(قِرَاءاتٌ متُرَوِّية في دَفَاتر ذاكِرة مَايو)
في حديث للقائد/ جعفر نميري عما كانت عليه
بشائر الثورة يوم أن نبعت فكرتها، و كيف كانت الخطوات
الأولى لقيامها و هي لا تزال طفلاً يحبو. هي امتداد لحركة ضباطٍ أحرارٍ
كانت تُطِلُّ برأسها بين فينةٍ و أخرى. و قد نقلت عدواها من ثورة يوليو الباهرة في مصر.
لكن بذور الخلاف داخل نظام مايو سياسياً وعسكرياً سرعان ما نتجت عن وجود (دريبات قش)
لبعض المندسين في صفوفها و لديهم ميولٍ مناوئة سواءٌ يمينية أو يسارية بوجه خاص. وقد استبقتهم
الثورة بضرباتٍ للتخلص منهم ، و بذرائع شتى. منها الإقالة بسبب ازدواجية الجمع بين الانخراط في الخدمة
العسكرية و النشاط السياسي معاً ؛ ابتعاث البعض في مهام خارجيةٍ. كان لهاشم العطا و لبابكر النور و فاروق حمد
الله و من كان تحت أمرتهم من موالين ، مآرب أخرى في فتح ثغرات في نظام مايو أمام قِوَى اليسار بهدف تسخيرها لخدمة
أغراضهم الحزبية الضيقة و تحريك خيوطها بأيدٍ خفية من وراء حجابٍ؛ في سعي دؤوبٍ لانقلاب دموي قاده الرائد/ هاشم العطا
و راح ضحيتَه خيرةٌ من الضباط العزل الأبرياء تم حبسهم فتصفيتهم في قصر الضيافة ، دونما جريرةٍ اقترفوها. يدافع نميري كذلك ،
بأن ثورته لم تكن مرتهنة لأي حزب بعينه ، بقدر ما كانت أفكارها ضد التحزب اصلاً، و بخاصة على أساسٍ طائفيٍ لا ترى في البلاد
سوى ضيعةٍ من ضيعات الوراثة ، أو عقائدي مستورد كحزب البعث و لجان القذافي الثورية التي طبعها الغدر و الخيانة و حب القيادة
من دون كفاءةٍ. كما تدَّعِي مايو أنها عملت على صهر الجميع في بوتقة عمل سياسيٍ جامع، و ضمن هيكل مستورد هو الآخر لما
سمته(الاتحاد الاشتراكي). و للمفارقة أن رئيس مايو المخلوع و عقب عودته من منفاه الاختياري بالقاهرة ، جاء ليشارك و لو
بجهد المقل في انتخابات رئاسة الجمهورية في العام 2000م؟ ليقطع الطريق أمام القوى الحزبية و ليبرهن لها
مرة أخرى عجزها عن امتلاك العدة أو العتاد اللازم لعزل( العسكر) و حشرهم في ثكناتهم، رغم تكتلها
لمقاطعة الانتخابات بغرض إفشالها. و يعتقد النميري أن مشاركته تلك /، على ضعفها، أعطت زخماً
رمزياً و بثت حيويةً في عملية انتخاب عمر البشير و حشد(قوى الشعب العاملة) للالتفاف
حوله ,و إقصاء بقية (الحرامية) على عكس ما أرادت لها تكتلاتهم الهشة.
*********************^^^^^*******************
المفضلات