® دعوها فإنها منتنة π√

® جزى الله خيرا شيخنا الداعية الشاب الدكتور/ عارف عوض الركابي، على جهوده النقدرة في شتى الميادين الفضيلة ، بتنوع ما يتناوله مز قضايا تمس العباد و البلاد في مقتل. من ما انتشر من فتن كقطع اللؤل البهيم ؛ و نفع به و بورك في جهده وتقبل منه.
======================
تجّار النُكَتِ (ينفخون في نار العصبية)
و (يُلَّمّعُون المَسَاطِيل)..

مما انتشر في الفترة الأخيرة في المجتمع وتزايد انتشاره بواسطة وسائط التسجيل والأجهزة الذكية (النكات) التي تخصصت لها فرق وأفراد يقدمونها ويسجلونها وينشرونها بين الناس ، وظيفة هؤلاء التنكيت وإضحاك الناس بالنكات المؤسسة والمبنية على الكذب وأحياناً يصاحب الكذب الاستهزاء سواء بالدين أم بأقوام وقبائل .. فتنفخ في نار إثارة النعرات العصبية ، وببعضها الدعوة غير المباشرة للأخلاق السيئة والصلات المحرّمة بين الرجال والنساء ..وقد ركّزت على تزيين وتلميع طائفة (المساطيل) ..

في هذه النكات التي يلزم بعض سائقي البصات الركاب على سماعها ! فيها الدعوة لإحياء العنصرية القبلية والنفخ في نيرانها المحرقة ، ويقلّد بعض أصحاب هذه النكات بعض زملائهم وأصبح الكثير من نكاتهم إنما هو في القبائل .. فيرددون : واحد جنوبي واحد شايقي واحد أدروب واحد عربي واحد غرباوي ورباطابي و شايقي وجعلي واحد من الجزيرة واحد دنقلاوي ... وغير ذلك
حتى بات بتكرارهم ذلك وتواترهم عليه أصبح لِمَا يصفون به تلك القبائل التأثير الواضح في انطباع الناس عنهم وحصل بذلك ويحصل الظلم العظيم والافتراء للمنتسبين لتلك القبائل بتعميمهم (المُجرِم الآثم).. فقبيلة ينعتونها بالبخل وأخرى باللا مبالاة .. وثالثة بالفوضى .. ورابعة بالهمجية والرعونة .. وخامسة بالحماقة .. وسادسة بالغباء .. وغير ذلك ..

فأصبحت هذه النكات بوقاً ينفخ به في نار الفرقة التي تعاني منها بلادنا .. فالعنصرية القبلية كما لا يخفى من أكبر مهددات الأمن والاستقرار في بلادنا ، خاصة في هذه الفترة ، وقد استغلها أعداؤنا لإثارة الفتن و الحروب ..التي كانت ولا تزال آثارها المدمرة تنهش في جسد هذا البلد الجريح المكلوم ..

فهذه النكات تناقض دعوة الإسلام الذي حرص على وضع العنصريات القبلية تحت الأقدام ، وقطع الله تعالى دابر هذا البلاء الذي تقطع به الصلات وتمتلئ به القلوب بالشحناء والبغضاء ..ويحصل به الظلم والازدراء لللآخرين .. ويزداد الغل بسببه إلى أن يبلغ القتل والدمار والخراب ..(إن أكرمكم عند الله أتقاكم) ، (لا يسخر قوم من قوم) (ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب) (خلقكم من نفس واحدة) ...وقال عليه الصلاة والسلام : ( .. و من دعا بدعوى الجاهلية فهو من جثاء جهنم ) . والدعوة للعصبية هي من الدعوات الجاهلية كما جاء في حديث (ما بال دعوى الجاهلية) لما اختلف رجل من المهاجرين و آخر من الأنصار فقال المهاجري يا للمهاجرين و قال الأنصاري يا للأنصار ثم قال : (دعوها فإنها منتتة ) ، و كما في قوله لأبي ذر رضي الله عنه : (يا أبا ذر إنك أمرؤٌ فيك جاهلية) .

فالمنتنةعنفإنهاصريات القبلية سمة واضحة تدعو إليها هذه النكات ، بل يعولون عليها لترويج بضاعتهم ومع عظم هذا المنكر فإنها تضيف إليه أنها تُصوِّر حال القبيلة عموماً بما يكررونه في وصفهم ، وهذا والله من الظلم العظيم الذي يبقى في أذهان كثيرين وهو من الكذب والافتراء المشين ، وهو من جنايات هذه الطائفة المرتزقة والمتكسبة بالكذب .. فما أعظم كذب هؤلاء ! فهو كذب على القبائل والمجموعات لا الأفراد !

لغرض ماذا ؟! وما النتيجة والثمار ؟! وما الحاجة وما الاضطرار ؟! إنه لغرض الإضحاك الذي به يستضافون في برامج تدفع لهم بسببها أموال ، أو تقديمهم لكذبهم في حفلات يدفع لهم فيها مقابل ذلك مال يرتزقون منه .. والنتيجة في أرض الواقع وفي خدمة المجتمع !! مزيد لنفخ نار العنصريات القبلية التي وضعها الإسلام تحت الأقدام وهي من أسباب الفرقة والشحناء بين أبناء المجتمع الواحد ..

ومن إفساد مرتزقة النكات تزيينهم وتلميعهم لطائفة (المساطيل) ، فيقولون واحد مسطول ثم يأتون بنكتة فيها ذكاء !! أو سرعة بديهة !! أو فطنة وفراسة !! وما أشبه ذلك ، وبذلك تسهم هذه الطائفة المرتزقة بالكذب في تلميع صورة (المساطيل) لدى النشء والصغار ، فيظنون أن هذا الذكاء والخيال الواسع بسبب تناول المخدرات أو على لغتهم (المسطلات)!!
وهذا من الجناية على المجتمع وعلى الأفراد ، وهو من الخيانة للمسلمين ، فإن المخدرات نهايتها ليست (العبقرية) – إن صحّ التعبير بحسب فهم العامة لهذه الكلمة !! – وإنما نهاية المخدرات تلف المخ وهلاكه ، وضياع الجسد وتلفه ، بعد الفشل في الدراسة والعمل والأسرة وكل الحياة ..

ونحن بحاجة في هذه المرحلة التي حملت فيها جهات معادية لمجتمعنا هم دمار جيلنا وشبابنا ونشرت المخدرات في الجامعات والثانويات وغيرها ، نحن بحاجة إلى التوعية الجادة والمستمرة بواقع (المساطيل) وضحايا (البنقو) ومدمني (الهروين) .. وأما أهل النكت فهمهم جمع رصيد من جنيهات بواسطة هذه الوسيلة لتقديم ما يرونه ملفتاً للانتباه حتى وصلوا إلى إرجاع الماء عكس التيار بمضادة سبيل المصلحين .. وترويج طريقة الهالكين .. وآفة المدمنين..

فيا من تقدّمون النكات وتتاجرون بها وترتزقون من كسبها وتتفرغون لأجلها ، هل علمتم بسوء صنيعكم ؟! وهل أدركتم مدى إفسادكم ؟! وهل علمتم وعيد ربكم لكم ؟! وهل وقفتم على هذا الحديث ؟!: قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «ويل لمن يحدث فيكذب ليضحك القوم ويل له، ويل له» رواه أبو داود والترمذي وغيرهما وحسنه الألباني.

فهذا خبر من النبي عليه الصلاة والسلام يخبر فيه بالويل لمن يكذبون ليضحكون الناس .. وهذا الكذب هو الذي تقومون به !!! هداكم الله وكفانا ومجتمعنا شركم ..

قال المناوي في (فيض القدير) : (( ويل للذي يحدث فيكذب ) في حديثه ( ليضحك به القوم ويل له ويل له ) كرره إيذاناً بشدة هلكته وذلك لأن الكذب وحده رأس كل مذموم وجماع كل فضيحة فإذا انضم إليه استجلاب الضحك الذي يميت القلب ويجلب النسيان ويورث الرعونة كان أقبح القبائح ، ومن ثم قال الحكماء : إيراد المضحكات على سبيل السخف نهاية القباحة).

قال الصنعاني في (سبل السلام): (الحديث دليل على تحريم الكذب لإضحاك القوم، وهذا تحريم خاص. ويحرم على السامعين سماعه إذا علموه كذبا؛ لأنه إقرار على المنكر بل يجب عليهم النكير أو القيام من الموقف، وقد عد الكذب من الكبائر). اهـ.

فأرجو أن تتوقف هذه (المهازل) في القريب العاجل .. إرضاء لله تعالى ثم إحقاقاً للحق ومحافظة على معافاة مجتمعنا وشبابه من ممارسات تجار النكت في (قلب الحقائق)..

وأما المستمعون والمتداولون لهذه النكات عبر الوسائط فأقول لهم : لا تكونوا ممن تعاون على الإثم والعدوان ، بل طهروا أسماعكم من هذا المنكر وليكن حالكم حال المؤمنين الذين أثنى عليهم الله تعالى في قوله والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراماً) وقوله تعالى : (وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ) ..وإن السمع لمسؤول قال الله تعالى : (وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا) ..اللهم اهدِ كل من ضل عن الحق ، وارزقه توبة قبل الممات ، ووفق اللهم عبادك المصلحين ..

ـــــــــــــــــ
نشر صحفياً يوم الأحد 2 ربيع الثاني 1434هـ