حينما تتدلى الراشحات من أسقف الكهوف؛ وتتراكم القطرات فوق أرض الجمود.. لتتكون كرات من كرستال هش رقيق القوام,
من عرق الصخور في أعماق كهوف منحوتة بفعل الماء و الزمن في أحشاء الجبال لتظل عبر القرون تنضح قطرة قطرة وتبحث عن بعضها
لتتلامس في غياهب ظلمة لا تبدو على عجلة من أمرها.
علموني أن النار خالدة منذ عصر الجير و الحجر, غير أني لما جربت ففركت حجري صوان أو قدحت عودي ثقاب, لم يخرج لي شرر.
لكن إخفاقي لا يلغي أن للنار مزايا. فهي التي وقتنا البرد..و طبخت لصغارنا الطعام..و أضاءت ليلنا.
وطردت عنا ضاريات الوحوش ثم دعتنا للتحلق حولها و الجلوس لنقرأ الدروس.
ن
إذاً، من أين استوحى قدماؤنا فنونهم للرسم على جدران الكهوف؟ من أين ابتكروا تلك الصور المفعمة بنسج من خيال؟..
فيها روح تجريدية لأبقار و غزلان و زرافات طوال.. و عمرها سنون ضوئية و هي تتناسق في خطوط هوائية كأني بها تتحرر من الصخر
و تنبثق نحو الفضاء الرحيب في صحاري و فلوات يباب. يجدر بنا أن نسأل هنا ماذا كان يأكل أهل الصحاري القدامى و ماذا كانوا يشربون؟
هل كانوا يأكلون القحط أم يشربون الرمال؟ تنبؤ أثارهم أنهم كانوا في عيش رغيد؛ ثم أضطروا لأسباب مبهمة لهجران بلدانهم جنوباً بحثاً عن كلأ مفقود .
المفضلات