إتصلت بي عصراً من الوطن على غير عادتها :
"إزيك ياحبيب قلبي"
"إزيك ياوالدة انشاء الله بخير"
"الحمد لله كيف صحتك إنت "
"الحمد لله في نعمة "
"أها ماعاوزة أطول عليك "
"محتاجة لي (......) الف جنيه (بالقديم) ضروري"
(يالها من بساطة ....... )
(ياله من تواضع....... )
(ياله من يقين....... )
استغربت لطلبها هذا لعلمي أن مصاريفها ستصلها بعد ايام قليلة
أنا على يقين تام أن الأمر فيه شيئ من بد ,, ولكن لاأدري!!!
"طيب ياوالدة أبشري بإذن الله غدا الثلاثاءسوف تكون معك"
"كتر خيرك ياولدي يخلي دايما ضراعك خدرا...
"عافية وراضية عنك دنيا وآخرة"
"وما اوصيك على أخواتك ديل "
"مامعروف بكرة نصبح ولا نمشي"
"أها في أمان الله وراضية عنك رضاء يسعدك دنيا واخرة"
"مع السلامة ياولدي"
" طيب اها الله يديك العافية ياوالدة"
"سلمي على الجماعة"
"إنشاء الله"
.
.
.
.
كنت في هذا اليوم تحديدا من دون سابقة أمتلك فقط "500ريال"
كنت مخصصها لغرض هام جدا لابد أن ينجز في هذا اليوم
فرواتبنا كانت قد تاخرت شهرين تقريباً.......
جاءني هذا الإتصال وأنا في طريقي إلى انهاء الغرض...
بعد إغلاق الجوال غيرت وجهت سيارتي إلى حي غبيرة لتحويل المبلغ
وبالفعل تم تحويل ال500 برمتها لمكتبة الفرقان لتسليمها لها بالمنزل...
كانت حينها تعادل حوالي .......... الف جنيه....
وفي حينها هذا المبلغ يفي بطلبها وزيادة .....
عدت إلى منزل بنت عمي وظللت معهم تلك الليلة
إتصلت بها يوم الثلاثاء .....
وأطمأنيت على صحتها وإستلامها للمبلغ
المبلغ الذي كان سببا في الإتصال الغريب
ولم يكن بوسعي أن أسألها لأزيل الإستغراب..
صليت فجر الأربعاء12/04/2006 وتوجهت لفراشي كالعادة
لأخذ قسطا من النوم قبل أن يحين موعد الدوام...
رن الهاتف في حوالي السابعة إلا ربعاً ...
كنت مسترخياص فقط وغير نائم...
رفعت السماعة إبنة عمي ....
ثم سمعت صوتها تناديني ...تجاني دقيقة...
ذهبت إليها....
صمتت برهة وسقطت دموع من عينها...
قلت لها : ماذا هناك...الوالد....أم الوالدة؟؟
سبحان ربي الذي وهبني يقينا منقطع النظير
قال لي والدتك....
"إنا لله وإنا إليه راجعون"
هذه الكلمة خرجت مني لاإرادياً...
بدات زكريات البارحة تمر سريعاً...
.
.
.
.
.
.
تأنيب الضمير مدى العمر إن لم يحدث...
تبت يداك إن لم تكن تفعل .............
.
.
.
"أخي أحمد...ربنا يتغمدها بواسع رحمته"
لاتبكي عليها......
إن كان هناك بكاء...
يجب أن نبكي على انفسنا ....
أخي أحمد نحسبها عند الله من الصالحين القانتين بإذنه
لايأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون..
فلقد عرفناه بصلاحها وصلاتها منذ وهلتنا الأولى..
"ماذا حدث .... لقد تحدثت معها البارحة بخير"
"أبدا لاشيئ عليها ... ذهبت وتوضأت للفجر"
"وعندما خرجت من الحمام ....نادت أختنا الكبرى "
" فوجدتها متكئة على الباب دون حراك "
"لم نكد نصل المستشفى وروحها قد قبضت"
.
.
.
.
.
.
.
أقلعت طائرتي في ذات اليوم الواحدة صباحا"
"كنت في ودمدني قبل الظهر...."
.
.
".أختي الكبرى....هل هنالك أحد يطلب الوالدة شئي"
"قا.لت لي لاأعلم ولكن صيدلية ومعمل وإسمهم.....و.....
"تتعامل معهم في التحاليل والاأدوية"...
"ذهبت إلى المعمل ... ياخي الحاجة دي عاوزين منها شيئ"
"لا والله لقد أتت قبل البارحة وسددت ماعليها"
سقطت مني دمعة لم ....
استطع لحظتها أن أترجم معناها...
كانت الصيدلية على مقربة من المعمل .....
السلام عليكم دكتورة كيفيك....
"الحمد لله اتفضل"..
"لوسمحتي الحاجة عاوزين منها شي "
"قالت لا والله الوالدة قبل أمس كانت هنا وماعليها شئي"
"قالت لي لماذا تسأل هي كويسة"
"قلت لها ودمعة أخرى تنساب من غير إنتباه"
"الدوام لله الوالدة توفيت "
"لاحول ولاقوة الا بالله الحاجة الطيبة التقية وخرت جالسة تبكي"
"سحبت نفسي وتيقنت بأنها كانت تعرف ماستفعل..
"هنا فقط عرفت مغزى الإتصال العجيب"
"لاتريد أن تثقل أحد بهمومها"
"لاتريد أن تعذبنا خلفها"
هكذا هي الأم ...مهما بلغنا من الرجولة وكبر السن...
نظل عندها أطفال صغار تحيطنا برعاتيتها وحنانها....
تظل تخاف علينا وتشفق علينا دائما....
وتظل تلاحقنا بدعواتها الصالحة ...
تصلناا زادا يهون علينا كثيرا من مرارة الغربة والترحال...
لقد فقدت لحظتها أهم مصدر يأتيني بالدعاء.....
اللهم إنا لانسألك رد القضاء ولكن نسألأك اللطف فيه..
كان هذا هو ديدني في تلك اللحظة...
ربي أرحمها كما ربيتني صغيرا....
وإنا لفراقك ياأمي لمحزونون...
ولانقول إلا مايرضي ربنا .....
شكرا لك littlestar المتفجرة روعة وأملاً....
إنها صفحة حزينة من دفتر ذكرياتي
مرت عليها ثلاثة سنون ولكنها كاليوم
شكرا ... لفتحك الابواب المغلقة للبوح...
وتظل هذه ضريبة الغربة التي ندفع ثمنها خلسة...
ووعداً سأتكإ هنا مرة أخرى....
(على قول صديقي ابوقرجة سأضع عصاي هنا)...
وآتيك بصفحة فرح من دفتر ذكرياتي...
المفضلات