تــألُــق القمــر / بقلمي


قهوتي هذا المساء ، أرتشفها وبمعيتي القمر الذي يتألق في السماء ، يتألق وسط حروفي وجِراحاتي ، يتألق داخل القلب الذي أعياه طول الإنتظار والرحيل لِلأشئ في بلاد المجهول ، اسمو بروحي وتتجدد انفاسي عندما يشاركني القمر الجلوس بشرفتي المطلة علي شوارع قلبي الذي تزينة الأنوار وبعض الأزهار ، القهوة اليوم علي غير العادة ، أضفت لها نقهة الحضور الجميل وقليل من الزنجبيل .أذكر عندما كنت تلميذاً ، ذات يوم طلب مِنا أستاذ اللغة العربية أن نكتب حواراً عن القمر او الشمس او كلاهما معاً
، لا علينا فالخيارات كانت متعددة . فكتبت . في بدايات المساء من يوم أمس وحبيبات المطر مازالت عالقة بأوراق الشجر ، كنت أجلس علي ضفة النهر أتأمل تلاطم الامواج ، فغبت عن العالم واصبحت في عالم آخر ، عالم ملئ بالافراح والاشجان تعطره اورق النرجس النشوان ، عالم يخلو من الجرائم العاطفية ، طرقه ممتدة إلي حيث اللأنهائيات تُزينها أشجار ظلية وتنبعث منها اصوات زغزقة العصافير . الهدوء ثِمة حضارية تعكس درجة تحضُرِنا ورُقِيينا وفهمنا وإدراكنا لمعني الحياة التي نعيشها بكل التفاصيل التي نحيكها علي أمزجتنا والتي ما نادراً تتوافق معنا . قطع إسترسالي صوت الاستاذ قائِلاً لي : ألم تنتهي ؟ فقلت له : لم أبتدئي بعد .
تباً لهذا الأستاذ الذي اخرجني من حبل افكاري . وما أن عاودني الإسترسال جلس بمقربةً مني القمر وراح ايضاً يتأمل النهر والأمواج الثائرة لتوها ، كان الوقت متأخراً بعض الشئ ، للنهر او البحر شكل آخر بعد غروب الشمس ، وانا كنت احب هذا الشكل لذا تجدني أجلس لساعات طويلة بعد الغروب . مُنذ متي وأنت جالس هنا ؟ هكذا بدأ معي التحدث . من خلال ما تعلمتة في الحياة لاحظت ان من يريدون التحدث معنا يكون مدخلهم علامات الإستفهام . اجبته قائِلاً : لا أدري بالتحديد ولكن أجلس هنا منذ زمنٍ بعيد . كان الصمت يخيم علينا وفجأه
قال : هل تعرفني ؟
قلت له : ومن ذا الذي لا يعرفك ياقمر . عندما كنا صغار لا نفتر من اللعب وضوئك ساطع فينا يضوي ليالينا ساعتها يحلو السمر ، ياليت نعود صغاراً كما كنا .
قال : ولِم تود أن تعود صغيراً ؟
اجبته بعد صمت : لا أدري .. ولكن لربما ..
قال : لربما اخترت غير شخصيتك هذه ولربما ابدلت توقيع التواريخ ولربما لكنت اليوم جالس علي غير هذا المكان ..
قلت : لا نستطيع إبدال الواقع بواقع آخر حسب ما تصوره اذهاننا ، لو كانت الأقدار تُستبدل لراح الناس ضحية الإستبدال .
ظللنا نتبادل أطراف الحديث الذي قطعه علينا ذاك الاستاذ حين قال : هذا يكفي ، اعطني الورقة .
أعطيتة الورقة وثمة حديث ينتابني لم ابوح به بعد .
الجلوس برفقة القمر منتصف الليل له الكثير من التأثيرات الإيجابية ، فهي ساعة تتجلي فيها الذات وتعيد ترتيب الاوراق مع إرتشاف القهوة بمزاج عالٍ وحبل تفكير وإسترسال لا يقطعة سوي النعاس الذي يداهمنا عنوةً فنروح ضحيتة سريعاً . تسامرنا حتي لم يبق شئ من القهوة واصبح الوقت متأخراً فأستأذنني صديقي فأذنت له علي أمل لقياه مساء الغد .

أشرف محمد

4/3/2014