مأساة الحاج عدلان ( قصة من الواقع )
وبعد ثلاثة ايام عاد الحاج عدلان مراجعا لمستجدات القضية,
وكما هو معهود, انتظر الحاج عدلان ما يقارب الخمس ساعات,
وبين كل فترة واخرى يدخل للتحري بما هو محفوظ, ويا له من
واقع اليم, وجو مشحون بكل انواع التوتر والغبن والانتظار الذي
طالما كرهه الحاج عدلان وهرب من ملاقاته.
ومع نهاية اليوم وجد الحال عدلان نفسه امام اسوأ الفروض التي
كان يتجنبها حتى في مخيلته, وكان يخاطب نفسه دوما ( بما انني
انا الذي جئت اليهم, وبما انني انا الذي بحثت عنهم, ولم اهرب او
افر من ملاقاتهم, فسيقدرون لي هذا, وسوف اتوجه مباشرة الى
مكتب التحقيقات والادعاء العام, دون الحاجة الى دخولي الى قفص
الاتهام, وما يترتب عليه من وضع الاكبال على يدي, ولكن هيهات ما تمنى
لم يحن قلب المسئول, ولم يغفر له مجيئه بنفسه للقضية ,
فقد وضعت الاغلال في يديه, في تمام الساعة السادسة مساء ذلك اليوم,
وادخل الى حجرة المنتظرين ( الحجز ) كما يقال عنه.
( السجن حق الرجال )
هذا التعبير شائع في بلدي
دخل الحاج عدلان الى (الحجز), وعيناه تغرورق بالدموع, يرثي حاله الاليم,
وينعي كبرياءه السقيم.
ومكث في حجزه صامتا ينظر الى من حوله في حيرة
كانت غرفة واحدة لا تزيد مساحتها عن الثلاثون مترا مربعا,
يوجد فيها ما يقارب الاربعون شخصا, هى منامهم وجلوسهم
وماكلهم ومشربهم, قضاء حاجتهم ان صح التعبير, ومن العجب ما لا يوصف,
وكلهم متهمين بقضايا مخدرات. . . . فالحال يغني عن السؤال عزيزي القارئ
لم يصدق الحاج عدلان نفسه وهو يرى احد النزلاء يقف يتبول على
من هم بجواره, اندهش الحاج عدلان وهو يرى احدهم يقذف بحذائه
وحدة الانارة من فوقه ليستعمل ما انكسر وسقط منها من زجاج
ليشق به يده, فيخرج منها الدم سائلا, سال من بجواره, وكان يبدو
عليه الوقار, ماذا يفعل هذا الرجل ؟ ؟ ؟ ؟ رد الرجل : ان هذا الشخص
يتعاطى مادة . . . . وهى تحقن وقد افتقدها لاكثر من اسبوع وهو في
هذه الغرفة, الحاج عدلان : اكثر من اسبوع وهو في هذه الغرفة ؟ ؟ ؟
قال الرجل : نعم ,
الحاج عدلان : الله يطمئنك . . .
يصرفون من اموالهم, ليدمروا عقولهم
يدخلون الى عالم المخدرات وهم بشر
ويخرجون منه وهم انعام ضالة
استرجع الحاج عدلان عشرات من السنين, وهو يرى كاريكا في
السوق الشعبي الخرطوم يصعد البصات ليخطب في الناس
قائلا : خرجت من مكان لا اعادكم الله اليه, خرجت من مستشفى
للامراض النفسية والعصبية, ومذ خرجت وانا اقتات مع الكلاب
الضالة, وتارة لا اجد الكلاب الضالة حتى اقتات معها, اعينوني
اعانكم الله والسلام عليكم ورحمة الله.
ويناديه الاطفال من تحته ( كاريكا ) فيلتفت اليهم : يكركر . . . . .
ولعل كاريكا هذا كان علما في السوق الشعبي الخرطوم
كان كاريكا متسولا في السوق الشعبي الخرطوم
ارتجل هذا الكلام ليسال الناس اعطوه او منعوه
ولكنه كان يظهر بنفس شاكلة هؤلاء المدمنين
وفي صباح اليوم التالي وبعد اخذ البصمات وما الى ذلك ادخل
الحاج عدلان المكبل الى سيارة الشرطة وسيق الى . . .
مكتب الادعاء العام. . . .
يتبع . . .
المفضلات