بت مدني .. وسيرة الوطن .. وأمل دنقل .. و محمد الجزولي .. وسيرة عبد الرحيم أبو ذكرى ..
إنا لله من هكذا جمال .. غايتو بالبوست ده حا تكتلو ليكم زول مع سبق الإصرار والترصد .. وأنا بي شوق إليكم ..
وعبق هذا الحرف يهدهد في راحتيه دفئ المعاني .. ومستف حد ما أتسع الحنين .. وطن .. يا بت مدني يتقرفص
بدواخلنا وننيخ رواحل اشتهائنا له برغم يباس مواعين رحابته وإن ضاقت ضقنا ولكنا نظل كما الوعد حضور أوان
سيرته وشواغل الدنيا تنهك فينا ذاكرات الانتماء ولا تلغيها على الإطلاق فتنسرب المحبة بشيش نواحي دواخلنا
ونيمم القلب اتجاه البلاد والعباد والبيوتات والتفاصيل والمواويل فنمتلئ رضاءً وسماحة ورحابة حد أن تمازحنا بوادر
اختلاف طفيف مع الجنوبي أمل دنقل فنقارب أن نمد كفنا كي نصالح فيأتينا صوته :
لا تصالحْ !
.. ولو منحوك الذهب
أترى حين أفقأ عينيك ،
ثم أثبت جوهرتين مكانهما ..
هل ترى ..؟
هي أشياء لا تشترى ..
أمل دنقل مرة واحدة كده يا بت مدني محاذاة مع سيرة الوطن .. يحضرني الآن هذا الجنوبي بكمال
دواوينه وتمام قصائده وحوارات أقمناها بكافتريا "ساسريب" جامعة السودان – الغربي – برفقة أصدقاء لا زال
نقشهم بالذاكرة كأجمل ما يكون و"بكري عيكورة" أرفعنا كعباً في حضرة أمل دنقل .. و "كلمات سبارتكوس الأخيرة"
وسبارتكوس كان (رقيق) أي نعم رقيق عديل كده وفي روما عند القيصر وكانت تداعبه أشواق الحرية فقال "لا"
لا الواحدة دي .. وهب زعماء محاكم التفتيش لتكفير "الجنوبي" وصعب عليهم فهم أن المجد كان للشيطان سبارتكوس
وليس المقصود الشيطان إبليس .. وأداعب بكري عيكورة فأقول له .. يا بكري ياخ يعني أمل دنقل ده لو كان قال ليهم
"والله سبارتكوس ده شيطان خلاص قال للقيصر لا .. لا عديل كده" هل كان سيتيسر عليهم فهم ما أراده من هذه
القصيدة آها .. سبارتكوس ذاتو فقد روحو .. ولكنه ظل كأجمل أسطورة أبدية تلهم الشعوب الشجاعة
والوقوف في وجه الظلم ..
( مزج أوّل ) :
المجد للشيطان .. معبود الرياح
من قال " لا " في وجه من قالوا " نعم "
من علّم الإنسان تمزيق العدم
من قال " لا " .. فلم يمت ,
وظلّ روحا أبديّة الألم !
(مزج ثان) :
معلّق أنا على مشانق الصباح
و جبهتي – بالموت – محنيّة
لأنّني لم أحنها .. حيّه !
كما ناقشنا يا بت مدني بكائه بين يدي اليمامة وقاربنا بينه وبين صديقنا الشاعر
الثائر محمد مدني وهل يشبهان بعضهما في النحافة والثورة فقط .. أم في الحرف والقصيد أيضاً.. فيقول دنقل بين
يدي يمامته :
آه .. ما أقسى الجدار
عندما ينهض فى وجه الشروق
ربما ننفق كل العمر..كى ننقب ثغرة
ليمر النور للأجيال.. مرة
ربما لو لم يكن هذا الجدار
ما عرفنا قيمة الضوء الطليق
ويقول محمد مدني :
آه .. من لنا غيرنا يا يسار
من لنا غير أن نحتمي بهذا الجدار ..
ظهرنا لصقه .. صدرنا نحو نار
ما أجمل الجدار ...
فتغالطنا وتجادلنا في مقاصد "مذكرات المتنبي" وقراءنا "تعليق" بأنفاس ثورية
وصوت واحد .. إن المدافع التي تصطف على الحدود، في الصحارى لا تطلق النيران.. إلا حين تستدير
للوراء. . إن الرصاصة التي ندفع فيها.. من الكسرة والدواء: لا تقتل الأعداء لكنها تقتلنا.. إذا رفعنا صوتنا
جهارا .. تقتلنا، تقتل الصغارا .. ما أجملك أيها الجنوبي أمل دنقل .. وكأنك حضور معنا ونحن نبتسم
على نواصي ذاك النص الأجمل لـ "يوميات كهل صغير السن" :
- 1 -
أعرف أن العالم في قلبي.. مات!
لكني حين يكف المذياع.. وتنغلق الحجرات:
أنبش قلبي، أخرج هذا الجسد الشمعي
وأسجِّيه فوق سرير الآلام.
أفتح فمه، أسقيه نبيذ الرغبة
فلعل شعاعا ينبض في الأطراف الباردة الصلبة
لكن.. تتفتت بشرتُه في كفي
لا يتبقى منه.. سوى: جمجمةٍ.. وعظام
شفتي كيف يا بت مدني .. التسوي بأيديك يغلب أجاويدك .. أي فكاك لي من هذا البوست وأي باب للتخارج ولا زال
يغمرني هذا الجنوبي .. بهذه الأقوال عن حرب البسوس ومراثي اليمامة .. ومقتل القمر .. وأوراق الغرفة 8 ..
يا الله .. يا الله على جمال حضورك يا بت مدني يا شقيقتي في الحبر ورفيقتي في دهاليز سيرة هذا الوطن
وزقاقات أمل دنقل ..
أو ا .. من مخارجة من هذا المكان .. يا سيدتي هل نمد يدنا لكي نتسول العالم أن يجود علينا بوطن ..
لله يا محسنين .. لله يا محسنين .. نمد يداً مخضبة بحبر المطارات نستجدي الـ ..... لا نشترط فهماً لأزمنة
الحصاد .. لا تستبيح هوية البذرة التراب ولا الخريف .. لا نشترط غير السكات .. والبحر أكثر ما يكون قساوة ..
عند الرياح .. والريح أكثر ما تجئ ضراوة حين انتصاب الشمس مئذنة لأبناء السبيل وبغير إحسان
إلى لغة حياد ..
ثم أنت .. أنت .. أيها الجميل ود الجزولي ..
مالي اراك تعيث في آلة نبضنا كل هذا الحنين .. بتمام أوجاعنا ونحنا "محمبكين" أوان سيرة البلاد ..
وهل بداخل كل منا نافذة مشرعة لكي يهوى منها الوطن ويكسر "رقبتو" كما أبو ذكرى و "يموت" ..
وما دخل للبيوت من تالانا ضو .. والناس تجض .. وما كان أرتضوا كان مس البلاد عدو ..
وما كان رضينا إلا نطفي الرتينة وضو البنيات نشلعوا .. وتتمسح الساحات بشبالات البنات و ... ..
و ياود الجزولي هذا العبد الرحيم أبو ذكرى .. حكاية عجيبة .. يعني في 89 يموت أبو ذكرى وفي ذات الـ 89
يتولد للسودان تاريخ عجيب وغريب ومعولق وكيف كيف كده ما تفهمو .. غايتو أمر الله ..
وهل غادرنا أبو ذكرى ليلاً وعبر تلك النافذة لما يظنه أكثر اتساعاً .. وهل وضع خياره مسبقاً في ديوانه
"الرحيل في الليل" وسئم الأصدقاء القدماء .. وودعهم مقدماً .. وأهداهم انتحاره كعربون محبة مع السأم ..
"الأصدقاء القدماء
يدفعوننا للاحتضار..
وأصبحوا لا يلهموننا الرغبة
والصمود
وعبثاً نخدعهم بالابتسام
وبالعيون الضيّقات ملؤها الشرود
صاروا مساكين
مضيّعين دونما أسرار
نضغط زراً فإذا الضحكة
نفسها..
القصة نفسها
النظرة نفسها
والانكسار"
(أبوذكرى - من ديوان الرحيل في الليل)
غايتو يا ود الجزولي عافي ليك لوجه المحبة ما أثرته فينا من شجون ما هدأت أو نامت
أوان سيرة هذا الرجل له الرحمة .. وبالله شوف السودان ده ذاتو كان رحيب ووسيع وماهل كيف ويناولك مبدعين
"تجميع" من كل نواحيه ابوذكرى يتولد في شماله بتنقاسي مركز مروي .. ثم يشب ويدرس الأولية والوسطى
في كوستي والثانوي في طقت وما أدراك ما طقت .. والتي صدح لها بنشيد خاص أصبح أحد سماتها حتى اليوم
والذي صاغ إلحانه بابكر النور .. شفته كيف يا جزولي ..
من نقطة فيحاء في افريقيا البلد العتيد
من طقت الكبرى سأعزف معلنا هذا النشيد
هذا النشيد الحلو رمزا للسلام والخلود
سأظل أعمل كي يعم الكون احمد والمسيح
ثم جامعة الخرطوم ومحطاتها ثم موسكو ببردها ولينينها ومركستها وتمام نظرياتها حيث
أسدل ستار حياته بها منتحراً وهكذا اختار أبو ذكرى أن يغادر سطح الأرض إلى باطنها منتحراً ليفقد الوطن أجمل
مبدعيه ولم يكن هو الوحيد الذي سلك هذا الطريق إلى المغادرة وإنما كان قبله أحمد الطيب عبد الحفيظ
(شاعر ومربي وعالم) وكذلك محمد عبد الرحمن شيبون (شاعر ومربي ومناضل وطني).
هذا البوست تحفة يا شباب .. تحفه تجملها وتزينها أقلام كل الذين ولجوا إليه .. لهم مني ألف تحية وأمنية وأغنية ..
ومليون بنفسجة من حقول المجرات البهية الشهية .. أستاذنا عصام حسين وأبو آمنه وملكتنا أسماء أم محمد
وعمنا الجميل محجوب .. والرائع ود الجعلي .. وددت لو أكاتب كل منكم على حده فيما خطت يمينه من جمال
أثرى هذا المكان ..
مديرة الخيط .. بت مدني ..
مليون معذرة .. يا شقيقة .. أن صدحنا نشازاً خارج السرب .. ولكنها مقامات الوجدان أوان تداخل حين ذكر من ذكرتم
وسيرة البلاد والعباد .. وهزائمنا التي يتاور وجعها في الدواخل ..
مؤكد تحياتي ولك أجمل ما في الحقول من معزات ولك النهارات بتمام فضتها ..
كسرة : فضي صندوق الوارد يا أخية ..
المفضلات