هل نحن كومبارس
مصطلح كومبارس هو مصطلح سينمائي بحت وهو يشير الى اناس هامشيين وهم يختلفون عن ابطال الفلم . ليس لهم دور سوى الظهور في الفلم حتى يعطوا الفلم صفة المشهد الحقيقي كانه لقطة من حياتنا العادية..
لكن لو عممنا هذا المصطلح لوجدنا ان الحياة فيها كومبارس حقيقيون .. اناس بسطاء لايؤثرون في حياة الاخرين مباشرة ولا يتاثرون بها ولكن لاغنى للحياة عنهم.. لايعرفهم احد ولا هم يعرفون احد .. من منا يعرف اسم بائع اللبن .. من منا يعرف اسم الحمال الذي حمل شنطته حتى البص او الطائرة من منا يعرف اسم عامل الطلمبة . من منا يعرف اسماء الناس الذين يهتفون للرؤساء والزعماء ويجرون خلف سياراتهم منذ الزعيم الراحل اسماعيل الازهري حتى الان ..
والكومبارس او المجهولون موجودون منذ الازل اناس اختاروا حياتهم او اختارتهم الظروف ليلعبوا هذا الدور الهامشي برضى منهم او من دون رضاهم .. ورغما ان الانسان عادة يميل او يفضل ان يلعب دورا رئيسيا في حياة الاخرين .. ولكن يختلف الوضع من شكل لاخر في الوسيلة لذلك .. بعضهم يستعد برغبة واصرار عبر الاكاديميات والشهادات والتفوق وقد يصلوا فعلا ويلعبوا ادوار رئيسية في الحياة رغما عن انهم من اسر فقيرة لم يكن ليعرفهم احد لولا هذا الاجتها د .. وبعضهم ليست لهم هذه القدره لكن يعوضوا عنها بفرض انفسهم والتنازل عن ماء الحياء بالتحشر والتدخل في امور الناس وسلطاتهم بتملغ المسئوليين وقد يصلوا ايضا وهم الذين نطلق عليهم في عاميتنا ( اللبطنجية) ..
ولكن يظل هنالك عدد كبير من هؤلاء يشكلون المادة المالئة للحياة مثل تلك التي تستعمل في صناعة الصابون لتجعله صلبا متماسكا .
في معركة القادسية وانتصار المسلمون بقيادة سعد بن ابي وقاس رضي الله عنه . جاء بشير الى عمر بن خطاب امير المؤمنين رضي الله عنه مبشرا له بالنصر وقال له .. لم يستشهد من المسلمون سوى خمسون فقط .. حزن عمر وترحم عليهم .. واضاف الرجل قائلا وابشرك يا امير المؤمنين كلهم من العوام ليس فيهم رجلا معروفا .. هنا بكى سيدنا عمر بشده وقال يكفيهم يعرفهم الله .. تاثر لان الرجل يبشره بانهم ليس فيهم شخص من المشهورين ... اذا حتى الاسلام الذي ننعم به الان كان هنالك عدد كبير من الذين قال عليهم سيدنا عمر يكفيهم يعرفهم الله وبشراهم لانه سيجزيهم عنا كل الجزاء .
ما سبب توارد هذه الخاطره في ذهني :
قبل بضعة سنوات كنت اعمل بالرياض بشركة رحلات وسياحة لها معرض .. ولان الشركة تختص بالرفاهية فكل العملاء كانوا من الميسورين .. لتواجدي بالمعرض احتكيت بكثير منهم وعرفتهم عن قرب .. في احد شهور رمضان يوم ما اتاني احد الشباب من عملاء الشركة .. داخلا مبتسما كغير عادته .. وبعد ما لاحظ اندهاشي من ابتسامته سالني
- ايش فيك يا زول ما شفتني امس ؟؟
- قلت اشوفك وين ؟
- في التلفزيون طبعا
- قلت وين في الاخبار؟؟؟
- اخبار ايش يازول ما تصحصح معنا امس ما شاهدت حلقة طاش ما طاش ؟؟
- ( طاش ما طاش مسلسل رمضاني شهير يقدم في رمضان واكيد تعرفونه وطريف بغض النظر عن تجاوزاته )
- بما انه انا فعلا من متابعي المسلسل ضغطت على ذاكرتي بعنف محاولا تذكر حلقة الامس من اولها .. الا اني لم اجد اي شخص يشبه هذا الشخص الذي امامي . قلت له عفوا ما اتذكرتك وانا حضرت حلقة الامس .
- قال كيف يا زول سعيدان وعليان ( ابطال المسلسل) ما كانوا في السوق ؟؟؟.
- قلت نعم
- طيب ما كان في ناس يروحون ويجون في السوق؟؟؟ .
- ( على طول طرق على زهني مصطلح الكومبارس هؤلاء الناس الذين كما قال عليهم يروحون ويجون ولا يراهم احد وانا متاكد لو شاهدت الحلقة عشر مرات لم اكن سالاحظ وجوده) .. ولكن حتى لا يتصدم فيني اكثر من صدمته الاولى ادعيت باني تذكرته قائلا :هو دا انت .. وانا اقول الرجال انا وين شفته قبل ..
- فعلا سعد بعد ذلك وقال انه الان مستعجل لانهم عندهم تصوير لحلقلات اخرى ..
بعد ما هو ذهب وقفت افكر . وقلت هذا شخص ادى دورا بسيطا لكن لم يكد يلحظه احد ورغما عن ذلك هو عنده ثقة بانه هو اهم شخص في حلقة الامس .. وقلت اكيد لهذا الشخص اناس كانوا ينتظرونه ولم يروا غيره . ور بما له خطيبة او حبيبة هو بطلها رغما عن دوره الكومبارس في المسلسل .
اذا قد يكون هنالك اناس كومبارس في الحياة كثيرين ونحن منهم .. لا يعرفنا احد ولا نغير في حياة العامة .. ولكننا ابطال رئيسين في حياتنا الخاصة .. انا بطل وانت بطل وهي بطلة ولكن في حياتنا الخاصة طالما ان لكل كائن حي قصة اذا هو بطلها ..
ليس بالضروره ان يكون البطل كما صورته السينما بالذات الهندية ان يكون وسيما وصوته جميل وقوي وشجاع ويستطيع ان يضرب مدرسة ثانوية كاملة بناظرها دون ان يصاب او يتعب .
المفضلات