قال مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين فيليبو جراندي لرويترز إن تقدم قوات الدعم السريع شبه العسكرية في السودان قد يؤدي إلى نزوح جماعي آخر عبر الحدود.
واستولت قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر في دارفور في أواخر أكتوبر تشرين الأول، في أحد أكبر المكاسب التي حققتها في الحرب المستمرة منذ عامين ونصف العام مع الجيش السوداني. وواصلت تقدمها هذا الشهر باتجاه الشرق في منطقة كردفان وسيطرت على حقل هجليج أكبر حقول النفط في السودان.
وذكر جراندي أن معظم من تقول الأمم المتحدة إنهم نزحوا بسبب أعمال العنف الأخيرة في كردفان، والذين يقدر عددهم بنحو 40 ألف شخص، نزحوا داخليا، لكن هذا الوضع قد يتغير إذا امتد العنف إلى مدينة كبيرة مثل الأبيض.
وأضاف جراندي في مقابلة من بورتسودان في وقت متأخر الاثنين "إذا امتدت إليها الحرب.. فأنا متأكد من أننا سنشهد المزيد من النزوح".
وأضاف "علينا أن نبقى... في حالة تأهب شديد في الدول المجاورة، تحسبا لحدوث ذلك".
ملايين المشردين
شردت الحرب بالفعل ما يقرب من 12 مليون شخص، منهم 4.3 مليون فروا عبر الحدود إلى تشاد وجنوب السودان ودول أخرى، في أكبر أزمة نزوح في العالم، لكن البعض عادوا إلى العاصمة الخرطوم بعدما سيطر الجيش السوداني عليها.
وقال جراندي، الذي التقى ناجين فروا من وقائع قتل جماعي في الفاشر، إن العاملين في المجال الإنساني يفتقرون إلى الموارد اللازمة لمساعدة الفارين الذين تعرض الكثير منهم للاغتصاب أو السرقة أو فقد ذويهم بسبب العنف.
وأشار إلى خطة الاستجابة في السودان، التي لم يمول إلا ثلثها لأسباب من بينها خفض المانحين الغربيين للتمويل، قائلا "استجابتنا للكارثة ضعيفة للغاية.. بالكاد نقوم بالحد الأدنى من الاستجابة".
وأضاف أن مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تفتقر إلى الموارد اللازمة لنقل اللاجئين السودانيين من منطقة غير مستقرة على حدود تشاد.
عائلات عصف بها الصراع
شكلت النساء والأطفال معظم من قطعوا مئات الكيلومترات سيرا على الأقدام من الفاشر وكردفان إلى مخيم الدبة السوداني على النيل في شمال الخرطوم بعدما تعرض أزواجهن وأبنائهن للقتل أو التجنيد على الطريق.
ونقل جراندي، الذي زار المخيم الأسبوع الماضي، عن بعض الأمهات قولهن إنهن كن يجعلن أبنائهن يتنكرون في صورة فتيات لحمايتهم من الخطف على يد المقاتلين.
وأضاف "حتى الفرار صعب لأن الميليشيات توقف الناس باستمرار".
وبدأ جراندي مسيرته المهنية لدى المفوضية في الخرطوم في ثمانينيات القرن الماضي عندما كان السودان مأوى للاجئين من دول أفريقية أخرى بسبب الحروب. وهذه هي آخر جولة له كرئيس للمفوضية قبل انتهاء ولايته هذا الشهر. ولم يتم تحديد خليفة له حتى الآن من بين أكثر من 12 مرشحا.
"كارثة" عائدات النفط
يُعّدَ حقل هجليج أكبر حقول النفط في السودان، وهو كذلك المنشأة الرئيسية لمعالجة صادرات جنوب السودان النفطية، والمصدر الوحيد تقريبا لكل إيرادات حكومة جوبا.
وقال المهندس الذي تحدث لوكالة فرانس برس إن "منشأة المعالجة القريبة من الحقل الذي يمر عبره نفط جنوب السودان أُغلقت أيضا".
وتعهد الجناح السياسي لقوات الدعم السريع في بيان بـ"تأمين وحماية المنشآت النفطية الحيوية بالمنطقة" وضمان استمرارية الإنتاج من خلال "توفير الحماية اللازمة لجميع الفرق الهندسية والفنية والعاملين في المنشآت النفطية بما يوفر البيئة الملائمة لهم لأداء أعمالهم".
ويُمثل خط الأنابيب الذي ينقل نفط جنوب السودان من الحدود الجنوبية إلى بورتسودان على البحر الأحمر مصدر دخل رئيسيا للسودان الفقير، الذي انهار اقتصاده خلال الحرب.
وعندما انفصلت جوبا عام 2011، استحوذت على كل احتياطات النفط السودانية. وبقي حقل هجليج موضع نزاع بين البلدين، وشهدت المنطقة اشتباكات قصيرة عام 2012.
وبالإضافة إلى هجليج، تسيطر قوات الدعم السريع أيضا على حقول نفط رئيسية في الغرب، كانت الصين تديرها منذ تسعينات القرن العشرين قبل أن تُضطر إلى إغلاقها في بداية الحرب.
وأبلغت شركة البترول الوطنية الصينية الشهر الفائت الحكومة السودانية بعزمها على إنهاء استثماراتها، وفقا لنسخة من الرسالة اطلعت عليها وكالة فرانس برس.
ورأى وزير الطاقة السوداني السابق جادين علي عبيد أن الوضع "كارثة" على السودان.
ولاحظ أن السودان "خسر منطقتيه الرئيسيتين لإنتاج النفط، وهما هجليج والمربع 6"، وهو الموقع الذي تديره الصين غربا.
وشرح أن "إنتاج السودان النفطي بأكمله يتأتى من هذين الحقلين... وحتى نفط المربع 6 كان يُعالَج في (منشأة) هجليج التي كانت تُعالج ما بين 80 ألف و100 ألف برميل يوميا للسودان وجنوب السودان".
ومنذ خسارة الجيش آخر معاقله في دارفور، اتخذ موقفا دفاعيا، محاولا كبح تقدم قوات الدعم السريع عبر كردفان وعودتها نحو العاصمة الخرطوم.
وبات السودان فعليا مقسّما إلى منطقتين، إذ يسيطر الجيش على الشمال والوسط والشرق، في حين تسيطر قوات الدعم السريع مع حلفائها على الغرب وأجزاء من الجنوب.
محاكمة قائد من الجنجويد
حكمت المحكمة الجنائية الدولية الثلاثاء على قائد سابق في ميليشيا الجنجويد السودانية بالسجن 20 عاما لارتكابه جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال الحرب الأهلية التي شهدها إقليم دارفور في غرب البلاد بين العامين 2003 و2004.
في أكتوبر، دين محمد علي عبدالرحمن المعروف باسمه الحركي علي كوشيب، بارتكاب جرائم متعددة من بينها الاغتصاب والقتل والتعذيب.
وبينما كانت القاضية جوانا كورنر التي ترأست الجلسة تنطق بالحكم، بقي الرجل البالغ من العمر 76 عاما صامتا ولم يظهر أي رد فعل.
وخلُصت المحكمة إلى أنّ عبد الرحمن الذي سلّم نفسه للمحكمة الجنائية الدولية في العام 2020، كان مسؤولا كبيرا في ميليشيا الجنجويد السودانية وشارك "بشكل نشط" في ارتكاب جرائم.
وروت كورنر تفاصيل مروعة عن عمليات اغتصاب جماعية وانتهاكات وقتل جماعي.
وفي جلسة سابقة، قالت إنه في إحدى المرات، حمّل عبد الرحمن حوالى 50 مدنيا في شاحنات وضرب بعضهم بالفؤوس قبل أن يجبرهم على الاستلقاء أرضا ويأمر قواته بإطلاق النار عليهم وقتلهم.
وأضافت "لم يكن المتهم يُصدر الأوامر فحسب.. بل شارك شخصيا في الضرب وكان حاضرا لاحقا وأصدر أوامر بإعدام المعتقلين".
وأشارت إلى ضحاياه الذين أكدوا أنّه قام بـ"حملة إبادة وإذلال وتهجير".
وفي نوفمبر، طلب المدعي العام جوليان نيكولس الحكم بالسجن المؤبد على عبد الرحمن. وقال أمام القضاة إنّ "قاتلا بفأس يقف حرفيا أمامكم"، واصفا الروايات عن الجرائم المرتكبة "كأنها كابوس".
ونفى عبدالرحمن أن يكون قائدا سابقا في ميليشيا الجنجويد العربية التي أنشأها الرئيس السابق عمر البشير في العام 2003 لسحق تمرّد مجموعات غير عربية في دارفور، حيث ارتُكبت فظائع خلّفت نحو 300 ألف قتيل و2,5 مليون نازح ولاجئ، وفقاً للأمم المتحدة.
تحذيرات أممية من أزمة نزوح جماعي (أ ف ب)

---
جريدة الرياض
http://www.alriyadh.com/2164677]لقراءة الخبر كاملاً فضلاً اضغط هنا[/url]