يا ما هنالك أناس رائعون ينحتون على جدران قلوبنا نقوشاً من مشاعر ود فياضة ، و يغرسون في نفوسنا حباً و يخلدون في أعماقنا ذكرى دامغة لا تُمحى بأقسى عوامل التعرية .
فكم نهفو إلى رؤيتك و كم ننعم بحبك و نشرف بصحبتك؛ وما أعظم نشوة إحساسي عندما تشعرني بأنني أعني لك أكثر مما أتوقع.• حين تدغدغ حلمة أذني بقيد أنملة من لمسات حنانك ،
إنما تشعل جذوة من حمية ألإخاء لتسري وثابة في هشيم أعصابنا ! و سرعان ما تستنهضنا من سبات طويل و تنهي إقامتنا في بيات شتوي لتنسينا جمهرات ملحاحة من حزننا القديم.
و ليحفظ الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك، أخي يا ريحانة المنتدى و سلسبيل العطاء. لقد أخرستني كلماتك و لم تترك لي براحاً لاستميحك، فأضع بين يديك صورة ذهنية لشخصي البسيط .
لعلها حكاية زماني: قبسات غائرة في ثقوب ذاكرتي, و حروف ماردة ثائرة من فوهة قمقمي, سكبت فيها بعضاً من رحيق تجاربي, واختزلت فيها سنين ضائعة و أوراق ساقطة من خريف عمري.
قد ألبسها ذات يوم لباس جوع الخاطرة,و ربما تترقى لتتألف منها قصة رجل فقد ظله، لننسج منها فصولاً لمأساة عبقري ضل رشده•كون لي ذاكرة خربة ظلت تخونني طوال أربعين سنة و نيف.
أتيه فيها عبر فجاج الأرض إلى أن عثرت على ضالة إيماني في شخوصكم النيرة.. و لو لا خشية السآمة عليكم ، لما بارحتكم حتى لو دخلتم مني جحر ضب لاتبعتكم، و لو حثوتم في وجهي التراب.
و لكن لتعلم أخي قبل سواك أنني ما تكبدت في سردي لكم مشاق التكلف,, و لكنها تخاريف من رحم معاناتي رحت أدأب على عصرها فيضاً من مداد قلم قد هجرته دهراً، حتى كاد يشيخ يراعي ،
و قد وهن العظم مني و سقطت سنان ريشتي في لهاة محبرتي ..لكن لساني يأبى إلا إن يأتيني حاسراً رأسه فما كان علي ّ سوى أن أطلق له العنان ليزرف لعابه دماً ، فينطق كفراً.
لينثر حروفه بيضاء بين يديكم,,, فجاء نبضاً من مهجتي سأظل أبثه إلى روعكم بكل تجرد بقصد و نية أن أكون خير حالب لخيرشارب.. فليتك واحدمن أنبل الناس حفاوةً واستئناساً بوجودي بينكم،
و أرفق الرفاق بمواقفي التي أسجلها هنا بين فينة و أخرى و رغم أنانيتي و تفصيلي خرقة ظل على مقاس رقعة جلدي، إلا أنك لم تبخل علي بتعليق . فطبت و طاب ممشى الآمّين لمجلسك ،
يا خير صحبة و لتعمر أيامك بكل ذكر. سأكون قريباً و لن أطيل النجعة. ولقد ضاع عمري مرتين؛ و إنه يساورني شك بطعم اليقين بنفي و جودي إلا بينكم، حتى أناجي نفسي فأقول:
أنا بينكم، إذن، فأناموجود و حي أرزق! و لقد قلناها آنفاً: إنه لا مجال لبتر ما بيننا أبداً ؛ تماماً كطفلين توأمين سياميين لا يمكن فصلهما إلا بجراحة مضمونة الفشل. •
فما قولكم برجل مثلي، جمع لصحبتكم ما يفوق طاقات احتماله ، ثم جاء ليرمي بجعبة همومه وما حوت على باب داركم ، و ضبط عقارب زمانه مع مجسات نبضكم ،
أعاقل هو أم أنه متشبع بوده لكم و ذاهب بحبه إياكم إلى أقاصي أغصان شجرةمنتهى نبل الوفاء، و الكل قيس يبكي على ليلاه•
و قد تخلو زجاجة من عطرها و لكن ثمالة من رائحة ذاكية لعلها تعلق بقاعها و تعبق جدرانها، تماماً كما الذكري الطيبة تبقى عالقة بأستار قلوب المحبين،
يا من تنحتون بصماتكم ب"إزميل فدياس" على صخرة صماء بدواخلنا و تنقشون صورة زاهية لأم المدائن على خرقة بحائط مخيلتنا العذراء إلا من حبكم.


رد مع اقتباس

صغيراً كنت... صغيراً جداً.)خرج صوت ضخم غاضب من مكان ما
المفضلات