صفحة 3 من 4 الأولىالأولى 1234 الأخيرةالأخيرة
النتائج 51 إلى 75 من 90

الموضوع: الكهوف السحرية ( كيف بت كاتبا)/ سيرة/ صلاح الدين سر الختم على

     
  1. #51
    عضو برونزي
    Array الصورة الرمزية صلاح سر الختم علي
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    الدولة
    ودمدني سابقا 114 ومايو
    المشاركات
    1,436

    كتب الشاعر المرهف محمد محي الدين قصيدة رائعة حول استشهاد طه يوسف عبيد سماها عشر لوحات للمدينة وهي تخرج من النهر ... وهي لوحات رائعة لم تسجل الاستشهاد البطولي لطه يوسف عبيد وحده بل جسدت سيرة مدينة مدني بمجانينها واساطيرها
    وكانت كلمات اقوي من الرصاص(شرد اللون والريشة انتفضت .. رابطت في الشوارع)
    اعدكم بنشرها قريبا فهي صفحة من تاريخنا الثقافي
    ومحمد محي الدين كان ولازال ركنا ثقافيا كبيرا في مدني وهو صاحب صوت شعري قوي ومتفرد ولغته لغة معطونة في الشجن والثورة وهو صاحب ديوان الرحيل علي صوت فاطمة
    في ذلك الزمان كنا نطارد محمد محي الدين في الليالي الشعرية لنستمع للقصيدة وفي كل مرة نشعر بأننا نسمعها لاول مرة
    وكنت استعيد تلك اللحظات القاسية كلها
    كنت صغيرا وكان طه صغيرا وكنا نظن الدنيا اناشيد وقصائد وزهور وابتسامات
    ولم نكن نظن ان فيها من يقتل انسانا لمجرد خروجه في مظاهرة سلاحها كالشعراء: كلمة..
    مجرد كلمة وهتاف؟
    مازالت تلك القسوة قابعة في اعماقي
    مازلت اذكر العنقريب الاحمر الذي احضره بعض الطيبين من دكان ترزي اسمه الحريري
    دكانه كان غرب كلية المعلمات
    احضروا منه العنقريب ذي القوائم الملونة وووضعوا فوقه جسد طه الغض
    وساروا به الي مستشفي مدني وسرت معهم مذهولا ومفجوعا
    حتي حين تهامس الناس وسمعت سيرة الموت اول مرة لم اصدق ذلك
    وعدنا من هناك الي منزل الاسرة بحي المزاد خلف مدرسة السني مباشرة
    ذلك البيت الحبيب كان مكتظا بالبشر والميادين الاربعة امامه كانت كذلك
    وفي الغرفة الصغيرة كان هناك خال الشهيد عبد العزيز عبد المنعم حافظ
    والاستاذ مجدي سليم المحامي والاستاذ صلاح دفع الله وقائمة طويلة
    وكان هناك افراد الشلة الحبيبة جميعهم
    وهناك احضرت عربة الجثمان
    من ذلك المكان خرجت مظاهرة اضخم لتشيع طه الي مثواه الاخير
    عبرت المسيرة حي 114 وحين بلغت امام مدخل المؤسسة الفرعية للحفريات لعلع الرصاص مجددا
    وسقط الشهيد الخانجي
    وسقط العنقريب الذي يحمل جثمان طه نحو الارض بعد ان أصيب احد حملته وتفرق الاخرون وانبطحوا ارضا لتفادي الرصاص المنهمر
    بقي طه وحيدا وبجواره والده الشيخ يوسف عبيد الذي جلس القرفصاء جوار الجسد المسجي وامسك باحدي القوائم وبقي هكذا غير عابئ بالرصاص.. توقف الرصاص أخيرا...جاءت عربة مجروس تابعة للجيش لتخلي جرحي الغارة ورأيت بأم عيني ضابطا بزيه الرسمي ممسكا بالجندي الذي كان قد اطلق الرصاص وهو يهزه بهيستيريا وغضب بعد ان تم تجريده من السلاح... كنت ملقي علي الارض بجانب الاسفلت...نظرت نحو طه وابيه ... كان يبدو نائما وابيه يحرسه اثناء نومه ،كان مغطي بالابيض.. وكنت واثقا انه كان يبتسم كعادته............
    كان استشهاد طه يوسف عبيد حدثا لاينسي ولا يتكرر، كنا صغارا قليلي التجربة يدفعنا فضول الصغار الي ارتياد افاق جديدة ولم يكن اكثرنا تشاؤوما يظن ان الخروج في مظاهرة والهتاف بكلمات يمكن ان يكلف المرء حياته، كنا نظن لسذاجتنا ان الخروج في مظاهرة مثله مثل دخول مباراة كرة قدم او السينما او الذهاب الي ليلة شعرية ليس ذنبا ولاجريرة، لذلك كانت صدمتنا كبيرة، طه الضاحك الجميل الطيب الرسام لم يؤذ احدا فلم يقتلونه؟
    لذت بصمت كبير وأنكفأت علي حزني واسئلتي وظللت اذهب كل يوم صباحا الي منزل العزاء صباحا وابقي هناك حتي المساء صامتا اذهب وصامتا اعود وقدرة غريبة علي حبس الدموع قد هبطت علي من حيث لا أدري، كانت امي مرتاعة حزينة ترقبني في مجيئ ورواحي وهي قلقة ، حتي كان يوم، عدت من بيت العزاء عند المغيب في اليوم العاشر لاستشهاد طه وتوجهت نحو الحمام وقبل ان اصله وجدتني انفجر بغتة كالقنبلة بالبكاء ... بكاء طويل ... بكاء لم ابكه من قبل ولا من بعد.. اتذكر دموع اخواتي والخوف في عيونهن ويد أمي الحانية ونظرة الراحة في عينيها وصوتها رخيما دافئا في أذني وهي تحرضني علي البكاء مؤكدة ان البكاء خير من صمتي.............................................. ............

    التعديل الأخير تم بواسطة صلاح سر الختم علي ; 29-08-2014 الساعة 10:43 PM
  2.  
  3. #52
    عضو برونزي
    Array الصورة الرمزية صلاح سر الختم علي
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    الدولة
    ودمدني سابقا 114 ومايو
    المشاركات
    1,436

    طفلا صغيرا تلوح جبهته شمس حارقة وهو يجول المدينة حاملا صحفا تبحث عمن يشتريها
    في العطلات المدرسية كنت، لم يكن العمل بسبب الحاجة ولكنه كان شعورا مبكرا بأن كتف الاب ينوء بحمل ثقيل يجب مشاركته في حمله، كان الاخوان الاكبران قد سبقاني في ذلك الدرب، فتحت عيني عليهما وهما يمارسان العمل في العطلات، والحق يقال كان العمل في العطلات في شتي انواع العمل تقليدا لابناء ذلك الزمان في تلك المدينة التي كانت تقدس العمل وتخصص لطلابها فرصا للعمل المؤقت في العطلات في كل مصالحها الحكومية، كان مشروع الجزيرة يستوعب كمية ومحالج مارنجان تستوعب كمية اخري وووزارة الاشغال تستوعب مجموعات كبيرة وكذلك هئية البحوث الزراعية ووزارة الري والمؤسسة الفرعية للحفريات والبلدية ووقاية النباتات، كانت ابواب العمل مشرعة للطلاب الكبار سنا، اما المراحل الادني فكان طلابها يتجهون نحو الاعمال الحرة فيعملون باعة للخضار في الملجة وباعة للصحف والماء والتسالي والايسكريم والفواكه والنبق وغيره، كان حظي انني جربت بيع الماء في مواقف المواصلات حينا وبيع الصحف حينا والعمل بالملجة في بيع الطماطم حينا... وكان لي تجربة عمل في محالج مارنجان
    مع العمال الذين يعملون في حمل بالات القطن من عربات سكك حديد مشروع الجزيرة الي المخازن ، كنت اعمل تايم كيبر، وكنا نعود سيرا علي الاقدام في ظهيرة حارقة يحاول بعضنا التقليل منها بالسباحة في ترعة مشروع الجزيرة المسكونة بطفيل البلهارسيا ولعل ذلك كان سببا في ظهور اصابات بالبلهارسيا فيما بعد وسط شلة اولاد الكمبو ، اتذكر منهم صلاح التوم الذي كادت البلهارسيا تقضي عليه ولكن لطف الله عافاه منها بعد معاناة طويلة، اتذكر فترة عمل أخري بالاشغال مع ناس المعلم احمد شبك احد فردتي ثنائي الجزيرة وكان عملي عملا صوريا ايام كنت لاعبا بفريق الثوار وكان رئيس النادي مهندسا كبيرا بالاشغال ، كانت الماهية احد عشر جنيها كاملة ، كنت وقتها طالبا بالثانوي العام بمدرسة فريني والعمل طبعا في الاجازة الصيفية في وظائف مؤقتة مخصصة للطلاب في العطلات..

  4.  
  5. #53
    عضو برونزي
    Array الصورة الرمزية صلاح سر الختم علي
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    الدولة
    ودمدني سابقا 114 ومايو
    المشاركات
    1,436

    باتريس الجميل و الرحيل قسرا


    هذه حكاية اخري من حكايات الكمبو، بطل الحكاية أحد العزاب من أبناء الكمبو... كان ضحم الجثة مفتول العضلات ولكن قلبه كان أبيضا كالحليب .. كان يسكن قسما من الحي نسميه العنابر لان من يسكنون فيه عزاب.. لكن الكمبو كان فريدا حتي في معاملة عزابه فقد باتوا جزءا لايتجزأمن الحي يشاركون اهله افراحهم واتراحهم ولا ينظر الناس اليهم نظرة الأسر الي العزاب بل نظرة الاسرة الي ابنائها... كانوا علي خلق قويم ، كان باتريس من أميزهم و كنا نهابه ونفسح الطريق تحاشيا له في البدء ثم زال ذلك الانطباع بفضل تلك الابتسامة الدائمة وتلك المحبة من الكبار...لم نعرف له أهلا او أسرة سوي الكمبو وكنا نسمع من الكبار انه ماهر في عمله( خراطا )لايجاري ... وكنا نراه دائما في مباريات الكرة والتمارين ضيفا لايغيب ...ظهرت موجة الهجرة الي الخليج والعراق وكان نصيبه الهجرة الي العراق التي كانت قصص العائدين منها تسيل لعاب الطامحين في الهجرة... اختفي باتريس من أزقة الكمبو وبقي مكانه في ملعب الحي بين المتفرجين شاغرا.... غابت سيرته شئيا فشيئا وطواه النسيان أو كاد حين تفجرت فجأة الحرب بين العراق وايران... تسربت انباء عن اصابته اصابة خطيرة وانباء اخري عن وقوعه هو وأحد ابناء الكمبو المغتربين بالعراق في أسر القوات الايرانية....... ظلت الاخبار شحيحة متضاربة.... خفتت السيرة... عاد زميله في الأسر من الأسر مع فوج اطلق سراحه بمفاوضات مع حكومة الصادق المهدي واحتفل الكمبو بالعودة لكن الفرحة كانت ناقصة ...و لم يعد باتريس.... تأكد وقوعه بالأسر وتعرضه لأهوال يشيب لها الولدان تحت وطأة اعتقاد انه من المقاتلين الي جانب العراق وما دروا انهم امام عامل بسيط جاء باحثا عن دفء النقود الخليجية فوقع في جحيم حرب لم يكن طرفا فيها وكان ابرز ضحاياها... عاد ذلك العملاق هيكلا عظميا لايقوي علي السير الي وطنه وقد انطفأ بعينيه البريق....للحكاية بقية ربما يصعب علي اكمالها؟
    ................... غاب صاحب القلب الكبير الطفل الكبير ... الرجل الضحم الجميل............ صمتت العصافير بالكمبو ومازالت صامتة ومازال مقعده بميدان الحي يفتش عن صاحبه عصر كل يوم........ ومازال بعض ابناء الكمبو المغتربين يسألون عن الغائب ولا أحد يقوي علي الاجابة........... ومازال حيا بقلوبنا......... لكنه قد رحل عن دنيانا الفانية.

  6.  
  7. #54
    عضو برونزي
    Array الصورة الرمزية صلاح سر الختم علي
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    الدولة
    ودمدني سابقا 114 ومايو
    المشاركات
    1,436

    الجامعة
    ولجت الجامعة في منتصف عام 1983، وكان استشهاد صديقي طه يوسف عبيد ودمه الذى سال على الأسفلت في مدنى قبالة الادارة المركزية للكهرباء لايزال هو الحدث المؤثر على حياتى وشخصيتى فقد نقلنى مرآى الدم وموت صديقي من حياة ساكنة تسيطر عليها كرة القدم لعبا ومشاهدةومشاجرات أولاد الفريق ومشاهدة الأفلام الهندية الى عالم جديد مختلف باتت السياسة فيه هى مركز الاهتمام وبات الانخراط في النشاط السياسي السرى المحظور وقتها ضد نظام النميرى هو الجديد فيها، تركت الغاز المغامرين الخمسة والمكتبة الخضراء وقصص أرسين لوبين اللص الظريف وقصص اجاثا كريستى وابطالها هيركل بوارو ومسس ماربل كاشفة الأسرار، تركت هذا العالم كله وهاجرت صوب عالم جديد كانت خطواتى قد بدأت الهجرة اليه ببطء مع طه والأصدقاء المشتركين وكانت ملامح تلك الهجرة قد بدأت بقراءة اشعار شعراء المقاومة الفلسطينية الثلاثة الكبار( سميح القاسم ودرويش وتوفيق زياد) ومن ثم بدأت بارتياد رابطة الجزيرة للآداب والفنون والليالي الشعرية، ولكن هذا الانتقال أخذ شكل التحول العاصف الكبير بعد استشهاد طه، تحولت الهواية والفضول الى التزام شخصي بالسير على خطى الشهيد والى التزام شخصي بالثأر له من نظام نحره نحراً بلا جريرة جناها سوى الهتاف البرئ، اندفعت بتهور شديد وحماس هو طابع تلك السن وتلك الفترة فقد كنت بالكاد قد بلغت التاسعة عشرة من عمرى عندما واجهت الموت مع صديقي وبت شاهدا لم تستدعه أي محكمة حتى اليوم لتسمع شهادته،اتذكر الآن اننا قمنا بتكوين اتحاد طلاب سرى في مدرسة السنى مهمته تنظيم التظاهرات بالمدينة ونسقنا مع زملاء لنا في المدارس الأخرى بغية تكوين اتحاد على مستوى المدينة، وبتنا نصدر صحيفة بالمدرسة تعبر عن افكارنا وتندد بالنظام وتنشر الأشعار الثورية، كنا في البدء مجرد مجموعة أصدقاء حركهم حدث عام أوجع قلوبهم الصغيرة، ثم أكتشفت فيما بعد أن بعض أصدقائي أولئك منظمون في تنظيم طلابي يسمى الجبهة الديمقراطية فلم أتردد في ولوجه مطلقا فقد كان وتر القوس مشدودا وكان لابد للسهم ان ينطلق كما قال مصطفي سعيد بطل رواية موسم الهجرة للطيب صالح. هكذا ولجت الجامعة برلوما منظما ومنحازا لفريق من الفرق المتنافسة وهو أمر حرمنى من التمتع بالدهشة التى تمتع بها بقية البرالمة الذين دخلوا الجامعة وهم صفحات بيضاء لم تسمع بالانشطة السياسية الا بالجامعة فلم يكن خارج الجامعة نشاط علنى معروف مثل الذى بالجامعة. بالمناسبة الجامعة كانت نقلة كبرى بالنسبة لجيلنا، نقلة من القيود الشاملة الى الحرية المطلقة، فقد كانت السينما محرمة علينا قبل الجامعة حد اننى لجأت الى الحيلة للذهاب للسينما فكنت اضع عودا من الحطب على سريرى واغطيه بالبطانية ثم اقفز بالسور واستمتع بالدور الثانى مع اصدقائي، حتى كان يوم هطل المطر فيه ونحن بالسينما واستغرب أبى من بقائي راقدا تحت المطر فاقترب من السرير واكتشف الخدعة وكانت علقة ساخنة. من هذه القيود انتقلنا الى عالم كل شئ فيه رهن ارادتك ، بمقدورك ان تذهب السينما أو المسرح أو الجامعات الأخرى أن تحضر المحاضرة أو تقضي وقتها بقاعة الصداقة في عرض نهارى، كل ذلك يرجع اليك وحدك. لا رقيب عليك سوى نفسك. والغريب ان الرقيب الذاتى كان صارما جدا. فقد كانت الحرية مكبوحة الجماح بالمسؤولية، فقد كنا نعرف جيدا أن واجبنا الأول هو النجاح وكل شئ آخر يجب الا يتعارض مع هذا الواجب. لكن العمل السياسي الذى كنا نمارسه كان عبئا ثقيلا، فقد كنا نجول المدن الثلاث بالعاصمة من أقصاها الى أقصاها وننفق وقتا طويلا في اجتماعات كثيرة كنا نظنها لسذاجتنا حينها قادرة على تغيير العالم، نتقمص فيها شخصيات واسماء لمناضلين بهرتنا سيرتهم وأفكارهم، شخصيا كنت معجبا بجفارا وناظم حكمت وبابلو نيرودا شاعر تشيلي، وكنت استعير اسم ناظم دوما، كانت اجواءا فيها غموض وسحر مصطنعين الى حد كبير لكنه غموض محبب يتناسب مع رغبتنا في تقمص ادوار أولئك الذين غيروا أفكار العالم ، الغريب اننا لم نتوقف امام فشلهم في تغيير عالمهم الذى ارادوا تغييره.كنا معجبين ببسالتهم وصلابتهم ووقوفهم بوجه الظلم وكان ذلك هو الشئ الملهم في سيرتهم. وكان هو الوقود الذى نحتاجه في رحلتنا الطويلة ضد نظام سياسي كنا نراه شرا مستطيرا ولانرضي بغير تغييره بديلا.

    التعديل الأخير تم بواسطة صلاح سر الختم علي ; 29-08-2014 الساعة 05:51 AM
  8.  
  9. #55
    عضو برونزي
    Array الصورة الرمزية صلاح سر الختم علي
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    الدولة
    ودمدني سابقا 114 ومايو
    المشاركات
    1,436


    مدرسةالسنى عش الجمال
    مدرسة السني الثانوية كانت مرحلة مهمة وغنية بالمعرفة والتجارب في حياتي
    فيها كونت صداقاتي الاولي المؤثرة في حياتي
    فيها عرفت مجدي النعيم بنظارته الطبية وسمته الهادئ ونهمه للقراءة
    وكتاباته القصصية ومحاولاته الشعرية وحفظه للشعر
    كان مدهشا هو وعالمه
    قادني بعيدا من عالم كرة القدم والالغاز وكتب ارسين لوبين ومشاجرات
    اولاد الفريق وصالات السينما الي عوالم اخري ارحب واكثر غموضا وجاذبية
    هو عالم الشعر والقصة والثورة والهم الاجتماعي
    كان مجدي من ابناء المدينة عرب وكان يقيم بالداخلية
    في ذلك الزمن كان ابناء المدينة يرون نفسهم اعلي درجة من ابناء القري ويطلقون علي
    سكان الداخلية القابا غريبة منها الروس
    ولكن ابناء الداخلية كانوا دائما قادرين علي الانخراط في المجتمع المتمدن وكسر غروره
    بسعة افقهم ومواهبهم وتميزهم الاكاديمي ومشاعرهم الصادقة
    وسرعان مابت صديقا للداخلية وشريكا في عدسها وفولها وشعرها وابداعها
    كان مجدي بوابتي الي رابطة الجزيرة للاداب والفنون هو وبقية الاقمار اصدقائي الرائعين الشهيد
    طه يوسف عبيد وخالد عائس وعبد الحميد عبد الرحيم وعصام جبرالله
    مجدي النعيم بات دكتورا في الادب وترجم كتابا مهما غن الثائر علي عبد اللطيف
    كتبته باحثة يابانية بالانجليزية ، خالد عائس طبيب متخصص مقيم ببريطانيا الآن وعصام درس الاقتصاد بجامعة الخرطوم وهاجر الي سويسرا
    وكان هناك مبدع اخر بمدرسة السني هو الاعلامي عبد الماجد عبد الرحمن وهو من ابناء ريفي المناقل وطالبا داخليا
    وكان مذيع المدرسة الاول الامر الذي اهله ليكون فيما بعد احد مذيعي الولاية اللامعين
    وكان نشيطا جدا في الانشطة الادبية
    ومن النجوم قيس حيدر الكاشف الذي كان ممثلا بارعا ادمي الاكف بالتصفيق في مسرحية البشارة
    التي كان من ابرز نجومها وهي الفائزة بالذهبية علي مستوي الجزيرة والسودان في الدورة المدرسية
    وهي من تأليف الشاعر محمد محي الدين واخراج الاستاذ الجميل بشير زمبة استاذ الفنون بالمدرسة
    وقيس حيدر الان يعمل قاضيا مرموقا بالسلطة القضائية
    ومن نجوم المدرسة اكاديميا المتميز المهندس عبدالله عكود عثمان الذي كان بارعا في الرياضيات من يومه وهو الان مهندس كمبيوتر تخرج من جامعة الجزيرة كلية العلوم والتكنولجيا ومن اوائل من اقاموا مركز تدريب وتعليم الحاسوب بمدني وهو صاحب نكتة
    ومن نجوم المدرسة جمال محمد عبد الله الوالي من ابناء فداسي وكان شخصا مهذبا خلوقا ومحبوبا من الجميع ومحبا لكرة القدم بلا غلو وبلا لعب لها وهو رئيس نادي المريخ الحالي وكنا نذهب بدعوة منه الي فداسي يوم الخميس منتخبا كرويا من المدرسة ونلعب هنالك مع فريق فداسي ونحل ببيت اسرته الواسع ،وكان ذلك عملا ادارايا كشف اهتماما مبكرا بالادارة وقد كنت يوما كابتن المدرسة وحارس مرماها
    ومن النجوم اخونا عماد بابنوسة من اولاد دردق وهو حارس مرمي بارع حرس مرمي الاتحاد مدني فيما بعد وهو الان برتبة عقيد بالشرطة
    وكذلك اخونا علي الشريف الذي لم يكن له نشاط رياضي ولكنه كان محبوبا من الجميع وصاحب تأثير كبير وهو الان ضابط شرطة برتبة العقيد
    وهناك الاخوان خالد سعيد حارس الزهرة من ابناء دردق وياسر كمبوك مدافع المدرسة من ابناء 114
    وهناك ياسر النقر من ابناء المزاد وهومهاجم المدرسة وفريق نجوم المزاد ومن بعده الدفاع ومن بعده اهلي مدني
    وكان استاذ صلاح الحاج الشهير بصلاح كيمياء من ابرز المعلمين بالمدرسة ومن قيادات ومحبي النادى الأهلى مدنى
    وهناك الاستاذ فضل السيد عليه رحمة الله وكيل الناظر ومن ثم الناظر وقد كان رجلا طيبا ومربيا فاضلا خصنا جميعا بأبوة حانية إبان ازمة استتشهاد طه يوسف عبيد حيث صارت المدرسة مركزا لنشاط طلابي مضاد للحكومة وقبلة للجميع خاصة حفل التأبين الذى أقيم بالمدرسة بحماس دافق منا برغم اعنراضات السلطة وتهديدات الأمن ، لكن الاستاذ فضل السيد وقف الى جانبنا وتمكنا من اقامة التأبين بالمدرسة وقرأ فيه محمد محى الدين قصيدته عشر لوحات للمدينة وهى تخرج من النهر وشاركه شعراء رابطة الجزيرة للاداب والفنون وتحدث المتحدثون فنددوا بالسلطة وباغتيال الشهيد وانتهت الأمسية بسلام.

    التعديل الأخير تم بواسطة صلاح سر الختم علي ; 04-09-2014 الساعة 09:45 PM
  10.  
  11. #56
    عضو برونزي
    Array الصورة الرمزية صلاح سر الختم علي
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    الدولة
    ودمدني سابقا 114 ومايو
    المشاركات
    1,436


    (الترزي الجميل )
    تذكرت وجهه من بين وجوه عديدة تزدحم بها كهوف الذاكرة،كان غريبا عن مدني ،ولكن دكانه الصغير بالدرجة كان اميز مكان لتجمع ابناء حي الدرجة ،كان محمد احمدترزيا ماهرا،ولاعب كرة مميزا بفريق التضامن ،اميز فرق حي الدرجة،كان يلعب مدافعا ايمنا،وكان رجلا مرحا صاحب نكتة وابتسامة دائمة، كان محبوبا من الجميع ،وكان دكانه قبلة للغادي والرائح،ولايخلو من الاصدقاء أبدا،كنت تجد نجوم فريق التضامن
    جميعا هناك: محي الدين عبدالستار/ عبد اللطيف/ عمر عبدالله/ عبد الله الكوارتي،وتجد ثلة من ابناء الدرجة وأصدقائهم ،تجدالحوري وعلي العوض والفاتح عبد الرحيم الأمين( فالدكان ملحق بمنزل اسرته) ،كانت الضحكة هي سيدة الموقف ،والمحبة هي ستارة المكان وانفاسه، كنت كثير التردد على ذلك الدكان وفيه تعلمت وعشقت لعبة الكوتشينة المفضلة لديهم وهى (الاستميشن) وهى عكس الويست في قواعدها، وفيها غتاتة لاحدود لها وأكثر الناس اجادة لها محى الدين عبد الستار وسفيان عبد النبي وعلى العوض، ظل الدكان عامرا بالضحكات والناس ، وحقق فريق التضامن حلم قاعدته القديم ،صعد فريق التضامن الي الاولي ،وفعل العجب في دورى الدرجة الاولي،وانتقل بناديه الي موقعه الجديد جوار مدرسة السني،وظل دكان محمد احمد مكان التجمع المحبب لرواده،ثم دار الزمان دورته،حتي كان يوم،نعي الناعي محمدا
    فارق محمد احمدعلي عجل في حادث حركة اليم في شارع القضارف، غيابه الأبدى وحده كان قادرا علي تغييب الابتسامة،ولكن سيرته بقيت تومض في ذاكرة وقلوب الاصدقاء
    رحم الله محمد احمد الترزي الماهر
    ولاعب التضامن السابق وصديق الجميع
    رحمة واسعة.

  12.  
  13. #57
    عضو برونزي
    Array الصورة الرمزية صلاح سر الختم علي
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    الدولة
    ودمدني سابقا 114 ومايو
    المشاركات
    1,436


    من حكايات الكمبو ... احزان ليلة الدخلة

    والكمبو هو حى 114 بودمدنى حيث ترعرعت، بطلة القصة كانت بنتا جميلة
    من اسرة من الاسر القادمة من شمال السودان...ا
    الأب عامل بالمؤسسة والأم جميلة ومعروفة لدي النسوة حتي طغي اسمها علي اسم الرجل حتي صارت العائلة
    تعرف باسمها فيقال ود ...... ويقال بنت ......
    كانوا بنتين ووولدين ،احدهما لم نره مطلقا لانه كان بحارا تائها في بلاد الدنيا ولم تبق الا سيرته هنا،البنت الكبري تزوجت قريبا للاسرة وانتقلت معه الي العراق،بقيت بطلتنا وحيدة مع أمها وأبيها وأخيها،تقدم اليها قريب لها ليتزوجها فوافقت الأسرة، وانتظم الحي كله في اجراءات الزواج فالزواج في الكمبو ملك للاسرة الكبيرة تتشارك فيه كأنها اسرة واحدة ،نصب الصيوان بواسطة اولاد الحي بعد احضاره من الجمعية الخيرية ففي الكمبو كل شئ خاضع للتكافل والنفير. اسرعت النساء والبنات زرافات ووحدانا الي بيت العرس وتجمع الشبان بذرائع مختلفة امام الدار لغرض ظاهر هو المشاركة واغراض خفية هي الرؤية وتبادل التحايا مع حسان الحي،توافد الناس وانطلقت القهقهات الصافية من افوه الرجال والزغاريد من افواه النساء،كانت الأم مريضة وطريحة الفراش حينها،ذهبت العروس الي مصفف الشعر والاستديو مع عريسها لتستعد لليلة العمر النفيسة ،وخرجت البنات لارتداء ملابس السهرة وكان الكمبو موعودا بحفل بهيج يضاف الي رصيد افراحه البهية،تدهورت صحة الام فجأة
    واسلمت الروح قبل عودة البنت العروس من مصفف الشعر ،وجم الناس ،توقفت الزغاريد وساد صمت ،اختلط القادمين لللعزاء بالقادمين للتهنئة
    كان المصفف يصفف شعر العروس هناك،وفي الدار كان الاقارب والجيران يباشرون اجراءات الاعداد للمواراة الاخيرة لجثمان الأم،وحين توقفت العربة التي تحمل العريس والعروس لم يزغرد احد،تم تغيير الاتجاه الي منزل مجاور،حتي يتم ابلاغ العروس بالخبر الفاجع
    انطلقت صرختها وجاءت تركض بفستان الفرح الابيض لتلقي علي الأم نظرة وداع اخيرة . ونام الكمبو حزينا. ولا زلت اذكر تلك الليلة التى كنا ننتظر فيها حفلا ، فقضينا الليل في المقابر.

  14.  
  15. #58
    عضو برونزي
    Array الصورة الرمزية صلاح سر الختم علي
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    الدولة
    ودمدني سابقا 114 ومايو
    المشاركات
    1,436


    معتصم سوداني الأهلاوي الجميل
    الاستاذ المحامي الراحل معتصم حسن ابراهيم الشهير ب (معتصم سوداني) رحل عن دنيانا وغيبه الموت نسأل الله له الرحمة
    كان وجها جميلا من وجوه المدينة : رياضيا لايجاريه أحد في عشقه لسيد الاتيام اهلي مدني عرفته دار الرياضة حاضرا دائما مشجعا صعب المراس لمحبوبه عالي الصوت وعالي التهذيب صاحب طرفة وابتسامة دائمة وصوت عال يميزه لاعبو الاهلي جيدا كما يميزه رواد دار الرياضة مدني وهو عنيد في تشجيعه وفي حبه لهذا اللاعب وعدم استلطافه لذلك
    ويحكي عنه الاصدقاء الطرائف منها انه كان دائم الانتقاد للاعب الاهلي الفذ الجيلي الله جابو والمطالبة بتغييره حتي انه بات يري في كل من يضيع هدفا الجيلي ويهتف فيه حتي انه مرة طالب باستبداله وهو غير مشارك.. ومع ذلك فهو وفي للاهلي ولاعبيه لطيف جدا معهم لايأخذون عليه شئيالمعرفتهم طبعه وغيرته، كان محاميا نشطا موفقا لطيف المعشر كثير الادب في تعامله مع زملاء المهنة والقضاة ورجال الشرطة والخصوم وصاحب سيرة مهنية لم تشبها شائبة...لم يعرف عنه ميل للخصومة او دخول في صراعات او معارك الا ما اقتضاه عمله كمحام ووفقا لاخلاق المهنة وتقاليدها التي تشربها من استاذه العالم سيف الدولة خضر عمر.. كان معتصم شهما كريما محبا للاخرين ودودا وكان بيت اسرته بشندي فوق التي يسميها محبة شندوق قبلة للجميع كل جمعة للتسامر والونسة وله اصدقاء دائمون هم كوارة ود المأذون الذي صار مأذونا ونجيب الذي يعمل بالمطبعة الحكومية وقام بتغليف معظم كتب محامي مدني والاستاذ فتح العليم محجوب والاستاذ صديق عيدروس واخرين سقطوا من الذاكرة وينحدر معتصم من اسرة جعلية من شندي من حي شندي فوق وقندتو حيث جذور والده ولكنه ارتبط بمدني ارتباطا قويا بحكم الميلاد والنشأة. له الرحمة ولاهله واصدقائه الصبر والسلوان. اللهم ارحمه واجعل قبره روضة من رياض الجنة.

  16.  
  17. #59
    عضو برونزي
    Array الصورة الرمزية صلاح سر الختم علي
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    الدولة
    ودمدني سابقا 114 ومايو
    المشاركات
    1,436


    ملامح من وجهى القديم

    كنت صغيرا ومزهوا بنبوغ كنت أسمع عنه عند الكبار، كانوا يفرغونه في شكل ثناء أو هدية صغيرة قد تكون قطعة حلوي، لكنني كنت أمتلي بسعادة لاتحدها حدود وأقبل باهتمام علي دروسي علي أظفر بالمزيد، كنت أحب الاستاذ فأحب مع محبته كل شئ مرتبط به،أتذكر ذلك الاستاذ في مدرسة بانت غرب الابتدائية في مدني أظن اسمه عبد العظيم، كان طويلا وبدينا ومستدير الوجه وله نظارة تميزه وابتسامة تزداد جمالا حين ينشد بصوته القوي أناشيد جميلة كلها تدور حول حب الوطن، فنغني معه باصوات تزداد نشازا مع ازدياد حماسنا، كان ذلك الرجل الجميل بوابة أولي ولبنة أولي في عشقنا للموسيقي والوطن بتلك الطريقة الطفولية الحالمة الجميلة،وكان الجرس في المدرسة موسيقي أخري تتخذ اشكالا مختلفة ، فان كنت داخل الفصل متشوقا للفطور والحلوي فهو بشارة التحرير ورنة السعادة ، وان كنت لاتزال تركض باقدامك النحيلة صوب المدرسة ،ورن الجرس قبل بلوغك الفناء فهو نذير علقة ساخنة ودموع قادمة في الطابور،كان كل شئ في المدرسة له طعمه ومعناه الخاص حتي الشقاوة.
    وجه:
    أتذكر الان بشكل غامض وجها أسمرا به نمش لرجل خمسيني هادئ الطباع كان هو صاحب الدكان الذي نمر به يوميا في طريقنا من البيت في حي البيان الي المدرسة في بانت، لا أتذكر أسمه ( اطنه السر)لكن أتذكر طعم الفول المصري الجميل الذي كنا نتناوله منه محشوا في سندوتش ونحن ذاهبون الي المدرسة، كان طعما لم يتكرر ثانية برغم الرحلة الطويلة مع الفول عبر السنين، كان رجلا طيبا ، يحب الأطفال كثيرا ويحتملهم إحتمالا لاأظن أهلهم يحتملونه،كنا نحب دكانه كثيراويمثل محطة مهمة في رحلة الصباحية، الدكان كان قريبا من بيت علي افندي والد عبدالعظيم علي افندي زوج عمتي نفيسة محمد علي والدة رفاق طفولتي الباكرة نادرونازك، كان نادر يقرأ معنا في ذات المدرسة وكانت نازك تقرأ في مدرسة الكورة الشهيرة ببانت وهي تقع في الطريق الي المدرسة، فيما بعد صارت نازك وكيلة نيابة وصار نادر ضابطا بالجيش وبت محاميا ثم قاضيا، فهل تري كان من علمونا الحروف وقومونا في ذلك الزمن يتصورون ما صرنا اليه؟ هل كانوا يدركون ان بذورهم ستقبض وتثمر؟وهل لو فقدوا ايمانهم بجدوي ما يفعلون أو تراخي ذوينا في دفعنا نحو التعليم تري كيف كانت تكون مصائرنا؟ هي اسئلة للتقدير والعرفان لمن منحونا قوة في وقت ضعفنا وصنعوا منا شيئا وليست وقفة للتباهي. أتذكر الان تلك الطفولة الشقية في بيوت متعددة متقاربة، بيتنا في حي البيان وبيت جدي الذي يقع أمامه مطلا مباشرة علي شارع الدباغة السوق، والبيت الثالث بيت ناس علي افندي جد نازك ونادر عبد العظيم الذي يقع في طريق المدرسةجوار طاحونة شهيرة أحتلت بعض ذكريات الطفولة، واتذكر كوبري حاجة عشة الذي سموه كذلك نسبة الي حاجة عشة التي تبيع الفول والتسالي عنده وهو كوبري صغير تنحدر مياه الامطار عبره الي النيل الازرق القريب من حي العشير الذي يقع في جانب الزلط، اتذكر بيت ناس العم بشير جمعة صاحب بصات الركبي الشهيرة التي كانت وسيلة النقل بين الخرطوم ومدني وهي نيسانات لها صندوق مصنع محليا،وكان بيت بشير جمعة يطل علي الخور المنحدر من بانت نحو النيل الازرق، واتذكر ان نفس الاسرة كان منها عباس بايا لاعب المدينة الشهير واخوته عمر والثالث بكرى، كانوا مهووسين بكرة القدم ونادي المدينة بينما كان آل دوليب كلهم مفتونين بنادي الزهرة العريق وكانت كل اسرة دوليب تقريبا لاعبين مهرة ، اتذكر منهم كبيرهم كابتن الزهرة الحريف عثمان دوليب الشهير بعثمان ننو وشقيقيه النور وحيكو والتيمان واتذكر الكابتن ابوليلي عليه رحمة الله،واتذكر جلال عبدالله لاعب الاتحاد والهلال العاصمي الشهير من ابناء البيان واخوه مبارك الذي لعب للاتحاد مدني واخوهما بدر ابليس الذي لعب للاتحاد ايضا واتذكر اسرة ناس مبارك الفاضل بركة الذي لعب بالثوار والاتحاد وشقيقه عليوة الذي لعب بالزهرة والاهلي مدني وهلال بورسودان
    بيت صغير وشجرة:
    كان هناك بيت صغير به شجرة نيم عملاقة، كان البيت في زقاق صغير من زقاقات العشير، كنت احتاج قطع شارع الزلط الملئ بالحركة للوصول اليه، لا اتذكر أسم صاحب البيت ولكنه كان قريبا بعيدا لنا،كان البيت علي قلة سكانه وهما زوج وزوجة دوما مزدحم بالناس وبالضجيج الفرح،لاتخلو الدار ابدا من الضيوف المقيمين وجلسات الجبنة والأنس، كنت اتسائل دوما كيف يحتمل الرجل الباسم الودود دوما كل هذا العبء ولماذا؟
    غاب الرجل في زحام الحياة فجأة وبقيت شجرة النيم العملاقة تنتظر أوبة من كانوا يقضون سحابة النهار تحتها في أنس وحبور، كنت أعود اليها بين الفينة والأخري فلا أجد من آثار أهل الدار الا الطيور التي تقضي سحابة النهار في ظلها، ثم باتت الشجرة شاحبة صفراء الأوراق، وذات يوم جئت فلم أجدها بل وجدت أوراقا شاحبة جافة وأغصان مبعثرة في الكوشة الكبيرة التي تتوسط الحي ، فبكيت ولم أعد أبدا.

    صور سريعة:
    في حي البيان حيث سكنا في طفولتي الباكرة في منزل باشا جد حموري لاعب الكرة الشهير بجوار ناس اب ساق من الجهة الشرقية وناس آمنة الحمراء من خلفنا وناس عاطف المشهور بعاطف اب ادية بسبب عيب خلقي في يده من الناحية الغربية ويفصلنا عنهم شارع صغير، وأتذكر أن احد الجيران كان ملاحظا للصحة وله برنيطة عريضة وزي كاكي مميز واظن ولده كان عادل الكردي الذي بات فيما بعد ضابطا كبيرا بالشرطة في الثمانينات،وكان من الجيران شاب يسمي قزقز واسمه عبد العظيم فرح كان لاعبا لكرة القدم بامكانيات مهولة وكان يلعب في فريق الثوار وقتها ،وكانت الالقاب منتشرة في الحي انتشارا كبيرا كان سمة تلك الناحية من مدني وذلك الزمان،وفي تلك الايام كانت العصبية للاحياء والشلليات المبنية علي ذلك في أوجها، كان اولاد العشير عصبة شرسة واولاد أم سويقو عصبة أخري أصعب وكان أولاد البيان مجموعة وأولاد بانت مجموعة أخري، ومن الطرائف التي اتذكرها أن المجموعات المختلفة اعتادت علي شن غارات علي بعضها البعض استعراضا للقوة وثأرا احيانا وبحثا عن الإثارة تارة أخري، اتذكر انه كان يوجد في مدخل فريقنا مثلث صغير يبدأ من الكوبري الأول بعد القبة مباشرة جوار منزل جيران كان لهم ابن يشتغل بشرطة المرور وله موتر من مواتر التشريفة، عند هذا المثلث كان ثمة عمود كهرباء مضئ وعند هذا العمود كان العم (مدنكل )يبيع السندوتشات الرهيبة من الفول وسلطة الاسود وسلطة الروب والطعمية، كانت شهرة العم مدنكل تشمل مدني كلها،فيأتي الناس اليه لشراء السندوتشات الجميلة، كان اولاد حلتنا قد اعتادوا التجمع عند عمود النور ولعب الكوتشينة ارضا اسفله والسمر تحته، وكانت هناك خشية دائمة من غارات اولاد العشير وأم سويقو المفاجئةفكان اولاد الفريق الكبار يستخدمون الصغار ككتائب استطلاع وانذار مبكر، وكانت العصي مجهزة بجوارهم استعدادا لاي غارة،واتذكر غارة شنها اولاد أم سويقو علي الفريق استدعت تدخل النجدة لفض الاشتباك، كان الأمر كله استعراضا للرجولة وبحثا عن الإثارة والبطولات ،وكان شيئا يبدد الرتابة،والغريب انه كانت توجد علاقات طيبةوصداقات فردية عابرة للاحياء ومباريات كرة قدم ومشاركات في الأعراس في الاحياء المختلفة ونادرا ما كانت تحدث احتكاكات لكنها لو وقعت فتكون كفيلة بفض الحفلة بصورة بشعة، وكان لعلاقات المدارس دور كبير في تذويب التعصب للاحياء واختفاء عصابات وشلل الاحياء في مدني،ولكن ظل ابناء مدني لفترات طويلة يتحركون في جماعات كبيرة علي اساس اولاد الفريق خوفا من بطش عصابات الاحياء الاخري بهم ان هم تحركوا فرادي.

    التعديل الأخير تم بواسطة صلاح سر الختم علي ; 02-09-2014 الساعة 07:26 AM
  18.  
  19. #60
    عضو برونزي
    Array الصورة الرمزية صلاح سر الختم علي
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    الدولة
    ودمدني سابقا 114 ومايو
    المشاركات
    1,436


    `ذكريات المدرسة الابتدائية
    .درست في مدرسة الجنوبية الابتدائية بحي الدرجة بمدني قبالة مدرسة السني الثانوية التي كانت تسمي في ذلك الزمن النيل الازرق الثانوية وكان يدرس بها اخي الدكتور محمد سرالختم وقتها، كنت صغيرا في الصف الثالث الابتدائي حين انتقلت من مدرسة بانت غرب الابتدائية التي درست فيها الصفين الأول والثاني ثم انتقلت الأسرة الي حي 114 وكان لابد من نقلي الي مدرسة اقرب من بانت غرب التي كانت الأقرب حين كنا نسكن حي البيان، كان ذلك الانتقال انتقالا مبهرا ، فالبئية في مدني جنوب ( احياء الدرجة المزاد والحلة الجديدة و114وشندي فوق والسكة حديد) كانت شيئا مختلفا عن حي البيان وبانت والعشير، ففي هذا الجزء الجنوبي من مدني كانت الخضرة تكسو الشوارع بشكل واضح، كانت الحواشات القريبة التابعة لمشروع الجزيرة وتلك الترعة التي تشق حي 114 وتفصله عن الدرجة تضيف بعدا مختلفا للمنطقة، مدرسة النيل الأزرق كانت عالما ساحرا وجميلا ومشتهي، كانت فناء واسعا به مجموعة كبيرة من الفصول وبها داخلية مكتظة بالطلاب، وبها ميادين باسكت بول وكرة طائرة مميزة،اتذكر اننا كنا عندما نأتي صباحا الي المدرسة نتلفت صوب ميدان الطائرة الخاص بمدرسة النيل الازرق،، نري الشبكة منصوبة وفريقان من طلبتها واقفان كل فريق يرتدي زيا مميزا، وثمة استاذ مصري الجنسية يرتدي فنيلة خضراء ممسكا بالصفارة، تبدأ المباراة صاخبة ساحنة وبقية الطلاب حول الملعب يشجعون ونحن ننظر من بعيد في شوق الي يوم نبلغ فيه هذه المدرسة، يرن الجرس في مدرستنا فنركض نحو الباب الصغير خوفا من العقاب ان تأخرنا عن الطابور، ويتكرر المشهد ذاته كثيرا، اظن ان ثمة حكمة كامنة خلف تجاور مدرستين مثل مدرستنا الصغيرة ومدرسة اخوتنا الكبار الثانوية العليا التي تفصل بيننا وبينها مرحلة الثانوي العام، فقد كانت المدرسة الثانوية بميزاتها غير الموجودة في مدرستنا تمثل طموحا مشروعا لنا وتشكل حلما يجعلنا نطوي الفصول طيا لبلوغه، اتذكر ان ناظر مدرستنا الاستاذ محمد يوسف كان رجلا صارما ومهابا، اتذكر حتي العجلة التي كان يستقلها في قدومه وذهابه، اتذكر انني قابلته بعد سنوات عديدة في السوق الجديد بمدني جوار البوستة، كان لايزال علي عجلته تلك وكنت قد بت محاميا يرتدي بذلة كاملة في عز الصيف، توقفت وصافحته وقلت له انني تلميذه فضحك وقال لي يا بني انا لا انسي تلاميذي ابدا، اتذكرك وكل زملائك واحدا واحدا، وانا فخور بكم دائما ويكفيني ان يوقفني في كل دقيقة واحد منكم ويسلم علي بصفتي المحببة التي لايسلبها مني معاش الحكومة( يا استاذ)، كان متأثرا جدا، وكنت سعيدا جدا بلقائه، تذكرت قصة سراج الجعلي ذلك النحيف المشاكس الذي كان نجم الفصل في الهرجلة ونجم الطابور في الصمود امام الجلد العلني المتكرر، كان لايصرخ ولا يئن ابدا، يرفعه اربعة من (ناس ورا) الذين يتميزوا بالطول والقوة وبروز معالم البلوغ عليهم، ينهال السوط علي صلبه وهو يضغط علي اسنانه وحين يطلقوه يقفز نشيطا ويقف في الطابور كأن شيئا لم يكن، حتي كان يوم، كان المسؤول عن الطابور في ذلك اليوم استاذنا مهدي عابدين لاعب اتحاد مدني الفلتة في ذلك الزمان، لاحظ استاذ مهدي في صمود سراج شيئا غير عادي، فانبري وفتشه فاخرج (لستكا جوانيا) كاملا كان محشوا بين الرداء والجسد النحيل، حين رفعوا سراج مجردا من حصانته الخفية صرخ باعلي صوته من السوط

    الأول وبكي في الثاني وانفلت هاربا من المدرسة في الثالث وضحك الطابور كله....



    حكايةالرجل الذى غير حياتنا( الى الأسوأ)


    من الاشياء الموجعة في ذكريات الطفولة في مدرسة الجنوبية الابتدائية تلك الجريمة التي ارتكبها أحد المعلمين بحقنا، كانت مدرستنا تجمع بيننا نحن ابناء العمال الفقراء محدودي الدخل وبين أولاد كبار الموظفين والتجار في المدينة، فقد كان حي الدرجة الذي تقع به المدرسة هو حي الطبقتين الوسطي والثرية وكان سكانه يجمعون بين خليط من كل الطبقات وصفوة من الأثرياء وكبار الموظفين في المدينة، كانت ظاهرة التعليم الخاص والمدارس الخاصة لم تعرف طريقا بعد للمجتمع السوداني في ذلك الزمن منتصف السبعينات، كانت المدارس كلها حكومية وشعارات مثل الزامية التعليم ومجانيته هي المحببة لدي حكومة النميري ذات الشعارات الاشتراكية، كانت الدروس الخصوصية تشق طريقا خجولا في ذلك الوقت، وكان من نصيبنا ان ندفع ثمن ماقبضه معلمنا ذلك الذي يسمي يونس وكان استاذا للحساب قبل ان يصير اسمه رياضيات، اختار ثلاثة من كبار تجار المدينة الاستاذ المذكور ليقدم دروسا خاصة لاولادهم الثلاثة في الحساب، فانعكست تلك الحصص الخصوصية علينا نحن الذين لم نكن نحتاجها ولانملك ثمنها لو احتجناها ، كان انعكاسها علينا ان معلمنا المحترم بات يميز بين طلابه الخصوصيين دافعي الأجر الخاص من اولاد المصارين البيضاء وبين تلاميذه الفقراء الذين تدفع له الحكومة نيابة عنهم راتبه المحدد، كنانرفع ايدينا ونصرخ بحماسة ( فندي ...فندي....فندي) لكي نجيب علي سؤال في الحصة فيتجاهل اصابعنا الصغيرة واصواتنا التي بحت ويطلب من واحد من فرسانه الثلاثة ان ينهض ويجيب واذا اخطأ يعدل اجابته ويطلب التصفيق له، كنا نشعر بالم كبير وحسرة وغضب منه ومنهم، كيف سولت له نفسه وهو معلمنا كلنا ان يمنح بعضنا امتيازا علي البعض لاسباب لاعلاقة لها البتة بالتعليم او الذكاء، وكيف قبلوا هم ان يصبح الفصل واستاذه ملكا لهم وحدهم ونصبح فيه لاقيمة لنا ولاصوت مثل جدرانه؟ ....كان رد فعلنا ان كرهنا الاستاذ فكرهنا حصته وكرهنا الحساب كراهية امتدت الي عمرنا كله وقذفت بنا فيما بعد بعيدا عن المساق العلمي وقذفت بنا في حينه الي ترتيب متأخر في الفصل، اتذكر جيدا انني كنت قد جئت منقولا من مدرسة بانت غرب وترتيبي الأول مشترك بنقصان ثلاث درجات فقط وكانت درجتي في الحساب ممتازة جدا، وحين انهيت عامي الأول بعد صدمة استاذ يونس تلك وترتيبي الحادي عشر ودرجات الحساب هي الأسوأ وهي سبب التدحرج.... كانت تلك جريمة لاتغتفر لازلت اتذكرها بذات الشعور بالظلم وبالغضب برغم السنوات البعيدة التي تقع مابين عام 1974 وعام 2013. الغريب ان الفرسان الثلاثة لم يتجاوزوا في التعليم المرحلة الثانوية، توقف قطارهم فيها وباتوا تجارا مثل ابائهم ، فيما واصل أقرانهم تعليمهم الي أعلي مراتبه، لم تشفع لهم نقود ابائهم ولم تمنع أقرانهم قلة حيلة ابائهم من مواصلة تعليمهم. اما استاذ يونس فنسأل الله ان يسامحه ويفغر له ماتقدم وتأخر من ذنبه، فقد كانت غلطته معنا درسا نافعا لنا تعلمنا منه الكثير وأهم ماتعلمناه هو اجتناب الظلم بكافة اشكاله.

    التعديل الأخير تم بواسطة صلاح سر الختم علي ; 31-08-2014 الساعة 07:34 PM
  20.  
  21. #61
    عضو برونزي
    Array الصورة الرمزية صلاح سر الختم علي
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    الدولة
    ودمدني سابقا 114 ومايو
    المشاركات
    1,436

    الجامعة وأحلام العصافير والأسلاك الشائكة
    في الجامعة كان المشهد برمته جديدا ومثيرا،بنات جميلات في عرض دائم للأزياء، ضجيج مكبرات الصوت المتشاكسة الدائم، الموائد الفكرية المتباينة وعارضى الفكر والأفكار متعددى المشارب،حلقات الشعر والأدب، صحف الحائط وعناوينها المثيرة، المحاضرات المختلفة كلية عن الحصص المدرسية،فناء الجامعة العامر بالضجيج دوما،كانت الجامعة باختصار مهرجانا دائما، وجدنا أنفسنا بغتة في قلبه،الطلاب الجدد كانوا دوما هدفا للطامعين في الجامعة، الأحزاب تستهدفهم بأنشطتها وكوادرها الظاهرة والخفية، والروابط الإقليمية تستهدفهم برحلاتها وحفلاتها، وقدامى الطلاب يستهدفونهم بمقالبهم وسيطرتهم وتوجيههم، والجماعات الأدبية تنقب وسطهم عن إضافات جديدة لها،لذلك كله تبدو الجامعة للبرلوم أميرات حسن ينحنين إجلالا وتقديرا له ويخطبن وده جميعا فلا يستطيع الإختيار من بينهن ويمتلئ زهوا واعجابا بنفسه، وفجأة يجد الأضواء قد انحسرت عنه بعد انتهاء موسم الانتخابات وحلول برالمة جدد بالجامعة، فيفهم متأخرا سبب الإهتمام والإنحناءات. ومن الأشياء التى لايفهمها الطالب الا بعد سنين طويلة أن انضواء الطالب تحت لواء فريق من الفرق المتصارعة يقلل تلقائيا من فرص بناء علاقات اجتماعية واسعة ، فغالبية الطلاب يفرون من الطلاب المنتسبين للتنظيمات كما يفر المرء من عدوى فتاكة خشية التصنيف من قبل الآخرين وخشية الإستقطاب، وذلك وجه من وجوه مظلمة للمارسة السياسية في السودان يبقي قابعا في اعماق اولئك( اللامنتمون) يؤثر في مجمل مواقفهم ويطبعها بطابع سلبي تجاه حملة الأفكار المعلنة علما بأن كل شخص منظم أو غير منظم يحمل فكرا يؤمن به ويؤثر على مواقفه. وهناك تعالى مقابل من قبل المنتسبين للجماعات والأحزاب فهم يرون في اللامنتمين أشخاصا أقل منهم مقدرة ومكانة ويطلقون عليهم تسميات تعبر عن ذلك التعالى القابع في الأعماق فهم يسمونهم تارة( الفلوترز) و تارة( الحناكيش) .وهناك ظاهرة أخرى مصاحبة للنشاط السياسي في الجامعات هى ظاهرة الحلقية الضيقة والرغبة في محو الآخر واقصاؤه، الصراع حول مقاعد الاتحاد مثلا كان صراعا عنوانه الرغبة في الفوز وحقيقته الرغبة في السيطرة واقصاء المهزوم واستمالة العامة الى جانب المنتصر ، وأظن هذه الظاهرة هى التى تفسر ماجرى على الساحة السياسية السودانية فيما بعد من تنكيل بالآخر واقصاء له وسيطرة مطلقة على مصائر الأغلبية وزيف دعوات الحوار مع الآخر.كل ما جرى فيما بعد كان تمرينه الرئيس قد جرى بالجامعات قبل ذلك وبذرته غرست في العقول هنالك. كنت طوال عمرى قبل الجامعة حرا في بناء صداقاتى واختيار اصدقائي ولم اكن يوما مجبرا على القبول بأحد ضمن قائمة اصدقائي لأي اعتبار آخر،وكانت الإهتمامات المشتركة والقبول المتبادل هو الاساس المتين لكل صداقة، لكن في الجامعة نشأت أسلاك شائكة وتصورات وأفكار مسبقة حاجزا بينى وبين الكثيرين، وكانت تلك خسارة فادحة مؤكدة.

    التعديل الأخير تم بواسطة صلاح سر الختم علي ; 29-08-2014 الساعة 11:50 PM
  22.  
  23. #62
    عضو ذهبي
    Array الصورة الرمزية تغريدا
    تاريخ التسجيل
    Apr 2010
    المشاركات
    4,363

    استاذنا الكاتب الاديب / صلاح سر الختم

    دوماً بين احرفك تتقازم كلماتى وتتوارى حروفى خجلى لعجزها عن التعبير بمايليق من جمال الكلم هنا


    فقط اسمح لى بالأستمتاع والأبحار فى مكامن الجمال هنا


    لك منى خالص التحيا النديات يلفها ود وأحترام


    اللهم صلى وسلم على النبى الكريم وآله وأصحابه الطاهرين وأجمعنا بهم يوم الدين
    (ماندمت على شئٍ ندمي على يومٍ غربت شمسه, فنقص فيه أجلي, ولم يزد فيه عملي)


    كن فى الحياة كعابر سبيل
    وأترك وراءك كل أثر جميل فما نحن فى الدنيا إلا ضيوف
    وماعلى الضيوف إلا الرحيل



  24.  
  25. #63
    عضو برونزي
    Array الصورة الرمزية صلاح سر الختم علي
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    الدولة
    ودمدني سابقا 114 ومايو
    المشاركات
    1,436

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة تغريدا مشاهدة المشاركة
    استاذنا الكاتب الاديب / صلاح سر الختم

    دوماً بين احرفك تتقازم كلماتى وتتوارى حروفى خجلى لعجزها عن التعبير بمايليق من جمال الكلم هنا


    فقط اسمح لى بالأستمتاع والأبحار فى مكامن الجمال هنا


    لك منى خالص التحايا النديات يلفها ود وأحترام
    ولك منى كل الاحترام والتقدير
    فهذا التفاعل الجميل مع ماكتبت لا يقدر بمال ولا حروف
    فهو من الروح الى الروح

  26.  
  27. #64
    عضو برونزي
    Array الصورة الرمزية صلاح سر الختم علي
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    الدولة
    ودمدني سابقا 114 ومايو
    المشاركات
    1,436

    لكن يجب التنبيه الى ان ما أقوله هنا هو أفكار جديدة لم تطف ببالى وانا اندفع بحماس دافق غائصاً حتى الركب كما يقول المثل السودانى فى وحل السياسة ودروبها الموحشة،بت خطيبا من خطباء الجامعة الذين يرسمون مدناً فاضلة مصنوعة من وحى الخيال ومن قصائد الشعراء ومن بطون الكتب ومن جوع الناس الى الكمال المستحيل، لم أك كاذباً ولامهرجاً أومزيفاً لواقع ،لكننى كنت أرسم ما كنت أؤمن به من قيم وما أحلم به من أحلام واسقطه على برنامج سياسي كانت سمته الأساسية التبشير بحضور كل ما هو غائب ومشتهى. وكان الشعر ذراعى الأيمن ، كنت أرسم مدنى الفاضلة ثم أقرأ شعرا ملتهبا وجميلا وقادرا على دغدغة الأحلام وإلهاب المشاعر، كنت أحب الشعر والقصة وكان الشعر سردا بديعا على الهواء، سردا قادرا على حشد الناس وتحويلهم الى قنبلة متدحرجة قادرة على الفعل الجرئ.وحين انظر الآن لى مافعلته في تلك الأيام لا يساورنى أدنى شك في أننى كنت أديباً يعتلى منصة السياسة ليعرض بضاعته ولم أك يوما سياسيا يرتدى ثوب الأدب ليعرض بضاعته، وما أقول هنا ليس تنصلا من اختيارات واعية مارستها، بل هو محاولة متأخرة لفهم ماجرى والدوافع المؤدية اليه.كان العمل السياسي في ذلك الزمان عملا يجعل صاحبه شخصية مزدوجة مثل ازدواجية الممارسة، فبينما كان النشاط السياسي عملا مشروعا داخل الجامعات كان محرما وجريمة خارج أسوار الجامعة وكانت الأحزاب محلولة ومحظورة بموجب القانون، لذلك كان النشاط مزدوجا، مسموحا به داخل الجامعة فتتم ممارسته بعلانية، أما خارج الجامعة فكل شئ كان يمارس في الخفاء، الإجتماعات سرية، والمنشورات تطبع سرا وتوزع ويتم تداولها سرا، والقصائد الثورية والكتب السياسية والمنشورات كلها محظورة مثل نبات البنقو والهيرويين ويتم تداولها سرا وتعتبر حيازتها جريمة خطيرة،هكذا وجدت نفسي بغتة أمارس حياتين واحدة علنية وأخرى سرية مثل حياة أبطال الروايات والقصص المرتبطة بالثورات مثل قصص الثورة الفرنسيةوقصة جيفارا وقصة الليندى في تشيلي وقصة المهاتما غاندى وغيرها،كان في الأمر تشويق وإثارة لاحدود لهما،يختلط فيهما الواقع بخيال مستلف من القصص البوليسية والأفلام والروايات،وكانت هناك ثقافة سودانية خاصة بقصص العمل السرى وتجارب بعض ابطاله وهى قصص فيها من الإثارة والتقديس مايرتفع بأصحابها الى مراتب أبطال القصص البوليسي . كان ذلك نهرا خاصا له سحره وبريقه.باستثناء البريق الذى يصاحب المتحدثين في الأركان والندوات في الجامعة كنت الشخص نفسه، المحب للشعر والقصة، الممتلئ بالرغبة في الثأر لصديقه من نظام سياسي قتله،وكنت حريصا على دراستى فانا اعرف جيدا اننى جزء من أحلام أمى وأبي وهى أحلام عزيزة عندى،ولم يكن واردا في حساباتى أن أتسبب لهما بأى آلام، لذلك كنت حريصا جدا على الانتظام في محاضراتى والا يكون نشاطى على حساب دراستى، وكنت قد أغرمت بدراسة القانون التى كانت بالنسبة لى متعة لاتدانيها متعة.

    التعديل الأخير تم بواسطة صلاح سر الختم علي ; 31-08-2014 الساعة 07:41 PM
  28.  
  29. #65
    عضو برونزي
    Array الصورة الرمزية صلاح سر الختم علي
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    الدولة
    ودمدني سابقا 114 ومايو
    المشاركات
    1,436

    كانت الجامعة خلية نحل لاتهدأ أبداً، الأحداث فيها متواترة متلاحقة لافواصل بينها ، ومن الحبة دوما تأتى القبة،وأتذكر جيدا أن دخولنا الجامعة تزامن مع اقرار نظام النميري لقوانين سبتمبر1983 التى أصدرها النميري معلنا زورا تطبيق الشريعة الاسلامية ونصب نفسه إماما وقد وجدت تلك القوانين معارضة واسعة ، وكان أبرز المعارضين لها الاستاذ محمود محمد طه زعيم الجمهوريين الذى أصدر منشورا سماها فيه باسم قوانين سبتمبر وقال فيه قولته المشهورة التى رددها في محاكمته التى انتهت باعدامه بتهمة الردة ("أنا أعلنت رأيي مرارا، في قوانين سبتمبر 1983، من أنها مخالفة للشريعة وللإسلام. أكثر من ذلك، فإنها شوهت الشريعة، وشوهت الإسلام، ونفّرت عنه. يضاف إلي ذلك أنها وضعت، واستغلت، لإرهاب الشعب، وسوقه إلي الاستكانة، عن طريق إذلاله. ثم إنها هددت وحدة البلاد. هذا من حيث التنظير. وأما من حيث التطبيق، فإنّ القضاة الذين يتولّون المحاكمة تحتها، غير مؤهلين فنيا، وضعفوا أخلاقيا، عن أن يمتنعوا عن أن يضعوا أنفسهم تحت سيطرة السلطة التنفيذية، تستعملهم لإضاعة الحقوق وإذلال الشعب، وتشويه الإسلام، وإهانة الفكر والمفكرين، وإذلال المعارضين السياسيين. ومن أجل ذلك، فإني غير مستعد للتعاون، مع أي محكمة تنكرت لحرمة القضاء المستقل، ورضيت أن تكون أداة من أدوات إذلال الشعب وإهانة الفكر الحر، والتنكيل بالمعارضين السياسيين".)، كانت المحاكمة نفسها والإعدام حدثا مفصليا في الحياة السياسية في السودان، وكان يوما عاصفا في الجامعة سالت فيه الدموع وتجمعت فيه سحب الغضب وخرجت جامعة القاهرة الفرع في مظاهرة حاشدة بددت حالة الوجوم والدهشة والخوف وعدم التصديق التى خلفها الإعدام. وتجاوبت بقية الجامعات وكسرت طوق العزلة واستمرت المظاهرات الحاشدة في الخرطوم تتنقل من جامعة الى جامعة، واتذكر جيدا ان جامعة الخرطوم باتت مركزا لنشاط المعارضة التى خرجت للعلن في ندوة حاشدة بجامعة الخرطوم ميدان كلية الهندسة عشية اعدام محمود محمد طه وهى ندوة اختلطت فيها الكلمات بالدموع ونعى المتحدثون فيها السماحة التى ميزت الشعب السودانى وجددوا فيها معارضتهم لنظام النميري واعلنوا ميلاد التجمع الوطنى الديمقراطى.و في تلك الليلة نفسها تجدد تحالف عريض في الجامعات السودانية هدفه اسقاط نظام النميري ومؤيديه في الجامعات الذين جعلوا مناصرته تساوى مناصرة الشريعة الاسلامية. وقد كان عام 1984 عاما عامرا بالنضال الطلابي والشعبي ضد نظام مايو،ومن ذكريات ذلك العام مظاهرات واسعة شهدتها العاصمة وكانت الجامعات وطلابها هم وقودها وكانت الصحف الحائطية بالجامعات والندوات والأركان هى شرارتها، وبلغ الأمر حد ان قوات الاحتياطى المركزى حاصرت جامعة القاهرة الفرع يوما، وأغلقت أبواب المدرجات على الطلبة وألقت قنابل الغاز المسيل للدموع بداخلها، وأصطف الجنود بالهراوات أمام أبواب مدرج ثالثة حقوق حتى باب دار الاتحاد لينهالوا ضربا على الخارجين من المدرج ثم يقذفوا بهم داخل العربة الواقفة امام دار الاتحاد ليأخذوهم الى قسم شرطة غرب ( رئاسة شرطة الخرطوم الحالية) ومن ثم يقدموهم للمحاكمة بتهمة التظاهر والتخريب والدم ينزف منهم، قيض الله لبعض الطلاب قاضيا نزيها اسمه طارق برأ ساحتهم وأمر بمنحهم ارانيك جنائية للكشف عن حالة الأذى وفتح بلاغات ضد الشرطة، بينما كان نصيب بعضنا وكنت منهم ان نمثل أمام قاض آخر من طينة أخرى حكم علينا بالجلد عشرين جلدة وهو يسخر ممن دعاهم بالمناضلين سخرية، وقفنا في مجمع الخرطوم شمال نتلقي ضربات السياط بثبات زادته زغاريد انطلقت من أفواه موظفات في المبنى المجاور للمحكمة، كانت تلك طريقتهن للتضامن معنا. اتذكرهن بثياب بيضاء وهن كالملائكة ينظرن الينا من الطابق الثانى للمبنى ويزغردن( المبنى الآن صار مبنى مجلس الوزراء). بعد المحاكمة الجائرة لم يطلق سراحنا بل نقلنا الى فناء قسم شرطة الخرطوم غرب حتى يأتى رجال الأمن ليتخيروا من بيننا من يريدون اعتقاله من الناشطين.لكننى استطعت بطريقة ما ان اغادر القسم ومنه غادرت الخرطوم الى مدنى حيث كان للحكاية حكاية أخرى.

  30.  
  31. #66
    عضو برونزي
    Array الصورة الرمزية صلاح سر الختم علي
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    الدولة
    ودمدني سابقا 114 ومايو
    المشاركات
    1,436

    حين وصلت مدنى كنت في البدء خائفا مترقبا، ولكن أجواء الكمبو ( حى 114) الحميمة احتوتنى وأنستنى ما كنت فيه من أجواء متوترة، كانت ضحكات رفاق الطفولة تطاول أعنان السماء، وكان الدافورى جوار بيت ناس ناجى حسن محمد صالح حارس الأهلى ورفيقي في حراسة مرمى فريق المجد مولع نار، كان الدافورى تقليدا مرحا لأولاد الكمبو لم يتخلوا عنه قط حتى بعد ان صار بعضهم نجوما يشار إليهم بالبنان في فرق مدنى الكبيرة مثل محجوب فضل الشهير بفجوك حارس الموردة والمرحوم صلاح الشاذلى حارس الأهلى مدنى في عصر ذهبى وعبد العظيم الشهير بكزيمو مدافع الاتحاد الصلد وتمبكة وحربة وبدر اسرائيلي نجوم مريخ مدنى وبهاء الدين حسن نجم التضامن، جميعهم كانوا يواظبون على الدافورى الذي كان يلعب في ميدان صغير والمرمى فيه صغير جدا عرضه شبحة قدم واحدة والعارضة صغيرة لاتعلو من الأرض أكثر من نصف المتر، ولكن الحضور حاشد والتحدى ساخن والمدافرة من القوة بمكان والمرح حاضر وكذلك الخرخرة، كان ابطال الدافورى دوما أكثر الناس حماقة وخرخرة وأبرزهم الأخ معتصم حبشي، اما أكثرهم هزلا بلا منازع فهو معتصم حسن صالح الشهير بالوحش وشقيقيه ناجى الشهير بتشتتش وعماد الشهير بعماد لنقز، كان الدافورى بمثابة حفل ترويحى للصغار والكبار الذين يكتفوا بالمشاهدة الممتعة، وقد بلغت شهرة الدافورى حد انه استوعب ضيوفا من أصدقاء الكمبو من الأحياء الأخرى أبرزهم عليوة لاعب الأهلى وآخرين سقطوا من الذاكرة. من الدافورى كنا ننتقل الى النادى الذي يعج بالحياة، صحيفة حائطية، مباريات تنس طاولة، تربيزةضمنة ساخنة فيها تحديات لاتنتهى بين مجموعات متباينة، أبرز اللاعبين الريح أبو الريح وشقيقه يوسف الله جابو وصلاح التلب عليه الرحمة وصلاح حسن سعيد ومعتصم الساحر وحربة وقبلة وحسن علوب . وهناك تربيزة الكوتشينة الكونكان والويست التى يعلو ضججها كلما ألقي أحدهم كرت الفتوح. وكان هناك فاصل يقودنا الى محل عثمان علفكو بائع الفول المصرى الشهير في الكمبو، ننفق وقتا في اعداد الفتة في صحن كبير، ثم نهرول نحو الدور الثانى في سينما أمير القريبة أو السينما الخواجة أو الوطنية،وكانت السينما الهندية لاتزال هى المفضلة والأثيرة مع بعض المرات التى نشاهد فيها فيلما أجنبيا من النوع الذي يسمى( استورى) في سينما الخواجة أو نشاهد فيلما عربيا كوميديا من شاكلة عماشة في الأدغال. المهم اننى اندمجت في تلك الأجواء المحببة الى النفس ونسيت ماكان بالخرطوم أو كدت ، حين جاءنى أخى الأكبر أحمد لاهثا وأنا بالنادى ليخبرنى باننى ملاحق من قبل سلطات أمن النميري وأنهم سألوا عنى بالبيت ويجب أن أغادر النادى على جناح السرعة، وقد كان، غادرت النادى ولم أعد الي البيت ليلتها ، بل ذهبت مع أحد ابناء الحى السابقين الذين انتقلوا الى حى مايو وبت ليلتى في منزل آخر يخص أسرة صديقة كانت من سكان حينا القديم الكمبو .لكن القصة لم تنته عند هذا الحد، قبض أفراد الأمن على أبي الشيخ ووجد نفسه لأول مرة في حياته في مواجهة مع السلطة والقانون وهو الرجل الذى لم يقف يوما بباب سلطة شاكيا ولامشكيا ولا حتى شاهدا، فقد كان رجلا مسالما كرس حياته كلها لأجل أسرته الصغيرة وعمله. ذهب أخى أحمدليطمئن على أبيه فقبضوا عليه وأفرجوا عن الأب متفادين حرجا أكبر بحرج أصغر متخذين من أبي ثم أخى رهائن الى حين تسليمي نفسي، وقد كان، سلمت نفسي ، أفرجوا عن أخى ، وولجت سجن مدنى الكبير مع كبار القادة السياسين وقتها( مجدى سليم المحامى/ جكنون المحامى/ عبد الله باشا المحامى/ المرحوم الدكتورمدنى أحمد عيسي/ مجموعة من نقابي مصانع النسيج اتذكر منهم داؤود وعثمان عبد القادر والحسن) وبالسجن نفسه كانت هناك مجموعة كبيرة من قيادات الحركة الإسلامية بمدنى اتذكر منهم الدمياطى فقط. كنت أصغر معتقل سياسي وسطهم والطالب الجامعى الوحيد وكنت وقتهافي السنة الثانية حقوق. وكان من حسن حظى ان اعتقالي كان في الأسبوع الأخير لنظام مايو، فصبيحة السادس من ابريل ونحن في السجن عزفت الموسيقي العسكرية وقطعت الاذاعة بثها وأعلن سوار الذهب استيلاء الجيش على السلطة ونجاح انتفاضة الشعب في السادس من ابريل 1985. وخرجنا من السجن محمولين على الأكتاف وبت نجما من نجوم الكمبو في تلك الأيام.

  32.  
  33. #67
    عضو برونزي
    Array الصورة الرمزية صلاح سر الختم علي
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    الدولة
    ودمدني سابقا 114 ومايو
    المشاركات
    1,436

    القبح والجمال
    من قصص الجامعة التى لا أنساها ذلك اليوم الذى وقف فيه الأب فيليب غبوش خطيبا في الجامعة فتحدث ببساطته تلك منافحا عن قومه ومتحدثا عن التهميش الذى تعرضوا له والأعمال التى لاتليق بكرامة الانسان التى أجبروا على ادائها حين قدموا من الريف الى المدينة، تذكرت عندها أولئك الذين احتلوا قسما كبيرا من المشهد في طفولتى، أولئك الراقصون عصرا في قلب المدينة الظالمة التى اجبرتهم على حمل قاذوراتها فوق رؤوسهم نهارا، أولئك الذين كنا نطاردهم ونحن صغار بكلمات بغيضة فيها عنصرية بغيضة لم تكن سنوات عمرنا وقتها تسمح لنا بفهمها مثل عبارة( سيد العفونة ..شطة بي ليمونة) كنا نصيح بتلك الجملة التى تفجر الغضب ونركض بعيدا كنوع من الشقاوة التى تميز الطفولة، أتذكر مهرجانهم الفريد عصرا كل يوم في (الدرادر) وهو اسم تلك البيوت الصغيرة المكونة من غرف صغيرة بلا أسوار وهى خليط من الطوب الأخضر وعشش الصفيح حيث كانوا يقيمون في المسافة الواقعة بين حى 114 والمزاد في مدنى، الدرادر كان اسما له معنى فهو يختصر قصة معاناة سكانه في مدينة لم تقدم لهم سوى المتاعب التى ابلغ حد الدردرة أى الشقاء الدائم ، لكنهم كانوا قادرين مع ذلك على الفرح وصناعته وتوزيعه لكل المدينة من تلك البقعة التى أريد لها صناعة البؤس فصنعت سعادة من حولها،تنطلق أصوات الصفافير ويخرجون لامعى الأجساد الأبنوسية وهم شبه عراة يسترون فقط مكان العورة بحزام ملون من الريش والسكسك والخرز الملون ومثله يكون هناك تاج ملون فوق الرؤوس التى يربط بعضهم فوقها قرون البقر، يرقصون الكمبلا بلا توقف ويرقصون رقصات أخرى لانعرفها وتنطلق مباريات المصارعة المسماة صراع النوبة ، جميلة ومشوقة وفاتنة والدائرة حول المتصارعين والراقصين تضيق وتتسع حتى مغيب الشمس حيث تغيب شمس ذلك المهرجان. عندما أذكر ذلك المهرجان أدرك انه كان في حقيقته صرخة احتجاج كبيرة على ظلم ذوى القربى لأهله، صرخة احتجاج استخدموا فيها موروثاتهم وهويتهم الثقافية ليقولوا لا كبيرة لتعامل المدينة وأهل الثقافة السائدة فيها معهم، كانت صرخة احتجاج مبكرة أعلى صوتا من كلمات الأب فيليب وبقية الخطباء، لكننى احتجت مرور كل تلك السنوات بين مشاهدتى لتلك الصرخة في وادى الانسانية وبين اللحظة التى سمعت فيها صرخة الأب فيليب لأعود بالذاكرة الى الوراء وأفهم حقيقة ماجرى وأدرك جوهر الأشياء، يومها بكيت سرا، وبحثت عن طريقة أقدم بها اعتذارا عن شقاوة الطفولة وعن مشاركتى في مهرجان القبح ضد نهر الجمال ، فلم أجد. كثيرة هى الصور المماثلة في حياتنا التى تحتاج الى اعادة النظر فيها والتعرف على حقيقتها وجوهرها من جديد بوعى جديد يتجاوز القبول بما هو كائن الى رحاب مايجب أن يكون.

    التعديل الأخير تم بواسطة صلاح سر الختم علي ; 31-08-2014 الساعة 08:14 PM
  34.  
  35. #68
    عضو برونزي
    Array الصورة الرمزية صلاح سر الختم علي
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    الدولة
    ودمدني سابقا 114 ومايو
    المشاركات
    1,436

    الجامعة: أركان وزوايا ووجوه
    من ذكريات الجامعة جوانب متعددة، منها الموجع، ومنها المضحك، ومنها غير ذلك،في الجامعة تتقاطع وتتلاقى ثقافات السودان كلها، ولعل هذا هو الوجه المشرق لتمركز التعليم الجامعى في العاصمة دون غيرها، فالمرحلة الجامعية هى قمة الهرم التعليمى الذى يندفع من فوهته الطلاب الى نهر الحياة الصاخب وفي الغالب يتقلدون مواقع في العاصمة نفسها أو في المدن الكبيرة، لذلك فان قضاء فترة الجامعة في العاصمة وانصهار الطلاب بثقافاتهم المحلية المتباينة في نهر واحد هو الجامعة في قلب العاصمة القومية هو خير اعداد نفسي وعملى للطلاب للمراحل المقبلة في حياتهم، فضلا عن ذلك تذوب كثير من الأوهام المتبادلة بين الطلاب حول بعضهم البعض بسبب النشأة في بئيات متباينة في وطن شاسع مترامى الأطراف متعدد الثقافات والأعراق، اتذكر أيام الجامعة الآن فأجدها اجمل ايام حياتى على الأطلاق، في الجامعة التقيت بفرانسو ذلك (الشماس ) الجميل، لم يحل لون الخواجة عنده بينى وبينه ، ولم يقف اختلاف الدين حاجزا بيننا مطلقا،كان أقرب الاصدقاء لروحى، ليس لى وحدى ، بل لكل من عرفه من الزملاء والأصدقاء، كنت تقسم لو رأيته انه خواجا حل للتو بالوطن، ولكنه حين يبتسم ويتحدث بلهجته السودانية الموردابية بسبب علاقته الخاصة بحى الموردة تجد نفسك أمام رجل تصرخ عندما تراه صرخة أوسكار وايلد الشهيرة في روايته (أهمية ان تكون جادا) حين وصف بطله : (ان كل بوصة فيه تقول انه جندى) فتصرخ مسودنا للعبارة(كل انش في فرانسو يقول انه سودانى قلبة وعدلة.) وهو كذلك بالفعل، ولد ونشأ في مدينة سنار ونشأ وسط أهله الاقباط السودانيون حتى بات (شماسا) وولج الجامعة
    وبات عنصرا نشطا في الحلبة السياسية في الجامعة وبقيت روحه المرحة الساخرة هى ماتميزه وتجعل مكان تواجده قبلة للجميع بسبب خفة دمه وشخصيته التى تصبغ الاجواء بالمرح والنكتة الحاضرة. فرانسو هذا اظنه اكثر معارفى تنقلا في العمل، فقد امتهن عدة مهن ووظائف منها موظف ومدير وكالة سفر وصحفى، ثم انتهى به المطاف مهاجرا خارج الوطن هجرة بدأت باسمرا وانتهت باستراليا حيث انقطعت أخباره. وفي الجامعة نفسها التقيت بالأخوين عادل وزهير فيصل من ابناء مدينة بربر، وهما طرفي نقيض، الأول شخصية عاصفة فهو خطيب سياسي مفوه ، ما أن ينطق الكلمات الأولى في ركن النقاش حتى يتوافد الناس زرافات ووحدانا ليستمعوا لهذا الشاب الذي يشبه أولاد لعاصمة الخرطوم بهندامه وطريقة لبسه ولكن لكنته وطريقته في الحديث بعامية أهل الشمال( قلنالم وقالولنا)_ يقصد قلنا لهم وقالوا لنا_ تقول أنه قادم من محطة القطار مباشرة الى ركن النقاش، ولعل هذه الطريقة الخاصة في التحدث هى التى أعطته جاذبية وختمته بطابع مميز وجعلت أفئدة الطلاب تهوى الى ركنه دوما.أما زهير فيصل فقد كان زهرة جميلة فواحة لاتتحدث الا عبر عبيرها وروحها السمحة، كان كثير الابتسام قليل الكلام، تزوج برفيقة دراسته ومشوار حياته اقبال وهى من بنات بيت المال وكانا عصفورين وديعين في ذلك الزمان اللاهث ، وقد تربصت الأقدار بزهير فرحل عن الدنيا باكرا بعد صراع باسل مع داء عضال. وكان أبوبكر محمد أبكر القادم من قلب دارفور بعد رحلة طويلة في رحاب العمل كمعلم جعلته يبدو أبا وقورا خفيض الصوت مهذبا في جداله السياسي الى حد انه يبدو عاجزا عن مجاراة خصومه حين يهاترونه فيظل متحدثا بأدب جم وصوت خفيض ومنطق رصين، كان الرجل زهرة أخرى في بستان الجامعة، كنت حين أنظر اليه اتساءل ببراءة في دواخلى( كيف عرف أبوبكر الطريق الى دروب السياسة؟ هل هناك طه آخر قتل في دارفور دفعه مقتله الى دروب السياسة مثلى؟!) ظل السؤال بداخلى حتى وجدت فرصة وسألت ابوبكر يوما حول سبب ولوجه عالم السياسة، ابتسم وحكى لى قصة طويلة لم اهتم بها كثيرا كونها لم تتطابق مع تصوراتى المسبقة، لكن ابوبكر كان شخصية غنية، عالما مشحونا كوتر قوس مشدود، انسان ثرى الدواخل،مسالم لأبعد الحدود، معتد برأيه بلا صلف ،معتدا بجذوره بشكل لافت، حكى لى قصته مع الحياة ، لماذا امتهن التدريس وكيف دخل الجامعة مع بعض من تلاميذه، كان رجلا عصاميا فريدا، لكنه كان يحكى حكايته كأنها قصة قرأها في كتاب مطالعة وليست قصة هو بطلها وضحيتها وقديسها، في ذلك الوقت لم اكن اعرف عن دارفور سوى اشياء عامة ومبهمة ومشوشة، ليتنى التقيتك يا ابوبكر بعد سياحتى الاجبارية في دارفور بعد ذلك بسنوات طويلة، فقد كان يمكن ن اعرفك بشكل أفضل وأن أحاورك بشكل أفضل، فليس ثمة شئ ابشع من ان تتعامل مع انسان عبر زجاج التصورات المسبقة المشوشة، كان هناك (سنين محمد صالح )وهو من ابناء الفاشر، وكان هو وأبوبكر ومحمد عبدالله محمدين والناظر اصدقاء، وقد صار سنين محاميا يشار اليه بالبنان هناك وقد قابلته هناك بعد سنوات طويلة حين جئت الفاشر قاضيا فوجدت نفس الرجل البشوش الصدوق يستقبلنى بحفاوة وترحاب كبير.أما محمدين فقد كان هو الآخر شخصية جميلة، رجل ودود لابعد الحدود، انسانى ، محب للحكايات والونسة وهو ضاحك دوما، عمل بالمحاماة بالخرطوم لفترة ثم ارتحل الى مدينة القضارف حيث صديقنا الضخم عمر الخليفة، ثم صابته سوسة الهجرة فهاجر خارج السودان، الي القاهرة في البدء، ثم هجرة أبعد الى أوربا حيث انقطعت اخباره. ومن الشخصيات الدرامية في الجامعة ذلك الحصان الأسمر الضاحك الذى عرفته قبل الجامعة دون ان يعرفنى ( محمد عبد الخالق) ود عطبرة الموهوب فقد كان بطلا لمسرحية اسمها الكرت الاحمر شارك بها في الدورة المدرسية في مدنى في مطلع الثمانينات قبل ولوجنا الجامعة، بقيت صورته في ذهنى حتى التقينا ثانية في الجامعة في ذات الكلية مع فارق عام بيننا فقد كان هو في الدفعة التى امامى، كان محمد شاعرا مجيدا يكتب الشعر بالفصحى والعامية بمستوى واحد، وكان يحفظ لكثير من الأشعار لشعراء ثوريين كبار في كل العالم، وكان قاصا مدهشا في سرده لكل حكاية مهما كانت تافهة وبسيطة، فالدرامى الكامن فيه كان قادرا على استخلاص مشاهد درامية مثيرة من كل شئ، كان يملك حيالا خصبا وروحا مبدعة وقدرة مذهلة على سرد الحكايات بشكل مثير يمسك بتلابيب السامعين ويسحرهم ويجعلهم متسمرين في أماكنهم طوال زمن السرد. ومحمد مثل غيره من ابناء عطبرة مغرم بعطبرة وسيرتها النضالية وحكايات المناضلين القدامى التى ترتفع بهم الى مقامات الأولياء، وقد عالج هذه الموضوعات في شعره الجميل بكثافة ومن زوايا متعددة. استقر محمد بمهنة التعليم قليلا واستقر بضاحية الحاج يوسف الى حين ، ثم هاجر الى القاهرة وامتهن الصحافة لفترة ثم هاجر الى الولايات المتحدة الامريكية حيث استقر به المقام وسكت صوت الشاعر فيه وغاب في زحام تلك المدن المفترسة.

    التعديل الأخير تم بواسطة صلاح سر الختم علي ; 02-09-2014 الساعة 11:05 AM
  36.  
  37. #69
    وسام التميز الثقافي

    Array
    تاريخ التسجيل
    Aug 2014
    الدولة
    أم درمان / الثورة
    المشاركات
    528

    متابع وبصمت حتي لاأشوه ذلكم السرد الحياة .

    دوماً محبتي والتجلّة أيها السامق .

    لِم كلّما أوغلت في عينيك يقتلني الظمأ
  38.  
  39. #70
    عضو برونزي
    Array الصورة الرمزية صلاح سر الختم علي
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    الدولة
    ودمدني سابقا 114 ومايو
    المشاركات
    1,436

    كما وعدتكم بنشر قصيدة الشاعر محمد محي الدين ( عشر لوحات للمدينة وهى تخرج من النهر) التى كتبت في ذات اسبوع اسشهاد الشهيد طه يوسف عبيد شهيد انتفاضة يناير 1982 في يوم الأحد الموافق العاشر من يناير 1982 حوالى الساعة العاشرة صباحا بمدينة ودمدنى قبالة الادارة المركزىة للكهرباء برصاص جندى يتبع للقوات المسلحة اطلق النار على مظاهرة سلمية قوامها الطلاب والمحامون والأطباء وباقي فئات المجتمع ضد نظام مايو.


    عشر لوحات للمدينة و هي تخرج من النهر
    الى روح الشهيد طه يوسف عبيد
    (الشاعر:محمد محيي الدين) يناير 1982 مدينة مدنى
    واحد
    لوحة صباحية:
    شجر البان استعاد الريح
    وارتاح على رقصته نسوة
    يغسلن الجلاليب،
    الثياب الخضر..
    أركان البيوت إنتفضت
    بالارجل الراكضة
    الطير إنتشى..
    صفقت الزونيا
    وضجت ساحة الجميز بالطير الصباحي..
    الحمامات تبرجن
    ورجرجن على الابراج ريشا ابيضا
    والنهر أخفى لونه العادي..
    أجيال من الاسماك ترمي ظلها المائي
    تخضر و تحمر علي الشاطئ
    عمال المجاري
    بائعات الكسرة
    الشماسة
    النسوة
    ارباب المعاشات اشتروا ظلا جديدا
    في انتظار السفر
    الباصات ملّت
    جسد الأسفلت
    ألقت
    راكبيها
    وتخلت
    عن مواعيد لعشاق يعيشون الجوى فيها
    كراسي الخشب المكسورة الايدي زمانا في مقاهي السوق
    تشتاق لرواد يضئون الزوايا
    والدراويش استفاقوا من نشيج الرعشة الاولي
    على ايقاع بوب مارلي استفاقوا
    لحظة أخري
    من الظل الذي جاور جدران المراحيض العمومية
    والنسوة يدخلن تباعا
    والضريح انفتحت منه الشبابيك
    يلملمن الزوارات
    وأرداف التجار المرحليين على باب المديرية تهتز
    وآلاف من الطير الصباحي على بوابة النيل تحيي
    حمد النيل
    ورايات الضياء الخضر شوشن إذاعات جنود الشعب
    في الحامية الباسلة الطير انتشى
    شجر البان استعاد
    القبعات
    الموسميات
    استراحت
    غابة النيم
    علي وقع خطى الجند
    رجال الأمن يوفون
    نذور الحب
    للتجار
    والسادة
    والقادة
    والاطفال يوفون يذور الحب للأرض
    البيوت انتفضت
    بالأرجل الراكضة
    الأردية الخضراء و الزرقاء
    والكتب الحكايات
    المجلات
    الطباشير
    المناديل
    الزهور النور
    والنسوة نشرن الجلاليب على الجدران
    جهزن الملاءات
    الحنوط
    الكسرة الصامتة /الصامدة
    الشايا
    وعبَّأن الأناشيد
    المواعيد
    وأقلام الرصاص
    الجرس الاول دقّ
    الجرس الثاني دقّ
    (الجرس الثالث ..
    دقت الاجراس دقّ
    جرس جرس
    النحاسى
    الاساسي
    الخلاسي
    الخلاصي
    الرصاصي
    الرصاص


    القصيدة غير مكتملة هنا. لها بقية رائعة. هنا تجدونها كاملة بصوت الشاعر
    http://www.4shared.com/mp3/P0uLjHJh/_____.html

    التعديل الأخير تم بواسطة صلاح سر الختم علي ; 02-09-2014 الساعة 12:05 PM
  40.  
  41. #71
    عضو برونزي
    Array الصورة الرمزية صلاح سر الختم علي
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    الدولة
    ودمدني سابقا 114 ومايو
    المشاركات
    1,436

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبا إيثار مشاهدة المشاركة
    متابع وبصمت حتي لاأشوه ذلكم السرد الحياة .

    دوماً محبتي والتجلّة أيها السامق .
    شكرا ياصديقي على الاهتمام والمتابعة

  42.  
  43. #72
    عضو برونزي
    Array الصورة الرمزية صلاح سر الختم علي
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    الدولة
    ودمدني سابقا 114 ومايو
    المشاركات
    1,436

    الجامعة : زوايا واركان ووجوه
    ودود الابتسامة ( اسامة عثمان )
    وجه باسم ونظرات واثقة وشخص تشعر منذ الوهلة الأولي بالامان في حضرته وانك تعرفه منذ الميلاد، جذوره تنحدر من محافظة المتمة فهو سليل بيت عريق هنالك وخاله كان رجل اعمال عصامي شهير احتل مساحة كبيرة من ذاكرة المجتمع السودانى ردحا من الزمن حين برزت مملكته الاقتصادية الصغيرة للوجود وتناقل الناس خيوط قصة نجاحه بمحبة في السبعينات كأنها قصة نجاح كل واحد منهم، ومن المؤثرات الكبيرة في شخصية أسامة كونه من ابناء امدرمان حيث حبا ونما ، في جامعة القاهرة الفرع عرفته وقابلته أول مرة، كان قد سبقنا في دخول الجامعة قبل عدة سنوات ولكنه زاملنا منذ بداية دخولنا وحتى تخرجنا كأنه ولج الجامعة معنا بسبب كونه درس كليتى التجارة والقانون في ذات الجامعة وكان من ناشطى الجبهة الديمقراطية غير المعروفين الا للمقربين منه ، فهو شخصية لاتحب الظهور ولا الأضواء، وجدت نفسي ذات نهار أمام رجل مبتسم ابتسامة عريضة صافحنى بمودة وحيانى تحية صديق قديم وهو ينادينى باسمي كاملا كعادته التى لم يتركها قط، كنت قد سمعت عنه كثيرا من أصدقاءمشتركين كانت الابتسامة تعلو وجوههم كلما ذكروا الأسم ( اسامة الظافر) وهو اسم الشهرة الذي عرفناه به، عرفت حين التقيته سبب الابتسام فقد بت كلما تذكرته علت الابتسامة وجهى، كان شخصا لطيفا ومحبا للمرح بشكل ملفت ، كل حكاية عنده تبدأ بضحكة وتنتهى بضحكة أخري وكل شخص عنده موضوع حكايات مرحة بسيطة ولكنها تستدعى الف ابتسامة، وحين يتحدث تشعر ان صدره امتلأ بالهواء وحين يضحك تشعر ان غيمة سارة قد احتلت المكان،كان له فضل انتشار مجموعة من الالقاب علي عدد كبير من الاصدقاء فهو صاحب مصطلح ولقب ( العنقريب) الذي وزعناه بكرم حاتمى علي مجموعة كبيرة من الاصدقاء ، كانت البداية عنده حين كان يقول عن الصديق محجوب اسناوي( محجوب العنقريب) ثم اتسع اللقب فشمل كل صديق وبات من الشائع ان يسبق اسم كل صديق لقب العنقريب ومن اكثر من التصق بهم اللقب الاخ باشا من اولاد عطبرة حتى ظن الكثيرين انه لقب حصري له، وكان هو من اطلق لقب (سمبو) علي الاخ حيدر الذي طغى علي اسمه لقب آخر هو( حيدر الشرعي) وكان السبب انقسام حدث في تنظيم الجبهة الديمقراطية وكان هناك فريق يطلق عليه القيادة الشرعية وفريق يسمى المنقسمين وفي هذا الجو اطلق اللقب علي (حيدر) ، وكان هناك لقب آخر الصق بالاخ (علي البوب) فبتنا حتى يومنا هذا لانعرف له اسما سواه ( علي البوب) وكان اسامة هو مصدر اللقب أما (علي الوجيه) فلا أدري ان كان مبتكر اللقب هو أم الاخ فرانسوا ، لكن المؤكد ان لقب القسيس الذي الصق بفرانسوا كان مصدره اسامة وتناقله الناس عنه حتى بات شارة رسمية للقس حتى اختفي بعد هجرته خارج البلاد، اسامة كون من الوسامة واللطف يستقبل الناس بحكايات لاتنتهى فهو مخزن حكايات وأسرار ولكنه ليس ثرثارا، بل في طبعه ميل للتواصل ولديه دوما حكاية مشوقة في كل موضوع يفتح. عرفته دائما عفيفا عن تلطيخ أو تشويه صورة الآخرين، فهو يلوذ بالصمت حين يصير الحوار فيه ملمح أو شئ من ذلك. ربما لهذا السبب ظل دوما موضع احترام ومحبة الجميع. وكان زواجه هو وقرينته السيدة غادة عوض شوقي حدثا مهما في حياتنا فقد عرفناه وعرفناها وتمنيناها له وتمنيناه لها فقد كنا شهودا علي أيام التفتح الأولي لتلك الشجرة التي ربطت بين جامعتين كان تربط بين شبابهما روابط ثقافية وسياسية واجتماعية عديدة فجاء زواج بنت جامعة الخرطوم بهذا الفراعي الجميل تتويجا لعلاقات جميلة بين ابناء الجامعتين في ذلك الزمان. واسامة رياضي أصيل عرفته مدينة بورتسودان وهلالها في النصف الاخير من الثمانينات وحتى التسعينات عضوا نشطا بادارة نادي هلال الساحل وقمرا من اقماره. وفي منتصف التسعينات التقيت اسامة في مسقط رأسه المتمة حيث كنت قاضيها وحل بها لحضور مناسبة زواج هنالك فالتقينا واستعدنا ذكريات الجامعة وكنت قبل ذلك قد حللت ضيفا بمنزله ببورتسودان في عام 1991 حين حللت هناك في رحلة عمل عاجلة. وهكذا التقينا في مدن الوطن الجميلة( الخرطوم ثم بورتسودان ثم المتمة) . ومرة أخري التقينا في بورتسودان حين جئتها قاضيا في العام 2006 ،وذات يوم جئت امدرمان لعزاء فوجدت العزاء ملاصقا لمنزل اسرة اسامة وكان العزاء يخص أهل زوجتى. وهكذا السودان تجد فيه الف خيط يربطك بمن تعرف ومن تحب.

  44.  
  45. #73
    عضو برونزي
    Array الصورة الرمزية صلاح سر الختم علي
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    الدولة
    ودمدني سابقا 114 ومايو
    المشاركات
    1,436

    قصيدة الشاعر الكبير محمد محى الدين ابن مدنى الخضراء ( عشر لوحات للمدينة وهى تخرج من النهر) قصيدة خالدة وملحمىة بكل ماتعنى الكلمة من معنى فقد وثقت القصيدة ليوم خالد في اريخ مدينة ودمدنى والسودان وهو العاشر من يناير 1982 يوم الهبة الثورية لأهل ودمدنى في وجه نظام النميري المستبد فيما عرف بمظاهرات السكر التى هزت نظام مايو وكانت سببا رئيسيا من اسباب ثورة الشعب المجيدة في ابريل 1985، تصور القصيدة غضب مدينة ودمدنى وخروجها على بكرة ابيها في صبيحة العاشر من يناير 1982 في مسيرة عملاقة كانت تتويجا لعدة مظاهرات سبقتها خلال شهر ديسمبر 1981 ، في العاشر من يناير تجمع الأطباء والمعلمون والمحامون والعمال والطلاب جوار السينما الوطنية وخرجوا في موكب مهيب عبر شارع الجمهورية صوب تجمعات العمال الكبيرة في الادارة المركزية للكهرباء والمياه والمؤسسة الفرعية للخفريات، وفي المنطقة الواقعة بين الادارة المركزية للكهرباء وكلىة المعلمات واجهت السلطة المتظاهرين العزل بالرصاص الحى وسقط طه يوسف عبيد الطالب وقتها بمدرسة السنى الثانوية شهيدا مضرجا بدمه الطاهر الذى رشح في ملابسنا نحن رفاقه، وعند التشييع تعرض موكب التشييع لأطلاق النار عليه مجددا واصيب الشهيد مجددا، يصور الشاعر المبدع الحدث صويرا يقارب الحقيقة كثيرا وتحتشد فيه صور الشهداء والشعراء وكبار رجال الطرق الصوفية في مدنى وحتى سميرة أحدى مجانين المدينة كانت حاضرة فتبدو المدينة بحاضرها ةماضيها وشعراءها وشهدائها وشهداء السودان كلهم سائرون في المظاهرة التى توج فيها طه شهيدا، هى قصيدة رائعة وكان صاحبها شجاعا وهو يقرأها في تلك الايام ببسالة مماثلة لبسالة الشهيد. ادعوكم جميعا للقراءة والاستماع. ويمكنكم مراجعة شهادتى عن اسشهاد طه فقد كنت شاهد عيان لكل ماجرى وكتبته هنا في هذا البوست وفي مواقع أخرى.

    عشر لوحات للمدينة وهى تخرج من النهر
    إلى روح الشهيد طه يوسف عبيد
    الشاعر / محمد محي الدين
    قصيدة انتفاضة العاشر من يناير 1982 ( ودمدنى)
    تأبين الشهيد (طه يوسف عبيد) شهيد انتفاضة يناير
    1
    لوحة صباحية
    شجر البان استعاد الريح
    وارتاح على رقصته النسوة
    يغسلن الجلابيب الثياب الخضر
    اركان البيوت انتفضت
    بالأرجل الراكضة الطير انتشي
    صفقت الزونيا
    وضجت ساحة الجميز بالطير الصباحى
    الحمامات تبرجن ورجرن على الابراج ريشاً أبيضاً
    والنهر اخفى لونه العادى
    اجيال من الاسماك ترمى ظلها المائي
    تخضر وتحمر
    على الشاطئ عمال المجارى
    بائعات الكسرة الشماسة النسوة
    ارباب المعاشات
    في انتظار السفر الباصات ملت جسد الاسفلت
    القت راكبيها
    وتخلت عن مواعيد لعشاق يعيشون الجوى فيها
    كراسي الخشب المكسورة الأيدى زماناً في مقاهى السوق
    تشتاق لرواد يضيئون الزوايا
    والدراويش استفادوا من نشيج الرعشة الأولى
    على ايقاع بوب مارلي
    استفادوا
    لحظة اخرى من الظل الذى جاور جدران المراحيض العمومىة
    والنسوة يدخلن تباعا والضريح انفتحت منه الشبابيك يلملمن الزورات
    وارداف التجار المرحليون على باب المديرية تهتز
    وآلاف من الطير الصباحى على بوابة النيل تحى حمد النيل
    ورايات الضياء الخضر شوشن اذاعات جنود الشعب
    في الحامية الباسلة
    الطير انتشي
    شجر البان استعاد القبعات الموسميات
    استراحت غابة النيم على وقع خطى الجند
    رجال الامن يوفون نذور الحب للتجار والسادة والقادة
    والأطفال يوفون نذور الحب للأرض
    البيوت انتفضت بالأرجل الراكضة
    الاردية الخضراء والزرقاء والكتب الحكايات المجلات الطباشير المناديل الزهور النور
    والنسوة نشرن الجلاليب على الجدران
    جهزن الملاءات
    الحنوط
    الكسرة الصامتة /الصامدة
    الشايا
    وعبَّأن الأناشيد
    المواعيد
    وأقلام الرصاص
    الجرس الاول دقّ
    الجرس الثاني دقّ
    (الجرس الثالث ..
    دقت الاجراس دقّ
    جرس جرس
    النحاسى
    الاساسي
    الخلاسي
    الخلاصي
    الرصاصي
    الرصاص


    2

    لوحة بالطباشير والحبر
    الشبابيك مناديل يلوحن
    مناديل بلون العشب والحب
    الدروب انتظمت وردا جديدا
    لبست لونا بلون الجرأة
    اختارت صباحا يلبس الاردية الزرقاء والصبية
    اطياف المراجيح ندى الخبز المحابر
    والمناديل مزامير يزغردن
    عصافير بصوت فجعته صعقة الرعب
    العصافير تراجعن واعلن الهتاف المر
    نشرن المناديل على الابواب
    ثبتن المزامير على قلب الحناجر
    والمزامير عصافير اذابت بحة الجوع وآهات الشبابيك قليلا
    واضاءت لغة الأسفلت بالأحمر
    والأحمر لايكذب يأتى
    في سراويل من الدم سيأتى
    راجلا يسبق الاف الخناجر
    والعصافير طباشير رسمن العالم الرائع مرات على الاسفلت
    بالحبر الصباحى تبادلن المناقير
    رسمن العالم الثالث والخامس والسابع في صمت وأغلقن الدفاتر.
    3
    لوحة لم تكتمل بريشة طه يوسف عبيد
    لم تتم
    كان (عبد الحفيظ )يصافح اطفال ود ازرق الرائعين
    ويشرح اسراره
    كيف اعلن سر الرصاصة حل وثاق البنادق
    وضح لغز العلاقة بين الدم المتفجر والموت والكسرة العائلية والقبلة الدافئة
    لم تتم
    شرد اللون والريشة انتفضت
    رابطت في الشوارع
    و(القرشي) يدخل الآن مدرسة النهر
    ينشر كراسة تتوزع فيها المناخات
    تلمس ريشته مدن الجوع والبلد المستباحة
    تلمس كل القرى السكن الموت فيها
    القرى الحل فيها العذاب وشردت الريح اطفالها
    الصبية انتشروا يكتبون النشيد وكراسة الوطن المتوهج
    والقرشي يصافح عبد الحفيظ ويرتحلان على فرس من دم
    أبيض
    أخضر
    أحمر
    4
    لوحة رسمية
    لا إله سوى البندقية
    والحاكمية للشرطة العسكرية
    والأمر للأمن والنهى للجند
    ان الطمأنينة اليوم سائدة أيها الناس
    فاعتدلوا وقفوا للصلاة الأخيرة
    إنا نشاوركم بدخان القنابل
    ثم نخبركم بحديث الزلازل
    ثم نبشركم بدم في المنازل
    ثم نفاجئكم بالرصاص
    .
    5
    لوحة شعبية
    يا يا با يا السنى
    السنى يا السنى
    يا البلبل الفنى
    يا المهدى اضمنى
    هدر الحديد الحديد
    والزند فوق الزناد
    يايابا يا السنى
    ثوب الحداد الجديد
    ثوب البلاد البلاد
    يا يابايا السنى
    رجفت يد الجلاد حين استمر النشيد
    يا يابا يا السني
    ويستمر النشيد
    ويستمر الشهيد



    6
    لوحة سيريالية
    خرجت الاسماك الذهبية أولا من النهر
    واطلت النجوم التى كانت تختفى في الماء دائما
    ونفض النهر قميصه العادى
    وارتدى قميصا احمرا
    وعمامة بيضاء
    ترك شارع البلدية واخترق السوق
    انتبه عمال المجارى والمادح وبائعة الليمون
    ومن قبة (ودمدنى السنى) خرج الدراويش والكهول
    والبنات اسدلن ضفائرهن على الاسفلت
    رواد المقاهى تركوا احذيتهم تحت الكراسي المكسورة الأيدى
    (حمد النيل )كان في المقدمة يحمل رايته الخضراء
    (العليش) ترك فروته االرمادية امام (الكونتيننتال)
    وفاطمة القروية كانت تهرول بين (السوق الجديد )و(كلية المعلمات)
    كان الاسفلت يبدو جديدا وأنيقا
    وقف النهر لحظة ليستعيد انفاسه
    صعد الشيخ (عبد السيد) و(تاج الدين)
    كان (الناطق )يفتح شبابيك النهر
    ويحمل (نوبة) من جلد الدمور
    وجريدة لم يحن وقت قراءتها بعد
    انفرد (عوض الجيد) بالغناء
    وانفردت (سميرة )بالرقص
    واطلقت فاطمة المدنية عشرين زغرودة
    انفجر (تاج الدين) بالضحك المتواصل
    صفقت الامواج وطار الزبد الابيض
    انتتبه (حمد النيل) اولا ورفع رايته الخضراء
    تغير لونها قليلا
    انتبه الرجال تحت الراية
    اصلح (على عبد اللطيف) عمامته وشمر عن ساعديه
    وتحسس (معاوية عبد الحى) خاتم الخطوبة حول اصبعه وابتسم
    كانت فاطمة في هذه الدقيقة بالذات
    تقف بين النهر الراجل والورشة
    ورأت كل شئ:
    رجال الحامية ،والعلم الامريكى
    كبار تجار المدينة،
    وموظفات البنك الدولى، ورجال الامن ،
    والرشاشات محشوة بالحبر والسكر والرغيف،
    اطلقت زغرودة اخرى
    كان النهر يعلو
    وطه يوسف عبيد محمولا علي مياه النهر الرائعة
    يرتدى قميصا من السودان
    وهلالا على جبهته من البرق الذى سوف يأتى
    كان (لوركا) يجاذبه اطراف الحديث
    و(خليل فرح )يترنم بالمقطع الأخير من عزة
    و(غسان كنفانى) يتحدث عن اللون الأساسي في لوحة طه الأخيرة
    انهمر الرصاص فجأة
    وسقط طه يوسف عبيد أولا
    سقط للمرة الثانية
    تمزقت الصور الملونة
    وخرجت المدينة من النهر عارية
    تجفف ثقوب الرصاص على حبل الشمس الغاربة.

    7
    الوان
    (ا)
    اسودا كان لون النهار
    وكانت خيوط الأشعة سوداء مصبوغة بالدخان
    خطوط الجرائد سوداء
    صوت المذيع يندد بالشغب الموسمى
    ويعلن للشعب باسم قوى الشعب ان الاشارة خضراء ان الطمانينة سائدة
    لا إله سوى القبعات.
    ب
    اخضرا كان لون الشجر
    ج
    ازرقا كان لون النهر
    10
    لوحة حمراء تماما
    اخضرا كان لون الحقول
    ولون الغصون واشجارها والعصافير
    كانت مياه الجداول زرقاء
    والنهر غير أزيائه
    الحقل غير ازيائه
    والمدارس والمصنع الدور

    والأحمر الآن
    إن الشوارع غارقة في الدم الأحمر
    والأحمر لايكذب يأتى
    في سراويل من الدم يأتى
    راجلا يسبق ألاف الخناجر

    ودمدنى يناير 1982.

    يمكنكم سماع القصيدة بصوت الشاعر كما سجلت في عام 1982 هنا
    http://www.4shared.com/mp3/P0uLjHJh/_____.html


    التعديل الأخير تم بواسطة صلاح سر الختم علي ; 03-09-2014 الساعة 08:57 AM
  46.  
  47. #74
    عضو برونزي
    Array الصورة الرمزية صلاح سر الختم علي
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    الدولة
    ودمدني سابقا 114 ومايو
    المشاركات
    1,436

    في الحياة دروس مجانية كثيرة يقدمها الناس لك دون ان تنتبه في الغالب، وهناك دروس أخرى باهظة الثمن، دروس تدفع فيها من روحك ودمك وعافيتك ودموعك الكثير سرا وعلنا،فبعض الناس يعيش حياته بيسر مريب، ليس لأنه ميسور الحال، بل لأن نفسه كبيرة وصبره على المكاره يجعله يبدو في الجنة وهو في النار، لاتفارق الابتسامة شفتيه، لايتذمر ولا يشكو، ولايضيق بالناس ولا بحياته ولو كان نصيبه شوكا على طول الطريق،اتذكر شرطيا كان يعمل متحريا بشرطة محافظة المتمة غرب شندى أبان عملى هناك قاضيا مقيما وقائما باعباء النيابة العامة، كان ذلك الرجل يمثل أمامى يوميا تقريبا بحكم عمله وعملى وكلما حييته وسألته عن حاله قال وهو هاش باش كمن ملك الدنيا ومافيها( الحمد لله، والله مبسوط بسطاً يقسموا منو للجيران) وكنت أعرف أنه قد يكون لحظتها لايملك قوت يومه، لكن الرجل كان مؤمنا وشاكرا حامدا دوما، مرت سنوات عديدة ولازلت أتذكر ذلك الرجل الباسم دوما بوجهه الوضئ وهو يحمد الله في سره وجهره، وكل ماقابلت بعضا من معارفي وأصدقائي ميسورى الحال وسمعت شكواهم الدائمة وتذمرهم وهم سابحون في النعيم تذكرت( على النعمان) ذلك الجاويش النبيل الذى يقطع النهر يوميا من شندى الى المتمة وبالعكس بالبنطون وليس في حيبه شروى نقير لكن حمده وشكره لله وابتسامته تساوى ابتسامة من ملك الدنيا ومافيها،وقلت لنفسى : ترى ماذا يفعل مثل هذا الرجل لو أنه بلغ مابلغه أولئك من خير عميم وتوفيق؟!، وماذا كان أولئك فاعلون لو أنهم كتب عليهم شظف عيش مثل ذلك الذى عاشه هذا الشاكر الحامد؟!
    وفي الحياة يقابلك نوع من الناس مثل العقارب لايسعدوا الاب الحاق الأذى بالاخرين، ولايتذوقون طعم الحياة الا إذا ازاحوا من طريقهم آخرون يستحقون الانحناء لهم اجلالا واحتراما،هم يخافون دوما أن يسطع نجم بجوارهم فيلقي بهم في بحر الظلمات كما يظنون، ثقتهم بنفسهم قليلة وخوفهم ممن يفوقهم مقدرة أكثر من خوفهم من الله والعياذ بالله،لذلك لايهدأ لهم بال إلا بإبعاد كل من يظنونه منافسا لهم ، وهم دوما في حالة تملق لمن يظنونهم يملكون زمام الأمر وفي حالة إذلال لمن يظنونهم دونهم منزلة،هولاء يسعون بالنميمة والوشاية والأكاذيب لتشويه صورة الآخرين، ويرتدون وجوها ليست لهم ويدعون فضائلا ليست فيهم، ويلصقون بالاخرين مذمة مزورة ومزيفة وباطلة وهم يعلمون، لكنهم على الكذب مفطورين وعلى النفاق متدربين، رقابهم محنية مذلة لمن يتوسمون فيه القوة، وانيابهم تقطر دما من دم ضحاياهم، ذممهم واسعة، السنتهم بذئية، عيونهم متلصصة،وأياديهم في جيوب وخزائن الآخرين دوما، لايشبعون، ولايندمون، ولايشعرون بعذاب الآخرين.وهم مفضوحون لكنهم آخر من يعلمون.

  48.  
  49. #75
    مشرف القسم الثقافي

    Array الصورة الرمزية ياسر عمر الامين
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    الدولة
    ودمدنى
    المشاركات
    2,635

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صلاح سر الختم علي مشاهدة المشاركة
    جئتها بدموع صامتة وخرجت منها بعد أربع سنوات بدموع علنية صادقة، بكيت من القدوم اليها سرا ، فابكتنى عليها علناً
    كلما دلفت الى هذا البوست للاستمتاع بهذه السيرة الذاتية التى تكتب بماء الذهب تستوقفنى عبارات "قليلة" المبنى كثيرة المعنى تختصر كثير من الكلام الذى يمكن أن يكتب لتوضيح بعض الذى يراد له أن يصل القارئ...وهنا تصبح المتعة معرفة وتعلم منك استاذنا الكاتب الكبير صلاح سر الختم...

    يا وحى الهامنا وموضع احترامنا يا مدنى الجميله ليك مليون سلامنا.

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
by boussaid