أداوم يو ميا على قراءة الصحف العربية ودائما أبدأ بقراءة مايكتب عن السودان , وأجد هناك بعض المقالأت تستحق أن يطلع عليها زملأئى فى المنتدى وهذة المقالأت ربما تكون سياسية او غير ذلك وهى ليست با لضرورة تعبر عن رأيى**ولكن أنقلها لربما يكون المتابع لم يصادفها فى مرورة على الصحف ****واللة من وراء القصد ( أبونبيل )
إسرائيل" قتلت قرنق ..........محمود مراد **جريدة الخليج
تتكشف الحقائق مهما طال غيابها، وإذا كان المسؤولون السودانيون قد كشفوا في تصريحاتهم، الأسبوع الماضي عن أن الضغوط التي يتعرض لها السودان الآن بحجة مشكلة دارفور. هدفها الأساسي هو إخضاع هذا البلد العربي الإفريقي وخروجه من حساب القوى العربية والإسلامية والتحررية، ليصبح تابعاً ويعترف ب “إسرائيل”، فإنه يجب علينا أن نفتح عيوننا والأهم بصيرتنا على ما يدور في الكواليس المحيطة بنا. ومنها تلك المساومة التي يتعرض لها السودان، فإما أن يعترف ب “إسرائيل” ويطبع العلاقات معها، وإما أن تستمر المؤامرة التي تستهدف إيفاد قوات دولية إلى دارفور لتمزيق أوصاله على النحو الذي حدث ويحدث في العراق الشهيد.
وخلال حوار مع مسؤول سوداني منذ أيام جاء ذكر العقيد الدكتور جون قرنق رئيس الحركة الشعبية في الجنوب، الذي صار بعد توقيع اتفاقية السلام نائباً أول لرئيس الجمهورية حتى وقع حادث الطائرة الأوغندية التي كانت تقله ومرافقيه من كمبالا إلى جنوب السودان، فلقي مصرعه ومن معه واحترقت الطائرة وكان ذلك منذ عامين (في الثلاثين من يوليو/ تموز 2005).
وقال المسؤول إن لجان التحقيق الوطنية والدولية لم تجد مصلحة لأوغندا أو للسودان في قتل قرنق. ولكن هناك مصلحة، وهناك إشارات تقول إن “إسرائيل” هي التي قتلته سواء بمفردها أو بالتعاون مع “جيش الرب” الأوغندي، الذي كان قد هرب لبعض الوقت إلى جنوب السودان لكن تصدى له قرنق ومقاتلوه. فإن الحكومة السودانية ذاتها ضد هذا الجيش المريب فضلاً عن العلاقات الطيبة بين السودان وأوغندا وبين قرنق والرئيس الأوغندي موسيفيني منذ أن كانا زميلين في الدراسة وتوطدت صداقتهما في ما بعد.
وهكذا، فإننا إذا استبعدنا الحكومتين السودانية والأوغندية ومعهما أيضاً نستبعد الحركة الشعبية وأية منظمات جنوبية فقد كان قرنق رمزاً لكل الجنوب وحقق السلام فإننا لا نجد سوى جهتين اثنتين يمكن توجيه الاتهام إليهما وهما: “إسرائيل”، وجيش الرب الأوغندي.
إن “جيش الرب” (أو “جماعة الرب”) نشأ في أوغندا على يد من ادعى وأستغفر الله سبحانه أنه الرب الذي سيخلص الناس من عذاباتهم، وسيبدل فقرهم بالثراء. وقد استطاع هذا الشخص “جوزيف كوني” أن يجند ويضم إليه الآلاف ويدربهم ويسلحهم ويقاتل الجيش الحكومي ويسيطر على بعض المناطق، بل ويدفع قسما من جيشه كما أشرنا إلى جنوب السودان الملاصق لأوغندا وحيث لا يمكن إحكام الحدود. وبديهي وأترك هذا لفطنة القارئ أن قوى أجنبية تساعد هذا الجيش بالتمويل والتسليح والتدريب لتظل إفريقيا ودولها ممزقة غير مستقرة تسهل السيطرة عليها واستنزافها، ولقد وقف السودان ضد هذه الجماعة وقاتلها قرنق وقواته وقرر طردها من الجنوب، وهذا مبرر يكفي للانتقام منه ولمحاولة الوقيعة بين السودان وأوغندا. ولدفع أوغندا إلى موقف حرج.
أما الفاعل الأساسي أو الجهة الأخرى التي يمكن توجيه الاتهام إليها وحدها وبشراكة “جيش الرب” فهي “إسرائيل”.
إن “إسرائيل” لها مصلحة أكيدة، وتعالوا نفكر بهدوء ومنطق وعلينا البدء بدراسة دخول “إسرائيل” إلى الدول الإفريقية لنجد وأنا هنا أوجز وأختصر أنه خلال حركة التحرر الإفريقي من الاستعمار في الخمسينات والستينات من القرن العشرين، ورغم وقوف العرب إلى جانب حركات التمرير ودور جمال عبدالناصر معروف في هذا المجال فإن الدول الاستعمارية حرصت عند رحيلها وبداية استقلال كل دولة على أن تفتح الطريق أمام “إسرائيل” ولتكون لها سفارة أو قنصلية في الدول حديثة الاستقلال قبل أية دولة أخرى واستمر هذا إلى أن تولت القيادات الوطنية الإفريقية مسؤولياتها فتغيرت الأحوال، وإن كانت “إسرائيل” قد استمرت في مناوراتها وألاعيبها، وهدفها بالطبع كان ولا يزال هو استئصال العروبة من إفريقيا، وألا تكون الدول الإفريقية عمقاً أو سنداً للقضية العربية.
ولهذا وما يؤيد كلامنا أن مركز “ديان” نسبة إلى وزير الدفاع “الإسرائيلي” الأسبق موشيه ديان كان قد أصدر كتاباً عام 2003 اتهم فيه جون قرنق بأنه كان يتعاون مع المخابرات “الإسرائيلية” وأن الموساد قد أعطاه مبلغ خمسمائة مليون دولار، إضافة إلى كميات من الأسلحة لمساعدته في حربه ضد الشمال. مما يخدم أهداف الاستراتيجية “الإسرائيلية” المعروف.
لكن قرنق وهذا يحتاج إلى شرح طويل قد وقف في السنوات الأخيرة موقفاً مغايراً، إذ هاجم العنصرية “الإسرائيلية”، وردد أنه مع السودان الموحد. وأكد عمق العلاقة مع الدول العربية خاصة التكامل مع مصر، وقد قال هذا في مناسبات عديدة، وأنا شخصياً سمعته منه خلال لقاءات معه ومناقشات حول فكره، وهذا التوجه هو الذي ساعد على إبرام اتفاق السلام. لكنه في نفس الوقت هو ما جعل “إسرائيل” تتخذ موقفاً ضده، فكان هذا الكتاب الذي أشير إليه لتشويه صورته.
ولأن “إسرائيل” تدرك مثل أي مراقب أن الشخصيات التاريخية هي التي تصنع الأحداث الكبرى. فقد بات واضحاً وظاهراً أن قرنق هو أحد الضمانات الأساسية لصنع السلام ولوحدة السودان، أرضاً وشعباً، بل إنه سيساعد على حل مشكلات أخرى بين السودان ودول إفريقيا، وأنه شديد القرب من القاهرة، وبالمناسبة فإن زوجته ريبيكا زارت مصر لأول مرة عام 2005 وقد قابلتها بنفسي مع زوجها وسمعت منها مدى اعتزاز قرنق بمصر والعلاقات العربية وأنها شخصياً قد صارت أكثر حماساً منه لهذا.. وهنا دون استطراد هل ترضى “إسرائيل” عنه؟ وألا يكون هذا مبرراً للخلاص منه؟
“إسرائيل” و”جيش الرب” الجهتان صاحبتا المصلحة في قتل الزعيم السوداني الذي لا يمكن لدمائه أن تضيع هباء في الجنوب السوداني وبالذات في قبيلته “الدينكا”، ولعل هذا هو الذي دفع أرملته “ريبيكا” إلى أن تقول مؤخراً: “إذا كان الأسد قد رحل.. فإنه ترك وراءه لبؤة قادرة على الانتقام والثأر له”.
وأعتقد أن هذه المرأة الشجاعة (اللبؤة الثائرة) قادرة على الثأر ولعلها تملك من وثائق الاتهام أكثر مما نعرف.
المفضلات