إنها دعوة للتداعي ... الغوص في حنايا الروح .. وتخليدا لذكرى من ساهموا وصنعوا تاريخنا الحالي .. كل من زاويته.
تم اختيار كلمة "مناغمات" لتدل علي حنين وبشاشة التعامل في ذلك الزمن لـ حبوباتنا وجدودنا .. الرحمة والمغفرة لمن مات منهم ... وطول العمر لمن يعيش ويكسبنا وجوده في هذه الفانية القدرة على العطاء
ستكون بدايتي حيث أنتهي أخي محمد حينما قال:
المرفعين شال شارفة.
بينما كان يمسك بيده الرقيقة (القدوم) في محاولة جادة لتطويع أحد سيقان السنط بغرض تحديث الكوريق والكندكة والطورية ومع إنقلاب هبوب ذلك العام إلى جهة الجنوب ـ تلبدت السماء بالغيوم جلس بخيت ود أحمد ود الإمام والرجل قليل الكلام ـ بينما جلست إلى جواره تعالج القهوة ـ أم كلثوم بت أحمد وهذه المرأة شاعرة لا تفارقها ربة الشعر وقد رسمت حبات العرق على وجهها علامات الرضى والإستقرار النفسي وجلست أنا متقرفصاً الأرض أنظر هنا وهناك بينما عِجلتنا البدينة تمور في حركات كثيرة في إنتظار عودة أمها البقرة الكبيرة من الراعي ، وحمارة بخيت ود أحمد كانت تشكل حضوراً أصيلاً في هذه اللوحة وعلى الجانب الآخر من المنزل كان يعلو صوت المذياع يصدح بإحدى الفترات المفتوحة فتسمع المذيع تارة وبعض المقطوعات الموسيقية أو الغنائية تارة أخرى حيث يتربع على ذلك العرش جاد الله ود بخيت بعالمه الخاص .
وأخيراً نطق بخيت ود أحمد قائلاً : بالله ـ الأيام دي زي أيام شيلة المرفعين لي شارفة ـ فردت عليه أم كلتوم بت أحمد مؤيدة ـ رحيمها الله .. بالله جراها زي العتود ـ هنا ، انهالت على مخيلتي مجموعة من التساؤلات ..
من هي شارفة ؟
وما هو المرفعين ؟
وكيف يمكن أن يجرها كما العتود ؟
ثم أنني في تلك الأثناء شعرت بالراحة الكبيرة بعد أن نطق أخيراً بخيت ود أحمد فأجابني بكلمات دقيقة وواضحة حتى لا يعيد كلامه .
شارفة أم الجاك كانت ساكنة جنب الراجين الله والرحمة ـ كانت نائمة وبيتها جنب
اللقد ـ جاء المرفعين جراها خت نائب في نص راسها والنائب الثاني في حلقها حتى لا تصرخ . والحمد لله ما شال الجاك ، الجنا صغيّر نائم جنب أمو .
وقبل أن أبادر بالأسئلة وكانه كان على علم بما سأسأله قال مردفاً : المرفعين أكبر من الكلب وأصغر من الحمار وهنا مباشرة نظرت إلى حمارة بخيت ود أحمد بالقرب من ذلك المجلس وهنا أردف بخيت ود أحمد قدر الدحش .
خيم صمت على المجلس إلاَّ من أصوات الموية في الشغال وصب القهوة على صينية الحديد العتيقة وأيضاً كان يشكل حضوراً دافئاً القلاي الذي توضع فيه حبات البن مع الجمر ويقلب بطريقة جميلة وبتلك الطريقة حدث كلاكيت مفاجئ حيث تغيَّر الموضوع وذهب الهدوء مع قدوم المرحوم العم يوسف عبد الله شنان وهو يصيح خالي بخيت موية التروية انكسرت ودقشت الغابة أكان ما سديتها بغرموك![]()
المفضلات