8
كانت هبة تحاكي في حيرتها مركبا صغيرا أقتلعه التيار من مربطه ثم أخذ يلهو به بين الأمواج كما يشاء، كل جوعها الي الحنان أستيقظ في تلك الظهيرة، كل ما ظنته شبع موتا فيها عاد يتقافز في الشوارع كطفل شقي، كل أشواقها النائمة استيقظت وباتت غولا يحتل كل الفضاءات،من أين جئت أيها الفارع واسع العينين ودود الإبتسامة؟ من أين جئت لتشعل الدنيا من بعد طول سكون وكمون ؟! من أين جئت لتفتح نوافذ البيت العتيق وتطرد العتمة؟!
قال لها ضاحكا: أين ذهبت الأميرة؟!حلم ولا علم؟!
قالت دون تفكير: حلم...حلم ...حلم
ضحك هو حتي بانت أسنانه البيضاء كعقد نضيد، شهقت للداخل، رأت نفسها تقول لسارة في أذنها بصوت هامس
ووب ياسارة...مرتين ما بتقدري تعايني...
هيبة هي.....سكتا واتبكمتا...بقيت أعاين.... الكتف جنب السحاب....ماحصل حسيت إني قصيرة كدا زي اليوم داك..........)
شهقت في وجه سارة في خيالها ، ففوجئت بالفارع يترنح من شهقتها عيانا بيانا، فهرولت بعيدا عنه دون أن تنبس ببنت شفة، كان صدرها يعلو ويهبط كعداء محترف في آخر لفة في السباق ، وكان صوت ريقها وهي تبتلعه مسموعا كطبل من طبول الحرب... كادت تتعثر وتسقط حين الفت نفسها بجوار كرسي ومائدة عامرة بالتي باقس واوأني القهوة والشاي وقطع البسكويت وحافظات الماء الساخن ، فسقطت علي الكرسي سقوطا وصوت ضربات قلبها يزداد حتي ظنت كل الحاضرين يسمعونه، رفعت رأسها فوجدتهم لاهين عنها فيما عدا صاحبة الرادار التي واجهت نظراتها بثبات وهي ترسم ابتسامة ماكرة انتقلت سريعا الي حيث كان خالد واقفا وحيدا وعادت بسرعة اليها كأنها تقول هذه الشهقة من ذلك الأسد، أطرقت هي ببصرها إطراقة من ضبط متلبسا بجرم، حاولت إستعادة سيطرتها علي نفسها ونهضت وتشاغلت بصب الشاي وإذابة لبن البودرة الذي لاتحبه فيه وتناولت قطعة من البسكويت لتخبئ خلف الانشغال بها بعضا من إضطرابها، كانت طوال الوقت تشعر بنظرات الرادار مثبتة فوقها ، فلم تنظر ناحيتها أبدا. في الوقت نفسه لم يعد خالد وحيدا، كان يحاكي يمامة أقبلت علي مورد ماء وحيدة، فإذ بالمكان يكتظ باليمام وبالطيور جميلة الألوان والصيادين ، كان وسط اليمامات ملكا متوجا تتبعه أينما مضي الوصيفات والنظرات، أشتعلت هي غيرة ، ويبدو أن الرادار التقط ضيقها وما أعتراها فعلت الوجه إبتسامة طويلة هازئة.
المفضلات