يوما، وقيل: خسمة عشر يوماً، وقيل: ثلاثة عشر، حتى قال المشركون: ودعه ربه وقلاه فنزلت هذه الآية وسورة الضحى تسلية للرسول صلى الله عليه وسلم وتسريه عنه. وقيل: إن البيان في الآية حكاية كلام أهل الجنة وأنهم يقولونه عند دخولهم، والمعنى: وما نتنزل هذه الجنان إلا بأمر ربك. وعلى هذا تكون الآية متصلة بما قبلها. ويكون معنى التنزل، النزول الى الجنة مترفقين، ويكون كلامهم إعلاناً لشكرهم لله تعالى. وأنا أميل الى الرأي الأول، لعدم التكلف فيه، والله أعلم بمراده.

    والتنزل في قوله: “وما نتنزل” على معنيين كما قال صاحب الكشاف أحدهما: النزول على مهل، والثاني: بمعنى النزول على الاطلاق، والمعنى الأول هو الملائم للسياق، والمراد: أن نزولنا في الاحايين وقتا بعد وقت ليس إلا بأمر الله تعالى وعلى ما يراه صواباً وحكمة، إذن هذا التنزل يتفق مع نزول جبريل، ولايتفق مع دخول الجنة، لأنه يكون دفعة واحدة. ولعلك تسأل معي عن معنى أو سر زيادة التاء في قوله: “نتنزل” حيث لم يقل: “ننزل، ويجاب عن ذلك بأن التنزل أصله: تكلف النزول، فأطلق ذلك على نزول الملائكة من السماء الى الأرض، لأنه نزول نادر وخروج عن عالمهم فكأنه متكلف. وقد ذكرت الملائكة قدرته سبحانه وأنه عز وجل هو المالك المتصرف للكون كله فقالوا فيما حكى الله عنهم: “له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك” وتقديم الجار والمجرور “له” أفاد الاختصاص. وقد ذكر المفسرون وجوها في تفسير الجملة السابقة منها. “له ما بين أيدينا” أي: ما سلف من أمر الدنيا وما خلفنا أي ما يستقبل من أمر الآخرة، وما بين ذلك أي ما بين النفختين وهو اربعون سنة أو: له ما قدامنا وما خلفنا من الجهات وما نحن فيه، فلا نتمالك أن ننتقل من جهة الى أخرى، ومن مكان الى مكان إلا بأمره ومشيئته.

    أو: له ما مضى من أعمارنا وما غبر من ذلك والحال التي نحن فيها أو: له ما قبل وجودنا وما بعد فنائنا. وكل هذه الوجوه تدل عموماً على أنه سبحانه هو المحيط بكل شيء لا تخفى عليه خافية، ولا يعزب عنه مثقال ذرة. ففي العبارة كناية عن صفة كما بينت. وواضح أن اللام في قوله: “له” للملك، وهو ملك التصرف والتدبير. والغرض من هذا الكلام تأنيس الرسول صلى الله عليه وسلم، والتسرية عند بعد ابطاء الوحي عليه، وذلك ببيان الحكمة من هذا الابطاء. والله أعلم.

    “وما كان ربك نسيا”

    وجاءت جملة “وما كان ربك نسيا” تكملة للجواب الذي لُقن به جبريل عليه السلام في بيان حكمة ابطاء الوحي عن الرسول صلى الله عليه وسلم في مدة معينة و”كان” هنا تدل على الدوام والاستمرار. و”نسيا” صيغة مبالغة على وزن (فعيل) من الفعل (نسي) أي كثير النسيان أو شديده ويحتمل أن يبقى النسيان هنا على ظاهره بمعنى أنه سبحانه لإحاطة علمه وملكه لا يطرأ عليه الغفلة والنسيان حتى يغفل عنك يا محمد وعليه فالمراد بصيغة المبالغة نفي نسبة النسيان اليه سبحانه وتعالى أصلا لا نفي كثرة النسيان، وذلك على غرار قوله تعالى: “وأن الله ليس بظلام للعبيد” (آل عمران: 182). وقد بينت هذا بالتفصيل في مقالة سابقة، وبناء على هذا المعنى فجملة “وما كان ربك نسيا” كناية عن صفة وهي إحاطة علمه تعالى بكل صغيرة وكبيرة في كونه ومطلق تدبيره وتصرفه سبحانه في الكون بما فيه. ومن الممكن أن يكون النسيان مجازاً عن الترك، أي: وما كان ربك تاركك وإن أبطأ عنك الوحي، وعليه فالمبالغة متصرفة الى طول مدة النسيان. وعلى كل فإنني أميل الى التوجيه الثاني لمعنى النسيان وهو أنه استعارة للترك، وذلك لموافقته لسبب نزول الآية. وجوز الزمخشري أن يكون هذا البيان من تمام حكاية أهل الجنة، والمعنى: وما كان ربك ناسياً لأعمال العاملين فيثيب كلا منهم بحسب عمله وهذا توجيه ضعيف، لأنه خلاف الظاهر، وغير ملائم للكلام قبله كما أنه إذا كان من كلام أهل الجنة فكان المقتضى أن يقال: “وما كان ربنا نسيا”، ناهيك عن أن هذا التأويل لا يوافق سبب النزول. وأخيراً تأمل إعادة وصف الربوبية المضاف الى ضميره صلى الله عليه وسلم وما فيه من تشريفه وبيان مدى قربه من ربه، وكأنه تأكيد على أن ربه لم يتركه ولم يبغضه كما زعم المشركون. والله أعلم بمراده.

    مأمورون ومطيعون

    روى البخاري عن ابن عباس في بيان سبب نزول الآية “وما نتنزل إلا بأمر ربك..” أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لجبريل عليه السلام: “ما يمنعك أن تزورنا أكثر مما تزورنا” فنزلت هذه الآية، والمعنى بناء على هذه الرواية: ليس لنا من اختيار في أمر نزولنا، وإنما نحن مأمورون ومطيعون، وكانت الآية جواباً للنبي صلى الله عليه وسلم حين سأله قومه عن قصة أصحاب الكهف وذي القرنين والروح ولم يدر ما يجيبهم، ورجا أن يأتيه جبريل بجواب ما سألوا عنه، فأبطأ عليه أربعين يوماً، وقيل: خمسة عشر يوماً، وقيل: ثلاثة عشر، حتى قال المشركون: ودعه ربه وقلاه، فنزلت هذه الآية وسورة الضحى تسلية للرسول صلى الله عليه وسلم.

  10. #10
    فخر المنتديات - رحمة الله علية
    الصورة الرمزية أبونبيل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    الدولة
    مدني
    المشاركات
    2,351


    تأملات في سورة مريم ... الاصطبار على عبادة الله

    د. عادل أحمد الرويني


    قال تعالى: “رب السموات والأرض وما بينهما فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سميا، ويقول الإنسان أئذا ما مت لسوف أخرج حيا، أولا يذكر الإنسان أنّا خلقناه من قبل ولم يك شيئاً” (مريم: 65- 67).

    في الآية الأولى بيان لمطلق ملكيته سبحانه للسموات والأرض وما بينهما من فضاء، واستحقاقه العبادة من أجل ذلك فهو سبحانه لا نظير له ولا شبيه ولا مسمى.

    وفي الآية كذلك دليل عقلي لبيان استحالة النسيان عليه سبحانه لأنه لا يعقل أن من بيده ملك السموات والأرض وما بينهما ان تطرأ عليه غفلة أو يحوم بساحة قدسه نسيان أو ترك لحبيبه ومصطفاه صلى الله عليه وسلم.

    تأمل مقام رسولك صلى الله عليه وسلم عند ربك، فهذا البيان وما قبله للتأكيد على نفي ترك أو إهمال أو قلاء الله لمن اجتباه واصطفاه صلى الله عليه وسلم، بل إن سورة كاملة هي سورة الضحى نزلت لتفند مزاعم الكفار والمشركين في أن رب محمد قد قلاه، لفتور الوحي عنه، ومما هو بيّن هنا إدماج الحديث عن مطلق تصرفه سبحانه وتدبير شؤون ملكه وحكمته في الحديث عن تسلية رسوله صلى الله عليه وسلم والتسرية عنه، وهذا فن بلاغي بديع، لما فيه من إيجاز وتكثيف لمدلول الكلمة والعبارة.

    رب السموات والأرض

    بعد هذا الاجمال لنتأمل هذا البيان القرآني المعجز، فقوله سبحانه: “رب السموات والأرض وما بينهما” كناية عن صفة هي ملكية الله تعالى للكون كله، و”رب” خبر لمبتدأ محذوف تقديره “هو” وعليه ففيه إيجاز بالحذف، ويجوز أن يعرب بدلاً من “ربك” في الآية السابقة، وفي قوله “السموات والأرض” طباق أكد شمول ملكه سبحانه للكون، وإذا نظرنا نظرة أخرى في قوله سبحانه وتعالى: “رب السموات والأرض وما بينهما” نجد أن “السموات” جاءت مجموعة، ولذا فقد كان مقتضى الظاهر للتوافق بين الصيغ أن تجمع “الأرض” أيضا، ولكنها جاءت مفردة، بل إن كلمة “الأرض” من الكلمات التي لم ترد في القرآن الكريم مجموعة بل جاءت مفردة، فقد وردت كلمة الأرض إحدى وستين وثلاثمائة مرة، منها مائة وستة وسبعون موضعاً جاءت مقترنة بالسموات مجموعة ولما أريد أن يؤتى بكلمة “الأرض” جمعا قيل: “الله الذي خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن”، (الطلاق: 12)، فلماذا عدل البيان القرآني عن الجمع إلى المفرد في كلمة الأرض؟

    علل الألوسي سر جمع السموات وإفراد الأرض في الآيات التي جمعت بينهما بأن ذلك “للإشارة إلى تفاوتهما في الشرف، فجمع الأشرف اعتناء بسائر افراده، وأفرد غير الأشرف، وأشرفية السماء، لأنها محل الملائكة المقدسين على تفاوت مراتبهم، ومعراج الأرواح الطاهرة” ولكن ينقض هذا التفسير إفراد الأشرف وهو النور، وجمع مقابله وهو الظلمات في قوله: “وجعل الظلمات والنور”، (الأنعام: 1) وذهب ابن كثير عكس مذهب الألوسي فرأى أن إفراد النور في آية الانعام وما يجري مجراها إنما هو لشرف المفرد.

    والذي تستريح اليه نفسي هو أن لغة القرآن الكريم آثرت إفراد لفظ “الأرض” لخفته، وذلك بعد أن أقام البيان القرآني من القرائن ما يقطع بإرادة الجمع بواسطة الاستغراق بأل الجنسية، وجمع السموات. ولعل إيثار الأخف من الألفاظ، السهل على اللسان، الأسرع إلى القلب بعذوبته وسلاسته ضرب من الفصاحة، وهو في القرآن الكريم ضرب من الإعجاز، ولكن قد يعترض قارئ على هذا الرأي بحديث للنبي صلى الله عليه وسلم حيث نطق بالأرض جمعا في قوله: “أعظم الغلول عند الله ذراع من الأرض، تجدون الرجلين جارين في الأرض أو في الجدار فيقطع أحدهما من حظ صاحبه ذراعاً، فإذا قطعه طوقه من سبع أرضين يوم القيامة” فكيف جمع الرسول صلى الله عليه وسلم كلمة الأرض وهو أفصح العرب غير مراع ما في المفرد من الحسن؟! والجواب على ذلك أنه لا مناص أمامه صلى الله عليه وسلم من النطق بالأرض جمعا؟ إذ لو قال “من الأرض” بدلا من “الأرضين” لما دل على أنه يطوقها من السبع، فليس في الأرض دليل على استغراق للأرضين السبع، كما لم يتقدم في الحديث الشريف ذكر السموات السبع، ليدل على عدد الأرض بالمماثلة كما في قوله تعالى: “الله الذي خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن” ثم إن في التعبير بالجمع “أرضين” ثقل في النطق يتوافق مع ثقل الفعل “طوق” بحروفه وصيغته، ليشاكل بين الألفاظ ودلالتها، فكان ثقل اللفظ متناغماً مع ثقل الجزاء وشدته والله أعلم بمراده.

    معنى الاصطبار

    ولنعد إلى الآية الكريمة وقوله سبحانه: “فاعبده واصطبر لعبادته” فالفاء هنا أفادت التعليل أو السببية لأن ما قبلها سبب وعلة لما بعدها فإذا كان الله سبحانه هو المالك المتصرف في الكون، فإنه سبحانه وحده هو الذي يستحق العبادة بما فيها من انقياد وخضوع ولذا قيل: “فاعبده واصطبر لعبادته” ويمكن أن تقول أيضا: إن الفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها، والمخاطب بالأمر في الآية هو الرسول صلى الله عليه وسلم ففي العبارة توجيه رباني للرسول صلى الله عليه وسلم بالاقبال على عبادة الله تعالى، والاصطبار على مشاقها.

    وأهل اصطبر “اصتبر” وأبدلت تاء الافتعال طاء لقرب مخرج التاء من مخرج الطاء، وصيغة الافتعال هنا فيها دلالة على وجوب بذل غاية الجهد في الصبر على عبادة الله وطاعته، وتحمل المشاق وسعة الصدر في سبيل أدائها على الوجه الأكمل، وكان من الممكن ان يقال: فاصبر لعبادته، ولكن عدل إلى صيغة الافتعال، لأن زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى، ألا وهو بذل غاية الجهد في الصبر على عبادة الله كما أشرت.

    ودعك من الدين يحصرون العبادة في الاسلام في مجرد الشعائر، بل ويحصرون الدين كله في مجرد أداء بعض الفرائض، ويعزلونه عن الحياة، فلا دخل للدين عندهم في السياسة ولا في الاقتصاد ولا في التعليم ولا.. ولا.. فلقد أخطأ هؤلاء فإن الدين للحياة كلها كما قال تعالى: “قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين” (الأنعام: 162 - 163). والعبادة في الاسلام أيضا ليست مجرد طقوس وشعائر “إنما هي كل نشاط، كل حركة، كل خلجة، كل نية، كل اتجاه، وانها لمشقة أن يتوجه الانسان في هذا كله إلى الله وحده من دون سواه، مشقة تحتاج الى الاصطبار، ليتوجه القلب في كل نشاط من نشاط الأرض إلى السماء، خالصا من أوشاب الأرض، وشهوات النفس، ومواضعات الحياة، انه منهج حياة كامل يعيش الانسان وفقه وهو يستشعر في كل صغيرة وكبيرة طوال الحياة أنه يتعبد لله، فيرتفع في نشاطه كله الى أفق العبادة الطاهر الوضيء، وانه لمنهج يحتاج الى الصبر والجهد والمعاناة.

    وعدي الفعل “اصطبر” هنا باللام، لأن الأمر هنا بالاصطبار للعبادة بكل تفاصيلها، وبشتى تفرعاتها كما بينا وهذا يستلزم مزيداً من الجهاد ومواجهة المشاق والتضحيات من الرسول صلى الله عليه وسلم وتعدى هذا الفعل ب”على” في قوله تعالى في خطاب رسوله صلى الله عليه وسلم أيضا:

    “وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها” (طه: 132) لأن الأمر بالاصطبار مقصور على نوع معين من العبادة وهو الصلاة، وهذا لا يحتاج إلا لمغالبة النفس، وكبح جماح ركونها للدعة والراحة، وليس ذلك مما يحتاج إلى الثبات له ومواجهته مثل ما يحتاج إليه في العبادات كلها، لأن الصلاة ضرب من ضروب العبادات الكثيرة.

    لا شبيه ولا نظير

    والمراد بالسمي في قوله تعالى: “هل تعلم له سميا” نفي المماثل له سبحانه في شؤونه كلها، وقيل المراد: أنه سبحانه ليس له شريك في اسمه بدليل أنه لا يوجد أحد من خلقه سبحانه من سمي “الله”، ويمكن القول إجمالا إن المراد نفي الشبيه له سبحانه في الأسماء والصفات.

    والغرض من الاستفهام في الآية النفي أي نفي العلم، بأن يكون لله تعالى سميّ، وجاء هذا النفي على طريق الكناية، وهي ابلغ من التصريح حيث لم يقل: ليس له سمي، لأن الكناية تأتي بالدعوى مصحوبة بالدليل، وأوثرت (هل) اشارة الى تحقيق النفي وتقريره. وعدل عن الفعل الماضي “علمت” الى المضارع (تعلم)، (ليعم النفي جميع الازمان) ورأى ابو السعود والألوسي أن الاستفهام في الآية للانكار والنفي، والمراد بإنكار العلم ونفيه انكار أن يكون في الوجود من سمي باسم “رب السموات والأرض وما بينهما” ولكنني ارجح ان يكون الاستفهام للنفي وليس للانكار، لأن المخاطب في الآية هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يتخيل أصلاً أنه صلى الله عليه وسلم يعلم أن لله تعالى مماثلاً لا في صفاته ولا في اسم خاص من اسمائه حتى يتوجه اليه الانكار المستفاد من الاستفهام في قوله تعالى “هل تعلم له سميا” ولذا فإن الأرجح ان يكون الاستفهام في الآية بمعنى النفي.

    والمعنى المراد: لا تعلم لربك مساوياً ولا مماثلاً ولا نظيراً، لأنه الرب وغيره مربوب، الخالق وغيره مخلوق، الغني وغيره فقير، الكامل الذي له الكمال المطلق من جميع الوجوه، وغيره سبحانه ناقص ليس فيه من الكمال إلا ما أعطاه الله. وهذا إذن برهان قاطع، وحجة دامغة على أن الله سبحانه هو المستحق للعبادة، وللتفرد بها، وأن عبادته حق، وعبادة سواه باطل، ولذلك تستطيع أن تقول الآن وأنت مطمئن: إن الاستفهام جاء تعليلاً للأمر بعبادته سبحانه وحده، والاصطبار عليها.

    منكرو البعث

    والواو في قوله تعالى: “ويقول الإنسان...” استئنافية، للانتقال من غرض الى غرض آخر، والغرض المقصود الانتقال اليه هو الحديث عن ضلال بعض الخلق، وفساد معتقدهم، حيث انكروا البعث بعد الموت، واوثر المضارع “يقول” على الماضي “قال”، للاشارة الى استمرار تجدد هذا القول الفاسد، والمعتقد الباطل، فالكفر بالآخرة مازال معتقد اقوام كثيرين، وانكار البعث لم يختص بزمن محدد، بل هو ممتد امتداد الحياة، ولذا كان المضارع هو المناسب، والله أعلم. والمراد بالانسان في قوله: “ويقول الإنسان..” الانسان الكافر، حيث قيل: إن الآية نزلت في أبي بن خلف، وعليه فإن اللام في الكلمة للعهد، لأن المراد انسان معين، ويجوز أن يكون المراد بالانسان جمعاً من الناس أو طائفة منهم على غرار قوله تعالى: “أيحسب الإنسان أن لن نجمع عظامه..” (القيامة: 3)، فما لا شك فيه أن المراد بالانسان في آية سورة القيامة المنكر للبعث، الجاحد بالحياة الأخرى، ولعل هذه الآية الكريمة في سورة القيامة تجيبك عن سؤالك الذي يتردد في ذهنك قارئنا العزيز وهو لماذا جاء لفظ الانسان في آية مريم مطلقاً من غير تخصيص بوصف أو بغيره؟ والجواب: هو الاعتماد على القرينة الحالية الصارفة عن ارادة التعميم أو المعنى الظاهر للكلمة الذي يشمل جميع افراد جنس الانسان، فالقرينة التي تمنع هذا العموم قرينة دليل حالية، لأن كثيراً من الناس يؤمنون بالبعث وبالنشور وبالحياة الآخرة. وهذه عقيدتنا نحن المسلمين تستطيع الآن ايها القارئ أن تجيب بنفسك عن سؤالك، بل وعن سؤالي لك: ما المقصود بالانسان في آية سورة القيامة “أيحسب الانسان أن لن نجمع عظامه” أهو الانسان الكافر المنكر للبعث؟ أم المراد جميع جنس هذا الانسان؟

    وأضيف لك علة أخرى في سر ايثار اطلاق لفظ الانسان وعدم العدول عنه كأن يقال مثلاً: “ويقول الكافر..” اقول والله أعلم بمراده : إن في اطلاق هذا اللفظ بل وفي ايثاره نعياً، وتوبيخاً وتقريعاً لهذا المخلوق الذي حباه الله العقل لينظر وليتأمل وليتدبر وليتفكر، وليصل الى الايمان المطلق بالله تعالى وبجميع ما بلّغ عنه سبحانه ولكنه لم ينتفع بتلك النعمة الكبرى التي وهبها له الله ويؤيد كلامي هذا العدول عن الاضمار الى الاظهار في نهاية الآية الكريمة “أولا يذكر الانسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئاً” حيث كان الظاهر أن يقال: “أولا يذكر أنا خلقناه..” ولكنه عدل عن ذلك لمزيد من التقريع والتوبيخ، ولاثارة فكر هذا المنكر لعله يؤمن. والله اعلم بمرداه. والحمد لله رب العالمين.

    لماذا؟

    في قوله سبحانه وتعالى: “رب السموات والأرض وما بينهما” نجد أن “السموات” جاءت مجموعة، ولذا فقد كان مقتضى الظاهر للتوافق بين الصيغ أن تجمع “الأرض” أيضاً، ولكنها جاءت مفردة، بل إن كلمة “الأرض” من الكلمات التي لم ترد في القرآن الكريم مجموعة بل جاءت مفردة، فقد وردت كلمة الأرض إحدى وستين وثلاثمائة مرة، منها مائة وستة وسبعون موضعاً جاءت مقترنة بالسموات مجموعة، ولما أريد أن يؤتى بكلمة “الأرض” جمعاً قيل: “الله الذي خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن”. (الطلاق: 12) فلماذا عدل البيان القرآني عن الجمع الى المفرد في كلمة الأرض؟

  11. #11
    فخر المنتديات - رحمة الله علية
    الصورة الرمزية أبونبيل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    الدولة
    مدني
    المشاركات
    2,351


    تأملات في سورة مريم ... خلف طالح

    د. عادل أحمد الرويني

    قال تعالى: “فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا. إلا من تاب وآمن وعمل صالحاً فأولئك يدخلون الجنة ولا يُظلمون شيئا. جنات عدنٍ التي وعد الرحمن عباده بالغيب إنهُ كان وعده مَأتيا. لا يسمعون فيها لغواً إلا سلاماً ولهُم رزقُهُم فيها بُكرةً وعشيا. تلك الجنة التي نورثُ من عبادنا من كان تقيا”. (مريم 59 63)

    بينا في المقالة السابقة حزب السعداء وهم الأنبياء عليهم السلام وقد ذكرت الآية السابقة أهم صفاتهم وهي فرط تأثرهم بآيات الله تعالى وخشوعهم وإنابتهم وسجودهم لله تعالى، وفي قوله سبحانه: “فخلف من بعد خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا” ذكر لحزب الأشقياء الذين جاؤوا من بعد هؤلاء الأنبياء الأخيار، فتنكبوا طريقهم، وبدلوا منهجهم، وانحرفوا عن جادة الصواب فأضاعوا الصلاة التي هي عمود الدين، وميزان الإيمان والإخلاص، واتبعوا أهواءهم، وانقادوا لشهواتهم فصاروا عبيداً لها، لذا كان عقابهم أنهم سوف يلقون كل شر وعقاب نتيجة كفرهم وتجرئهم على حدود الله تعالى. والآن هيا لنتأمل الآيات الكريمة المذكورة، الفاء في قوله تعالى: “فخلف من بعدهم خلف” للترتيب والتعقيب، فهي تفيد أنه جاء عقب هؤلاء النبيين الأخيار من أعقابهم من خالف هداهم واجتنب سبيلهم والخَلْفُ “بسكون اللام) يطلق على عَقِب الشر، أو النسل غير الصالح، والخلف (بفتح اللام) يقال لعقب الخير أو الذرية الصالحة. وقد تعددت آراء المفسرين في المراد بالخَلْف في الآية، فقيل: المراد اليهود، وقيل اليهود والنصارى معاً، وقيل: المراد قوم مسلمون من هذه الأمة. وأميل الى أن المراد بالخَلْف في الآية الكريمة الكفار والعصاة من جميع الأمم التي ضلت.

    من مظاهر الانحراف

    وذكرت الآية الكريمة أهم سببين لانحراف الأخلاف، الأول: أنهم (أضاعوا الصلاة) أي تركوها بالكلية، وقيل: أخروها عن وقتها ولم يقوموا بحقوقها، وقيل: المراد بإضاعتها إضاعة كفر وجحد بها. ومن ضيّع الصلاة فهو لما سواها أضيع. وأفرد لفظ (الصلاة)، للاتفاق في النوع. والسبب الثاني لانحراف الأخلاف: هو اتباع الشهوات، حيث انكبوا على الملذات، انهمكوا في المعاصي المختلفة الأنواع، ولعل هذا هو سر جمع (الشهوات). وصيغة افتعل في قوله “اتبعوا” تدل على بذلهم غاية جهدهم في فعل المحرمات. وتأمل قوله (واتبعوا الشهوات) حيث تراهم منقادين منساقين وراء شهواتهم التي تقودهم الى عذاب أليم، بل إنهم ليسعون الى تلك الشهوات، ويخضعون كحل مروج لها، فكان إلههم أهواءهم. وتدبر أخي القارئ سر تقديم إضاعة الصلاة على اتباع الشهوات، ففيه إيماء الى أن الصلاة سد منيع أو يجب أن تكون هكذا يعصم من الوقوع في الخنا والفواحش كما في قوله تعالى: “إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر” فإذا انكسر السد أو ترك أو أهمل سقطت الأسباب وضعفت عوامل الصمود أمام الشهوات والمغريات، فلا عاصم من دين ولا وازع من ضمير حينئذ.

    وذكرت الآية الكريمة نتيجة إضاعتهم الصلاة، واتباعهم الشهوات ألا وهي “فسوف يلقون غيا” والغي هو الشر، فكل شر عند العرب يُطلق عليه غي، وكل خير يُطلق عليه رشاد. وقيل: إن المعنى: فسوف يلقون جزاء الآثام، كقوله تعالى: “ومن يفعل ذلك يلق آثاما” (الفرقان: 68)

    وقيل: المراد بالغي: واد في جهنم أو نهر فيها يسيل فيه صديد أهل النار تستعيذ منه أوديتها. ولعل الوجه الأول هو الأرجح، لأنه المعقول في اللغة.

    وحرف (سوف) دل على تأكيد لقاء هؤلاء الأخلاف الغي في المستقبل وتكرره، وذلك مبالغة في وعيدهم وتحذير لهم من الإصرار على ذلك.

    فتح باب التوبة

    وقد فتح الله تعالى باب التوبة والإنابة أمام هؤلاء الكفرة والعصاة فقال عز من قائل: “إلا من تاب وآمن وعمل صالحاً فأولئك يدخلون الجنة ولا يُظلمون شيئا” فقد استثنى الله تعالى من عذابه الأليم المذكور آنفاً كل من غسل حوبته وآمن بالله وأتبع هذا الإيمان بعمل صالح، والاستثناء هنا منقطع ف”من تاب وآمن” لا يدخل في عموم من اتبعوا الشهوات وأضاعوا الصلاة، فكأن هؤلاء التائبين العاملين جنس آخر مختلف عن جنس الكفرة الذين يصرون على كفرهم واتباع شهواتهم، وكأن التوبة سلختهم عن جنسهم وطهرتهم وأدخلتهم في جنس آخر طاهر نقي يستحق معه الجزاء المذكور في الآية ألا وهو الجنة ونعيمها. والتعبير ب(تاب) فيه إشارة الى الإذعان الكامل، لأن المؤمن التواب وصل الى أعلى درجات الإيمان، لأنه يستصغر أفعاله أمام خالقه ولا يخالط نفسه الغرور بطاعته وبعبادته، ويغلب عليه الخوف ولا يغلب عليه رجاء الثواب، لأنه يستكثر خطأه ويستقل طاعته، ويتهم نفسه دائماً بالتقصير في جانب الله تعالى. والاستثناء يدل على أن صدر الآية في حق الكفرة لأن (من آمن) لا تقال إلا لمن كان كافراً إلا إذا جاء على وجه التشديد والتغليظ كقول الرسول صلى الله عليه وسلم (ولا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن). والله أعلم

    وقيل هنا في سورة مريم: “إلا من تاب وآمن وعمل صالحاً”، وفي الفرقان: “إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً” (آية 70) بزيادة (عملاً)، لأن في سورة مريم إيجازاً في ذكر المعاصي فناسبه حذف (عملاً)، حيث أوجز في التوبة، وفي الفرقان تفصيل أكثر وإطالة في ذكر المعاصي، ولذا ناسبته الإطالة في ذكر التوبة.

    وأرجو أن تتأمل معي أخي القارئ سر عدول النظم الكريم عن الجمع في قوله سبحانه: “أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا” الى المفرد في قوله تعالى: “إلا من تاب وآمن وعمل صالحاً” حيث كان الظاهر أن يقال: إلا من تابوا وآمنوا وعملوا صالحاً” وأحسب والله أعلم بمراده أن العدول الى الإفراد في مقام الجمع هنا فيه إشارة الى وحدة الهدف واتحاد الغاية حيث الالتقاء على أمر واحد ألا وهو التوبة والإيمان بعد الكفر (من تاب وآمن) والالتقاء على غاية واحدة وهي العمل الصالح (وعمل صالحاً) فكان الإفراد حملاً على ظاهر لفظ (من) دليلاً على وحدة الغاية أو قل الحدث، فكان هؤلاء وإن كثر عددهم، شخص واحد له غاية واحدة، وصدر عنه حدث واحد لا تفاوت فيه. كما لنا أن نتأمل سر العدول عن الإفراد الى الجمع في قوله تعالى: “فأولئك يدخلون الجنة ولا يُظلمون شيئا” حيث كان الظاهر أن يقال مثلاً “إلا من تاب وآمن وعمل صالحاً فهو يدخل الجنة ولا يظلم شيئاً”. ولعل هذا العدول الى الجمع بناء على معنى (من) فيه دلالة على عظيم منزلة هذا التائب وثوابه ويؤيد ذلك إيثار اسم الإشارة للبعيد “أولئك” حيث ينعم بلذة النعيم في الجنة مع كل من سلك طريق التوبة والإنابة. والله أعلم بمراده.

    جزاء التائبين

    ويبين الله سبحانه وتعالى جزاء التائبين المخلصين الصادقين في توبتهم فيقول: “فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئا”، وهذا معناه: أنهم يدخلون الجنة ولا ينقصون شيئاً جزاء أعمالهم الصالحة ولا يحاسبون على كفرهم قبل إيمانهم، ولا يجمع بينهم في جهنم وبين الذين هلكوا من الخلْف السوء منهم قبل توبتهم من ضلالهم وفسادهم وكفرهم، ولكنهم يدخلون مدخل أهل الإيمان والتعبير عن الذين جمعوا بين التوبة والإيمان والعمل الصالح باسم الإشارة للبعيد “فأولئك”، للتنويه بشأنهم، وللإشادة بهم، وتنبيهاً لهم للترغيب في توبتهم من الكفر. وتأمل سر التعبير بالمضارع الدال على الحال، وذلك للإشارة الى أنهم لا يمطلون في الجزاء ولا يؤخرون عن دخول الجنة مع أهل الإيمان، والظلم معناه في الآية: النقص والإجحاف والتسويف. وذكر “شيئاً” ومجيئه نكرة في سياق النفي يفيد عموم نفي أي ظلم أو إبخاس لهم أي يفيد نفي أي لون أو نوع من أنواع النقص والاجحاف والمطل، وذلك رحمة من الله تعالى بهؤلاء التائبين الصادقين، ودفعاً لما عسى أن يخالط نفوسهم من الانكسار بعد الإيمان ظناً منهم أن سبْق كفرهم يحط من حسن جزائهم ولما بين سبحانه وتعالى أن التائب يدخل الجنة، وصف الجنة ورسم صورة لها ولمن فيها فقال: “جنات عدن التي وعد الرحمن عباده بالغيب إنه كان وعده مأتيا، لا يسمعون فيها لغوا إلا سلاما...”

    فوصف الجنة بأنها “جنات عدن” والعدن: الخُلد الإقامة، فوصفها بالدوام على خلاف حال جنان الدنيا التي لا تدوم، ولذلك فإن جنان الآخرة لا يتغير حالها في مناظرها. وأضيف الوعد الى “الرحمن” لأن في الجنة من الرحمة والإحسان ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. وقد سمى سبحانه تلك الجنة أو الجنان (رحمته) فقال سبحانه. “وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون” (آل عمران -107) وفي إضافتها الى رحمته كذلك تشريف لها وتعظيم لما فيها من نعيم، وفي الإضافة كذلك ما يدل على استمرار سرورها، وانها باقية ببقاء رحمته التي هي أثرها وموجبها. وجاء قوله “جنات” بدلاً من (جنة) وجاء البدل جمعاً مع أن المبدل منه جنة مفرد، لأن الجنة وهي اسم جنس تشتمل على جنات كثيرة، وعليه فالبدل هنا بدل جزء من كل وعبر عن هؤلاء التائبين بوصف العبودية، للإشعار بالقرب وللتحنن. والباء في “بالغيب” للملابسة أي وعدها إياهم ملتبسة أو ملتبسين بالغيب فالله تعالى وعد الجنة لعباده وهي غائبة عنهم غير حاضرة، أو هم غائبون عنها لا يشاهدونها.

    تأكيد الوعد

    وقد أكد هذا الوعد بقوله سبحانه: “إنه كان وعده مأتيا”. والتعبير عن المستقبل بالماضي (وعد) فيه تأكيد على تحقق الوقوع، وكأن هذا الوعد قد وقع حتى أخبر عنه بالماضي، وهنا دليل على أن وعده سبحانه كائن لا محالة.

    والوعد في قوله: “إنه كان وعده مأتيا” مصدر بمعنى المفعول والمقصود الموعود أي الجنة التي وعدها سبحانه عباده المؤمنين والتعبير عن الموعود بالمصدر للمبالغة. والضمير في (إنه) يعود على “الرحمن” وفي التعبير ب”كان) دلالة على تحقق وقوع موعوده سبحانه.

    والمراد بقوله “مأتيا” أي يأتيها أولياؤه، فالجنة تؤتى كما تؤتى الأمكنة والمساكن، وعليه ف(مأتيا) اسم مفعول على بابه أي مستعمل في معناه، وقيل: التقدير: إنه كان وعده آتيا، كما في قوله تعالى: “حجاباً مستوراً”” أي ساتراً (الإسراء:45).

    وقد وصف الله تعالى الحياة الفاضلة في الجنة فقال: “لا يسمعون فيها لغواً إلا سلاماً ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا”. واللغو: هو فضل الكلام الذي لا طائل من ورائه. ومجيء (اللغو) نكرة في سياق النفي أفاد العموم، فهم لا يسمعون أي جنس من أجناس اللغو. وسماع اللغو ليس من شأن عباد الله الصالحين، قال تعالى: “والذين هم عن اللغو معرضون” (المؤمنون: 3) وقال: “وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين” (القصص - 55). واللغو دائماً يوقع في الخطأ ويؤدي الى الخصام والمشاحنة والجدال، وأهل الجنة بمنأى عن ذلك كما كانوا كذلك في الدنيا، والحياة في الجنة حياة فاضلة نقية ليس فيها ما يؤدي الى السباب أو المشاجرة أو الخصام كما قال سبحانه في آية أخرى: “.. لا لغو فيها ولا تأثيم” (الطور - 23)، إذن ماذا يسمع أهل الجنة؟ قال تعالى: “إلا سلاماً” أي لكن لا يسمعون إلا سلاماً، والاستثناء على هذا التقدير منقطع، لاختلاف جنس المستثنى (السلام) عن جنس المستثنى منه (اللغو). والسلام هنا إما بمعناه المعروف أي يسمعون تسليم الملائكة عليهم، أو تسليم بعضهم على بعض كما ورد في قوله تعالى: “وتحيتهم فيها سلام” أو يكون المقصود بالسلام الكلام السالم من القدح والعيب والذم والنقص. ويجوز أن يكون الاستثناء متصلاً على طريق الفرض والتقدير، أي: إن كان سلام بعضهم على بعض لغوا فلا يسمعون لغوا إلا ذلك السلام، وهذا يسمى في البلاغة تأكيد المدح بما يشبه الذم، وذلك أنه لما نفى عنهم سماع اللغو في الجنة ذكر أداة الاستثناء فتوقع السامع أن يثبت صفة ذم، لأن ذكر أداة الاستثناء يوهم أن ما يأتي بعدها مخالف لما قبلها لكنه جاء بصفة مدح وهي قوله “سلاما” فكان توكيداً على توكيد، لأن صفة المدح جاءتك في اللحظة التي كنت تترقب نقيضها، وهذا يفيد نفي سماع اللغو بالدليل والبرهان.

    وأخيراً ندعو الله أن يحشرنا في زمرة عباده المتقين وأن يجعلنا من أهل جنته وكرامته. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

    “.. لا يسمعون فيها لغواً”

    وصف الله تعالى الحياة الفاضلة في الجنة فقال: “لا يسمعون فيها لغواً إلا سلاماً ولهم رزقهم بكرة وعشيا”. واللغو هو فضل الكلام الذي لا طائل من ورائه.

    ومجيء (اللغو) نكرة في سياق النفي أفاد العموم، فهم لا يسمعون أي جنس من أجناس اللغو، وسماع اللغو ليس من شأن عباد الله الصالحين، قال تعالى: “والذين هم عن اللغو معرضون”. (المؤمنون: 3) وقال: “وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين”. (القصص: 55) واللغو دائماً يوقع في الخطأ ويؤدي الى الخصام والمشاحنة والجدال، وأهل الجنة بمنأى عن ذلك.

  12. #12
    فخر المنتديات - رحمة الله علية
    الصورة الرمزية أبونبيل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    الدولة
    مدني
    المشاركات
    2,351

    أكثروا من قول لا اله إلا الله



    بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحيمِ

    قال النبي صلى الله عليه وسلم :
    ليس على أهل لا اله إلا الله وحشه في الموت ولا في القبور ولا في النشور
    كأني انظر إليهم عند الصيحة
    ينفضون رؤوسهم يقولون الحمد لله الذي اذهب عنا الحزن
    رواه الطبراني عن ابن عمر رضي الله عنهما
    ¯¯¯¯¯¯¯¯¯
    وقال النبي صلى الله عليه وسلم :
    ليس من عبد يقول لا اله إلا الله مائة مره إلا بعثه الله تعالى يوم القيامة
    ووجهه كالقمر ليلة البدر ولا يرفع لأحد يومئذ عمل أفضل من عمله إلا من قال مثل
    قوله أو زاد
    رواه الطبراني عن أبى الدرداء رضي الله عنه
    ¯¯¯¯¯¯¯¯¯
    وقال النبي صلى الله عليه وسلم :
    ليس يتحسر أهل الجنة على شيء إلا على ساعة مرت بهم لم يذ كروا الله عز وجل فيها
    رواه الطبراني والبيهقي عن معاذ رضى الله عنه
    ¯¯¯¯¯¯¯¯¯
    فأكثروا من قول لا اله إلا الله

  13. #13
    فخر المنتديات
    الصورة الرمزية ناصر عمر دبيب
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    الدولة
    مدني ودزراق
    المشاركات
    3,752
    العم ابو نبيل جزاك الله كل خير
    مدني في حدقات عيوني
    اصلي لمن ادور اجيك بجيك لابتعجزني المسافه
    لابقيف بيناتنا عارض لا الزمان بمسك بايدي
    ولامن الايام مخافه ...يامدني
    ناصر دبيب
    naserdabeeb@hotmail.com
    www.wadmadani.com

  14. #14
    فخر المنتديات - رحمة الله علية
    الصورة الرمزية أبونبيل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    الدولة
    مدني
    المشاركات
    2,351
    الحج المبرور جزاؤه الجنة


    يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من حج لله فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه”، أي رجع من حجه وكأنه قد ولد من جديد، من دون أن تكون عليه ذنوب أو خطايا.

    فماذا يفعل الحاج لكي يقبل الله حجه ويغفر له ذنوبه؟

    وما الآداب والأخلاقيات التي ينبغي أن يحرص عليها ضيوف الرحمن؟

    وهل هناك أدعية معينة يستحب أن يرددها الحاج في الأماكن المقدسة؟

    وما حكم من يحج ويرتكب معاصي وذنوبا في الأراضي المقدسة؟

    وهل الحج يغفر كل الذنوب والمعاصي التي يرتكبها الإنسان طوال حياته؟

    هذه التساؤلات وغيرها طرحناها على عدد من كبار العلماء، وجاءت نصائحهم وتوجيهاتهم على النحو التالي.

    في البداية يؤكد الدكتور أحمد عمر هاشم أستاذ السنة النبوية وعضو مجمع البحوث بالأزهر على ضرورة التزام الحاج بالآداب والأخلاقيات الفاضلة طوال رحلته المباركة، ويقول: لقد رسم الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم طريق الالتزام في أداء هذه الفريضة فقال سبحانه: “الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب”.

    وانطلاقا من دلالات ومعاني هذا النص القرآني الكريم يجب على الحاج أن يتحلى بكل مكارم الأخلاق وهو يؤدي المناسك، فلا يرفث أي لا يجامع زوجته وهو محرم ولا يفسق.. أي لا يصدر منه ما يتنافى مع مكارم الأخلاق قولا أو فعلا، فالفسوق هو العصيان والتمرد على مبادئ وتعاليم الإسلام.

    ومن هنا فإن طاعة الله يجب أن تسيطر على المسلم، وتسود سلوكه، وتوجه كل تصرفاته منذ خروجه من بيته قاصدا أداء المناسك وحتى عودته، فلا ظلم لأحد، ولا تشاجر أو مشاحنة أو جدال عقيم حول أمر ديني أو دنيوي، ولا قسوة في التعامل مع النساء وكبار السن والضعفاء في أداء الشعائر والمناسك، فالرحمة والرفق سلوك ينبغي أن يصاحب الحاج في كل حركاته وسكناته.

    ويضيف الدكتور هاشم: لو فعل المسلم ذلك والتزم في تعامله مع ضيوف الرحمن وأهالي البلاد التي يزورها طوال رحلة الحج بما حث عليه الإسلام من آداب للتعامل، وتخلق بالأخلاق الكريمة مع كل الناس وكان مخلصا في عبادته، صادقا في مناجاة ربه، حريصا على الحلال في طعامه وشرابه، غاضا لبصره وجوارحه عن كل ما يغضب الله، لو التزم الحاج بذلك عاد من رحلته المباركة كما وعده رسول الله “كيوم ولدته أمه”.

    التزامات قبل السفر

    الدكتور نصر فريد واصل أستاذ الشريعة الإسلامية وعضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ومفتي مصر الأسبق يرى أن طريق الرحمة والمغفرة في الحج يبدأ قبل السفر ومغادرة الديار والأهل والأحباب لأداء المناسك ويقول: لكي يتطلع المسلم إلى كامل الأجر والثواب ويطمح أن يكون حجه مبرورا وذنبه مغفورا، عليه أولا أن يعد زاد هذه الرحلة المباركة من مال حلال، لا توجد به أدنى شبهة، وأن يرد المظالم إلى أصحابها، فإذا كان عليه دين يرده إلى صاحبه، وإذا كان قد ظلم إنسانا وأكل ماله، فعليه قبل سفره أن يعيد الحقوق كاملة لأصحابها، وأن يخلص النية في التوبة وعدم الرجوع إلى المعاصي والذنوب مرة أخرى، وإلى جانب كل ذلك عليه أن يصلح علاقاته بالناس، فلا يسافر وهناك خصومة مع أحد يستطيع إنهاءها قبل سفره، ولا يسافر ويترك زوجته وأولاده وهم غير راضين عنه، أو يتركهم من دون مال يكفيهم حتى يعود إليهم، فطاعة الله والفوز برضاه طريقهما الصحيح الإحسان إلى الناس.

    وينبه الدكتور واصل على ضرورة إخلاص النية في هذه الفريضة فلا يكون الهدف الذي يسعى إليه المسلم هو مجرد أداء فريضة من خلال طقوس شكلية فارغة من مضمونها الإيماني، فالحج فريضة هدفها تهذيب سلوك الإنسان، وتدريبه على الصبر والانصياع لأوامر الله.

    وهذا يؤكد أن الحاج مطالب أن يتوجه بنسكه إلى الله، لا يريد به رياء ولا سمعة، فالأعمال كما أخبرنا رسولنا الكريم بالنيات، ولكل امرئ ما نوى، فالذي يقصد من وراء حجه عفو الله ورحمته والتخلص من ذنوبه وآثامه، ويخلص في أداء المناسك ويلتزم بالقيم والسلوكيات الفاضلة، يحقق الله له هدفه، والذي يسعى إلى أن يظهر بين الناس على أنه مطيع وملتزم وحريص على قيم وفرائض الدين وهو في واقع الأمر غير ذلك، فلن يجني من وراء رحلته الشاقة إلا الشقاء والتعب، لأنه لم يخلص النية ولم يكن صادقا مع ربه ومع نفسه ولم يفهم مقاصد الفريضة جيدا.

    خداع مرفوض

    الدكتور آمنة نصير أستاذة العقيدة والثقافة الإسلامية في فرع جامعة الأزهر للبنات ترفض وتدين سلوك العصاة الذين يدمنون المعاصي والذنوب طوال العام ثم يحرصون على السفر لأداء مناسك الحج والعمرة طمعا في “غسيل” سلوكهم والتخلص من ذنوبهم، وتقول: صحيح أن الحج المبرور يغفر الذنوب ويمحق المعاصي والآثام كما أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن من شروط هذا الحج المبرور أن تصاحبه نية صادقة وتوبة صادقة أيضا، فلا يعقل أن يؤدي الإنسان الحج ثم يعود ليرتكب المزيد من الذنوب والمعاصي طوال العام، ثم يذهب في نهاية العام إلى الأراضي المقدسة طمعا في غسيل روحه وجسده من المعاصي والذنوب الكثيرة التي علقت به، فهذا خداع وتمويه لا يقبله دين، ولا يقره عقل سليم.

    وتشبه الدكتورة آمنة نصير سلوك هؤلاء بالذين يكتسبون أموالهم من تجارة المخدرات والرقيق وغير ذلك من المحرمات، ثم يذهبون ليقيموا بها مشروعات مباحة شرعا بهدف غسيل أموالهم.. النية في الحالتين ليست صادقة، والحلال هنا أو عمل الخير ليس مقصودا لذاته، بل هو وسيلة للتغطية على الحرام، وهذا تزييف وتضليل وخداع.

    لون من الجهاد

    والحج المبرور الذي بشرنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحقق لكل إنسان طائع لربه، ملتزم بالآداب والأخلاقيات والسلوكيات الفاضلة خلال رحلة الحج.

    هكذا بدأ الدكتور إسماعيل الدفتار الأستاذ بكلية أصول الدين بالأزهر وخطيب مسجد عمرو بن العاص العريق في مصر حديثه معنا عن علامات ومواصفات وثواب هذا الحج الذي يتطلع إليه كل مسلم، فالحج المبرور على رأس الأعمال الصالحة كما أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما سئل: أي الأعمال أفضل؟ قال: “إيمان بالله ورسوله” قيل: ثم ماذا؟ قال: “ثم جهاد في سبيل الله” قيل ثم ماذا؟ قال: “ثم حج مبرور”.

    والحج المبرور أيضا هو لون من جهاد المسلم خاصة النساء، فالسيدة عائشة رضي الله عنها عندما سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: نرى الجهاد أفضل الأعمال وفي رواية أنها قالت: يا رسول الله: هل على النساء من جهاد؟ قال: “عليهن جهاد لا قتال فيه، وهو الحج المبرور”.

    ويضيف الدكتور الدفتار: والحج المبرور ليس رتبة عالية يحظى بها بعض ضيوف الرحمن دون بعض، بل يجب أن يكون هدفا لكل حاج، وإلا فلا فائدة من التعب وتحمل المشاق والنفقة الكثيرة التي تنفق في الحج.. فتعاليم الإسلام وتوجيهات الرسول تحثنا على أداء هذه الفريضة بما يضمن لنا الفوز بكامل الأجر والثواب، والحج الذي يؤديه المسلم ملتزما فيه بالآداب والأخلاقيات الكريمة والذي يحرص فيه على السنن والمستحبات ويتجنب فيه كل المحظورات، ويصون فيه لسانه وكل جوارحه عن كل ما يغضب الله عز وجل، هذا الحج ثوابه الجنة كما بشرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف: “العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة”.

    والحج المبرور كما يوضح الدكتور الدفتار لا يعني أن يحرم الإنسان نفسه وأهله المصاحبين له من الطيبات، وأن يتفرغ كل الوقت للعبادة ويهمل راحة جسده، وإطعام نفسه بخيرات الله المتاحة له، كما يعتقد البعض، بل الحاج مطالب بالتوسط والاعتدال في كل أموره طوال هذه الرحلة، يعبد الله حق عبادته، ولا يهمل شؤون بدنه، ويحرص على النظافة وارتداء أفضل ما لديه من ثياب، ولا يحرم نفسه من كل ما أحله الله له وكان في متناوله، فالنفقة في الحج المبرور كالنفقة في سبيل الله، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: “النفقة في الحج كالنفقة في سبيل الله بسبعمائة ضعف” والنفقة هنا تعني الإنفاق على الفقراء والمحتاجين والمرضى في كل مكان يذهب إليه الحاج طوال رحلته المباركة.

    الدعاء المستجاب

    ولكي يكون دعاء الحاج مستجابا فلا بد كما يوضح الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر، من أن يحرص الإنسان على الحلال في طعامه وشرابه وكل نفقة حجه، فقد جاء في الحديث الصحيح الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه: “إذا خرج الحاج حاجًا بنفقة طيبة أي بنفقة من حلال ووضع رجله في الغرز أي في الذي يعتمد عليه في ركوب راحلته ثم نادى: لبيك اللهم لبيك، ناداه مناد من السماء لبيك وسعديك، زادك حلال، وراحلتك حلال، وحجك مبرور غير مأزور أي غير مصحوب بذنب أو إثم وإذا خرج بالنفقة الخبيثة فوضع رجله في الغرز فنادى: لبيك، ناداه مناد من السماء: لا لبيك ولا سعديك أي لا إجابة لدعائك ولا رحمة متوقعة لك زادك حرام، ونفقتك حرام، وحجك مأزور غير مبرور”.

    ويضيف الدكتور طنطاوي: إذا كان الحاج حريصا على كامل الأجر والثواب وأن يتقبل الله دعاءه ويغفر له ذنوبه، ويحقق له طموحاته فعليه أن يوطن نفسه التقيد بما أحله الله من المأكل والمشرب والملبس وغير ذلك، فإن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا.

    الخليج

  15. #15
    فخر المنتديات
    الصورة الرمزية ناصر عمر دبيب
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    الدولة
    مدني ودزراق
    المشاركات
    3,752
    عمي ابونبيل جزاك الله كل خير
    مدني في حدقات عيوني
    اصلي لمن ادور اجيك بجيك لابتعجزني المسافه
    لابقيف بيناتنا عارض لا الزمان بمسك بايدي
    ولامن الايام مخافه ...يامدني
    ناصر دبيب
    naserdabeeb@hotmail.com
    www.wadmadani.com

  16. #16
    فخر المنتديات - رحمة الله علية
    الصورة الرمزية أبونبيل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    الدولة
    مدني
    المشاركات
    2,351

    خاتم النبيين

    سوسن سحاب*** ألأتحاد

    كتب الله في اللوح المحفوظ، قبل بدء الخلق أن محمدا صلى الله عليه وسلم هو خاتم النبيين، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إني عند الله لخاتم النبيين، وإن آدم لمنجدل في طينته، وسأنبئكم بأول ذلك، دعوة أبي إبراهيم، وبشارة عيسى بي، ورؤيا أمي التي رأت، وكذلك أمهات النبيين يرين”.

    وكانت دعوة أبينا إبراهيم عليه السلام، بعد أن رفع قواعد البيت الحرام، “أن يجعل الله من ذريته أمة مسلمة، ويبعث من هذه الذرية رسولاً يعلمهم الدين، وطاعة الله والإخلاص له، ويعرفهم الخير فيفعلوه والشر فيجتنبوه”. “ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم” (البقرة: 129) ووافقت هذه الدعوة قَدَر الله السابق في أن يكون محمد عليه الصلاة والسلام خاتم النبيين ورسولا إلى الثِقَلَيْن من إنس وجن.

    وكانت بشارة عيسى عليه السلام به أنه أفصح باسم (أحمد) في بني إسرائيل، وقال تعالى على لسان عيسى عليه السلام: “إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد” (الصف: 6).

    لذلك فإن أهل الكتاب كانوا يعرفون النبي المنتظر بصفته وباسمه، كما قال تعالى عنهم “الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون” (البقرة: 146). ولكنهم بعد ما جاءهم النبي وعرفوه بصفته واسمه، وإنه مصداق لما عندهم في التوراة كفروا به وقال تعالى: “ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدقٌ لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين” (البقرة: 89).

    وكانت رؤيا أم النبي( آمنة بنت وهب) كما قال صلى الله عليه وسلم: (رأت أمي أنه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام).

    وقد أخذ الله الميثاق والعهد على كل نبي ورسول أرسله إلى قومه، أن يؤمن بخاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم، وينصرنه، وأقروا وشهدوا على ذلك.



    الكلمة الأخيرة:

    “وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين” (آل عمران: 81)

  17. #17
    فخر المنتديات
    الصورة الرمزية ناصر عمر دبيب
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    الدولة
    مدني ودزراق
    المشاركات
    3,752
    مدني في حدقات عيوني
    اصلي لمن ادور اجيك بجيك لابتعجزني المسافه
    لابقيف بيناتنا عارض لا الزمان بمسك بايدي
    ولامن الايام مخافه ...يامدني
    ناصر دبيب
    naserdabeeb@hotmail.com
    www.wadmadani.com

  18. #18
    فخر المنتديات - رحمة الله علية
    الصورة الرمزية أبونبيل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    الدولة
    مدني
    المشاركات
    2,351


    التوثيق الميداني لطريق الهجرة النبوية من مكة إلى المدينة



    في إطار التوثيق الميداني لطريق الهجرة النبوية من مكة إلى المدينة قام فريق من الباحثين برحلة علمية لتوثيق خط سير رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر الصديق رضي الله عنه عندما هاجرا إلى المدينة.

    بدأت الرحلة من جانب المسجد الحرام قرب بيت رسول الله  إلى غار ثور ، وصعد الفريق الطريق الجبلي الشاق إلى الغار ، واجتهد في دراسة المعالم التي تساعد على تحديد طريق النزول منه جنوباً إلى الموقع الذي التقى فيه بالدليل عبد الله بن أريقط ،

    والممر بين مجموعة الجبال جنوب مكة الذي نفذت منه القافلة الصغيرة إلى الطريق الساحلي غرباً ثم شمالاً،

    ثم موقع خيمة أم معبد كما تواتر عند بعض سكان المنطقة ، ثم مواطن بني مدلج حيث لحق سراقة بن مالك بالقافلة طمعاً في جائزة قريش ،

    ثم غدير خم الذي مرت به القافلة ، ثم الطريق المختصر الذي سلكته قافلة الهجرة النبوية حتى وصولها منطقة قباء على مشارف المدينة.

    وقد اعتمد الفريق على جهاز تحديد المواقع (gbs) لتحديد إحداثيات كل موقع ،

    كما قام بتصوير المواقع والمناطق المحيطة بها بأجهزة تصوير رقمية ثابتة ومتحركة،

    واستعان بصورة الأقمار الصناعية التي قدمتها مَجْمُوعَةُ السّلاَم التي رعت الرحلة .

  19. #19
    عضو ذهبي
    الصورة الرمزية فدوى الحسن
    تاريخ التسجيل
    Feb 2005
    الدولة
    في حته حقتي جوااااك...
    المشاركات
    3,064
    جزيت خيرا
    وجعلها الله في ميزان حسناتك
    مرض الحبيب فعدته فمرضت من حزني عليه وأتى الحبيب يعودني ... فبرئت من نظري إليه!!..

  20. #20
    فخر المنتديات
    الصورة الرمزية ناصر عمر دبيب
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    الدولة
    مدني ودزراق
    المشاركات
    3,752
    جزاك الله كل خير
    مدني في حدقات عيوني
    اصلي لمن ادور اجيك بجيك لابتعجزني المسافه
    لابقيف بيناتنا عارض لا الزمان بمسك بايدي
    ولامن الايام مخافه ...يامدني
    ناصر دبيب
    naserdabeeb@hotmail.com
    www.wadmadani.com

  21. #21
    فخر المنتديات - رحمة الله علية
    الصورة الرمزية أبونبيل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    الدولة
    مدني
    المشاركات
    2,351
    ما معنى الدِين ، و ما المقصود به في المصطلح الإسلامي و القرآني ؟


    الاجابة للشيخ صالح الكرباسي

    استُعملت كلمة " الدِين " في اللغة العربية في معاني عديدة منها :
    1. الجزاء : و قد استُعملت كلمة " الدين " بمعنى الجزاء في عدة مواضع من القرآن الكريم منها :
    · قول الله عَزَّ و جَلَّ : ﴿ مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾ ، أي مالك يوم الجزاء .
    · قول الله جَلَّ جَلالُه : ﴿ وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ ﴾ .
    و استُعمل " الدين " في الأحاديث الشريفة أيضا بمعنى الجزاء في مواضع ، منها : " إبن آدم : كن كيف شئت ، كما تَدِين تُدان " أي كما تُجازي تُجازى .
    2. الطاعة : و استُعمل " الدين " بمعنى الطاعة في القرآن الكريم في مواضع منها :
    · قول الله عَزَّ و جَلَّ : ﴿ وَلَهُ مَا فِي الْسَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا أَفَغَيْرَ اللّهِ تَتَّقُونَ ﴾
    · و قوله تعالى : ﴿ قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ﴾ .
    و قد استُعملت كلمة الدين في الأحاديث الشريفة بمعنى الطاعة في مواضع كثيرة ، منها : " العلم دينٌ يُدان به "أي طاعة يُطاع الله به ، و دانَ الرَجُلُ بالإسلام ديناً ، أي تَعبَّد الرجل بالإسلام و تديّن به .
    الدين في تعاريف العلماء :
    عَرَّف العلماءُ الدينَ بتعاريفٍ مختلفة نشير إلى أهمها كالتالي :
    1. بأنه : " أسم لجميع ما يُعبد به الله " .
    2. بأنه : " وضع إلهي لأولي الألباب يتناول الأصول و الفروع " .
    3. بأنه : " ما يدان به من الطاعات مع اجتناب المحرمات "
    4. بأنه : " وضع الهي سائق لذوي العقول باختيارهم المحمود إلى ما هو خير بالذات "
    5. بأنه : " وضع الهي سائق لذوي العقول باختيارهم المحمود إلى الخير بالذات قلبياً كان أو قالبياً ، كالاعتقاد و الصلاة " .
    تعريفنا للدين :
    و لو أردنا أن نُعرِّف الدين بتعريف جامع و مختصر قلنا : الدين : " معرفة و طاعة حسب النهج الإلهي " .
    و لتوضيح ذلك نقول :
    إن الأصول و الأسس التحتية لفكر الإنسان و سلوكه العقائدي و الفكري تسمى بأصول الدين ، و يراد بها الأمور التي ترتبط بعقيدة الإنسان و سلوكه الفكري و النظري ـ أي المعرفة و العقيدة ـ ، و هي التي تبتنى عليها فروع الدين التي ترتبط بأفعال الإنسان أي سلوكه العملي .
    أما ما يرتبط من أحكام الدين بتوجيه سلوك الإنسان العملي و تنظيم حياته الفردية و الاجتماعية و إرشاده إلى ما فيه خيره و صلاحه تُسمى بفروع الدين .
    فالدين : معرفة و طاعة ، معرفة بأصول الدين و قبولها ، و طاعة في فروعه .
    الدين في المفهوم القرآني :
    هذا و إن المتتبّع يجد أن معنى الدين في المفهوم القرآني هو معنى دقيق جداً ، يقول العلامة المحقق آية الله الشيخ جعفر السبحاني ( حفظه الله ) :
    " إن الدين حسب اصطلاح القرآن هو الطريقة الإلهية العامة التي تشمل كل أبناء البشر في كل زمان و مكان ، و لا تقبل أي تغيير و تحويل مع مرور الزمن و تطوّر الأجيال ، و يجب على كل أبناء البشر إتباعها ، و هي تُعرض على البشرية في كل أدوار التاريخ بنحو واحد دون ما تناقض و تباين ، و لأجل ذلك نجد القرآن لا يستعمل لفظة الدين بصيغة الجمع مطلقاً ، فلا يقول : " الأديان " و إنما يذكره بصيغة المفرد ، كما يقول : ﴿ إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللّهِ فَإِنَّ اللّهِ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾، ﴿ وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ ، في حين أن " الشريعة " تعني مجموعة التعاليم الأخلاقية و الاجتماعية التي يمكن أن ينالها التغيير مع مرور الزمن و تطوّر المجتمعات و تكامل الأمم ، و لذلك لا يضير استعمال هذه اللفظة في صورة الجمع ، فيقال " شرائع " و قد صرّح القرآن بتعدد الشريعة .
    فهو رغم تصريحه بوحدة الدين ـ كما مرّ في الآية السابقة ـ يُخبر عن وجود شريعة لكل أمة ، و يكشف بذلك عن تعدد الشريعة إذ يقول : ﴿ ... لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ... ﴾
    .
    و على هذا فان البشرية دُعيت في الحقيقة إلى دين واحد و هو الإسلام الذي كان متحد الأصول في كل الأدوار و الأزمنة ، و كانت الشرائع في كل زمن و ظرف طريقاً للوصول إلى الدين الواحد ، و لم تكن الشرائع إلا طرقاً للأمم و الأقوام ، لكل قوم حسب مقتضيات عصره و مدى احتياجه .
    و أما الملّة ، فهي بمعنى السنن التي بها تقوم الحياة البشرية و تستقيم ، تلك السنن التي أودع في مفهومها " الأخذ و الاقتباس من الغير " .
    و لذلك يضيف القرآن الكريم هذه العبارة ـ لدى استعمالها ـ إلى الرُسل و الأقوام ، إذ يقول مثلاً : ﴿ ... قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ ، ﴿ ... إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ ﴾ .
    و على هذا تكون الملة و الشريعة متحدين معنى و مفاداً مع فارق واحد هو أن الملة تضاف إلى غير الله ، فيقال : " ملّة محمد " و " ملّة إبراهيم " و لا تضاف إلى الله تعالى ، فلا يقال : " ملّة الله "

    الإشعاع الإسلامي

  22. #22
    فخر المنتديات - رحمة الله علية
    الصورة الرمزية أبونبيل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    الدولة
    مدني
    المشاركات
    2,351


    كثير من المسلمين للأسف يبدؤون صلاتهم بخشوع جميل ... وما هي إلا ثواني حتى يبدأ الشيطان في الوسوسة لهم ..
    ويبدأ الصراع..
    حتى يصل المسلم للتشهد الأوسط أو الأخير وقد وقع في شباك الشيطان أو شباك نفسه الأمارة بالسوء والتي تتمنى أن تنتهي تلك الوقفة أمام الله لترتاح .. إلا من رحم ربي.
    وفي خضم كل هذا يفقد المسلم لحظات هي (في رأيي) من أحلى لحظات الصلاة .
    لحظات أسترجع وأتخيل ذلك الحوار الرائع ..
    حوار التشهـّد
    يبدأ المشهد بسيدنا رسول الله وهو يمشي في معيـّة سيدنا جبريل في طريقهما لسدرة المنتهى في رحلة المعراج.
    وفي مكان ما .. يقف سيدنا جبريل عليه السلام ....
    فيقول له سيدنا محمد ..
    أهنا يترك الخليل خليله ؟
    قال سيدنا جبريل : لكل منا مقام معلوم .
    يا رسول الله ... إذا أنت تقدّمت اخترقت .. وإذا أنا تقدّمت احترقت
    (وصار سيدنا جبريل كالحلس البالي من خشية الله)
    فتقدم سيدنا محمد إلى سدرة المنتهى .. واقترب منها ..
    ثم قال سيدنا رسول الله : التحيات لله والصلوات الطيبات
    رد عليه رب العزة : السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته.
    قال سيدنا رسول الله : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.
    فقال سيدنا جبريل (وقيل الملائكة المقربون ) : أشهد أن لا إله إلا الله .. وأشهد أن محمدا رسول الله.
    هل نستشعر في عند قرآءة التشهد هذا الحوار الراقي ؟؟
    هل نستشعر أن سيدنا رسول الله تذكرنا هناك عند سدرة المنتهى .. حيث مواطن الأنوار والأسرار ... حيث من المستحيل من روعة المكان أن تتذكر الأم وليدها.
    ولكنه بحنانه تذكرنا هناك
    استشعروا روعة هذه الكلمة
    (السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين)
    تذكر عباد الله الصالحين الذين نرجو أن نكون منهم ليشملنا سلام سيدنا رسول الله
    كم نحبك يا رسول الله
    كم نتمنى أن نراك في المنام ولو معاتبا .. المهم أن نكحل أعيننا بطلعتك.
    صلى الله عليك يا حبيبي يا رسول الله
    هل بعد هذا ستقرأ التشهد كما كنت تقرأه سابقا ؟؟
    هل بعد ذلك ستصلي على سيدنا رسول الله في الصلاة الإبراهيمية بنفس الفتور ؟؟
    هل ستكثر بعد هذا من الصلاة على حبيبك سيدنا محمد ..؟؟

    اللهم صلي وسلم وبارك على الحبيب محمد وعلى آله وصحبه في كل لمحة ونفس بعدد كل معلوم لديك

  23. #23
    فخر المنتديات
    الصورة الرمزية ودتابر
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    قطر - الدوحة
    المشاركات
    639

    اللهم صلي وسلم على سيدنا محمد

    أخي الحبيب في الله أبونبيل ...

    بارك الله فيك وجزاك الله خير الجزاء على هذه الموعظة والتذكرة الحسنة

    نسأل الله تبارك وتعالى أن يكتبها لك في ميزان حسناتك بإذن الله ...


    وصلى وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
    حنبنيهو البنحلم بيهو يوماتي .. وطن شامخ وطن عاتي
    وطن خير ديمقراطي

  24. #24
    فخر المنتديات - رحمة الله علية
    الصورة الرمزية أبونبيل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    الدولة
    مدني
    المشاركات
    2,351
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ودتابر مشاهدة المشاركة
    أخي الحبيب في الله أبونبيل ...

    بارك الله فيك وجزاك الله خير الجزاء على هذه الموعظة والتذكرة الحسنة

    نسأل الله تبارك وتعالى أن يكتبها لك في ميزان حسناتك بإذن الله ...


    وصلى وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
    أخى الحبيب فى اللة ودتابر

    جزاك اللة عنا كل خير
    أتابع مشاركاتك الثرة والهادفة
    جعلها اللة فى ميزان حسناتك با ذن اللة
    ودمت لأخيك

  25. #25
    فخر المنتديات - رحمة الله علية
    الصورة الرمزية أبونبيل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    الدولة
    مدني
    المشاركات
    2,351


    بينما النبي صلى الله عليه واله وسلم في الطواف إذا سمع اعرابياً
    يقول: يا كريم

    فقال النبي خلفه: يا كريم

    فمضى الاعرابي الى جهة الميزاب وقال: يا كريم

    فقال النبي خلفه : يا كريم

    فالتفت الاعرابي الى النبي وقال: يا صبيح الوجه, يا رشيق القد ,
    اتهزأ
    بي لكوني اعرابياً؟‎
    والله لولا صباحة وجهك ورشاقة قدك لشكوتك الى حبيبي محمد صلى الله
    عليه واله وسلم

    فتبسم النبي وقال: اما تعرف نبيك يا اخا العرب؟

    قال الاعرابي : لا

    قال النبي : فما ايمانك به؟

    قال : اّمنت بنبوته ولم اره وصدقت برسالته ولم القه

    قال النبي : يا أعرابي , اعلم أني نبيك في الدنيا وشفيعك في الاخرة

    فأقبل الاعرابي يقبل يد النبي صلى الله عليه واله وسلم

    فقال النبي:
    مه يا اخا العرب

    لا تفعل بي كما تفعل الاعاجم بملوكها, فإن الله سبحانه وتعالى
    بعثني
    لا متكبراً ولا متجبراً, بل بعثني بالحق بشيراً ونذيراً

    فهبط جبريل على النبي وقال له: يا
    محمد. السلام يقرئك
    السلام ويخصك
    بالتحية والاكرام, ويقول لك : قل للاعرابي,‎

    لا يغرنه حلمنا ولا كرمنا,فغداً نحاسبه على القليل والكثير,
    والفتيل
    والقطمير

    فقال الاعرابي: او يحاسبني ربي يا رسول الله؟

    قال : نعم يحاسبك إن شاء

    فقال الاعرابي: وعزته وجلاله, إن حاسبني لأحاسبنه

    فقال النبي صلى الله عليه واله وسلم : وعلى ماذا تحاسب ربك يا اخا
    العرب ?

    قال الاعرابي : إن حاسبني ربي على ذنبي حاسبته على مغفرته, وإن
    حاسبني
    على معصيتي
    حاسبته على
    عفوه,

    وإن حاسبني على بخلي حاسبته على كرمه

    فبكى النبي حتى إبتلت لحيته

    فهبط جبريل على النبي

    وقال : يا محمد, السلام يقرئك السلام , ويقول
    لك
    : يا محمد قلل من بكائك فقد الهيت حملة العرش عن تسبيحهم

    وقل لأخيك الاعرابي لا يحاسبنا ولا نحاسبه فإنه رفيقك في الجنة

    اللهم إغفر لكل من نقـلها ونشرها ووالديه ولا تحرمهم الأجـر يا
    كريم

    اللهم صل على محمد وآل محمد‎
    اللهم صل على محمد وآل محمد‎
    اللهم صل على محمد وآل محمد‎
    اللهم صل على محمد وآل محمد‎
    اللهم صل على محمد وآل محمد‎
    اللهم صل على محمد وآل محمد‎
    اللهم صل على محمد وآل محمد‎
    اللهم صل على محمد وآل محمد‎
    اللهم صل على محمد وآل محمد‎

    انشرها عسى الله
    يفرج همك

    دعاء فك الكرب

    لا اله الا الله الحليم الكريم لا اله الا الله العلى العظيم لا
    اله
    الا الله رب السماوات السبع ورب العرش العظيم

    اذا كان نشرها سيرهقك فلا تنشرها فلن تستحق اخذ ثوابها لان ثوابها
    عظيم



المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •