في الكثير من الأوقات أجدني أدندن بتلك الرائعة للعملاق محمد وردي ( وااأسفــاي ) , وكثيراً مابتُّ أستخدمها لمواقف بالجملة إن كانت مباشرة أو عن طريق المرئيات وما أكثرها , فعندما أسمع : منو البدور يساهر الليل ويسافر فوق جناح نجماً بعيد ضوَّاي , منو إذا وصفولو أرض الحور تلاقي قوافلو طول الليل تشق التيه تجر النـَّم مع الحردلو في الدوباي ..
وفي نفس اللحظة لو إفترضنا إفتراضاً أنّ تلك الجهة التي اسمع منها تلك الـ ( وا أسفاي ) بالغلط قامت دخلت واحدة من مطربات أو غنايات هذا العصر الفجيعة وأوصلت الي مسامعي ( تقوم بينا العربية تودينا للسادة ) أو يمة الزول انا يارب تجيب الزول , وإنت ماشي الي ان تصل الي طور ناس لندن ومنو كدا جبجبة وعوضية شمارات بكل تلك التفاهات الغنائية والعجن الآدائي المكوجن وهنّ يُسمعنك ( نيفا نيفا , و الحب وقع مني , و.....هلمجرا ) لن أجد ما أقوله مناسباً في تلك اللحظة غير واااأسفاي ثم وااا أسفاي مليونين مرّة .. فعندما يتحدث وردي عن مثل هذه الحالات الغنائية بكل صراحتة المعهودة يأتي من يقول بأنّ هذا الـ وردي زول ( طغيان ومتعجرف ) فأنـَّي لوردي ألاّ يتعجرف ويطغي علي مثل هذا الغناء وعلي هذا الزمان الذي لم يجد أن ينجب غير هؤلاء , وهو من غني للوطن وللحبيبة وللجمال بأروع الكلمات وجميل الالحان , وردي فنان مبدع حد الدهشة يجعلك تسافر عبر اغنياته شرقاً وغرباً ولن تجد غير ان تستمتع وتدخلت الراحة من كل فـج , يمكنك ان تمارس التسفار الي الوطن مع ( الطير المهاجر ) رائعة الجميل صلاح أحمد ابراهيم في زمناً خريفو منقط ونوارو شايل في جروف كسلا وحواشات الجزيرة ومخمسات كردفان ( بالله يالطير المهاجر للوطن زمن الخريف , تطير بسراع تطير ماتضيِّع زمن أوعك تقيف وتواصل الليل بالصباح تحت المطر وسط الرياح , وكان تعب منك جناح في السرعة زيد ) , ومن هناك لك أن تنادي علي الحبيبة ( بناديها ) من الدوش إنسان الدهشة والحرف الصريح ( بناديها وبعزم كل زول يرتاح علي ضحكة عيون فيها ) , ياجميلة ومستحيلة , والي تلك التي قد أضحت نديدة الزهر ( عمراً ) فكان لها من العشق نصيب وافر , بعد ان بلغت تلك الـ تسعتاشر سنة ( وفي تلك التاشرات ) يطيب المقام للشعراء وتأتيهم الاشعار ( بكراً ) , غني وردي للوطن ( يابلدي ياحبوب , ابو جلابية وتوب , سروال ومركوب , جبة وسديري سيف وسكين ) , وما اروع تلك الكلمات التي غناها وردي للجميل ( ابوقطاطي ) بتلك الدارجية السودانية السمحة ( سوات العاصفة بي ساق الشتيل النـَّي ) وفيها مايجعلك ان تمارس الاستمتاع بدهشة ( صعيب وصفك لانك هالة كلك ضيْ وفوقك هيبة واجمل قامة واسمح زي , جمالك في البنات معدوم شبيهك ماكَحَل عيني ( أقدلي وسكِّتي الخشـَّامة , وانزلي في العوازل كي ) , وردي قامة فنية تستحق الاحترام , فقد أمتعتنا ياوردي متعك الله بالصحة والعافية , ومازلنا نستمتع طرباً اصيلاً من تلك الاغنيات الخالدة , الحزن القديم , عصافير الخريف للحلنقي وعن ذاك الحلنقي يقف الحرف خجِلاً ( هجرة عصافير الخيف في موسم الشوق الحلو , هيّج رحيلا مع الغروب احساس غلبني اتحمّلو ) , وايضاً مع الحلنقي ( أغزّ الناس ) حبايبك نحنا , وتلك الجميلة ( أرحــل ) قلت ارحل اسوق خطواتي من زولاً نسي الالفة ( مامتأكد من شاعرها منو ) , ولذلك العملاق ابو آمنة حامد ( بين الريد والهوي ) , ومع الشريك اسماعيل حسن كان هناك كم هائل من الاغنيات الفريدة التي لاتحصي ولا تعد والغريب انها كلها مكتملة الجمال كيف لا فهي لم يتم إخراجها ( عبثاً ) ولا من اجل المادة بل هي لنا نحن كبشر لنستمتع ونرتاح عندها وتبقي موهّطة في دواخلنا الجوّانية ( ياسلام منك أنا آآه ياسلام ياسلام , العوازل قالوا ايه قالوا بيحب والله انتِ وبس انتِ في قلب المحب ) , وكثير من الاغنيات لذلك العملاق اسماعيل حسن كانت هي من أتتنا بوردي وبتنا نعشقه حد العشق مايقيف , ولكن ليكون لحن الختام مع زول الدهشة ( الدوش ) فحروفه تهب لك مرافئ آمنة للإنتكاية وقت تشاء ( الوُدْ )
أعيشهْا معاكَ لو تعْرف
دموع البهجَهْ والأفراح
أعيشهْا معاكَ واتأسّف
على الماضى اللّى ولَّىَ وراح
على الفُرْقَهْ الزمان طويل
على الصبر الّى عِشْنَاهو
مع طُول الألم والليل
زمان كُنّا بنَشيل الوُّد
ونَدِّى الوُّد
وفى عينينا كان أكْبَر
حناناً زاد
وفات الحدَ
زمان ما عِشْنَا فى غُرْبَهْ
ولا قاسينا نِتْوحّد
وهسَّع
رُحْنا نتْوجّع
نعيش بالحسرَهْ نتأسّف
على الماضى اللِّي ما بِرْجَع
أحبَّك
لا الزمن حوّلْنى عن حُبّك
ولا الحسرَهْ
وخوفي عليكَ يمْنَعْنى
وطول الإلفَهْ والعُشْرَهْ
وشوقي الليك طوَّل
لسّه معاي
ولى بُكْرَهْ ..
المفضلات