صفحة 3 من 6 الأولىالأولى 12345 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 51 إلى 75 من 131

الموضوع: {لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ}

  1. #51
    عضو فضي
    الصورة الرمزية ود الأصيل
    تاريخ التسجيل
    Jan 2013
    المشاركات
    2,849

    روى الأصمعي أنه أقبل عيله أعرابيٌ
    جلف جافُّ الحديث على قعود له متقلداً سيفه
    و رمحه و يتأبط قوساً و كنانة قنا( سهام) . ثم دنا
    من مقعدي و سلم و قال: من أين أنت ؟ قلت: مقبل من مكان
    يُتلى فيه كلام الرحمن ، قال:أ و للرحمن كلام يتلوه الآدميون؟! فقلت:
    نعم يا أخ العرب فقال:اُتْلُ عليَّ طرفاً منه فابتدأتُ بسورةو الذاريات ذرواً)
    حتى أنتهيت إلى قوله جل وعلا(و في السماء رزقكم و ما توعدون). سألني الأعرابي
    و قد انتفض من مكانه: أحقاً هذا كلام الرحمن؟! قلت:إي و الذي بعث نبيه محمداً إنه
    أنزله عليه صلوات الله وسلامه عليه فقال لي : حسبك فهُرِع إلى راحلته فنحرها بحد سيفه
    و قطعها إرباً بجلدها و سألني أن أعينه على تفرقتها على كل من أقبل علينا و أدبر و فعلنا ذلك
    سوياً. ثم عاث تكسيراً في سيفه و رمحه و قوسه و و ما حوت جعبته من القنا! و جعلها تحت
    كثيب من الرمل و ولى مدبراً و عائداً إلى حيث أتى و هو يردد ما سمع من كلام الله. فلما غاب عني،
    أقبلت على نفسي مؤنباً ومعنفاً بشدة قلت: يا أصمعي ن لقد دأبت على كتاب الله تلاوةً و درساً و تدبراً
    و قد مررت على هذه الآية الكريمة و أخواتها كثر ؛ فلم تحرك فيك ساكناً مثلما فعلت أفاعيلها مثلما فعلت
    بذاك الأعرابي. ثم حججت لعامتاالٍ مع أمير المؤمنين/ هارون الرشيد ؛ فيينا أنا طائف تارة و متعلق تارة
    اخرى بأستار الكعبة، إذا بهاتف يهتف ورائي بصوت رقيق عند الركن اليماني: يا أسمعي أقبِل فالتفت؛
    فإذا أنا بالأعرابي ذاته و الذي أخذني بكلتا يَدَي و أجلسني خلف المقام، وقال: أُتلُ عليَّ مزيداً مما
    كنت رويته لي من كلام الرحمن. فابتدأتُ مرة ثانية بالذاريات ، فلما انتهيت إلى قوله تعالى:
    (وفي السماء رزقكم و ما توعدون) صاح الأعرابي قائلاً : قد وجدنا من! وعدنا ربنا حقاً،
    ثم قال لي:يا أصمعي، أما للرحمن غير هذا من كلام لتتحفني بتشنف به اذني؟!
    قلت بلى يا أعرابي!قال: إذن إليَّ به! قلت: يقول المولى عز و جل:
    (فورب السماء والأرض إنه لحق مثلما أنكم تنطقون)صاح الأعرابي
    غاضباً:من ذا كذَّب رب العزة وأغضبه حتى يقسم بملكوته؟!
    من ذا الذي حمل ملاي على يمين مغلظ؟!م راح
    يرددها و هو يتحسبن إلى أن فاضت
    روحه الطاهرة إلى جوار بارئها

    و بَعْضُ النُّفُوسِ ** كبَعِضِ الشَّجَـرْ
    جَمِيــــلُ القَـــوامِ ** رَدِيْءُ الثــَّــمَرْ
    وَ َسبْرُ النُّفُوسِ *** كَصم الحجارة
    فَمِنْهَا كَرِيْمُ نَّفِيْسُ وً جلمود صخـرْ
    و َكَمْ مِّنْ ضَرِيْرٍ كَفِيْفٍ بَصِيْرُ الْفُؤَادِ
    و كَمْ مِّنْ فُؤَادٍ غَرِيْرٍ كَفِيْفُ الْبَصَـرْ

  2. #52
    عضو فضي
    الصورة الرمزية ود الأصيل
    تاريخ التسجيل
    Jan 2013
    المشاركات
    2,849
    [font=pt bold heading]
    [size=5[center]][color="#6633ff[CENTER[COLOR="#6633ff
    "]]"]
    [COLOR="#6633cc"]
    {وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ
    وَ إِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ
    فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً * مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ
    فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً}؟

    هذه الآيات من سورة النساء ، بيَّن الله تعالى فيها بعض ما يجب
    الإيمان به من أمور القدر ، فإن قدر الله سبحانه وتعالى يجب
    الإيمان به ركن إيماني ركين كما صح عن النبي صلى الله
    عليه وسلم في حديث جبريل: "أن تؤمن بالله
    وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر
    والقدر خيره وشره".
    ************
    والقدر: أربع مراتب.
    المرتبة الأولى: علم الله
    بجميع الأشياء إجمالاً وتفصيلاً ،
    قبل خلقه لها.و المرتبة الثانية: كتابته
    لكل ما هو كائن في الصحف التي عنده فوق
    عرشه.والمرتبة الثالثة: توزيع ما هو كائن على الزمن
    كما يحصل في ليلة القدر: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ *
    أَمْراً مِنْ عِنْدِنَا}، وكما يكتب مع الجنين في بطن أمه أي رزقه
    و عمله وشقي أو سعيد. والمرتبة الرابعة: تنفيذ ذلك على و فق
    علم الله السابق وهي القضاء. فهذه أربع مراتب: اثنتان قديمتان:
    و هما علم الله ا لمطلق و الكتابة ، وهما المذكورتان في قول الله
    تعالى: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ
    وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ
    الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ}.
    و المرحلتان اللاحقتان محدثتان أي أنهما
    طارئتان و يجب الإيمان بالجميع.
    ********************
    [/[/COLOR]
    [/COLOR]CENTER][/color]
    [/[/center][/size]font]
    التعديل الأخير تم بواسطة ود الأصيل ; 18-04-2015 الساعة 11:31 PM
    و بَعْضُ النُّفُوسِ ** كبَعِضِ الشَّجَـرْ
    جَمِيــــلُ القَـــوامِ ** رَدِيْءُ الثــَّــمَرْ
    وَ َسبْرُ النُّفُوسِ *** كَصم الحجارة
    فَمِنْهَا كَرِيْمُ نَّفِيْسُ وً جلمود صخـرْ
    و َكَمْ مِّنْ ضَرِيْرٍ كَفِيْفٍ بَصِيْرُ الْفُؤَادِ
    و كَمْ مِّنْ فُؤَادٍ غَرِيْرٍ كَفِيْفُ الْبَصَـرْ

  3. #53
    عضو فضي
    الصورة الرمزية ود الأصيل
    تاريخ التسجيل
    Jan 2013
    المشاركات
    2,849
    كما أن القدر أيضاً أربعة أنواع، قدرٌ خيرٌ حلوٌ
    و هو ما ييسره الله لعبده المؤمن مما يوافق هواه ويعينه
    على الطاعة والخير، ما يرزقه من الصحة الجسمية والعقلية،
    و ما يرزقه من المال والأهل والأولاد ونحو ذلك، وما يرزقه من العلم
    و الاستقامة كل هذا من القدر الحلو الخير، فهو خير له لأنه يقربه من الله،
    وهو حلو لأنه موافق لهواه. النوع الثاني: القدر الخير المر، وهو ما يسلطه الله
    على عبده المؤمن من أنواع البلاء الذي يكون تكفيراً لسيئاته ورفعاً لدرجاته، فهذا خير
    له قطعاً، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "عجباً لأمر المؤمن كل أمر المؤمن له خير،
    إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له، وليس ذلك لأحد
    إلا للمؤمن" فهذا النوع ما يصاب به المؤمن من الأسقام والأمراض حتى الشوكة يشاكها هو
    من قدر الله الذي هو خيرٌ له وإن كان مراً، لأنه لا يوافق هواه. والنوع الثالث: هو القدر الشر
    الحلو، وهو ما يعجله الله لأعدائه من الكفار والمنافقين مما يعينهم على معصيته، كما يعجل
    لهم من شؤون هذه الحياة الدنيا و ما يفتح لهم من التكنولوجيا و نحو ذلك فهذا مما يعينهم
    على معصية الله هو شرٌ لهم لأنه يقربهم إلى النار ويبعدهم عن الله، وهو حلوٌ لأنه يوافق
    هواهم.و النوع الرابع هو القدر الشر المر، وهو صناديد القدر عائذاً بالله، ما يعجله
    الله لأعدائه من المصائب في الحياة الدنيا مما يعجلهم على النار كتحطم الطائرات
    و السيارات و الكوارث ونحو ذلك يموتون بها فيعجلون على النار وهو مخالف
    لهواهم، فهو قدر شر مر -نسأل الله السلامة والعافية-. وهذه الأقسام
    الأربعة يجب الإيمان بها كما في حديث جبريل: "أن تؤمن بالله
    وملائكته وكتبه وبالقدر خيره وشره" فالقدر خيره و شره
    و كل واحد منهما قسمان حلوه و مره.
    *****************
    و بَعْضُ النُّفُوسِ ** كبَعِضِ الشَّجَـرْ
    جَمِيــــلُ القَـــوامِ ** رَدِيْءُ الثــَّــمَرْ
    وَ َسبْرُ النُّفُوسِ *** كَصم الحجارة
    فَمِنْهَا كَرِيْمُ نَّفِيْسُ وً جلمود صخـرْ
    و َكَمْ مِّنْ ضَرِيْرٍ كَفِيْفٍ بَصِيْرُ الْفُؤَادِ
    و كَمْ مِّنْ فُؤَادٍ غَرِيْرٍ كَفِيْفُ الْبَصَـرْ

  4. #54
    عضو فضي
    الصورة الرمزية ود الأصيل
    تاريخ التسجيل
    Jan 2013
    المشاركات
    2,849

    ثم بعد هذا لابد أن نعلم أن القدر يدافع بعضه بعضاً،
    أي أن القدر أنواع منوعة، فمنه ما يكتبه الله سبباً لبعض الأشياء،
    فالمعصية سبب للعقوبة، والاستغفار سبب لرفع العقوبة، وكذلك الصدقة
    سبب لرفع العقوبة، فهي تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وهكذا فهذا كله
    من القدر، فما كتب على الإنسان من المعصية كان من قدر الله وقد كتب عليه، وما
    كتب له من الطاعة والاستغفار والتوبة من قدر الله وقد كتب له، ولذلك فالقدران يتدافعان
    كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن الدعاء يصطرع في السماء مع البلاء
    و لا يرد القدر إلا الدعاء"، ومثل هذا المرض و العلاج فكلاهما من قدر الله، فالمرض قدر و العلاج
    قدر وهما يتعاركان فأيهما كتب الله بقاءه فهو الغالب على الآخر ، ومثل هذا النوع تزاحم الإرادتين
    كما صح عن النبي صلى الله عليه و سلم فيما يرويه عن ربه عز وجل أنه قال: " و ما ترددت فيشيء
    أنا فاعله ترددي في قبض نفس عبد المؤمن يكره الموت وأكره مساءته و لابد له منه "فهذا من تجاذب
    لإرادتين عند الله سبحانه و تعالى ، فلذلك قال الله تعالى في وصف هؤلاء المنافقين الذين لا يؤمنون
    بقدر الله خيره وشره حلوه ومره قال: {وَ إِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} لأنهم يُظهروند
    الإيمان الله و لكنهم يكرهون رسول الله صلى الله عليه و سلم و يتطيَّرون به: {وإن تصبهم سيئة يقولوا
    هذه من عندك}أي بسبب تطيرنا بك كما كان المشركون يفعلون في كل زمان، ففرعون وجنوده تطيروا
    بموسى ومن معه ، ولذلك رد الله عليهم فقال:{طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ}، وكذلك كل الأنبياء يتطير بهم أصحابهم
    فيقولون: جئتمونا ونحن أهل اتفاق وكلمتنا واحدة فتفرقت كلمتنا واختلفت جماعتنا وحصلت بيننا
    البغضاءو الشقاق، هم يظنون أن هذا من العيب و هذا هو الفرقان الذي يفرق الله به بين الحق
    و الباطل، و هو الخير المحض الذي جاء به الأنبياء، فهذه تفرقة الأنبياء بين الحق والباطل
    كما قال الله تعالى:{كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ
    مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ}، فكان مجيء الأنبياء
    تفريقاً بين الحق والباطل فهو مصلحة، هذا التفريق هو المصلحة لأن
    الحق ما دام ملبوساً بالباطل لا يتمحض واحد منهما، فإذا
    افترقا حينئذ يتضح الحق وحده لا غبار عليه.
    *********************


    التعديل الأخير تم بواسطة ود الأصيل ; 19-04-2015 الساعة 12:36 AM
    و بَعْضُ النُّفُوسِ ** كبَعِضِ الشَّجَـرْ
    جَمِيــــلُ القَـــوامِ ** رَدِيْءُ الثــَّــمَرْ
    وَ َسبْرُ النُّفُوسِ *** كَصم الحجارة
    فَمِنْهَا كَرِيْمُ نَّفِيْسُ وً جلمود صخـرْ
    و َكَمْ مِّنْ ضَرِيْرٍ كَفِيْفٍ بَصِيْرُ الْفُؤَادِ
    و كَمْ مِّنْ فُؤَادٍ غَرِيْرٍ كَفِيْفُ الْبَصَـرْ

  5. #55
    عضو فضي
    الصورة الرمزية ود الأصيل
    تاريخ التسجيل
    Jan 2013
    المشاركات
    2,849
    [center[font=pt bold heading]][color="#663366"]
    [FONT=pt bold heading]
    {قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ}
    أي: إن الجميع ما أصابكم من الحسنات
    أي:مما تحبونه، وما أصابكم من السيئات أي:
    مما تكرهونه هو من عند الله أي من قدره، و لا ينافي ذلك
    أن يكون ما أصابكم من السيئات فهو من عند أنفسكم أي بسبب
    ذنوبكم، لأن الله لا يظلم الناس شيئاً ولكن الناس أنفسهم يظلمون، فالفرق
    إذن بين ما كان من قدر الله من غير سبب كالحسنات أي ما يعجله للناس فهذا
    من فضله ورحمته، و ما كان من قدر الله من السيئات أي من الأخذ الوبيل و الأمراض
    والأعراض فذلك من قدر الله و لكنه بسبب ذنوب الناس، كما قال الله تعالى:{وَمَا أَصَابَكُمْ
    مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَ يَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} فالمصائب إذن من عند الله و من عند
    الناس، من عند الله أي من قدره، ومن عند الناس أي بسبب ذنوبهم، و النعم من عند الله
    لا من عند الناس،فهي من فضل الله فقط لا من عند الناس إذ لا يستجلبونها. فالحسنات
    إنما ثوابها أخروي لا دنيوي، لذا قال{مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ}أي:من فضله
    وجوده،{وَ مَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ}أي:بسبب الذنوب و المصائب. لذلك قال:
    {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ}،و الخطاب هنا
    ليس للنبي صلى الله عليه وسلم، وإنما هو للسامع مطلقاً، ما أصابكأيها
    السامع من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك، ثم
    جاء الخطاب إلى النبي صلى الله عليه وسلم عوداً إلى بدء،
    فقد كان الخطاب له فيما سبق، لذلك قال عز من اقائل:
    {وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً} أي إبانة للحجة عليهم
    ورداً لمزاعمهم ومنها إنكارهم للقدر.
    *******************

    [/FONT]
    [/color]
    [/font][/center]
    و بَعْضُ النُّفُوسِ ** كبَعِضِ الشَّجَـرْ
    جَمِيــــلُ القَـــوامِ ** رَدِيْءُ الثــَّــمَرْ
    وَ َسبْرُ النُّفُوسِ *** كَصم الحجارة
    فَمِنْهَا كَرِيْمُ نَّفِيْسُ وً جلمود صخـرْ
    و َكَمْ مِّنْ ضَرِيْرٍ كَفِيْفٍ بَصِيْرُ الْفُؤَادِ
    و كَمْ مِّنْ فُؤَادٍ غَرِيْرٍ كَفِيْفُ الْبَصَـرْ

  6. #56
    عضو فضي
    الصورة الرمزية ود الأصيل
    تاريخ التسجيل
    Jan 2013
    المشاركات
    2,849
    [color="#990000[center]
    و في البخاري عن ابن عباس في قوله تعالى
    (و من الناس من يعبد الله على حرف) كان الرجل يقدم المدينة
    فإن ولدت امرأته غلاما و نتجت خيله قال : هذا دين صالح، و إن لم تلد
    امرأته ولم تنتج خيله قال : هذا دين سوء ، وهذا يقتضي أن فعل ذلك من مهاجرة
    العرب : يقولونه إذا أرادوا الارتداد وهم أهل جفاء و غلظة، فلعل فيهم من شافه الرسول
    بمثل قولهم هذه من عندك . و معنى من عند الله في اعتقادهم أنه الذي ساقها إليهم وأتحفهم
    بها لما هو معتاده من الإكرام لهم ، و خاصة إذا كان قائل ذلك اليهود. و معنى (من عندك) أي:
    من شؤم قدومك، لأن الله لا يعاملهم إلا بالكرامة، و لكنه صار يتخولهم بالإساءة لقصد أذى المسلمين
    فتلحق الإساءة اليهود من جراء المسلمين على حد( و اتقوا فتنة) الآية. و قد علمه الله أن يجيب بأن كلا
    من عند الله ، لأنه لا معنى لكون شيء من عند الله إلا أنه الذي قدر ذلك وهيأ أسبابه ، إذ لا يدفعهم إلى
    الحسنات مباشرة. و إن كان كذلك فكما أن الحسنة من عنده، فكذلك السيئة بهذا المعنى بقطع النظر عما
    أراده بإحسانأو إساءةً ، والتفرقة بينهما من هذه الجهة لا تصدر إلا عن عقل غير منضبط التفكير، لأنهم
    جعلوا الحوادث من الله و بعضها من غير الله. لذا قال فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا أي:
    يكادون أن لا يفقهوا حديثاً ، أي: أن لا يفقهوا كلام من يكلمهم . و هذا مدلول فعل(كاد) إذا وقع
    في سياق النفي، كما تقدم في قوله و ما كادوا يفعلون . و الإصابة : حصول حال، أو ذات
    في ذات ، يقال:أصابته جائحة، و أصابته نعمة ، و أصابه سهم ، و هي مشتقة من
    اسم الصوب الذي هو المطر، و لذلك كان ما يتصرف من الإصابة مشعراً بحصول
    مفاجئ أو قاهر. و بعد أن أمر الله رسوله بما يجيب به هؤلاء الضالين علمه
    حقيقة التفصيل في إصابة الحسنة و السيئة معاً ، من جهة تمحض النسبة
    إلى الله تعالى أو اختلاطها بالانتساب إلى العبد، فقال ما أصابك من
    حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك. و وجه الخطاب
    للرسول لكونه المبلغ عن الله، ولأن هذا الجواب لإبطال ما نسبه
    الضالون إليه من كونه مصدر السيئات التي تصيبهم.
    **********************************
    [/
    center]
    [/color]
    التعديل الأخير تم بواسطة ود الأصيل ; 20-04-2015 الساعة 08:36 PM
    و بَعْضُ النُّفُوسِ ** كبَعِضِ الشَّجَـرْ
    جَمِيــــلُ القَـــوامِ ** رَدِيْءُ الثــَّــمَرْ
    وَ َسبْرُ النُّفُوسِ *** كَصم الحجارة
    فَمِنْهَا كَرِيْمُ نَّفِيْسُ وً جلمود صخـرْ
    و َكَمْ مِّنْ ضَرِيْرٍ كَفِيْفٍ بَصِيْرُ الْفُؤَادِ
    و كَمْ مِّنْ فُؤَادٍ غَرِيْرٍ كَفِيْفُ الْبَصَـرْ

  7. #57
    عضو فضي
    الصورة الرمزية ود الأصيل
    تاريخ التسجيل
    Jan 2013
    المشاركات
    2,849
    هذا علماً بأن للحوادث كلها مؤثراً، وسببا مقارناً ، و أدلة
    تنبئ عنها و عن عواقبها ، فهذه ثلاثة أشياء لا تخلو عنها حادثة ما ،
    سواء كانت غير اختيارية ، أم اختيارية كأفعال العباد . فالله قدر المنافع و المضار
    بعلمه وقدره وخلق مؤثراتها وأسبابها ، فهذا الجزء لله وحده( قل كل من عند الله).
    و الله أقام بالألطاف الموجودات ، فأوجدها ويسر لها أسباب البقاء والانتفاع بما أودع فيها
    من العقول والإلهامات ، وحفها كلها في سائر أحوالها بألطاف كثيرة ، لولاها لما بقيت الأنواع ،
    وساق إليها أصول الملاءمة ، ودفع عنها أسباب الآلام في الغالب ، فالله لطيف بعباده . فهذا الجزء
    لله وحده لقوله قل كل من عند الله . و الله نصب الأدلة للناس على المنافع والمضار التي تكتسب بمختلف
    الأدلة الضرورية ، والعقلية ، والعادية ، والشرعية ، وعلم طرائق الوصول إليها ، و طرائق الحيدة عنها ، و أرشد
    إلى موانع التأثير لمن شاء أن يمانعها ، وبعث الرسل وشرع الشرائع فعلمنا بذلك كله أحوال الأشياء ومنافعها ومضارها،
    و عواقب ذلك الظاهرة والخفية، في الدنيا والآخرة ، فأكمل المنة ، وأقام الحجة ، وقطع المعذرة ، فهدى بذلك وحذر إذ خلق
    العقول و وسائل المعارف ، و نماها بالتفكيرات و الإلهامات ، وخلق البواعث على التعليم والتعلم ، فهذا الجزء أيضا لله وحده .
    و أما الأسباب المقارنة للحوادث الحسنة والسيئة والجانية لجناها حين تصيب الإنسان من الاهتداء إلى وسائل مصادفة المنافع ،
    و الجهل بتلك الوسائل ، والإغضاء عن موانع الوقوع فيها في الخير والشر ، فذلك بمقدار ما يحصله الإنسان من وسائل الرشاد ،
    و باختياره الصالح لاجتناء الخير، و مقدار ضد ذلك: من غلبة الجهل، أو غلبة الهوى ، و من الارتماء في المهالك بدون تبصر.
    و ذلك جزء صغير في جانب الأجزاء التي قدمناها، وهذا الجزء جعل الله للإنسان حظا فيه ، ملكه إياه ، فإذا جاءت الحسنة
    أحداً فإن مجيئها إياه بخلق الله تعالى لا محالة مما لا صنعة للعبد فيه ، أو بما أرشد الله به العبد حتى علم طريق اجتناء
    الحسنة، أي الشيءالملائم، و خلق له استعداده لاختيار الصالح فيما له فيه اختيار من الأفعال النافعة حسبما أرشده
    الله تعالى ، فكانت المنة فيها لله وحده ، إذ لولا لطفه و إرشاده وهديه ، لكان الإنسان في حيرة ، فصح أن الحسنة
    من الله ، لكون أعظم الأسباب أو كلها منه . أما السيئة فإنها وإن كانت تأتي بتأثير الله تعالى ، و لكن إصابة
    معظمها الإنسان يأتي من جهله ، أو تفريطه ، أو سوء نظره في العواقب ، أو تغليب هواه على رشده ،
    وهنالك سيئات الإنسان من غير تسببه مثل ما أصاب الأمم من خسف وأوبئة ، وذلك نادر بالنسبة
    لأكثر السيئات ، على أن بعضا منه كان جزاء على سوء فعل، فلا جرم كان الحظ الأعظم
    في إصابة السيئة الإنسان لتسببه مباشرة أو بواسطة ، فصح أن يسند تسببها إليه ،
    لأن الجزء الذي هو لله وحده منها هو الأقل . وقد فسر هذا المعنى ما ورد
    في الصحيح ، ففي حديث الترمذي: (لا يصيب عبداً نكبةٌ
    فما فوقها أو ما دونها إلا بذنب وما يعفو الله أكثر.
    ********************************
    التعديل الأخير تم بواسطة ود الأصيل ; 20-04-2015 الساعة 08:33 PM
    و بَعْضُ النُّفُوسِ ** كبَعِضِ الشَّجَـرْ
    جَمِيــــلُ القَـــوامِ ** رَدِيْءُ الثــَّــمَرْ
    وَ َسبْرُ النُّفُوسِ *** كَصم الحجارة
    فَمِنْهَا كَرِيْمُ نَّفِيْسُ وً جلمود صخـرْ
    و َكَمْ مِّنْ ضَرِيْرٍ كَفِيْفٍ بَصِيْرُ الْفُؤَادِ
    و كَمْ مِّنْ فُؤَادٍ غَرِيْرٍ كَفِيْفُ الْبَصَـرْ

  8. #58
    عضو فضي
    الصورة الرمزية ود الأصيل
    تاريخ التسجيل
    Jan 2013
    المشاركات
    2,849
    و شملت الحسنة و السيئة ما كان من الأعيان ،
    كالمطر والصواعق ، والثمرة والجراد ، و ما كان من الأعراض
    كالصحة ، وهبوب الصبا ، والربح في التجارة . وأضدادها كالمرض ،
    والسموم المهلكة ، والخسارة . و في هذا النوع كان سبب نزول هذه الآية ،
    و يلحق بذلك ما هو من أفعال العباد كالطاعات النافعة للطائع وغيره ، و المعاصي
    الضارة به وبالناس ، وفي هذا الأمر جاء قوله تعالى قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي
    وإن اهتديت فبما يوحي إلي ربي وهو على نحو هذه الآية وإن لم تكن نازلة فيه .
    و لكون هذه القضية دقيقة الفهم نبه الله على قلة فهمهم للمعاني الخفية بقوله فمال هؤلاء القوم لا
    يكادون يفقهون حديثا) . فقوله لا يكادون يجوز أن يكون جاريا على نظائره من اعتبار القلب ، أي يكادون
    لا يفقهون ، كما تقدم عند قوله تعالى فذبحوها وما كادوا يفعلون فيكون فيه استبقاء عليهم في المذمة . و يجوز
    أن يكون على أصل وضع التركيب ، أي لا يقاربون فهم الحديث الذي لا يعقله إلا الفطناء ، فيكون أشد في المذمة .
    و الفقه فهم ما يحتاج إلى إعمال فكر . قال الراغب : هو التوصل إلى علم غائب بعلم شاهد ، و هو أخص من العلم .
    و عرفه غيره بأنه إدراك الأشياء الخفية . والخطاب في قوله ما أصابك خطاب للرسول ، وهذا هو الأليق بتناسق الضمائر،
    ثم يسلم أن غيره مثله في ذلك . و قد شاع الاستدلال بهذه الآية على أن أفعال العباد مخلوقة لله تعالى على طريقة الشيخ أبي
    الحسن الأشعري لقوله قل كل من عند الله) كما شاع استدلال المعتزلة بها على أن الله لا يخلق المعصية والشر لقوله وما
    أصابك من سيئة فمن نفسك. و قال أبو الحسن شبيب بن حيدرة المالكي في كتاب (حز الغلاصم): إن الاحتجاج بها في كلا
    الأمرين جهل لابتنائه على توهم أن الحسنة و السيئة هي الطاعة و المعصية ، وليستا كذلك . و أنا أقول: إن أهل السنة ما
    استدلوا بها إلا قولا بموجب استدلال المعتزلة بها على التفرقة بين اكتساب الخير والشر على أن عموم معنى الحسنة
    و السيئة كما بينته آنفايجعل الآية صالحة للاستدلال ، وهو استدلال تقريبي لأن أصول الدين لا يستدل فيها
    بالظواهر كالعموم . وجيء في حكاية قولهم يقولوا هذه من عند الله يقولوا هذه من عندك بكلمة "عند"
    للدلالة على قوةنسبة الحسنة إلى الله ونسبة السيئة للنبيء عليه الصلاة والسلام أي: قالوا ما
    يفيد جزمهم بذلك الانتساب . ولما أمر الله رسوله أن يجيبهم قال قل كل من عند الله
    مشاكلة لقولهم ، وإعرابا عن التقدير الأزلي عند الله .
    و أما قوله ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من
    سيئةفمن نفسك فلم يؤت فيه بكلمة : " عند " إيماء إلى أن
    ابتداء مجيء الحسنة من الله ، ومجيء السيئة من نفس المخاطب
    ابتداء المتسبب لسبب الفعل ، وليس ابتداء المؤثر في الأثر . و قوله
    و أرسلناك للناس رسولا عطف على قوله ما أصابك من حسنة فمن الله و ما
    أصابك من سيئة فمن نفسك للرد على قولهم : السيئة من عند محمد ، أي: أنك
    بعثت مبلغا شريعة و هاديا ، و لست مؤثراً في الحوادث ، و لا تدل مقارنة الحوادث
    المؤلمة على عدم صدق الرسالة . فمعنى أرسلناك بعثناك كقوله وأرسلنا الرياح ونحوه .
    و " للناس " متعلق بـ " أرسلناك " و قوله " رسولا " حال من " أرسلناك " ، و المراد
    بالرسول هنا معناه الشرعي المعروف عند أهل الأديان : وهو النبيء المبلغ عن الله تعالى،
    فهو لفظ لقبي دال على هذا المعنى ، وليس المراد به اسم المفعول بالمعنى اللغوي و لهذا
    حسن مجيئه حالا مقيدة لـ " أرسلناك " ، لاختلاف المعنيين ، أي بعثناك مبلغا لا مؤثرا
    في الحوادث ، ولا أمارة على وقوع الحوادث السيئة . وبهذا يزول إشكال مجيء هذه
    الحال غير مفيدة إلا التأكيد ، حتى احتاجوا إلى جعل المجرور متعلقا بـ " رسولا"
    و أنه قدم عليه دلالة على الحصر باعتبار العموم المستفاد من التعريف،
    كما في الكشاف ، أي: لجميع الناس لا لبعضهم ، و هو
    تكلف لا داعي إليه ، وليس المقام مقام هذا الحصر.
    ********************************


    و بَعْضُ النُّفُوسِ ** كبَعِضِ الشَّجَـرْ
    جَمِيــــلُ القَـــوامِ ** رَدِيْءُ الثــَّــمَرْ
    وَ َسبْرُ النُّفُوسِ *** كَصم الحجارة
    فَمِنْهَا كَرِيْمُ نَّفِيْسُ وً جلمود صخـرْ
    و َكَمْ مِّنْ ضَرِيْرٍ كَفِيْفٍ بَصِيْرُ الْفُؤَادِ
    و كَمْ مِّنْ فُؤَادٍ غَرِيْرٍ كَفِيْفُ الْبَصَـرْ

  9. #59
    عضو فضي
    الصورة الرمزية ود الأصيل
    تاريخ التسجيل
    Jan 2013
    المشاركات
    2,849
    [font=pt bold heading](
    [color="#663300"]
    [FONT=pt bold heading]

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ
    إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَ إِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ
    الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَ اللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ.قد سألها
    قوم من قبلكم ثم أصبحوا بها كافرين ( المائدة / 101 )
    هذه الآية قد نهت المؤمنين عن سؤال النبي صلى الله عليه وسلم
    عن أشياء سكت الله عنها في كتابه ، و عفا عنها ؛ و ربما أدى التنقير
    و تشقيق السؤال عنهاإلى تحريمها ؛ فيشق ذلك عليهم؛ و نهتهم أيضاً عن
    السؤال عن الأشياء التي هي خافية عليهم ولو بدت لهم ساءتهم ؛ كسؤالهم عن
    صحة نسبهم إلى آبائهم . و قد روى البخاري ، و مسلم عن أنس بن مالك سألوا رسول
    الله صلى الله عليه و سلم حتى أحفوه بالمسألة ، فغضب صَلَّى اللهُ عَلَيْهِوَ سَلَّمَ وخَرَجَ
    حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ ، فَصَلَّى الظُّهْرَ ، فَقَامَ عَلَى المِنْبَرِ ، فَذَكَرَ السَّاعَةَ، فَذَكَرَ أَنَّ فِيهَا أُمُورًا
    عِظَامًا، ثُمَّ قَالَ : ( مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَسْأَلَ عَنْ شَيْءٍ فَلْيَسْأَلْ، فَلاَ تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ إِلَّا أَخْبَرْتُكُمْ
    ،مَا دُمْتُ فِي مَقَامِي هَذَا) فَأَكْثَرَ النَّاسُ فِي البُكَاءِ، وَأَكْثَرَأَنْ يَقُولَسَلُونِي) فَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ
    السَّهْمِيُّ ،فَقَالَ:مَنْ أَبِي؟ ، قَالَ أَبُوكَ حُذَافَةُ ) ثُمَّ أَكْثَرَ أَنْ يَقُولَسَلُونِي) فَبَرَكَ عُمَرُعَلَى رُكْبَتَيْهِ،
    ثم أنشأ يقول: رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا، وَ بِالإِسْلاَمِ دِينًا، وَ بِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا، نعوذ بالله من الفتن، يا رسول الله
    إنا حديثو عهد بجاهلية فاعف عنا يعف الله سبحانه و تعالى عنك فَسَكَتَ عنه الغضب، ثُمَّ قَالَ:
    (عُرِضَتْ عَلَيَّ الجَنَّةُ وَ النَّارُ آنِفًا فِي عُرْضِ هَذَا الحَائِطِ ، فَلَمْ أَرَ كَالخَيْرِ وَالشَّرِّ). قال الإمام
    مسلم رحمه الله عقب إيراده هذا الحديث " قَالَ ابْنُ شِهَابٍ :أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِاللهِ
    بْنِ عُتْبَةَ، قَالَ: قَالَتْ أُمُّ عَبْدِ اللهِ بْنِ حُذَافَةَ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ حُذَافَةَ :مَا سَمِعْتُ بِابْنٍ
    قَطُّ أَعَقَّ مِنْكَ؟ أَأَمِنْتَ أَنْ تَكُونَ أُمُّكَ قَدْ قَارَفَتْ بَعْضَ مَا تُقَارِفُ نِسَاءُ
    أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَتَفْضَحَهَا عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ؟ قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ
    حُذَافَةَ: وَ اللهِ لَوْ أَلْحَقَنِي بِعَبْدٍ أَسْوَدَ لَلَحِقْتُهُ " .
    **************************

    [

    [/FONT]
    /color]
    [/font]
    التعديل الأخير تم بواسطة ود الأصيل ; 26-04-2015 الساعة 09:50 PM
    و بَعْضُ النُّفُوسِ ** كبَعِضِ الشَّجَـرْ
    جَمِيــــلُ القَـــوامِ ** رَدِيْءُ الثــَّــمَرْ
    وَ َسبْرُ النُّفُوسِ *** كَصم الحجارة
    فَمِنْهَا كَرِيْمُ نَّفِيْسُ وً جلمود صخـرْ
    و َكَمْ مِّنْ ضَرِيْرٍ كَفِيْفٍ بَصِيْرُ الْفُؤَادِ
    و كَمْ مِّنْ فُؤَادٍ غَرِيْرٍ كَفِيْفُ الْبَصَـرْ

  10. #60
    عضو فضي
    الصورة الرمزية ود الأصيل
    تاريخ التسجيل
    Jan 2013
    المشاركات
    2,849
    و روي عن ابن عباس رضي الله عنه ، قال:
    كان قوم يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم استهزاء،
    فيقول الرجل : من أبي؟ ويقول الرجل تضل ناقته : أين ناقتي؟
    فأنزل الله فيهم( ياأيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم)
    أي : إن تظهر لكم تسؤكم . و روي عن علي رضي الله عنه قال: لما نزل قوله:
    ( و لله على الناس حج البيت) قال رجل : يا رسول الله أفي كل عام فأعرض عنه
    حتى عاد مرتين أو ثلاثاً ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"ما يؤمنك أن أقول نعم؟
    و الله لو قلت نعم لوجبت، و لو وجبت ما استطعتم ، فاتركوني ما تركتكم فإنما هلك من
    كان قبلكم بكثرة سؤالهم و اختلافهم على أنبيائهم ، فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم،
    و إذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه "أي : إن أمرتم بالعمل بها ، فإن من سأل عن الحج لم يأمن
    أن يؤمر به في كل عام فيسوءه، ومن سأل عن نسبه لم يأمن من أن يلحقه بغيره فيفتضح.
    و قال مجاهد نزلت حين سألوا رسول الله صلى الله عليه و سلم عن البحيرة و السائبة و
    الوصيلة و الحام ، ألا تراه ذكرها بعد ذلك؟ (و إن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم)
    معناه صبرتم حتى ينزل القرآن بحكم من فرض أو نهي أو حكم ، و ليس في ظاهره
    شرحما بكم إليه حاجة و مست حاجتكم إليه، فإذا سألتم عنها حينئذ تبدى لكم
    (عفا الله عنها والله غفور حليم قد سألها قوم من قبلكم) كما سألت ثمود
    صالحا الناقة و سأل قوم عيسى المائدة ، (ثم أصبحوا بها كافرين)
    فأهلكوا ، قال أبو ثعلبة الخشني :"إن الله فرض فرائض فلا
    تضيعوها و نهى عن أشياء فلا تنتهكوها و حد حدوداً فلا
    تعتدوها، وعفا عن أشياء من غير نسيان فلا تبحثوا عنها.
    *******************************
    و بَعْضُ النُّفُوسِ ** كبَعِضِ الشَّجَـرْ
    جَمِيــــلُ القَـــوامِ ** رَدِيْءُ الثــَّــمَرْ
    وَ َسبْرُ النُّفُوسِ *** كَصم الحجارة
    فَمِنْهَا كَرِيْمُ نَّفِيْسُ وً جلمود صخـرْ
    و َكَمْ مِّنْ ضَرِيْرٍ كَفِيْفٍ بَصِيْرُ الْفُؤَادِ
    و كَمْ مِّنْ فُؤَادٍ غَرِيْرٍ كَفِيْفُ الْبَصَـرْ

  11. #61
    عضو فضي
    الصورة الرمزية ود الأصيل
    تاريخ التسجيل
    Jan 2013
    المشاركات
    2,849
    قال الإمام الشوكاني رحمه الله في تفسيره لآية المائدة
    ( يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم)
    أي: لا تسألوا عن أشياء لا حاجة لكم بالسؤال عنها , و لا هي مما
    يعنيكم في أمر دينكم , فقوله: ( إن تبد لكم تسؤكم ) في محل جرٍّ صفة
    لأشياء , أي لا تسألوا عن أشياء متصفة بهذه الصفة ؛ من كونها إذا بدت لكم ؛
    أي:ظهرت و كلفتم بها : ساءتكم ، نهاهم الله عن كثرة مساءلتهم لرسول الله صلى
    الله عليه و سلم، فإن السؤال عما لا يعني و لا تدعو إليه حاجة، قد يكون سبباً لإيجابه
    على السائل و على غيره , قوله: ( و إن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم ) هذه
    الجملة من جملة صفة أشياء ، و المعنى: لا تسألوا عن أشياء، إن تسألوا عنها حين
    ينزل القرآن ، وذلك مع وجود رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهركم و
    نزول الوحي عليه : تبد لكم , أي : تظهر لكم ، بما يجيب عليكم به النبي
    صلى الله عليه و سلم ، أو ينزل به الوحي, فيكون ذلك سبباً للتكاليف
    الشاقة, و إيجاب ما لم يكن واجبا ، وتحريم ما لم يكن محرما ،
    بخلاف السؤال عنها بعد انقطاع الوحي بموت رسول الله
    صلى الله عليه و سلم ، فإنه لا إيجاب و لا تحريم
    ينتج عن السؤال فعُلم من هذا جملة أمور:
    ************************
    و بَعْضُ النُّفُوسِ ** كبَعِضِ الشَّجَـرْ
    جَمِيــــلُ القَـــوامِ ** رَدِيْءُ الثــَّــمَرْ
    وَ َسبْرُ النُّفُوسِ *** كَصم الحجارة
    فَمِنْهَا كَرِيْمُ نَّفِيْسُ وً جلمود صخـرْ
    و َكَمْ مِّنْ ضَرِيْرٍ كَفِيْفٍ بَصِيْرُ الْفُؤَادِ
    و كَمْ مِّنْ فُؤَادٍ غَرِيْرٍ كَفِيْفُ الْبَصَـرْ

  12. #62
    عضو فضي
    الصورة الرمزية ود الأصيل
    تاريخ التسجيل
    Jan 2013
    المشاركات
    2,849

    أولاً : أن النهي في هذهالآية
    خاص بزمن النبي صلى الله عليه وسلم ،
    و هو مقيد بوقت نزول الوحي , ون ما بعده
    من الأزمنة ، فلا يكون هذا مانعاً من طلب العلم
    الشرعي ، و تعلم الإنسان ما ينفعه ، أو يحتاج إليه في
    أمر معاشه ومعاده . قال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - :
    "من المؤسف حقاً أن بعض الناس يقول لا تسأل فتٌخَبر عن شيء
    يكون فيه مشقة عليك ، ثم يتأولون الآية الكريمة على غير وجههاً
    في قوله تعالى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ
    تَسُؤْكُمْ ) فإن النهي عن ذلك إنما كان وقت نزول الوحي الذي
    يمكن أن تتجدد الأحكام فيه أو قد تتغير ، أما بعد أن
    توفي رسول الله صلى الله عليه و على آله وسلم
    فالواجب أن يسأل الإنسان عن كل
    ما يحتاجه في أمور دينه.
    ***************


    و بَعْضُ النُّفُوسِ ** كبَعِضِ الشَّجَـرْ
    جَمِيــــلُ القَـــوامِ ** رَدِيْءُ الثــَّــمَرْ
    وَ َسبْرُ النُّفُوسِ *** كَصم الحجارة
    فَمِنْهَا كَرِيْمُ نَّفِيْسُ وً جلمود صخـرْ
    و َكَمْ مِّنْ ضَرِيْرٍ كَفِيْفٍ بَصِيْرُ الْفُؤَادِ
    و كَمْ مِّنْ فُؤَادٍ غَرِيْرٍ كَفِيْفُ الْبَصَـرْ

  13. #63
    عضو فضي
    الصورة الرمزية ود الأصيل
    تاريخ التسجيل
    Jan 2013
    المشاركات
    2,849
    [center][color="#9933ff"]
    ثانياً أن الأشياء التي نُهُوا
    عن السؤال عنها هي: 1- الأشياء
    التي لا يترتب عليها عمل وهي مما لا
    ينفع في أمر الدين . 2- الأشياء التي عنها الشرع ،
    و سكت عن ذكرها ، رحمة بالناس ، غير نسيان ؛ فربما
    أدى التنقير إلى تحريمها ، والإشقاق على الناس بها ؛ روى
    البخاري عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قَالَ : قَالَ
    رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ أَعْظَمَ الْمُسْلِمِينَ فِي
    الْمُسْلِمِينَ جُرْمًا: مَنْ سَأَلَ عَنْ شَيْءٍ لَمْ يُحَرَّمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ ،
    فَحُرِّمَ عَلَيْهِمْ مِنْ أَجْلِ مَسْأَلَتِهِ ). 3- الأشياء التي خفيت
    عن السائلين ، ولو بدت لهم ساءتهم ، كما مر
    معنا في حديث عبد الله بن حذافة .
    **********************
    [/
    color]
    [/center]
    و بَعْضُ النُّفُوسِ ** كبَعِضِ الشَّجَـرْ
    جَمِيــــلُ القَـــوامِ ** رَدِيْءُ الثــَّــمَرْ
    وَ َسبْرُ النُّفُوسِ *** كَصم الحجارة
    فَمِنْهَا كَرِيْمُ نَّفِيْسُ وً جلمود صخـرْ
    و َكَمْ مِّنْ ضَرِيْرٍ كَفِيْفٍ بَصِيْرُ الْفُؤَادِ
    و كَمْ مِّنْ فُؤَادٍ غَرِيْرٍ كَفِيْفُ الْبَصَـرْ

  14. #64
    عضو فضي
    الصورة الرمزية ود الأصيل
    تاريخ التسجيل
    Jan 2013
    المشاركات
    2,849
    [size=5]
    ثالثاً:أن الأشياء التي يترتب عليها
    بيان حكم شرعي , قد أمر الله سبحانه
    بالسؤال عنها في قوله تعالى : ( فَاسْأَلُوا أَهْلَ
    الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ )النحل / 43. يقول الشيخ
    السعدي رحمه الله في تفسير آية المائدة " ينهى عباده
    المؤمنين عن سؤال الأشياء التي إذا بينت لهم ساءتهم وأحزنتهم،
    وذلك كسؤال بعض المسلمين لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن
    آبائهم ، وعن حالهم في الجنة أو النار، فهذا ربما أنه لو بين للسائل:
    لم يكن له فيه خير ، وكسؤالهم للأمور غير الواقعة , وكالسؤال الذي
    يترتب عليه تشديدات في الشرع ربما أحرجت الأمة، و كالسؤال
    عما لا يعني، فهذه الأسئلة وما أشبهها هي المنهي عنها ،
    و أما السؤال الذي لا يترتب عليه شيء من ذلك :
    فهذا لا حرج فيه ، بل مأمور به، لقوله تعالى:
    ( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ).
    ***********************
    [/size]
    و بَعْضُ النُّفُوسِ ** كبَعِضِ الشَّجَـرْ
    جَمِيــــلُ القَـــوامِ ** رَدِيْءُ الثــَّــمَرْ
    وَ َسبْرُ النُّفُوسِ *** كَصم الحجارة
    فَمِنْهَا كَرِيْمُ نَّفِيْسُ وً جلمود صخـرْ
    و َكَمْ مِّنْ ضَرِيْرٍ كَفِيْفٍ بَصِيْرُ الْفُؤَادِ
    و كَمْ مِّنْ فُؤَادٍ غَرِيْرٍ كَفِيْفُ الْبَصَـرْ

  15. #65
    عضو فضي
    الصورة الرمزية ود الأصيل
    تاريخ التسجيل
    Jan 2013
    المشاركات
    2,849


    إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَىٰ مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ
    وَ نِصْفَهُ وَ ثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ ۚ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ
    اللَّيْلَوَ النَّهَارَۚ عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا
    مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرْضَىٰ وَ آخَرُونَ
    يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي
    سَبِيلِاللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَمِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَ
    أَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا ۚ وَ مَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ
    تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا ۚ وَ اسْتَغْفِرُوا
    اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ )
    ******************
    (نصفه وثلثه) أي : تارة هكذا ،
    و تارة هكذا. و لكن لا تقدرون على المواظبة
    على قيام الليل كله ; لأنه يشق عليكم ; ولهذا قال :
    ( والله يقدر الليل والنهار ) أي : تارة يعتدلان ، و تارة يأخذ
    هذا من هذا ، أو هذا من هذا . ( علم أن لن تحصوه ) أي :
    الفرض الذي أوجبه عليكم ( فاقرءوا ما تيسر من القرآن ) أي :
    من غير تحديد بوقت ، أي : و لكن قوموا من الليل ما تيسر ، و لو
    بخمس آيات فقط . و عبر عن الصلاة بالقراءة ، كما قال و لا تجهر
    بصلاتك ) أي : بقراءتك (ولا تخافت بها )وقوله : (علم أن سيكون منكم
    مرضى وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله و آخرون يقاتلون في
    سبيل الله ) أي: علم أن سيكون من هذه الأمة ذوو أعذار في ترك قيام الليل ، من
    مرضى لايستطيعون ذلك ، و مسافرين في الأرض يبتغون من فضل الله في المكاسب
    و المتاجر، و آخرين مشغولين بما هو الأهم في حقهم من الغزو في سبيل الله ، و هذه
    الآية - بل السورة كلها - مكية ، و لم يكن القتال شرع بعد ، فهي من أكبر دلائل النبوة.
    ( فاقرءوا ما تيسر من القرآن ) و هذا ظاهر من مذهب الحسن البصري : أنه كان يرى حقاً
    واجباً على حملة القرآن أن يقوموا و لو بشيء منه في الليل . لهذا جاء في الحديث :أن رسول
    الله صلى الله عليه وسلم سئل عن رجل نام حتى أصبح ، فقال :"ذاك رجل بال الشيطان في أذنه".
    فقيل معناه : نام عن المكتوبة . و قيل : عن قيام الليل . وقوله : ( وأقيموا الصلاة و آتوا الزكاة ) أي:
    أقيموا صلاتكم الواجبة عليكم ، وآتوا الزكاة المفروضة . و هذا يدل لمن قال : إن فرض الزكاة نزل بمكة.
    و قد ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لذلك الرجل: "خمس صلوات في اليوم
    و الليلة"قال : هل علي غيرها ؟ قال: " لا، إلا أن تطوع" .وقوله تعالى : ( و أقرضوا الله قرضا حسناً)
    يعني :من الصدقات، فإن الله يجازي على ذلك أحسن الجزاء و أوفره ، كما قالمن ذا الذي يقرض الله
    قرضاً حسناً فيضاعفه له أضعافا كثيرة) وقولهو ما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا و
    أعظم أجراً) أي: جميع ما تقدموه بين أيديكم فهو[خير] لكم حاصل ، و هو خير مما أبقيتموه لأنفسكم
    في الدنيا .وقال الحافظأبو يعلى الموصلي:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أيكم ماله أحب
    إليه من مال و ارثه؟ ".قالوا : يا رسول الله ، ما منا منأحد إلا ماله أحب إليه من مال وارثه.
    قال:"اعلموا ما تقولون". قالوا: ما نعلم إلا ذلك يا رسول الله ؟ قال:"إنما مال أحدكم
    ما قدم و مال وارثه ما أخر". ثم قال تعالى واستغفروا الله إن الله غفور رحيم )
    أي : أكثروا من ذكرهواستغفاره في أموركم كلها ; فإنه غفور رحيم
    لمن استغفره .آخر تفسير سورة " المزمل " ولله الحمد .
    ******************************
    و بَعْضُ النُّفُوسِ ** كبَعِضِ الشَّجَـرْ
    جَمِيــــلُ القَـــوامِ ** رَدِيْءُ الثــَّــمَرْ
    وَ َسبْرُ النُّفُوسِ *** كَصم الحجارة
    فَمِنْهَا كَرِيْمُ نَّفِيْسُ وً جلمود صخـرْ
    و َكَمْ مِّنْ ضَرِيْرٍ كَفِيْفٍ بَصِيْرُ الْفُؤَادِ
    و كَمْ مِّنْ فُؤَادٍ غَرِيْرٍ كَفِيْفُ الْبَصَـرْ

  16. #66
    عضو فضي
    الصورة الرمزية ود الأصيل
    تاريخ التسجيل
    Jan 2013
    المشاركات
    2,849
    [font=pt bold heading[size=5]]
    (
    ( يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم
    و أيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين و إن كنتم
    جنباً فاطّهروا) المائدة :16. هذه الآية قد ذكر الله فيها فروض الوضوء المتفق
    عليها عند أهل العلم و هي: غسل الوجه و غسل اليدين إلى المرفقين و مسح الرأس
    و غسل الرجلين إلى الكعبين . و من فروض الصلاة ترتيب الفرائض في الانتقال بين أعضاء
    الوضوء فلا يُقدَم عضوٌ على عضوٍ ؛ بدليل تقديم أولوية الترتيب على مقتضى القاعدة النحوية في
    قوله تعالىو امسحوا برؤوسِكم وأرجلَكم إلى الكعبين) . و ممن قال بوجوب الترتيب الإمامان الشافعي
    و أحمد مستدلين على ذلك بأن الترتيب هو ظاهر الآية و هو ظاهر حديث عثمان المتفق عليه. و فيه أن
    رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفرالله
    ما تقدم من ذنبه". و ممن قال بعدم وجوب الترتيب أبو حنيفة و مالك رحمهما الله مستدلين بحديث المقدام ابن
    معدي كرب رضي الله عنه قال: أتي رسول الله صلى الله عليه و سلم بوضوء فتوضأ فغسل كفيه ثلاثاً و غسل وجهه
    ثلاثاً ثم غسل ذراعيه ثلاثاً ثلاثاً ثم مضمض واستنشق ثلاثاً ثلاثاً ثم مسح برأسه و أذنيه ظاهرهما و باطنهما.رواه أبوداود
    وأحمد و زاد وغسل رجليه ثلاثاً . ففي الحديث تأخير المضمضة و الاستنشاق على غسل الوجه و اليدين، و الحديث سنده
    صالح ، كما قال الشوكاني في نيل الأوطار. و فيه تصريح بعدم الترتيب و يجاب لهما بأن ما استدلّ به الحنابلة والشافعية
    على وجوب الترتيب غيرمتجه ، فإن الفروض في الآية عطفت بالواو عطفَ جمعٍ مطلقٍ، و رأيُ النحاة أنها لا تقتضي
    الترتيب، ولوأريد الترتيب لكان العطف بالفاء(للترتيب مع الفور التقعيب)أو حتى بثم (للترتيب مع ا لتراخي).
    أما حديث النعمان فغاية ما فيه الإرشاد إلى أن هذه الهيئة هي أكمل هيئات الوضوء وليس فيه ما يدل على
    وجوب الترتيب و هو محل النزاع .ومنها الموالاة : وذهب إلى وجوبها أحمد و مالك و من وافقهما ،
    ودليلهم في ذلك ما رواه أحمد و أبو داود عن خالد بن معدان رحمه الله عن بعض أزواج النبي
    صلى الله عليه وسلم أنه عليه الصلاة و السلام رأى رجلاً يصلي في ظهر قدمه لمعة
    قدر الدرهم لم يصبها الماء فأمره رسول الله أن يعيد الوضوء ، و في رواية:
    يعيد الوضوء و الصلاة، و الحديث قال عنه أحمد أن سنده جيد حينما
    سأله الأثرم عنه كما في المنتقى .قد و قال بسنية الموالاة
    الشافعي وأبو حنيفة ومن وافقهما. هذا و الله أعلم.
    ****************************
    و هناك فروض مختلف فيها ، فمن أهل العلم من عدها من السنن:
    فمنها : النية - و هي فرض على القول الصحيح لقوله عليه الصلاة والسلام :
    "إنما الأعمال بالنيات" متفق عليه. ومنها التسمية: وذهب إلى كونها فرضاً الإمام أحمد
    و الظاهرية ومن وافقهم مستدلين بالحديث من رواية أبي داود والترمذي و ابن ماجه عن
    أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لا صلاةَ لمن لا وضوء له و لا وضوءَ
    لمن لا يذكر اسم الله عليه". و الحديث مختلف في صحته و لو صح لكان عمدةً قاطعاً للنزاع
    و الجمهور ذهب إلى أن التسمية سنة ، و احتجوا على ذلك بما رواه أبو داود عن رفاعة ابن
    رافع قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " أنه لا تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء
    كما أمره الله عزوجل فيغسل وجهه ويديه إلى المرفقين و يمسح برأسه ورجليه إلى الكعبين
    "فقد أحال النبي صلى الله عليه و سلم- في الوضوء الذي لا تتم الصلاة إلا به - على الآية ،
    و معلوم أنها لم يرد فيها ذكر تسمية ، و لو كانت التسمية فرضاً ما تم الوضوء بدونها.
    و من الفروض المختلف فيها أيضاً:كذلك المضمضة و الاستنشاق و قد ذهب إلى
    وجوبهما الإمام أحمد مستدلاً بحديث لقيط بن صبرة رضي الله عنه الذي
    رواه أبو داود و فيه :" و بالغ فيالاستنشاق إلا أن تكون صائماً "
    والجمهور على السنية للحديث السابق وهو حديث
    رفاعة ابن رافع رضي الله عنه وأرضاه ، إذ لم
    يرد فيه ذكرللمضمضة و لا الاستنشاق .
    ************************
    [/size][/font]
    التعديل الأخير تم بواسطة ود الأصيل ; 12-05-2015 الساعة 10:44 PM
    و بَعْضُ النُّفُوسِ ** كبَعِضِ الشَّجَـرْ
    جَمِيــــلُ القَـــوامِ ** رَدِيْءُ الثــَّــمَرْ
    وَ َسبْرُ النُّفُوسِ *** كَصم الحجارة
    فَمِنْهَا كَرِيْمُ نَّفِيْسُ وً جلمود صخـرْ
    و َكَمْ مِّنْ ضَرِيْرٍ كَفِيْفٍ بَصِيْرُ الْفُؤَادِ
    و كَمْ مِّنْ فُؤَادٍ غَرِيْرٍ كَفِيْفُ الْبَصَـرْ

  17. #67
    عضو فضي
    الصورة الرمزية ود الأصيل
    تاريخ التسجيل
    Jan 2013
    المشاركات
    2,849
    يقول المولى في سورة الرعد:
    أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها
    فاحتمل السيل زبداً رابياً، و مما يوقدون عليه
    في النار ابتغاء حلية أو متاع زبدٌ مثلُه؛ كذلك يضرب
    الله الحق والباطل فأما الزبد فيذهب جفاءً ، وأما ما ينفع
    الناس فيمكث في الأرض؛ كذلك يضرب الله الأمثال)
    ********************************

    (أنزل من السماء ماء) ( فسالت أودية) بسعتها من المطر
    (فاحتمل السيل) زبداً ناتجاً منه ، و طافياً على سطحه، فالماء الصافي
    الباقي هو بمثابة الحق ، و الخبث الزائل العالق بجوانب الأودية هو الباطل.
    و قيل أيضاً: (أنزل من السماء) يعني بذلك القرآن،و الأودية مثل للقلوب لتحمل
    منه عِبَراً و إ يمانياتٍ، كلٌ على قدر يقينهأو شكه ، و فقهه أو جهله. و في مثالٍ
    آخر: ( و مما يوقدون عليه في النار )و معدن الذهب أو الفضة ، يراد صقله من شوائبه
    ( ابتغاء حلية) أي: لطلب زينة ،( أو متاع) من حديد، و نحاس، و رصاص ، و صفيح كلها
    تذاب لكب يُتَخذُ منها: عتادٌ حربيٌ ، أو آلياتٌ و معداتٌ تشغيليةٌ ، أو لوازم حرفية، أو آنية
    منزلية. و كل ذلك إنما يصار خبثه إلى (زبد مثله) زائلة ( كذلك يضرب الله الحق و الباطل)
    أي: إذا أذيب المعدن فيكون له أيضا خَبَثٌ كزبد البحر ، فالراسب من صقل هذه الجواهر
    مثل الحق،و ما لا ينتفع به. تماماً مثل الباطل . ( فأما الزبد ) الذي علا السيل و الفلز
    ( فيذهب جفاءً) أي :ضائعاً ، و الجفاءً ما يطرح الوادي من غثاء سيله ، و تلفظه
    القدور إلى جنباتها. يقال:جفا الوادي وأجفأ : إذا ألقى غثاءه ،و أجفأت القدر
    و جفأت: إذا غلتو ألقت زبدها ، كما تلقي بثفلها المرحاة عند زهير
    بن أبي سلمى.و حاصله:أن الباطل و إن علا لوقت فإنه يضمحل.
    وقيل : " جفاءً " أي: متشتتاً . يقال:جفأت الريح الغيم إذا فرقته
    و ذهبت به . ( و أما ما ينفع الناس ، فيمكث في الأرض)
    ( كذلك يضرب الله الأمثال) بجعله الحقَ أبلجَ
    والباطلَ لجلجاً، أي :زاقهاً كما الزبد، والحق أبلجَ
    أي: ظاهراً كالماء الصافي و المعدن النفيس يبقى
    ويمكث راسخاً في القلوب. و قيل:إن في ذلك تسلية
    للمؤمنين، يعني: أن أمرالمشركين كالزبدإذ يُرى في
    الصورة شيئاً فضفاضاً وليس له حقيقة،و أمر المؤمن
    كالماء الصافي و المعدن الخالص : له البقاء ثابتاً.
    حــــــــاشـــــــية :
    يقــول البحتـري،
    فيما قد يقارب هذه المعاني:
    لا تنكري عطب الكريم من الغنى
    فالسيل حرب للمكـان العـــالـي
    لعلنا كلما خضنا في هذا الخضم ما زادنا
    إلا شعوراً أعمقلم نر من الديك بعد إلا رأسه،،،،
    و لربما يكون قارئ سطوري هذه أكثر مني فائدة مما
    أكتب،لكونه يعي و يفقه ويحصي جيداً شتات شواردي
    التي يبدو وكأنها تستغل غفلة انغماسي في السرد السريع،
    لتتطايرمني كما فقاقيع الصابون من بين أصبع الصبية؛
    أو كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه.
    وفي الأثر النبوي الشريف؛(رب مبلغ
    أوعى من سامع وحامل فقه
    إِلَى من هُوَ أفقه).
    **********


    التعديل الأخير تم بواسطة ود الأصيل ; 20-05-2015 الساعة 01:17 AM
    و بَعْضُ النُّفُوسِ ** كبَعِضِ الشَّجَـرْ
    جَمِيــــلُ القَـــوامِ ** رَدِيْءُ الثــَّــمَرْ
    وَ َسبْرُ النُّفُوسِ *** كَصم الحجارة
    فَمِنْهَا كَرِيْمُ نَّفِيْسُ وً جلمود صخـرْ
    و َكَمْ مِّنْ ضَرِيْرٍ كَفِيْفٍ بَصِيْرُ الْفُؤَادِ
    و كَمْ مِّنْ فُؤَادٍ غَرِيْرٍ كَفِيْفُ الْبَصَـرْ

  18. #68
    عضو فضي
    الصورة الرمزية ود الأصيل
    تاريخ التسجيل
    Jan 2013
    المشاركات
    2,849
    (
    [size=5]

    وَ لَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا، وَ لَٰكِنَّهُ
    أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ.. فَمَثَلُهُ
    كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث)
    قوله تعالى ولو شئنا لرفعناه بها أي: لو شئنا لأمتناه قبل أن يعصي
    فرفعناه إلى الجنة بالعمل لها . ولكنه أخلد إلى الأرض أي سكن و ركن إليها.
    يقال: أخلد فلان إلى النوم. واتبع هواه أي ما زين له الشيطان. فمثل حاله في المعصية
    كمثل حال الكلب في اللُّهاث على كل حال ،إن نهرته أو تركته يلهث. و الكلب منقطع الفؤاد
    كالذي يترك الهدى لا فؤاد له. وكل شيء يلهث فإنما يلهث من إعياء أو عطش ، إلا الكلب فإنه
    يلهث في حال الكلال وحال الراحة وحال المرض و حال الصحة وحال الري وحال العطش . فضربه
    الله مثلاً لمن كذب بآياته و انسلخ عنها. فإن وعظته ضل و إن تركته ضل وقوله تعالى إن تحمل عليه
    يلهث لأنك إذا حملت على الكلب نبح و ولى هارباً، و إذا تركته شد عليك و نبحك ; فيتعب نفسه مقبلاً
    عليك و مدبراً عنك فيعتريه عند ذلك ما يعتريه عند العطش من إخراج اللسان . و إنما صار الكلب كذلك
    لأنه لما نزل آدم عليه السلام إلى الأرض شمت به إبليس ، فذهب إلى السباع لتأليبها ضده و كان الكلب
    من أشدها تحاملاً عليه. فنزل جبريل بالعصا التي صرفت إلى موسى بمدين و جعلها آية له إلى فرعون
    و ملئه، وجعل فيها سلطاناً عظيماً و كانت من آس الجنة; فأعطاها آدم صلى الله عليه وسلم يومئذ
    ليطرد بها السباع عن نفسه ، و أمره فيما روي أن يدنو من الكلب و يضع يده على رأسه، فمنذ
    ذك ركن الكلب و مات الفؤاد منه لسلطان العصا؛ ثم ألف بآدم و بولده إلى يومنا هذا ، لوضع
    يده على رأسه ، و صار حارساً أمينا لبني البشر. كما يتخذ أيضاً للصيد.(وما علمتم من
    الجوارح مكلبين تعلمونهن مما علمكم الله) . و قيل: من طباع الكلبالوقوع بمن لا
    يخشى بأسه ابتداءً بالمهارشة ، ثم تهدأ طائشته بنيل كل عِوَضٍخسيسٍ
    كأن ترمي إليه عظمةً ، كما الكلب لا يملك لنفسه صرفاً و لا عدلاً ترك
    اللهثان. ضربه الله مثلاً للذي يقبل الدنيئة
    في دينه كالرشوة مثلاً فيموت ضميره.
    *************************
    .


    *
    [/size]
    التعديل الأخير تم بواسطة ود الأصيل ; 02-08-2015 الساعة 08:38 PM
    و بَعْضُ النُّفُوسِ ** كبَعِضِ الشَّجَـرْ
    جَمِيــــلُ القَـــوامِ ** رَدِيْءُ الثــَّــمَرْ
    وَ َسبْرُ النُّفُوسِ *** كَصم الحجارة
    فَمِنْهَا كَرِيْمُ نَّفِيْسُ وً جلمود صخـرْ
    و َكَمْ مِّنْ ضَرِيْرٍ كَفِيْفٍ بَصِيْرُ الْفُؤَادِ
    و كَمْ مِّنْ فُؤَادٍ غَرِيْرٍ كَفِيْفُ الْبَصَـرْ

  19. #69
    عضو فضي
    الصورة الرمزية ود الأصيل
    تاريخ التسجيل
    Jan 2013
    المشاركات
    2,849
    معـــجـــزة علـــميـــة
    لقد شبَّه الله تعالى حال أولئك
    الذين ارتدوا عن الإسلام بكلب يلهث،
    وقد تساءل العلماء عن سر لهاث الكلب فوجدوا
    أن الكلب لا يخزن الهواء في رئتيه بل يأخذ الهواء ويزفره
    بشكل مستمر، والعجيب أن هذا اللهاث يبدأ مع الكلب منذ أن يكون
    جنيناً في بطن أمه ولا يتوقف إلا مع موته، فسبحان الله!وهنا نرى لطيفة
    من لطائف قوله تعالىكَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ)
    ففي هذه الآية إشارة إلى أن الكلب مستمر في اللهاث قبل و بعد و لادته
    و طيلة حياته.فالكلب يلهث من قلة الأكسجين لأنه لا يخزن أي كمية من
    الأكسجين بخلاف الإنسان الذي تخزن رئتيه كمية محددة من الأكسجين
    و هذا من رحمةالله تعالى بنا. فالذي ابتعد عن تعاليم الإسلام واتبع
    الشيطان فإن حياته ستكون عبارة عن عذاب مستمر وتعب دائم،
    و إن مثال الكلب هو أبلغ مثال للتعبير عن حقيقة حياة
    الكفرة الفجرة و بخاصة أولئك المنسلخين عن علمٍ.
    ****************************
    آية عظيمة كانت سبباً في إيمان ملحد!
    في ألمانيا كانت نسبة الإلحاد تعتبر الأعلى وبخاصة
    الشرقية منها، ومن بين هؤلاء أحد المعاندين المستكبرين الذين
    أنكروا وجود الخالق وتحدوا رب العزة سبحانه و تعالى، وكان يقول
    إذا كان الله موجوداً فأين هو؟ بل كان يسخر من الإسلام و من آيات
    القرآن و يعتبرها أنها أساطير لا أكثر ولا أقل . و على الرغم من ذلك كان
    يبحث عن الحقيقة بصدق . لقد شاء الله أن يرى هذا الملحد مناماً مرعباً حيث
    رأى نفسه و كأنه في وسط البحر ثم تحطمت السفينة و بدأ يغرق . و في اللحظة
    التي أدرك أنه سيموت مختنقاً وجد نفسه يصرخ ويقول: يا الله!! وإذا به يستيقظ و هو
    يلهث من شدة الخوف، و بعد أن هدأ قال في نفسه: كيف أعترف بوجود الله و قد أنكرت
    ذلك لسنوات طويلة... و لكن الحلم بقي في ذاكرته حتى شاء الله أن يقرأ كتاباً عن الإسلام،
    فيدفعه الفضول لمعرفة ما في هذا القرآن. وعندما فتح ترجمة القرآن وقعت عينه على آية يقول
    تبارك وتعالى فيها: (وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ
    أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا) [الإسراء: 67]، وإذا بهذه الآية تصور له المشهد الذي رآه في
    المنام و تصف له أدق المشاعر التي يحس بها الإنسان لحظة الغرق ، حيث ينسى كل شيء
    ويضل عنه كل شيء و لا يبقى إلا الله ليلتجئ إليه! لقد أدرك أن هذا النداء: يا الله ! كان
    موجوداً في أعماقه منذ ولادته، وأن هذا الكلام الذي سمعه في القرآن لا يمكن أن يكون
    من عند بشر، لأنه لا يمكن لأحد وصف مشاعر من يشرف على الغرق إلا إذا كان
    عليماً بخفايا الأنفس وهو أعلم ما تخفي الصدور، فأدرك أن هذا القرآن ليس
    من عند بشر وأعلن إسلامه لأنه أيقن أن اسم (الله) موجود في داخل
    كل واحد منا ولا سبيل للهروب أو الاعتراف بذلك، وكانت هذه
    الآية سبباً في إيمان ملحد، بسبب بحثه عن الحقيقة.
    رَبَّنَا إِنَّنَا آَمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَ قِنَا عَذَابَ النَّارِ
    **************************
    و بَعْضُ النُّفُوسِ ** كبَعِضِ الشَّجَـرْ
    جَمِيــــلُ القَـــوامِ ** رَدِيْءُ الثــَّــمَرْ
    وَ َسبْرُ النُّفُوسِ *** كَصم الحجارة
    فَمِنْهَا كَرِيْمُ نَّفِيْسُ وً جلمود صخـرْ
    و َكَمْ مِّنْ ضَرِيْرٍ كَفِيْفٍ بَصِيْرُ الْفُؤَادِ
    و كَمْ مِّنْ فُؤَادٍ غَرِيْرٍ كَفِيْفُ الْبَصَـرْ

  20. #70
    عضو فضي
    الصورة الرمزية ود الأصيل
    تاريخ التسجيل
    Jan 2013
    المشاركات
    2,849
    [font=pt bold heading]
    [FONT=pt bold heading]
    {و لقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمإ مسنون
    }
    خلق الله تعالى آدم عليه السلام من أديم الأرض و حوت و ذلك قوله:
    {منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى } ثم مزجت تربة الارض
    بالماء فكانت طيناً وفي ذلك يقول رب العالمين : {هو الذي خلقكم من طين ثم قضى
    أجلاً وأجل مسمى عنده ثم أنتم تمترون } و كان الطين لازباً أي: لزجٌ لازقٌ لاصقٌ ، قال تعالى:
    { إنا خلقناهم من طين لازب } . و يقال لَزِبَ الطينُ يَلْزُبُ لُزُوباً ، و لزُبَ : لَصِقَ و صَلُب َ، و فـي حديثه
    علـيّ علـيه السلام: دخَـل بالبَلَّةِ حتـى لَزَبَتْ أَي لَصقتْ ول زمت ْ. ثم صار هذا الطين حمأً مسنوناً، أي:
    منتناً : قال الرازي :الحَمَأُ : بفتحتين والحَمَأةُ بسكون الميم الطين الأسود مختار الصحاح 1/154و في " لسان العرب
    "1/61 : حمأ : الـحَمْأَةُ ، و الـحَمَأُ الطين الأَسود الـمُنتن أَي متغير الرائحة ؛ و قال أَبو الهيثم : سُنَّ الـماءُ فهو مَسْنُون
    أَي : تغيَّر. و في صورة البقرة{فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَ شَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ } معناه:لم يتغير من السنن أو السنى، فعل مضارع
    مجذوم بحذف حرف العلة ، ثم استتعيض عنه بهاء مهموسة لضرورة الثقل. و حيث إن هذا الطين كان مخلوطاً بالرمل:
    فذاك هو الصَّلْصالُ : الطين الحر خُلط بالرمل فصار يَتَصَلْصَلُ إذا جف ، فإذا طُبخ بالنار فهو الفخار. الصَّلْصالُ مِن الطِّين:
    ما لـم يُجْعَل خَزَفاً ، سُمِّي به لَتَصَلْصُله ؛ و كلُّ ما جَفَّ من طين أَو فَخَّار فقد صَلَّ صَلِـيلاً، و طِينٌ صِلاَّل و مِصْلالٌ أَي:يُصَوِّت
    كما يفعل الـخَزَفُ الـجديد . ثم شبه الصلصال بالفخار و ذلك قوله تعالى:{خلق الإنسان من صلصال كالفخار} وهذا كله
    يصدقه حديثأبي موسى الأشعري قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :" إن الله عز وجل خلق آدم من
    قبضة قبضها من جميع الأرض فجاء بنو آدم على قدر الأرض فجاء منهم الأحمر و الأبيض والأسود و بين
    ذلك و السهل والحزن و الخبيث والطيب. فهذا خلق آدم عليه السلام : من الأرض - من ترابها - ، ثم جُبل بالماء
    فكان طيناً ثم صار طيناً أسود منتناً وكون ترابه من الأرض التي بعضها رمل لما جبل كان صلصالاً كالفخار.
    و لذلك لما وصف الله خلق آدم في القرآن في كل مرة وصفه بأحد أطواره التي مرَّت بها طريقة خلقه و
    تكوينة طينته فلا تعارض في آيات القرآن بين خلق بني آدم من أصل و ضيع و بين تكريمهم ورفهم
    إلى مصاف أحسن تقويم ؛ ومن ثم ردهم من جديد إلى أسفل سافلين. ثم صار أبناء آدم
    بعد ذلك يتكاثرون وقد كان خلقهم من الماء و هو المني الذي يخرج من الرجال
    و النساء لقوله تعالى:{ ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين}
    {و هو الذي خلق من الماء بشراً فجعله نسبا وصهراً}.
    *********************************
    [/FONT]

    [/font]
    و بَعْضُ النُّفُوسِ ** كبَعِضِ الشَّجَـرْ
    جَمِيــــلُ القَـــوامِ ** رَدِيْءُ الثــَّــمَرْ
    وَ َسبْرُ النُّفُوسِ *** كَصم الحجارة
    فَمِنْهَا كَرِيْمُ نَّفِيْسُ وً جلمود صخـرْ
    و َكَمْ مِّنْ ضَرِيْرٍ كَفِيْفٍ بَصِيْرُ الْفُؤَادِ
    و كَمْ مِّنْ فُؤَادٍ غَرِيْرٍ كَفِيْفُ الْبَصَـرْ

  21. #71
    عضو فضي
    الصورة الرمزية ود الأصيل
    تاريخ التسجيل
    Jan 2013
    المشاركات
    2,849
    [COLOR="#663300"]
    يقول ابن القيم رحمه الله ، في هذا الصدد :
    لما اقتضى كمال الرب تعالى جل جلاله وقدرته التامة
    و علمه المحيط ومشيئته النافذة و حكمته البالغة تنويع خلقه
    من المواد المتباينة وإ نشاءهم من الصور المختلفة و بالتباين العظيم
    بينهم في المواد والصور والصفات والهيئات والأشكال والطبائع و القوى
    فقد اقتضت حكمته أن أخذ من الأرض قبضة من التراب ثم ألقى عليها
    الماء فصارت مثل الحمأ المسنون ثم أرسل عليها الريح فجففها حتى
    صارت صلصالا كالفخار . ثم قدر لها الأعضاء و المنافذ و الأوصال
    و الرطوبات و صورها فأبدع في تصويرها و أظهرها في أحسن
    الأشكال وفصلها أحسن تفصيل مع اتصال أجزائها وهيأ
    كل جزء منها لما يراد منه و قدَّره لما خلق له عن
    أبلغ الوجوه ففصَّلها في توصيلها و أبدع في
    تصويرها وتشكيلها. ثم ذكر تناسل الخلق
    بالجماع و إنزال المني ..والله أعلم.
    **********************
    [/
    COLOR]
    و بَعْضُ النُّفُوسِ ** كبَعِضِ الشَّجَـرْ
    جَمِيــــلُ القَـــوامِ ** رَدِيْءُ الثــَّــمَرْ
    وَ َسبْرُ النُّفُوسِ *** كَصم الحجارة
    فَمِنْهَا كَرِيْمُ نَّفِيْسُ وً جلمود صخـرْ
    و َكَمْ مِّنْ ضَرِيْرٍ كَفِيْفٍ بَصِيْرُ الْفُؤَادِ
    و كَمْ مِّنْ فُؤَادٍ غَرِيْرٍ كَفِيْفُ الْبَصَـرْ

  22. #72
    عضو فضي
    الصورة الرمزية ود الأصيل
    تاريخ التسجيل
    Jan 2013
    المشاركات
    2,849

    الأنبياء أشدُّ بلاءً

    [center][color="#006400"][CENTER]
    الأنبيـــاء أشـــدُّ بـــلاءً
    من أسباب المصائب : الذنوب ،
    و لكنها ليست السبب الوحيد ، و إلا فكيف
    تقع البلوى على أنبياء الله ، بل هم أشد الناس بلاءً
    و هم المعصومون عن المعاصي. فقد عرضهم الخالق
    و خاصةً أولي العزم منهم لابتلاءات ومحن عجيبة لا تحتمل،
    و اتخذ من بعضهم أمثلةً قد لا تخطر على قلب بشر . وكذلك
    لاغرو أن يبتلي الله تعالى بعض عباده الذين لم يذنبوا ، لينالوا
    أجر الصابرين ، و ترتفع بذلك درجاتهم ، كما قد يبتلي الله
    بعض الأطفال ، و هم لا ذنب لهم ، و لكن لعله لحكمة
    بالغة لا يعلمها الله وحده. فلننظر لمعرفة
    الحكمة من حصول الابتلاءات.
    *******************
    روى الترمذي عَنْ سَعْد بن أبي
    و قاص رضي الله عنه قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ
    اللَّهِ , أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلاءً ؟ قَالَ : الأَنْبِيَاءُ , ثُمَّ
    الأَمْثَلُ فَالأَمْثَلُ ,فَيُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ ,
    فَإِنْ كَانَ دِينُهُ صُلْبًاأشْتَدَّ بَلاؤُهُ , وَ إِنْ كَانَ فِي دِينِهِ
    رِقَّةٌ ابْتُلِيَ عَلَىحسَبِ دِينِهِ , فَمَا يَبْرَحُ الْبَلاءُ بِالْعَبْدِ
    حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الأَرْضِ مَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ.
    صححه الألباني في السلسلة الصحيحة.
    **********************

    center]
    التعديل الأخير تم بواسطة ود الأصيل ; 14-06-2015 الساعة 09:07 PM
    و بَعْضُ النُّفُوسِ ** كبَعِضِ الشَّجَـرْ
    جَمِيــــلُ القَـــوامِ ** رَدِيْءُ الثــَّــمَرْ
    وَ َسبْرُ النُّفُوسِ *** كَصم الحجارة
    فَمِنْهَا كَرِيْمُ نَّفِيْسُ وً جلمود صخـرْ
    و َكَمْ مِّنْ ضَرِيْرٍ كَفِيْفٍ بَصِيْرُ الْفُؤَادِ
    و كَمْ مِّنْ فُؤَادٍ غَرِيْرٍ كَفِيْفُ الْبَصَـرْ

  23. #73
    عضو فضي
    الصورة الرمزية ود الأصيل
    تاريخ التسجيل
    Jan 2013
    المشاركات
    2,849

    الأنبيـــاء أشـــدُّ بـــلاءً
    فهذه سبيل عنت للأولين و
    الآخرين سبيلٌ ذاق فيها أبونا آدمو زوجه
    الأمرين مع عدواله و عدوهما إذ أخرجهما من الجنة ،
    و ناح لأجله أ بونا الثاني نوح ، و رُمي في النار أبو الأنبياء
    الخليل إبراهيم،و أُضْجع للذبح إسماعيل ، و بيع يوسف بثمن بخس
    دراهم معدودة كبيع النخاسة و كانوا فيه من الذاهدين ، ثم لبث في
    سجن امراة العزيز بضع سنين ، و نُشر زكرياً بالمنشار ، و ذُبح معهابنه
    السيد الحصور يحيى ، و قاسى أيوب الضُّرَّ في ماله و ولده و بدنه وعالج
    الفقر و أنواع الأذى محمد صلى الله عليه وسلم " انتهى .وأُخبر نبيُّنا
    صَوات اللَّهُ وسلامه عَلَيْهِ بالابتلاء في أول يوم من النبوة :
    ***************************************
    قال ورقة بن نوفل : ( يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا ,
    لَيْتَنِي أَكُونُ حَيًّا إِذْ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ
    صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَوَمُخْرِجِيَّ هُمْ ؟ قَالَ : نَعَمْ ,
    لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمِثْلِ مَا جِئْتَ بِهِ إِلا عُودِيَ ,
    وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا)
    رواه البخاري (4).
    ************************
    التعديل الأخير تم بواسطة ود الأصيل ; 14-06-2015 الساعة 10:12 PM
    و بَعْضُ النُّفُوسِ ** كبَعِضِ الشَّجَـرْ
    جَمِيــــلُ القَـــوامِ ** رَدِيْءُ الثــَّــمَرْ
    وَ َسبْرُ النُّفُوسِ *** كَصم الحجارة
    فَمِنْهَا كَرِيْمُ نَّفِيْسُ وً جلمود صخـرْ
    و َكَمْ مِّنْ ضَرِيْرٍ كَفِيْفٍ بَصِيْرُ الْفُؤَادِ
    و كَمْ مِّنْ فُؤَادٍ غَرِيْرٍ كَفِيْفُ الْبَصَـرْ

  24. #74
    عضو فضي
    الصورة الرمزية ود الأصيل
    تاريخ التسجيل
    Jan 2013
    المشاركات
    2,849
    [center]
    الأنبيـــاء أشـــدُّ بـــلاءً
    وأما الحكمة في شدَّةِ ابتلاء الأنبياء ؛
    فقد قال ابن القيم في "بدائع الفوائد:
    "فإنه سبحانه كما يحمي الأنبياء ويصونهم ويحفظهم
    ويتولاهم فيبتليهم بما شاء من أذى الكفار لهم :
    1- ليستوجبوا كمال كرامته .2- وليتسلى بهم من
    بعدهم من أممهم وخلفائهم إذا أوذوا من الناس فرأوا
    ما جرى على الرسل و الأنبياء صبروا و رضوا و تأسوا بهم .
    3- و لتمتلئ صاع الكفار فيستوجبون ما أعد لهم من النكال العاجل
    و العقوبة الآجلة فيمحقهم بسبب بغيهم وعداوتهم فيعجل تطهير الأرض
    منهم. فهذا من بعض حكمته تعالى في ابتلاء أنبيائه و رسله بإيذاء قومهم ،
    و له الحكمة البالغة ، و النعمة السابغة ، لا إله غيره ، و لا رب سواه " انتهى .
    و قال ابن القيمفي"مفتاح دار السعادة . و إذا تأملت حكمته سبحان فيما ابتلى
    به عباده و صفوته بما ساقهم به إلى أجلِّ الغايات و أكمل النهايات التيلم يكونوا
    يعبرون إليها إلا علىجسر من الابتلاء و الامتحان .. و كان ذلك الابتلاء
    والامتحان عين الكرامة في حقهم ، فصورته صورة ابتلاء و امتحان،
    و باطنه فيه الرحمة و النعمة ، فكم لله مِن نعمة جسيمة
    ومنَّة عظيمة تُجنى من قطوف
    الابتلاء والامتحان .
    **********
    [
    /


    center]
    التعديل الأخير تم بواسطة ود الأصيل ; 14-06-2015 الساعة 10:13 PM
    و بَعْضُ النُّفُوسِ ** كبَعِضِ الشَّجَـرْ
    جَمِيــــلُ القَـــوامِ ** رَدِيْءُ الثــَّــمَرْ
    وَ َسبْرُ النُّفُوسِ *** كَصم الحجارة
    فَمِنْهَا كَرِيْمُ نَّفِيْسُ وً جلمود صخـرْ
    و َكَمْ مِّنْ ضَرِيْرٍ كَفِيْفٍ بَصِيْرُ الْفُؤَادِ
    و كَمْ مِّنْ فُؤَادٍ غَرِيْرٍ كَفِيْفُ الْبَصَـرْ

  25. #75
    عضو فضي
    الصورة الرمزية ود الأصيل
    تاريخ التسجيل
    Jan 2013
    المشاركات
    2,849
    [size=5]
    يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ
    كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ
    لقد دهب علماء التفسير مذاهب في أن هذه الآية الكريمة
    تنطوي على أمرين بارزين في غاية الأهمية: ألا و أولهما: أن فيها
    بشرى و تسلية وتريح لهذه الأمة بكوننا لسنا الوحيدين لننفرد بتكبد عناء
    و مشقة عبادة الصوم بالإمساك عن أعظم و أ حب شهوتين البطن والفرج والحرمان
    من الأكل والشرب و غشيان النساء من الفجر إلى المغرب احتسابا لله ، وإعدادا للنفس وتهيئة
    لها لتقوى الله بالمراقبة له وتربية الإرادة على كبح جماح الشهوات ، ليقوى صاحبها على تركالمحرمات،
    لما فيه من تزكية من الأخلاط الرديئة و الأخلاق الرذيلة . فذكر أنه كما أوجبه علينا فقد أوجبه على من كان
    قبلنا كافة الأمم المبعوثة منذ بدء الخليقة، فهم شركائنا، بل سبقونا إليها ، فلنا فيهم أسوة لنجتهدفي أداء هذه
    الفريضة على وجه أكمل مما فعله أولئك. و الأمر الجوهري الثاني و هو الأهم هو تثبيت حقيقة وحدة الأديان السماوية
    من حيث هدفها و غايتها النهائية متمثلة بالتالي في وحدانية الله المعبود بالحق جل جلاله، لقوله تعالى: وقد كتب على
    أهل الملل السابقة فكان ركناً ركيناً من كل دين ; لأنه من أقوى العبادات وأعظم ذرائع التهذيب ، و في إعلام الله تعالى لنا
    بأنه فرضه علينا كما فرضه على الذين من قبلنا إشعار بوحدة الدين أصوله و مقصده ، و تأكيد لأمر هذه الفرضية و ترغيب فيها .
    (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ. وقوله سبحانه: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) و قوله صلى
    الله عليه وسلمو الذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي و لا نصراني ثم يموت و لم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان
    من أهل النار) و إن كان ثمة فروق بين ما قد جاء به النبيون كافة (لا نفرق بين أحد منهم) فهو فقط من حيث الكم و الكيف ، بحكم سنة
    التنوع و التباين في الظروف الزمانية والمكانية المحيطة و المصاحبة لبعثة كل نبي و نبي إلى قومه.(و إذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من
    كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به و لتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا و أنا معكم من
    الشاهدين فمن تولى بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون) أي: إذا حضر أحد منهم بعثة محمد فلا يسعنَّه إلا أن يدع ما جاء به من رسالة إلى قومه و يتبع
    دين محمد ، و الذي ليس هو إلا ترسيخٌ لملة ابي الأنبياء/ إبراهيم عله السلام. و كما قال( لكل جعلْنا منكم شرعةً ومنهاجاً و لو شاء الله لجعلكم أمة
    واحدة و لكن ليبلوكم في ما آتاكم فاستبقوا الخيرات).لدرجة أن الأنبياء شُبِّهوا بأبناء علَّان، أي: لكأنهم متحدرون من صلب رجل واحد(هو الدين الواحد)،
    و من أرحام أمهات شتى (هن) الشرائع السماوية لمختلف الأمم. فالصوم مشروع في جميع الملل حتى الوثنية ، فهو معروف عن قدماء المصريين في أيام
    و ثنيتهم ، و انتقل منهم إلى اليونان فكانوا يفرضونه لا سيما على النساء ، وكذلك الرومانيون كانوا يعنون بالصيام ، و لا يزال وثنيو الهند يصومون.
    ليس في أسفار التوراة الآن ما يدل على فرضية الصيام ، و إنما فيها مدحه ومدح الصائمين، و ثبت أن موسى عليه السلام صام أربعين يوماً،و يهود
    هذا الزمان يصومون أسبوعا تذكاراً لخراب أورشليم وأخذها، ويصومون يوما من شهر آب.و يصومون اليوم العاشر من الشهر السابع بليلته،لعلهم
    كانوا يسمونه عاشوراء. و أما النصارى و هم مكلفون بالصوم قبلنا، لكنهم لما وجدوا يحين إحياناً في الصيف و احياناً في الشتاءأو الربيع فقد لجأوا
    كعادتهم إلى تحريف الكلم من بعد مواضعه فراحوا يتحايلون في مواقيته و كيفيته.و ليس في أناجيلهم المعروفة نص في فريضة الصوم، و إنما
    فيها ذكره ومدحه واعتباره عبادة كالنهي عن الرياء وإظهار الكآبة فيه ، بل تأمر الصائم بدهن الرأس وغسل الوجه حتى لا تظهر عليه
    أمارة الصيام فيكون مرائياً وأشهر صومهم و أقدمه الصوم الكبير الذي قبل عيد الفصح ، وهو الذي صامه موسى وكان يصومه
    عيسىعليهما السلام والحواريون رضي الله عنهم، ثم وضع رؤساء الكنيسة ضروبا أخرى من الصيام وفيها خلاف بين
    المذاهب والطوائف، ومنها صوم عن اللحم وصوم عن السمك وصوم عن البيض واللبن ، وكان الصوم المشروع
    عند الأولين منهم يأكلون في اليومو الليلة مرة واحدة ، فغيروه و صاروا يصومون من نصف الليل إلى نصف
    النهار، فهو تشبيه الفرضية بالفرضيةولا تدخل فيه صفته ولا عدة أيامه ، و في قصتي زكريا
    ومريم - عليهما السلام - أنهم كانوا يصومون عن الكلام ; أي :
    مع الصيام عن شهوات الزوجية والشراب و الطعام.
    ********************************
    [/size]
    التعديل الأخير تم بواسطة ود الأصيل ; 27-06-2015 الساعة 11:14 PM
    و بَعْضُ النُّفُوسِ ** كبَعِضِ الشَّجَـرْ
    جَمِيــــلُ القَـــوامِ ** رَدِيْءُ الثــَّــمَرْ
    وَ َسبْرُ النُّفُوسِ *** كَصم الحجارة
    فَمِنْهَا كَرِيْمُ نَّفِيْسُ وً جلمود صخـرْ
    و َكَمْ مِّنْ ضَرِيْرٍ كَفِيْفٍ بَصِيْرُ الْفُؤَادِ
    و كَمْ مِّنْ فُؤَادٍ غَرِيْرٍ كَفِيْفُ الْبَصَـرْ

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •