شَذَرَاْتٌ نَدِيةٌ
مِنْ حِيَاضٍ ثَقَافِيةٍ!
قبل أن نذهب بعيداً عن (محور
منطق اللغة) بشقيه:المعياري و السماعي،
ننوه لوجود تقاطعات جمة بين قواعد النحو و أقيسته
مع الفصحى و لا سيما نص كلام الله. مكمن في وجود:
1) خلط واسع بين المنطق العقلي و واقع الاستعمال اللغوي .
2) مسألة اعتماد القياسات السماعية كأنموذج لغوي يحتذى به.
و ثمة فارق بين الواقع الأمر و المنطق العقلي المحض، نلحظه في
كثير من النظريات. فالعرب كانوا أهل فصاحة و بيان. ذلك إن الله تحدّاهم
بأن يأتوا بمثل القرآن او بسورة مثله ، و لا يصح التحدي ، منطقياً ، إلا إذا كانوا
أهلاً له مبرزين فيما تُحدّوا به. لكن الواقع و التحقيق العلمي أثبت أن مواعين لغتهم
أضيق بكثير من أن تستوعب تماماً كل سياقات آي القرآن العظيم، و هو سر الأعجاز.
إذا عرفنا ذلك فهمنا مواقف بعض المذاهب من قصور القياس المنطقي و ذم الفلسفة.
فديننا الحنيف دستور شامل يختلف عن الفلسفة اليونانية و منطق أرسطو المبني على العقل
المجرد.ينطبق هذا على اللغة العربية و قواعدها وثيقة الترابط مع نسق بناء النص القرآني والذي
يتقاطع مع المنطق العقلي بشواهد كثيرة . و سياق القرآن شبيه بنسق الناموس الكوني ، و هذا
دليل على أن خالق الأكوان هو نفسه قائل القرآن الكريم و مُحْكِمُ تنزيلَه و هو أحدى صفاته العلا:
(وَ مَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيْلَاً). و معاذ الله أن ندّعي أن جميع اللغة تُستدرك بالأدلة القياسية. لكن
أهم أحكام المقيس عليه:ألاّ يكون شاذاً في الاستعمال مطرّداً في القياس فإن كان كذلك، نعتمد
منه ما تواترت على اسعماله العرب: بحيث نجيز منه ما أجازوا و نبطل ما أبطلوا و هو رأي
سيبويه . فالمنطق العقلي يفترض نحوياً استعمال عبارات كثيرة ، غير أن الأذن العربية لا
تسيغها. فالقياس اللغوي يجيز مثل قولهم
أعطاكني و أعطاهوني) ، إلا أنه مستقبح
أن تتكلم به العرب.لذلك هجره النحاة لكراهة المتكلم أن يبدأ بالأبعد قبل الأقرب
فاللغة ليست هيكلاً هندسياً جامداً. و لو كانت كذلك لتوقفت عن الحياة
و خَلَت من الإبداع. مناط الفصاحة على رصانة الاستعمال اللغوي
المتواتر و ليس المنطق الرياضي. فهو أدق و أكثر اطراداً
و أشمل و أقرب لفهم روح النص القرآني.
**************************
[/
المفضلات