النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: كذبات أمي الثمانية

     
  1. #1
    عضو فضي
    Array الصورة الرمزية ود الأصيل
    تاريخ التسجيل
    Jan 2013
    المشاركات
    2,849

    كذبات أمي الثمانية


    من تأملات الدكتور/مصطفى العقاد:
    انهمرت دموعي و أمي تحاول عبثاً مواساتي
    فقالت : لا تبكي يا ولدي فأنا لا أكذب و لكني أتجمل
    ليس دائما ً: تقول أمي الحقيقة !!..
    ثماني مرات : كذبت أمي عليّ !!!...
    تبدأ القصة عند ولادتي ، فكنت الابن الوحيد في أسرة شديدة الفقر فلم يكن لدينا من الطعام ما يكفينا ....
    وإذا وجدنا ذات يوم بعضا ًمن الأرز ليسد جوعنا. كانت أمي تؤثرني بنصيبها وتقول : كل يا ولدي تناول ،فأنا لست جائعة ..
    ..............
    2)
    وعندما ترععرت كانت أمي تنهي شئون المنزل وتذهب للصيد في النهر ،علها تجلب سمكة لغذائي،
    و في ذات مرة اصطادت
    سمكتين ، ثم هرولت لتطبخهما و تضعهما أمامي فبدأت أتناول السمكة الأولى،
    واكتفت هي بفتات ما يتبقى من
    عظم و شوك. رف قلبي لذلك ، مددت لها الأخرى لكناه ردتها علية وقالت
    :
    يا ولدي تناول هذه السمكة أيضا ، ألا تعرف أني لا أحب السمك ..
    ...............
    3)
    ولما شببت عن طوقي ألحقتني بالمدرسة ، ولم يكن لدينا ما يكفي من مصروف، فاتفقت أمي مع محل للملابس ،
    على أن تدور على المنازل لتسويق البضاعة لدى ربات البيوت
    ، وفي ذات ليلة شتاء ماطرة ، تأخرت أمي في العمل ،
    وكنت أنتظرها
    بالمنزل ، فخرجت أبحث عنها في الشوارع المجاورة، و وجدتها تحمل البضائع و تطرق أبواب البيوت ،
    فتوسلتها للعودة سريعاً حيث تأخر الوقت واشتد والبرد
    فابتسمت أمي وقالت لي : ياولدي.. أنا لست مرهقة
    ..
    ...............
    4)
    في يوم اختبار آخر العام الدارسي ، أصرت أمي على مرافقتي إلى هناك حيث دخلت وبقيت هي تنتظر خروجي تحت الشمس حارقة،
    وعندما دق الجرس وانتهى الامتحان خرجت لها فاحتضنتني بقوة ودفء وبشرتني بالتوفيق بإذن الله ، و وجدت معها كوبا فيه مشروب ،
    كانت أعدته لي لأبرد جوفي
    لكن حضنها كان أكثر برداوسلاما ً، ولما لمحت وجهها يتصبب عرقاً ناولتها وقلت:اشربي يا أمي، فردته كعادتها
    ..
    .
    .................
    5)
    نشأت يتيماً مع أمي الأرملة في شظفاً من العيش حياة . كان يجاورنا عم طيب القلب و يجود علينا بموجوده،
    و لما رأى الجيران رقة حالنا
    ، نصحوا أمي بأن تتزوج رجلا ينفق علينا فهي لازالت صغيرة ، لكنها كانت زاهدة:

    ...................
    6)عند إكال دراستي تخرجت و حصلت على وظيفة لا بأس بها ، واعتقدت أن الوقت قد حان لأتحمل عن أمي عبء المعيشة ،
    وهي لم تعد قادرة
    على التطواف بالمنازل ، فلجأت لبيع الخضار جالسة ، ولما خصصت لها جزءاً من راتبي،
    لم تأخذ منه شيئاً و قالت لي : يا ولدي احتفظ بقرشك الأبيض ليومك الأسود، و أنا ماعدت محتاجة لشيء
    .
    .................

    7)
    وبجانب عملي واصلت دراستي كي أحصل على درجة الماجيستير، وبالفعل نجحت وارتفع راتبي ،
    ومنحتني الشركة الألمانية التي أعمل به ا
    الفرصة للعمل بالفرع الرئيسي لها بألمانيا ،
    سعدت بذلك كثيراً وأنا حالم ببداية
    جديدة وحياةرغدة ، وبعدما سافرت وهيأت الظروف،
    اتصلت بأمي أدعوها لكي تأتي
    ل لإقامة معي ، ولكنها لم تحب أن تضايقني وقالت :
    يا ولدي .. أنالست معتادة على
    المعيشة المترفة
    ، بدعني أموت حيث نشأت.
    .................
    8)
    كبرت أمي وأصبحت في سن الشيخوخة، وأصابها مرض السرطان اللعين، وكان يجب أن يكون بجانبها من يمرضها ،
    ولكن ماذا أفعل
    فبيني وبين أمي الحبيبة أميال سحيقة، تركت كل شيء وذهبت لأمارضها ، فوجدتها طريحة الفراش بعد إجراء العملية،
    عندما رأتني حاولت أمي أن تبتسم لي ولكن قلبي كان
    يحترق لأنها كانت هزيلة جدا وضعيفة ، ليست أمي التي أعرفها ،انهمرت الدموع من عيني
    ولكن أمي حاولت أن تواسيني

    فقالت : لا تبكي يا ولدي فأنا لا أشعر بالألم ...
    ....................
    وبعدما قالت لي ذلك ، أغلقت عينيها ، فلم تفتحهما بعدها أبدا ...ً
    إلى كل من ينعم بوجود أمه في حياته:حافظ على هذهالنعمة قبل أن تحزن على فقدانها
    لعل هذا من نوع الكذب الحميد و ليس "الأبيض" و لا "كذبات أبريل" المنصرم ،
    و لا يحزنون فشتان بين هذا ذاك إذ من الإجحاف أن نزنهما بكفة واحدة.
    فهذا كذب من صنف آخر حميد و محبب إلى الله عز جل،
    ألا وهو كذب الذين يسعون بين الناس بنية إصلاح ذات البين..
    وهو أيضاً من قبيل الكذبات الثلاث التي كذبها سيدنا إبراهيم عليه السلام
    وهو يخشى أن تكون هي من تدخله النار وهو من أولي العزم وخليل الله ؟
    وهي :-
    1) عندما تخلف عن اقومه مدعياً المرض ليستغفل الكل ويحطم الأصنام ،
    2) عندما سألوه:إن كان هو من حطمها ؟ فقال لا بل فعلها كبيرهم ،
    3) عندما ساله النمرود عن زوجه سارة لغرض في نفسه فادعى معرضاً أنها أخته.
    صراحة كلام يلامس عندي وتر في غاية الحساسية حينما نضع خيطاً رفيعاً بين سواد النفاق و بياض الحقيقة.
    و لو لا أن رمضان يقترب من العظم لاستطردنا حول هذه المسألة و لكن دعونا نؤجلها بعد الإفطار،
    لنخوض فيها حيث ينتظر هناك بوستاً متواضعاً بعنوان "
    لا أكذب و لكني أتجمل" فإلى لقاء هناك.

    التعديل الأخير تم بواسطة ود الأصيل ; 27-06-2015 الساعة 06:05 AM

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
by boussaid