إنّا لا نعرف لغة العرب!
اهتم العرب بلغتهم اهتماماً عظيماً وعدّوا فقد الفصاحة منقصة في الإنسان العربي، وحرصوا على تعليم أبنائهم الفصحى بإرسالهم إلى البادية حيث القبائل العربية التي لم يدخل اللحن إلى لغاتها، وقد أنجبت العرب فصحاء رضعوا اللغة الفصحى، وبلغوا مبلغاً لم تبلغه أمة من الأمم، وفراستهم في اللغة لم تقل عن فراستهم بالأنساب.
كان الأصمعي يجلس في مجلس هارون الرشيد مع بعض العلماء، وكان إذا اختلف العلماء التفت إليه هارون أمير المؤمنين قائلاً: قل يا أصمعي!!
فيكون قوله الفصل.. كان يُدرس الناس لغة العرب، وفي يوم بينما هو يدرسهم كان يستشهد بالأشعار والأحاديث والآيات فمن ضمن استشهاداته قال:
وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً منَ اللّهِ وَاللّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ.
فقال أعرابي: يا أصمعي كلام من هذا؟
فقال: كلام الله !
قال الأعرابي: حاشا لله أن يقول هذا الكلام!
فتعجب الأصمعي وتعجب الناس.
قال: يا رجل انظر ما تقول.. هذا كلام الله !
قال الأعرابي: حاشا لله أن يقول هذا الكلام، ولا يمكن أن يقول الله هذا الكلام!!
قال له: يا رجل أتحفظ القرآن؟!
قال: لا
قال: أقول لك هذه آية في «المائدة» !
قال: يستحيل لا يمكن أن يكون هذا كلام الله !
وكاد الناس يضربوه، على ما يقوله.
قال الأصمعي: اصبروا، هاتوا المصحف وأقيموا عليه الحجة.. فجاءوا بالمصحف، ففتحوا وقال اقرؤوا، فقرؤوها:
(وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ )
إذا بالأصمعي فعلا أخطأ في نهاية الآية... فآخرها «عزيز حكيم» ولم يكن آخرها «غفور رحيم»
فتعجب الأصمعي وتعجب الناس قالوا يا رجل كيف عرفت وأنت لا تحفظ الآية ؟!
قال: اقطعوا أيديهما جزاء بما كسب نكالا، هذا موقف عزة وحكمة وليس بموقف مغفرة ورحمة.. فكيف تقول غفور رحيم!!
قال الأصمعي: والله إنّا لا نعرف لغة العرب !!
إسماعيل ديب ** الاتحاد
المفضلات