عمل مشترك مع الكاتبة :- دينا رمضان
لها أكاليل إحترامى
جلست بجانبى بلا ميعاد مسبق وكنت أهم بالكتابة ...تركت مساحة لا تتعدى أوراقى الجرداء بينى وبينها ...أواااااه... ماذا أصابنى؟؟!! لا يُعقل أن أكون لازلت أضرب الأرض بقدمى وإلى جوارى هذه الدوحة المتدفقة من الجمال الساحر. فقد يخر الجميع صريع هواها لو تجود عليهم الزمن ونفحهم نظرة من عينيها الكحيلتين... القاتلتين.. تلك الفاتنة ذات الشعر الطويل الكالح والقامة الفارعة البان.
لا أدرى كيف أصبت بتلك الرجفة... وكأنه مسنى صعق كهربائى. حين رمتنى بتلك النظرة القاتلة... مع سبق الإصرار والترصد. كادت الأرض لا تحملنى وهى تدور بى فى فلك جارف.
آه من تلك العيون الشقية... فبعض العيون يجلبن سحراً.. وخبلاً. سحرتنى هى بعينيها فلم أعد أقوى على الوقوف... خوف الترنح والإنهيار.... فتفتضحنى هاتين العينين. هممت بها ولم تهم هى بى. يبدو أنها أتت فقط لتصب فى سحرها وترحل. لا أن تقد قميصى من دبر.
و على عجل نظرت المكان من حولى يمنة ويسرى علنى أجدنى وحدى فأستحوذ على جُل إهتمامها. إلا أن نظرتى إرتدت خالية الوفاض... خائبة الرجاء.فقد كان (المقهى) مزدحماً بغيرى وغيرها ..
تنهدت هى ... فشعرت وكأنها إرتفعت بقامتها بوصات أُخر. أواه ما أشقانى فقد بعثت فى تلك التنهيدة روحاً... وحياً... إلهاماً... وأبقتنى هائماً معلقاً فى فضاءات سرمدية بين الموت والحياة ...
حين شعرت بالإطمئنان النسبى... أخذت أتلفت من حولى مستكشفاً مجدداً. ففطنت إلى طاولة فارغة بجوارى!!
فلما لم تجلس فيها إذن
هل أتت تقصدنى؟؟ أم أنها أتت لإغوائى وتراودنى عن نفسى!!
إنها إلى الآن لم تتحرك ببنت شفة... سوى بتنهيدتها الحرى... التى ذوبت كيانى.
هل ألوح لها بيدى إذن؟؟؟
لا أدرى كيف تسمرت يدى الأن... وهى تقبع رابضة مرتعشة على الطاولة.
رمقتنى بنظرتها القاتلة ثانية وابتسمت فى وجهى نظرت بإنشداه محملق... للوراء. فلم أرَ سوى حائط بطلاء بنى باهت يطالعنى بشماتة هازئة. تمنيت لحظتها أن تكون إبتسامتها لغيرى فتهت فى حيرتى... وفيها هى من جديد ...
عدت ونظرت متلصصاً لتفاصيل وهجها الساحر... وطلتها البهية. فكدت أتعثر قبل أن يرتد إلى طرفى. من هول ما رأيت. تناوشنى سهامها المتربصة وهى تجلس بخفر صامت .. تربكنى هذه الأنثى... وتعبث بكيانى. ماذا تُرانى أفعل؟؟ أأحادثها انا ..؟؟أأبادرها بالكلام؟؟ ... وماذا أقول ولسانى ساكن إلى رعشات قلبى الخافقة... ومايكون رد فعلها حينها؟؟ هل ستزدرينى.... ستصفعنى... ستترك الطاولة... وتهاجر عن قلبى بعيداً؟!
ربما هى فى إنتظار شخص ما... قد يكون زوجها مثلاً ... تراها متزوجة فعلاً؟؟؟ لا أرى أثراً لتخضب بنانها أو محبساً... يحبسنى فى دائرة الحسرة.
وما على أنا بها؟؟!! سواء أكانت متزوجة أم لا. هى ليست سوى مترجلة أتت لتستريح وتحتمى من لسعات شمس الظهيرة وحرها.
عضت على شفتيها فى رفق فخفت على أحمر الشفاه من الذوبان... كحالى أنا فيها. ونظرت إليها بإرتباك مختلس فوجدتها أروع من ذى قبل ... لم تزد إلآ وهجاً على وهجها ... إيناعاً وإيراقاً
راودتنى نفسى قائلة .:- حدثها ولا تتخاذل هى فرصة أتتك فى طبق من ذهب ولا تتآتى إليك الفرص كثيراً... على رصيف حظك العاثر... فاليوم نجم سعدك يناديك..فلا تنكص على عقبيك وتغلب على مخاوفك ..
لكن ما حيالى أن أفعل وعيناها تهزمنى كلما تجاسرت ورفعت إليها بصرى. أدرك مصير نصيبى دوماً فى جولاتى مع من هن أقل حُسناً وشأناً منها ... فكيف سيكون حالى معها هذه الأنثى الجبروت الطاغية.
ها هى ترفع خمارها على رأسها فتغطى جزء من شعرها وتترك الباقى... يحكى عن قصص ألف ليلة وليله.... عن الأميرة الحسناء والأقزام السبعة.... وكل الأساطير والحكايا التى سمعناها صغاراً ذات مساء.
تراها دعوة مواربة لى حتى ألامس شعرها الناعم ..أشتم عطره ...أسكر.. فأذوب فى ثناياه وثنياته المرتبة بعناية.
أغمضت عيناها لثوانى ...وجدتها فرصة لأستجمع قواى الخائرة وأكمل فيها إندهاشتى ... فعدت أطالعها بجرأة أكبر... وكأننى فنان تشكيلى يمرر أصابعه على تحفته الفنية... فى لمساته النهائية ... نظرت إلى هذا التمثال العاجى الناصب أمامى بفتون أكثر من مرة. تطلعتها من أعلى إلى أسفل ... وأنا أمرر عيناى الواجفة بسراع جيئة وذهاباً... راجياً الثوانى أن تغلق عينيها عنى كذلك وتطول. وبنشوى حالمة أغمضت عينى عنها لأذوب فى ثنايا جسدها العاجى .ورحت أخالها بملء حواسى لو أنها وقفت بقامتها الفارعة ...أوإستدارات كما لو أنها عارضة أزياء تحترف هذه الإلتفاتات.
وأنا جاثٍ أمامها أطلب إليها التمهل حتى لا تقتلنى إحدى لفتاتها المتثنية والمتدفقة عذوبة.
نيران إنطلقت فى جسدى لاهمة إياه بلا رحمة ...لم يعد هنالك من يستطع إيقافها.... وأنا لازلت مغمضاً جفنى بهذا الطوفان الحالم.
وقفت هى... تقدمت... فأجفلت أنا وقلبى يدق بطبول الحرب والفرح معاً وعلامات تعجبى تنوء بى حملاً ثقيلاً. فكيف لها أن طاوعتنى ونفذت فكرتى دون أترجم لها ما يدور بخلدى ... أُتراها إخترقته؟؟!
إبتسمت فى وجهى... وإقتربت منى حتى كادت أن تلامسنى ... وهمست إلى بغنج: أجل أستطيع أن أسمع خيالاتك... وأخترق أفكارك.
وإنطلقت بضحكة مجلجلة فى الفضاء.
ما عدت أستطيع أن أقوى على مجاراتها... وأنا أشعر بالإختناق... وبحبيبات العرق التى تنزلق على وجهى تكاد تغرقنى... فى بحيرة حيرتى الفاضحة.
تباً لهذه الأنثى الصارخة من أين أتت؟؟؟ ومن أين لها أن تقرأ أفكارى؟؟؟ وتراود مخيلتى؟؟؟ هل ألملم عنها دفاترى... وأولى منها فراراً. يستحيل أن يكون هذا الكائن الكامن بشراً.
وبرغمى... لم يعد قلبى يطاوعنى... يود أن يترجل عنى... ويبقى... قابعاً... منشدهاً... فاغراً فاه... أمامها
أطالعها الآن بتوجس مضطرب... وتناوشنى مشاعر عدة... تحمل جُل متناقضاتها فى آن.... قامت من كرسيها وإقتربت منى أكثر
وأنا فى لهاثى المضطرب... فى عدائه المزمن مع دقات قلبى الواجفه
دنت من وجهى... أنفاسها... تلهب أنفاسى
أشعر بأنى أذوب... أنصهر... أتلاشى... ولا زالت هى تقترب بغنجها السافر.
الآن... لامستنى... عصفتنى... إخترقتنى.... نفذت إلى مخيلتى. توسدت لبى.... حينما تحولت تلك الثورة الأنثى... إلى سحابة رعدية ممطرة... تمخضت عنها فكرة....!
عشت بها... ولها...أنا وهى ...(رجل وفكرة) ...
كانت الفكرة أُنثى ..أغرتنى ... أحببتها ... فإستوطنتنى!
احتراماتنا لكم
المفضلات