انهمرت دموعي و أمي تحاول عبثاً مواساتي
فقالت : لا تبكي يا ولدي فأنا لا أكذب و لكني أتجمل
ليس دائما ً: تقول أمي الحقيقة !!..
ثماني مرات : كذبت أمي عليّ !!!...
تبدأ القصة عند ولادتي ، فكنت الابن الوحيد في أسرة شديدة الفقر فلم يكن لدينا من الطعام ما يكفينا ....
وإذا وجدنا ذات يوم بعضا ًمن الأرز ليسد جوعنا. كانت أمي تؤثرني بنصيبها وتقول : كل يا ولدي تناول ،فأنا لست جائعة ..
..............
2) وعندما ترععرت كانت أمي تنهي شئون المنزل وتذهب للصيد في النهر ،علها تجلب سمكة لغذائي،
و في ذات مرة اصطادت سمكتين ، ثم هرولت لتطبخهما و تضعهما أمامي فبدأت أتناول السمكة الأولى،
واكتفت هي بفتات ما يتبقى من عظم و شوك. رف قلبي لذلك ، مددت لها الأخرى لكناه ردتها علية وقالت:
يا ولدي تناول هذه السمكة أيضا ، ألا تعرف أني لا أحب السمك ..
...............
3) ولما شببت عن طوقي ألحقتني بالمدرسة ، ولم يكن لدينا ما يكفي من مصروف، فاتفقت أمي مع محل للملابس ،
على أن تدور على المنازل لتسويق البضاعة لدى ربات البيوت، وفي ذات ليلة شتاء ماطرة ، تأخرت أمي في العمل ،
وكنت أنتظرهابالمنزل ، فخرجت أبحث عنها في الشوارع المجاورة، و وجدتها تحمل البضائع و تطرق أبواب البيوت ،
فتوسلتها للعودة سريعاً حيث تأخر الوقت واشتد والبرد فابتسمت أمي وقالت لي : ياولدي.. أنا لست مرهقة ..
...............
4) في يوم اختبار آخر العام الدارسي ، أصرت أمي على مرافقتي إلى هناك حيث دخلت وبقيت هي تنتظر خروجي تحت الشمس حارقة،
وعندما دق الجرس وانتهى الامتحان خرجت لها فاحتضنتني بقوة ودفء وبشرتني بالتوفيق بإذن الله ، و وجدت معها كوبا فيه مشروب ،
كانت أعدته لي لأبرد جوفي لكن حضنها كان أكثر برداوسلاما ً، ولما لمحت وجهها يتصبب عرقاً ناولتها وقلت:اشربي يا أمي، فردته كعادتها..
..................
5) نشأت يتيماً مع أمي الأرملة في شظفاً من العيش حياة . كان يجاورنا عم طيب القلب و يجود علينا بموجوده،
و لما رأى الجيران رقة حالنا، نصحوا أمي بأن تتزوج رجلا ينفق علينا فهي لازالت صغيرة ، لكنها كانت زاهدة:
...................
6)عند إكال دراستي تخرجت و حصلت على وظيفة لا بأس بها ، واعتقدت أن الوقت قد حان لأتحمل عن أمي عبء المعيشة ،
وهي لم تعد قادرة على التطواف بالمنازل ، فلجأت لبيع الخضار جالسة ، ولما خصصت لها جزءاً من راتبي،
لم تأخذ منه شيئاً و قالت لي : يا ولدي احتفظ بقرشك الأبيض ليومك الأسود، و أنا ماعدت محتاجة لشيء.
.................
7) وبجانب عملي واصلت دراستي كي أحصل على درجة الماجيستير، وبالفعل نجحت وارتفع راتبي ،
ومنحتني الشركة الألمانية التي أعمل به االفرصة للعمل بالفرع الرئيسي لها بألمانيا ،
سعدت بذلك كثيراً وأنا حالم ببداية جديدة وحياةرغدة ، وبعدما سافرت وهيأت الظروف،
اتصلت بأمي أدعوها لكي تأتيل لإقامة معي ، ولكنها لم تحب أن تضايقني وقالت :
يا ولدي .. أنالست معتادة على المعيشة المترفة ، بدعني أموت حيث نشأت.
.................
8) كبرت أمي وأصبحت في سن الشيخوخة، وأصابها مرض السرطان اللعين، وكان يجب أن يكون بجانبها من يمرضها ،
ولكن ماذا أفعل فبيني وبين أمي الحبيبة أميال سحيقة، تركت كل شيء وذهبت لأمارضها ، فوجدتها طريحة الفراش بعد إجراء العملية،
عندما رأتني حاولت أمي أن تبتسم لي ولكن قلبي كانيحترق لأنها كانت هزيلة جدا وضعيفة ، ليست أمي التي أعرفها ،انهمرت الدموع من عيني
ولكن أمي حاولت أن تواسيني
فقالت : لا تبكي يا ولدي فأنا لا أشعر بالألم ...
....................
وبعدما قالت لي ذلك ، أغلقت عينيها ، فلم تفتحهما بعدها أبدا ...ً
إلى كل من ينعم بوجود أمه في حياته:حافظ على هذهالنعمة قبل أن تحزن على فقدانها |
المفضلات