صفحة 12 من 12 الأولىالأولى ... 2101112
النتائج 276 إلى 295 من 295

الموضوع: التوثيق لمدينة ودمدني ... سيدة المدائن

     
  1. #276
    فخر المنتديات - رحمة الله علية
    Array الصورة الرمزية أبونبيل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    الدولة
    مدني
    المشاركات
    2,351

    حنتوب مدرسة حكمت السودان .. وشكلت تاريخه الحديث..!!



    مدرسة حنتوب الثانوية ، وادي سيدنا الثانوية ، وخورطقت الثانوية ، مدارس لها تاريخ تليد ، كان له اكبرالاثر في تشكيل الحياة الساسية ، والاجتماعية ، والثقافية ، والدينية ، وكانت سوداناً مُصغراً جمع الطلاب من مختلف بقاع السودان..

    اثناء تصفحي في الشبكة العنكبوتية وجدت هذه المقالة التوثيقية التاريخية الهامة بالصدفة في صحيفة الامارات اليوم ، ودهشت لهذا السرد التاريخي الشيق ، الذي استفدت منه الكثير من المعلومات التي كانت غائبة عني ...

    لذلك آثرت نقلها اليكم هنا لتنالوا منها النفع والفائدة ، وكذلك من اجل التوثيق لهذا المرفق الحيوي الهام ، الذي اصبح بصمة في تاريخ السودان الحديث...


    هيا بنا معاً لنبحر في قلب هذا المقال الشيق...


    مدرسة حنتوب الثانوية لعبت دوراً كبيراً في تاريخ السودان، وشكّل خريجوها ونظيرتاها (وادي سيدنا) و (خورطقت) ، قادة الطيف السياسي، الحاكم والمعارض، وكانت سوداناً مُصغراً جمع الطلاب من أقاليم الشرق والغرب والشمال والجنوب.

    في النصف الثاني من أربعينات القرن الماضي أنشأ المستعمر الإنجليزي مدرستي حنتوب في مدينة مدني (وسط السودان) وخورطقت في الأبيض (غرب السودان) وقبلهما مدرسة وادي سيدنا (شمال الخرطوم)

    *.. في حنتوب مش حنتوب ..*

    إسماعيل الأزهري أول رئيس حكومة وطنية للسودان (1954-1956) بعد الاستقلال، ورئيس مجلس السيادة (1965-1969) ، كان يعمل معلماً ، وأراد المستعمر إبعاده عن بؤرة الضوء في العاصمة لأنه يشكل خطراً سياسياً ، فتم نقله إلى مدرسة حنتوب الوليدة ، فقال الأزهري قولته الشهيرة (في حنتوب مُش حنتوب) إصراراً منه على مواصلة النشاط المناهض للاستعمار..

    حنتوب التي بناها المستعمر على نسق معسكرات الجيش في عزلة عن ضجة المدينة وصخبها ، متجذرة في ذاكرة وجدان الشعب السوداني منذ تأسيسها.

    خرّجت أغلب القيادات التي قادت السودان في الحقب المختلفة ، وتبوأت الذرى في مجالات السياسة والطب والقانون ، أسماء عريقة وذائعة الصيت ارتبطت بالمدرسة...

    حينما تُذكر حنتوب يذكر اسم الرئيس السوداني السابق جعفر نميري الذي حكم السودان 16 عاماً (1969-1985) ، ورئيس حزب المؤتمر الشعبي حسن الترابي ، والسكرتير العام للحزب الشيوعي محمد إبراهيم نقد (أخطر ثلاثة من قادة السياسة والفكر والجدل في السودان) ، وأيضاً رئيس الوزراء في الحكومة الانتقالية بعد انتفاضة 6 أبريل( 1985-1986) الجزولي دفع الله ، والمقدم بابكر النور الذي عين رئيساً في انقلاب الشيوعيين في يوليو 1971م ، وأحمد ابراهيم دريج حاكم إقليم دارفور السابق ، ورئيس التحالف الفيدرالي المعارض ، وميرغني النصري عضو مجلس رأس الدولة السابق ، ومحجوب محمد صالح شيخ الصحافة السودانية ، والصحافي والمفكر عبدالله زكريا ، وغيرهم من القائمة الطويلة.

    حنتوب وحدها التي دفعت بثلاثة من طلابها ليصبحوا رؤساء القضاء بالسودان ، هم خلف الله الرشيد وفؤاد الأمين ، وعبيد حاج علي..

    ودفعت بأربعة آخرين تقلدوا منصب وزير العدل هم حسن الترابي ، وعبدالسميع عمر ، وعبدالمحمود صالح ، وعبدالعزيز شدو..

    ودفعت حنتوب أيضاً بأربعة من خريجيها ليصبحوا مديرين لجامعة الخرطوم ، هم البروفيسور علي فضل ، والبروفيسور عمر بليل ، والبروفيسور التنقاري ، والبروفيسور عبدالملك..


    *.. الرئيس والمطارد ..*

    في عام 1973 احتفل خريجو حنتوب بالعيد الفضي للمدرسة ، ولبى الدعوة من بريطانيا مديرها الأول وواضع نظامها ، الإنجليزي مستر براون ، وامتلأت ردهات المدرسة بطلابها القدامى يتقدمهم الرئيس نميري في عهد زعامته ، وجاء زميل دفعته القديم وغريمه المطارد ، والمطلوب لدى الأمن محمد إبراهيم نقد من مخبئه مشاركاً في الاحتفال ، بعد أن أعطي الأمان وأدار المباراة الرئيسة مساعداً أول لحكم المبارة التي شارك فيها نميري لاعباً..

    وفي واحدة من زيارات نميري الى لندن قدمت له ملكة بريطانيا الملكة إليزابيث ، الدعوة ليتناول معها وجبة الغداء ، وسمحت له بدعوة مواطنين إنجليز ، فدعا نميري ناظر مدرسته المستر براون ، الذي حين جاء ودخل على الملكة في حضور نميري بكى وقال ، (لم أصدق قط ان أدخل الى ملكة بريطانيا وأتناول معها الغداء، وأنا الذي كنت حين أسمع ان الملكة ستطل على الجماهير من فوق شرفتها أقف منذ الصباح حتى يتسنّى لى رؤيتها). واعتبر براون الدعوة بمثابة وفاء من تلميذه.

    *.. والد غوردن براون ..*

    يقول مؤلف كتاب (حنتوب) الأستاذ النور موسى إن مستر براون صاحب البصمات في الشخصية السياسية السودانية وعاشق حنتوب ، ربى ابناءه فيها ، ومنهم غوردن براون رئيس وزراء بريطانيا السابق ، الذي عاش طفولته بالمدرسة ، وعند تعيينه وزيراً للخزانة في حكومة توني بلير الأولى بعثت رابطة خريجي حنتوب بخطاب تهنئة بالتكليف لغوردن براون..

    وكان منزل مستر براون في (حنتوب) هو المنزل رقم (10) وتم ترقيمه هكذا على غرار رقم مقر رئيس الوزراء البريطاني في شارع (داوننج) بلندن..

    *.. أغداً القاك ..*

    لم تكن حنتوب تخرّج سياسيين ، ومهنيين فقط ، لكنها خرّجت مبدعين أيضاً لعل أبرزهم الشاعر (نجار المدرسة) آنذاك حميدة أبوعشر الذي كتب أجمل أغاني الفنان الراحل إبراهيم الكاشف (وداعاً روضتي الغنّاء وداعاً معبدي القدسي) لحنتوب بعد نقله منها..

    ومن الشعراء الذين ارتبطت أسماؤهم بحنتوب الشاعر الهادي آدم الذي عمل فيها أستاذاً للغة العربية وغنت له أم كلثوم قصيدته (أغداً ألقاك) ، وأيضاً محمد عوض الكريم القرشي الذي كتب كلمات (حنتوب الجميلة) ، والشعراء صلاح أحمد ابراهيم والنور عثمان أبكر ومحمد عبدالحي.

    حنتوب كانت في زمانها مثل جامعة (أوكسفورد) البريطانية ذيوعاً وصيتاً ، في السودان وخارج السودان ، خرّجت طلاباً من أقاليم الشرق والغرب ، والوسط والشمال ، والجنوب على اختلاف أعراقهم وعاداتهم ، ولم تكن لأبناء السودان وحدهم ، كانت أيضاً لأبناء حضرموت ، واليمن ، والصومال ، وإثيوبيا ، ويكفي ان أول سفير للصومال بالسودان وهو عبدالرحمن محمد كان من خريجي مدرسة حنتوب.

    مع خالص تحياتي .. ود..نقد ،،




  2.  
  3. #277
    فخر المنتديات - رحمة الله علية
    Array الصورة الرمزية أبونبيل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    الدولة
    مدني
    المشاركات
    2,351

    رجل الاعمال على دنقلا

    وجه من بلادى

    رجل الاعمال المعروف على دنقلا واحد من ابناء ودمدنى الذين تفتخر بهم سيدة المدائن

    نقدمه هنا فى لمحات سريعه من موقعه فى الفيس بوك

    رحمة الله عليه

  4.  
  5. #278
    عضو ذهبي
    Array الصورة الرمزية ايمن عبد الله
    تاريخ التسجيل
    May 2009
    الدولة
    ودمدني / حي ناصر
    المشاركات
    5,501

    تسلم عمنا أبو نبيل .. بالجد اتحفتنا ..

    يعطيك الف عافية .. ان شاء الله

  6.  
  7. #279
    عضو مميز
    Array
    تاريخ التسجيل
    May 2009
    الدولة
    ودمدنى - دردق - مربع 232 - منزل رقم (1)
    المشاركات
    494

    معلومات ثرة وموثقة لحقبة تاريخية هامة من كرماء ونبلاء المدينة .

  8.  
  9. #280
    فخر المنتديات - رحمة الله علية
    Array الصورة الرمزية أبونبيل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    الدولة
    مدني
    المشاركات
    2,351

    قلنا ما ممكن تسافر مابين أبو الأمين وفضل الله ... وودمدني


    بقلم صلاح الباشا




    كعادتها دائما تطل مقدمة البرامج اللامعة بقناة الشروق ( سلمي سيد ) وبإعداد أكثر روعة وبجهد توثيقي واضح الملامح تقوم به الرائعة رشا إبراهيم ولعدة سنوات خلت في معظم برامج الحوارات الفنية الرماضنية وغيرها والتي تهتم بالتوثيق للأغنية السودانية .

    وها نحن الآن نتابع وبإستمتاع شديد الحوارات المتعددة المشارب في المسيرة الفنية للأستاذ الموسيقار ( إبن مديتنا ) محمد الأمين ، وقد كان للحضور الجميل من الأستاذ الشاعر الصحفي العريق فضل الله محمد كضيف علي الحلقات التي يتناول فيها مسيرته مع أبو الأمين ، نكهة خاصة ، علما بأن الأستاذ فضل الله وحسب صلتي اللصيقة به لا يميل كثيرا إلي الظهور الفضائي أو الإذاعي أو حتي تناول مشروعات أغنياته وقصائده الأكتوبرية النضالية كواحد من الطلاب مفجري إنتفاضة أكتوبر بالجامعة في 1964ن وقد أعتقل منذ اليوم الأول للإنتفاضة ولم يخرج من السجن الحربي إلا بعد بيان تنحي الرئيس إبراهيم عبود ، فرجع إلي ودمدني وفي الطريق جاء النشيد الأكتوبري الخالد ( أكتوبر واحد وعشرين .. يا صحو الشعب الجبار ).
    و قد شهدنا الآن معظم حلقاتهما مع سلمي ومحمد الأمين ، فتداعت الذكريات تتري ، ذكريات ودمدني وبركات وفناني الجزيرة والنشأة والحراك الثقافي والفني الضخم الذي كانت تذخر به المدينة التي أنجبت عملاق الأغنية السودانية إبراهيم الكاشف وغيره ، والقائمة تطول .
    وقد تحدث الإثنان ( محمد وفضل الله ) عن أيتها كانت الأولي في الظهور والإنتشار ، هل هي أغنية الحب والظروف المشهورة تحت عنوان قلنا ما ممكن تسافر أم أغنية بعد الشر عليك ؟ وللمفارقة فإنهما رجحا الكفة الخاطئة في الأسبقية ، وقد قمت بإتصال هاتفي من خارج البلاد في ذات المساء بالأستاذ فضل الله للتحية أولا وللثناء علي الحلقات، وبالتالي فقد قمت بإقناع فضل الله أن إجابتيهما كانت خطأ من ناحية التسلسل الزمني ، وقد رأيته قد إقتنع بعد أن سردت له معايشتي للأغنيتين فضحك الأستاذ وأردف قائلا : إنت مهتم بالتوثيق ، وكلامك صااااح .
    حديثي مع الأستاذ فضل الله حول تسلسل ظهور الأغنيتين إستندت فيه إلي ذكريات الصبا الباكر لي بودمدني ، وقد كانت ولا زالت هناك علاقات تاريخية حميمة ما بيننا أهلي والأستاذين ، وكان قوام تلك العلاقة أخي الراحل الكبير الفنان حسن الباشا الذي ترأس إتحاد فناني الجزيرة حتي وفاته في مايو 1997م ، وبالتالي فإنني كنت شاهداً علي العصر لمعظم أو كل مسيرة الأستاذين العظيمين وغيرهما بالطبع . ودليلي علي ذلك أن أغنية الحب والظروف كنا نرددها عقب ثورة أكتوبر بشهور قليلة أي خلال العام 1965م وقد كنا وقتها في السنة الرابعة والنهائية بالمدرسة الوسطي ، أما أغنية بعد الشر ، وهي التي قام بتلحينها الأستاذ محمد الأمين فكانت في العام 1967م تحديداً بعد أن أصيب بكسر في قدمه ، وقد عاد علي إثرها من العاصمة إلي ودمدني حتي شفائه تماما حيث كنت قد سجلت له زيارة برفقة أخي الأكبر الراحل حسن الباشا بمنزلهم في حي ود أزرق بودمدني وقد كنت وقتها في منتصف المرحلة الثانوية بمدرسة ودمدني الثانوية .
    كما أن ظهور نشيد ( المباديء ) المشهور بشهر عشرة حبابو عشرة ، قد أتي لاحقا في عيد ثورة أكتوبر 1967م حيث سبقه بعام كامل أي في عيد أكتوبر 1966م نشيد الإنطلاقة وبالتالي فإن محمد الأمين وفضل الله قد ترددا في ذات الحلقة عن أيهما الأقدم من الآخر وإنتهيا علي أن المباديء سبقت الإنطلاقة ، و لكن العكس هو الصحيح .
    ونشيد الإنطلاقة هذا من حيث المحتوي يعتبر من أقوي الأناشيد السودانية علي إطلاقها لما فيه من مفردات تعبيرية ثورية عميقة وذات مضامين قوية وقد كان باللغة الفصحي ، وحتي اللحن كانت فيه جرعات عالية من الحماسة ( المجد للآلاف تهدر في الشوارع كالسيول .... يدق زاحفها قلاع الكبت ... والظلم الطويل ) إلخ .
    كان أداء محمد الأمين لأغنية الحب والظروف في الحلقة هذه متفوقا فيه علي نفسه ، فبرغم أن الأغنية يتعدي عمرها السبعة وأربعين عاما وقد كان فضل الله وقتها في السنة الثانية بكلية القانون بجامعة الخرطوم ، إلأ أنني قد لمست فيها تجديدا في الأداء من أبو الأمين لم أعهده فيه من قبل ، كما أنه من الملاحظ أن مفردات النص كانت تحتوي علي لونية جديدة من التعبير لم يكن متوفراُ في أغنيات تلك المرحلة ، خاصة وأن معظم أشعار فضل الله محمد تجد فيها الأريحية في المعاني ، حيث تعطيك إنطباعاً بأنه يغزل في كلمات ونسة عاطفية جديدة وليست شعراً ( الغريب الساعة جنبك ... تبدو أكثر من دقيقة ، والدقيقة وإنت مافي ... مـُرة ما بنقدر نطيقها ) وهكذا .
    شكرا سلمي ورشا وألف شكر لأبو الأمين وأبو وائل ، ومتعكما الله بنعمة العافية والسعادة بعد أن قمتما سويا بأكبر عملية تحول في مسار الأغنية السودانية نصاً ولحنا .

  10.  
  11. #281
    فخر المنتديات - رحمة الله علية
    Array الصورة الرمزية أبونبيل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    الدولة
    مدني
    المشاركات
    2,351

    • مشروع الجزيرة :
      الماضي الزاهر والحاضر البائس والمستقبل المجهول ( 1 )


      سلسلة مقالات توثيقية: بقلم صلاح الباشا

      Barakat.1950@hotmail.com

      غني عن الذكر أن الزراعة في هذا البلد هي عمود الإرتكاز الذي قامت عليه نهضة السودان الحديث بكافة مرافقه وخدماته وبنياته التحتيتة .. وقد كان ذلك واضحاً منذ دخول الإنجليز إلي السودان مع بداية القرن العشرين حين تأسست في لندن ما تسمي بشركة السودان
      الزراعية وهي شركة قطاع خاص بريطانية لتعمل في الإستثمار الزراعي لزراعة القطن تحديداً بالسودان بعد الفتح الإنجليزي المصري . لكن ما يدعو إلي التعجب أن الشركة لم تضع حصصأً لمشاركة الشريك الثاني في حكم السودان وهي الحكومة المصرية في عهد الملك أحمد فؤاد الأول الذي ورث عرش مصر من آخر خديوي ألباني من سلالة محمد علي .. خاصة وأن محمد علي باشا هو وأبناؤه وأحفاده من بعده يعتبرون حتي اللحظة هم واضعو لبنة بناء مصر الحديثة .
      و كانت شركة السودان الزراعية المسجلة في لندن قد إكتشفت بواسطة خبرائها أن بلاد السودان تصلح جداً لزراعة وإنتاج القطن بكافة أصنافه ( طويل التيلة وقصيرها والقطن الأكالا ) .. لذلك فقد بدأوا زراعته بمشروع الزيداب - غرب النيل - في العام1901م ( ولاية نهر النيل حالياً ) وإستخدموا فلاحين وخبراء أمريكان ( زنوج) لتأسيس العمل وإدخال زراعة القطن بالزيداب حيث كانوا يستخدمون الطلمبات التي ترفع المياه من النيل لتصب في الترعة الرئيسية التي تنقل المياه إلي داخل الأراضي الزراعية ، كما أقاموا محلجاً لحلج القطن هناك .. ومن ثم يتم نقل بالات القطن بعد حلجه عن طريق مقطورات نهرية إلي محطة السكة الحديد بالضفة الشرقية للنيل ، ومن ثم بالقطار إلي ميناء التصدير ببورتسودان.
      ولكن في الزيداب سرعان ما إكتشفت الشركة أن المساحات هناك لا ترضي طموحها نظراً للتمدد الصحراوي غرباً ( عشرة آلاف فدان فقط ) ، حيث أن الشركة الزراعية في بريطانيا كانت ترغب في كميات كبيرة من الأقٌطان بسبب إرتفاع خام القطن عالمياً في بداية القرن الماضي حتي لايحدث كساد في مصانع النسيج الإنجليزية بلانكشير وهو قطاع له مردوده المالي العالي للشركات والبنوك المساهمة في تأسيس تلك الصناعات ، ما حدا بشركة السودان الزراعية للتفكير في نقل التجربة لمنطقة السهول الفيضية الحالية ذات المساحات الشاسعة ، أو بما يسمي منطقة الجزيرة المروية ( ما بين النيلين) . وقد تم نقل محافظ مشروع الزيداب إلي مشروع مشروع الجزيرة وهو ( مستر ماركنتايل ) الذي خدم بالشركة الزراعية لأكثر من خسمة عشر عاماً بالسودان وقد إكتسب خبرة عالية في هذا المجال ثم عاد إلي لندن .
      ونحن هنا حين نعود للكتابة في هذا المجال مرة أخري بعد مرور سنوات عديدة في طرقنا لهذا الشأن صحافيا وإليكترونيا حين بدأ الإهمال التنازلي من الدولة للمشرع العملاق، ثم والتوقف التام لمشروع الجزيرة العريق ، وإمتداد المناقل الذي أسسه الفريق إبراهيم عبود إبان فترة حكمه العسكري البحت للسودان للفترة ( 1958- 1964 م ) وقد كانت فكرة إنشاء إمتداد المناقل علي غرار الجزيرة ( مليون فدان ) هي من بنات أفكار الراحل المهندس ميرغني حمزة وزير الأشغال في فترة حكم رئيس الوزرء عبدالله خليل التي سبقت حكم عبود وخلفت حكم الأزهري بعد الإستقلال . نعود هنا للكتابة في هذا الشأن تارة أخري لأننا قد لاحظنا كثرة التصريحات من الحكومة بالخرطوم عن أهمية إهتمام الدولة بالزراعة وعن ضرورة العودة العجلي لها ، أو ما أطلق عليها بالنهضة الزراعية .. وذلك لإيماننا القوي جداً وربما لإيمان معظم المسؤولين بالدولة بأن الثروة النفطية الحالية أو القادمة لن تكون بديلاً للزراعة ، خاصة وهي مهددة بالنضوب ، وليست مثل بترول السواحل الخليجية التي لا تنضب علي عجل ، فالزراعة هي الأبقي ، بل هي الداعمة للوطن ولتطوره حتي تدخل بلادنا مجال الميكنة الزراعية بالكامل والذي يجلب الإكتفاء في كل شيء .. وحتي لاتصاب بلادنا بمرض هولندا الشهير حين أهملت الدولة الزراعة عند ظهور النفط لديهم ، فإذا بها تستورد الغذاء والكساء بأكثر من عائدات النفط ، فأصابها الفقر والحاجة ، فعادت بسرعة البرق إلي الزراعة المتطورة التي يصابحها تطبيقات الحزم التقنية وتوظيف الميكنة الزراعية في كافة مراحل الزراعة ، وبالتالي أصبح الناتج الزراعي والحيواني الآن يدخل لهولندا عائدات سنوية تصل إلي ثلاثمائة مليار دولار في السنة ، برغم أن مساحة هولندا لا تتجاوز نصف مساحة ولاية الجزيرة ... فتأمل !!!!
      وهي ذات التطبيقات التي تضمنتها الخطة الخمسية في السنة الأولي لحكم الرئيس جعفر نميري ورفاقه حين طاف الخبراء الروس كل مناطق السودان لإنشاء ما يناسب كل منطقة من حركات تصنيع ، وإدخال الميكنة بالجزيرة ، ولكن الإختلاف السياسي الذي نشب سريعاً بين النظام والشيوعيين السودانيينوما تبع ذلك من حركة إنقلاب ، جعل الرئيس النميري يدير ظهره للتعاون الإقتصادي مع منظومة دول دول المعسكر الإشتراكي كلها بقادة الإتحاد السوفييتي، ما أدي إلي خروج الفكرة وأصحابها من السودان وإلي غير رجعة ، فتوقفت الخطة الخمسية السودانيية التي حددت بالأعوام ( 1970 – 1975م ) وقد كانت تتضمن ميكنة زراعة القطن بمشروع الجزيرة في كامل مراحل زراعته حتي مرحلة جني القطن وحلجه وتجديد المحالج الحالية بأخري حديثة .
      وما يحفزنا أكثر علي طرق هذا الشأن الخاص بمشروع الجزيرة بعد أن تناول أمره العاملون بالمشروع وأهل الصحافة مؤخرا وقد أفردت له ( التيار ) العديد من الإستطلاعات الميدانية الناجحة ، هو أننا ننتمي جغرافياً وجذوراً لكل مناطق الزراعة المروية رياً صناعياً منتظماً منذ قديم الزمان ، سواء في منطقة الزيداب حيث موطن الآباء والأجداد ، وقد شهد الزيداب ميلاد الوالد الخليفة علي الباشا ونشأته الأولي وعمله بالشركة الزراعية هناك منذ العام 1904م ، ثم إنتقاله مع إدارة الشركة الإنجليزية لزراعة القطن بالجزيرة في الربع الأول من القرن العشرين ( 1907م ) وهو في فورة الشباب الباكر مع آخرين أتوا أيضا من الزيداب التي تعتبر بمثابة القلب لديار الجعليين ، حيث نشأنا وترعرعنا في تلك البلدة الجميلة ( بركات ) ، ويعتبر الوالد عليه الرحمة ( 1890 – 1987م ) هو المؤسس الأول لمشروع الجزيرة ، أو فلنقل للشركة الزراعية حيث أتي معه الأعمام الراحلين حاج أحمد عواض وحاج بابكر احمد وقد كان والدي أصغرهم لكنه كان يكتنز بذاكرة حديدية جلعت من الإنجليز يطلقون عليه ( قاموس الجزيرة ) ، وقد أجرت الشركة الزراعية المذكورة أعلاه عدة بحوث حول جدوي إمكانية نقل تجربة زراعة القطن إلي االجزيرة ، وذلك لعدة أسباب سنذكرها في حلقاتنا القادمة بإذن الله ،،،،،،،،



      نواصل

  12.  
  13. #282
    فخر المنتديات - رحمة الله علية
    Array الصورة الرمزية أبونبيل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    الدولة
    مدني
    المشاركات
    2,351

    مشروع الجزيرة ..
    الماضي الزاهر والحاضر البائس والمستقبل المجهول ( 2 )


    حلقات توثيقية: يكتبها صلاح الباشا
    Barakat.1950@hotmail.com


    بلا أدني شك أن إدارة شركة السودان الزراعية المسجلة في لندن في العام 1904م ولحاجتها الماسة إلي الأقطان نظراً لسيطرة بريطانيا علي صناعة النسيج والغزول في العالم القديم كما ذكرنا بالحلقة الأولي هنا ، قد قامت بنقل التجربة من مشروع الزيداب شبه الصحراوي إلي الجزيرة حيث ال
    سهل الفيضي المتسع والتربة الطينية الجيدة والمناخ السافنا الذي تحتاجه زراعة القطن وفقاً لدراسة التربة والطقس التي أعدت في ذلك الزمان بلندن والخرطوم ، فقامت الشركة الزراعية بتجهيز كل البنيات التحتية لإنجاح زراعة القطن بالجزيرة بعد أن تمت عدة تجارب أولية لزراعته بمنطقتي طيبة والبيارة طريق سنار حالياً ) وايضا تمت تجارب في أم سنط بوسط الجزيرة ( شرق بركات ) ، حيث تم ري مساحات القطن بالطلمبات من النيل الأزرق . وحين نجحت التجارب بدأ التفكير في الإستثمار الواسع لزراعة القطن تجارياً ، كما بدأ التفكير في توفير وسائل الري والمباني والمحالج والمعدات الأخري بالمشروع ، ما حدا بالحكومة البريطانية الداعمة للشركة المسجلة بلندن بأن تنشيء خزان سنار الحالي بعد أن أقنعت مجلس العموم البريطاني بتديبر تمويل كقرض للشركة بمبلغ ثلاث ملايين جنيه إسترليني لإنشاء الخزان ، لتحقيق غرضين وهما :
    أولاً :
    حفر ترعة رئيسية من الخزان بسنار تخترق كل مساحات الجزيرة وقد أطلقوا عليها الترعة الرئيسية ( ميجر كانال) كما تم بناء قناطر لحجز المياه فيها عند كل إحدي عشر كيلو متر طولي تقريباً تسمي في كل منطقة بالقنطرة الرئيسية ( تماماً مثل فكرة القناطرالخيرية في شمال القاهرة علي النيل بمنطقة الدلتا ) ثم تتفرع عند كل قنطرة قنوات فرعية تخترق التفاتيش ( الغيط ) ، كما حفروا الترع أبوعشرينات لتخترق الحواشات المخططة تخطيطاً عالي الدقة .. ثم تتحول تلك الترع لتصب في جداول صغيرة ( أبوستة) ثم إلي جداول أصغر لتتوزع داخل الحواشات لري الأرض بهذه الشبكة متناهية الدقة والتنظيم .. كما أقيمت قناطر أصغر في تلك الترع للتحكم في فتح المياه وفي قفلها حسب الحاجة للري وفق الخطط المعروفة في هذا المجال . وقد تم جلب العمالة الماهرة التي أسست تلك الشبكة المائية من صعيد مصر .. وتلعب وزراة الري الدور الأساس هنا .. لذلك ظلت رئاسة وزارة الري الفعلية حتي اللحظة بودمدني حيث يوجد المقر الدائم لوكيل أول وزارة الري .
    ** ثانياً :
    توليد الكهرباء من خزان سنار( 15 ميغاواط ) لأنه من المعروف بأن توليد الكهرباء من الماء هو من أرخص وأسرع وسائل الطاقة. وذلك لإنارة العاصمة من محطة بري والتي سميت بشركة النور حتي وقت قريب قبل أن تتحول إلي الإدارة المركزية ، ثم الهيئة القومية للكهرباء حاليا ، ولإنارة عدة مدن أخري مثل بركات حيث توجد رئاسة المشروع ومارنجان والحصاحيصا حيث أسست محالج القطن ، وودمدني كعاصمة للمديرية الكبيرة القديمة (الأقليم الأوسط ) والتي كانت تشمل الولايات الأربع الحالية : الجزيرة وسنار والنيل الأبيض والنيل الأزرق. وكان يديرها محافظ واحد كان يسمي مدير المديرية ، والآن يدير ذات الإقليم اربع ولاة وأربع مجالس وزراء يبلغ عددهم أربعين وزيرا بلا عمل مهم غير الشجار والملاواة مع بعضهم ومع الولاة والمجالس التشريعية ، وجيوش من المعتمدين والعطالي الآخرين .
    إن جدوي زراعة القطن بالجزيرة هو الذي قام بتحفيز الحكومة البريطانية بأن تنفق تلك النفقات الرأسمالية الباهظة لقناعتها بأن العائد من زراعة القطن وغيره من المحاصيل والخضر التي تعود للمزارع سيكون كبيراً وبالتالي يرتفع مستوي الدخل عند المزارعين.. بل أن إنشاء خزان سنار وما تبعه من ترع وقنوات ستظل أصولاً ثابتة مدي الدهر .. كما أن المشروع لايحتاج لبناء محالج في كل مرة أو مخازن أو ورش صيانة أو مكاتب ومنازل للعاملين أو سكك حديد داخلية لنقل الأقطان من الغيط ( الترماي ) . اي أن الشركة لا تحتاج أن تؤسس مرة أخري للزراعة بنيات أساسية تحتية ذات كلفة عالية ، بل تبقي فقط عملية تعميق الترع في كل عام وتطهيرها من الحشائش التي تمنع الماء من الإنسياب نحو الأراضي المزروعة ، وصيانة المحالج والآليات المختلفة الخاصة بالزراعة وبحراثة الأرض قبل بداية كل موسم زراعي جديد ، علماً بأن هذا النوع من الري يسمي بالري الإنسيابي حيث لا تدخل العمليات الزراعية فيه مجازفات الزراعة المطرية التي تعتمد علي نسبة هطول الأمطار الموسمية ،،،،،،
    ونواصل

  14.  
  15. #283
    فخر المنتديات - رحمة الله علية
    Array الصورة الرمزية أبونبيل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    الدولة
    مدني
    المشاركات
    2,351

    مشروع الجزيرة ..
    الماضي الزاهر والحاضر البائس والمستقبل المجهول ( 3 )



    حلقات توثيقة يكتبها صلاح الباشا

    *************************************

    من المعروف أن سكان السودان ومنذ قديم الزمان كانوا يمارسون مهنتي الزراعة التقليدية ( المطرية ) والرعي بمافي ذلك مساحات الجزيرة بمراعيها الواسعة في فصل الخريف .. ولكن وبقيام شركة السودان الزراعية ( بريطانية مسجلة في لندن ) للإستثمار في زراعة القطن بالسودان لتلبي
    ة حاجات مصانع النسيج والغزل في
    إنجلترا كما ذكرنا من قبل ، فإن الجزيرة وبعد إكتمال خزان سنار الذي تبنع منه الترعة الرئيسية لري أراضي المشروع والفرعية ، قد أصبحت الجزيرة منطقة جذب للعمالة من كل أنحاء السودان ، الماهرة منها والمتعلمة ، ـأو حتي التي ليست لديها قدرات ، ولكنها تجد التدريب والتأهيل من إدارة الشركة الإنجليزية ، جسب الحاجة للمهن المختلفة سواء في الورش ( نجارة – سباكة – ميكانيكا – قيادة تراكتورات ومحاريث وسيارات .. إلخ ) خاصة من شمال السودان ، حيث كان سكان الشمال يمارسون حرفة الزراعة في جروف نهر النيل بسبب سكناهم علي ضفافه منذ الأزل ، كما توافدت العمالة من غرب السودان ومن خارج السودان أيضاً ( شاد والنيجر ومالي ) وقد إستقروا في السودان منذ اجدادهم وحتي اللحظة حيث صاروا مواطنين من الدرجة الأولي منذ عقود طويلة ، بعد أن وجدوا فرص العمل في مواسم زراعة القطن وجني القطن ( اللقيط ) وفي العمل بالمحالج أيضاً ، ثم في زراعة الذرة والقمح والخضروات من خلال الدورة الزراعية المخصصة للمزارع في حواشات المزارعين المسجلين بالمشروع .
    كما قامت الإدارة الإنجليزية بالشركة الزراعية بتدريب الشباب من خريجي المتوسطة علي العمل المحاسبي والكتابي وأعمال الإدارة والمخازن والهندسة الزراعية والميكانيكية.. ثم التدريب لوظائف مفتشي الغيط حين لم تكن تتوفر وقتذاك كليات للزراعة ، بل أن منهم من تم إبتعاثه للتدريب والتأهيل بلندن .
    وبسبب توسع زراعة القطن بالجزيرة فإن 80% من صادرات السودان كان يمثلها القطن طويل التيلة هذا ولمدة سبعين عاماً حتي العام 2000م والذي شهد تدفق الثروة البترولية التي بسببها تم إدارة الظهر لمشروع الجزيرة فتركوه في مهب الريح عمداً وقلبوا له ظهر المجن ، حيث تكرر مرض هولندا في قلب أفريقيا هنا بالمسطرة ، فتخلصت منه هولندا ، لكن المرض إستفحل في السودان مثلما رأينا مؤخراً .
    وفي الجزيرة في ذلك الزمان ، وبعد إنشاء خزان سنار ، تم إنشاء هيئة البحوث الزراعية بودمدني بعد دخول العلوم الزراعية الحديثة بالجامعة لتقديم الأبحاث الزراعية بالمشروع .. وقد كانت هيئة البحوث هي الجهة المناط بها تنفيذ العمليات الزراعية بالمشروع قبل إنشاء إدارة زراعية خاصة بالشركة الزراعية ببركات الرئاسة ، . ومدينة بركات الصغيرة والجميلة والهادئة في ذات الوقت والتي أقيمت علي نمط الريف الإنجليزي ، تبعد حوالي سبعة كيلومترات جنوب ودمدني العاصمة الإدارية للإقليم الأوسط القديم او لمديرية النيل الأزرق ( الإسم الأسبق ) ، لذلك كان معظم موظفي وعمال الشركة الزراعية يأتون من حاضرة الجزيرة ودمدني إلي بركات ومارنجان حيث توجد محاج القطن الخمس ، زائداً القادمين من القري المجاورة ، وفيما بعد توسع العمل ليجذب كفاءات علمية عديدة من العاصمة وغيرها ، فكانت أمنية كل سوداني متعلم أو نصف متلعم أن يجد وظيفة ما بمشروع الجزيرة .
    كما أن نجاح زراعة القطن بالجزيرة قد ساعد في إدخال كافة الخدمات التعليمية والعلاجية والإنارة وتعليم الكبار ونقاط العلاج ( شفخانات ) لمعظم قري الجزيرة ، وتبدل حال المنازل لدي المزارعين ، والتي كانت تقام من الطين ، إلي منازل حديثة بالعقد والطوب الأحمر، وإنتشرت المدارس حتي الثانوية بقري الجزيرة ، وبالتالي أصبحت الجزيرة منطقة وعي تعليمي وثقافي وسياسي أيضاً بفضل ناتج هذا القطن الذي كانوا يطلقون عليه في مناهج وزارة التربية لفظ ( الذهب الأبيض ) ، فضلاً علي المكون الثقافي الناتج من تواجد كل قبائل السودان للعمل بالجزيرة ، فأصبحت الجزيرة بوتقة إنصهار وتزاوج بين كافة القبائل بالجزيرة وأدت إلي هذا التجانس الحالي للسكان بالجزيرة ، ماقاد إلي ذوبان للقبلية تماماً في وسط السودان حتي اللحظة ، مع ملاحظة أن الإنغلاق والعنصرية القبلية قد لاحت خطوطها بقوة الآن خلال العشر سنوات الماضية ، سواء في أطراف السودان أو حتي في قلب الخرطوم ، بل ربما عند أهل السياسة حكماً ومعارضة أيضاً ، فتجد كل قبيلة داخل كل حزب أو حتي منظمة تتكتل ضد الأخريات من القبائل ، ما أدي إلي عدم تطور الأحزاب التاريخية نهائياً ، فلجأ الناس داخل منظومات السياسة إلي الإحتماء بالقبيلة لتحقيق الكثير من المكتسبات ، وهم هنا لايدرون بأنهم في طريقهم إلي إحداث المحرقة الكبري للسودان القديم المتجانس جدا الذي إنصهرت فيه قبائل الشمال كلها منذ بداية القرن العشرين . وسوف يحتاج السودانيون زمناً وجهداً فاعلاً وصبورا لإزالة ظاهرة التشوهات القبلية التي طفت مؤخرا علي سطح الأحداث وإعادة حيادية وطهارة الخدمة المدنية والعسكيرة وحتي الأمنية ، ولإعادة توازن التصالح القبلي الذي كان يطغي علي الحياة السياسة والإجتماعية بالسودان كله ، وقد ينجحون في ذلك ولكن بعد إنقضاء زمن طويل جداً .
    وربما لا يعرف أهل الخرطوم ، خاصة بعض أهل الحكم وحتي أهل المعارضة في المركز وبعض أهل السودان الآخرين أن من مميزات زراعة القطن بالجزيرة أنها قد خلقت صناعة سودانية خالصة بعد خروج المستعمر وتأميم الشركة الزراعية في العام 1950 م ليحل محلها ما يسمي الآن ب( مجلس إدارة مشروع الجزيرة ) .. وقد تمثلت التنمية الصناعية التي تعتمد علي خام القطن في قيام العديد من مصانع النسيج ومعاصر الزيوت بالجزيرة وفي السودان كله ، ما أتي بفوائد جمة إجتماعية وتنموية إستراتيجية سنذكرها لاحقاً ، وحتي البنية التحتية للسودان الحديث قد كانت بفضل ناتج بيع القطن هذا ، المدارس والجامعات والمعاهد العليا والسكة الحديد والخطوط الجوية والبحرية السودانية والطرق والاٌنارة داخل المدن والخطط الإسكانية ، وبناء جيش قومي قوي ومتوازن وقوات نظامية عديدة ومراكز بحوث وأجهزة إعلام متطورة ، ومواعين ثقافية وفنية ، وأندية وأستادات رياضية كانت تأتي بالبطولات ، وخدمة مدنية ذات تقاليد قوية وراسخة ، وبعثات للدراسات العليا في كافة التخصصات .. نعم كل ذلك كان بفضل زراعة القطن في الجزيرة وعلي مدي سبعين عاما متواصلة ،،،،
    ونواصل

  16.  
  17. #284
    فخر المنتديات - رحمة الله علية
    Array الصورة الرمزية أبونبيل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    الدولة
    مدني
    المشاركات
    2,351

    ملف مرفق 15149


    زيارة مجلس السياده لمدينة ودمدنى

  18.  
  19. #285
    فخر المنتديات - رحمة الله علية
    Array الصورة الرمزية أبونبيل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    الدولة
    مدني
    المشاركات
    2,351

    كلمة عمر الحاج موسى ( رحمه الله ) فى إفتتاح تلفزيون الجزيرة


    أهل مدنى ... عيوننا ... أرواحنا ... أيدينا ... سِـرّنا ... جهرنا ... كلها عشاق أحييكم وأسلم عليكم وأتمنى أن لو كان فمى فى يدى .

    الأخوة الزملاء ... السيدات والسادة ... من مدنى حسناء الجزيرة وغادتها أحييكم ، من مدنى الـسُّـنـِّى الراقـدة على شاطىء النيل الأزرق مستحمة من مائه ... مستجمة على رماله ... مستدفـئة بحبابه ... مستـكـنة فى رحابه ... متوسـدة تربه وترابه ... حرفه وجرفه ... منها ... من مدنى أحييكم ويحييكم معى المشاهدون لحفلنا الحافـل الحفيل هذا ... إخوانكم وبناتكم وعمّاتكم وبنات عمّاتكم أراهم هناك صامتين مطرقين حامدين شاكرين ... هناك بدءاً بحنتوب التى تجلس بجانب مدنى كالهمزة على سطرها وصدرها ... جنوبـاً إلى سنار فكوستى ... ثم شمالاً لتحتضن المنطقة الرابضة بين ذراعى النيل الخالد ... أبيضه وأزرقه ... هى الجزيرة ... هى المنطقة التى كان وسيظل لها دور الريادة والزيادة .

    أنجَـبـتْ ومابَـرحَـتْ ... أعـطـَتْ وما إنـفـَكَّـتْ ... جَـادتْ ومافـَتِـئـتْ .

    أنجبت ومابرحت السُّـراى أهل التـُّـقـَّـابـة والمسيد ... محمد ودمدنى ... دشين قاضى العدالة ... الشيخ الجنيد ... الشيخ أبو وداعة ... الشيخ الضرير ... الشيخ حلاوى ... الشيخ عمر ... الشيخ أبو قرون ... الشيخ أبو شيبه ... الجمرى ... بطران ... شـُمُّـو ... القدال ... عبد الباقى ... عوض السيد ... عوض الجـِـيـد ... عوج الدرب ... المسَـلـَّمى ... الكـِشـِّيـف ... المشمر ... تمساح التـُّرُك ... ودعيسى ... ود كـنـَّـان ... ود مضوى ... ود نفيع ... ود الترابى ... ود الشافعى ... ود بساطى ... ود ضيف الله ... ود عويضة ... ود خمجان ... ود نور الدايم ... ود التـِّكِـيـنـة ... فرح ود تكتوك ... دفع الله ود أب إدريس ... عبد الله ود أم مريوم ... برير ود الحسين ... هجو ود البتول ... قرشى ود الزين ... المسَـلـَّمى ود أب ونيسة ... الشاذلية ... السمانية ... القادرية ... الهندية ... الأنصار ... شيوخ الدباسين ... اليعقوباب ... الحسانية ... الركابية ... الحلاوين ... العركيين ... المسلمية ... والأعتذار لمن فاتنى ذكرهم فهو العالِم بعدتهم .

    أعطت وماإنفكت الشعراء والأدباء ... الهادى أحمد يوسف ... أبو عركى ... ثنائى الجزيرة ... الكاشف ... أحمد الطيب ... حسين الزهراء ... الـمـَسـَّـاح ... محجوب عثمان ... الخير عثمان ... محمد الأمين ... عوض الجاك ... البنـَّا ... أحمد يوسف نعمة ... البوشى ...أحمد طه الفكى ... أحمد على طه ... جقود ... إبراهيم عمر الأمين ... رمضان زائد ... رمضان حسن ... حِمِّيدة أبو عُشر ... عمر محمد سمباى ... توفيق البكرى ... عمران ... الطيب بابكر ...عشامة ... محمد مسكين ... محمد الأمين القرشى ... حسن عبد اللطيف ... محمد عثمان عبد الرحيم ... حامد العربى ... إبراهيم مدنى ... بابكر صديق ... بابكر بدرى ... أحمد سالم ... عبد الحليم على طه والشريفة بت بلال .

    ومن شعراء النومسوه : أبو كساوى ... ود تميم ... القـلـَّـع ... ود عبد الملك ... الشيخ حياتى وود سعد .

    الجمعية الأدبية ... المهرجان الثقافى ... الدعوة لمؤتمر الخريجين ... حنتوب ... بخت الرضا ... الأبحاث ... بركات .

    جـادت ومافـتـئـت الثـوّار ... الأرباب دفع الله ... أحمد وعامر المكاشفى ... ود الصليحابى ... ود برجوب ... المهدى ... ود حبوبة ... القرشى ... المزارعين ... العمال والطلاب .

    وحضنت أجمل الناس ... الشنابلة ... الحضور ... السناهير ... الحلاوين ... العوضية ... العايداب ... الجعافرة ... الدباسين وناس ود اللـِّدِر .

    وأهلى فى الجزيرة سيدى الرئيس نايرين وزينين ... طيبين وسمحين ومتسامحين ... حمالين شيل وحلالين شِـبـك وأخوان بنات ... يبشرون للثورة ويبشرون بها ... ويتحزمون لها ... ويغيرون عليها ... فهى لهم القوت والعشم والعَـشـا ... وهى الرجاء والأمان ... هى النجدة والفزعة والنديهة .

    لأطفالها : هى اللبن وهى اللبا ... هى الحفيظة وهى القلادة ... هى الحُجـا وهى الحجاب وهى اللوح والشرافة .

    لزرّاعها وعمّـالها : هى التاتيبه وهى القِـسِّـيـبـه وهى السويبه ... هى الرخـا وهى التخـا ... هى الدخرى وهى البكرى ... هى المطمورة وهى الشونه ... هى العـد وهى السرف ... هى الجَمَّام وهى المترة ... هى التساب وهى أم رويق ... هى العبادى وهى الدعاش هى الحمله ... هى الشراية هى اللبنه ... هى السُّـقـْدة هى الـلـقـدة ... هى الشايه وهى التايه ... هى القمح وهى القطن ... هى المُـقـُد وهى السمسم .

    لشبانها وشاباتها : هى النم هى الدوباى هى الشاشاى ... هى الشوف وهى الشاف ... هى الـحُـق وهى الحَقو ... هى العديلة وهى الجَبيرة وهى الحَريرة وهى الضَريرة وهى الوزيرة .

    ولشِـيبها : هى العمار وهى العمار ... هى الودعة وهى الطية وهى العافية ... وأحباؤك هنا فى الجزيرة يكيلون فريك حبهم للثورة بالأردب ... وخضرة أملهم بالحواشة ... وعِـيـنـة خريف رجائهم بالجبهه والطـَرْفـه والخيرصان ... لابُـتـَّاب فى حب حبهم ولابـُور فى خضار أملهم ... ولا رهاب فى حقيقة رجائهم ... وهم لخير السودان يحرثون الأرض ويحلبون الضرع ويجمعون الزرع ويفرعون الفـرع ويلملمون الماء فى أب سته وأب عشرين فهو الحبيب القادم عـبـر الوهاد والنهاد والنهود خلاصة دموع عيون المكاده .

    والشكر لك ولجمهورية ألمانيا على كل ماقدمت وستقدم ونحن مدينون لها بتلفزيون أم درمان والجزيرة ... ونريد أن نكون مدينين لها بتلفزيون كسلا وعطبرة وهم فاعلون .

    والشكر لأهل مدنى ولأهل مدنى ولأهل مدنى فقد بردت ظلال ذراهم لنا وإحلولى جنى نعماهم لنا وصفا جمام نداهم لنا وموضع السجده والسنده فى الشكر لك سيدى الرئيس .

    رجاؤنا أن تكون المحطة خيراً وبركة على الجزيرة ... أن تكون أنسـاً للياليها ... مُثـقـِّفـاً لبنيها ... مُعلمـاً لعُمالها ومُزارعيها ... منبراً لأدبائها ... قيثارة لشعرائها .

    السادة المدعوون لنفرح بهذا اليوم فهو تجمعت فيه الرجال والنساء والأطفال ... حضنوا الطنبور ودقوا الدنقر ونقروا الشتم وإستافوا طيب المِسك والجلاد .

    يوم يهنىء فيه الصغار الكبار ويهنىء فيه الكبار الصغار ويهنأ فيه الكبار والصغار ... وفيه تـُنـاغِـم العذارى العذارى ... ويستنفر الشباب الشباب وفيه يخرج البشر بشيشه ويهز العطف عطفه ويذر ذر الفرح عطره وفيه يشدو الصفاء ويصفق الهناء ... وترقص البهجة ويبشر البشر وفيه تزغرد السعادة للحاضر الأخضر والغد المعطاء .........
    ودامت الأفــــــــــــــــــــــــــراح ..

  20.  
  21. #286
    عضو فضي
    Array الصورة الرمزية ودالعمدة
    تاريخ التسجيل
    Oct 2006
    الدولة
    من أرض المحنة
    المشاركات
    2,252

    بوست توثيقى لأم المداين كامل الدسم
    متعك الله بالصحة والعافية الغالى أبونبيل

    و انتمى إليكَ ......
    ياوطناً تفردَ بالجمالِ وبالبهاء
    ياأرضَ مهيرة وبنونة ......
    ياديوانَ الرجالِ وبيتَ العوينِ ....
    يامرتعَ الأطفالِ عندَ الرواكيبِ مساء
  22.  
  23. #287
    فخر المنتديات - رحمة الله علية
    Array الصورة الرمزية أبونبيل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    الدولة
    مدني
    المشاركات
    2,351

    مشروع الجزيرة.. عقود الازدهار تفنيها سنوات الإهمال



    الخرطوم: ودمدني: محمد سعيد: بدر الدين عمر:الصحافه


    على قضبان تراصت في مسافة 300 كلم طولا وعرضا لتغطي 2,2 مليون فدان هي مساحة مشروع الجزيرة اكبر مزرعة مروية تحت ادارة واحدة في افريقيا، كانت القطارات تنقل القطن وتوزع الوقود والمبيدات على اقسام المشروع بعناية فائقة لتشكل المحالج منصة لتصدير القطن السوداني ذائع الصيت واستجلاب العملات الاجنبية.
    لكن شبكة سكك حديد الجزيرة اصبحت الان في خبر كان مثلها مثل البنى التحتية الاخرى للمشروع كالمحالج والهندسة الزراعية والورش التي طالتها سنوات من الاهمال وسوء الادارة.
    وبعد عقود من عهد حفل بالانتاج الوفير تحاول الحكومة انعاش المشروع الذي تراجع بشكل غير مسبوق في الآونة الاخيرة وسط تحذيرات خبراء بضرورة انتهاج خطط فنية بمعزل عن القرارات السياسية والعمل على نحو عاجل لتأهيل البنيات التحتية لمشروع الجزيرة.
    واعرب رئيس لجنة تقييم وتقويم الاداء بمشروع الجزيرة تاج السر مصطفى عن اعتقاده بأن مهمة لجنته، التي لم تسلم من حنق الرأي العام في ولاية الجزيرة، ليست «مستحيلة وصعبة» لانعاش المشروع واعادته كما كان .
    وقال الرئيس الاسبق لنقابة عمال السودان تاج السر عبدون لـ»الصحافة» ان عودة بنيات السكك الحديدية امر مستحيل لانها بيعت و»شلعت» من على الارض ولم تعد موجودة كما كانت، واضاف «السكك الحديدية كانت تمتد من سنار وحتى الباقير على تخوم الخرطوم بمسافة تصل الى 300 كلم طولا وعرضا وتشطر المشروع الى نصفين».
    لكن عبدون الذي افنى سنين من عمره عاملا في المشروع، يرى ان انعاش المشروع ممكن اذا تمت اعادة علاقة الانتاج بين المزارع والحكومة بتقسيم العائدات كما كانت بنسبة 40% للمزارع و40% للحكومة و10% لادارة المشروع و2% للخدمات الاجتماعية كما نصح بتأهيل المحالج واستقدام جرارات ذات طراز حديث لاعمال الهندسة الزراعية.
    وعلى انقاض مصنع انجليزي لحلج الاقطان حكى عامل سابق لـ»الصحافة» ان المحالج كانت منصة رئيسية لتصدير القطن وجلب العملات الاجنبية وتأمين تكاليف معيشة السودانيين.
    وقال «كان الجنيه السوداني يساوي 3 دولارات اميركية.. هذا المشروع كان ينعش جيوب السودانيين وكانت العمالة الموسمية تتوافد من الغرب والشرق ودول الجوار» وتابع «لا يمكنك ان تستقدم شركة خاصة لعمليات الري والاستغناء عن مؤسسة الحفريات العملاقة التي كانت تنفذ عمليات على نطاق افريقيا» واضاف «اذا ارادت اللجنة ان تنهض بالمشروع عليها النهوض بالنظام الكلي للمشروع بتطوير المحالج والهندسة الزراعية والورش والمزارع والعامل والسكك الحديدية والزراعة والقنوات واعمال الري».
    وقال عبدون ان اللجنة التي تعمل على تقييم القانون تضم عناصر شاركت في عملية تدهور مشروع الجزيرة وبالتالي فإن تعيينهم في اللجنة يعتبر خصما على عملية الاصلاح على الرغم من انها تضم عناصر فاعلة تتمتع بكفاءة عالية وقادرة على اتخاذ القرارات الفنية بشجاعة مطلقة.
    وقال رئيس لجنة تقييم الاداء بمشروع الجزيرة تاج السر مصطفي ان اهداف اللجنة التي تصب في تقييم اداء المشروع منذ العام 2000م الى 2012م مع وضع الاجراءات القانونية حول تطبيق وتنفيذ قانون المشروع لسنة 2005م ووضع الرؤية المستقبلية .
    وقال مصطفى لاعلاميين بودمدني امس «نريد ان نصل الى تقرير عبر جمع المعلومات ليخدم عمليات الاصلاح في المشروع»، كما قال في لقاء مع بعض المزارعين بمشروع الجزيرة «ان اللجنة حريصة على تلقي مقترحات المزارعين».
    وطالب الاعلاميون، اللجنة بمحاسبة المتورطين في دمار مشروع الجزيرة عبر قانون مشروع الجزيرة لسنة 2005م ومضى بعضهم الى ان القانون يخدم اجندة للنيل من مواطن الجزيرة عامة ومواطني ودمدني خاصة للونها السياسي، وقالوا ان دمار البنيات التحتية للمشروع بعد القانون افرز سلبيات اجتماعية وصحية واقتصادية.
    وابلغ رئيس اتحاد مزارعي الجزيرة والمناقل عباس عبد الباقي الترابي اعضاء اللجنة عن مشاكل ومعوقات الري في ظل المساحات الشاسعة للمشروع في مساحة تقدر بنحو 2.2 مليون فدان وقال «يجب وضع رؤية تكاملية حول انسياب مياه الري من خزان سنار على القنوات الرئيسية والفرعية» وقال «هناك حوالي 1160 رابطة للمياه في مشروع الجزيرة».
    وقال عبدون ان عمليات الري تحتاج الى نظام متسلسل بدءا من خزان سنار لري المشروع بالتدرج والانتقال الانسيابي بسلاسة من القنوات الرئيسية الى الفرعية واضاف «ما يحدث حاليا ان هذه المنظومة انعكست تماما».

  24.  
  25. #288
    فخر المنتديات
    Array الصورة الرمزية الزبير محمد عبدالفضيل
    تاريخ التسجيل
    Jan 2004
    الدولة
    من عمق مدني
    المشاركات
    3,359

    مشكور استاذ نبيل علي هذا التوثيق والله يرحم اكبر مشروع في افريقيا

    حسبي الله لااله الا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم
  26.  
  27. #289
    فخر المنتديات - رحمة الله علية
    Array الصورة الرمزية أبونبيل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    الدولة
    مدني
    المشاركات
    2,351

    الدايات بودمدنى****** عباس الشريف

    الدايات بمدني لعلنا نتذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر حاجة عائشة حمـد (شيخه وكبيرة دايات ودمدني )، امرأة من النوع الذي يزن عشرة رجال .. تلك المرآة العَلَم التي تعتبر رائدة لهذه المهنة بالمدينة تخرجت في مدرسة الدايات بأم درمان في عشرينيات القرن الماضي .. كانت لها شخصية قوية ونافذة .. متمكنة من مهنتها بشكل كبير .. فهي خبيرة و متمرسة .. وتحسن التصرف .. لذلك وفي مرات كثيرة كانوا يستعينون بها بعنبر القانية (عنبر الولادة ) في حالات الولادة المتعسرة ... وإذا دخلت غرفة الولادة .. الكل يقف بعيد ويتفرج فقط ، ويتركونها لتتصرف ، وهى هنا تتصرف بحكمة وتروي .. وتستطيع بهدوء أن تجد مخرجاً لكل مشكلة تقابلها ... وفي كل الحالات فهي تعرف تماماً ما ينبغي عمله ولديها العلاج الناجع لكل ما يطرأ من صعوبات أو طوارئ .. وغالباً ما تكون النتيجة مُفرحة .. وتعم الفرحة بعد الانقباض والتوتر .. لذلك لم يكن مستغرباً أن تضرب شهرتها الأفاق .. وأن يتهافت عليها الناس .. بخاصة علية القوم وكبار موظفي الدولة حتى الخواجات منهم مثل مدير المديرية وباشمفتش المركز وغيرهم .

    وكان لهذه المرأة الحديدية مكانة مرموقة في مجتمع المدينة .. تقدم لها الدعوة في المناسبات الرسمية للدولة تراها بمظهرها الأنيق وثوبها ناصع البياض .. ومنديل الدايات الأزرق حول عنقها وهو على فكرة يشبه لحد كبير منديل الكشافة .. ومجلسها في تلك المناسبات الرسمية يكون دائماً في الصفوف الأمامية .. وقد كرمها الرئيس الأسبق نميري بمنحها وسام الجدارة من الطبقة الأولى ـ منزلها مقابل لطلمبة شل محمـد فضل شمال إستاد ودمدني ، وهي جدة التيمان حسن وحسين ميرغني ـ ، والملاحظ أن جميع بنات أســرتها انخرطن في هذه المهنة بنتها صفية وهي بدورها ورثتها لبناتها "حنينة وبخيتة وبثينة وبدرية ميرغني " .

    وثاني أهم داية بالمدينة كانت المرحومة ست عرفة ( عرفة حسين محمود صالح ) رئيسة الدايات الشهيرة بود مدني ـ تسكن بحي البان ـ وست عرفة في الأصل حلفاوية .. إذ ولدت بحلفا القديمة في عام 1921م .. ونالت شهادة التدريب Sudan medical serrvice nurses certificate عام1941.. ثم تخرجت في مدرسة الدايات بامدرمان عام 1943م .. وفي عام 1954م نالت شهادة التمريض العالي،نقلت بعدها لود مدني في عام 1955م لتعمل بمكتب حكمباشى صحة المديرية كمفتش للتمريض والدايات... ثم صارت رئيسة للدايات .

    وست " عرفة " امرأة قوية الشخصية .. كلمتها نافذة ومسموعة لدى الوزارة وبين الدايات .. ومما اشتهرت به اهتمامها الكبير بأناقتها ومظهرها ، وقد أدارت بكفاءة عالية مدرسة الدايات بحي بانت .. حتى تقاعدها للمعاش لبلوغها السن القانونية في عام 1976 .. وتوفت لرحمة مولاها فيما أذكر في عام 1983م .. ومن الطبيعي أن تأخذ عنها المهنة بنت أختها " ست العيلة " فصارت بعد تخرجها في مدرسة الدايات داية إشلاق البوليس .. وهى والدة عضو المنتدى " محمد عبدالله عبدالقادر " .

    ومن الدايات اللاتي كانت لهن شنه ورنه في ذلك الزمان الجميل " ست ستونة " .. باشلاق البوليس .. وكانت تحظى باحترام وتقدير قبيلة الشرطة (من سكن منهم بالاشلاق ، ومن سكن خارجه ) من المدير حتى أصغر مستجد .. وقد ولدت جل نسائهم .. ثم صارت فيما بعد مديرة لدار رعاية الأمومة والطفولة باشلاق البوليس .
    " ست ستونة " هي والدة الفنان الجميل الأستاذ " محمد السني دفع الله " .

    من الديات اللاتي اكتسبنا شهرة كبيرة أيضاً في ذلك الزمان فاطمة عثمان عبد القادر " بت كُشنه " وتعتبر من الرعيل الأول من الدايات بود مدني ، وأبنتها آسيا عثمان سربل بالقسم الأول .

    وآسيا سربل .. أو آسيا بت كوشنة كما يحلو للكثيرين تسميتها بذلك ، والدة قطب النيل مدني " طلال أحمـد ستيبة " .. وكانت متحضرة ومثقفة لدرجة كبيرة .. كما كانت متميزة بين دايات المدينة ، ولذلك كان أغلب عملائها من الطبقات الراقية بالمدينة ، نافستها في ذلك بجدارة الداية " فوزية " بالقسم الأول والدة همري وهود .

    وهناك بنات داؤود "عائشة وفاطمة " والأخيرة والدة الأستاذ " طه عابدين " بزقاق الفيوماب بالقسم الأول ، أما فاطمة علي شرف الدين " حنون " فمكان نشاطها حي ود أزرق وهي والدة الأستاذ ياسر أحمد علي البدري المحامي .
    واشتهرت كذلك كريمة الداية بالقسم الأول شرق مدرسة البندر ، وبالمزاد فاطمة وشقيقتها المرحومة بثينة التجاني وفوزية سلامة .

    وبحي البحيرية كانت الداية الأكثر شهرة هي الحاجة الدون زكريا ـ شغلت منصب رئيسة الدايات ـ وقد ورثت المهنة لابنتها "ميمونة" .. والدة الفنان التشكيلي " خالد صديق بحيري " .. ولأعب الهلال السابق " حداثة " .

    وبحي الموظفين غرب المستشفى كانت سستر بتول والتي أتت بتقنية جديدة خاصة في طهور البنات وأمور النساء الأخرى ، ومعها بعنبر الولادة أيضاً سيستر فتحية علي فرح .

    وهناك ( حاجة الشول ) ـ والدة السياسي الاتحادي المعروف المرحوم/الأستاذ أحمد إبراهيم حمد ، والأستاذ يوسف إبراهيم حمد المحامي ـ امرأة من النوع النادر ، والناس دائماً يذكرونها بالخير وبالمواقف النبيلة .. ويقال إنها ولدت معظم نساء العشير وأم سويقو ، وهي بدورها ورثت المهنة لابنتها (كتيرة)زوجة عابدين الحاج بحي العشير .

    وهناك الداية سعاد محمد الحاج الشهيرة بسعاد ترقاوي ، وكلتوم التهامي ، وبت مليم بحي الهوارة .
    أما بجزيرة الفيل فنجد زهرة عبد الحي أول داية بجزيرة الفيل وهي رائدة في هذا المجال من زمن " الولادة بالحبل " وهناك أيضاً أمنه الأمين ، وعائشة الرزيقي،وبحي بانت كانت الداية فاطمة عبد الله ، وحالياً فأن مديرة مدرسة الدايات بود مدني هي فاطمة عثمان " كاكا " بحي ود أزرق . وهناك سيستر فائزة وسيستر شادية عمر .

    وذائع صيت زينب خير الله كرئيسة لعنبر الولادة وهي امرأة لها شخصية قوية ، وهناك مستقيمة أحمــد وفاطمة بنت الفكي وخادم الله الفكي ، وعائشة مُسور ، أيضا هنالك كتيرة الكرسني وأسيا سعيد سعد بالدباغة وسيده علي وعوضية يحيى بالحلة الجديدة .

  28.  
  29. #290
    المشرف العام والمدير الفني
    Array الصورة الرمزية ahmed algam
    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    الدولة
    ودمدني- القسم الاول
    المشاركات
    40,763




    شكرا الاستاذ والاب عصام الدين عابدين حمدتو


    لهذا الابداع في التوثيق لهذة المدينة


    ودمدني

  30.  
  31. #291
    فخر المنتديات - رحمة الله علية
    Array الصورة الرمزية أبونبيل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    الدولة
    مدني
    المشاركات
    2,351

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ahmed algam مشاهدة المشاركة



    شكرا الاستاذ والاب عصام الدين عابدين حمدتو


    لهذا الابداع في التوثيق لهذة المدينة


    ودمدني
    شكرا لك الابن احمد علقم مع تحياتي

  32.  
  33. #292
    فخر المنتديات - رحمة الله علية
    Array الصورة الرمزية أبونبيل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    الدولة
    مدني
    المشاركات
    2,351

    الفنان ابوعركي البخيت

    ( نسخة مصححة ) عبد الله محمد عبد الله


    الى السرالملك ،

    ما كتبت عن عركى هزنى كما اغنياته التى تحوصلت فى اعماقنا مطمئنة فى صدف الذكريات . يا لعينك المبصرة و كاميراك المطيعة .. اخرجت لنا عركينا الذى نعرفه كما عرفناه ، بوضوحه و سهومه و صمته وابتسامته و قبضته المميزة للمايك ....أيقظت فى ذهنى صورا رانت فوقها سنوات طوال ، و سأكتب هنا ما تيسر ايفاء بوعدى لك .

    خواطر فى التجربه العركية :

    ابو عركى البخيت ، كان رأس الرمح فى حركة للتجديد الموسيقى قوامها فنانون و ملحنون زاوجوا بين دراستهم للموسيقى و موروثهم الغنائى ، استعانوا بعلوم الصوت و التأليف و التوزيع الموسيقى فى اعمالهم ، والتزموا بخماسية المقام مع اضافة هنا و هناك لنغمة سادسة او سابعة ، فاستعذبت الاذن من خلال غنائهم صوتى تحت المسيطر و الحساس ، ( الدرجة الرابعه و السابعة ) دونما تكلف او ابتذال ، ومهدوا لما نستمع اليه الآن من أغان لا تتقيد كثيرا بالخماسية غناء و عزفا .
    و حتى لا نظلم الرواد ، فقد احتوت بعض اغنياتهم على احد هذين الصوتين فى بعض أجزائها ، كما فى بعض اعمال الكاشف و التاج مصطفى ، لكننا لا ندرى ان كان ذاك مما اجترحه الكاشف و التاج أو سواهما ، فقد مال البعض الى تغليب الدور الذى لعبه عازف القانون مصطفى كامل فى صنع تلك المقاطع التى لا نوقن ان كان ورودها قصدا او محض صدفة . فقد قدمت السينما و المذياع الى الاذن السودانية موسيقى العالمين العربى و الغربى منذ وقت طويل . و اذا اخذنا بالاعتبار ان العود كان الالة الاولى و ان معلمى العود الاوائل كانوا من المصريين و الشوام ، يصبح من المزايدة الادعاء بأن أوائل العازفين و الفنانين لم يكن لهم من المام بغير المقام الخماسى ، و يظل الجدل قائما ما ان كانت ( انصاف التون ) تلك قد جاءت نتيجة العمل على مقام سباعى أو لمجرد استخدام التتراكود أعلى كان أم أسفل فى اطار اغنية خماسية الاساس ، مما ينتج عنه نغمات عابرة ليست أصلا فى المقام المستخدم . و ما لنا نذهب بعيدا ، فالاقوام الذين احتوتهم العاصمةالمثلثة فى القرن المنصرم ، جاء الكثبرون منهم اثناء المهديه من قبائل ومناطق ما زالت اغانيها تعبر عن مقام يتعدى الخماسى .
    يقف عركى على رأس تلك القائمة ، لمما حققته اغنياته من انتشار و ذيوع فقد علت اغنيته ( بخاف ) عند انطلاقها على ما عداها ، كانت ارهاصا بطور جديد فى مسيرته و مسيرةالاغنية عموما و صارت أنشودة للشباب ، فاصطف الناس مع بخاف و ضدها كلاما و لحنا . عمنا المرحوم شيخ ريا قال ( والله الولد ده صوته جميل و لحنه اجمل .. لكين راجل قدر ده يقول بخاف .. ما تكلموه يفير كلامو ده .. ما يقول بدور .. بخاف دى ما مظبوطة ) و شيخ ريا هو من نظمت فى زواجه اغنية سرور ( شيخ ريا حسبك من فخر .. ليك البدور ساجدات تخر ) عاصر الحقيبة منذ بداياتها و كان صديقا لكبار الفنانين . كيف اهتم باغنية عركى وصولا لانتقاد كلماتها ؟ قال : ( والله صوتو قومنى من برش الصلاه ، شدانى ، بقى لى زى صاحبة ابو العتاهيه القال فيها قل للمليحة فى الخمار الاسود) .

    و عركى الذى ظهر عبر الاذاعة منتصف الستينات ،لافتا الاسماع بصوته المميز، و أدائه المنضبط ، ولج الساحة واثقا ، بعد أن اجتاز فترة المران و الاختبار فى وادمدنى التى اتحفت العاصمة قبله بمحمد مسكين و محمد الامين امتدادا للكاشف و رمضان حسن و الخير عثمان ، بل ان صداقة العمر التى ربطت بين الراحلين جمعة جابر واسماعيل عبدالرحيم ، و الاستاذ محمد آدم المنصورى قد بدأت بها...و لنزد ودمدنى مدحا على مدح ، فقد قضى بها كرومة بعضا من عمره القصير.
    فى صوت عركى نقاء شابته أنفة ، وهو صوت جلى النبرات متسع المدى ، ضاعفت الدراسة و المران من قوته بريقه ، و وثقت من ثقة عركى فيه و وعيه بمكوناته ، وقد أعانه اسلوب حياته المتقشف البسيط فى الحفاظ عليه نقيا قويا ، فظل صوته صوته على مر العقود . ولعركى اسلوبه الخاص، الذى يصبغ به اغانيه ، فيصعب تصورها بصوت آخر ... تأمل ( جبل مرة ) من الحان عبدالكريم الكابى و ( عزة فى هواك ) لخليل فرح ، و ما أضافه اليهما عركى . ألا يدخلنا هذا فى باب ما أطلق عليه الراحل على المك ( الاستعمار الغنائى ) فى وصفه لما يفعله ابوداؤد بأغانى الاخرين اذ يؤديها فتصبح داؤدية صرفا ؟
    بذل عركى لنفسه من الالحان النفائس متخيرا من الشعر ما أكسبه بين أقرانه صفة الطليعية و الرياده. هنا ، تلامس تجربة عركى محمد وردى و محمد الامين و مصطفى سيداحمد من حيث انتباههم الى ان الرباط بين الشعر و الموسيقى لا انفصام له صعودا و هبوطا ، و هيهات ان يحتمل قديم الشعر جديد النغم أو أن تعبر الصيغ الموسيقية الموروثة عن مضامين الشعر الجديد. و ما يميز عركى انه شاء ان يسير الى منتهى الشوط ، ومضى يكثف من نسيج موسيقاه حتى خال البعض ان عركى بتداخل خطوطه اللحنية و الهارمونية و تقاطعها و تحاورها قد تجاوز حدود ما يحتمله الغناء ، و انتقل الى مطلق التأليف الموسيقى ، الذى يتوسل الى اذن المستمع بما هو فوق الوضوح و السلاسة و العذوبة ، و أنه يرهق مستمعيه بما لا يطيقون . و هو قول لا يسنده الواقع على اطلاقه ، فقد تنامت قاعدة مستمعى عركى عبر السنين ، مما يدل على ان آذان المستمعين ليست قيد مرحلة من التذوق لا تتعداها ، فالعلاقة بين ما يقدم المبدعون و ما يستحسن الجمهور هى علاقة شائكة بينة التعقيد .
    ومن ناحية اخرى فليس بعيدا عن الصواب القول بأن كثافة الخلفية الموسيقية و تعقيدها ، تخلقان صراعا بين عنصرى الاغنية ( الكلمات و الموسيقى ) و تخلان بالتوازن الموضوعى بينهما ، وفى تشبيه استعيره من الصديق التشكيلى الباقر موسى ، فهما ( كالشاى باللبن ) ، تلزم الموازنة بينهما و ليس من قانون ثابت لذلك التوازن الذى صار لتقنيات التسجيل الصوتى فيه دور بارز.
    على ان هذا يشير الى ملمح فى ثقافتنا الموسيقة التى تسيطر عليها الاغنية و لم يكن لمطلق الموسيقى فيها من متسع ، ورغم ما بذله رواد من امثال احمد مرجان و محمد اسماعيل بادى و برعى دفع الله و ود الحاوى و بشير عباس ، ظلت المقطوعات الموسيقية فى انزواء ، وما يصفه البعض بالموسيقى البحتة بقى خارج السياق اليومى فى الاذاعة و التلفزيون . فما دخل هذا بعركى ؟ أقول هذا لأن عركى و قلة من أمثاله هم مؤلفون موسيقون عاشوا فى بيئة جبلت على الانشاد الشعرى و الاغنية التى قامت عليه فى اطوارها المختلفة . قدراتهم الابداعية تتجاوز تلحين الاغانى و خيالهم الموسيقى اوسع من ان تحتويه او تعبر عنه مضامينها .. لكن ما العمل ؟
    تجارب الموسيقى العسكرية ونزولها الى الشوارع و المنتزهات ، فى المناسبات والوطنية و الاعياد ، توقفت . و المسرح يعيش ازماته المتتالية تحت وطأة الدبابات و الرقابة و الضنك الذى ألم بحياة الناس ، و الفرق الموسيقة ( اوركسترا السمندل بقيادة الفاتح حسين و اوركسترا عزة التى اسسها شاكر عبدالرحيم مطلع التسعينات ) لم تجد من الدعم ما يضمن تماسكها . . و المؤلفون الموسيقيون تناثروا فى الارض، محمد آدم المنصورى الذى الف الموسيقى لأول عمل درامى موسيقى سودانى ( سقوط خط بارليف ) يعيش الآن خارج الوطن ، الى جانب موسى محد ابراهيم وعمر الخزين ...موصلى فى كاليفورنيا و أمثاله كثر ، طيور تغرد خارج السرب. الباشكاتب اكتفى بما اعطى حاجبا عنا كل جديد ، وابوعركى يشبع نزعته نحو الدراما الموسيقية بأغان يسعدك ان تستمع اليها و يرهقك ان تفك خيوطها المتشابكة. و لسان حاله يردد ما قاله الموسيقار الروسى الكبير رحمانينوف : (نحن كموسيقيين نقدم افضل ما يمكن وعلى المستمع ايضا متابعتنا كأفضل ما يمكن !!) و الكل محكومون بالحراك الاجتماعى / الثقافى / السياسى فى بلد تتقاذفه الامواج .

    لذا ، و بالطبع ، لا يمكن تناول تجربه عركى بعيدا المؤثرات الفنية و الاجتماعية و السيا سية التى أحاطت به ، مما يقتضى مستوى آخر من الكتابة . فلا يجدر الفصل بين تجربة عركى و تجارب محمد الامين و احمد ربشة من حيث الكتابة لآلة العود وتوظيفها و التمكن منها. أو أخذها بمعزل تجارب عمر الشاعر و يوسف الموصلى من الناحية المقامية و توظيف الالات الموسيقية . كما لايمكن تناسى الظروف السياسية و الاجتماعية التى اسهمت فى تأسيس الحركة الشعرية التى انتقى من خلالها او كتب فى سياقها نصوصه ، والتى الهمته موسيقاه و صموده وصبره و أكسبته جمهوره العريض ، ومكانته الساميه ، و طورت قدرته على التعبير عن مضامين تلك النصوص موسيقيا و عززت من اجتهاده و قدرته على التجاوز. و مثلما تأثر عركى فقد أثر ، و تجربة عركى تقول لمن ولجوا الساحة بعده الكثير ،ادناه ، ان بالامكان - على الدوام - افضل مما كان .



    لوحة أولى:

    أواسط السبعينات ، و يوسف الموصلى قد بدأ رحلة الانتقال من الغناء الشعبى الى الحديث ، مستبدلا الصحافة بالموصل ، كنا نصاحبه عزفا فى مهرجان نهارى على شارع النيل ،كانت ( بريدك يا حبيبى بريدك ) طازجة آنذاك ، من انامل فرقة مركز شباب السجانه بقيادة حسن رى . فى الجانب المقابل ، عبر شارع النيل و اكثر قربا من النهر، كان أبوعركى البخيت يصدح بنوبية و أغان أخرى . كان فى نهار الخرطوم آنذاك براح للغناء و متسع للسعادة . وفى غناء عركى و أداء فرقته القديرة اغواء بالرقص لا يقاوم . كان عركى و غناؤه البهيج سلطة عليا مزجت الوجوه والالون و السحن و الاعمار و اللهجات فى لوحة مائرة ، انسجمت فيها أجساد الراقصين و ظلال الأشجار العتيقة و انسام النيل الازرق . ما بين موصلى و عركى منذ ذلك الوقت و الى تكريمهما معا فى بنسلفانيا قصة طويلة من الزمالة التواصل الابداعى يجدر بنا تناولها على انفصال لكن من وجد نفسه فى مكان احتواهما معا ، فانه امام اثنين من اكثر الناس تأثيرا فى تجربة جيلنا الموسيقية ، و ليستمع الى ( واحشنى ) من توزيع الموصلى .

    لوحة ثانبة :

    ها هو عركى ، اكثر الناس فى المعهد شهرة بين الطلاب و الاساتذه أواخر السبعينات ، يتوسط جمعا صغيرا فى شرفة الطابق الثانى بقسم الموسيقى ، يغنى ( لو كنت ناكر للهوى زيك ) مصاحبا نفسه بآلة الكمان... أزهرى عبدالقادر يطل من السلم والاغنية تقارب النهاية ، يتوسل : عليك الله ياعركى خلينى اجيب الاكورديون !! اختفى أزهرى و عاد بالاكورديون و اميجو يطلق احدى قفشاته قائلا (و الله يا عركى تستحق عداد على شغل الكمنجة ) . لم اصادف من فنانينا من يستطيع أداء اغنياته على الكمان بكفاءة عركى ناهيك عن الغناء فى ذات الوقت. و ليس سرا ان اجادة العزف على العود و الكمان و الكيبورد و غيرها هى مما أعان عركى على التميز.


    لوحة ثالثة

    ها هو عركى ، ذات نهار احتفالى فى قسم الدراما ، ينجز رقصته الاولى مع عفاف الصادق حمدالنيل ، كنا فى عجب من أمر طالبة الدراما التى قدمت من أقاصى أرض السودان لتنهمك فى رقصة عاصمية الطابع و المزاج مع فنان لم نره يوما فى عداد الراقصين .. كنا فى دهشة مما تيسر لهما من اندماج و توافق .. التفت نحوى جعفر نصر غامزا : ( زولك وقع ) .. وقد صدقت نبوءة جعفر نصر تلك ، فما ان مر وقت قصير الا و كانت خطوبتهما حديث الناس.

    لوحة رابعة

    عركى على مسرح معهد الموسيقى و المسرح فى احتفال تم ترتيبه عفوا ، يتوسط رتلا من المبدعين ، صلاح دهب على الساكس ، اميجو على الكلارينيت ‘ فيصل سيد امام على الباص ، عوض نبقة على الترمبت ، أزهرى على الاكورديون ، احمد حمو ، خليل اسماعيل ، موصلى ، عمر الخزين ، ربشة ، الدرديرى احمد الشيخ ، على الضو ، عمر الشاعر ، تماضر شيخ الدين ، خالده الجنيد ، ، و آخرين و أخريات .. أخفتهم عتمة الخشبة ، و ظلام الذاكرة . تلك هى اللحظات التى شهدت مولد اغنية عركى من كلمات عفاف الصادق ( غنوا معانا غنوة العيد و الفرح .. الليلة عيد ميلاد فرحنا) . وقد غنينا لحظتها احتفالا بالعيد الاول لزواجهما ملء القلوب و الحناجر . كان العام قد مر و عركى و عفاف ما زالا يبحثان من مسكن ملائم فى سودان السبعينات ذاك !!! فظل زواجهما ( مع وقف التنفيذ) .

    لوحةخامسة

    عركى يحتضن العود منفردا يغنى بمنزل آل صديق ببانت ، احتفالا بتخرج حسن صديق طبيبا من جامعات العراق ... قال عركى خلال استراحته : والله هاشم دخلنى فى مطب ، حكاية الغنا بالعود لعدد قدر ده من الناس ما ساهلة .. أنا ما متعود عليها ياخى !!!هسه الغنا ده كان كيف ؟ رد عليه مصطفى مدثر : و الله يا عركى ما فى احسن دن السويتو ده ، نحن كده احسن لينا ، كان داير راينا كجمهور طبعا . يعنى لو جبت الفرقة كنا حنسمع العود ده كيف ؟ قلت لعركى ان المشكلة ليست فى عدد الناس ، بل فى الجهد الذى يبذله هو ليقوم مقام الفرقة و الفنان . أورد هذا لأقول ان فكرة الكمال الفنى سيطرت على عركى و وجهت مسيرته بما لم يحدث لفنان آخر ، فلم يتوقف عن تطوير أدواته و اغناء تجربته ، ولذا فهو الآن حيث هو . فى المقدمة.

    لوحة سادسة

    عركى ، فى قصر الشباب و الاطفال ، يصدح فى البرنامج الثقافى لاتحاد خريجى معهد الموسيقى و المسرح فى العام 1984 ، غير هـيـَاب ، يقدم اغنيته الاولى من شعر عماد الدين ابرهيم ( سطر صفحة فى كتاب عزة يا تاريخ ) و يغنى ( ديل اهلى الغبش ) و( أذن الآذان ) لهاشم صديق كان ذلك و دكتاتورية نميرى فى اوج بطشها ، و عملاء الأمن مفضوحون بين الحضور الذين يعرف بعضهم بعضا ، أثارت حركتهم القلق فى نفس على الضو ، فمال نحوى هامسا : حقو نطفى النور قبل عركى ما ينزل عشان يتخارج بالسلامة ، وعندما أفضيت لعركى بما انتوينا ، أطلق ضحكة و قال ، عليك الله ما احسن يسوقونى من هنا بدل ما يتلتلونى من الحتانة ! ياخى نحن بنقول لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا .. و كانت تلك نهاية خطتنا .

    لوحة سابعه

    كان عركى قد اطلق عبارته الشهيره عندما حاريته الاجهزة الرسميه قائلا : انا اتقاضى اجرى من الشعب السودانى مباشرة !!!! ملخصا علاقة المبدع و السلطة بتركيز قصر عنه الكثيرون . كنا أمام نادى الفنانين ضحى يوم صائف ، عندما ترجل اعلامى انقاذى بارز يطلب من عركى المشاركة فى برنامجه التلفزيونى . بالمناسبة - قال نافخا - سجلت تلاته حلقات مع هذا و تلاته مع ذاك ،و افتكر بيدفعوا ليهم كويس خالص .... نظر اليه عركى هنيهة ثم قال : ياخى اقول ليك باختصار ، انا ما بظهر معاك فى اى برنامج . انت مع الدكتاتورية و انا مع الديمقراطية. انت ضد الشعب السودانى و انا معاهو .. نظهر سوا كيف ؟ يا خى اتلاقينا فى فرح و لا كره زى باقى الناس ما مشكلة .. لكين فى التلفزيون ؟ والله كان تدينى قروش الدنيا و الآخرة ما ممكن أظهر معاك . انصرف الانقاذى يجر اذيال الخيبة ليغوص فى عربته الفارهة... وانا اطيل التحديق فى عربة عركى الصدئة التى لم يعد لها من لون و لا عافيه تعينها على المشاوير اليومية من الحتانة و اليها.

    لوحة ثامنه

    عركى ، فى القاهرة ، و قد زرته فى الشقة التى كان يقيم بها حين قدم للتسجيل مع شركة حصاد ، أمامه المونات الموسيقية و الاقلام و الكيبورد . حكى لى عن احوال البلد ، تبادلنا الآراء فيما سوف يسجل لحصاد و هو يسمعنى بعض ما سيجرى من التعديل على هذه الجملة أو تلك مستخدما الكيبورد. ثم مضى يستعيد ما حدث يوم وورى مصطفى سيداحمد الثرى ، لا يترك واردة او شارده ... أسال عركى دمعى انهارا ، بصدقه و قدرته على تجسيد المواقف... ثم سخر منى و هو ينصرف الى الكيبورد ليواصل مراجعاته قائلا : ( و الحال ما قلت ليك كل شى !!! لقيتك زول بكاى ساكت ) !


  34.  
  35. #293
    فخر المنتديات - رحمة الله علية
    Array الصورة الرمزية أبونبيل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    الدولة
    مدني
    المشاركات
    2,351

    ابوعركي وزوجته الاستاذه عفاف الصادق

    الصور المرفقة
  36.  
  37. #294
    عضو فضي
    Array الصورة الرمزية سمل الحلفاوى
    تاريخ التسجيل
    Jun 2005
    الدولة
    اصلا حلفاوى وساكن بحرى كافورى
    المشاركات
    1,010

    كتب عن مسقط الراس لكل قريه كولبن كونج او غيرها من القرى النوبية همسه الى مسقط الراس مابين حنايا الجسد ينبع منه ينابيع الحب والوفاء لمسقط الراس تلك الارض التي عشقتها وتلك الجبال التي تسر ناظري واشجارها وذكريات الطفوله وتلك الاصوات السواقى وصوت الشلال وتغاريد العصافير واشراقت الشمس كل يوم اتذكر طفولتي كل يوم اتذكر على بلادى تاره مابين اللعب تحت الاشجار وتاره لصيد القمرى وروعة صيدها عن الصباح والعصر والمغرب تذكرت الريف الهادئ بعيدا عن صخب المدينه حلفا وانغام سيارتها المزعجه انه اغلى ماتتمناه النفس اليوم قريتي الحبيبه كم انا مشتاق اليكِ وكم انا وفياً اليكِ جزيرة كولب ارض المحنة مابين رمال و والنخيل والنيل اراضيك الخصبة كانت لي هناك وقفات مخلده في خيالي ولن تنتسي ابدا على هامات جبالكِ كنت واقف ابحث عن لاشي ولكني اليوم ابحث عن اين وقفت ولماذا وقفت فقط هي ذكريات طفوله استرجعتها في خيالي وتمنيت ان تعود تلك الايام الجميلة فى ربوع ارضنا الخضراء وموية الدميرة والمراكب قريتي ياحبيبتي سأظل اتذكر تلك الايام واتذكر ماقدمتيه لي لعلي اجازيكِ ولو بنزفه من قلمي قريتي الحبيبه الى اللقاء قريباً ان شاء الله همسه وخاطره وفاء الى مسقط الراس قريتي الحبيبه كولب الخضراء




    حكمة وقالها سمل ودالولياب
    لف في أي منتدى براحتك .. في غير منتدى ودمنى مش حتـــاخد راحتـك
    سمل ود جزيرة كولب ( وادى حلفا ولاباريس
  38.  
  39. #295
    عضو فضي
    Array الصورة الرمزية سمل الحلفاوى
    تاريخ التسجيل
    Jun 2005
    الدولة
    اصلا حلفاوى وساكن بحرى كافورى
    المشاركات
    1,010

    كـن من تكون
    فما أنا إلا عابر سبيل
    الطريق بيننا ليست واحدة
    والصحبة ضرب من المستحيل




    حكمة وقالها سمل ودالولياب
    لف في أي منتدى براحتك .. في غير منتدى ودمنى مش حتـــاخد راحتـك
    سمل ود جزيرة كولب ( وادى حلفا ولاباريس

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
by boussaid