الشبع المخيف
أكبر ثروة يمكننا التفاخر بها نحن أهل السودان هي مواردنا البشرية فنحن شعب نعيش الدين حياة وسلوكا نعيشه تعاملا ونمط حياة نعيشه تعليما وتربية ونعيشه دنيا نكدح لتعميرها وآخرة نسعى للفوز فيها. مَن من الشعوب أكثر منا تواصلا وتراحما وتآزرا ... تعرف ذلك في أفراحنا وفي أحزاننا وتعرف ذلك في احترامنا لكبيرنا وتقديرنا لصغيرنا وتعرف ذلك في تقاسمنا اللقمة والفكرة والمصير .
إيماننا بعظمة هذه الثروة يجعلنا نعمل كلنا مواصلين الليل بالنهار من اجل توعية هذا الشعب الكريم الجبار ولحبي لهذا الشعب الأبي الفاضل الذي يضم بين ظهرانيه أبي وأمي وأختي وأخي وابني وبنتي أجد نفسي أحيانا كثيرة مقصرا نحوه خاصة إذا تيقنت من معلومة وتأكدت من صحتها مائة في المائة ولم أوصلها إلى أهلي ولم أطلعهم عليها بعد أن تيسرت سبل الاتصال والتواصل وبعد أن تعددت المنابر وسهل ارتقاؤها بلا قيود بعد ثورة الانترنت والجوال.
هذه الثروة تحتاج منا التجرد من كل ذرة أنانية وتنمية كل بذرة خير في كل واحد منا ذكرا كان او أنثى .... فالجميع مسئولون تجاه هذا الشعب وتعهده بالرعاية وبضخ المعلومة كل يوم في مستودعات مجالاته المتعددة خاصة بعد استشعارنا للمخاطر الجمة التي تحيط بنا في مأكلنا وفي مشربنا في تعليمنا وفي صحتنا وفي اقتصادنا وحتى في سياستنا وتعاملاتنا الداخلية والخارجية، وبعد أن تنوعت الآفات وتشعبت الأمراض وصعب العلاج لم يتبق لنا في كثير من الحالات غير الوقاية ...وأعظم الوقاية تتمثل في الوعي والإدراك والإحساس بهول ما يحيط بنا من عوامل مدمرة لبيئتنا ولمجتمعنا ومهددا أكبر لثروتنا البشرية .
أصبحنا لا يمر علينا يوم إلا ونسمع عن فلانة أو فلان قد انتقل إلى بارئه بعد معاناة لم تدم طويلا مع السرطان .... هذا الداء الخطير الذي أناخ علينا بكلاكله فارتاح عندنا واستراح لا لنرتاح بل للمزيد من العويل والنواح ولا يأخذ منا إلا خيارنا ....نترحم عليهم جميعهم ونسأل الله أن يسكنهم فسيح جناته مع الصديقين والشهداء.
هذا الداء لا يعرف كبيرا أو صغيرا ولا يعرف حرمة لامرأة أو حدودا لرجل أو وقارا لكبير أو احتراما وحنانا لصغير الجميع أمامه سواسية ...ففي وقتنا الحاضر وبفهمنا الحالي لا أعتقد أن هناك علاج متاح في متناول يد الجميع يقطع شاف هذا الداء .... ولكننا نحن الأمة الوسط مكلفون بأن نعد لكل عدو ما استطعنا من قوة ... ولا يكلفنا الله إلا وسعنا .... فكان لزاما علينا أن ننجز ما هو في مقدورنا وفي مقدورنا أن نعمل بمبدأ الوقاية خير من العلاج ... فنقي أنفسنا ما استطعنا بوعينا وبفهمنا لكل خطر حولنا ... ومبدأ "وهزي إليك بجذع النخلة ،فلا ننتظر معرفة من السماء بل نسعى إليها لنحصن أنفسنا بالعلم والمعرفة .... ومبدأ خيركم خيركم لأهله ، فلا نترك صغيرة ولا كبيرة إلا ونوضحها لأهلنا ليأخذوا حذرهم ويبتعدوا عن مسببات هذا المرض اللعين فلا نستهين بألم ولو قل بل نسعى جاهدين بالفحص والتشخيص الدقيق لكل آلامنا .... ومبدأ الأقربون أولى بالمعروف ... فلا نطعمهم إلا من الطيب من الرزق ، بالطيب من الخبز والطيب من الخضار والفاكهة والطيب من العصيرات الطبيعية الطازجة .....ومبدأ التناصح والأمر بالمعروف ...فننصح سادتنا وكبراءنا بإتقان كل شيء يمس مأكلنا ومشربنا ونذكرهم أننا جميعنا تحت مسئوليتهم فلا عذر لأي مسئول يقصر في كل شيء يخص صحة الإنسان فالبداية الأهم تكون من هنا من مركز المسئولية من قمة هرم المسئولية فنذكر الراعي بالبقلة في العراق لو تعثرت من المسئول عنها .
إن أخطر ثغرة تأتينا منها جموع السرطانات هي المواصفات والمقاييس ... فكم من زيت فاسد بيع وكم من بذرة فاسدة رعيناها حتى أينعت وقطفناها بكل سوءاتها وكم تركيبات وهمية عملنا لها الدعايات وروجناها والتهمناها .... هي ثغرة كبيرة كبر حدودنا ولكننا نضع ثروتنا البشرية كأولى الأولويات فنوفر الكادر المثقف الأمين الحريص على صحتنا وعلى سلامتنا حرصه على نفسه وولده وممتلكاته .
وهناك ثغرة كبيرة تأتينا منها السرطانات لا تقل أهمية عن أهمية المواصفات والمقاييس وهي التهريب المرئي والمستتر، المرئي هو ذلك التهريب الذي يتم عبر الحدود في غياب الحراسة والتدقيق والمستتر هو الذي يتم عبر البوابات الرسمية ولكن لفساد في طاقمنا ولضعف في نفوس بعضنا تمر وتخلص معظم البضائع المشبوهة والممنوعة مستترة بفسادنا وتخاذلنا وفي هذا يكون المسئول الأول عن هذا هو وهن سلطاتنا ومن بيدهم القرار .
ومن الثغرات المهمة الأخرى ... الرقابة .... خاصة من القائمين على السلع التي تمس صحة المواطن بطريقة مباشرة ....إخواننا البياطرة والزراعيين ....خبراء ومهنيين ....نقول لهم اتقوا الله في شعبنا ...فقد تغير كل شيء فالطماطم لم تعد هي الطماطم التي نعرفها ولا كذلك الخضار من عجور وبصل وخيار ولا تسلم من ذلك البطاطس ولا الباذنجان ....فيعد دخول المحسنات الجينية وكان الأجدر أن يطلقوا عليها المقبحات لا المحسنات ولكن هذا من باب الترغيب وطمأنة الناس ...فلا تشتروا إخوتي أي خضار أو فاكهة ليست في الحجم الطبيعي الذي نعرفه ...فأي زيادة هناك وراءها عمليات كثيرة من التقبيح الجيني بأشعة اكس وبتغيير الفطرة التي جبل ذلك النبات أو الحيوان على العيش صحيحا فيها ....
وانتم كما ترون فقد كثرت كذلك أمراض الحساسية ...لم نكن نعرفها ولا نسمع بها ...حتى إذا تدخل الإنسان وغير دورة الطاقة الشمسية أصبح الدجاج لا يأكل إلا البروتين الحيواني كأعلاف ففسد البيض وفسد الدجاج جراء تغيير هذه الفطرة ....والبقر الذي تعود على أخذ الطاقة الشمسية من النبات (وهذا هو الطبيعي ) عندما بدأوا يغذونه من البروتين الحيواني (بقايا المسالخ ودماء وبطون ملايين الدجاج الذي يذبح يوميا) تغيرت دورة الطاقة الشمسية فأصيب بالجنون وأصبنا نحن بأعظم من جنونه ...لا تطعموا أبقارنا وجميع حيواناتنا إلا من النبات ...فاتقوا الله فينا في هذا الكنز البشري الثمين ....
انتشرت السرطانات مع ثورة الأكلات الخفيفة التي تطفح بالزيوت والاجبان الاصطناعية والاونية البلاستيكية التي تتحلل بالحرارة فتسبب إمراضا أخفها السرطان ...وانتشرت السرطانات كذلك بسبب انتشار وتنوع المشروبات الغازية وانتم تعرفون أي نوع هو المقصود ....
لم يعد الناس يتكلمون عن التدخين وعن المسكرات والنفايات والحرب البيولوجية واليورانيوم المنضب!!! فتلك أسباب قتلها الناس شرحا وتوضيحا ويحتاج الناس فقط إلى التذكير بها ...ولكن التنوير يجب أن يكون في تلك الأسباب الجديدة الموجودة الآن بيننا لكنها مخفية عنا عمدا بحجة التجارة الحرة وتنافس السوق، فشار وفشفاش وأطعمة سريعة التحضير وتشيبس ومشروبات ملونة غازية وسائلة ومجمدة وأوصال وأجنحة وفخوذ "طبعا الأخطر في كل ذلك هو الأجنحة حيث تحقن فيها الصيصان بهرمونات النمو فيكون فيها أكثر تركيزا".
انظروا إلى شبابنا اليوم .... وجوههم ليست مثل وجوه بقية الشعوب!!! فحب الشباب والبثور والكلف تجدها منتشرة فينا ذكورا وإناثا حتى أصبح ذلك شيئا مسلما به ....ولا يدرون أننا شعب حساس في مشاعره وفي بشرته.... فكان الأجدر بمثقفينا والقائمين على أمورنا البحث عن الأسباب وراء ذلك ....ونحمد الله أن توصلوا أخيرا إلى أن السبب الأساسي في فرط حساسية وتهيج بشراتنا ليست الشمس والجو الحار ولكن السبب الأساسي يكمن في أنواع الزيوت التي نستعملها في كل وجباتنا ...وهنا يأتي دور المواصفات والمقاييس ...فلا يتركوا الناس تشتري أي زيت أو التجار يعرضون أي زيت للبيع .
اشتقت والله إلى بامية وملوخية وبطيخ وطماطم وبيض ودجاج السبعينيات ....كنا في الماضي لا نأكل أي خضار استعمل فيه سماد كيميائي .... كنا إذا أكلنا أي خضار نبت عن طريق استعمال السماد الكيميائي نصاب بنوبات حادة من الاسهالات والنزلات المعوية ...لكننا اليوم لا نكاد نجد خضارا إلا وقد تغذي على الكيميائي مع تقبيح في الجينات إمعانا في التعذيب... فالعيب ليس كما يتبادر إلى الذهن هو في السماد الكيميائي ولكن إبطالنا للسماد الطبيعي الموجود في الأرض أصلا أو تعطيله ولو مؤقتا هو المشكلة ...وقديما كان العرب لا يعالجون مريضا إلا من نبات وأعشاب بيئته البكر الخالية من التحسين...للعلاقة الوطيدة بينه وبين وسطه....فتبدل الحال الآن وأصبحنا نأكل من كل بقاع الأرض (غربية أو شرقية) بدون مقاومات فينا تسند مناعاتنا لمقاومة أي داخل جديد.
وأخيرا أقول إن السرطانات أنتشرب بسبب تبديلنا لخلق الله وللفطرة التي خلقت عليها الأشياء فلنعد إلى كل ما هو طبيعي بلا تدخل فيه من الإنسان والشافي أولا وأخيرا هو الله ...فنسال الله العفو والعافية، فالسرطانات نوع من العذاب الذي أصيبت به البشرية في هذا العصر يصيب أعظم ثروة لدينا – مواردنا البشرية - فلنستغفر الله كثيرا فما كان الله ليعذبنا ونحن من المستغفرين ولنتسلح بالعلم والإيمان فلا نكون من الذين لا يفقهون، والمسلم كيس فطن فلا نلقي بأنفسنا إلى التهلكة فنكون من النادمين وفي الأخر من الخاسرين.
المفضلات