الثقافة الإنجابية ليست معلومات عن الجنس. و هى أيضا ليست عن ممارسة الجنس.
لكن الثقافة الإنجابية هى عن حقائق الحياة.
إنها بهذه البساطة و الخطورة فى نفس الوقت: إنها حقائق ، و هى تخص حياة كل إنسان. لهذا يجب تغيير بعض المفاهيم الخاطئة فى هذا المجال.
لقد ادخل مصطلح الصحة الإنجابية بعد مؤتمر القاهرة للسكان و التنمية. لهذا فان هذا المصطلح مازال يعتبر حديثا.
و مفهوم الصحة الإنجابية ليس مرادفا لتنظيم الأسرة ، لكنه مدخل جديد لصحة المرأة. و هو مفهوم اشمل من تنظيم الأسرة ، أو الأمومة الآمنة. لهذا أطلق مؤخرا عليه أيضا مدخل "دورة الحياة" . و هذا التعبير يوضح اكثر مفهوم الصحة الإنجابية حيث انه من خلال هذا المفهوم يتم التعامل مع صحة الأنثى من خلال دورة حياة كاملة.

فبداية يتم الاهتمام بصحة الجنين قبل أن يولد من خلال رعاية قبل الولادة ، حيث الهدف من هذه الرعاية سلامة الأم و المولود. فيتم من خلال هذه الرعاية فحص الحامل دوريا لإكتشاف الأمراض التى قد تسبب خطورة للأم أو للجنين. كما يتم من خلال هذه الرعاية اعداد ترتيبات الولادة وان كانت تحتاج الى رعاية خاصة فى الولادة.

و يتم رعاية الشباب فى فترة المراهقة لمساعدتهم فى بناء شخصية سوية و ضمان حقوقهم الإنسانية. كما يتم ارشادهم فى هذه الفترة الحرجة من العمر. و ايضا يتم مدهم بالمعلومات اللازمة لتعريفهم بما يحدث لهم من تطورات و ارشادهم عن الدور الجديد فى الحياة كشاب. كما يتم رعايتهم صحيا بتقديم الرعاية الصحية التى تناسب احتياجاتهم فى هذه المرحلة.

و عند مرحلة الزواج فإن من مكونات الصحة الإنجابية هى فحص ما قبل الزواج حيث يتم التأكد من سلامة طرفى الزواج فيما يخص الأمراض المنقولة عن طريق الجنس ، و كذلك خلوهم من الأمراض التى قد تنتقل الى الجيل الثانى.

و تتوالى بعد ذلك الرعاية فى مختلف أطوار الحياة : فى الولادة ، و بعد الولادة ، و أمراض الجهاز التناسلى ، و الأمراض المنقولة عن طريق الجنس ، و رعاية فترة انقطاع التبويض. و هكذا يتضح المفهوم الأشمل للصحة الإنجابية.
الإنسان ليس جسد فقط. و هو لا يعيش بحسب التوجه البيولوجى أو الجنسى فقط ، و لكن الإنسان لديه القدرة على التفريق بين الجيد و السيئ ، بين الصواب و الخطأ و بين ما يجب و ما لا يجب حسب قيم و تقاليد المجتمع. لذلك فانه من المتوقع أن يستطيع الإنسان أن يبنى قرارات على أساس معرفة سليمة و ليس بناء على جهل بالأمور.



إن الجنس له دور عميق و مهم طوال فترة حياة الإنسان. و هذا الدور العميق المهم لا يرتبط بعمر أو حالة اقتصادية أو نوع. لذلك فالأمر له صفة التعميم ، إنها خبرة يشترك فيها كل البشر ، لذلك لابد من الوقوف على ما هو مشترك و طبيعى و بين ما هو خاص ، أو مرضى ، أو انحراف عن الطبيعى.



إن سلوك أى إنسان لابد أن يعتمد على معرفة معينة ، ثم تبنى اتجاه معين و هذه المعرفة و الاتجاه هما اللذان يتولد عنهم السلوك و الممارسة.

القيم المرتبطة بالجنس :

إن الجنس جزء طبيعى و صحى من الحياة: إن الفضول هو أحد الدوافع التى تجعل الإنسان يتعلم و يكتسب معارف جديدة. و الفضول الذى لدى الشباب و الأطفال عن الجنس هو شئ طبيعى. و الجنس جزء من حياة البشر و ليس كل شئ ، لكنه كجزء مشترك فى الخبرة الإنسانية فهو يؤثر فى باقى أجزاء الحياة و يتأثر بها.

كل الناس لهم اهتمامات بالجنس: هذا يعنى أن كل الناس لديهم أعضاء جنسية ، لهم رغبات جنسية ، يعبرون عنها بطرق مختلفة. هذا المبدأ يرفع القلق من حياة الشباب المراهق. كما سبق الذكر بأنها خبرة إنسانية مشتركة بين كل البشر ، لذلك ليس صحيا أن يشعر الشباب أن هناك شيئا ما خطأ لكونهم فى خضم مشاعر معينة.

إن الجنس له أبعاد جسدية ، أخلاقية ، اجتماعية ، روحية و نفسية: هذا يعنى أن الجنس هو جزء أصيل فى الحياة كلها و يؤثر على شخصية الشخص كله. ليس صحيحا التطرف فى أى من الاتجاهين: ليس صحيحا أن الإنسان يعيش من أجل الجنس ، كما أنه ليس صحيحا أن الجنس شئ غير صحى.

كل إنسان له احترامه و له قيمته: لابد من احترام أفكار و قيم الآخرين. لابد أن نكون متفهمين لاحتياج الشباب للمعلومات و عدم معاملتهم بازدراء. كذا يجب احترام مشاعر و قيم الآخرين. أحيانا يحس القادة و المسئولين أن احتياجات الشباب من المعرفة غير مبررة أو غير مهمة ، و لكن فى الواقع تكون مثل هذه الأفكار نتيجة عدم الشعور بأهمية و حيوية هذه الاحتياجات من جانب هؤلاء القادة.

أن العلاقات الجنسية لابد أن تبنى على أساس الشرعية و القيم المقبولة فى المجتمع: هذا يعنى أن الثقافة الجنسية لابد أن تساهم فى بناء قيم المجتمع بأن تكون المعلومات المقدمة فى إطار هذه القيم. و عندما يكون مصدر هذه المعلومات كيان معترف به أو جزء رسمى من المجتمع ، فإن هذا يساهم فى جعل قيم المجتمع و عاداته مقبولة و لها مصداقية لدى الشباب المتلقى للمعلومات.

إن الممارسات الجنسية لها نتائجها: يجب أن يعرف الشباب أن كل الممارسات الجنسية لها نتائج و عواقب. فمثلا المعلومات السليمة فى هذا المجال تبنى اتجاهات صحية داخل الشباب ، و من هذه الاتجاهات أن من يمارس الجنس بطريقة سليمة داخل إطار من الثقة و الإخلاص مع الشريك الآخر فإنه يتقى بعض الأمراض الخطيرة مثل الإيدز. و ممارسة الجنس أيضا بدون تخطيط للأسرة يحتمل حدوث حمل غير مرغوب فيه ، و هكذا فإن التثقيف الجنسى السليم يدعم مصالح الفرد و المجتمع فى نفس الوقت عن طريق آليات طبيعية و تلقائية للأفراد.

إن كل الناس لهم حقوق و واجبات فيما يخص الممارسات الجنسية: كما أن للشخص حق و حرية فى التعبير و الممارسة الجنسية لكن هناك التزامات و واجبات فى حدود الأطر الاجتماعية و القيم المجتمعية.
آلية تولد الرغبة و الإثارة الجنسية في الإنسان
لا يمكن الحديث عن الثقافة الإنجابية دون التطرق إلي دراسة الرغبة الجنسية.
فالدراسة العلمية لتولد الرغبة في الإنسان تفسر أموراً كثيرة تثير الحيرة لدي الشباب. بل أكثر من هذا فإن هذه المواضيع تضع حلاً لمتناقضات كثيرة تحدث في داخلهم و لا يجدون لها تفسيراً أو مبرراً عندما يحاط الموضوع بالسرية و العيب.
تبدأ ظهور الرغبة الجنسية في فترة البلوغ. لا يعرف سبب البلوغ علي وجه اليقين و لكن المؤكد أن الغدة النخامية التي ترقد في حفرة خاصة داخل تجويف الجمجمة عند قاعها تلعب دوراً بارزاً في هذا الصدد.
و الغدة النخامية نفسها واقعة تحت تأثير غدة أخري مهمة تقع عند قاعدة المخ و تدعي ( تحت مهاد المخ) يمنعها من إفراز الهرمونات المنشطة للغدد التناسلية خلال مرحلة الطفولة. و هناك أيضاً غدة صغيرة في المخ تسمي الغدة الصنوبرية, هذه الغدة كل وظيفتها هي تعطيل النشاط الجنسي لدي الأطفال . و في سن المراهقة, يقف نشاط الغدة الصنوبرية.
و عند البلوغ تتوقف الرسائل المثبطة التي ترسلها غدة تحت مهام المخ. فتبدأ الغدة النخامية في إرسال الهرمونات المنشطة إلي الخصية أو المبيض.
تبدأ الخصية و المبيض تحتي تأثير هرمونات الغدة النخامية المحفزة في أداء وظائفها.
في الخصية:

تتولد الحيوانات المنوية في الخصية بآلاف الملايين حيث تحتوي كل دفعة مني علي 200-300 مليون حيوان منوي

كما ينبه أحد الهرمونات الخاصة بالغدة النخامية خلايا معينة في الخصية لتفرز هرمون الذكورة( الأندروجين) الذي يدعي تستوستيرون, و هذا الهرمون مسئول عن إكساب الفتي كافة صفات الرجولة. و الذي يؤدي إلي ظهور كل الخصائص الذكرية و بداية تولد الرغبة الجنسية.

في المبيض:
ترسل الغدة النخامية هرمونين رئيسيين إلي المبيض و هما:
1. الهرمون المنبه للحويصلات المبيضية: الذي ينمي حويصلات جراف بالمبيض و ينشطها لينبثق منها بويضة ناضجة كل شهر قمري 28 يوماً
2. الهرمون المنشط للجسم الأصفر ( هرمون التبويض): و هو يحرض الجسم الأصفر- حويصلات جراف الناضجة بعد أنبثاق البويضة منها علي إفراز هرمون الحمل البروجستيرون- و هرمون الأنوثة الأستروجين.
يحدث نتيجة لإفراز هذه الهرمونات أن تبدأ الرغبة الجنسية في الظهور , و هي كما نري تبدأ بتأثير الهرمونات و التي تبدأ من المخ. و الرغبة الجنسية تبدأ في المخ أيضاً. و تستثار هذه الرغبة نتيجة بعض المنبهات:
منبهات حسية ( باللمس) و تشمل:

الأعضاء التناسلية الخارجية

الأعضاء الثانوية علي الشفاه و الصدر و مناطق أخري عالية الحساسية
و غير الحسية: الحواس غير الملموسة:

الرائحة

الرؤية

و السمع يمكنها نقل رسائل إثارة جنسية.
يختلف الأفراد في ميلهم السيكولوجي تجاه الإثارة الجنسية و في مقدرتهم علي الإكتفاء الجنسي
و تلعب الإنفعالات دوراً أساسياً في الإثارة الجنسية خاصة بالنسبة للإناث و الذكور علي حد سواء.
أخيراً فإن الوضع الإجتماعي مع السلوك الجنسي المناسب يلعبان دوراً حاسماً في الإثارة الجنسية و المقدرة في البحث عن والوصول إلي المتعة الجنسية.
و كما نري فإن الرغبة الجنسية تبدأ بالتولد عن طريق المخ بدءاً بإفرازات هرمونية من غدة تحت مهاد المخ, ثم الإفرازات الهرمونية من الغدة النخامية في المخ أيضاً, و التي تؤثر علي المبيض في الأنثي فيبدأ بإفراز الهرمونات الأنثوية, وعلي الخصية في الذكر فيبدأ بإفراز الهرمونات الذكرية والتي بالتالي تبدأ بتولد الرغبة الجنسية في المخ أيضاً.