ودمدني كانت أيام جميلة
بجي الخريف واللواري بتقيف
=================
اللوري الداودي ابو كبوت اسود كان سائد في نهاية الخمسينات واوائل الستينات وفي منتصف الستينات ظهر اللوري الاوستن ابو كبوت ابيض وصار ملك الطريق ووسيلة التنقل في ربوع الجزيرة الخضراء من شرقها مدينة ودمدني والي الضهرة بعيدا عن النيل حتي حدود النيل الابيض كان اللوري الاوستن معشوق الكثيرين وقيل فيه في ذلك الزمان (ابيض ضميرك تركب والهواء يشيلك) .
عندما اخذ الوالد سلفية من مشروع الجزيرة لبناء منزلنا الحالي في ودمدني لماذا لايشتري الوالد بمبلغ السلفية لوري اوستن ويعمل في الخط بين المناقل وودمدني كنا صغارا لانفهم شيئا كان همنا الحاضر فقط دون النظر الي المستقبل لقد تحمل الوالد خصم مبلغ السلفية لمدة عشرة سنوات في خصم التهم نصف المرتب في زمن كانت فيه الحياة سهلة ورخيصة وكل فترة في ذلك الزمان كنت اسال الوالد لماذا لم يشتري بمبلغ السلفية لوري ابيض ضميرك وفهمت بعد كل تلك السنين لماذا ؟
كنا نحفظ ارقام او نمر تلك اللواري والتي كانت تمر بمستقرنا في تلك الفترة بالمدينة عرب قادمة من المناقل في طريقها الي ودمدني وكنا نجد لذة في ركوب تلك اللواري وتسلق الصندوق الخاص بها او الركوب فوق كابينة السائق ودفع مبلغ خمسة قروش او شلن لتلك الرحلة وكانت ادارة مشروع الجزيرة تقوم بطرح الطرق الترابية الرئيسية في المشروع عن طريق الموتر قريدر وتسوية الشوارع بأزالة اكوم التراب الصغيرة او مايعرف بالدقداق وتسوية هذه الطرق يستمر طوال اشهر الصيف .
اللواري البدفورد او اللوري السفنجة لم يكن بالكثرة في في ربوع الجزيرة كنا نسمع بأنه يعمل في غرب السودان ذات الاراضي الرملية .
في تاريخ خمسة عشر من شهر سبعة كل عام يبدأ فصل الخريف في اواسط السودان ذو التربة الطينية الثيقلة مما يتعذر معه التنقل وخاصة عن طريق اللواري وزي ما قالوا اهلنا بجي الخريف واللواري بتقيف .
عند نظافة الترع من الطمي يتكوم هذا الطمي علي ضهر الترع الصغيرة او الترع الكبيرة والتي تسمى بالميجر ويتم طرح هذا الطمي ليشكل طريق مرتفع تسلكه العربات في فصل الخريف ومن اشهر الطرق والتي توصل مدينة ودمدني بي المناقل الطريق والذي يسير علي الترعة الرئيسية او الميجر الكبير والذي يعرف بي فم طابت .
الموريس ماينر في الكثير من المواقف وفي فصل الخريف كانت تتفوق علي العربات الكبيرة لخفتها وسهولة مناورتها وشقت بنا علي مدار سنوات طويلة طرق الخريف الوعرة في مشروع الجزيرة ولم تقف الموريس في الخريف زي اللواري بل كافحت وتنقلنا بها في احلك الظروف.
على ما اذكر كانت ادارة الارصاد الجوي لها نقطة رصد جوي في المدينة عرب عبارة عن كوخ خشبي صغير داخل نطاق اسوار المكتب كان يهتم بقياس درجات الحرارة العليا والدنيا ونسبة الرطوبة في الجو ومقياس للامطار ويقوم بهذا العمل يوميا احد الكتبة التابعين للمكتب نظير مبلغ مالي يضاف الي راتبه الشهري وترفع هذه التقارير شهريا الي ادارة المشروع والتي بدورها ترفعها الي ادارة الارصاد.
كما يوجد في منازل المفتشين وفي سطح المنزل مقياس للامطار يعهد به الي الجنايني في المنزل ويبلغ به رئاسة المكتب عند نزول الامطار وفي الكثير من الاحيان يأتي علي قدميه قاطعا مسافة طويلة ليبلغ الباشمفتش كم كمية الامطار في سرايته بالمليمتر .
نظام دقيق يحصي كل شئ صممه الانجليز واستمر هذا النظام حتى زمن قريب مما يدلل علي حسن الادارة والعلمية لم يغفل المستعمر أي شئ في سبيل نجاح هذا المشروع والذي كان يمده بكل احتياجاته من الاقطان لمصانعه.
هل يعود المشروع بصيغة جديدة ونظام جديد يراعى فيه التطور التكنولوجي واساليب الزراعة الحديثة من نظم الري الغير تقليدية والمحاصيل الزراعية المختلفة وادخال الحيوان والاصناف المحسنة من المحاصيل والحيوان لتكون مقولتنا الدائمة والتي مللنا من تكرارها نحن سلة غذاء العالم فعلا وليس قولا.
اننا نعيش ولفترة زمنية طال امدها في عصر الاماني والاحلام ولا نطبق علي ارض الواقع شئ من تلك.
لقد وقفنا قبل الخريف وقبل اللواري ما تقيف في محطة واحدة.
البلاد لاتبنى بالاماني والاحلام وكفاية حكاية حشاش بي دقنو هل تعرفونها او سمعتم بها بكرة نحش من هنا الي هنالك وهو يحرك دقنه المتدلية في وصف المساحة المستهدفة .